→ كتاب الطلاق (مسألة 1974 - 1979) | ابن حزم - المحلى كتاب الطلاق (مسألة 1980) ابن حزم |
كتاب الطلاق (مسألة 1981) ← |
كتاب الطلاق
1980 - مسألة: وطلاق المريض كطلاق الصحيح، ولا فرق مات من ذلك المرض أو لم يمت منه فإن كان طلاق المريض ثلاثا، أو آخر ثلاث، أو قبل أن يطأها فمات، أو ماتت قبل تمام العدة أو بعدها أو كان طلاقا رجعيا فلم يرتجعها حتى مات أو ماتت بعد تمام العدة، فلا ترثه في شيء من ذلك كله، ولا يرثها أصلا.
وكذلك طلاق الصحيح للمريضة، وطلاق المريض للمريضة، ولا فرق
وكذلك طلاق الموقوف للقتل والحامل المثقلة: وهذا مكان اختلف الناس فيه: فقول أول فيه: أنه ليس طلاقا، كما.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، حدثنا ابن مفرج، حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد، حدثنا يحيى بن أيوب بن بادي العلاف، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر قال: إن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأة له كلبية في مرضه الذي مات فيه، فكلمه عثمان ليراجعها فتلكأ عليه عبد الرحمن فقال عثمان: قد أعرف إنما طلقها كراهية أن ترث مع أم كلثوم، وإني والله لاقسمن لها ميراثها، وإن كانت أم كلثوم أختي قال نافع: وكان آخر طلاقها تطليقة في مرضه. فهذا عثمان يأمر عبد الرحمن بمراجعتها بعد أن طلقها آخر طلاقها في مرضه فصح أنه لم يكن يراه طلاقا. فكل ما روي عن عثمان بعد هذا فهو مردود إلى هذا. وجاء عن عثمان أيضا أن عبد الرحمن بن مكمل طلق بعض نسائه بعد أن أصابه فالج، ثم مات بعد سنتين فورثها منه عثمان. وصح عنه أنه ورث امرأة عبد الرحمن بن عوف الكلبية، وقد طلقها وهو مريض آخر ثلاث تطليقات، ثم مات بعد أن أتمت عدتها، فقيل لعثمان: لم تورثها من عبد الرحمن، وقد علمت أنه لم يطلقها ضرارا، ولا فرارا من كتاب الله عز وجل فقال عثمان: أردت أن تكون سنة يهاب الناس الفرار من كتاب الله عز وجل. وقول آخر ترثه ويرثها:
كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن يقول: يتورثان إن مات من مرضه ذلك. وقول ثالث: ترثه وإن صح ثم مات من مرض آخر:
روينا من طريق أبي عبيد نا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد عن يونس بن يزيد عن الزهري: أنه سئل عمن طلق امرأته وهو مريض فبتها فصح أياما وهي في العدة ثم مرض ثم مات من وجع آخر، أو عاد له وجعه قال الزهري: نرى حين طلقها وهو مريض أنها في قضاء عثمان ترثه. وبهذا يقول سفيان الثوري، والأوزاعي، وزفر بن الهذيل، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، كلهم يقول: إذا طلقها وهو مريض، ثم صح، ثم مات قبل انقضاء عدتها، فإنها ترثه. وقال الأوزاعي: إن ملكها نفسها وهو مريض فطلقت نفسها لم ترثه، وإن طلقها وهو مريض بإذنها ورثته. وقول رابع رويناه من طريق سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة أنه سأل أباه عروة عمن طلق امرأته ألبتة، وهو مريض فقال عروة: لا يتوارثان إلا أن يكون بها حبل، أو يطلق مضارة فيموت وهي في العدة منه.
وقول خامس إن طلق ثلاثا وهو مريض ولم يصح حتى مات، فإنها ترثه ما لم تنقض عدتها منه، فإن مات بعد أن انقضت عدتها لم ترثه.
كما روينا من طريق ابن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت في المطلقة ثلاثا وهو مريض: ترثه ما دامت في العدة.
قال أبو محمد: لم يسمع ابن أبي عروبة من هشام بن عروة شيئا.
ومن طريق ابن أبي شيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن حسين بن علي طلق امرأته وهو مريض فورثته.
ومن طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن عبيدة بن مغيث عن إبراهيم النخعي عن عمر بن الخطاب، أنه قال: الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا ورثته ما كانت في العدة .
وبه يقول إبراهيم.
ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة عن إبراهيم عن شريح قال: أتاني عروة البارقي من عند عمر في الرجل يطلق امرأته ثلاثا في مرضه: أنها ترثه ما دامت في العدة، ولا يرثها .
وبه يقول إبراهيم.
ومن طريق سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، حدثنا مغيرة عن إبراهيم فيمن طلق امرأته وهو مريض ثلاثا قبل أن يدخل بها قال: لها نصف الصداق، ولا ميراث لها، ولا عدة عليها قال هشيم: وبهذا نقول.
ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن المغيرة عن إبراهيم، عن ابن عمر قال: إذا طلق امرأته ثلاثا، وهو مريض ورثت في العدة.
قال أبو محمد: هكذا في كتابي عن محمد بن سعيد بن عمر، ولا أراه إلا وهما، وأنه إنما هو عمر والله أعلم كذلك رويناه من طريق سفيان، وشعبة.
ومن طريق ابن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث عن داود، والأشعث عن الشعبي، وشريح، قالا: إذا طلق ثلاثا في مرضه ورثته ما دامت في العدة.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه: فإن خيرها أو ملكها، أو خالعها وهو مريض أو حلف بطلاقها ثلاثا وهو صحيح فحنثته وهو مريض فمات لم ترثه. فلو بارز رجلا في القتال أو قدم ليقتل فطلقها ثلاثا ورثته. فلو طلقها وهو مريض ولم يكن دخل بها لم ترثه. فلو أكرهها أبوه فوطئها في مرضه ابنه فمات لم ترثه.
ومن طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته ثلاثا في مرضه فقال عثمان: لئن مت لاورثنها منك قال: قد علمت ذلك، فمات في عدتها، فورثها عثمان في عدتها.
ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة أنه سأل عبد الله بن الزبير فقال له ابن الزبير: طلق عبد الرحمن بن عوف بنت الأصبغ الكلبية فبتها، ثم مات، فورثها عثمان في عدتها ثم ذكر ابن الزبير قوله نفسه. حدثنا علي بن عباد الأنصاري، حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن يزيد اللخمي، حدثنا ابن مفرج، حدثنا أحمد بن عبد الرحيم الأسدي، حدثنا عمرو بن ثوبان، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا سفيان الثوري عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: من طلق وهو مريض طلاقا بائنا فإنها ترثه ما دامت في العدة.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر وابن جريج كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه قال: إذا طلقها مريضا فبتها فانقضت العدة فلا ميراث بينهما. وصح عن شريح فيمن طلق مريضا فمات فإنها ترثه ما كانت في العدة، فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فلم ينكره.
وهو قول الشعبي، والحارث العكلي، وحماد بن أبي سليمان.
وروي عن ربيعة، وطاووس، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وابن شبرمة، وأبي حنيفة، وأصحابه. وقول سادس من روي عنه أن المطلقة في المرض ترث هكذا جملة لم يبين في العدة فقط أم بعدها فكما روينا من طريق ابن وهب أخبرني رجال من أهل العلم أن علي بن أبي طالب قال: المطلقة في المرض ترث.
ومن طريق ابن أبي شيبة، حدثنا عبيد الله عن عثمان بن أبي الأسود عن عطاء قال: لو مرض سنة لورثتها منه. والأصح عن عطاء أنها ترثه في العدة، ولا ترثه بعدها.
ومن طريق ابن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون عن أشعث عن محمد بن سيرين قال: كانوا يقولون: لا يختلفون فيمن فر من كتاب الله رد إليه يعني: فيمن طلق امرأته وهو مريض. وقول سابع من قال: ترثه بعد العدة ما لم تتزوج فكما،
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد البصير، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن شيخ من قريش عن أبي بن كعب فيمن طلق امرأته ثلاثا في مرضه قال: لا أزال أورثها منه حتى يبرأ، أو تتزوج، أو تمكث سنة أو قال: ولو مكثت سنة.
ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج قلت لعطاء: الرجل يطلق امرأته مريضا ثم يموت من وجعه ذلك قال عطاء: ترثه وإن انقضت عدتها منه إذا مات في مرضه ذلك، ما لم تنكح.
ومن طريق أبي عبيد، حدثنا يزيد بن هارون عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي في التي يطلقها وهو مريض قال: ترثه وإن كان إلى سنتين ما لم تتزوج. وقال أبو عبيد: وسمعت أبا يوسف القاضي يقول، عن ابن أبي ليلى، أنه قال في المطلقة في المرض: ترثه ما لم تتزوج وهو قول شريك القاضي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي عبيد. وقول ثامن وهو لمن قال: إنها لا ترثه، إلا ما دامت في العدة، وإنها تنتقل إلى عدة الوفاة وقاله أيضا بعض من ورثها بعد العدة:
كما روينا من طريق أبي عبيد، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن الشعبي، قال: باب من الطلاق جسيم: إذا ورثت المرأة اعتدت ترثه ما لم تنكح قبل موته فإذا ورثته اعتدت أربعة أشهر وعشرا.
ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي قال: إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض فمات ورثته واستأنفت العدة أربعة أشهر وعشرا.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، أنه قال: إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض فإنها تكون على أقصى العدتين إن كانت أربعة أشهر وعشرا أكثر من حيضتها أخذت بالأربعة الأشهر والعشر، وإن كان الحيض أكثر أخذت بالحيض.
قال أبو محمد وهذا هو قول أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن. وقال أبو يوسف: تتمادى على الحيض فقط، ولا تنتقل إلى عدة الوفاة. وقول تاسع وهو قول من قال: ترثه في العدة وبعد العدة، ولم يخص " إن لم تتزوج "، ولا قال " وإن تزوجت ". فكما روينا من طريق ابن وهب أخبرني موسى بن يزيد عن الزهري حدثني طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف عاش حتى حلت تماضر، ثم ورثها عثمان منه بعد ما حلت. وهكذا رويناه من طريق سعيد بن منصور، حدثنا عباد بن عباد المهلبي، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه، ومحمد بن عمرو بن علقمة، كلاهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن أباه طلق امرأته في مرضه فمات بعد ما حلت فورثها عثمان. واختلف عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه فروى عنه أبو عوانة أنه كان ذلك في العدة وروى عنه هشيم: كان ذلك بعد العدة، وعمر ضعيف.
ومن طريق ابن وهب أخبرني يزيد بن عياض بن جعدبة عن عبد الكريم بن الحارث عن مجاهد، أنه قال: إذا طلق المريض امرأته قبل أن يدخل بها فلها ميراثها منه ونصف الصداق.
ومن طريق ابن وهب أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، قال يقال: إذا طلق امرأته وهو وجع وقد فرض لها ولم يمسها، فلها نصف صداقها وترثه.
ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن بكر عن الحسن فيمن طلق امرأته ثلاثا في مرضه فمات وقد انقضت عدتها فإنها ترثه.
ومن طريق سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، حدثنا يونس بن عبيد، ومنصور، كلاهما: عن الحسن فيمن طلق امرأته وهو مريض قبل أن يدخل بها قال: لها الصداق كله والميراث، وعليها العدة.
ومن طريق حماد بن سلمة عن عثمان البتي، وحميد، وأصحاب الحسن، قالوا: ترثه بعد انقضاء العدة.
وقول عاشر رويناه من طريق ابن وهب أخبرني رجال من أهل العلم أن ربيعة قال في المطلقة ثلاثا في المرض: ترثه وإن نكحت بعده عشرة أزواج. وبهذا يقول مالك ومن قلده وروي أيضا عن الليث بن سعد.
وقال مالك: إن طلقها مريضا قبل الدخول بها فلها الميراث، ولها نصف الصداق، ولا عدة عليها وقال: إن خيرها وهو مريض فاختارت نفسها فطلقت ثلاثا، أو اختلعت منه وهو مريض ثم مات من مرضه فإنها ترثه. قال:
وكذلك لو حلف بطلاقها ثلاثا إن دخلت دار فلان، وهو صحيح فمرض فتعمدت دخول تلك الدار فطلقت ثلاثا، أو مات من مرضه، فإنها ترثه. قال:
وكذلك من قال وهو صحيح: إذا قدم أبي فأنت طالق ثلاثا فقدم أبوه وهو مريض فطلقت ثلاثا ثم مات هو فإنها ترثه. قال: ومن قاتل في الزحف، أو حبس للقتل، فطلق امرأته ثلاثا، فإنها ترثه. قال: والمحصور إن طلق ثلاثا لم ترثه. قال: فلو ارتد وهو مريض لم ترثه. وقول حادي عشر:
كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، قال: طلق غيلان بن سلمة الثقفي نساءه، وقسم ماله بين بنيه، وذلك في خلافة عمر، فبلغه ذلك فقال له عمر: طلقت نساءك، وقسمت مالك بين بنيك قال: نعم، قال له عمر: والله لارى الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك، فألقاه في نفسك فلعلك أن لا تمكث إلا قليلا، وأيم الله لئن لم تراجع نساءك، وترجع في مالك لأورثنهن منك إذا مت، ثم لامرن بقبرك فليرجمن كما يرجم قبر أبي رغال قال فراجع نساءه وماله، قال نافع: فما لبث إلا سبعا حتى مات.
وأما المحصور فروينا من طريق ابن أبي شيبة، قال :، حدثنا عباد بن العوام عن أشعث عن الشعبي أن أم البنين بنت عيينة بن حصن كانت تحت عثمان، فلما حوصر طلقها، وكان قد أرسل إليها يشتري منها ثمنها، فأبت، فلما قتل أتت علي بن أبي طالب فذكرت ذلك له فقال علي: تركها حتى إذا أشرف على الموت طلقها، فورثها. وقول ثاني عشر وهو من لم يورث المبتوتة في المرض:
روينا من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة: أنه سأل عبد الله بن الزبير عن المبتوتة: يعني في المرض قال: فقال لي ابن الزبير: طلق عبد الرحمن بن عوف بنت الأصبغ الكلبية ثلاثا ثم مات وهي في عدتها فورثها عثمان. قال ابن الزبير: فأما أنا فلا أرى أن ترث المبتوتة.
ومن طريق أبي عبيد، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: سألت عبد الله بن الزبير عمن طلق امرأته ثلاثا وهو مريض فقال ابن الزبير: أما عثمان فورث ابنة الأصبغ الكلبية، وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة.
ومن طريق سعيد بن منصور، والحجاج بن المنهال، قالا جميعا :، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، فذكر حديث أبيه، وأن امرأته تماضر بنت الأصبغ بن زياد بن الحصين أرسلت إليه تسأله الطلاق فقال: إذا طهرت: يعني من حيضها فلتؤذني فطهرت، فأرسلت إليه وهو مريض، فغضب وقال: هي طالق ألبتة، ولا رجعة لها، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات، فقال عبد الله بن عوف: لا أورث تماضر شيئا هذا لفظ الحجاج وقال سعيد بن منصور في روايته: فقال عبد الرحمن: لا أورث تماضر شيئا، ثم اتفقا، فارتفعوا إلى عثمان فورثها، وكان ذلك في العدة.
ومن طريق أبي عبيد، حدثنا أبو أحمد الزبيري عن سفيان الثوري عن ليث عن طاووس، عن ابن عباس في الذي يطلق امرأته ثلاثا في مرضه قبل أن يدخل بها قال: ليس لها ميراث، ولها نصف الصداق.
ومن طريق قتادة: أن علي بن أبي طالب قال: لا ترث المبتوتة.
ومن طريق سعيد بن منصور، حدثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة بن مقسم عن الحارث العكلي، قال: من طلق امرأته طلقتين في صحته فطلقها الثالثة للعدة في مرضه لم ترثه، لأنه لم تعتد وبأن لا ترث المطلقة المبتوتة في المرض يقول الشافعي، وأبو سليمان، وأصحابهما.
قال أبو محمد: احتج من رأى توريث المبتوتة في المرض بأن قالوا: فر بذلك عما أوجب الله تعالى لها في كتابه في الميراث، فوجب أن يقضى عليه وعلى من لا يتهم بذلك، لئلا يكون ذريعة إلى منع الحقوق.
قال أبو محمد: فنقول وبالله تعالى نتأيد ما فر قط عن كتاب الله تعالى بل أخذ بكتاب الله واتبعه، لأن الله تعالى أباح الطلاق، وقطع بالثلاث، وبالطلاق قبل الوطء: جميع حقوق الزوجية: من النفقة، وإباحة الوطء، والتوارث، فأين هاهنا الفرار من كتاب الله تعالى إنما كان يفر عن كتاب الله تعالى لو قال: لا ترث مني شيئا دون أن يطلقها، بل الفرار من كتاب الله تعالى: هو توريث من ليست زوجة، ولا أما، ولا جدة، ولا ابنة، ولا ابنة ابن، ولا أختا، ولا معتقة، ولكن أجنبية لم يجعل الله تعالى قط لها ميراثا. وكيف يجوز أن تورث بالزوجية من إن وطئها رجم أو من قد حل لها زواج غيره: أو من هي زوجة لغيره هذا هو خلاف كتاب الله تعالى حقا، بلا شك.
وأيضا فإن كانت ترثه بالزوجية فواجب أن يرثها بالزوجية كما يقول الحسن إذ من الباطل المحال الممتنع أن تكون هي امرأته، ولا يكون هو زوجها.
فإن قالوا: ليست امرأته.
قلنا: فلم ورثتموها ميراث زوجة، وهذا عجب جدا وهذا أكل المال بالباطل، بلا شك. ومن العجب قولهم: فر بميراثها، وأي ميراث لها من صحيح لعلها هي تموت قبله ورب صحيح يموت قبل ذلك المريض، وقد يبرأ من مرضه، فما وجب بها قط إذ طلقها ميراث يفر به عنها. ثم من العجب توريث الحنفيين المبتوتة ممن حبس للقتل، أو بارز في حرب وليس مريضا، ومنعهم الميراث للتي أكرهها أبو زوجها على أن وطئها في مرض زوجها، وليس لزوجها في ذلك عمل أصلا، ولا طلقها مختارا قط وتوريث المالكيين المختلعة، والمختارة نفسها، والقاصدة إلى تحنيثه في مرضه في يمينه، وهو صحيح بالطلاق، وهو كاره لمفارقتها وهي مسارعة إليه، مكرهة له على ذلك. وما في العجب أكثر من منعهم المتزوجة في المرض من الميراث الذي أوجبه الله تعالى لها يقينا بالزوجية الصحيحة، وتوريثهم المطلقة ثلاثا في المرض، فورثوا بالزوجية من ليست زوجة، ومنعوا ميراث الزوجة من هي زوجته وحسبنا الله، ونعم الوكيل.
وروينا من طريق ابن وهب أخبرني مالك وعمرو بن الحارث، والليث بن سعد، ومخرمة بن بكير، ويونس بن يزيد، قال مالك، والليث وعمر وكلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان وقال مخرمة عن أبيه عن سليمان بن يسار " وقال يونس، واللفظ له :، حدثنا الزهري أن رجلا من الأنصار يقال: له: حبان بن منقذ كانت تحته هند بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وامرأة من الأنصار فطلق الأنصارية وهي ترضع ابنه وهو صحيح فمكثت سبعة أشهر أو قريبا من ثمانية أشهر لا تحيض، ثم مرض حبان فقيل له: إنها ترثك إن مت قال: احملوني إلى أمير المؤمنين عثمان فحمل إليه فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن ثابت فقال لهما عثمان: ما تريان قالا جميعا: نرى أنها ترثه إن مات، ويرثها إن ماتت، فإنها ليست من القواعد اللاتي يئسن من المحيض، وليست من اللائي لم يحضن، فهي عنده على حيضها ما كانت من قليل أو كثير، وأنه لم يمنعها من أن تحيض إلا الرضاع فرجع حبان فانتزع ابنه منها، فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة، ثم حاضت أخرى في الهلال، ثم توفي حبان على رأس السنة أو قريبا منها فشرك عثمان بين المرأتين في الميراث، وأمر الأنصارية أن تعتد عدة الوفاة وقال للهاشمية هذا رأي ابن عمك، هو أشار علينا به يعني علي بن أبي طالب قال ابن وهب :، حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي، عن ابن شهاب قال: إن عثمان قضى أن نختلج منها ولدها حتى تحيض أقراءها.
قال ابن وهب: أخبرني خالد بن حميد المهري عمن أخبره، عن ابن شهاب أن عثمان أرسل إلى زيد بن ثابت يشاوره في أمر حبان بن منقذ فقال زيد: اختلج ابنه منها، ترجع الحيضة ففعل عثمان، وذكر الخبر .
وبه يقول مالك.
قال أبو محمد: هذا حقا هو الفرار من كتاب الله عز وجل أن تمنع رضاع ولدها ليتعجل حيضها فتتم عدتها، وتبطل ميراثها وإنما كان الوجه إذا هو عندهم فار من كتاب الله أن يبطلوا الطلاق الذي به أراد منعها الميراث، كما فعل المالكيون في نكاح المريض.
وأما تجويزهم الطلاق وإبقاؤهم الميراث فمناقضة ظاهرة الخطأ. وقد أوردنا قبل عن عثمان أنه لم يجز ذلك الطلاق، إذ أمر عبد الرحمن بمراجعتها بعد أن طلقها ثلاثا. ويقال لهم: أترون عبد الرحمن بن عوف فر من كتاب الله تعالى حاشا له من ذلك، فمن قولهم: إنما فعل ذلك بمن لا يظن به الفرار لقطع الذريعة .
فقلنا: فهلا قلتم بقول أبي حنيفة في أن من أكرهها أبو زوجها على الوطء أنها ترث؛ لأنه قد يمكن أن يدس الزوج أباه لذلك ليمنعها الميراث فرب فاسق يستسهل هذا في حريمته فيكون قطعا للذريعة. وهلا إن كنتم مالكيين قلتم بذلك في المرتد في مرضه، إذ قلتم: لا نتهمه أنه ارتد فرارا من ميراثها، فكم من الناس فر إلى أرض الحرب وارتد لغضب غضبه، وليغيظ جاره بأذاه له وهذا كله تناقض لا خفاء به فكيف من ارتد لئلا ترثه ثم راجع الإسلام وهلا ورثوها منه وإن ماتت قبله فلا فرق بين توريثها وهي ميتة وبين توريثها بالزوجية وهي أجنبية زوجة لغيره لو وطئها هو لرجم ورجمت.
فإن قالوا: لم يأت بهذا أثر .
قلنا: ولا جاء في المبارز أثر فهلا قستم هذا على المطلقة كما قستم ذلك على المطلق، ولا ورثتموها من المرتد، فقد قال بتوريث مال المرتد لورثته من المسلمين طائفة من السلف. ولا ندري ما قولهم في مريض تحته مملوكة فأعتقت في مرضه فاختارت فراقه وفي مملوك تحته حرة فطلقها بتاتا، وهو مريض ثم أعتق هو وفي مسلم تحته كتابية فطلقها في مرضه ثلاثا ثم اعتدت وأسلمت في عدتها أو بعد عدتها، أو بعد أن تزوجت .
وأيضا فإن الفرار بالميراث عنها يدخل في طلاق الصحيح كما يدخل في طلاق المريض، وقد يموت الصحيح قبل المريض، فليورثوها ممن طلقها ثلاثا وهو صحيح ثم مات بغتة أو من مرض أصابه.
وأيضا فلا يختلفون فيمن به حين قاتل، أو جرح فانتثرت حشوته فتحامل فوطئ جارية له فحملت وهو يهتف بأنه إنما وطئها لتحمل فيحرم عصبته الميراث أنها إن حملت وولدت حرمت العصبة الميراث.
فإن قالوا: وقد لا تحمل.
قلنا: وهو قد يفيق، وهي قد تموت قبله وهلا وضعوا الظن في الفرار من كتاب الله تعالى حيث هو أليق به فيقولوا: إذا طلقها ثلاثا وهو مريض فإنما فر عن كتاب الله تعالى فيما أوجب لها من النفقة والكسوة الواجب لها كل ذلك، فيلزمونه الكسوة والنفقة أبدا، فلم يفعلوا، وأعملوا ظنهم في أنه فر عنها بميراث لم يجب لها قط. ولا يختلفون في أن من أقر في مرضه الذي مات فيه بولد أنه يلحقه ويرث ويمنع عصبته الميراث، ويحط الزوجة من ربع إلى ثمن فهلا قالوا: إنما فعل ذلك ليحطها من الميراث.
وأما الحنفيون فإنهم أمضوا فراره عن كتاب الله عز وجل، إذ قطعوا ميراثها بعد العدة فجعلوه ينتفع بفراره عن كتاب الله تعالى في موضع، ولا ينتفع به في موضع آخر فهذا التخليط والخبط، وانقطاع العدة: متولد من الطلاق الذي هو فعله. ويقال لهم: قد أجزتم نكاح المريض وهو إضرار بأهل الميراث في إدخال من يشركهم فيه فهلا إذ أجزتم طلاق المريض أمضيتم حكمه في قطع الميراث ويقال للمالكيين: من أين ورثتم المخنثة لزوجها في مرضه وهو لم يفر قط بميراثها، ولا طلقها في مرضه، وكيف يجوز أن يقاس غير فار على فار.
وأعجب شيء قول المالكيين في التي يطلقها زوجها وهو مريض ولم يدخل بها: أنها ترثه، وليس لها إلا نصف الصداق فهلا قالوا: إنه فر بنصف صداقها فيقضوا لها بجميعه كما قال الحسن وهلا قالوا فيمن قال لأمرأته: إن دخلت دار زيد فأنت طالق ثلاثا، وهو صحيح فاعتلت هي فأمرت من حملها فدخلت دار زيد وقالت: إنما أفعل هذا لئلا يرثني فهذه فارة بميراثها، فهلا ورثوه منها بعلة الفرار ولكنهم لا يتمسكون بنص، ولا بقياس، ولا بعلة. وعجب آخر وهو أنهم قالوا: إن صح لم ترثه فجعلوه ينتفع بفراره من كتاب الله عز وجل إن صح وهذا تلاعب، ولم يأت قط عن أحد من الصحابة أنه إن صح لم ترثه إلا عن أبي وحده. وقد خالفه المالكيون في قوله: إلا أن تتزوج. وخالفه الحنفيون في توريثها منه بعد العدة والقوم متلاعبون بلا شك.
وقال بعضهم: لما كان المرض يحدث لصاحبه أحكاما لم تكن له في الصحة فيمنع من أكثر من ثلث ماله في الصدقة، والعتق، والهبة، وكان الطلاق كذلك .
فقلنا: هذا احتجاج للخطأ بالخطأ، وما وجب قط منع المريض من جميع ماله، بل هو كالصحيح سواء سواء، وحتى لو كان ما قلتم فمن أين وجب أن يكون الطلاق مقيسا على ذلك، وما نعلم دليلا على ذلك لا من نص، ولا من إجماع، ولا من قول متقدم، ولا من معقول، ولا دعوى كاذبة فبطل هذا أيضا بيقين، ولا يعجز أحد عن أن يدعي ما شاء. وقد تكلمنا على هذا في " كتاب الهبات " من ديواننا هذا فأغنى عن إعادته. وقالوا: هذا قول جمهور الصحابة، رضي الله عنهم.
فقلنا: كذب من قال هذا، أشنع كذب، إنما جاءت في ذلك روايات مختلفة متناقضة عن خمسة من الصحابة فقط: عمر، وعثمان، وعلي، وعائشة أم المؤمنين، وأبي بن كعب. أما الرواية عن علي فساقطة مفضوحة، ولم تصح قط، لأنها، عن ابن وهب وعن رجال من أهل العلم عن علي، ثم ليس عنه إلا المطلقة في المرض ترث ونحن نقول: إنها ترث ما لم تكن مبتوتة، وليس فيه: أنها ترث في العدة دون ما بعد العدة، ولا أنها ترث إلا أن يصح فهي رواية على سقوطها غير موافقة لتحكم الحنفيين، والمالكيين، فكيف وقد أوردنا عن علي مثلها: لا ترث مبتوتة. وأوردنا عنه: أنه ورث المرأة التي طلقها عثمان وهو محصور وهم كلهم لا يقولون بهذا. والرواية عن عائشة أم المؤمنين لا تصح، لأن سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من هشام بن عروة شيئا قط، فلا ندري عمن أخذه، وهو مخالف لقول المالكيين، فهو عليهم لا لهم فسقطت هذه الرواية. والرواية عن أبي ساقطة لا تصح، لأنها من طريق شيخ من قريش لا يدرى من هو ثم هي مخالفة للحنفيين، والمالكيين جميعا، لأن فيها: إلا أن تتزوج فبطل تعلقهم بما هم أول مخالفين له. الرواية عن عمر منقطعة، لأنها عن إبراهيم عن عمر، وفي بعض رواياتي، عن ابن عمر وهو وهم وكلاهما غير متصلة، لأن إبراهيم لم يسمع قط من عمر، ولا من ابن عمر كلمة، وإنما تصح من الطريق التي أوردنا عن إبراهيم عن شريح مع أن كل ما روي في ذلك عن عمر مخالف للمالكيين، لأنها كلها، لا ترث إلا في العدة فليس للحنفيين غير هذه الرواية وحدها. وكم قصة خالفوا فيها الطائفة من الصحابة لا يعرف لهم فيها مخالف، كقول عمر في امرأة المفقود وغير ذلك. نعم، وفي هذه الرواية نفسها، لأن فيها: كان فيما جاء به عروة البارقي إلى شريح من عند عمر بن الخطاب: أن جروح الرجال والنساء سواء إلا الموضحة [ والسنن فيما جاء ] فعلى النصف. وإذا طلق امرأته ثلاثا ورثته ما دامت في العدة. ومن الباطل أن يكون بعض كتاب عمر حجة وبعضه ليس بحجة، لأنهم كلهم لا يقولون بهذا. وقد أوردنا عن عمر بأصح طريق، أنه قال لغيلان بن سلمة وقد طلق نساءه وهو صحيح: لئن مت لاورثنهن منك وهم لا يقولون بهذا، فكيف وقد صح خلاف عمر في هذا، عن ابن الزبير وعبد الله بن عوف أخي عبد الرحمن بن عوف وله صحبة.
وروي عن علي مثل قولنا، وعن عبد الرحمن بن عوف.
وأما الرواية عن عثمان فقد ذكرنا أنه لم يره طلاقا، وأنه أمره بمراجعتها وهذا خلاف للطائفتين معا. ثم اضطربت رواية الثقات عنه: فروى عنه عبد الله بن الزبير، وحماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير: أنه لم يورثها إلا في العدة.
وكذلك روى أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سلمة وروى عروة بن الزبير، ومحمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة، وطلحة بن عبد الله بن عوف، وهشيم عن عمر بن أبي سلمة عن أبي سلمة، وابن المسيب: أنه ورثها منه بعد العدة فإحدى الروايتين مخالفة للحنفيين، ولا شك في أن إحداهما وهم، لا ندري أيتهما هي، ولا يجوز الحكم بقضية قد صح الوهم فيها، فلا يدرى كيف وقعت وقد روينا عن عثمان: أن زيدا طلق امرأته وبه فالج فعاش سنتين ثم مات فورثها منه وهم لا يختلفون في أن المفلوج لا يرثه بذلك المرض من طلقها فيه فسقط تعلقهم بعثمان. والعجب أن الحنفيين يقولون: إنها إن سألته الطلاق في مرضه فطلقها: أنها لا ترثه، والثابت عن عبد الرحمن أنه لم يطلقها إلا بعد أن سألته الطلاق حتى غضب، فخالفوا عثمان في ذلك. فلم يبق لهم من الصحابة، رضي الله عنهم، متعلق.
فإن قيل: قد رويتم عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن الحسين بن علي طلق امرأته وهو مريض فورثته.
قلنا: هذه رواية لا حجة فيها أول ذلك: أنها منكرة، لأن فيها: أن الحسين طلق امرأته وهو مريض فورثته، والحسين رضي الله عنه لم يمت حتف أنفه، إنما مات مقتولا.
فصح أنه قد كان صح من ذلك المرض فهذا مخالف للطائفتين. ثم هي منقطعة، لأن محمد بن علي بن الحسين لم يدرك الحسين، ولا الحسن. ثم ليس فيه: من هو المورث لها، ولا أن الحسين أخبر أنها ترثه.
وقال بعضهم: قد رويتم أن عثمان قال لعبد الرحمن: لئن مت لاورثنها منك فقال عبد الرحمن: لقد علمت. قالوا: فدل ذلك على موافقته لعثمان في ذلك .
فقلنا: كلا، ما دل ذلك قط على موافقته لعثمان في ذلك، بل إنما فيه مما لا يحتمل سواه: قد علمت ما أعلمني به أنه من رأيك فبطل كل ما شغبوا به عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم، في ذلك والحمد لله رب العالمين. واعترض بعضهم على الرواية الثابتة، عن ابن الزبير: أنه لا ترث مبتوتة بما حدثناه سعيد بن عبد البر البلنسي قال: حدثنا عبد الله بن أبي زيد المالكي، حدثنا ابن عثمان، حدثنا محمد بن أحمد بن الجهم، حدثنا محمد بن شاذان، حدثنا معلى بن منصور نا هشيم عن الحجاج بن أرطاة، عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير قال: طلق ابن عوف امرأته الكلبية وهو مريض ثلاثا فمات ابن عوف فورثها منه عثمان، قال ابن الزبير: لولا أن عثمان ورثها لم أر لمطلقة ميراثا.
قال أبو محمد: الحجاج بن أرطاة هالك ساقط، ولا يعترض بروايته على رواية الإمام المشهور ابن جريج، عن ابن أبي مليكة إلا جاهل، أو مجاهر بالباطل مجادل به ليدحض به الحق، وهيهات له من ذلك، وما يزيد من فعل هذا على أن يبدي عن عواره وجهله أو قلة ورعه ونعوذ بالله من الضلال. فبطل كل ما موهوا به في هذه المسألة وصح أنها خطأ محض وصح أن المبتوتة في المرض، أو المطلقة فيه، لم يطأها لا ميراث لهما أصلا.
وكذلك المطلقة طلاقا رجعيا في المرض إذا لم يراجعها حتى مات فلا ميراث لها وحتى لو أقر علانية أنه إنما فعل ذلك لئلا ترثه، ولا حرج عليه في ذلك، لأنه فعل ما أبيح له من الطلاق الذي قطع الله تعالى به الموارثة بينهما، وقطع به حكم الزوجية بينهما.
وكذلك إن طلق وهو موقوف للقتل في حق أو باطل أو للرجم في زنى، ولا فرق، لأنه لم يأت نص قط بين طلاق هؤلاء وبين غيرهم بفرق. ولا يجوز أن يرث بالزوجية إلا زوجة، أو زوج ترثه حيث يرثها، ولا فرق، ولا يرث بالبنوة، إلا ابن أو ابنة، ولا يرث بالأبوة إلا أب، ولا يرث بالأمومة إلا أم، ولا فرق بين شيء من ذلك. والمفرق بين ذلك مؤكل مالا بالباطل، ومن صح عنه أنه قضى بذلك من الصحابة، رضي الله عنهم، فمأجور بكل حال من خطأ أو صواب، وإنما الشأن فيمن قلد بعض ما اجتهدوا فيه، وخالفهم في بعضه تحكما في الدين بالهوى والباطل وبالله تعالى التوفيق.