المستكشف والرحالة جورج والن بالملابس العربية
جورج أوغست والن (بالفنلندية: Yrjö Aukusti Wallin) كان رحالة فنلندي من أوائل المستكشفين الأوروبيين لجزيرة العرب، ولد عام 1811م، وتخرّج من جامعة هلسنكي عام 1829م، وغادر من هناك نحو هامبورغ ثم باريس ومرسيليا ثم إلى استانبول ومنها نحو القاهرة.
في القاهرة لازم والن رجال دين ودرس عندهم وحفظ أجزاء من القرآن، وبعدها بدأ رحلة داخلية في مصر ثم غادرها نحو الجزيرة العربية، وكانت محطته الأولى مدينة الجوف، وبقي فيها حوالي ثلاثة أشهر ونصف وغادر منها نحو حائل.
زيارته لمدينة حائل
غادر والن من الجوف نحو حائل وحل ضيفا عند الأمير عبدالله العلي الرشيد مؤسس دولة آل رشيد في حائل، ولم يلبث حتى اشترى منزلاً في مكة المكرمة. وكتب والن في مذكراته أنه في حائل "نسي العالم كله"، وقضى اياماً سعيدة فيها لدرجة أنه فكر في قضاء بقية عمره هناك، لا سيما وأنه صاحب الكثيرين من هناك وتكوّنت له صداقات عديدة إلى حد أن أحد الشعراء من مدينة حائل قد وعده بتزويجه ابنته في حال استجاب للإقامة.
وننقل من كتاب والن عن رحلته، هذه المقتطفات حول حائل:
- تكثر في جبلي أجا و سلمى الينابيع والآبار، ومياه آبارها، دون استثناء، من نوعية ممتازة، عذبة وخفيفة، وتساعد على الهضم السريع.
- إن الحبوب المزروعة في حائل تفضّل على المستوردة من بلاد مابين النهرين، بسبب جودتها وطبيعة مادتها، وتباع بسعر أعلى من سعر الحبوب المستوردة.
- بخلاف سكان البلدات الصحراوية الأخرى، فإن (الحضر(أهل المدينة)) Kيعدون أكثر تفوقاً من (بدو) القبيلة، في الشجاعة وفن استعمال السلاح، ودون أدنى شك يعود الفضل إليهم (أي الحضر(أهل المدينه))، وليس إلى البدو، في كل انتصارات عائلة آل رشيد.
- إنني أعد شمر، على نحو لا نزاع فيه، واحدة من القبائل الأكثر نشاطاً وقوة في بلاد العرب في الوقت الحاضر (عام 1845م)، وقوتهم ونفوذهم يزدادان بإطراد كل سنة. فمن القصيم إلى حوران، ومن ديار ابن سعود في شرق نجد إلى جبال الحجاز، خضع العرب لإبن رشيد والتزموا بطاعته من خلال أداء الزكاة له.
- في أثناء إقامتي في حائل كان هناك نحو 200 شخص من جميع أنحاء بلاد العرب ضيوفا على الأمير عبدالله (عبدالله العلي الرشيد) ينتظرون صدور قرار في قضية أو قضاء حاجة أخرى.
- يقول السكان أن أي فرد يمكنه أن يسافر عبر أراضيهم من أدناها إلى أقصاها حاملاً ماله فوق رأسه دون أن يعترضه أحد أو يخاف، مجرد خوف، من نهبه.
- في المراحل الأولى للوهابيين كانوا يحرّمون التبغ (الدخان) تحريماً قطعياً، ويحرّمون لبس الحرير للرجال، ويحرّمون الشعر والموسيقى وكافة أنواع الفنون واللهو، وقيّدوا أكل الأرز لفترة لأنه لم يكن موجودا على عهد الرسول، ويحرّمون العلاقات الودية مع المسلمين الآخرين فضلا عن غير المسلمين، ويعدّون قتالهم واجباً دينياً ان استمروا في زيارة أضرحة الأولياء. أهالي حائل من جهتهم، كانوا قد أخبروني بطريقة لا تخلو من التهكم والسخرية أن أتباع ابن سعود لا زالوا يعتقدون بهذه المبادئ الوهابية ويتمسكون بهذه الآراء. وأرى أن أهالي حائل وشمر أبطلوا هذه الممارسات، ويتحلون بالتسامح إزاء زوارهم أيا كانوا.
- حينما قدمت إلى حائل دهشت كثيراً ليس فقط لرؤيتي الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث واثنتي عشرة سنة في مجالسة كبار السن، ومبادلتهم الحديث، ولكن أيضاً أخذ رأيهم في مواضيع تفوق مستواهم، والاستماع إلى مايقولونه باهتمام. ويعيش الصغار مع آبائهم في محبة وألفة، ولم أر في حائل تلك المشاهد الكريهة المألوفة بمصر، والد حانق يضرب ابنه، ولا رأيت الإذلال الذي يعانيه صغار الأتراك الذين لا يُسمح لهم ابداً بالجلوس أو حتى الكلام في حضرة آبائهم المتغطرسين، ولم أر في العالم كله أولاداً أكثر تعقلاً وأحسن خلقاً وأكثر إطاعة لآبائهم من الحائليين.
- على الرغم من آراء الوهابيين ضد الشعر، إلا أن جبل شمر (حائل) يعتبر موطنه، وهم رجالاً ونساءاً ينظمون قصائد غالباً ما تكون مرتجلة، ويحفظ كل شخص صغيراً وكبيراً قصائد كثيرة، وأمراء عائلة الرشيد كلهم شعراء، كما كان امرؤ القيس، الشاعر الشهير الذي كان ملكاً عليهم قديماً.