→ بقية كتاب النكاح (مسألة 1904 - 1907) | ابن حزم - المحلى بقية كتاب النكاح (مسألة 1908 - 1910) ابن حزم |
بقية كتاب النكاح (مسألة 1911 - 1918) ← |
بقية كتاب النكاح
أحكام الوطء وآدابه
1908 - مسألة: وجائز للرجل أن يطأ جميع زوجاته وإمائه في فور واحد، فإن تطهر بين كل اثنتين فهو أحسن، وإن لم يغتسل إلا في آخرهن فحسن، لا كراهة في ذلك
روينا من طريق أحمد بن شعيب، حدثنا محمد بن منصور، حدثنا سفيان، هو ابن عيينة عن معمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ: كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة ثم يغتسل مرة.
قال أبو محمد: الإماء من نساء الرجل، قال الله عز وجل: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}. أخبرنا أحمد بن محمد بن الجسور، حدثنا وهب بن مسرة، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن فلان بن أبي رافع عن عمته سلمى بنت أبي رافع عن أبي رافع أن رسول الله ﷺ طاف على نسائه في ليلة واحدة فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلا، قال فقلت له: يا رسول الله، لو اغتسلت غسلا واحدا قال: هذا أطهر وأطيب، أو قال: وأنظف ".
قال علي: ولو لم يأت هذا الخبر لكان الغسل بين كل اثنتين منهن حسنا، لأنه لم يأت عن ذلك نهي وبالله تعالى التوفيق.
1909 - مسألة: ولا يحل الوطء في الدبر أصلا، لا في امرأة، ولا في غيرها أما ما عدا النساء، فإجماع متيقن.
وأما في النساء ففيه اختلاف اختلف فيه، عن ابن عمر، وعن نافع كما روينا من طريق أحمد بن شعيب أرنا الربيع بن سليمان بن داود، حدثنا أصبغ بن الفرج ثنا عبد الرحمن بن القاسم، قال: قلت لمالك: إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري فنحمض لهن، قال: وما التحميض قال: نأتيهن في أدبارهن قال ابن عمر: أف أف أف، أو يعمل هذا مسلم فقال لي مالك: فأشهد على ربيعة لحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال: لا بأس به.
ومن طريق أحمد بن شعيب أخبرني علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن نفيل، حدثنا سعيد بن عيسى حدثني المفضل، حدثنا عبد الله بن سليمان عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره :، أنه قال لنافع مولى ابن عمر: قد أكثر عليك القول أنك تقول، عن ابن عمر أنه أفتى بأن تؤتى النساء في أدبارهن فقال نافع: لقد كذبوا علي وذكروا في ذلك أحاديث لو صحت لجاءنا ما ينسخها على ما نذكره إن شاء الله عز وجل واحتجوا بقول الله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لأن " أنى " في لغة العرب التي نزل بها القرآن إنما هي بمعنى " من أين " لا بمعنى: أين، فإذ ذلك كذلك فإنما معناه من أين شئتم "
قال الله عز وجل: {يا مريم أنى لك هذا} بمعنى: من أين لك هذا وقالوا: لو حرم من المرأة شيء لحرم جميعها.
قال أبو محمد: هذا كما قالوا لو لم يأت نص بتحريمه وقالوا: وطء المجموعة جائز وربما مال الذكر إلى الدبر.
قال علي: إذا لم يتمكن من وطء المجموعة إلا بالإيلاج في الدبر فوطؤها حرام
قال أبو محمد: فنظرنا في ذلك فوجدنا ما حدثناه أحمد بن محمد بن الجسور، وعبد الله بن ربيع، قال أحمد: نا وهب بن مسرة، حدثنا ابن وضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة؛ وقال عبد الله :، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا أحمد بن شعيب، حدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج، ثم اتفق الأشج، وابن أبي شيبة، قالا جميعا :، حدثنا أبو خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبر هذا لفظ ورواية عبد الله بن ربيع، ورواية أحمد " في دبرها " لم يختلفا في غير ذلك وبه إلى أحمد بن شعيب أنا محمد بن منصور، حدثنا سفيان هو الثوري حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه عن النبي ﷺ قال: إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن.
قال أبو محمد: وهذان خبران صحيحان تقوم الحجة بهما، ولو صح خبر في إباحة ذلك لكان هذان ناسخين له، لأن الأصل أن كل شيء مباح حتى يأتي تحريمه، فهذان الخبران وردا بما فصل الله تحريمه لنا وقد جاء تحريم ذلك عن أبي هريرة وعلي بن أبي طالب، وأبي الدرداء وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وطاووس، ومجاهد وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وسفيان الثوري، وغيرهم وما رويت إباحة ذلك عن أحد إلا، عن ابن عمر وحده باختلاف عنه، وعن نافع باختلاف عنه، وعن مالك باختلاف عنه فقط. وبالله تعالى التوفيق.
1910 - مسألة: ولا يحل لأحد أن يطأ امرأة حبلى من غيره، فإن فعل أدب، فإن كانت أمة له أعتق عليه ما ولدت من ذلك الحمل، ولا بد، ولا تعتق هيبذلك
برهان ذلك: ما روينا من طريق مسلم حدثني محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر غندر، حدثنا شعبة عن يزيد بن حميد قال: سمعت عبد الرحمن بن جبير يحدث عن أبيه جبير بن نفير عن أبي الدرداء أن النبي ﷺ أتي بامرأة مجح على باب فسطاط فقال له: يريد أن يلم بها فقالوا: نعم، فقال رسول الله ﷺ: لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له كيف يستخدمه وهو لا يحل له
قال أبو محمد: لا يصح في تحريم وطء الحامل خبر غير هذا، فإذا لم يحل له فقد حرم عليه ملكه، وإذ حرم عليه ملكه، فهو حرام، إذ ليس إلا مملوك أو حر.
وأما تأديب من فعل ذلك فلأنه أتى منكرا وبالله تعالى التوفيق.