جنوة (بالإيطالية Genova ، بالإنكليزية Genoa) مدينة و ميناء بحري شمال إيطاليا ، عاصمة إقليم ليغوريا و مقاطعة جنوا .
حاضرة بحرية ، و مدينة ذات تاريخ مجيد ، و تقاليد عريقة و قوية متعلقة بالثقافة البحرية ليس بمنطقة البحر المتوسط فحسب ، يبلغ عدد قطانيها 611.949 ساكن .
تـُعد إحدى الأقطاب الإقتصادية الإيطالية الرئيسية ، و ميناءها في الفرع التجاري ، هو الأكبر بالبلاد ، و من بين أكبرها بالبحر الابيض المتوسط.
أدرجت اليونسكو جزءاً من مركزها التاريخي في تموز يوليو من عام 2006 ضمن مواقع التراث العالمي .
فهرس
|
تبلغ مساحة أراضي جنوة البلدية 243 كيلومتراً مربعاً ، و تتكون من واجهة ساحلية ضيقة ترتفع خلفها تلال و جبال عالية . يبلغ طول الواجهة الساحلية من حوالى 42 كيلومتراً . و باستثناء حـَيـّين من أحياءها تنتمي جنوة جغرافياً منطقة ريفييرا ليفانتي .
في منتصف ساحلها يـُفتح مدرّج ميناء جنوا الطبيعي ، تحيط به التلال ، التي يتدفق خارجها جدولا المدينة الرئيسيين : بيزانيو شرقاً ، و بولشيفيرا غرباً .
مناخ جنوة معتدل بحري ، يتحول إلى متوسطي ، و كثيرا ما تتأثر بالتأثيرات الأطلسية.
يتميز بانخفاض المدى الحراري اليومي ، في المتوسط حوالي 6°م في كل الفصول ، و يبلغ متوسط درجة الحرارة السنوي +15,6°م ، تتراوح درجة الحرارة الموسمية بين +8,0°م في كانون الثاني يناير و +23,9°م في تموز يوليو ، الرطوبة النسبية عالية ، خصوصا في الصيف و فصلي الإعتدال .
تسود الرياح الشمالية في الشتاء ، بينما تميل تلك الجنوبية تميل لتكون سائدة في الربيع و أوائل الخريف .
يبلغ متوسط سقوط الامطار 1072 ملم سنوياً ، و يتم ذلك خلال أشهر السنة الإثني عشر ، ويكون أقصاه بالفترة بين أيلول سبتمبر و تشرين الثاني نوفمبر و أدناه صيفاً في تموز يوليو . و رغم إعتدال المناخ فإن هطول الثلوج في الشتاء ليس بالأمر النادر .
ونظرا لخصوصيات الأراضي المدينة ، يمكنك القول أن كل حي في جنوة يتمتع ضمن هذا الإطار العام بمناخ يميزه عن الأجزاء الأخرى من المدينة بالنسبة لدرجات الحرارة و الرطوبة و الأمطار و الإشعاع الشمسي.
يعود تاريخ جنوا إلى العصور القديمة . المعروف تاريخياً أن أول من سكن المنطقة كانت قبيلة الليغوريين الإيطاليقية . وقد أُقرت مؤخراً بخطأ نسبة تأسيسها إلى السلت بين عامي 2500-2000 قبل الميلاد .
يرجع تاريخ مقبرة المدينة إلى القرنين السادس والخامس قبل الميلاد ، شاهدةً على احتلال الإغريق للموقع ، و لكن يعتقد أن المرفأ قد استخدام قبل ذلك بكثير ، وربما من قبل الأتروسكان. و يُحتمل أيضاً أن يكون الفينيقيون هم من قد أسسه في جنوا أو في منطقة قريبة ، للعثور على مخطوطة بالأبجدية مماثلة لتلك التي استخدمت في صور .
في الحقبة الرومانية ، طغت مرسيليا القوية على جنوة و فادا ساباتيا قرب سافونا الحالية . على خلاف غيرها من المستوطنات الليغورية و الكلتية بالمنطقة ، كانت حليفة لروما أثناء الحرب البونيقية الثانية . و من ثم دمرها القرطاجيون سنة 209 قبل الميلاد. أُعيد بناء المدينة ، و بعد نهاية الحروب القرطاجية ، تلقت حقةق البلدية . توسعت القلعة الأصلية منذ ذلك الحين نحو منطقة سانتا ماريا دي كاستيلو و لسان سان لورنزو البرى الحاليين . شملت التجارة الجنوية الجلود و الأخشاب و العسل. كانت البضائع تشحن براً إلى مدن هامة مثل تورتونا و بياتشنسا.
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية ، احتل القوط الشرقيين جنوة . بعد الحرب القوطية ، جعلها البيزنطيون مقراً لنائبهم . أخضعها اللومباريون سنة 643. في عام 773 ثم ضم المملكة اللومباردية إلى الإمبراطورية الفرانكية ؛ أول كونت كارولنجي لجنوى كان أديماروس ، و قد مات في كورسيكا في قتال ضد المسلمين . في هذه الفترة تمّ إعادة بناء و توسعة الأسوار الرومانية التي دمـّرها اللومباريون .
خلال القرون التالية ، كانت جنوا مجرد مركز صيد غامض ، بـَنت ببطء أسطولها التجاري الذي سيصبح الناقل التجاري الرائد عبر البحر الأبيض المتوسط.
حكم المدينة في القرن العاشر آل أوبرتينغي ، و كان أول أعضاءها أوبرتوس الأول . و كانت جنوا إحدى أولى مدن إيطاليا التي لديها بعض حقوق المواطنة التي منحها الإقطاعيين المحليين .
قبل العام 1100 ، برزت جنوا كبلدية مستقلة ، واحدةً من عدة دول مدن إيطالية خلال هذه الفترة . كانت السيادة إسمياً للإمبراطور الروماني المقدس ، و كان أسقف جنوى رئيس المدينة ؛ و لكن السلطة الفعلية كانت بيد عدد من "القناصل" ينتخبهم سنوياً مجلسٌ شعبي . ثم صارت جنوة إحدى "الجمهوريات البحرية" (إلى جانب البندقية ، و بيزا ، أمالفي) ، ساعدت التجارة و بناء السفن و الأعمال المصرفية دعم أحد أكبر و أقوى القوات البحرية في البحر الأبيض المتوسط . تقاتلت عائلتي أدورنو و كامبوفريغوزو و عائلات تجار أخرى أصغر من أجل السلطة في هذه الجمهورية ، بسماح سلطة القناصل باكتساب كل فصيل أسرة ثروةً و سلطةً في المدينة. امتدت جمهورية جنوة عبر ليغوريا و بييمونتي الحديثين و سردينيا و كورسيكا و لها عملياً السيطرة التامة على البحر التيراني . من خلال المشاركة الجنويين بالحروب الصليبية ، أُقيمت لهم مستعمرات في المشرق و بحر إيجة و صقلية و شمال إفريقيا . أحضر الصليبيون الجنويون معهم من بلاد الشام كأساً زجاجية خضراء ، لطالما اعتبرها الجنويون كأساً مقدسة.
قابل انهيار الممالك الصليبية تحالف جنوا مع الإمبراطورية البيزنطية ، الأمر الذي أتاح فرصاً للتوسع في البحر الأسود و القرم . العداءات الداخلية بين العائلات قوى ، آل غريمالدي و آل فييسكي و آل دوريا و سبينولا و غيرها سببت الكثير من الاضطراب ، و لكن عموماً كانت الجمهورية تدار غالباً كصفقة أعمال . رأس جنوا بين عامي 1218-1220 البودستا الغويلفي رامبرتينو بوفاليلي ، الذي ربما عرض الأدب القسطاني إلى المدينة ، الذي سرعان ما فخر به تروبادوريون كما ياكمي غريلس و لانفرنك تشيغالا و بونيفاشي كالفو . بلغت جنوا أوجها السياسي بانتصارها دوقية بيزا بمعركة ميلوريا البحرية (1284) ، و على منافستها الدائمة البندقية في عام 1298.
ولكن هذا الازدهار لم يدم. فقد اجتاح الموت الأسود أوروبا سنة 1349 من نقطة تجارة جنوية في كافا في القرم على البحر الأسود . و في أعقاب الانهيار الاقتصادي و السكاني اعتمدت جنوا نموذج حكومة البندقية ، رأسها قائد يُلقب بالدوجي . تواصلت الحروب مع االبندقية ، و انتهت حرب كيودجا (1378-1381) بانتصار االبندقية . بعد فترة من الهيمنة الفرنسية بين عامي 1394-1409 ، صارت جنوة تحت حكم آل فيسكونتي الميلانيين . فقدت جنوة سردينيا لصالح أراغون ، و كورسيكا لثورة داخلية و مستعمراتها في المشرق للعثمانيين و العرب.
كريستوفر كولومبوس هو من أبناء جنوا ، و قد تبرع بعـُشر دخله من اكتشاف القارة الأمريكية لصالح إسبانيا إلى مصرف سان جورجو في جنوى للإغاثة من الضرائب على الأغذية . عزز أندريا دوريا الصـِلات بإسبانيا ، و الذي انشأ دستوراً جديداً سنة 1528 ، جاعلاً من جنوا تابعةً للإمبراطورية الاسبانية . في ظل الانتعاش الاقتصادي الذي تلا ذلك ، كـَوّنـَت العديد من الأسر الجنوية ثروات هائلة . خلال ذروة ازدهار جنوى بالقرن السادس عشر جذبت المدينة الكثير من الفنانين مثل روبنس و كارافادجو فان ديك . و صمم المهندس المعماري الشهير غالياتسيو أليسي (1512-1572) العديد من قصور المدينة الرائعة . ارتحل عدد من الفنانين الباروكيين و الروكوكيين الجنويين عنها ، و برز عدد من الفنانين المحليين .
عانت جنوا من القصف الفرنسي عام 1684 ، و احتلتها النمسا عام 1746 أثناء حرب الخلافة النمساوية . و في عام 1768 اضطرت جنوى للتنازل عن كورسيكا إلى فرنسا.
في سنة 1797 و بضغط من نابليون ، أصبحت جنوة محمية فرنسية تسمى الجمهورية الليغورية ، والتي ضمتها فرنسا سنة 1805 . خلّد هذه الحادثة بالجملة الأولى الشهيرة من رواية تولستوي الحرب والسلام .
ورغم أن الجنويين ثاروا على فرنسا في عام 1814 حرروا المدينة بأنفسهم ، أقر المندوبين في مؤتمر فيينا دمجها ببييمونتي (مملكة سردينيا) ، و كـُلل بذلك مساعي ثلاثة القرون من آل سافويا للحصول على المدينة . و أرسل ملك بييمونتي القناصة لنهب المدينة . المدينة سرعان ما اكتسبت سمعة باعتبارها بؤرة نشاط جمهوري مناهض لسافويا ، رغم أن الاتحاد مع سافويا كان مفيداً جداً اقتصادياً . مع النمو حركة النهضة الإيطالية ، تحول النضال الجنوي من رؤية جوزيبي ماتسيني لجمهورية محلية إلى النضال من أجل إيطاليا موحدة تحت ملكية سافوية لبيرالية . في عام 1860 ، بدأ جوزيبي غاريبالدي الحملة من جنوا رفقة أكثر من ألف متطوع . و قد سـُميت ببعثة الألف ، و يقع نصب على الصخرة حيث غادرت منها المجموعة .
خلال الحرب العالمية الثانية قصف الأسطول البريطاني جنوى و سقطت قنبلة على كاتدرائية سان لورينزو دون انفجارها . وهي متاحة الآن للجمهور في الكاتدرائية .
استضافت جنوى مؤتمر قمة مجموعة الثماني السابعة و العشرين في تموز يوليو سنة 2001 ، حيث طغت عليه احتجاجات العنيفة ، و قتل أحد كارلو جولياني المحتجين ، وسط اتهامات للشرطة بقتله بوحشية . و قد بدأت محاكمة المتهمين المسؤولين اعتبارا من 2007.
في عام 2004 ، أعلن الاتحاد الاوروبي جنوا كما عاصمة للثقافة أوروبية ، إلى جانب مدينة ليل الفرنسية.
الفقـّاعة من أعمال رينزو بيانو |
|||