الرئيسيةبحث

معالم السنن/الجزء الأول/16

الجزء الثاني

    4-كتاب الزكاة

    430- قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عَن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله ﷺ واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لأبي بكر رضي الله عنهما كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله ﷺ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلّه إلا الله فمن قال لا إلّه إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله. قال أبو بكر رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال ولله لو منعوني عِقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه فقال عمر بن الخطاب فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.

    قال أبو داود رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري بإسناده وشعيب بن أبي حمزة والزبيدي عن الزهري وعنبسة عن يونس عن الزهري فقالوا عناقا.

    قال أبو سليمان هذا الحديث أصل كبير في الدين وفيه أنواع من العلم وأبواب من الفقه وقد تعلق الروافض وغيرهم من أهل البدع بمواضع شبه منه ونحن نكشفها بإذن الله ونبين معانيها والله المعين عليه والموفق له.

    ومما يجب تقديمه في هذا أن يعلم أن أهل الردة كانوا صنفين صنف منهم ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعادوا إلى الكفر وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله وكفر من كفر من العرب وهذه الفرقة طائفتان إحداهما أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه على دعواه في النبوة وأصحاب الأسود العنسي ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة محمد ﷺ مدعية النبوة لغيره فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى قتل الله مسيلمة باليمامة والعنسي بصنعاء وانفضت جموعهم وهلك أكثرهم، والطائفة الأخرى ارتدوا عن الدين وأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة والزكاة إلى غيرهما من جماع أمرالدين وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية فلم يكن يسجد لله سبحانه على بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد عبد القيس بالبحرين في قرية يقال لها جُوَاثا ففي ذلك يقول الأعور الثرينى يفتخر بذلك:

    والمسجد الثالث الشرقي كان لنا …والمنبران وفصل القول في الخطب

    أيام لا منبر في الناس نعرفه... إلا بطيبةوالمحجوج ذي الحجب

    وكان هؤلاء المتمسكون بدينهم من الأزد محصورين بجواثا إلى أن فتح الله على المسلمين اليمامة فقال بعضهم وهو رجل من بني بكر بن كلاب يستنجد أبا بكر:

    ألا أبلغ أبا بكر رسولا... وفتيان المدينة أجمعينا

    فهل لكم إلى قوم كرام... قعود في جواثا محصرينا

    كأن دماءهم في كل فج... دماء البدن يغشي الناظرينا

    توكلنا على الرحمن إنا... وجدنا النصر للمتوكلينا

    والصنف الاخر هم الدين فرقوا بين الصلاه والزكاة فأقروا بالصلاة وأنكروا فرض الزكاة ووجوب آدائها إلى الإمام وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار أهل الردة فأضيف الاسم في الجملة إلى الردة إذ كانت أعظم الأمرين وأهمهما وأرخ مبدأ قتال أهل البغي بأيام علي بن أبي طالب إذ كانوا متفردين في زمانه لم يختلطوا بأهل شرك وفي ذلك دليل على تصويب رأي علي رضي الله عنه في قتال أهل البغي وأنه إجماع من الصحابة كلهم، وقد كان في ضمن هؤلاء المانعين للزكاة من كان يسمح بالزكاة ولا يمنعها إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي وقبضوا على أيديهم في ذلك كبني يربوع فإنهم قد جمعوا صدقاتهم وأرادوا أن يبعثوا بها إلى أبي بكر رضي الله عنه فمنعهم مالك بن نويرة عن ذلك وفرقها فيهم وقال في شعر له:

    فقلت لقومي هذه صدقاتكم... مصررة…أخلافها لم تجرد

    سأجعل نفسي دون ما تتقونه... وأرهنكم يوما بما قلته يدي

    وقال بعض شعرائهم ممن سلك هذه الطريقة في منع الزكاة يحرض قومه ويأمرهم على قتال من طالبهم بها.

    أطعنا رسول الله ما دام بيننا... فيا عجبا ما بال ملك أبي بكر

    وإن الذي سألوكم فمنعتم... لكالتمر أو أحلى لديهم من التمر

    سنمنعهم ما دام فينا بقية... كراما على العراء في ساعة العسر

    قلت وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه فراجع أبا بكر رضي الله عنه وناظره واحتج عليه بقول النبي ﷺ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلّه إلا الله فمن قال لا إلّه إلا الله فقد عصم نفسه وماله. وكان هذا من عمر رضي الله عنه تعلقا بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره ويتأمل شرائطه فقال له أبو بكر إن الزكاة حق المال يرد أن القضية التي قد تضمنت عصمة دم ومال معلقة بإيفاء شرائطها والحكم المعلق بشرطين لا يجب بأحدهما والاخر معدوم ثم قايسه بالصلاة ورد الزكاة إليها فكان في ذلك من قوله دليل على أن قتال الممتنع من الصلاة كان إجماعا من رأي الصحابة ولذلك رد المختلف فيه إلى المتفق عليه فاجتمع في هذه القضية الاحتجاج من عمر بالعموم ومن أبي بكر بالقياس ودل ذلك على أن العموم يخص بالقياس وأن جميع ما يتضمنه الخطاب الوارد في الحكم الواحد من شرط واستثناء مراعى فيه ومعتبر صحته به فلما استقر عمر رضي الله عنه صحة رأي أبي بكر رضي الله عنه وبان له صوابه تابعه على قتال القوم، وهومعنى قوله فلما رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر عرفت أنه الحق يشير إلى انشراح صدره بالحجة التى أدلى بها والبرهان الذي أقامه نصا ودلالة.

    وقد زعم قوم من الروافض أن عمر رضي الله عنه إنما أراد بهذا القول تقليد أبي بكر رضي الله عنه وأنه كان يعتقد له العصمة والبراءة من الخطأ وليس ذلك كما زعموه وإنما وجهه ما أوضحته لك وبينته.

    وزعم زاعمون منهم أن أبا بكر رضي الله عنه أول من سمى المسلمين كفارا وأن القوم كانوا متأولين في منع الصدقة وكانوا يزعمون أن الخطاب في قوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} [1] خطاب خاص في مواجهة النبي ﷺ دون غيره وأنه مقيد بشرائط لا توجد فيمن سواه وذلك أنه ليس لأحد من التطهير والتزكية والصلاة على المتصدق ما للنبي ﷺ ومثل هذه الشبهة إذا وجد كان مما يعذر فيه أمثالهم ويرفع به السيف عنهم فكان ما جرى من أبي بكر عليهم عسفا وسوء سيرة. وزعم بعض هؤلاء أن القوم كانوا قد اتهموه ولم يأمنوه على أموالهم إلى ما يشبه هذا الكلام الذي لا حاصل له ولا طائل فيه.

    قلت: وهؤلاء قوم لا خلاف لهم في الدين وإنما رأس مالهم البَهتُ والتكذُّب والوقيعة في السلف، وقد بينا أن أهل الردة كانوا أصنافا منهم من ارتد عن الملة ودعا إلى نبوة مسيلمة وغيره، ومنهم من ترك الصلاة والزكاة وأنكر الشرائع كلها وهؤلاء الذين سماهم الصحابة كفارا ولذلك رأى أبو بكر سبي ذراريهم وساعده على ذلك أكثر الصحابة واستولد علي بن أبى طالب رضي الله عنه جارية من سبي بني حنيفة فولدت له محمد بن علي الذي يدعى ابن الحنفية ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى أجمعوا على أن المرتد لا يسبى.

    فأما مانعو الزكاة منهم المقيمون على أصل الدين فإنهم أهل بغي ولم يسموا على الانفراد عنهم كفارا وإن كانب الردة قد أضيفت إليهم لمشاركتهم المرتدين في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين، وذلك أن الرده اسم لغوي وكل من انصرف عن أمر كان مقبلا إليه فقد ارتد عنه، وقد وجد من هؤلاء القوم الانصراف عن الطاعة ومنع الحق فانقطع عنهم اسم الثناء والمدح بالدين وعلق بهم الاسم القبيح لمشاركتهم القوم الذين كان ارتدادهم حقا ولزوم الاسم إياهم صدقا.

    فأما قلوله تعالى {خد من أموالهم صدقة تطهرهم} [2] وما ادعوه من وقوع الخطاب فيه خاصا لرسول الله ﷺ فإن خطاب كتاب الله تعالى على ثلاثة أوجه خطاب عام كقوله {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} [3] الآية وكقوله {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} [4] في نحو ذلك من أوامرالشريعة.

    وخطاب خاص للنبي ﷺ لا يشركه في ذلك غيره وهو ما أبين به عن غيره بسمة التخصيص وقطع التشريك كقوله تعالى {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} [5] وكقوله {خالصة لك من دون المؤمنين} [6]. وخطاب مواجهة للنبي ﷺ وهو وجميع أمته في المراد به سواء كقوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} [7] وقوله {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [8] وكقوله {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} [9] في نحو ذلك من خطاب المواجهة فكل من دلكت له الشمس كان عليه إقامة الصلاة واجبة وكل من أراد قراءة القرآن كانت الاستعاذة معتصما له وكل من حضره العدو وخاف فوت الصلاة أقامها على الوجه الذي فعلها رسول الله ﷺ وسنها لأمته ومن هذا النوع قوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة} فعلى القائم بعده بأمر الأمة أن يحتذي حذوه في أخذها منهم وإنما الفائدة في مواجهة النبي ﷺ بالخطاب أنه هو الداعي إلى الله سبحانه والمبين عنه معنى ما أراده فقدم اسمه في الخطاب ليكون سلوك الأمة في شرائع الدين على حسب ما ينهجه ويبينه لهم. وعلى هذا المعنى قوله {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [10] فافتتح الخطاب بالتنويه باسمه خصوصا ثم خاطبه وسائر أمته بالحكم عموما وربما كان الخطاب له مواجهة والمراد به غيره كقوله {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} [11] إلى قوله {فلا تكونن من الممترين} [12] ولا يجوز أن يكون ﷺ قد شك قط في شيء مما أنزل عليه وكقوله {أن أشكر لي ولوالديك} [13] وقال {وبالوالدين إحسانا} [14] وهذا خطاب لم يتوجه عليه ولم يلزمه حكمه لمرين أحدهما أنه لم يدرك والديه ولا كان واجبا عليه لو أدركهما أن يحسن إليهما ويشركهما إحسان الآباء المسلمين وشكرهم.

    وأما التطهير والتزكية والدعاء من الإمام لصاحب الصدقة فإن الفاعل لها قد ينال ذلك كله بطاعة الله وطاعة رسوله ﷺ فيها وكل ثواب موعود على عمل من الطاعات كان في زمان حياته ﷺ فإنه باق غير منقطع بوفاته وقد يستحب للإمام ولعامل الصدقة أن يدعو للمتصدق بالنماء والبركه في ماله ويرجى أن الله يستجيب له ذلك ولا يخيب مسألته فيه.

    قلت: ومن لواحق بيان ما تقدم في الفصل الأول من ذكر وجوب إيتاء الزكاة وأدائها إلى القائم بعد النبي ﷺ أن النبي ﷺ جعل آخر كلامه عند وفاته قوله الصلاة وما ملكت أيمانهم ليعقل أن فرض الزكاة قائم كفرض الصلاة وأن القائم بالصلاة هو القائم بأخذ الزكاة ولذلك قال أبو بكر رضي الله عنه والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة استدلالا بهذا مع سائر ما عقل من أنواع الأدلة على وجوبها والله أعلم.

    فإن قيل كيف تأولت أمر هذه الطائفة التي منعت الزكاة على الوجه الذي ذهبت إليه وجعلتهم أهل بغي أرأيت إن أنكرت طائفة من أهل المسلمين في زماننا فرض الزكاة وامتنعوا من أدائها إلى الإمام هل يكون حكمهم حكم أهل البغي قيل لا فإن من أنكر فرض الزكاة في هذا الزمان كان كافرا بإجماع المسلمين

    والفرق بين هؤلاء وبين أولئك القوم أنهم إنما عذروا فيما كان منهم حتى صار قتال المسلمين إياهم على استخراج الحق منهم دون القصد إلى دمائهم لأسباب وأمور لا يحدث مثلها في هذا الزمان منها قرب العهد بزمان الشريعه التي كان يقع فيها تبديل الأحكام ومنها وقوع الفترة بموت النبي ﷺ وكان القوم جهالا بأمور الدين وكان عهدهم حديثا بالإسلام فتداخلتهم الشبهة فعذروا كما عذر بعض من تأول من الصحابة في استباحة شرب الخمر قوله تعالى {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} [15] فقالوا نحن نشربها ونؤمن بالله ونعمل الصالحاب ونتقي ونصلح. فأما اليوم فقد شاع دين الإسلام واستفاض علم وجوب الزكاة حتى عرفه الخاص والعام واشترك فيه العالم والجاهل فلا يعذر أحد بتأويل يتأول في إنكارها. وكذلك الأمر في كل من أنكر شيئا مما أجمعت عليه الأمة من أمور الدين إذا كان منتشرا كالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الزنا والخمر ونكاح ذوات المحارم في نحوها من الأحكام إلا أن يكون رجل حديث عهد بالإسلام لا يعرف حدوده فإذا أنكر شيئا منه جهلا به لم يكفر وكان سبيله سبيل أولئك القوم في تبقية اسم الدين عليه. فأما ما كان الإجماع فيه معلوما من طريق علم الخاصة كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وإن قاتل العمد لا يرث وأن للجدة السدس وما أشبه ذلك من الأحكام، فإن من أنكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة وتفرد الخاصة بها.

    قلت: وإنما عرض الوهم في تأويل هذا الحديث من رواية أبي هريرة ووقعت الشبهة فيه لمن تأوله على الوجه الذي حكيناه عنهم لكثرة ما دخله من الحذف والاختصار وذلك لأن القصد لم يكن به سياق الحديث على وجهه وذكر القصة في كيفية الردة منهم وإنما قصد به حكاية ما جرى بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وما تنازعاه من الحجاج في استباحه قتالهم ويشبه أن يكون أبو هريرة إنما لم يعن بذكر القصة وسوقها على وجهها كلها اعتمادا على معرفة المخاطبين بها إذ كانوا قد علموا وجه الأمر وكيفية القصة في ذلك فلم يضر ترك إشباع البيان مع حصول العلم عندهم به والله أعلم.

    ونبين لك أن حديث أبي هريرة مختصر غير مستقصى إن عبد الله بن عمر وأنس بن مالك قد روياه عن رسول الله ﷺ بزياة شروط ومعان لم يذكرها أبو هريرة.

    فأما حديث أنس فقد رواه أبو داود في كتاب الجهاد من السنن، قال: حَدَّثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني حدثنا عبد الله بن المبارك عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا وأن يأكلوا ذبيحتنا وأن يصلوا صلاتنا فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين. حدثناه ابن داسة عنه.

    وأما حديث ابن عمر ففيه زيادة شرط الزكاة، وقد رواه محمد بن إسماعيل البخاري في الجامع الصحيح،، قال: حَدَّثنا عبد الله بن محمد حدثنا حَرَمي بن عمارة حدثنا شعبة عن واقد بن محمد قال سمعت أبي يحدث عن ابن عمر عن رسول الله ﷺ قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله. حدثنيه خلف بن محمد حدثنا إبراهيم بن معقل عنه.

    قلت: وفي هذا الحديث حجة لمن ذهب إلى أن الكفار مخاطبون بالصلاة والزكاة وسائر العبادات وذلك لأنهم إذا كانوا مقاتلين على الصلاة والزكاة فقد عقل أنهم مخاطبون بهما.

    وأما معنى الحديث وما فيه من الفقه فمعلوم أن المراد بقوله حتى يقولوا لا إلّه إلا الله إنما هم أهل الأوثان دون أهل الكتاب لأنهم يقولون لا إلّه إلا الله ثم أنهم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف.

    وقوله وحسابهم على الله معناه فيما يستسرون به دون ما يخلون به من الأحكام الواجبة عليهم في الظاهر.

    وفيه دليل أن الكافر المُستسر بكفره لا يتعرض له إذا كان ظاهره الإسلام ويقبل توبته إذا أظهر الإنابة من كفر علم باقراره أنه كان يستسر به وهو قول أكثر العلماء.

    وذهب مالك بن أنس إلى أن توبة الزنديق لا تقبل ويحكى ذلك أيضا عن أحمد بن حنبل، وفي قوله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ دليل على وجوب الصدقة في السخال والفصلان والعجاجيل وأن واحدة منها تجزي عن الواجب في الأربعين منها إذا كانت كلها صغارا ولا يكلف صاحبها مسنة.

    وفيه دليل على أن حول النتاج حول الأمهات ولو كان يستأنف بها الحول لم يوجد السبيل إلى أخذ العناق.

    وقد اختلف الناس فيما يجب في السخال فقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن لا شيء فيها، وقد اختلف فيها، عَن أبي حنيفة وهذا أظهر أقاويله وإلى هذا ذهب أحمد بن حنبل وحكي ذلك عن سفيان الثوري، وقد روي عن سفيان أيضا أنه قال يأخذ المصدق مسنة ثم يرد على رب المال فضل ما بين المسنة والصغيرة التى في ماشيته، وقال مالك فيها مسنة وقال الشافعي يؤخذ من أربعين سخلة واحدة منها وهو قول الأوزاعي وأبي يوسف وإسحاق بن راهويه.

    وأما العقال فقد اختلفوا في تفسيره، فقال أبو عبيد القاسم بن سلام العقال صدقة عام. وقال غيره العقال الحبل الذي يعقل به البعير وهو مأخوذ مع الفريضة لأن على صاحبها التسليم، وإنما يقع قبضها برباطها.

    وقال ابن عائشة كان من عادة المصدق إذا أخذ الصدقة أن يعمد إلى قرن وهو الحبل فيقرن به بين بعيرين أي يشده في أعناقهما لئلا تشرد الإبل فتسمى عند ذلك القرائن وكل قرينين منها عقال.

    وقال أبو العباس محمد بن يزيد النحوي إذا أخذ المصدق أعيان الإبل قيل أخذ عقالا وإذا أخذ أثمانها قيل أخذ نقدا وأنشد لبعضهم:

    أتانا أبو الخطاب يضرب طبله... فرد ولم يأخذ عقالا ولا نقدا

    وتأول بعض أهل العلم قوله لومنعوني عقالا على معنى وجبوب الزكاة فيه إذا كان من عروض التجارة فبلغ مع غيره منها قيمة نصاب.

    وفيه دليل على وجوب الزكاة في عروض التجارة، وقد زعم داود أن لا زكاة في شيء من أموال التجارات.

    وفي الحديث دليل على أن الواحد من الصحابة إذا خالف سائر الصحابة لم يكن شاذا وأن خلافه يعد خلافا.

    وفيه دليل على أن الخلاف إذا حدث في عصر فلم ينقرض العصر حتى زال الخلاف وصار إجماعا أن الذي مضى من الخلاف ساقط كأن لم يكن.

    وفيه دليل على أن الردة لا تسقط عن المرتد الزكاة الواجبة في أمواله.

    1/2م ومن باب ما يجب فيه الزكاة

    431- قال أبو داود: حدثنا ابن مسلمة قال قرأت على مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله ﷺ ليس فيما دون خمس ذَود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة.

    قلت: هذا الحديث أصل في بيان مقادير ما يحتمل من الأموال المواساة وإيجاب الصدقة فيها وإسقاطها عن القليل الذي لا يحتملها لئلا يجحف بأرباب الأموال ولا يبخس الفقراء حقوقهم وجعلت هذه المقادير أصولا وأنصبة إذا بلغتها أنواع هذه الأموال وجب فيها الحق، والذود اسم العدد من الإبل غير كثير ويقال أنه ما بين الثلاث إلى العشر ولا واحد للذود من لفظه ؛ وإنما يقال للواحد منها بعير كما قيل للواحدة من النساء امرأة، والعرب تقول الذود إلى الذود إبل وأما الوَسْق فهو ستون صاعا. قال الشاعر يصف مطيته وهوأبووجزة:

    راحت بستين وسقا في حقيبتها... ما حملت مثلها أنثى ولا ذكر

    وهذا لم يريد أنها حمّلت هذه الأوساق بأعيانها فإن شيئا من المطايا لا يحمل هذا القدر وإنما مدح بعض الملوك فأجازه بستين وسقا إلى عامله وصك له بها فحمل الكتاب في حقيبته فهذا تفسير الوسق.

    وأما الكُرُّ فهو اثنا عشر وسقا والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف والصاع خمسة أرطال وثلث فهذا صاع النبي ﷺ المشهور عند أهل الحجاز، والصاع في مذهب أهل العراق ثمانية أرطال والأواقي أوقية وهي أربعون درهما يقال أوقية وأواقي مشددة الياء، وقد يخفف الياء أيضا فيقال أواق كما يقال أضحية وأضاحي وأضاح ولا يقال آواق كما ترويه العامة ممدودة الألف لأنها جمع أوق.

    وقد يستدل بهذا الحديث من يرى أن الصدقة لا تجب في شيء من الخضراوات لأنه زعم أنها لا توسق ودليل الخبر أن الزكاة إنما تجب فيما يوسق ويكال من الحبوب والثمار دون ما لا يكال من الفواكه والخضر ونحوها وعليه عامة أهل العلم إلا أن أبا حنيفة رأى الصدقة فيها وفي كل ما أخرجته الأرض إلا أنه استثنى الطرفاء والقصب الفارسي والحشيش وما في معناه.

    وفيه بيان أن النوع الذي فيه الصدقة من الحبوب والثمار لا يجب فيها شيء حتى يبلغ خمسة أوسق.

    وفي قوله ليس فيما دون خمس أواق صدقة بيان أن مائتي درهم إذا نقصت شيئا في الوزن وإن قل أو كانت تجوز جواز مائتي درهم أو كانت ناقصة تساوي عشرين دينارا أنه لا شيء فيها.

    وفيه دليل على أن الزكاة لا تجب في الفضة بقيمتها لكن بوزنها.

    وفيه مستدل لمن ذهب إلى أن نيل المعدن إذا كان دون خمس أواق لم يجب فيه شيء، وإليه ذهب الشافعي.

    وفيه دليل على أن ما زاد على المائتين فإن الزكاة تجب فيه بحسابه لأن في دلالة قوله ليس فيما دون خمس أواق صدقة إيجابا في الخمس الأواقي وفيما زاد عليه وقليل الزيادة وكثيرها سواء في مقتضى الاسم. ولا خلاف في أن فيما زاد على الخمسة الأوسق من التمر صدقة قلت الزيادة أو كثرت وقد أسقط النبي ﷺ الزكاة عما نقص عن الخمسة الأوسق كما أسقطها عما نقص عن الخمس الأواقي فوجب أن يكون حكم ما زاد على الخمس الأواقي من الورق حكم الزيادة على الخمسة الأوسق لأن مخرجهما في اللفظ مخرج واحد.

    وقد اختلف الناس فيما زاد من الورق على مائتي درهم فقال أكثر أهل العلم يخرج عما زاد على المائتي درهم بحسابه ربع العشر قلت الزيادة أو كثرت.

    وروى ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عمر وبه قال النخعي وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد.

    وروي عن الحسن البصري وعطاء وطاوس والشعبي ومكحول والزهري أنهم قالوا لا شيء في الزيادة حتى تبلغ أربعين درهما وبه قال أبو حنيفة.

    وفيه دليل على أن الفضة لا تضم إلى الذهب وإنما يعتبر نصابها بنفسها ولم يختلفوا في أن الغنم لا يضم إلى الإبل ولا إلى البقر، وأن التمر لا يضم إلى الزبيب.

    واختلفوا في البُر والشعير فقال أكثر العلماء لا يضم واحد منهما إلى الآخر وهو قول الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي والشافعي وأحمد بن حنبل. وقال مالك يضاف القمح إلى الشعير ولا يضاف القطاني إلى القمح والشعير.

    واختلفوا في الذهب والفضة فقال مالك والأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي يضم أحد الصنفين منهما إلى الآخر.

    وقال الشافعي وأحمد بن حنبل لا يضم أحدهما إلى الاخر ويعتبر كل واحد منهما بنفسه، وإليه ذهب ابن أبي ليلى وأبوعبيد ولم يختلفوا في أن الضأن يضم إلى المعز لأن اسم الغنم يلزمهما لزوما واحدا ولا أعلم عامتهم.

    واختلفوا في أن من كانت عنده مائة درهم وعنده عرض للتجارة يساوي مائة درهم وحال الحول عليهما أن أحدهما يضم إلى الاخر وتجب الزكاة فيهما.

    2/4م ومن باب زكاة الحلي

    432- قال أبو داود: حدثنا أبو كامل وحميد بن مسعدة المعنى أن خالد بن الحارث حدثهم، قال: حَدَّثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله ﷺ ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مَسكتان غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار. قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي ﷺ وقالت هما لله ولرسوله ﷺ.

    قلت قوله أيسرك أن يسورك الله بهما نارا إنما هو تأويل قوله عز وجل {يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم} [16].

    433- قال أبو داود: حدثنا محمد بن إدريس الرازي حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق حدثني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن عمرو بن عطاء أخبره عن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال دخلنا على عائشة فقالت دخل عليَّ رسول الله ﷺ فرأى في يدي فَتَخات من ورق فقال ما هذا يا عائشة فقلت صنعتهن اتزين لك يا رسول الله قال أتؤدين زكاتهن قلت لا أو ما شاء الله قال هوحسبك من النار.

    الفتخات خواتيم كبار كان النساء يتختمن بها والواحدة فتخة وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي:

    ألا بزَعْزاع يسلي همي... يسقط منه فَتَخي في كمي

    قلت والغالب أن الفتخات لا تبلغ نصابا تجب فيها بمفردها الزكاة وإنما معناه أن تضم إلى سائر ما عندها من الحلي فتؤدي زكاتها منه.

    وقد اختلف الناس في وجوب الزكاة في الحلي فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وابن عباس أنهم أوجبوا فيه الزكاة وهو قول ابن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء وابن سيرين وجابر بن زيد ومجاهد والزهري وإليه ذهب الثوري وأصحاب الرأي.

    وقد روى عن ابن عمر وجابر بن عبد الله وعائشة وعن القاسم بن محمد والشعبي أنهم لم يروا فيه الزكاة وإليه ذهب مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وهو أظهر قولي الشافعي.

    قلت الظاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها والأثر يؤيده ومن أسقطها ذهب إلى النظر ومعه طرف من الأثر والاحتياط أداؤها والله أعلم.

    وذهب بعض من لم ير الزكاة فيما يلبسه الإنسان من الخاتم ونحوه من زي الرجال أنه إذا اتخذ خواتيم كثيرة لا يتسع للبسها كلها أن عليه زكاتها وإنما يسقط عنه فيما كان منها على مجرى العادة.

    3/5م ومن باب زكاة السائمة

    434- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد قال أخذت من ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابا زعم أن أبا بكر كتبه لأنس وعليه خاتم رسول الله ﷺ حين بعثه مُصَدِّقا وكتب له فإذا فيه هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله ﷺ على المسلمين التي أمرالله بها نبيه ﷺ فمن سألها من المسلمين على وجهه فليعطها ومن سأل فوقها فلا يعطه. فيما دون خمس وعشرين من الإبل الغنم في كل خمس ذود شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض إلى أن تبلغ خمسا وثلاثين فإن لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لَبُون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين فإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حِقة طروق الفحل إلى ستين فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جَذَعة إلى خمس وسبعين فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده ابنة لبون فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أوعشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده إلا حقة فانها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده إلا ابنة مخاض فإنها تقبل منه وشاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة ابنة مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه وليس معه شيء ومن لم يكن عنده إلا أربع فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.

    وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت على عشرين ومأثة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين فإذا زادت على المائتين ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلاثمائة فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة شاة. ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمة ولا ذات عوار من الغنم ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق. ولا يجمع بين متفرق ولايفرق بين مجتمع خشيه الصدقة وما كان من خليتين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية فإن لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.

    وفي الرقة ربعُ العشر فإن لم يكن المال إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.

    قوله هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله ﷺ يحتمل وجهين من التأويل أحدهما أن يكون معنى الفرض الإيجاب، وذلك أن يكون الله تعالى قد أوجبها وأحكم فرضها في كتابه ثم أمر رسوله ﷺ بالتبليغ فأضيف الفرض إليه بمعنى الدعاء إليه وحمل الناس عليه وقد فرض الله تعالى طاعته على الخلق فجاز أن يسمى أمره وتبليغه عن الله عز وجل فرضا على هذا المعنى. وكان ابن الأعرابي يقول معنى الفرض السنة ههنا.

    وحكى أبو عمر، عَن أبي العباس أحمد بن يحيى عنه قال الفرض الواجب والفرض القراءة، يقال فرضت جزئي أي قرأته والفرض السنة، قال ومنه ما يروى أن رسول الله ﷺ فرض كذا أي سنَّه.

    والوجه الآخر أن يكون معنى الفرض ههنا بيان التقدير كقوله سبحانه {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [17] ومن هذا فرض نفقة الأزواج وفرض أرزاق الجند، ومعناه راجع إلى قوله تعالى {لتبين للناس ما نُزل إليهم} [18]. وقوله فمن سألها على وجهها أي على حسب ما بين رسول الله ﷺ من فرض مقاديرها فليعطها وقوله ومن سأل فوقها فلا يعطه يتأول على وجهين: أحدهما أن لا يعطى الزيادة على الواجب.

    والوجه الاخر أن لا يعطي شيئا منها لأن الساعي إذا طلب فوق الواجب كان خائنا فإذا ظهرت خيانته سقطت طاعته.

    وفي هذا دليل على أن الإمام والحاكم إذا ظهر فسقهما بطل حكمهما.

    وفيه دليل على جواز إخراج المرء صدقة أمواله الظاهرة بنفسه دون الإمام.

    وفي الحديث بيان أن لا شيء في الأوقاص وهي ما بين الفريضتين.

    وفيه دليل على أن الإبل إذا زادت على العشرين ومائة لم يستأنف لها الفريضة لأنه علق تغير الفرض بوجود الزيادة، وهو قوله فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة، وقد يحصل وجود الزيادة بالواحدة كحصولها بأكثر منها. وعلى هذا وجد الأمر في أكثر الفرائض فإن زيادة الواحدة بعد منتهى الوقص توجب تغير الفريضة كالواحدة بعد الخامسة والثلاثين وبعد الخامسة والأربعين وبعد كمال الستين.

    وقد اختلف الناس في هذا فذهب الشافعي إلى أنها إذا زادت واحدة على مائة وعشرين كان فيها ثلاث بنات لبون وبه قال إسحاق بن راهويه.

    وقال أحمد بن حنبل ليس في الزيادة شيء حتى يبلغ ثلاثين وجعلها من الأوقاص التي تكون بين الفرائض وهو قول أبي عبيد، وحكي ذلك عن مالك بن أنس واستدل بعضهم في ذلك بأنه لما قال فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة اقتضى ذلك أن يكون تغير الفرض في عدد يجب فيه السنَّان معا. قلت وهذا غيرلازم وذلك أنه إنما علق تغير الفرض بوجود الزيادة على المائة والعشرين وجعل بعدها في أربعين ابنة لبون وفي خمسين حقة وقد وجدت الأربعونات الثلاث في هذا النصاب فلا يجوز أن يسقط الفرض ويتعطل الحكم وإنما اشترط وجود السنين في محلين مختلفين لا في محل واحد فاشتراطهم وجودهما معا في محل واحد غلط.

    وقال إبراهيم النخعي إذا زادت الابل على عشرين ومائة ففي كل خمس منها شاة وفي كل عشر شاتان وفي كل خمس عشرة ثلاث شياه فإذا بلغت مائة وأربعين ففيها حقتان وأربع شياه فإذا بلغت مائة وخمسا وأربعين ففيها حقتان وابنة مخاض حتى تبلغ خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق فإذا زادت استأنف الفرض كما استؤنفت الفريضة وهو قول أبي حنيفة ؛ وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة. قال ابن المنذر وليس بثابت منه، وقال محمد بن جرير الطبري وهو مخير إن شاء استأنف الفريضة إذا زادت الإبل على مائة وعشرين وإن شاء أخرج الفرائض لأن الخبرين جميعا قد رويا.

    قلت وهذا قول لا يصح لأن الأمة قد فرقت بين المذهبين واشتهر الخلاف فيه بين العلماء فكل من رأى استئناف الفريضة لم ير إخراج الفرائض ومن رأى إخراج الفرائض لم يجز استئناف الفريضة فهما قولان متنافيان على أن رواية عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه لا تقاوم لضعفها رواية حديث أنس وهو حديث صحيح ذكره البخاري في جامعه عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبيه عن ثمامة عن أنس، عَن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وفي حديث عاصم بن ضمرة كلام متروك بالإجماع غير مأخوذ به في قول أحد من العلماء وهو أنه قال في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه.

    وروى أبو داود الحديثين معا في هذا الباب وذكر أن شعبة وسفيان لم يرفعا حديث عاصم بن ضمرة ووقفاه على علي رضي الله عنه.

    وفيه من الفقه أن كل واحدة من الشاتين والعشرين الدرهم أصل في نفسه ليست ببدل وذلك لأنه قد خيره بينهما بحرف أو.

    وقد اختلف الناس في ذلك فذهب إلى ظاهر الحديث النخعي والشافعي وإسحاق.

    وقال الثوري عشرة دراهم أو شاتان وإليه ذهب أبو عبيد وقال مالك يجب على رب المال أن يبتاع للمصدق السن الذي يجب له.

    وقال أصحاب الرأي يأخذ قيمة الذي وجب عليه وإن شاء تقاصا بالفضل دراهم.

    قلت وأصح هذه الأقاويل قول من ذهب إلى أن كل واحد من الشاتين والعشرين الدرهم أصل في نفسه وأنه ليس له أن يعدل عنهما إلى القيمة. ولو كان للقيمة فيها مدخل لم يكن لنقله الفريضة إلى سن فوقها وأسفل منها ولا لجبران النقصان فيها بالعشرين أو بالشاتين معنى والله أعلم.

    وعند الشافعي أنه إذا ارتفع إلى السن الذي يلي ما فوق السن الواجب عليه كان فيها أربع شياه أو أربعون درهما وبه قال إسحاق.

    وقال بعض أهل الحديث ولا يُجَاوزُ ما في الحديث من السن الواحد إلا أن الشافعي قال إذا وجبت عليه ابنة لبون ولم يكن عنده إلا حق فإنه لا يأخذ الحق كما يأخذ ابن اللبون عند عدم ابنة المخاض وجعله خاصا في موضعه ولم يجعل سبيله في القياس سبيل ما يؤخذ من الجبران إذا زاد أو نقص عند تباين الأسنان.

    قلت: ويشبه أن يكون ﷺ إنما جمل الشاتين أو العشرين الدرهم تقديرا في جبران النقصان والزيادة بين السنين ولم يكل الأمر في ذلك إلى اجتهاد الساعي وإلى تقديره لأن الساعي إنما يحضر الأموال على المياه وليس بحضرته حاكم ولا مقوم يحمله ورب المال عند اختلافها على قيمة يرتفع بها الخلاف وتنقطع معها مادة النزاع فجعلت فيها قيمة شرعية كالقيمة في المُصَراة والجنين حسما لمادة الخلاف مع تعذرالوصول إلى حقيقة العلم بما يجب فيها عند التعديل.

    قلت: وإذا كان معلوما أن القصد بالمسامحة الواقعة في الطرفين إنما كان بها لأجل الضرورة، وقد يحدث مثل ذلك عند وجوب الحقة واعوازها مع وجود الجذع وكان ما بينهما من زيادة المنفعة من وجه ونقصانها من وجه شبيها بما بين ابن اللبون وابنة المخاض، فلو قال قائل أنه مأخوذ مكانها كما كان ابن اللبون مأخوذا مكان ابنة المخاض لكان مذهبا وهو قول الشافعي والله أعلم.

    وفي قوله ومن بلغت صدقته ابنة مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه وليس معه شيء دليل على أن ابنة المخاض ما دامت موجودة فإن ابن اللبون لا يجزىء عنها وموجب هذا الظاهر أنه يقبل منه سواء كانت قيمته قيمة ابنة مخاض أو لم يكن ولوكانت القيمة مقبولة لكان الأشبه أن يجعل بدل ابنة مخاض قيمتها دون أن يؤخذ الذكران من الإبل فإن سنة الزكاة قد جرت بأن لا يؤخذ فيها إلا الإناث إلا ما جاء في البقر من التبيع.

    وزعم بعض أهل العلم أنه إذا وجد قيمة ابنة مخاض لم يقبل منه ابن لبون لأن واجد قيمتها كواجد عينها ألا ترى أن من وجد ثمن الرقبة في الظهار لم ينتقل إلى الصيام.

    قلت وهذا خلاف النص وخلاف القياس الذي قال وتمثل به وذلك أنه قال في الآية فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فعلق الحكم بالوجود ووجود القيمة وجود لما يتقوم بها، وإنما قال في الحديث ومن بلغت صدقته ابنة مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه فعلق الحكم بكونه عنده لا بقدرته عليه فالأمران مختلفان.

    وأما قوله ابن لبون ذكر وتقييده إياه بهذا الوصف وقد علم لا محالة ان ابن اللبون لا يكون إلا ذكرا فقد يحتمل ذلك وجهين من التأويل، أحدهما أن يكون توكيدا للتعريف وزيادة في البيان وقد جرت عادة العرب بأن يكون خطابها مرة على سبيل الإيجاز والاختصار ومرة على العدل والكفاف ومرة على الإشباع والزيادة في البيان، وهذا النوع كقوله سبحانه {فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} [19] ثم قال {تلك عشرة كاملة} [20] وكان معلوما أن سبعة إلى ثلاثة بمجموعها عشرة وكقول النبي ﷺ حين ذكر تحريم الأشهر الحرم فقال ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.

    والوجه الآخر أن يكون ذلك على معنى التنبيه لكل واحد من رب المال والمصدق فقال هو ابن لبون ذكر ليطيب رب المال نفسا بالزيادة المأخوذة منه إذا تأمله فعلم أنه قد سوغ له من الحق وأسقط عنه ما كان بإزائه من فضل الأنوثة في الفريضة الواجبة عليه وليعلم المصدق أن سن الذكورة مقبول من رب المال في هذا النوع وهو أمر نادر خارج عن العرف في باب الصدقات ولا ينكر تكرار البيان والزيادة فيه مع الغرابه والندور لتقرير معرفته في النفوس.

    وقوله إن استيسرتا له معناه إن كانتا موجودتين في ماشيته.

    وفيه دليل على أن الخيار في ذلك إلى رب المال أيهما شاء أعطى.

    وفي قوله في سائمة الغنم إذا كانت أربعين شاة شاة دليل على أن لا زكاة في المعلوفة منها لأن الشيء إذا كان يعتوره وصفان لازمان فعلق الحكم بأحد وصفيه كان ما عداه بخلافه وكذلك هذا في عوامل البقر والإبل، وهو قول عوام أهل العلم إلا مالكا فإنه أوجب الصدقة في عوامل البقر ونواضح الإبل.

    وقوله فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة شاة فإنما معناه أن يزيد مائة أخرى فيصير أربعمائة وذلك لأن المائتين لما توالت أعدادها حتى بلغت ثلاثمائة وعلقت الصدقة الواجبة فيها بمائة مائة ثم قيل فإذا زادت عقل أن هذه الزيادة اللاحقة بها إنما هي مائة لا ما دونها وهو قول عامة الفقهاء الثوري وأصحاب الرأي وقول الحجازيين مالك والشافعي وغيرهم.

    وقال الحسن بن صالح بن حي إذا زادت على ثلاثمائة واحدة ففيها أربع شياه.

    وقوله لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق فإن حق الفقراء إنما هو في النمط الأوسط من المال لا يأخذ المصدق خياره فيجحف بأرباب الأموال ولا شراره فيزري بحقوق الفقراء.

    وقوله إلا أن يشاء المصدق، فيه دلالة على أن له الاجتهاد لأن يده كيد المساكين وهو بمنزلة الوكيل لهم ألا ترى أنه يأخذ أجرته من مالهم وإنما لا يأخذ ذات العوار ما دام في المال شيء سليم لا عيب فيه فإن كان المال كله معيبا فإنه يأخذ واحدا من أوسطه وهو قول الشافعي، وقال إذا وجب في خمس من إبله شاة وكلها معيبة فطلب أن يؤخذ منه واحد منها أخذ وإن لم يبلغ قيمته قيمة شاة وقال مالك يكلف أن يأتي بصحيحة ولا يؤخذ منه مريض، وتيس الغنم يريد به فحل الغنم، وقد زعم بعض الناس أن تيس الغنم إنما لا يؤخذ من قبل الفضيلة وليس الأمر كذلك وإنما لا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه.

    وكان أبو عبيد يرويه إلا أن يشاء المصدَّق بفتح الدال يريد صاحب الماشية وقد خالفه عامة الرواة في ذلك فقالوا إلا أن يشاء المصدِّق مكسورة الدال أي العامل.

    وقوله لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة فإن هذا إنما يقع في زكاة الخلطاء، وفيه إثبات الخلطة في المواشي.

    وقد اختلف في تأويله فقال مالك هو أن يكون لكل رجل أربعون شاة فإذا أظلهم المصدق جمعوها لئلا يكون فيها إلا شاة واحدة ولا يفرق بين مجتمع أن الخليطين إذا كان لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما فيه ثلاث شياه فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة. وقال الشافعي الخطاب في هذا خطاب للمصدق ولرب المال معا وقال الخشية خشيتان خشية الساعي أن تقل الصدقة وخشية رب المال أن تكثر الصدقة فأمر كل واحد منهما أن لا يحدث في المال شيئا من الجمع والتفريق خشية الصدقة.

    وقوله وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية فمعناه أن يكونا شريكين في إبل يجب فيها الغنم فيوجد الإبل في يدي أحدهما فتؤخذ منه صدقتها فإنه يرجع على شريكه بحصته على السوية.

    وفيه دلالة على أن الساعي إذا ظلمه فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه لا يرجع بها على شريكه وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب دون الزيادة التي هي ظلم وذلك معنى قوله بالسوية وقد يكون تراجعهما أيضا من وجه آخر وهو أن يكون بين رجلين أربعون شاة لكل واحد منهما عشرون وقد عرف كل واحد منهما عين ماله فيأخذ المصدق من نصيب أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على شريكه بقيمة نصف شاة.

    وفيه دليل على أن الخلطة تصح مع تميز أعيان الأموال. وقد روي عن عطاء وطاوس أنهما قالا إذا عرف الخليطان كل واحد منهما أموالهما فليسا بخليطين.

    وقد اختلف مالك والشافعي في شرط الخلطة فقال مالك إذا كان الراعي والفحل والمراح واحدا فهما خليطان، وكذلك قال الأوزاعى.

    وقال مالك فإن فرقهما المبيت هذه في قرية وهذه في قرية فهما خليطان.

    وقال الشافعي إن فرق بينهما في المراح فليسا بخليطين واشترط في الخلطة المراح والمسرح والسقي واختلاط الفحولة، وقال إذا افترقا في شيء من هذه الخصال فليسا بخليطين، إلا أن مالكا قال لا يكونان خليطين حتى يكون لكل واحد منهما تمام النصاب وعند الشافعى إذا تم بماليهما نصاب فهما خليطان وإن كان لأحدهما شاة واحدة.

    وقوله في الرقة ربع العشر فإن لم يكن إلا تسعون ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها فإن الرقة الدراهم المضروبة وليس في هذا دلالة على أنه إذا كانت تسعة وتسعين ومائة أو كانت مائتين ناقصة كانت فيها الزكاة، وإنما ذكر الفصول والعشرات لأنها قد تتضمن الآحاد فدل بذلك على أنه أراد بالزيادة التي بها يتعلق الوجوب عشرة كاملة.

    وبيان ذلك في قوله ليس فيما دون خمس أواق من الورق زكاة.

    وفيه دليل على أن الدراهم إذا بلغت خمس أواق بما فيها من غش وحملان فإنه لا شيء فيها حتى يكون كلها فضة خالصة.

    وفي قوله إلا أن يشاء ربها دليل على أن رب المال إذا سمح بما لا يلزمه من زيادة السن أو أعطى الماخض مكان الحائل أو أعطى ذات الدر بطيبة نفس كان ذلك مقبولا منه. وحكي عن داود وأهل الظاهر أنهم قالوا لا يقبل منه أو لا يجزئه والحديث حجة عليه لأنه إذا أعطى عن مائة وتسعين درهما خمسة دراهم لكانت مقبولة منه وهو لا يجب عليه فيها شيء لعدم النصاب فلأن تقبل زيادة السن مع كمال النصاب أولى.

    وأما تفسير اسنان الفرائض المذكورة في هذا الحديث فإن ابنة المخاض هي التي أتى عليها حول ودخلت في السنة الثانية وحملت أمها فصارت من المخاض وهي الحوامل، والمخاض اسم جماعة للنوق الحوامل.

    وأما ابنة اللبون فهي التي أتى عليها حولان ودخلت في السنة الثالثة فصارت أمها لبونا بوضع الحمل أي ذات لبن.

    وأما الحقة فهي التي أتى عليها ثلاث سنين ودخلت في السنة الرابعة فاستحقت الحمل والضراب. والجذعة هي التي تمت لها أربع سنين ودخلت في الخامسة.

    وقد ذكر أبو داود عن الرياشي وأبي حاتم عن الأصمعى وغيره أسنان الإبل وأشبع بيانها في الكتاب فلا حاجة بنا إلى ذكرها.

    وقوله طَروقة الفحل فهي التي طرقها الفحل أي نزا عليها وهي فعولة بمعنى مفعولة كما قيل ركوبة وحلوبة بمعنى مركوبة ومحلوبة.

    435- قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه قال زهير أحسبه عن النبي ﷺ أنه قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم فما زاد فعلى حساب ذلك. قال وفي البقر في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة وليس على العوامل شيء قال وفي النبات ما سقته الأنهار أو سقت السماء العشر وما سقي بالغَرْب ففيه نصف العشر.

    قوله في كل أربعين درهما درهم تفصيل لجملة قد تقدم بيانها في حديث أبى سعيد الخدري وهو قول ليس فيما دون خمس أواق شيء وتفصيل الجملة لا يناقض الجملة.

    وقوله فما زاد فعلى حساب ذلك ؛ فيه دليل على أن القليل والكثير من الزيادة على النصاب محسوب على صاحبه ومأخوذ منه الزكاة بحصته وقد ذكرنا اختلاف أقاويل العلماء في هذا فيما مضى.

    وقوله في البقر في كل ثلاثين تبيع فإن العجل ما دام يتبع أمه فهو تبيع إلى تمام سنة ثم هو جذع ثم ثني ثم رَباع ثم سَدَس وسديس ثم صالغ وهو المسن.

    وقوله وليس في العوامل شيء بيان فساد قول من أوجب فيها الصدقة، وقد ذكرناه فيما مضى.

    وفي الحديث دليل على أن البقر إذا زادت على الأربعين لم يكن فيها شيء حتى تكمل ستين، ويدل على صحة ذلك ماروي عن معاذ أنه أتي بوقص البقر فلم يأخذه. ومذهب أبي حنييفة أن ما زاد على الأربعين فبحسابه.

    وقوله فيما سقته الأنهار أو سقته السماء العشر وما سقي بالغرب ففيه نصف العشر، فإن الغَرْب الدلو الكبيرة يريد ما سقى بالسواني وما في معناها مما سقي بالدواليب والنواعير ونحوها.

    وإنما كان وجوب الصدقة مختلفة المقادير في النوعين لأن ما عمت منفعته وخفت مؤونته كان أحمل للمواساة فأوجب فيه العشر توسعة على الفقراء وجمل فيما كثرت مؤنته نصف العشر رفقا بأهل الأموال.

    هامش

    1. [التوبة: 103]
    2. [ التوبة: 103 ]
    3. [المائدة: 6]
    4. [البقرة: 183]
    5. [الإسراء: 79]
    6. [الأحزاب: 50]
    7. [الإسراء: 78 ]
    8. [النحل: 98]
    9. [النساء: 120]
    10. [الطلاق: 1]
    11. [يونس: 94 ]
    12. [البقرة: 147]
    13. [لقمان: 14]
    14. [البقرة: 83 ]
    15. [المائدة: 93]
    16. [التوبة: 35]
    17. [البقرة: 236]
    18. [النحل: 44]
    19. [البقرة: 196]
    20. [البقرة: 196]