مازال بعض الزولو يعيشون في مبانٍ تقليدية مسقوفة بالقش في منطقة ناتال. |
مصنع سكر دارويل يستوعب كميات هائلة من قصب السكر. وتنتج منطقة ناتال النصيب الأكبر من هذا المحصول في جنوب إفريقيا. |
ولكن واجهت ناتال عقبات أخرى عديدة، منها وعورة السطح، وجود الأودية الشديدة الانحدار، والجفاف، التجريف، تعرية التربة، إزالة الغابات. ويوجد في ناتال أكثر من 7,000 مزرعة تبلغ مساحتها حوالي 4,000 هكتار. ويشكل إنتاج الغابات في ناتال 37% من إنتاج الغابات في جنوب إفريقيا حيث تكثر الغابات في مناطق مثل أرض المابوتالا وأرض الزولو والمنطقة الوسطى. وهنا أيضًا يتم قطع الأخشاب الصلبة من أشجار الصنوبر والأكاسيا الأسترالية. كذلك تُعدّ ناتال مركزاً مهمًا لإنتاج السكر. وتقوم زراعة قصب السكر في المناطق الساحلية والإقليم الأوسط حيث يخلو المناخ من الصقيع. وتشمل المنتجات الزراعية الأخرى اللحوم والفواكه والذرة الشامية والخضراوات والدواجن.
ومن أهم المنتجات الصناعية صناعة الأغذية خاصة تعليب الفواكه والمشروبات والمواد الكيميائية والملابس والورق والطباعة والنسيج. كما يوجد مصنع لإنتاج الحديد الصلب في مدينة نيوكاسل. كما تعد السياحة قطاعاً مهمًا في اقتصاد ناتال.
ساحل بحر ديربان تكتنفه شواطئ للسباحة والاستحمام، وهو ذو أرض مستوية تستهوي هواة المشي وتجتذب إليها أعدادًا كبيرة من السياح. |
وفي مجال الطرق البرية، تملك ناتال 380كم من الطــرق المزدوجة الاتجاه و560كم من الطرق ذات الاتجاه الواحد، بجانب 9,500كم من الطرق المرصوفة بالحصى. والطريق الرئيسي (السريع) الذي يربط بين ديربان وبيترمارتزبيرج أقيمت عليه عدة تقاطعات من الجسور. وتخدم هيئة خدمات مواصلات جنوب إفريقيا للسكك الحديدية معظم المدن والمراكز الحضرية. وهناك خط حديدي خاص يصل إلى ميناء رتشاردز بي لخدمة نقل المعادن التصديرية.
ناتال كانت أصغر أقاليم جنوب إفريقيا. تقع على ساحل المحيط الهندي ويكتنف ساحلها شواطئ رملية. |
تقع الأراضي الرسوبية المنبسطة بين الحزام الساحلي والمنطقة الداخلية. وكانت هذه الأراضي تُعرف أيضًا بناتال الوسطى. ويتفاوت ارتفاع هذه الأراضي بين 400م إلى 1,500م، أما الهضاب، فتشمل الحافة العظمى وجبال دراكنزبرج وتلال ليسوتو التي تجاور الولاية الحرة والترانسفال.
شلالات آت هويك ، بالقرب من هويك حيث نهر مجني الذي تتساقط فيه مياه الشلال من علو 95 مترًا. |
سيتسهوا، كان ملكا على قبيلة الزولو، وقد هزم محاربوه قوة بريطانية في إساندلوانا عام 1879م. |
ثم وصل إلى المنطقة الرحالة البرتغالي فاسكودا جاما عام 1497م. وسمى المنطقة باسم أرض ميلاد المسيح ولم تكن هناك أية أطماع أوروبية في المنطقة حتى مطلع القرن التاسع عشر الميلادي.
أمر ملك الزولو شاكا خلال العشرينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، جماعات النجوني في ناتال بالسكن في المنطقة حتى يشكلوا حاجزًا بينهم وبين إمبراطورية الزولو وجنوبي نجوني. ثم جاءت أول مجموعة أوروبية للمنطقة وكانت مكونة من التجار عام 1824م وكانوا قد أُعطوا أرضًا في ميناء ناتال (الآن ديربان) بموافقة محكمة شاكا الملكية. ومن ثم نشأت أول مستوطنة أوروبية في المنطقة.
وفي عام 1837م، زار المستوطنة بيت رتيف قائد المهاجرين البيض، وهم معروفون باسم فورتركرز (الرواد)، ثم ذهب لمقابلة خليفة الملك شاكا دينجن، كي يسمح للأوروبيين بالسكن في ناتال. ولكن دينجن لم يثق في رتيف. وبعد أن وقّع معه اتفاقًا منح بموجبه رتيف الأرض، أمر بقتله في يناير عام 1838م. ومن ثم هاجمت جيوش الزولو مستوطنات الفورتركرز في ناتال. وتحت قيادة أندريه بريتوريوس، صد الأوروبيون هجمات الزولو في موقعة نهر الدم في السادس عشر من ديسمبر عام 1838م. وبعد الاتفاق مع مباندي وهو خليفة دينجن، أسس المهاجرون أول جمهورية لهم في ناتال.
انزعجت الحكومة البريطانية من احتمال وجود تدخل أجنبي في مستعمراتها في جنوب القارة الإفريقية. كما زاد توجسها من أن سياسة الجمهورية الجديدة نحو اللاجئين السود العائدين إلى ناتال سوف تؤدي إلى إحداث قلاقل في الطرف الشرقي لمستعمرة الكاب، ولهذا فقد هاجمت القوات البريطانية بقيادة الكابتن ت. س. سميث المهاجرين في يوليو عام 1842م. وخلال معركة قصيرة ألحقت بهم الهزيمة تم بعدها احتلال ناتال عام 1843م.
وهكذا غادر معظم المهاجرين ناتال ؛ فاضطر البريطانيون لإقامة مشاريع التهجير بغرض استقطاب مستوطنين من الجزر البريطانية وعملوا على تنــظيم سكن السود في مناطق تخضع لرقابة الدولة.
وقد اعتمد نظام توطين السود على أسس التركيب التقليدي للقبائل الإفريقية. وهو نظام يدعو إلى تشجيع الاستمرار في العيش في المعازل الوطنية والعمل بالزراعة في الحقول الصغيرة. ونتيجة لهذه السياسات ظهر عجز الأيدي العاملة في منطقة ناتال فحاولت الحكومة سد النقص باستجلاب الأيدي العــاملة من الهند وذلك خلال الفترة الممتدة بين 1860 - 1911م. فزاد في المنطقة عدد المهاجرين الهنود من رجال الأعمال والتجار وغيرهم.
وفي عام 1844م، صارت ناتال مقاطعة بريطانية ضمن مستعمرة الكاب ثم تطورت عام 1856م إلى مستعمرة منفصلة لها حكومة نيابية، بمعنى أن السكان يمكنهم أن ينتخبوا من يمثلهم في حكومة المستعمرة. ولم يكن التصويت مقتصرًا على البيض وحدهم، ولكن المؤهلات التي تمنح الناخب حق التصويت كانت معقدة جداً ورفيعة بدرجة لم يحصل على مثل ذلك الحق أي واحد من المستوطنين السود. ثم منحت بريطانيا ناتال حكماً ذاتيًا في عام 1893م، وهذا يعني أن حكومة ناتال قد صارت مستقلة في اتخاذ معظم القرارات لتنظيم شؤونها وإدارتها.
وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، أعادت قبائل الزولو بناء وحداتها العسكرية بصفتها أفضل القوى العسكرية في جنوب إفريقيا. ولكن معظم السكان في ناتال كانوا يتخوفون من قيام سلطة قوية ومستقلة في أراضي الزولو. لذلك قامت القوات البريطانية بغزو أراضي الزولو في يناير 1879م. ولقد عانى البريطانيون من بعض الإحباطات خاصة في إساندلوانا حيث هزموا هزيمة مريرة وذلك في الثامن من يناير 1879م. ولكن بعد وصول الإمدادات اللازمة، انتصر البريطانيون على قائد الزولو كتشويو في معركة أولندي في يوليو 1879م. ثم أُرسل قائد الزولو سجيناً إلى جزيرة روبن بالقرب من مدينة الكاب.
مسجد صوفي في وادي نهر كليب بالقرب من بلدة ليديسميث في شمالي ناتال. |
صارت ناتال مقاطعة ذات حكم ذاتي في إطار الدولة الجديدة في اتحاد جنوب إفريقيا في عام 1910م. وفي السنوات الأولى لهذا الاتحاد اتخذت ناتال اتجاهًا مواليًا لبريطانيا ومغايرًا للاتجاه القومي النامي للأفريكانيين من البيض. وبعد أن صاغت جنوب إفريقيا دستورًا جديدًا عام 1994م، أعادت تقسيم المقاطعات الأربع التي أنشئت عام 1910م إلى تسع مقاطعات. وأصبحت ناتال جزءًا من مقاطعة كوازولو ـ ناتال.