→ فصل فيمن لا تجب عليه الصلاة | الروضة الندية شرح الدرر البهية - كتاب الصلاة باب صلاة التطوع صديق حسن خان القنوجي |
باب صلاة الجماعة ← |
هي أربع قبل الظهر وأربع بعده وأربع قبل العصر لما ثبت في ذلك من حديث أم حبيبة قالت : سمعت رسول الله (ﷺ) يقول من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعاً بعدها حرمه الله على النار رواه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن حبان . قال في سفر السعادة : وكان يفصل بين هذه الأربع بتسليمتين . قال أمير المؤمنين على : كان النبي (ﷺ) يصلي قبل الظهر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن معهم من المسلمين والمؤمنين رواه أحمد والترمذي محسناً ا هـ . وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عمر أن النبي (ﷺ) قال : رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان وابن خزيمة .
وركعتان بعد المغرب قال في سفر السعادة : وفي سنة المغرب سنتان : إحداهما أن لا يتكلم بينهما وبين الفريضة لما في الحديث من صلى ركعتين بعد الغرب قال مكحول : يعني قبل أن يتكلم رفعت صلاته في عليين ، الثانية أن تكون في البيت دخل رسول الله (ﷺ) مسجد بني الأشهل وصلى المغرب ، فلما فرغ رأى أهل المسجد اشتغلوا بصلاة السنة فقال : هذه صلاة البيوت وفي لفظ ابن ماجة اركعوا هاتين في بيوتكم . حاصله : أن عادة حضرة سيدنا رسول الله (ﷺ) أنه كان يصلي جميع السنن في بيته إلا أن يكون بسبب ، وكان يقول : أيها الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة ا هـ . وقال أيضاً : وكان الصحابة يصلون قبل المغرب ركعتين ولم يمنعهم (ﷺ) من ذلك ، وثبت في الصحيحين أنه (ﷺ) قال : صلوا قبل المغرب وقال في الثالثة : لمن شاء كراهة أن يتخدها الناس سنة ، فصلاتها مندوبة مستحبة ، لكن لا تبلغ درجة الرواتب ا هـ .
وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر قال : حفظت عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الغداة وأخرج نحوه مسلم في صحيحه وأحمد والترمذي وصححه من حديث عبد الله بن شقيق . وأخرج نحوه مسلم وأهل السنن من حديث أم حبيبة ، ولا ينافي هذا ما تقدم من الدليل الدال على مشروعية أربع قبل الظهر وأربع بعده ، لأن هذه زيادة مقبولة . وثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لم يكن على شئ من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر وثبت في صحيح مسلم وغيره من حديثها أن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها وفيهما أحاديث كثيرة . قال في سفر السعادة : وكان يحافظ على ركعتي الفجر بحيث أنه كان يواظب عليهما في السفر أيضاً ، ولم يرو أنه (ﷺ) صلى في السفر شيئاً من السنن الرواتب إلا سنة الفجر وصلاة الوتر . وللعلماء في أفضلية سنة الفجر وصلاة الوتر قولان : قال بعضهم : سنة الفجر آكد ، وقال بعضهم : بل الوتر ، وكما أن الوتر واجب عند البعض كذا سنة الفجر تجب عند البعض . وقال بعض المشايخ : سنة الفجر ابتداء العمل ، والوتر ختم العمل ، فلا جرم صرفنا العناية لشأنهما ، ولهذا السبب شرع فيهما قراءة سورة الإخلاص وسورة قل يا لاشتمالهما على توحيد العلم والعمل ، وتوحيد المعرفة والإرادة ، وتوحيد الاعتقاد والقصد كما بيناه في كتاب حاصل كورة الخلاص في فضائل سورة الاخلاص ا هـ .
وصلاة الضحى والأحاديث فيها متواترة عن جماعة من الصحابة وأقلها ركعتان ، كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما ، وأكثرها اثنتا عشرة ركعة كما دلت على ذلك الأدلة . وفي الحجة البالغة وللضحى ثلاث درجات أقلها ركعتان ، وفيها أنها تجزي عن الصدقات الواجبة على كل سلامي ابن آدم ، وثانيتها أربع ركعات وفيها عن الله تعالى : يا ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره . وثالثها ما زاد عليها كثماني ركعات وثنتي عشرة ، وأكمل أوقاته حين يرتحل النهار وترمض الفصال اهـ .
وصلاة الليل والأحاديث فيها صحيحة متواترة لا يتسع المقام لبسطها قال تعالى : إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا وقال (ﷺ) : صلوا بالليل والناس نيام وكانت العناية بصلاة التهجد أكثر ، فبين (ﷺ) فضائلها ، وضبط آدابها وأذكارها قال : عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وهو قربة لكم إلى ربكم ، مكفرة للسيئات ، منهاة عن الإثم وغير ذلك .
وأكثرها ثلاث عشرة ركعة وقد كان صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يصلي صلاة الليل على أنحاء مختلفة ، فتارة يصلي ركعتين ركعتين ثم يوتر بركعة ، وتارة يصلي أربعاً أربعاً ، وتارة يجمع بين زيادة على الأربع وذلك كله سنة ثابتة . قال في الحجة البالغة : صلاها النبي (ﷺ) على وجوه والكل سنة . قال في المنح قالت عائشة : ولا أعلم رسول الله (ﷺ) قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا قام ليلة حتى أصبح أ هـ .
يوتر في آخرها بركعة إما منفردة ، أو منضمة إلى شفع قبلها . قال ابن القيم : ووردت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بخمس متصلة وسبع متصلة ، كحديث أم سلمة كان رسول الله (ﷺ) يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بسلام ولا كلام رواه أحمد ، وكقول عائشة : كان رسول الله (ﷺ) يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس ، لا يجلس إلا في آخرهن متفق عليه ، وكحديث عائشة أنه يصلي من الليل تسع ركعات ، لا يجلس فيها إلا في الثامنة ، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد ، فتلك احدى عشرة ركعة ، فلما أسن رسول الله (ﷺ) وأخذه اللحم أوتر بسبع ، وصنع في الركعتين مثل صنيعه في الأول وفي لفظ عنها فلما أسن وأخذه اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة . ولم يسلم إلا في السابعة وفي لفظ صلى سبع ركعات لا يفعد إلا في آخرهن وكلها أحاديث صحاح صريحة لا معارض لها ، فردت بقوله (ﷺ) صلاة الليل مثنى مثنى وهو حديث صحيح ، ولكن الذي قاله هو الذي أوتر بالسبع والخمس ، وسنته كلها حق يصدق بعضها بعضاً ، فالنبي (ﷺ) أجاب السائل له عن صلاة الليل بلأنها مثنى مثنى ولم يسأله عن الوتر ، وأما السبع والخمس والتسع والواحدة فهي صلاة الوتر . والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها ، وللخمس والسبع والتسع المتصلة ، كالمغرب اسم للثلاث المتصلة ، فان انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالإحدى عشرة ، كان الوتر إسم الركعة المفصولة وحدها قال (ﷺ) : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة ، توتر له ما قد صلى فاتفق فعله (ﷺ) وقوله وصدق بعضه بعضاً أ هـ . والحق أن الوتر سنة ، هو أو كد السنن ، بينه علي وابن عمر وعبادة ابن الصامت ، وإليه ذهب أكثر العلماء ، إلا أبا حنيفة خاصة ، فإنه واجب على الصحيح عنده ، وثلاث ركعات لا يزيد ولا ينقص . قال في المسوى : وأقل الوتر ركعة في قول أكثرهم ، وأكثره احدى عشرة ، أو ثلاث عشرة ، وأدنى الكمال ثلاث ، وما زاد فهو أفضل ا هـ . وكان النبي (ﷺ) إذا صلاها ثلاثاً يقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون ، وفي الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين .
أقول : دلت الأخبار على أن وقت الوتر بعد الفراغ من العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر ، وهذا هو عين ما افتى به أبو موسى ، وفتواه هي الثابتة عن رسول الله (ﷺ) ، أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى وسلم عليه : أوتروا قبل أن تصبحوا وأخرج ابن حبان عنه (ﷺ) أنه قال : إذا طلع الفجر ، فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر ، فأوتروا قبل طلوع الفجر والأحاديث في الباب كثيرة ، والأحاديث الثابتة في ايتاره (ﷺ) بركعة أكثر من أن تحصى ، فهي صالحة لتخصيص ما هو من العمومات في أعلى طبقة ، فكيف بما لا صحة له قط ؟ وحديث البتيراء لم يصح ، والذي ينبغي التعويل عليه في دفع الوجوب الأحاديث المصرحة بأن الوتر غير واجب ، والوتر عبادة عن آخر صلاة الليل . وقد ثبت في ذلك صفات متعددة بأحاديث صحيحة كما تقدمت الإشارة إلى ذلك .
والحاصل : أن لصلاة الليل باعتبار وترها ثلاث عشرة صفة كما ذكر ذلك ابن حزم في المحلى ، فالقول بأن الوتر ثلاث ركعات فقط لا يجوز أن يكون الايتار بغيرها ضيق عطن ، وقصور باع ، ولمثل هذا صار أكثر فقهاء العصر لا يعرفون الوتر إلا بأنها ثلاث ركعات بعد صلاة العشاء ، حتى أن كثيراً منهم يكون له قيام في الليل وتهجد ، فتراه يصلي الركعات المتعددة ويظن أن الوتر شئ قد فعله ، وأنه لا تعلق له بهذه الصلاة التي يفعلها في الليل ، وهو لايدري أن الوتر هو ختام صلاة الليل ، وأنه لا صلاة بعده إلا الركعتان المعروفتان بسنة الفجر ، وكثيراً ما يقع الإنسان في الابتداع وهو يظن أنه في الاتباع ، والسبب عدم الشغل بالعلم وسؤال أهل الذكر . وأما ما روي عن الحسن البصري أنه قال : أجمع المسلمون على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن ، فإن أراد أن الإجماع وقع على هذا القدر ، وأنه لا يجوز الايتار بغيره ، فهو من البطلان بمكان لا يخفي على عارف ، فهذه الدفاتر الإسلامية الحاكية لمذاهب الصحابة الذين أدركهم الحسن البصري ولمذاهب التابعين الذين هو واحد منهم قاضية بخلاف هذه الحكاية ، وهي بين أيدينا ، وإن أراد أن هذه الصفة هي إحدى صفات الوتر فنحن نقول بموجب ذلك . فقد روي الايتار بثلاث ، ولكنه روي النهي عن الايتار بثلاث كما أوضح ذلك الماتن رح في شرح المنتقى ، فتعارضت رواية الثلاث ورواية النهي ، والعالم بكيفية الاستدلال لا يخفى عليه الصواب ، وقد تقدم أن حديث البتيراء لا أصل له ، على أن النسخ لا يتم ادعاؤه إلا بعد معرفة التاريخ ، لأن الناسخ لا يكون إلا متأخراً بإجماع المسلمين القائلين بثبوت أصل النسخ في هذه الشريعة المطهرة ، فدعوى النسخ بمجرد الاحتمال مجازفة عظيمة ولا سيما إذا كان المدعي لذلك لم يتعب نفسه في علوم السنة المطهرة .
وتحية المسجد لحديث إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين أخرجه الجماعة من حديث أبي قتادة ، وفي ذلك أحاديث كثيرة ، وقد وقع الاتفاق على مشروعية تحية المسجد ، وذهب أهل الظاهر إلى أنهما واجبتان وذلك غير بعيد ، وقد حقق الماتن المقام في شرح المنتقى وفي رسالة مستقلة .
و صلاة الإستخارة وفيها أحاديث كثيرة منها : حديث جابر عند البخاري وغيره بلفظ كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يعلمنا الإستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك ، واستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، أو قال عاجل أمري وآجله ، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، أو قال عاجل أمري وآجله ، فاصرفه عني واصرفني عنه وأقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به . قال : ويسمي حاجته قال في الحجة البالغة : وعندي أن إكثار الاستخارة في الأمور ترياق مجرب بتحصل شبه الملائكة ، وضبط النبي (ﷺ) آدابها ودعاءها ، فشرع ركعتين وعلم اللهم إني أستخيرك الخ ... ا هـ .
وركعتان بين كل أذان وإقامة لحديث بين كل أذانين صلاة قال ذلك ثلاث مرات ثم قال : لمن شاء وهو حديث صحيح، والمراد بالأذانين الأذان والإقامة تغليباً كالقمرين والعمرين .