الأمير عبد الله العلي الرشيد أول حكام إمارة آل رشيد في حائل عام 1834 م / 1251 هـ.
ولد في حائل عام 1788، ويعود نسب أسرته إلى الجعفر من عبده من قبيلة شمر العائدة إلى قبيلة طيء. ونشأ تحت رعاية والديه مع إخوته عبيد وعبدالعزيز وشقيقتهم نورة، وكان والده علي الرشيد صاحب أراض وضياع، ووالدتهم علياء العبدالعزيز الحميان، من إحدى كبار أسر حائل [1]. وتزوج عبدالله في شبابه من سلمى بنت محمد العبدالمحسن آل علي (حاكم حائل حتى 1818)، ثم تزوج بعدها منيرة الجبر.
فهرس
|
حاول عبدالله في مطلع عام 1820 أن يكوّن معارضة ضد حكم أسرة آل علي التي تنتمي أيضاً لقبيلة شمر. وقد شعر حاكم الجبل آنذاك، صالح بن عبدالمحسن آل علي ، بخطر عبدالله بن رشيد فنفاه مع أخيه عبيد من حائل في عام 1235 هـ / 1820م فتوجه عبدالله إلى العراق واستقر بها فترة من الزمن [2] وشارك في بعض معارك قبيلة شمر في العراق مع خصومهم وأظهر من النشاط والذكاء ما أكسبه ثقة الوالي العثماني، وظل في العراق حتى طلب منه فيصل بن تركي آل سعود أن يساعده في استعادة حكم أبيه، الذي استولى عليه ابن عمه مشاري بن عبدالرحمن آل سعود.
عندما اغتيل تركي بن عبدالله حاكم الرياض في عام 1249 هـ / 1834 م بمؤامرة دبرها قريبه مشاري بن عبدالرحمن آل سعود، كان ابنه فيصل بن تركي في غزوة نحو القطيف، وعندما بلغه الأمر سارع بالعودة إلى الرياض وطلب النجدة من عبدالله بن رشيد، فقاد عبدالله بن رشيد، مجموعة من الرجال، في حصار واقتحام القصر فتم لهم قتل مشاري بن عبد الرحمن وعدداً من رجاله، وذلك في الحادي عشر من شهر صفر 1250هـ / 18 يونيو 1834 م.
بعد أن قدّم عبدالله بن رشيد مساعدته لفيصل بن تركي وأعاد له حكم الرياض، قرر التوجّه نحو حائل بصحبة رجاله، وقد وصلت أخبار انتصاراته في الرياض، إلى حائل قبل أن يصل، ما سهّل له مهمة إنهاء حكم أسرة آل علي وتولي زمام الأمور في حائل وإنشاء دولة آل رشيد التي استمرت قرابة قرن، وكان ذلك في أواخر عام 1834 م.
وكان الإنقلاب الذي نفذه عبدالله بن رشيد ضد أسرة آل علي انقلاباً سلمياً إذ حالما تمكن من السيطرة على المدينة أصدر مرسوماً بعزل صالح بن عبدالمحسن آل علي عن الإمارة ونفيه إلى المدينة المنورة، ولم يقتل أي فرد من أسرة آل علي.
كان حاكم حائل السابق صالح بن عبدالمحسن آل علي على رأس المشاكل التي واجهت عبدالله بعد إعلان دولته وحصوله على مباركة الأهالي. فقد استعان صالح آل علي بالعثمانيين بعد أن تم نفيه إلى المدينة المنورة، وحاول الإقتراب من حائل أكثر من مرة، حتى أصبح يشكل خطراً دائماً على الدولة الناشئة، فواجهه عبيد بن رشيد في معركة قرب المدينة واستطاع قتله فيها، غير أن عيسى بن صالح آل علي (إبن الحاكم) تمكن من النجاة في تلك المعركة وعاد واستقر في المدينة.
في عام 1252 هـ / 1836 م، أرسل محمد علي باشا جيشاً بقيادة ابنه إسماعيل بك باشا ومعه خالد بن سعود، الذي أراد محمد علي باشا تعيينه أميراً على الدرعية بعد أن قتل آخر زعمائها في حملته عليها عام 1818. وعندما وصل الجيش إلى المدينة المنورة قادماً من مصر، استطاع عيسى بن صالح آل علي، الحصول على تأييد إسماعيل بك باشا قائد الجيش، وبالتالي الحصول على فرقة عسكرية عثمانية تساعده في انتزاع حكم أجداده من آل رشيد في حائل. وتم له ذلك واستطاع دخول حائل بعد أن انسحب عنها عبدالله بن رشيد نحو مدينة جبة شمال حائل، وكان ذلك في محرم 1253 / أبريل 1837 م. ومما قال الأمير عبدالله الرشيد من الشعر أثناء وجوده في جبة، هذه الأبيات :
جبة سقاه من أول الوسم رعّاد ... ما حدّرت مع "أم سمنان" تسقيه
اللي بها للمنهزم زين ميعاد ... من لاذ به كن الحرم لايذ ٍ فيه
ويقول متحدثاً عن عيسى بن صالح آل علي الذي استرد الحكم في حائل :
عيسى يقول الحرب للمال نفـّاد ... والمال من هبّت نسانيس ذاريه؟
عيسى يقول الحرب مابه لنا أذواد ... إسأل مسوّي السيف، قل : ليه حانيه؟
لا عاد ما ناصل ونضرب بالأحداد ... هبيت يا سيف طوى الهم راعيه [3]
لم تبق الفرقة العسكرية العثمانية في حائل طويلاً، إذ سرعان ما عادت إلى القصيم ، وبقي مائة جندي من العثمانيين عند عيسى آل علي مما أضعف موقفه ، فتوجه عبدالله بن رشيد مع أخيه عبيد وأعوانهما من مدينة جبة إلى بلدة قفار جنوب حائل واتخذاها مركزاً لمقاومة عيسى آل علي، وساعدهم وقدم لهم الملجأ في قفار أميرها زيد الخشيم الخالدي.
وفي أواخر عام 1837م أرسلت حملة عسكرية ثانية من مصر بقيادة خورشيد باشا لتعزيز القوات العثمانية في نجد، انطلقت من المدينة المنورة، ولما علم عبدالله بن رشيد بحكم تجربته وخبرته أنه لا يمكن مقاومة تلك الحملة، غادر بلدة قفار إلى المدينة المنورة لملاقاة قائد الحملة خورشيد باشا والتفاوض معه، وقع الإثنان إتفاقية يتخلى بموجبها خورشيد باشا عن دعم عيسى آل علي، ويقدم له عبدالله بن رشيد بالمقابل تأميناً للأبل اللازمة لحملة خورشيد على الوهابيين والمتقاتلين على الحكم من آل سعود في الرياض آنذاك.
وتعتبر تلك الإتفاقية أولى الإتفاقيات التي وقعت بين آل رشيد والعثمانيين على امتداد دولتيهما.
حالما وقع عبدالله الإتفاقية مع خورشيد باشا، قاد أخاه عبيد العلي الرشيد جيشاً نحو حائل واستطاع دخولها بسهولة، واضطر حاكمها عيسى آل علي إلى السفر نحو القصيم والبقاء هناك.
ومنذ ذلك الوقت أصبح عبدالله بن رشيد أميراً غير منازَع ، وكانت الإمارة طوال فترة حكمه تزداد قوة ومجداً يوماً بعد يوم، كما كان نفوذها خارج منطقة الجبل يزداد توسعاً وانتشاراً سنة بعد سنة.
لما تمكن فيصل بن تركي وأخوه جلوي ومن معهما من آل سعود من الفرار من مصر أوائل عام 1259 هـ / 1843 م، توجهوا إلى حائل فتلقاهم عبدالله بن رشيد في حائل بالترحاب . ومن حائل انطلق كل من عبدالله بن رشيد، وأخيه عبيد بن رشيد مع فيصل بن تركي وأخوه جلوي بن تركي، لإزاحة عبدالله بن ثنيان عن حكم الرياض، وانتهت حملتهم باسترداد فيصل بن تركي للحكم ودخوله الرياض في 12 جمادى الأولى عام 1259هـ/9 يونيو 1843م.
لقد قامت العلاقة بين آل رشيد وآل سعود في عهد التأسيس على أسس قوية وثابتة، واختلفت العلاقة بين عبدالله بن رشيد وفيصل بن تركي عن أية علاقة أخرى بين عبدالله بن رشيد وبين أي من حكام الأقاليم النجدية الأخرى، وقد توثقت هذه العلاقة بالمصاهرة بين الأسرتين، فقد تزوج عبدالله بن فيصل بن تركي من نورة العبدالله الرشيد، ثم من ابنة عمها طريفة العبيد الرشيد، ولما توفي عنها، تزوجها شقيقه محمد بن فيصل بن تركي. وكذلك فقد تزوج عبدالله بالجوهرة أخت فيصل بن تركي، وتزوج ابنه طلال من الجوهرة بنت فيصل.
وأنجبت له
توفي في جمادي الأولى سنة 1263هـ / أبريل 1847 م .
سبقه مؤسس الامارة |
امير حائل 1251 هـ - 1263هـ |
تبعه طلال بن عبد الله الرشيد |