محاكمة صدام حسين المقصود بها هي محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين من قبل المحكمة الجنائية المختصة في العراق لتهم انتهاك حقوق الأنسان الموجه اليه في اطار الأجرائات التي تعرضت لها بلدة الدجيل في عام 1982 بعد تعرض موكب الرئيس السابق اثناء مروره بهذه البلدة إلى محاولة اغتيال فاشلة نظمت من قبل حزب الدعوة الاسلامية في العراق والذي كان معارضا لحكومة صدام حسين ومن المحتمل ان يحكم على الرئيس العراقي السابق بالاعدام في حالة ثبوت التهمة الموجهة اليه.
في 30 يونيو 2004 تم تسليم الرئيس العراقي السابق مع 11 مسؤولا بارزا في حزب البعث "بصورة قانونية" (وليس بصورة عملية) من قبل القوات الأمريكية التي تعتقله في معسكر كروبر Camp Cropper بالقرب من مطار بغداد الدولي إلى الحكومة العراقية المؤقتة لغرض محاكمتهم في قضايا "جرائم حرب" و "انتهاك لحقوق الأنسان" و "ابادة جماعية" .
في 18 يوليو 2005 تم توجيه الأتهام رسميا من قبل المحكمة الجنائية المختصة في العراق إلى صدام حسين بضلوعه بعملية "ابادة جماعية" لاهالي بلدة الدجيل في عام 1982 .
في 8 اغسطس 2005 قررت عائلة الرئيس العراقي السابق صدام حسين حل لجنة الدفاع التي كانت تتخذ من الأردن مركزا لها واعطوا حق الدفاع إلى المحامي العراقي خليل الدليمي.
حاول فريق الدفاع مرارا قبل بدء الجلسات تاجيل المحاكمة لأسباب عزوها إلى عدم اعطاءهم الوقت الكافى لمراجعة ملفات القضية ولكن ولكن هذه المحاولات فشلت. ابدت منظمة مراقبة حقوق الأنسان Human Rights Watch و منظمة العفو الدولية ملاحظات حول معايير المحكمة الجنائية المختصة التي حسب نظرهم "قد لاترتقي إلى مستوى المعايير الدولية وابعدت الأمم المتحدة نفسها كليا عن اجراءات المحاكمة لنفس الأسباب وللاحتمالية الكبيرة من صدور حكم الأعدام.
قررت المحكمة الجنائية المختصة في العراق تحديد يوم 19 أكتوبر 2005 موعدا لاول جلسات المحاكمة اي بعد 4 ايام من عملية الأقتراع على الدستور العراقي وقام الأدعاء العام في المحكمة الجنائية المختصة في العراق بتوجيه تهمة قتل 148 شخصا من بلدة الدجيل بعد محاولة اغتيال فاشلة وقعت في 8 يوليو 1982 بتنظيم حزب الدعوة الاسلامية في العراق ، تم توجيه نفس التهمة إلى الأشخاص المدرجة اسماءهم ادناه:
الدجيل هي بلدة صغيرة معظم ساكنيها من الشيعة العراقيين تقع 40 ميلا جنوب بغداد ويبلغ عدد ساكنيها حوالي 10،000 نسمة وكانت المدينة تعتبر من أحد مراكز القوة لحزب الدعوة الاسلامية الذي كان حزبا محضورا في الثمانينيات اثناء وقوع عملية الأغتيال الفاشلة. في 8يوليو 1982 قام الرئيس العراقي السابق صدام حسين و في خضم حرب الخليج الأولى بزيارة البلدة واثناء مرور موكبه بالبلدة تعرض الموكب إلى اطلاقات نارية من قبل اعضاء في حزب الدعوة الاسلامية وتم تبادل لاطلاق النيران بين اعضاء الحزب و حماية صدام. بعد عملية الأغتيال هذه و حسب افادة الشهود(المشتكين) قامت قوات عسكرية و بامر من صدام حسين بعمليات قتل و دهم و اعتقال و تفتيش واسعة النطاق في البلدة وقتل واعدم على اثرها 143 من سكان البلدة من بينهم وحسب افادة الشهود اطفال بعمر أقل من 13 سنة وتم حسب نفس الافادات و والوثائق التي عرضها الأدعاء العام اعتقال 1،500 من سكان البلدة الذين تم نقلهم إلى سجون العاصمة بغداد وبعد ذلك إلى معتقل (ليا) في صحراء محافظة المثنى وتعرضوا خلال هذه الفترة حسب شهاداتهم إلى أقسى انواع التعذيب الجسدي والنفسي وتم بعد ذلك اصدار قرار بتدمير و تجريف ما يقارب 1000 كم مربع من الأراضي الزراعية و البساتين المثمرة الواقعة في البلدة حسب الأدعاء العام. ومن الجدير بالذكر ان الحكومة العراقية قامت بدفع تعويضات شكلية عن البساتين و الاراضي الزراعية المتضررة بعد 10 سنوات من هذه الحادثة.
في 20 أكتوبر 2005 تم اختطاف وقتل سعدون الجنابي الذي كان محامي الدفاع عن عواد حمد البندر وفي 8 نوفمبر 2005 قتل عادل الزبيدي وعبدالكاظم رويد اللذان كانا محاميا الدفاع عن طه ياسين رمضان وتم في نفس المحاولة اصابة ثامر حمود الخزاعي محامي الدفاع عن برزان إبراهيم التكريتي بجروح مما حدى برئيس القضاة رزكار محمد امين إلى تاجيل المحاكمة لغرض ايجاد محامين بدلاء.
تشكلت المحكمة الجنائية العراقية العليا في 10 أكتوبر 2003 بقرار من مجلس الحكم في العراق واعتبر القانون المحكمة مختصة "بالجرائم ضد الانسانية" واعتبرها "مستقلة" و "لا ترتبط بأي جهة كانت" لقراءة الهيكل العام للمحكمة اقرا *[1] ، واختصت المحكمة بالجرائم المذكورة من فترة 1968 إلى 2003 .
تشكل هذه المحكمة حسب قانون إدارة الدولة للفترة الأنتقالية التي اعتبرت كدستور مؤقت للعراق في فترة سلطة الائتلاف الموحدة وحاكمها بول بريمر. واعتبرت هذه المحكمة هجينا بين قوانين العدل الدولية و العراقية. تمتلك المحكمة حق محاكمة اي شخص عراقي الجنسية تم اتهامه ب"جرائم حرب" و "انتهاك لحقوق الأنسان" و "ابادة جماعية" . وكان رزكار محمد امين رئيسا للمحكمة في الجلسات السبع الأولى من المحاكمة الا انه قدم استقالته في 15 يناير 2006 بعد تعرضه لانتقادات عدة بسبب الطريقة التي ادار بها المحاكمة وعينت المحكمة الجنائية المختصة القاضي سعيد الهماشي رئيسا للمحكمة بدلا من رزكار أمين الا ان الهماشي بدوره تم تنحيته من رئاسة لجنة القضاة في 23 يناير 2006 بسبب الأنتقادات التي وجهت له حول مزاعم بانتمائه إلى حزب البعث في السابق وتم تعيين القاضي الكردي رؤوف رشيد عبد الرحمن رئيسا للهيئة الاولى في المحكمة في 23 يناير 2006 . وكان القاضي امين قد تعرض لانتقادات لما وصفه البعض "تساهله مع المتهمين" . وتتكون الهيئة بالاضافة إلى الرئيس من 4 قضاة اخرين لم تعلن اسماءهم او اي معلومات عتهم لأغراض امنية. ورزكار محمد امين هو من مواليد مدينة السليمانية في شمال العراق عام 1958 من الأكراد الذين وحسب وصف المحكمة ليست له و لم تكن له اي علاقات مع اي من الأحزاب السياسية الكردية، دخل محمد امين معهد القضاء العراقي عام 1990 وعين في منتصف التسعينيات كقاضى قضاة اقليم كردستان في شمال العراق (الجزء الذي كان تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني) بامر من جلال طالباني.
وقد كان طريقة معاملة القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن للمتهمين مختلفة تماما عن طريقة رزكار محمد امين حيث اتهمه البعض بانه غير حيادي و متحامل على المتهمين لكونه من مدينة حلبجة التي تعرضت إلى قصف كيمياوي في نهاية الثمانينيات حيث قاطع صدام حسين وأربعة آخرين الجلسة التاسعة من المحكمة و كان قفص الأتهام وكراسي فريق الدفاع خاليا تماما في الجلسة العاشرة في 2 فبراير 2006 حيث قاطع الجميع الجلسة مطالبين بتغيير القاضي رؤوف عبد الرحمن او نقل المحاكمة خارج العراق مما حدى بالقاضي إلى اعادة الجلسة في 13 فبراير 2006 وتم اجبار صدام حسين ومساعديه على حضور الجلسة العاشرة بالقوة ولكن فريق الدفاع ضل مصرا على قراره بمقاطعة الجلسات . ويعتبر رائد جوحي القاضي الأخر الذي يعرف عنه معلومات بسيطة وجوحي هو القاضي الذي اصدر مذكرة توقيف بحق مقتدى الصدر وجوحي الذي هو من مواليد عام 1972 والمعلومات عن انتمائه الطائفي متضاربة ولا يمكن التاكد منها في الوقت الحالي فالبعض يقولون انه من الشيعة العراقيين . بالاضافة إلى القضاة الخمس الذين يقومون بالمحاكمة هناك 9 قضاة استئناف ضمن نفس المحكمة وهذه ظاهرة فريدة لان محاكم الأستئناف عادة ماتكون عبارة عن محكمة اخرى ذات سلطات اعلى.
في بداية تشكيل المحكمة الجنائية المختصة في العراق تم تعيين سالم الجلبي كمسؤول عام للشؤون الأدارية للمحكمة ولكن سالم الجلبي الذي هو من اقرباء احمد الجلبي ولكنه قدم استقالته في 18 سبتمبر 2004 وتم تعيين طالب الزبيدي في مكانه تم عين اخيرا عمار البكري رئيسا اداريا للمحكمة في 4 أكتوبر 2004 .
يتألف فريق الدفاع عن صدام حسين من 22 محاميا ويتخذ من عمان عاصمة الأردن مقرا له ويترأس هذا الفريق المحامي الأردني زياد الخصاونة وقد عبر الخصاونة مرات عديدة عن "معاناة فريق الدفاع" حسب تعبيره في إجراء لقاءات مع صدام حسين و زعم الخصاونة أنه تعرض إلى تهديد بالاغتيال في مايو 2005 من قبل "جماعات مدعومة من إيران" حسب زعمه.
و بسبب قوانين العدل العراقية التي لا تجيز لمحامي من خارج العراق بأن يكون المحامي الرئيسي لمتهم يحمل الجنسية العراقية فإن المحامي العراقي خليل الدليمي أنيطت به مسؤولية محامي الدفاع الرئيسي ويعتبر الدليمي العراقي الوحيد بين فريق الدفاع عن صدام حسين الذي يضم 22 محاميا. ومن الجدير بالذكر أن القانون العراقي يجيز تمثيل محامين غير عراقيين لمتهمين عراقيين شرط أن يكونوا كمستشارين للمحامي الرئيسي الذي يجب أن يكون عراقي الجنسية. وقد زعم الدليمي أيضا بتسلمه تهديدات متعددة بالاغتيال بضمنه رسالة تهديد ألقيت في منزله مفادها أن خلية انتحارية قد شكلت خصيصا لاغتياله. وقد أبدى الدليمى اعتراضاته من أنه لم يتم الإبقاء على هوية فريق الدفاع سرية بينما يتمتع أغلب محامي الادعاء بسرية تامة لضمان أمنهم.
من المحامين الأخرين في فريق الدفاع والذين يتواجدون في المحكمة ويقومون باستجواب الشهود والاستشارة من داخل المحكمة رامسي كلارك وزير العدل الأمريكي السابق من 1967 إلى 1969 الذي انضم إلى فريق الدفاع في نوفمبر 2005 وايضا وزير العدل السابق في قطر ،نجيب النعيمي الذي انضم إلى فريق الدفاع في 27 نوفمبر 2005 .
من الجدير بالذكر انه كان هناك فريق دفاع آخر قبل هذا الفريق يتالف من 20 إلى 30 محاميا و 1000 إلى 1500 محامي راغب بالتطوع ولكن تم حل هذا الفريق من قبل عائلة الرئيس العراقي السابق. وكان هذا الفريق الذي تم حله برئاسة المحامي الأردني محمد رشدان وكان يضم محاميين عرب و أجانب أمثال عائشة القذافي نجلة الزعيم الليبي معمر القذافي و كيرتس دوبلر Curtis Doebbler من الولايات المتحدة و ايمانويل لودوت Emmanuel Ludot من فرنسا و مارك هينزلين Marc Henzelin من سويسرا و جيوفاني ديستيفانو Giovanni di Stefano من المملكة المتحدة.
تباينت ردود الفعل على المحاكمة في صفوف العراقيين فاعتبره البعض حلما طال انتظار تحقيقه واعتبره البعض أنه محاولة من الحكومات العراقية التي أتت بعد غزو العراق 2003 و جورج و. بوش لصرف النظر عن الوضع الأمني السيئ و نقص في الخدمات الأساسية و تهربا من مشاكل أكبر أهمية التي تسود العراق بعد 9 ابريل 2003 . وخرجت مظاهرات تطالب بالإسراع بإصدار حكم الإعدام على صدام حسين وخاصة بين صفوف الأكراد في الشمال و الشيعة في الجنوب وعلى العكس تماما خرجت مظاهرات مؤيدة لصدام حسين في مناطق وسط العراق تطالب بإطلاق سراحه و عودته إلى سدة الحكم في العراق.
عربيا طالبت الكويت بإعدام صدام حسين لكونه وحسب تعبيرها "مجرم حرب" ومن الجدير بالذكر أن صدام حسين قد دافع عن قراره باجتياح الكويت عام 1990 وقال "كيف تقول وأنت عراقي "غزو الكويت" بينما الكويت جزء من العراق؟" موجها سؤاله للقاضي . في السعودية و مصر اعتبر بعض المحامين صدام حسين أسير حرب و المحكمة الجنائية المختصة محكمة غير قانونية لكونها معينة من قوة احتلال. وأعتقد البعض في الشارع العربي محاكمة الرئيس العراقي السابق أمر مثير للسخرية بسبب ما وصفوه بالتناقضات على أن يقوم الاحتلال بمحاكمة زعيم دولة يمثلها قانونا ودستورا بينما "لا أحد يتجرأ حتى ولو بكلمة واحدة اتجاه أمريكا و إسرائيل وهي تسرح وتمرح في العالم كيفما تشاء وتعطي لها الحق في كل شيء تفعله" حسب تعبيرهم.
عالميا أبدت منظمة مراقبة حقوق الأنسان Human Rights Watch و منظمة العفو الدولية ملاحظات حول معايير المحكمة الجنائية المختصة التي حسب نظرهم "قد لاترتقي إلى مستوى المعايير الدولية و أبعدت الأمم المتحدة نفسها كليا عن اجراءات المحاكمة لنفس الأسباب وللاحتمالية الكبيرة من صدور حكم الإعدام. وشهدت بعض الدول مظاهرات تطالب بإطلاق سراح صدام حسين منها على سبيل المثال مظاهرة في بنغلاديش في 20 أكتوبر 2005 وطالبوا بمحاكمة جورج و. بوش و طوني بلير بدلا من صدام حسين.
هناك عدد من الأنتقادات من اطراف عراقية و عربية و عالمية موجهة لعملية محاكمة صدام حسين يمكن اختصارها بالنقاط التالية:
في 5 نوفمبر 2006 اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بالاعدام شنقا على المدان صدام حسين، كذلك اصدرت نفس حكم الاعدام شنقا على المدانين برزان إبراهيم الحسن مدير جهاز المخابرات السابق وعواد حمد البندر السعدون رئيس محكمة الثورة الملغاة. أما طه ياسين رمضان فقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة. بالنسبة لباقي المتهمين بالقضية فقد حكم على علي دايح وعبد الله كاظم رويد ومزهر عبد الله بالسجن 15 عاما، كما افرجت عن المتهم محمد عزاوي لعدم كفاية الادلة.
في 26 ديسمبر 2006 أصدرت الهيئة التمييزية في المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بتثبيت حكم الإعدام على صدام حسين وبرزان إبراهيم وعواد حمد البندر وأوصت بتشديد الحكم على طه ياسين رمضان.. وهكذا اصبح لزاما على الحكومة العراقية تنفيذ حكم الإعدام شنقا على صدام وأعوانه خلال ثلاثين يوما تبدأ في 26 ديسمبر 2006.
في الساعة الخامسة وخمسة واربعين دقيقة من فجر يوم السبت الموافق 30 ديسمبر 2006م الموافق للعاشر من شهر ذي الحجة 1427هـ (عيد الأضحى المبارك) تم تنفيذ حكم الاعدام شنقا بالرئيس العراقي السابق صدام حسين وسط هتافات باسم (مقتدى الصدر) و (إلى جهنم) مما أثار حفيظة هيئات حقوق الإنسان إذ اعتبر ذلك الإعدام انتقاما طائفيا .