النهر ( River )
منابع النهر قد تتألف من سلسلة من المجاري المائية التي ينساب كل منها في الآخر. وتوضح الصورة منابع نهر ميسوري في الولايات المتحدة. |
تختلف الأنهار فيما بينها اختلافا كبيرًا من حيث الحجم، فبعضها صغير جدًا حتى إنها تجف خلال فصول الجفاف. وأطول نهر في العالم نهر النيل في إفريقيا، الذي يبلغ طوله 6,671كم، ويليه من حيث الطول نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية، الذي يبلغ طوله 6,437كم. إلا أن كمية المياه التي يحملها نهر الأمازون تفوق كمية المياه في أي نهر آخر، بل وتفوق كمية المياه في نهر النيل، ونهر المسيسيبي، ونهر يانجتسي مجـــتمعة.
وظلت للأنهار أهميتها بالنسبة للنقل والتجارة على مدى قرون عديدة، ولا يزال النظام النهري في العالم مفيدًا بالنسبة للتجارة حتى الوقت الحاضر. وقد اتخذ المكتشفون والرواد الأوائل في الأمريكتين الشمالية والجنوبية الأنهار طريقًا رئيسيًا لأسفارهم، وبنوا المستوطنات على ضفاف الأنهار الرئيسية، كما اعتمد المكتشفون ـ إلى حد كبير ـ في اكتشافهم للمناطق الداخلية من إفريقيا خلال القرن التاسع عــشر الميلادي على تتبع مجاري الأنهار الرئيسية في تلك القارة. وبالمثل، تتبع المكتشفون الأوائل لشرقي أستراليا ـ أيضًا ـ مجاري الأنهار، أثناء تتبعهم لتقاطع جبال بلو عام 1813م. وقد أرادوا بذلك أن يتحققوا مما إذا كانت شبكتا نهري دارلنج وموراي قد التقتا، أم أنهما تصبان في بحر داخل البلاد.
والأنهار مهمة أيضًا للزراعة، لأن أودية الأنهار وسهولها تعد ـ بصفة خاصة ـ تربة خصبة لزراعة المحاصيل. ويستخدم المزارعون في المناطق الجافة مياه الأنهار لري أراضيهم، فيحفرون القنوات لنقل الماء من النهر إلى مزارعهم.
وتعد الأنهار مصدرًا مهمًا للطاقة أيضًا ؛ إذ يمكن استخدام قوة تدفق المياه على امتداد النهر، عند المساقط وغيرها من المناطق المنحدرة، لتشغيل الآلات، وتوليد الكهرباء، حيث تحول السواقي والدواليب المائية قوة المياه المتدفقة إلى طاقة. وكانت الطواحين، والورش، ومصانع النسيح تقام في الماضي بالقرب من الأنهار المنحدرة، وكانت تدار بوساطة قوة اندفاع المياه. وفي الوقت الحاضر، تنتج محطات القوة الكهرومائية ـ ذات التوربينات المائية ـ نحو ربع القوة الكـــهربائية التي يحتـــاجها العالم. ★ تَصَفح: القوة المائية.
يؤدي هطول الأمطار الغزيرة، أو سرعة ذوبان ثلوج فصل الشتاء إلى فيضان الأنهار، وقد يجرف مثل هذا الفيضان كميات كبيرة من التربة الخصبة، ويهدم المباني، ويلحق الضرر أو الهلاك بالإنسان والحيوان. ★ تَصَفح: الفيضان.
منبع النهر:
يتكون ماء النهر من مياه الأمطار والبحيرات والينابيع، والثَّلْج والجليد الذائبين. وتسمى المجاري المائية التي تنساب من المنبع منابع النهر. وهناك يبلغ النهر أقصى ارتفاع له. وفي البداية تنساب منابع النهر هذه في مجاري ضيقة بالغة الصغر تسُمى جداول، وتمتلئ هذه المجاري بالماء أثناء العواصف الممطرة فقط، وتلتقي هذه الجداول أثناء انحدارها من فوق التلال، مكونة مجاري مائية أوسع وأعمق، يسمى كل منها غديرًا، وتتحد هذه الغُدْران بدورها لتكون مجاري أوسع يسُمى كل منها نُهيْرًا، وتتحد هذه الأنهار بدورها ـ لتكون الأنهار. وتسُمى جميع الغُدْران والأنهار ـ التي تحمل المياه إلى النهر روافد. ويشكل النهر وروافده ما يسُمى: النظام النهري، وتشمل بعض النـــظم النهرية عدة أنهار صغيرة تتجمع في نهر كبير واحد.تشكل مياه الأمطار معظم مياه الأنهار ؛ إذ تنساب مياه بعض الأمطار على اليابسة إلى مياه النظام النهري، حيث تصل في النهاية إلى أكبر نهر في ذلك النظام عن طريق الجداول والغُدْران والأنهار، والأنهار الصغرى. أما بقية مياه الأمطار فترتوي بها الأرض، وتتجمع على هيئة مياه جوفية. وتتسرب بعض هذه المياه الجوفية إلى النظام النهري، فتظل المياه تجري في معظم الأنهار حتى خلال فترات الجفاف، وعلى الرغم من ذلك، فإن المناطق الحارة الجافة لا تتوافر فيها ـ بصفة دائمة ـ المياه السطحية أو الجوفية الكافية لجريان المياه في بعض الأنهار على مدار العام، ولذا تجف هذه الأنهار من حين لآخر، وتسُمى أنهارًا متقطعة، وبعضها يتلاشى في الصحاري الرملية أو البحيرات المالحة في قلب القارة. وعلى العكس من ذلك تهطل على كل من تسمانيا ونيوزيلندا أمطار غزيرة، ولذا فأنهارهما أنهار دائمة ـ أي تنساب بصفة دائمة. ويختلف جريان جميع الأنهار بناء على التغيرات التي تطرأ على كل من الطقس والمناخ.
وتشكل مياه النظام النهري شبكة صرف للأراضي الزراعية في تلك المنطقة. وتسمى المنطقة التي تصرف مياهها في النظام النهري حوض صرف ذلك النظام. وتبلغ مساحة حوض صرف نهر الأمازون نحو 7,000,000كم² ويغطي حوض صرف نهر موراي جــنوب شـرقي أستراليا نحو سُبع مساحة أستراليا.
وهناك خط وهمي يسمى خط تقسيم المياه أو خط تقسيم الصرف، يفصل بين أحواض صرف الأنهار الرئيسية، وغالبًا ما يتبع هذا الخط قمة سلسلة جبال مرتفعة، مثل جبال الروكي في أمريكا الشمالية، التي تفصل الأنهار التي تنساب شرقًا نحو المحيط الأطلسي، أو غربًا نحو المحيط الهادئ. وتعد سلسلة جبال جريت ديفايدنج بأستراليا مثالاً آخر لخط تقسيم المياه. ★ تَصَفح: خط تقسيم المياه.
أجزاء النظام النهري . قد ينزح النهر الماء من مساحة ضخمة. منبع النهر في هذا الرسم مثلجة (نهر جليدي) في أعالي الجبال، غير أن أجزاء النظام النهري تتألف من جميع المياه التي تنساب إلى النهر والنهر ذاته. |
مجرى النهر:
يتألف مجرى النهر من الأراضي الواقعة على جانبي المياه التي تنساب في ذلك النهر، ويسُمى السطح السُفلي لمجرى النهر بـ القاع. وتسُمى كل حافة من حافتي المجرى شط النهر. ويميل مجرى النهر إلى الانحدار الشديد قرب المنبع، وإلى الانبساط تقريبًا قرب المصب، ولذا يتدفق الماء في معظم الأنهار بأقصى سرعة له في أعالي المجرى.وفي كثير من الأنهار، تقع المساقط المائية والشلالات في أعالي المجرى. وتتكون هذه المساقط المائية حيث تعترض النهر طبقة قوية من الصخر المقاوم. أما الصخور الرخوة في مهبط النهر فتتعرى بفعل جريان المياه، وينجم عن ذلك هبوط شديد الانحدار في مجرى النهر. وعندما يمر الماء على حافة الطبقة شديدة الصلابة من المجرى، يسقط إلى الجزء الأكثر انخفاضا. وتتكون الجنادل (المنحدرات) في مجرى النهر من جراء تدفق المياه بسرعة، فوق الجـــلامد الكبيرة، والــسلاسل الصــخرية تحت الماء. ويشـــــق تيار الأنـــهـار سريعــــة الجــريان ـ أحيانًا ـ خانقًا، وهو مجرى عميق تحفه جدران عالية تصل إلى قاع النهر.
قد يشق المجرى الأعلى للنهر ـ كذلك ـ وديانًا عبر اليابسة ؛ فبينما ينساب النهر بسرعة إلى أسفل التل أو الجبل، تتآكل اليابسة بفعل قوة الماء ويتكون على شطي النهر واد شديد الانحدار على شكل حرف V الإنجليزي. وغالبًا ما يطلق الجغرافيون على المجرى الأعلى مرحلة الشباب وعلى المجرى الأوسط مرحلة النضج، وعلى المجرى الأدنى ـ عندما ينساب النهر محملاً بالطين ببطء عبر اليابسة ـ مرحلة الشيخوخة.
وفي مرحلة النضج، ينساب النهر بقوة، فيجرف معه التربة وهو يتلوى حول المنعطفات، ويكون الوادي أوسع مما كان عليه في مرحلة الشباب.
أما في مرحلة الشيخوخة، فتنساب معظم الأنهار عبر مناطق منبسطة ـ نسبيا ـ تُسمى سهولاً فيضية تغمرها المياه عندما يفيض النهر. وتبسط الفيضانات كلاً من الطين الخصب والطمي على التربة، كما أنها قد تكوِّن جسورًا طبيعية تتألف من ترسبات أرضية وصخرية تعُليِّ شطي النهر. وتُتاخم المستنقعات في السهول الفيضية الجسوُر الطبيعيةُ.
يبلـــغ اتساع السهول الفيضية لبعض الأنهار مئات الكيلومترات، ويميل مجرى النهر ـ حيث توجد السهول الفيضية الفسيحة ـ إلى الالتواء من أحد جانبي السهل إلى الجانب الآخر. وتعرف هذه الالتواءات بالتعرجات. ويمكن أن تكون التعرجات عقدًا كاملة ـ تقريبًا ـ ذات مضيق ضيــق من الأرض، يفصل بداية كل عقدة عن نهايتها، وعندما يفيض النهر، فإنه غالبًا ما يشق طريقه عبر هذا المضيق، وبعد انحسار مياه الفيضان، يستقيم النهر في جريانه، وتنفصل عنه العقدة فلا تستمد المياه منه. بل تمتلئ بمياه الأمطار والمياه الجوفية، وقد تظل لسنوات طويلة بحيرة على شكل هلال يطلق عليها البحيرة الهلالية.
مصب النهر:
تنخفض سرعة جريان ماء النهر فجأة عند مصبه، وقد يؤدي هذا إلى تكون مسطح من الأرض يعرف باسم الدلتا، التي تتكون عند مصب النهر، وتمتد حتى البحيرة أو المحيط الذي يصب فيه النهر. وتتكون الدلتا، لأن النهر يحمل إلى مصبه نتاج عمليتي التعرية ونحت الصخور. وهو ما يطلق عليه حمولة النهر التي تكون ذائبة في المياه، ولا يمكن رؤيتها. وتختلط هذه الحمولة غير المرئية بمياه البحيرة أو المحيط عند مصـــب النهر. ويحمل النهر كذلك حمولة مرئية تتــألف من مواد تتراوح، بين الجلاميد وجسيمات الطمي الدقيقة. وأحيانًا ما تحدد الجسيمات الدقيقة في الحمولة المرئية لون مياه النهر التي قد تتراوح بين الأحمر والبني أو الأصفر، وتتكون الدلتا عندما يرسِّب النهر حمولته المرئية بسرعة عند المصب. ولكل من نهر المسيسيبي ونهر النيل دلتا كبيرة.قد يتكون ـ حيث يكون المناخ جافًا ـ شكل أرضي يشبه الدلتا عندما يجري النهر من انحدار عال إلى انحدار أكثر انبساطًا. فعلى سبيل المثال، عندما ينساب النهر من انحدار جبلي إلى السهل. تقل سرعة جريانه. وعندئذ ترسِّب المياه حمولتها، مكــــونة كتلة أرضية على شكل مروحة تُسمى مروحة طميية.
ولبعـــض الأنهار مصبات عميقة متسعة تسمى مصب النهر. وقد تكونت المصبات النهرية بسبب ميل معظم الأنهار الرئيسية إلى أن تشق وديانها إلى مستوى سطح البحر. وقد انخفض مستوى سطح البحر ـ في عدة فترات في الماضي ـ إلى عدة مئات من الأمتار. فعلى سبيل المثال، انحصرت كمية كبيرة من المياه على الأرض على هيئة ثلج جليدي أثناء العصر البليستوسيني من العصر الجيولوجي، منذ مليون وثلاثة أرباع المليون إلى 10,000سنة مضت. ونتيجة لذلك، تشق الأنهار أوديتها على عمق، إلى حيث هبط مستوى سطح البحر مرة أخـــرى، وامتلأت الوديان العميقة ومصبات الأنهار بمياه المحيط، مكونة مصبات نهرية. ويطلق على أودية الأنهار التي تغمرها مياه البحار أودية مغمورة أو شرم. فعلى سبيل المثال، تُعد المداخل الساحلية العميقة جنوب غربي أيرلندا، وشمال غربي أسبانيا شرقًا أودية مغمورة. وتعد الفيوردات مداخل إلى البحر مشابهة للأودية المغمورة أو الشرم، ولكنها تكونت عندما غمر البحر الأودية العميقة، التي جرى حفرها عن طريق الأنهار الجليدية. ويشتمل ساحل النرويج على كثير من هذه الفيوردات وتحتوي المداخل البحرية العمـــيقة عند مصـــبات الأنـــهار على خلجان صغيرة من المياه العذبة من الأنهار والماء المالح من المحيط. ويمتد المصب النهري لنهر الأمازون في أمريكا الجنوبية لعدة مئات من الكيلومترات من المصب في اتجاه أعلى النهر.
أشهر الأنهار في العالم | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|