الرئيسيةبحث

جنوب إفريقيا، تاريخ ( South Africa, History of )



لتاريخ جنوب إفريقيا أصول في المستوطنات البشرية القديمة. أعقب ذلك فتوحات، ثم استعمار ثم نضال من أجل بنا أمة
جنوب إفريقيا، تاريخ. يعود تاريخ استيطان الإنسان في جنوب إفريقيا إلى آلاف السنين. وتعتبر المجموعات الناطقة باللغة الخويسانية السكان الأوائل لجنوب إفريقيا. ★ تَصَفح: الخويسان، شعب. وقد جاء الناطقون بلغة البانتو إلى المنطقة قبل حوالي ألفي سنة. أما الأوروبيون فقد جاءوا إليها لأول مرة في القرن الخامس عشر الميلادي واستقروا فيها نهائيًا خلال القرن السابع عشر. ويعود التاريخ المكتوب لجنوب إفريقيا إلى 500 سنة. وللتوصل إلى المعلومات المتعلقة بالتواريخ السابقة ينبغي قيام الباحثين بدراسة الروايات الشفوية وإجراء حفريات ودراسات في علم الإنسان.



تواريخ مهمة في جنوب إفريقيا

القرن الثاني الميلاديوصول المزارعين الناطقين بلغة البانتو من الشمال. ودخولهم إلى شرق البلاد وهم يشكلون أجداد السكان السود الحاليين في جنوب إفريقيا.
1652م وصول أول مستوطنين هولنديين إلى موقع مدينة كيب تاون.
1814ممنحت هولندا بريطانيا مستعمرة الكاب.
1836مترك البوير مستعمرة الكاب إلى ناتال، وولاية الأورانج الحرة، والترانسفال.
1852مأصبحت الترانسفال جمهورية للبوير.
1854مأصبحت ولاية الأورانج الحرة جمهورية للبوير.
1877م ضمت بريطانيا الترانسفال إلى مستعمراتها.
1879مهزمت بريطانيا مملكة الزولو.
1880-1881مهزم البوير الترانسفال بريطانيا في حرب البوير والإنجليز الأولى.
1899-1902مهزمت إنجلترا البوير في حرب البوير والإنجليز الثانية.
1910متأسيس اتحاد جنوب إفريقيا.
1912متأسيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي مناديًا بالمساواة مع البيض.
1931ممنحت بريطانيا جنوب إفريقيا الاستقلال التام، وأصبحت عضوًا في كومنولث الأمم.
1948م وصول الحزب الوطني إلى السلطة.
1961مأصبحت جنوب إفريقيا جمهورية وخرجت من كومنولث الأمم.
1984م بدأت احتجاجات السود ومعارضتهم الواسعة بسبب استبعادهم من الحكم.
1989م أصبح دي كليرك رئيسًا للدولة.
1990مإطلاق سراح زعيم السود نلسون مانديلا بعد أن مكث في السجن 28 سنة.
1991مإلغاء سياسة الفصل العنصري.
1994مإجراء انتخابات حرة، وفوز مانديلا أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا.
1996مأقرت جنوب إفريقيا دستورًا جديدًا تضمنت فصوله كثيرًا من مواد الحقوق.
1999مأصبح تابو مبيكي الرئيس الثاني بعد مانديلا الذي يتم انتخابه بطريقة ديمقراطية.

العهود القديمة:

وجد علماء الأحافير بقايا مخلوقات في تاونج وستيركفونتاين وسوارتكرانس وكرومدراي وفي مواقع أخرى وأماطوا اللثام عن بقايا أخرى. كذلك وجد العلماء بعض الأدوات التي يعود تاريخها إلى 2,3 مليون سنة ومخلفات لمخلوقات عاشت قبل مليون سنة.

شعوب الخويسان عاشت في جنوب إفريقيا آلاف السنين، وكان منها المواطنون الأوائل الذين تصدوا للأوروبيين. واشتغلوا في الجمع والصيد، أو رعاة لقطعان الحيوانات وسكنوا أكواخا بسيطة. القرية في الصورة أعلاها، رسمها فنان أوروبي، وهي مستوطنة للخويخيين (الهوتنتو
الخويسان. يعتقد بعض الخبراء أن هؤلاء هم أجداد إنسان العصر الحجري، وكان الخويسان يؤلفون السكان الوحيدين لجنوب إفريقيا قبل عشرة آلاف سنة. والسلالة المباشرة لهؤلاء هم جماعة سان في صحراء كلهاري الذين لا يزالون يتحدثون باللغة الخويسانية. وقبل نحو ألفي عام كان بعض السكان المنحدرين من مجموعات العصر الحجري الساكنين في المنطقة المسماة بوتسوانا حاليًا قد أصبحوا رعاة ماشية وأغنام. ونتيجة النمو السكاني وحاجتهم إلى المراعي فقد تحركوا نحو الجنوب وسموا أنفسهم الخويخون وسمى الأوروبيون بعد ذلك أهل الأدغال والخويخيين بالهوتنتوتيين.

تمتد جذور تاريخ إفريقيا الجنوبية إلى استيطان الإنسان القديم فيها، ثم عهود الإخضاع والاستعمار والكفاح في سبيل بناء وطن حديث.

الشعوب الإفريقية. بدأ الإفريقيون خلال القرن الثاني الميلادي استخدام أساليب الزراعة المختلطة، وتحركوا نحو جنوب إفريقيا آتين من الشمال الشرقي واستقروا في حزام الساحل الشرقي والترانسفال الشرقية. وكان هؤلاء على الأغلب من المتحدثين بلغة البانتو، وظلوا يزرعون الدُّخُن والذرة والفاصوليا والدباء والفول، كما اشتغلوا في تعدين الحديد وصنعوا منه الأدوات والأسلحة، وصنعوا الحلي من معدن النحاس. واقتصر الاستيطان الإفريقي على الأقاليم الصالحة للرعي في الترانسفال والساحل الشرقي.

التوسع الإفريقي. حدث تبدل في القرن الحادي عشر الميلادي في صنع الخزف وفي العمارة وفي أساليب الاستيطان. ويُرجع الباحثون أسباب ذلك إلى وصول موجات بشرية جديدة من الناطقين بلغة البانتو من الشمال. وأدى ذلك إلى نمو سريع للسكان وازدياد أعداد المستوطنات.

كانت المستوطنات في الشرق صغيرة وتستوعب كل منها حوالي 60 شخصًا، بينما وصل عدد سكان المستوطنات الغربية إلى 10 آلاف شخص. وقد استخدم هؤلاء كميات كبيرة من الحجارة في بناء منازلهم بينما كانت المباني الحجرية في الشرق نادرة.

السفن الهولندية استُدْعيت إلى مستوطنة تيبل بي لحمل إمدادات الأطعمة الطازجة والماء.
فان ريبيك وملاّحوه وصلوا الكاب عام 1652م لأنشاء محطة للإمداد. رسم الصورة أعلاه، سي. دي. بيل عام 1850م.

استيطان البيض في جنوب إفريقيا:

بدأ اهتمام البيض بجنوب إفريقيا في القرن الخامس عشر الميلادي، وقام البرتغاليون باستكشاف السواحل الإفريقية بحثًا عن الذهب وإيجاد طريق بحري إلى الهند. وفي عام 1488م عصفت الأعاصير بسفن المكتشف دياز فسار باتجاه الساحل الشرقي إلا أن البحارة أجبروه على العودة. وبعد عشر سنوات وصل المكتشف فاسكو دا جاما حيث استطاع الإبحار باتجاه الهند عن طريق رأس الرجاء الصالح.

وقد أظهر البرتغاليون اهتمامًا قليلاً بجنوب إفريقيا لأنهم لم يعثروا على معادن ثمينة أو بضائع للاتجار بها، ووجدوا المناخ غير ملائم وسكان البلاد غير ودودين. وفي القرن السادس عشر بدأ الإنجليز بتسيير رحلات تجارية إلى المنطقة، إذ قام المكتشف الإنجليزي دريك بالإبحار حول العالم ومرّ من منطقة الكاب عام 1580م. أما الهولنديون فقد وصلوا إلى البلاد بعد الضعف الذي أصاب البرتغاليين.

استيطان الهولنديين. كان للهولنديين سوق تجارية رائجة بين البرتغال وسائر أنحاء أوروبا، غير أنهم أجبروا على الاتجاه نحو الشرق على إثر احتلال الأسبانيين للبرتغال سنة 1580م وإقفال الموانئ البرتغالية في وجه الهولنديين. وقام الإنجليز بتأسيس شركات هندية شرقية سنة 1601م وفعل الهولنديون الشيء نفسه سنة 1602م لممارسة التجارة مع قارة آسيا.

ورغم أن خليج رأس الرجاء الصالح لم تكن له قيمة تجارية للأوروبيين فإنه كان مفيدًا لهم ؛ فقد اتخذوه قاعدة لتزويد السفن بالماء الصالح للشرب واللحوم التي كانوا يحصلون عليها من الخويخيين باستبدالها بالبضائع الأوروبية، وقد حاول اثنان من قادة السفن إلحاق خليج الكاب، بإنجلترا سنة 1620م إلا أن ذلك لم يحظ بدعم الحكومة الإنجليزية.

قرَّر الهولنديون في عام 1652م إنشاء مستوطنة في الكاب، وأرسلت شركة الهند الشرقية الهولندية مجموعة من الأشخاص لإنشاء محطة خاصة بتزويد السفن بالطعام والمياه. وكان الغرض من إنشاء هذه المستوطنة في تلك المنطقة في كيب تاون في ذلك الوقت تأسيس قاعدة للتجهيزات. ★ تَصَفح: فان ريبيك، جان.

الهوغونوتيون البروتستانت الفرنسيون استقروا لأول مرة في الكاب عام 1688م ـ النصب التذكاري أعلاه في فرانسشويك لإحياء ذكراهم.
التريكبويريون كانوا شبه رُحَّل، يرعون حيواناتهم ويزرعون لفترة قصيرة قبل الرحيل.
المستعمرون البريطانيون وصلوا عام 1820م لزراعة زورفيلد (ألباني) حاليا، بالقرب من نهر الأسماك الكبير.
ثم تغيرت الخطط بسرعة، فعندما وجد ريبيك أن القوى العاملة الموجودة غير كافية سمح باستيراد المستعبدين فجيئ بالكثيرين منهم من الهند وإندونيسيا، وجاء بعضهم من إفريقيا، ووفر ذلك لهم عمالاً مهرة وغير مهرة، وقررت الشركة السماح لمستخدميها القدماء بأن يصبحوا مواطنين أحرارًا ليستقروا في المزارع ويشتغلوا فيها لأنفسهم. وقد تم تسريح الأوائل من هؤلاء سنة 1657م لكي يشتغلوا بالزراعة على امتداد نهر لايسبيك. وقد شكل هؤلاء أول مجموعة من فلاحي البوير، وزاد عددهم بعد أن التحق بهم الكثيرون من الخدم الذين جاءوا من هولندا وألمانيا. وفي سنة 1688م التحق بهم الهوغونوتيون الذين كانوا قد فرّوا إلى هولندا هربًا من المحاكمات الدينية التي كانت تجري في فرنسا، وقد استقر هؤلاء في الكاب.

رد فعل الخويخيين. إن الهزيمة الحقيقية التي أصابت الخويخيين كانت نتيجة لتفسخ مجتمعهم ؛ إذ كانوا يقومون ببيع اللحوم المتوافرة لديهم مقابل بعض البضائع كالنحاس والمشروبات والتبغ. وقد عاد بعضهم ممن باعوا جميع ماشيتهم إلى حياة الصيد أو العمل خدمًا لدى الهولنديين، وزاد ضعفهم بعدما نُكبوا بإصابتهم بوباء الجدري سنة 1713م، غير أن صيادي الخويسان استمروا في مقاومة توسع البيض طوال القرن الثامن عشر الميلادي.

توسَّع البيض. كان توسع البيض سريعًا ودون ضابط خلال القرن الثامن عشر. وفي عام 1795م بلغوا مسافة 500كم شمال كيب تاون، و800كم شرقًا. ومن بين 60 ألفًا كانوا يعيشون في المستعمرة، بلغ عدد البيض نحو 20 ألفًا.

الاحتلال البريطاني. خلال الحروب النابليونية في أوروبا، احتل نابليون هولندا، واحتل الإنجليز الكاب عام 1795م كي يمنعوا الفرنسيين من السيطرة عليها، وفي عام 1802م عادت الكاب لهولندا، لكن في عام 1814م تم الاعتراف بسيطرة بريطانيا نهائيًا على الكاب.

وأسس البريطانيون حكومة للتغلب على مشكلات الحدود، حيث عقدت اتفاقيات مع المناطق المجاورة.

ودارت حروب بين حكومة الإنجليز والقبائل الإفريقية، وانتهت لصالح الإنجليز، ثم سادت فترة سلام في المنطقة، وقدم نحو 5,000 بريطاني واستقروا عام 1820م، بالإضافة إلى الهولنديين الأوائل.


الفورتريكرز من البوير الذين بدأوا الهجرة الكبرى من الكاب إلى داخل البلاد بحثًا عن أراض جديدة بغية الاستقلال بأنفسهم. وقد سافروا مسافات طويلة مصطحبين أسرهم، وحيواناتهم وخدمهم عبر مناطق صعبة في مَرْكبات تجرها الثيران.

الاضطرابات الداخلية:

انتشرت في بداية القرن التاسع عشر الميلادي الصراعات والقلاقل ليس فقط في مناطق الحدود بين المستعمرات، ولكن في مناطق أخرى. فقد ساعدت المنافسة على التجارة والموارد على إذكاء نار الحرب بين القبائل. ونتيجة لهذه الحروب هاجر كثير من السكان إلى الأحراش الداخلية وأدت الهجرة إلى انتشار الصراعات بين السوتو والتسوانا المقيمين في هذه المنطقة. في هذه الأثناء ظهر ملك الزولو شاكا الذي أسس حكمًا عسكريًا مركزيًا، وقضى على عدد من قبائل السوتو والتسوانا الصغيرة. غير أن موشوشو استطاع تكوين أمة جديدة من السوتو والتسوانا في المناطق الجبلية التي تعرف الآن بليسوتو.


موشوشو (أعلاه) الزعيم الأكبر للسوتو ـ (باسوتو). كان قائدًا عسكريًا محنكًا ودبلوماسيا فطنا. كان الثابا بوسيك (حاليًا في ليسوتو) (على اليمين) حصناً طبيعياً منيعًا وكبيرًا لقبيلة السوتو اختاره موشوشو.
الهجرة الجماعية كانت الوسيلة التي احتل بها البوير أراضي جنوب إفريقيا. وكانت نهج حياة بالنسبة لبعض الأسر.

احتلال البيض للمناطق الداخلية:

استاء كثير من البوير من الحكم البريطاني عندما جعل الإنجليزية اللغة الرسمية عام 1828م، كما ألغت بريطانيا تجارة الرقيق بحلول عام 1834م، الأمر الذي جعل البوير (10,000) يهاجرون في الفترة 1836 ـ 1838م ليؤسسوا مستعمرة الكاب. وقد عُرفت هذه الهجرة بالرحلة العظمى التي توجهت إلى داخل البلاد. وأدى توغل البوير إلى إجبار القبائل الإفريقية على التخلي عن أراضيها.

الاستيطان في ناتال. في عام 1837م، أسس المهاجرون البوير حكومتهم في ناتال برئاسة قائدهم بيت ريتيف. وقد قُتل قائد البوير هذا عندما كان يجري اتفاقًا مع ملك الزولو دنجين. فعندما هجم الزولو على البوير في ديسمبر 1838م، قُتِلَ حوالي 500 من البوير وخدمهم. لكن البوير بقيادة أندرياس بريتوريوس تمكنوا من هزيمة الزولو في معركة نهر الدم. وأرسلت بريطانيا جيوشها إلى ناتال عام 1842م، وبعد مقاومة قصيرة، استسلم البوير، وقامت بريطانيا بضم ناتال إلى مستعمراتها عام 1843م.

ضم مستعمرة نهر الأورانج. اتجه معظم البوير بعد تركهم ناتال نحو الأحراش الداخلية، لكنَّ البريطانيين تتبعوا فلولهم، وتمكنت بريطانيا بعد إجراء اتفاقات مع زعماء الزولو، من كبح جماح البوير، وقامت بضم مستعمرة نهر الأورانج إلى مستعمراتها عام 1848م.

جمهوريات البوير:

بعد حربين مدمرتين على الحدود الشرقية عام 1846م وعام 1850م، قللت بريطانيا من فرض نفوذها على جنوب إفريقيا، حيث اعترفت في عام 1852م بجمهورية البوير في الترانسفال، وكذلك اعترفت عام 1854م بتغير مستعمرة نهر الأورانج إلى جمهورية الأورانج.

كان الوضع في منطقة الترانسفال بالغ التعقيد، وقد تأسست حكومة في عام 1857م، لكن الصراع ظل قائما بين السوتو والفلاحين.

عمال مناجم الماس هرعوا إلى كوليسبيرج كوبجي (كمبرلي) بعد اكتشاف الماس في عام 1871م. وخلال خمس سنوات أصبحت "الحفرة الكبرى".

العثور على المعادن:

كان للعثور على المعادن الثمينة أثر بارز في جنوب إفريقيا. في عام 1868م تم اكتشاف معدن الماس، وفي عام 1870م، وجدت منه خامات كبيرة. وفي 1873م عُثر على الذهب بكميات كبيرة.

ونتيجة لاكتشاف الماس والذهب، حدثت ثورة اقتصادية بعد عام 1870م، وتحول الاقتصاد من الزراعة إلى التعدين. كما رصدت أموال الاستثمارات في التعدين والخدمات من أرباح التعدين. وساعدت الأموال العائدة من هذه الأرباح في إحداث تنمية في شبكات المواصلات والاتصالات. وساعد الفحم الحجري على توفير الطاقة للسكك الحديدية اللازمة وأُنشئت المصانع لتوفير احتياجات السكان من الملابس والأدوات. وساعدت الثورة التعدينية في زيادة التحضر. ففي عام 1855م كان 30% من السكان البيض يعيشون في المدن، وارتفع الرقم إلى 50% عام 1911م. وظهرت مدن كبيرة على إثر ذلك حيث أُنشئت أسواق للبضائع والزراعة بها. وقد تأثرت الزراعة نتيجة ذلك وتراجعت، وهاجر بعض عمال المزارع باتجاه المدن.

التأثيرات على العمالة. أدَّى اكتشاف المعادن إلى زيادة الطلب على العمال، ولم يتمكن السوق من سد النقص في العمالة، واتخذت الحكومة خطوات نحو توفير الأيدي العاملة، وذلك بجلْبها من خارج جنوب إفريقيا ؛ من دول مثل موزمبيق والصين، أما لجذب العمالة من الداخل فقد سنَّت الحكومة قانون الأرض عام 1913م الذي حدّ من مِلكية السود للأراضي في محاولة لجذبهم إلى المدن ومناطق التعدين.

بول كروجر قائد بويري ذو حماس ديني، أصبح رئيسا لجمهورية جنوب إفريقيا عام 1883م.

ضم ممالك السود:

كانت قلة العمالة من الأسباب التي أدت إلى ضم ممالك السود ابتداءً من السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. وتسارعت عملية الضم نتيجة لضغط التجار والمنصّرين. وسعى المزارعون البيض والمضاربون في الأراضي إلى الحصول على الأراضي المملوكة للسود. وفكر البريطانيون في جعل جنوب إفريقيا ولايات متحدة. وبدأوا بضم أراضي السود جميعها وتم ذلك عام 1898م.

حروب البوير والإنجليز:

عقد البريطانيون العزم على بسط سلطاتهم على جمهوريتي البوير في ولاية الأورانج الحرة والترانسفال. ولكن المفاوضات لم تُسفر عن شيء. وقاوم البوير المساعي البريطانية. وعندما اكتُشف الذهب في الترانسفال عام 1886م، زاد ذلك من مقاومة البوير، ومن تصميم بريطانيا على ضم هذه الأراضي الغنية. ونشبت عدة حروب بين الإنجليز والبوير، وتمكنت بريطانيا من ضم الترانسفال وولاية الأورانج الحرة إلى مستعمراتها عام 1902م.

البريطانيون صمموا على السيطرة على ولايتي البوير الأورانج الحرة وترانسفال. وقد تمكن الجنود البريطانيون (إلى اليسار) بقيادة المارشال اللورد روبرتس من التغلب على أساليب عصابات البوير.
وكان من نتائج هزيمة البوير أمام البريطانيين أن اشتد العداء بينهما. كذلك أصيب السكان السود بخيبة أمل، إذ ظنوا أنهم سيحصلون على حقوقهم المدنية من البريطانيين بعد الحرب مع البوير، لكنَّ شيئًا من ذلك لم يحدث.

اتحاد جنوب إفريقيا:

منحت بريطانيا الترانسفال حكمًا ذاتيًا عام 1906م وولاية الأورانج الحرة عام 1907م خطوة أولى في اتجاه الاتحاد. وفي عام 1909م اجتمع ممثلو المستعمرات لصياغة دستور الاتحاد. وتم تكوين اتحاد جنوب إفريقيا في 31 مايو عام 1910م، وأصبحت المستعمرات محافظات أو مقاطعات في الاتحاد الجديد. وقد حُرم السود من حقوقهم المشروعة في كل المقاطعات، عدا مقاطعة الكاب.

الحزب الوطني. كان الهدف من أول حكومة يتزعمها الحزب الوطني الوصول إلى اتفاق بين البريطانيين والأفريكانيين، ولكن سرعان مانشبت الخلافات حول استخدام اللغة الإنجليزية والهولندية في المدارس والخدمة المدنية. وأدى هذا الاختلاف إلى تأسيس الحزب الوطني. وأيد أعضاء الحزب سياسة المساريْن بحيث تكون اللغة الهولندية مساوية للغة الإنجليزية.

السود والسياسة. ظل التطور السياسي للسود بطيئًا في السنوات الأولى لتكوين اتحاد جنوب إفريقيا. واجتمعت مجموعة من الأحزاب السياسية للسود عام 1909م معلنة احتجاجها على عدم اشراك السود في حكم البلاد. وأرسلت الأحزاب وفدًا إلى لندن للحصول على حقوقهم المشروعة، لكن دون جدوى. وفي عام 1912م نادى حزب المؤتمر الإفريقي بمساواة السود بغيرهم وذلك عن طريق الوسائل الدستورية.

حكومة الميثاق. حكمت حكومة الميثاق جنوب إفريقيا حتى عام 1933م، وكان من بين مهامها تقوية الاقتصاد وتوفير فرص العمل للبيض. وفي عام 1925م جعلت حكومة الميثاق الأفريكانية اللغة الرسمية بدلاً من الهولندية. وحصل رئيس الوزراء على الحكم الذاتي لجنوب إفريقيا من بريطانيا عام1931م وأصبحت جنوب إفريقيا عضوًا في كومنولث الأمم. وحاول رئيس الوزراء فرض قوانين أشد صرامة لتحقيق الفصل العنصري.

تكوين الحزب المتحد. في عام 1933م وافق هيرتزوج على تشكيل حكومة بين الحزب الوطني وحزب جنوب إفريقيا، ثم اتحد الحزبان فيما يسمى بالحزب الموحد.

الحرب العالمية الثانية. وقع اختلاف على موقف جنوب إفريقيا من الحرب العالمية الثانية، نادى بعض السياسيين بموقف محايد مثل موقف هيرتزوج. أما موقف سْمَطْس فكان المناداة بالوقوف إلى جانب بريطانيا ضد ألمانيا. وقد نجح سمطس في تشكيل حكومة عام 1939م. ووقفت جنوب إفريقيا مع بريطانيا. وقد جلبت الحرب تغييرات مهمة لصالح تطور اقتصاد جنوب إفريقيا، وساعد ذلك في عملية التصنيع، وأدى إلى نشاط السود سياسيًا.

وقد تعرضت حكومة جان كريستيان سمطس إلى ضغط شديد من البيض والسود، حيث عمل الأوروبيون من أصل غير إنجليزي على تكوين منظمات ذات حس وطني. وقد تأسس حزب المالان الذي هزم الحزب الموحد في انتخابات عام 1948م.

لويس بوتا جندي ورجل دولة، أقيم له نصب تذكاري خارج المبنى الاتحادي في بريتوريا تخليدًا لذكراه.

حكم الحزب الوطني:

استمر حكم الحزب الوطني لفترة طويلة حيث بدأ منذ عام 1948م وانتهى في التسعينيات من القرن العشرين الميلادي، حيث سيطر فيها حزب الأفريكانيين، وظهرت سياسة الفصل العنصري، منذ عام 1950م حين ظهر قانون التسجيل السكاني، الذي يمنح السكان مدارس وجامعات ومناطق سكنية وخدمات عامة لكل مجموعة سكانية عنصرية.

اشتد الاحتجاج على سياسة الفصل العنصري منذ نهاية خمسينيات القرن العشرين، حيث طُولب السود بضرورة حمل بطاقاتهم الشخصية من أجل الحد من تحركاتهم. وفي عام 1960م ظهر شعور ضد سياسة التمييز، وقامت المظاهرات وأطلقت الشرطة الرصاص على المتظاهرين، فقتلت حوالي 69 من السود.

قامت الحكومة بحظر نشاط حزب المؤتمر الإفريقي وظلت الحكومات المتعاقبة في الفترة من عام1960- 1990م تضرب بيد من حديد كل المعارضين لسياسة التمييز العنصري. وفي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين ألغت الحكومة بعض قوانين التمييز العنصري. واعتمدت البلاد دستورًا جديدًا عام 1984م، لكن الدستور الجديد لم يمنح السود أي حقوق سياسية مما أدى إلى أعمال العنف في مدن السود. ومنذ عام 1986م طبقت دول السوق الأوروبية ودول الكومنولث والولايات المتحدة حظرًا تجاريًا في بعض السلع على جنوب إفريقيا. وكان الهدف من ذلك إجبار حكومة جنوب إفريقيا على إلغاء سياسة التمييز العنصري. وبعد تنحي الرئيس بوتا عن الحكم لمرضه اختير دي كليرك خلفًا له في سبتمبر عام 1989م. وفي ظل حكومة دي كليرك أسرعت الحكومة نحو الإصلاحات السياسية، فرفعت الحظر عن حزب المؤتمر الإفريقي وأطلقت سراح بعض السجناء السياسيين ومنهم نلسون مانديلا. وبدأت الحكومة الحوار مع أحزاب المعارضة حول مستقبل البلاد. وفي عام 1991م أعلن دي كليرك عزمه على إلغاء ما تبقى من قوانين الفصل العنصري. ففُتحت المدارس لجميع الأجناس، وكذلك أنواع الرياضات المختلفة. كما أعلن دي كليرك عن تكوين حكومة متعددة الأعراق، وعن حق جميع الأعراق في التصويت.

جنوب إفريقيا في التسعينيات من القرن العشرين أصبحت ذات نفوذ نظرًا لاعتدال قادتها مثل نلسون مانديلا (إلى اليمين)، و. دي كليرك (وسط الصورة).

جنوب إفريقيا اليوم:

بدأت المفاوضات في عام 1991م بشأن الدستور الجديد بين حكومة جنوب إفريقيا وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي والمجموعات الأخرى. وفي شهر يوليو 1993م خصَّصت لجنة المفاوضات متعددة الأحزاب شهر أبريل 1994م موعدًا لإجراء انتخابات غير عنصرية في جنوب إفريقيا، وقدمت مسودة الدستور الجديد الذي ينص على إنشاء مجلسين للبرلمان، وهما الجمعية الوطنية المؤلفة من 400 عضو ومجلس شيوخ يأتي أعضاؤه من الهيئات التشريعية الموجودة في الأقاليم.

وكان تشكيل المجلس التنفيذي الانتقالي غير العنصري قد منح المؤتمر الوطني الإفريقي سلطة رسمية لمراقبة أعمال الحكومة خلال الفترة التي تسبق الانتخابات.

وقد حدثت معارك أثناء فترة المفاوضات بين مجموعات السود المتنافسة في البلاد، قتل خلالها الآلاف ولا سيما بين أعضاء المؤتمر الوطني الإفريقي، وحزب أنكاثا الذي تُشَكّل قبائل الزولو أكثريته ويتزعمه كاتشا مانجوسوذا.


رؤساء وزارات ورؤساء جنوب إفريقيا

الاسمتاريخ تبؤّ المنصب
لويس بوتا 1910-1919م
جان سمطس 1919-1924م
ج. ب. م هيرتزوج 1924-1939م
جان سمطس 1939-1948م
د. ف. مالان1948-1954م
ج. ج. ستريجدوم 1954-1958م
د. هـ. فيرفورد 1958-1966م
ب ج. فورستر 1966-1978م
ب. و. بوتا 1978-1989م
ف. و. دي كليرك 1989-1994م
نلسون مانديلا 1994-1999م
تايو مبيكي 1999م -
وقد أجريت بالفعل لأول مرة انتخابات حرة في شهر مايو 1994م اشترك فيها البيض والسود وفاز فيها نلسون مانديلا ليصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا التي ظلت خاضعة للفصل العنصري لمدة ثلاثة قرون. شكل مانديلا حكومة ضمت أعضاء من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والحزب الوطني وحزب أنكاثا. وبعد إقرار الدستور الجديد انسحب الحزب الوطني من حكومة الوحدة الوطنية وأصبح الحزب المعارض الرئيسي في جنوب إفريقيا.

وفي عام 1996م، أقرت جنوب إفريقيا دستورًا جديدًا، وقد تضمنت فصوله كثيرًا من مواد الحقوق والحريات. ومن هذه الحقوق: حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الممارسة السياسية، وغيرها من الحريات. كما كفل الدستور مساواة كاملة في الإسكان والتعليم والرعاية الصحية وغيرها. تخلى نلسون مانديلا عن زعامة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وأفسح المجال لنائبه تايو مبيكي ليصبح رئيسًا للحزب.

وفي عام 1999م، فاز حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بمعظم مقاعد البرلمان (266 من 400 مقعد)، وانتخب أعضاء البرلمان مبيكي رئيسًا للبلاد.

سببت متلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز) مشكلة لجنوب إفريقيا في تسعينيات القرن العشرين الميلادي. فقد تفشى المرض بين سكان جنوب إفريقيا أكثر من تفشيه في أي دولة أخرى. وبحلول عام 2000م، أصيب نحو 10% من سكان البلاد بفيروس عوز المناعة المكتسب.

إختبر معلوماتك :

  1. كيف حققت جنوب إفريقيا النمو الصناعي المؤهل؟
  2. من هم الخويخونيون؟
  3. لماذا احتل البريطانيون الكاب سنة 1795م؟
  4. من الأوروبيون الأوائل الذين استوطنوا جنوب إفريقيا؟
  5. كيف أثر اكتشاف الماس والذهب خلال ستينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر على تغيير تاريخ جنوب إفريقيا؟
  6. ماذا كان أثر قانون الأرض المؤرخ في 1913م على السود؟
  7. لماذا ازداد الدعم للوطنيين بعد عام 1914م؟
  8. كيف أثرت الحرب العالمية الثانية في انقسام أهل جنوب إفريقيا؟
  9. متى أدخلت التفرقة العنصرية إلى جنوب إفريقيا؟
  10. لماذا لم يقبل معظم السود في جنوب إفريقيا بدستور عام 1984م؟
المصدر: الموسوعة العربية العالمية