Brescia بريشـَّا ، مدينة في شمال إيطاليا ، عاصمة مقاطعة بريشا بإقليم لومبارديا ، و بعدد سكانها البالغ 190.044 نسمة تعد ثاني أكبر مدن الإقليم بعد مدينة ميلانو التي تبعد عنها مسافة 92 كم شرقاً .
تعرف ب Leonessa d'Italia (لبوة إيطاليا) كما وصفها بذلك مادحاً الشاعر جوزويه كاردوتشي .
مخطط المدينة المستطيل و الشوارع المتقاطعة بزاوية قائمة ، خصوصية تعود لعهد الرومان ، رغم أن المنطقة المغلقة بأسوار من القرون الوسطى أكبر من تلك من البلدة الرومانية التي تقع في الجزء الشرقي من المدينة الحالية . ساحة المتحف تقع في مكان الساحة الرومانية (forum) ، و المتحف في جهتها الشمالية يحجب معبد كوريثي بثلاثة cellae ، ينسبها البعض إلى هرقل ، و لكن أغلب أن من أقامها هو فسبازيان 73 ق.م إذا كان النقش حقا ينتمي إلى المبنى و التي اكتشفت في عام 1823. يحوي المتحف تمثال نصر برونزي الشهير وُجد في سنة 1826 . بقايا هزيلة لا تزال من مبنى على الجانب الجنوبي للساحة ، يسمى مجلس الشيوخ (curia) ، و قد يكون كاتدرائية ، و لا يزال مسرح موجود شرقي المعبد .
فهرس |
المناخ بارد شتاءاً حتى التجمّد مع إمكانية سقوط الثلوج خاصة أعلى وادي ترومبيا . الصيف مثير للضيق عند السهل و منعش عند الوديان الثلاثة .
أهم مسارات المياه في المدينة هو نهر ميلا الذي يجري بجانبها .
باقي مسارات المياه إمّا لها طابع الجداول (مثل جدول غارسا) أو قنوات (مثل نافيليو)
المدينة ليست بعيدة عن أكبر بحيرات إيطاليا بحيرة غاردا ، بينما توجد في المقاطعة بعض أهم بحيرات الألب الإيطالي (بحيرة سيبينو ، بحيرة إدرو ، ...)
تقع المدينة في نهاية وادي ترومبيا ، عند سفح جبل مونتي مادالينا (874 م) و هضبة سيدنيو التي توجد عليها قلعة بريشا.
الأراضي المدينة سهلية في أغلبها و إن كان على بُعد قريب منها تبدأ سفوح ما قبل الألب اللومباردية التي ضُمت عملياً تقريباً و بمرور الزمن إلى المدينة المتوسعة بسرعة .
توجد روايات أسطورية مختلفة عن تأسيس بريشا : إحداها تنسب أصولها إلى هرقل ، بينما تروي أخرى إن تروي (Troe) الذي فرّ من طروادة المحترقة ، وصل إلى مكان قريب حيث بريشا اليوم و أسس هناك ألتيليا (Altilia) بمعنى طروادة الأخرى . و وفقا لرواية أخرى أن سيدنوس ملك الليغوريين و الذي كان قد اقتحم وادي بو أواخر العصر البرونزي هو مؤسس المدينة . و ينسب بعض الدارسين تأسيسها إلى الأتروسكان .
غزاها السينومانيون الغال حلفاء الإنسوبريين في القرن الرابع قبل الميلاد ، و صارت عاصمتهم ؛ أصبحت مدينة رومانية سنة 225 قبل الميلاد بعد أن سلـّمها الإنسوبريون . كانت Brixia أثناء الحروب القرطاجية عادةً حليفةً للرومان : في سنة 202 قبل الميلاد كان جزءاً من اتحاد سلتي ضدهم ، و لكنها غيرت موقفها بعد اتفاق سري فهاجمت الإنسوبريين فجأة و دمرتهم . و إثر ذلك دخلت المدينة و القبيلة سلميا في العالم الروماني كحليفة مخلصة ، و محافظةً على حرية إدارية معينة . ذُكرت سنة 89 قبل الميلاد كمدينة (civitas) و في سنة 41 قبل الميلاد حصلت في على المواطنة الرومانية . أسس أوغسطس هنا مستعمرة مدنية (و ليست عسكرية) سنة 27 قبل الميلاد ، و بنى هو و تيبريوس جسرا لتموينها. كان لدى Brixia الرومانية ثلاثة معابد على الاقل ، جسر ، مدرج ، و ساحة مع معبد آخر بنيت في عهد فسبازيان ، و بعض الحمامات.
لمّا تقدمت القسطنطينية ضد ماكسنتيوس في عام 312 ، وقع اشتباك في بريشا اضطر العدو إلى التراجع حتى فيرونا. في عام 402 دمّر القوطيون الغربيون المدينة أيام ملكهم ألاريك الأول . حوصرت المدينة و سقطت مرة أخرى خلال غزو الهون بقيادة أتيلا عام 452 ، و بعد أربعين عاما ، كانت من أولى فتوحات الجنرال القوطي ثيودوريك العظيم في حربه ضد أودواكر .
احتل اللومبارديون بريشـّا في سنة 568 أو 569 و جعلوها عاصمةً لإحدى دوقياتهم شبه المستقلة . كان الدوق الأول ألاكيس و توفي سنة 573 . شمل الدوقات اللاحقين الملك المستقبلي روتاريس و رودوالد ، و ألاكيس الثاني المناهض للكاثوليكية و الذي لقي مصرعه في معركة كورناتي دادا (سنة 688). ديزيديريوس آخر ملوك من اللومبارديين كان أيضا دوق بريشا . عام 774 استولى شارلمان على المدينة و أنهى وجود مملكة اللومبارديين شمال إيطاليا.
كان نوتينغوس أول أمير أسقف عليها في عام 844 حملا لقب كونت (انظر أسقفية بريشا) . لاحقاً تحدى المواطنون المحليون و النبلاء تدريجيا سلطة الأسقف كممثل إمبراطوري ، و حوالي أوائل القرن الثاني عشر صارت بريشـّا بلدية حرة . و توسعت لاحقاً في الريف المجاور ، أولاً على حساب مالكي الأراضي المحليين ، ثم ضد البلديات المجاورة لا سيما بيرغامو و كريمونا . وقد هزمت بريشـّا الأخيرة مرتين متتالتين في بونتوليو و في غروموري (منتصف القرن الثاني عشر) ، ثم في معركة مالامورتي سنة 1192 .
شاركت بريشا في صراع العصبة اللومباردية البلدي (النصف الثاني من القرن الثاني عشر) ضد الأباطرة إلى جانب ميلانو و بياتشنسا حليفاها التاريخيان في الفترة البلدية ، و عُرف عن جنود البلدية في معركة لنيانو كونهم ثاني أكبر الوحدات بعد ميلانو . أنهى صلح كونستانس (1183) الحرب مع فريدريك بربروسا مُؤكداً رسمياً حرية البلدية . في سنة 1201 تصالح البودستا رامبيرتينو بوفاليلي و من تم أنشأ تحالفاً مع كريمونا و بيرغامو و مانتوفا . يُذكر أيضا حصار بريشا سنة 1238 من قبل الغويلفيين و قام بفكه الإمبراطور فريدريك الثاني على حساب جزء أخذته المدينة في معركة كوتينوفا (27 تشرين الثاني نوفمبر 1237). فخرجت بريشا من هذا الهجوم منتصرة . بعد سقوط آل هوهنشتاوفن ، انحدرت مؤسسات الجمهورية في بريشا كما هو الحال في سائر المدن الحرة و تنازعت العائلات القوية على السيادة ، رأسَ من بينهم آل مادجي و آل بروزاتي ، و هؤلاء الأخيرين كانوا من الغيبلينيين (موالين للإمبراطورية و مناهضين للبابوية) . في سنة 1258 سقط في أيدي آل إتشيلينو من فيرونا .
حاصر الإمبراطور هنري السابع بريشـّا في سنة 1311 لمدة ستة أشهر خاسراً ثلاثة أرباع جيشه . و لاحقاً سعى آل ديلا سكالا من فيرونا و بمساعدة من الغيبلينيين المنفيين إلى وضع بريشا تحت سيطرتهم . ثم لجأ مواطنو بريشا إلى يانغ الأعمى كونت لوكسمبورغ ، بيد أن ماستينو الثاني ديلا سكالا طرد الحاكم المعين من قبله . و سرعان ما نازعه آل فيسكونتي من ميلانو على سيادته ، و لكن حتى حكمهم لم يكن مستقرا ، حيث استولى باندولفو الثالث مالاتيستا على المدينة في عام 1406 ، و لكنه قايضها في عام 1416 مع فيليبو ماريا فيسكونتي ، الذي باعها بدوره إلى البنادقة في سنة 1426 . أجبر النبلاء الميلانيون فيليبو على استئناف الأعمال العدائية ضد البنادقة ، و بالتالي لمحاولة استعادة هذه المدينة ، و لكنه هُزم في معركة ماكلوديو (1427) قـُرب بريشـّا . في سنة 1438 حوصرت بريشـّا طويلا من قبل الكوندوتييرو نيكولو بيتشينينو لحساب دوق ميلانو ، و قد رُفع الحصار بتدخل سكاراموتشا دا فورلي قائد حملة (capitano di ventura) يعمل لحساب البندقية. من ذلك الحين فصاعدا اعترفت بريشا بسلطة البندقية ، باستثناء السنوات بين 1512 و 1520 ، لمّا احتلتها الجيوش الفرنسية بقيادة غاستون دوق نيمور . في أوائل القرن السادس عشر أصبحت إحدى أغنى مدن لومبارديا ، و لكنها لم تتخلص من الهيمنة الفرنسية . بعد ذلك تبعت ممتلكات جمهورية البندقية حتى عام 1796 ، لمّا صارت تحت السيطرة النمساوية.
بعد انتهاء العهد النابليوني ، ضـُمت بريشا إلى دولة تسمى مملكة لومباردو فينيتو تابعة للنمسا . ثارت بريشا في عام 1848. و عادت لتثور مرة أخرى فيما عُرف بأيام بريشا العشرة في (آذار مارس 1849) و التي من أجلها سماها الشاعر جوزويه كاردوتشي "لبوة إيطاليا" ("Leonessa d'Italia") لمقاومتها البطولية ، فقد كانت المدينة اللومباردية الوحيدة التي دعت لاستجماع قوى كارلو ألبيرتو دي سافويا في السنة الأخيرة ؛ و لكن النمساويون أخذوها بقيادة هايناو بعد عشرة أيام من قتال الشوارع عنيد .
دُمرت المدينة سنة 1769 لمّا ضرب البرق كنيسة سان نازارو . فأشعلت النيران الناتجة 200000 رطل (90000 كيلوغرام) من البارود المخزن هناك ، و سبب الإنفجار الهائل دمار سُدس المدينة و مقتل 3000 شخصا.
توحدت بريشـّا بإيطاليا في عام 1859.
حصلت المدينة على الميدالية الذهبية لمقاومتها ضد الفاشية في الحرب العالمية الثانية .
في 28 آيار مايو 1974 ، شهدت انفجارا دموياً في ساحة لودجا .
بريشا مع منطقتها الحضرية (L'area urbana) التي تشمل بلدية بريشـّا و البلديات المجاورة ، هي من أهم المناطق الصناعية الإيطالية .
أهم الأنشطة الصناعية هي الصناعات الميكانيكية (الآلات ، وسائل النقل ، الأسلحة ، قطع المحركات) ، و التعدين (الأهم إيطالياً : مواد البناء ، أدوات المائدة ، الحنفيات) ، و المنسوجات ، و الأحذية ، و الملابس ، و الصناعات الغذائية و الطوب . كما هو الحال في بقية إيطاليا ، الكثير من الشركات البريشية ذات حجم بين المتوسط و الصغير و بإدارة عائلية ؛ في السنوات الاخيرة جاءت أيضا شرات ذات أهمية كبيرة و فروع هامة (خاصةً الأجنبية) ، سواءاً في أراضي المدينة أو في المراكز الصناعية الكبرى في المقاطعة .
في الأربعين عاماً الأخيرة ازدادت أهمية القطاع المصرفي ، و التجاري و الإتصالات . أصبح للمدينة أيضا بُعداً ثقافياً من أهمية معينة ، في إيطاليا و في أوروبا ، و ذلك بفضل العديد من التضاهرات و إلى إعادة اكتشاف الجماليات المعمارية و الطبيعية ؛ و استمراراً في سلوك هذا الطريق الهام ، يُتوقـّع العديد من التدخلات للرفع من قيمة المدينة بطريقة كبيرة.
كما تبرز أهميتها في القطاع المالي ، و السياحي ، و الزراعة و الثروة الحيوانية . و لهذا السبب فإن مقاطعة بريشا لها ناتج محلي إجمالي يصل إلى 37 مليار يورو ، و هو خامس أكبر ناتج محلي إجمالي في إيطاليا بعد ميلانو و روما و تورينو و نابولي.
من بين أهم الشركات القائمة في المدينة هناك مجموعة A2A ، ناتجة من الاندماج بين ASM Brescia و AEM Milano ، و هي الآن ثالث شركة خدمات إيطالية.
و يوجد أيضا العديد من فروع المصارف و النشاطات المالية . في السنوات الأخيرة ، وفي أعقاب عملية إندماج مصرفي فقدت المدينة مقار أهم مصرفين فيها .
وهناك إيضا في المدينة مصنعي كبيرين ، و مقار مجموعات لوكيني (الصلب) و لوناتي (آلات الجوارب) ، من بين الأكبر في البلاد. بريشا و المقاطعة هي أيضا المنطقة الأولى في إيطاليا بإنتاج الأسلحة ، و أشهر مصنع هو بيريتا.
بريشا و مقاطعتها ليستا مشتركتين أساسياً فقط الصناعة ، بل أيضا في أعلى مستويات القطاع المالي . ليس فقط لوجود أكثر من 900 فروع لمصارف عاملة ، بل أيضا لأن الأسر و المؤسسات الرئيسية تحتفظ بأسهم في أهم شركات البلاد . ومن أهم رجال الأعمال جوفاني بازولي ، إميليو نيوتي و رومان زالسكي .
كما يبرز قطاع البناء - في ازدهار ، نظراً لإعادة تأهيل حضرية جارية - و القطاع التجاري ، سواءاً في التوزيع الكبير أو الصغير.
قطاع هام آخر هو التسلية و المطاعم ، مع ما يزيد على 2000 الحانة و مطعم و مراقص و نوادي ليلية .
على بُعد 56 كيلومتر عن مركز المدينة يقع مطار بريشا مونتيكياري الذي افتتح في عام 1999 .
يمر من المدينة الطريق السريع Autostrada A4 الذي يربطها مع تورينو ، بيرغامو ، ميلانو ، فيرونا ، البندقية و ترييستي ، و نهاية طريق Autostrada A21 الذي يصلها بكريمونا و بياشنسا ، و حديثاً يصلها بتورينو طريق جنوب A4 .
المدينة مزوّدة بشبكة حافلات نقل عمومي تتكون من 18 خط يخدم أيضا 14 بلدية مجاورة . العدد السنوي للركاب يعادل 35 مليون : بذلك هي الأولى من بين المدن متوسطة الحجم ، متخطيةً أربعة شبكات على الأقل للنقل العام في المدن الكبيرة .
يجري إنشاء سكك قطار أنفاق ضمن حدود البلدية ، على نموذج ذلك الذي أنجز مؤخرا في كوبنهاغن . كما أنه تجري دراسة مشروع من قبل إدارة المقاطعة و الإقليم لخدمة الضواحي مستخدماً شبكة السكك الحديدية التي تتمحور حول المدينة.
يمر بالمدينة خط السكة الحديدية الهام ميلانو - البندقية ، و تنطلق بدايةً من محطة بريشا خطوط حتي كريمونا ، و بارما و إزيو إدولو و بيرغامو و ليكو.