الرئيسيةبحث

الروضة الندية شرح الدرر البهية/كتاب الصلاة/باب صلاة الكسوفين


باب صلاة الكسوفين


وهي صلاة الآيات وهي سنة قال الماتن في شرحه : أي لعدم ورود ما يفيد الوجوب ، ومجرد الفعل لا يفيد زيادة على كون المفعول مسنوناً انتهى . وزاد في السيل الجرار : إعلم أنه قد إجتمع ههنا في صلاة الكسوف الفعل والقول . ومن ذلك قوله (ﷺ) إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وأنهما لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما كذلك فافزعوا إلى المساجد وفي رواية فصلوا وادعوا والظاهر الوجوب . فإن صح ما قيل من وقوع الإجماع على عدم الوجوب كان صارفاً وإلا فلا انتهى . قال في الحجة البالغة : قد صح عن النبي (ﷺ) أنه صلاها جماعة ، وأمر أن ينادي بها أن الصلاة جامعة ، وجهر بالقراءة ، فمن اتبع فقد أحسن ، ومن صلى صلاة معتداً بها في الشرع فقد عمل بقوله (ﷺ)  : فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا انتهى . ورجح ابن القيم الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف لحديث عائشة صحيح البخاري أن رسول الله (ﷺ) قرأ قراءة طويلة يجهر بها في صلاة الكسوف وأما قول سمرة صلى بنا رسول الله (ﷺ) في كسوف ولم نسمع له صوتاً فقال البخاري : حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة .

وأصح ما ورد في صفتها ركعتان في كل ركعة ركوعان لثبوت ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة وابن عمر وابن عباس .

وورد ثلاثة ركوعات في ركعة ، فثبت ذلك من حديث جابر عند مسلم وغيره ، ومن حديث ابن عباس عند الترمذي وصححه ، ومن حديث عائشة عند أحمد والنسائي .

و ورد أربعة في كل ركعة ، لما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث ابن عباس .

و ورد خمسة ركوعات في كل ركعة ، أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي من حديث أبي بن كعب . قال ابن القيم : السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في صلاة الكسوف ، تكرار الركوع في كل ركعة لحديث عائشة وابن عباس وجابر وأبي بن كعب وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري كلهم روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تكرار الركوع في الركعة الواحدة ، والذي رووا تكرار الركوع أكثر عدداً وأجل وأخص برسول الله (ﷺ) من الذين لم يذكروه انتهى .

يقرأ بين كل ركوعين وورد في كل ركعة ركوع فقط في صحيح مسلم من حديث سمرة . وأخرجه أبو داود وأحمد والنسائي والحاكم وصححه ابن عبد البر والحاكم من حديث النعمان بن بشير . وأخرجه أبو داود والنسائي والحاكم من حديث قبيصة . قلت : وأجاب ابن القيم عن هذه الروايات من ثلاثة أوجه : أحدها : أن أحاديث تكرار الركوع ، أصح إسناداً وأسلم من العلة والاضطراب ، ولا سيما حديث عبد الله بن عمر الذي في الصحيحين ، وهذا أصح وأصرح من حديث كل ركعة بركوع ، فلم يبق إلا حديث سمرة ونعمان وليس منما شئ في الصحيح . والثاني : أن رواتها من الصحابة أكبر وأكثر وأحفظ وأجل من سمرة ونعمان بن بشير فلا ترد روايتهم بها . والثالث : أنها متضمنة لزيادة صح الأخذ بها انتهى .

وأقول : قد رويت هذه الصلاة من فعله صلى الله تعالى عليه وسلم على أنواع : ركعتين كسائر الصلوات في كل ركعة ركوع واحد ، وركوعين في كل ركعة ، وثلاثة وأربعة وخمسة كما تقدم ، والكل سنة أيها فعل المكلف فقد فعل ما شرع له ، وإختيار الأصح منها على الصحيح هو دأب الراغبين في الفضائل العارفين بكيفية الدلائل ، وقد أورد على هذه الروايات المنسوبة إلى فعله صلى الله تعالى عليه وسلم أشكال هو : أنه لم يصلها صلى الله تعالى عليه وسلم غير مرة واحدة ، فكيف تشعبت الروايات إلى هذه الصفات ؟ وقد أجيب عن ذلك بأجوبة ذكرها الماتن رح في شرح المنتقى . وقد ثبت الجهر بالقراءة وثبت ذلك الأسرار والجهر أصح . والقيام بهذه السنة جماعة أفضل ، وليست الجماعة شرطاً فيها لما في الأحاديث الصحيحة بلفظ فصلوا ولما في حديث قبيصة الهلالي يرفعه أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : إذا رأيتم ذلك فصلوها كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة أخرجه أحمد والنسائي .

وندب الدعاء والتكبير والتصدق والإستغفار لحديث أسماء فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وصلوا وهو في الصحيحين ، وفي حديث أبي موسى بلفظ فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه وإستغفاره وهو في الصحيحين أيضاً ، وفي حديث المغيرة فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى تنجلي وهو أيضاً في الصحيحين .