→ باب صلاة الكسوفين | الروضة الندية شرح الدرر البهية - كتاب الصلاة باب صلاة الاستسقاء صديق حسن خان القنوجي |
كتاب الجنائز ← |
قال في الحجة : وقد استسقى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لأمته مرات على أنحاء كثيرة ، لكن الوجه الذي سنه لأمته أن خرج بالناس إلى المصلى متبذلاً متواضعاً متخشعاً متضرعاً فصلى لهم ركعتين جهر بهم فيهما بالقراءة ثم خطب واستقبل فيها القبلة يدعو ورفع يديه وحول رداءه انتهى .
وهذه الصلاة مسنونة تسن عند الجدب لعد ورود ما يدل على الوجوب . ركعتان بعدهما خطبة لكونه (ﷺ) خرج حين بدأ حاجب الشمس فقعد على المنبر الحديث بطوله وفيه الدعاء وتحويل الرداء وهو في سنن أبي داود ، وأخرجه أبو عوانة وابن حبان والحاكم وصححه ابن السكن . وأخرج أحمد وابن ماجة وغيرهما من حديث أبي هريرة قال : خرج النبي (ﷺ) يوماً يستسقي فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ، ثم خطبنا ودعا الله عز وجل وحول وجهه نحو القبلة رافعاً يديه ، ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن وفي الباب أحاديث بمعنى ما ذكر ، وهي متضمنة للدعاء برفع الجدب وبنزول المطر وتحويل الأردية من الإمام وغيره . وروى سعيد بن منصور في سننه أن عمر استسقى فلم يزد على الإستغفار قال أبو حنيفة : لا تسن الصلاة في الإستسقاء . وقال الشافعي : ثبت من حديث عبد الله بن زيد وابن عباس أنه (ﷺ) صلى ، وروي ذلك من حديث جعفر بن محمد عن البني (ﷺ) وأبي بكر وعمر . قال في إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء : الأوجه عندي أن من دعا ولم يصل فقد أصاب أصل الإستسقاء ، وقد فعل ذلك النبي (ﷺ) وعمر ، ومن صلى ودعا فقد أصاب الأكمل الأفضل ، فإن الدعاء أرجى في حرمة الصلاة . وقد ثبت عن النبي (ﷺ) وعمر انتهى . وقد كان (ﷺ) يرفع يديه في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه ، وكان الصحابة فمن بعدهم يستسقون بأهل الصلاح ، ولا سيما من كان من قرابة النبي (ﷺ) كما فعل عمر، فإنه استسقى بالعباس رضي الله تعالى عنهما .
تتضمن الذكر والترغيب في الطاعة والزجر عن المعصية ويستكثر الإمام ومن معه من الإستغفار والدعاء برفع الجدب لأن روح هذه الصلاة وأساسها وعمادها الذي لا تقوم بدونه هو الإستكثار من الإستغفار قبلها وبعدها ، وإخلاص التوبة من الذنوب التي يقارفها الإنسان ، والخروج من التبعات والظلامات في الدماء والأموال والأعراض ، وذلك غير مختص بفرد من الأفراد بل يفعله كل أحد ، ويشرع للإمام أو من يقوم مقامه أن يخطب الناس ويذكرهم بما يفعلونه من الأسباب الموجبة للرحمة . وقد روي عنه (ﷺ) أنه خطب قبل الصلاة وخطب بعدها فالكل سنة . ومن جملة أدعيته (ﷺ) اللهم أغثنا اللهم أغثنا كما في الصحيحين من حديث أنس ، ومن أدعيته (ﷺ) اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً طبقاً غدقاً عاجلاً غير رائث وهذا لفظ ابن ماجة من حديث ابن عباس ، وهذه الألفاظ ثابتة من رواية غيره من الصحابة في غير سنن ابن ماجة . ومنها اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين وهو في سنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث عائشة . ومن دعائه اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت إلى غير ذلك .
ويحولون جميعاً أرديتهم لما روي في ذلك ما تقدم من جعل الأيمن أيسر والأيسر أيمن . وروي أنه قلبه ظهراً لبطن وحول الناس معه أخرجه أحمد من حديث عبد الله بن زيد وأصله في الصحيح