الدهن ( Fat )
مصادر الدهون والزيوت تمثل الزيوت النباتية نحو ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي من الدهون والزيوت. أما ما تبقى فهو من الدهون الحيوانية. |
ويقال للدهن الحيواني أو النباتي (زيت) إذا كان سائلاً عند درجة حرارة الغرفة. ولا تذوب الدهون والزيوت في الماء، لكنهما يذوبان في الكحولات والكلوروفورم والأثير والبنزين. وشحم البقر وبعض الدهون الأخرى صلبة عند درجة حرارة الغرفة. وهناك دهون طرية عند درجة حرارة الغرفة مثل الزّبد، وشحم الخنزير، والسمن النباتي.
وللدهن استخدامات مهمة كثيرة، فهو مصدر غذاء غنيّ بالطاقة للحيوان والنبات. ويُختزن الدهن تحت سطح الجلد في معظم أنواع الحيوانات، بما فيها جلد البشر، وتقوم طبقات الدهن المترسبة مقام العازل الحراري. أما الطبقات الدهنية التي تحيط بحدقة العين وحول أعضاء أخرى من أعضاء الحيوانات، فإنّها تقوم مقام الواقيات ضد الإصابات. ويُختزن معظم الدهن عند النباتات في البذور. وتستخدم مؤسسات صناعية كثيرة الدهون الحيوانية والنباتية في تصنيع منتجات متنوعة.
الأهمية الغذائية:
يعد الدهن مصدرًا مهمًا للطاقة في الغذاء. وهو وقود أكثر فاعلية من الكربوهيدرات أو البروتينات ؛ ذلك لأن الجرام الواحد من الدهن يعطي 9 سعرات حرارية من الطاقة، بينما يُعطي الجرام الواحد من الكربوهيدرات ومن البروتينات نحو أربعة سعرات حرارية، أي أقلّ من نصف ما يُعطي الدهن من طاقة.ونظرًا لما للدّهون من مكوّن عال من الطاقة، فإنها تكوِّن الشكل الأكثر كفاية للجسم من أشكال الوقود المختزن. ويمكن للجسم أن يختزن الدّهن حتى لو كان جافًا تقريبًا، ولكنه يحتاج إلى مقدار كبير من الماء لاختزان الكربوهيدرات والبروتينات. ويحوّل الجسم الكربوهيدرات والبروتينات إلى نسيج (شحمي) أثناء التخزين، وإذا ما احتاج الجسم إلى وقود إضافي استمد ذلك من الدهن المخزون.
تتكوّن الدهون من مواد تسمى الحموض الدهنية ومن كحول يُطلق عليه جليسرول. وتُعرف بعض الحموض الدهنية بالحموض الدهنية الجوهرية، وهي ضرورية في نموّ الجسم والمحافظة عليه، إذ لا يملك الجسم أن يصنع حموضًا دهنية جوهرية مما يستدعي وجودها في الغذاء.
تُكَوِّن الحموض الدهنية الجوهرية الوحدات البنائية للأغشية التي تُكوِّن الحواف الخارجية في أيّة خليّة من خلايا الجسم. وتشكِّل هذه الحموض ـ كذلك ـ كثيرًا من التركيبات المعقدة، داخل خلايا الجسم. بل تشكل الحموض الدهنية الجوهرية جزءًا رئيسيًا من أغشية الشبكية، أي الجزء من العين الذي يُحَوِّل الضوء إلى نبض عصبي. وتدّخر الحموض الدهنية الجوهرية في المشابك التي تمثل نقاط الالتقاء بين الخلايا العصبيّة.
ُُتقسّم الدهون الغذائية إلى مجموعتين عامّتين رئيسيتين: دهون مرئية، ودهون غير مرئية. ومعظم الناس يعرفون الدهون المرئية التي يتناولونها كدهن اللّحوم، والزبدة، وزيوت السّلطة. بيد أن بعض الأفراد لا يعلمون عن الدهون غير المرئية الموجودة في بعض الأغذية، كالحليب، والبيض، والسمك، والجوز. وتنتشر الدهون غير المرئية انتشارًا متناثرًا في أجسام بعض الحيوانات والنباتات، وتكثر في مثل هذه الدهون الحموض الدهنية الجوهرية بشكل خاص.
الدهون والمرض:
يعتقد كثير من العلماء أنّ التحكُّم في استهلاك الدهون، ربما ساعد في خفض الخطر في تطور مرض شريان القلب التاجي. يحدث هذا المرض نتيجة ترسب الكولسترول، والكولسترول مادة شمعية بيضاء تترسب على جدران الشرايين الداخلية التي تغذِّي القلب. تغدو جدران الشريان أحيانًا صلبة وخشنة وضيقة، وكثيرًا ما تحدث النوبات القلبية نتيجة جلطة دموية تسد الشريان التاجي المتقلّص.تُسمَّى أنواع معينة من الدهون: الدّهون المشبّعة، ويبدو أنّها تزيد من كمية الكولسترول في الدم. ولذلك ينصح كثير من العلماء بتحديد ما يؤخذ من الأغذية الغنية بالكولسترول وبالدهون المشبّعة.
وفي المقابل يوصي العلماء بتناول أغذية غنية بالدهون غير المشبعة والدهون عديدة اللاتشبع حيث يبدو أنّها تخفض الكولسترول في الدم. فقد نشر الباحثون عام 1984م، دليلاً يفيد أن انخفاض مستويات الكولسترول العالية في الدم، يقلل من مرض القلب. ولكن علماء كثيرين يقرون أن عوامل أخرى، كالتدخين، والإجهاد، وقلّة التمارين الرياضية أو ازدياد الوزن، يُسْهِم في تطوّر مرض القلب التّاجي، على الأقل بالمقدار الذي يفعله الغذاء. ★ تَصَفح: الكولسترول.
يسمى الإفراط في تراكم الدهون في النسيج الدهني السمنة. وقد تكون البدانة نتيجة للإفراط في الغذاء والإقلال من التمارين أو الاضطرابات الغدية. ويغدو علاج البدين أكثر تعقيدًا وبخاصة إذا كان المرض كالتهاب الزائدة الدودية وتليف الكبد ومرض القلب التاجي، ومرض البول السكري.
تركيب الدهون يتضمن جزيء الدهن ثلاث سلاسل حموض دهنية. يتألف كل حمض منها من سلسلة من ذرات الكربون مرتبطة بذرات هيدروجين. يبين الشكل البنائي أعلى الصورة جزيئًا واحدًا من دهن مشبع. سلاسل الحمض الدهني مشبعة بالهيدروجين، وفيه تتصل ذرة الكربون بالقدر الممكن من ذرات الهيدروجين. أما الشكل أسفل الصورة فيبين إحدى السلاسل الثلاث لدهن غير مشبع عديد اللاتشبع. ويرتبط عدد من ذرات الكربون في هذه السلسلة بذرة هيدروجين واحدة فقط. |
تركيب الدُّهون:
تتكون معظم الدهون من جزيء جليسرول وقد يسمى جليسيرول كذلك، متحدًا بثلاث جزيئات حموض دهنية. ويمثل كل حمض من هذه الحموض الدهنية سلسلة طويلة تتكون من ذرات الكربون المرتبطة فيما بينها وبذرات هيدروجين. وتتصل السلاسل الحمضية بجزيء جليسيرول لتكون جزيء الدهن.وفي كلّ حمض دهني مشبّع أكبر عدد ممكن من ذرات الهيدروجين يمكن أن تتصل بسلسلته الكربونيّة بقدر ما تحتمل. أما ذرات الكربون في السلسلة فيتّصل بعضها ببعض بروابط أحادية، وحمض الأستياريك مثالٌ للحموض الدهنية المشبعة.
وترتبط ذرَّتا كربون ـ على الأقل ـ برابطة ثنائية في حمض دهني غير مشبع، وعليه تفقد السلسلة ذرتي هيدروجين إزاء كلّ رابطة من هذا القبيل. ويعدّ حمض الأولييك نموذجًا لحمض دهني غير مشبّع.
ويسمى الحمض الدهني الذي توجد فيه أكثر من رابطة ثنائية بالحمض الدُّهني عديد اللاتشبع. وأقل هذه الحموض الموجودة في الجسم تشبعًا هو المعروف بـ 22:6، وهذا يعني أن له سلسلة مكوّنة من 22 ذرة كربون وست روابط ثنائية.
وتتناقص صلابة الدهن كلما زاد عدد الروابط الثنائية في سلاسله الحمضية الدهنية. كذلك يؤثّر طول السلسلة الكربونية في الحمض الدهني على صلابة الدهن. فالدهون الصلبة أكثر تشبعًا من الدهون الطرية. ومعظم الدهون السائلة كالزيوت النّباتية وزيوت السمك، دهون متكررة اللاتشبع.
يُصَلَّب الدّهن صناعيًا بإضافة الهيدروجين إلى الرابطة الثنائية في الحمض الدهني، ليغدو الحمض الدهني أكثر تشبعًا. وتسمى هذه العملية الهدرجة. ★ تَصَفح: الهدرجة.