الرئيسيةبحث

البرئ (فيلم)

البريء
إخراج عاطف الطيب
قصة وحيد حامد
بطولة أحمد زكي
جميل راتب
صلاح قابيل
محمود عبدالعزيز
ممدوح عبد العليم
سيناريو وحيد حامد
حوار وحيد حامد
موسيقى عمار الشريعي
تصوير سعيد شيمي
اللغة العربية
الإنتاج 1986
عرض 11 أغسطس 1986
مدة العرض 1:59

البرىء فيلم مصرى جرئ يحمل أكثر من فكرة واحدة ، يتحدث الفلم عن الحرية بمعناه الشامل عن طريق إظهار لمحات من الفساد السياسي في مصر بعد سياسة الإنفتاح وبالتحديد خلال فترة ماسميت بإنتفاضة 17 و18 يناير 1977, كما إن الفيلم يتحدث عن فكرة تحول الإنسان إلى آلة مبرمجة من أجل خدمة سلطة معينة ويختصر بعض النقاد فكرة الفيلم بالعبارة "قمع الحرية بجهل الأبرياء" . كتب مؤلف قصة الفيلم وحيد حامد في الإهداء الذي تصدر نص السيناريو المكتوب "إهداء إلى عشاق الحرية والعدالة في كل زمان و مكان أهدى هذا الجهد المتواضع" . بالرغم من جودة العمل الفني وإبداع الممثلين ، إنتقد البعض نهاية الفيلم لكونها وحسب تعبير البعض كررت النغمة الشرقية القديمة للحلول الفردية والتي تتمثل عادة في التصفيات الجسدية.

وافق وزير الثقافة المصري فاروق حسني في عام 2005 ، في إنتصار نادر لحرية الرأي والتعبير في العالم العربي على عرض النسخة الكاملة لفيلم البريء من دون حذف للمرة الأولى على شاشة السينما, بعد 19 عاماً من إنتاجه. وكان الفيلم واجه اعتراضات رقابية, وشاهده وزراء الداخلية والدفاع والثقافة في عام 1986, وطالبوا بحذف عدد من مشاهده وتغيير نهايته. تم عرض الفيلم كاملة وبدون تقطيع و رقابة في ابريل 2005 في مهرجان السينما القومي تكريما للفنان الراحل أحمد زكي, ومن المعروف ان الفيلم اختصرت منه بعض الجمل في مشاهده المختلفة في حين حذف مشهد النهاية من قبل لجنة رقابة شكلها مجلس الوزراء من 3 وزراء ، وزير الدفاع السابق المشير عبد الحليم أبو غزالة ووزير الداخلية السابق احمد رشدي ووزير الثقافة السابق احمد هيكل في عام 1986 قررت حذف المشهد بحجة ان الزمن لا يتناسب مع عرضه. يحتوي الفيلم على أغنيتين بصوت الموسيقار المبدع، عمار الشريعي، و من كلمات الشاعر عبد الرحمن الأبنودي إعتبر البعض هاتين الأغنيتين قمة في الإبداع ومعبرتين جدا عن مضمون الفيلم.

فهرس

القصة

تحذير إفساد فيلم: يلي هذا التحذير قصة أو تفاصيل الفيلم، ما قد يفسده لمن يرغب بمشاهدته.

الشخصية الرئيسية في الفيلم هو أحمد سبع الليل (أحمد زكى), الشاب الريفي الفقير الذي يعيش مع أمه وأخوه عبد الصبور المتخلف عقليًّا ، لايعرف أحمد سبع الليل من الدنيا إلا قريته حيث لم تمكنه ظروفه الإقتصادية من التعليم ، مفهومه للوطن مفهوم بسيط فالبلد بالنسبة له هو الحقل الذى يزرعه بنفسه والترعة التى يقذف بجسده فيها ليقاوم حرارة الصيف والأعداء هم ما يمكن أن يراهم رؤية العين وجهاً لوجه، حيث يتوقف استيعابه الذهنى عند ذلك الحد والترفيه الوحيد الذي يمارسه بعد عناء يوم شاق هو محل البقالة الوحيد الذى يتجمع عنده بعض شبان القرية لقضاء الوقت بالحديث أو بالتسلى بالسخرية من السذج مثل أحمد سبع الليل . الشاب الجامعي الوحيد في القرية, حسين وهدان (ممدوح عبد العليم) متعاطف مع أحمد سبع الليل ويمنعه من التمادى للشباب الآخرين في السماح بالسخرية من سذاجته، ويقوم بتشجيعه على تجنيد نفسه في القوات المسلحة "للدفاع عن البلد ضد الأعداء" .

عندما يتم إستدعاء أحمد سبع الليل للتجنيد الإجباري ولأنه لايعرف ما معنى التجنيد او إلى اين يذهب يقوم حسين وهدان بتوضيح معنى التجنيد لأحمد سبع الليل فيقول "إن الجيش يحمي البلد من أعداء الوطن" ، وهنا يرد أحمد وقد فهم أن المقصود قريته " بس بلدنا ما لهاش أعداء" وهذه الجملة هي مفتاح أحداث الفيلم وافتتاحية الفيلم نصًّا وإخراجًا و تصويرًا . يتضح فيما بعد أن المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية يخضعون لبرنامج مكثف من الفحص الطبى ، بالإضافة إلى تصنيفهم تصنيفاً ثقافياً وعلمياً، فيصبح أحمد سبع الليل الأمي الذي يجهل القراءة والكتابة، في ذيل القائمة وينتهي الأمر به إلى الإنخراط ضمن قوات حراسة أحد المعتقلات الخاصة بالمسجونين السياسيين في منطقة صحراوية معزولة، وهناك يتم تدريبه على إطاعة الأوامر بأسلوب "الطاعة العمياء" التى تتطلب تنفيذ الأوامر بدون أية مناقشة حتى ولو كانت منافية للمنطق. في المعتقل نرى العقيد توفيق شركس (محمود عبدالعزيز) وهو نمط الضباط الذي يعيش حياة مزدوجة بين حياته الخاصة حيث يبدو في غاية اللطف والرقة ، وبين حياته العملية حيث يمارس أبشع وسائل التعذيب بعنف ووحشية فنرى الإزدواجية في شخصية العقيد عندما يشارك طفلته في اختيار هدية عيد الميلاد فإنه يرفض أن يبتاع لها لعبة على شكل "عسكر وحرامية" وإنما يختار لها آلة موسيقية رقيقة هى الجيتار، بل إنه لا يتعامل بغلظة مع شرطي المرور الذى يعنفه لوقوفه بسيارته في الممنوع. في مقابل ذاك يتحول توفيق شركس إلى وحش بشرى في معسكر الاعتقال، لا يخضع لأى وازع إلا إرضاء الرؤساء الذين يكلفونه بواجبات منصبه، فيبالغ في التنكيل بنزلاء المعتقل. يرى أحمد سبع الليل ان المعتقلون يجبرون على تناول الخبز من الأرض وأيديهم خلف ظهورهم ، فيسأل لماذا؟ فيقول له الشاويش هؤلاء أعداء الوطن [1].

من بين المعتقلين نرى الكاتب رشاد عويس (صلاح قابيل) و أستاذ الجيولوجيا (جميل راتب) . ولسذاجة أحمد وبساطته فأنه يعترض على أن يقدم الجيش الطعام لأعداء الوطن ويقوم بحراستهم بكل يقظة والعمل على إجهاض أية محاولة من أحدهم للخروج عن نظام المعتقل، ولا يتأثر على الإطلاق بسوء المعاملة وقسوتها، التى يبديها قائد المعسكر العقيد توفيق شركس وضباطه وهم يسيئون معاملة مسجونيهم إلى حد الإهانات الجارحة والتعذيب البدنى المبرح، بل إن أحمد سبع الليل يرى أنه من المفروض قتل هؤلاء "الأعداء" لكى يعود كل "عسكرى لغيطه وداره". تمر أحداث الفيلم سريعا بعد ذلك وتعكس صورة لواقع مرير من تزييف الحقائق حينما يتبدل حال السجن فور ورود معلومات بوجود لجنة تفتيش لتقييم السجن، فيعامل المساجين معاملة طيبة وتفتح لهم مكتبة وملاعب كرة القدم، وما إن تنتهى اللجنة من عملها وتغادر المعتقل حتى تعود الأمور لحالها السيء في البداية [2].

يستعمل المخرج الناي كرمز للعائق الوحيد من تحويل الإنسان إلى آلة فأحمد سبع الليل يعشق الناي وعندما يعزف أحمد على الناي في موقع حراسته ، يأمره الشاويش بإلقاء الناي ، ونرى الناي ، وهو يسقط من برج الحراسة إلى الأرض وتنتهي الحركة الأولى من الفيلم ، وتبدأ الحركة الثانية بالغناء الجماعي للمعتقلين من تأليف الشاعر عبد الرحمن الأبنودي دون موسيقى ولا آلات أغني بدموعي لضحكة الأوطان. يبدأ في الجزء الثاني من الحبكة محاولة الكاتب رشاد عويس (صلاح قابيل) الهرب ولأن الحارس الساذج أحمد يؤمن فعلا بأن المعتقلين أعداء الوطن ، يقوم بمطاردته حتى أخر نفس لتنتهى المطاردة بمعركة بين الجندى الشاب والكاتب المعتقل يزهق فيها الفتى روح الرجل خنقاً وسط هتاف المعتقلين "إنت مش فاهم حاجة"، وهو يعتقد أنه يطهر الوطن من مثل هذا العدو وتكون مكافأته إجازة يذهب فيها إلى قريته وترقيته إلى رتبة العريف تقديراً لشجاعته وبطولته.

تأتي قمة الإثارة في الفيلم حينما يأتي مجموعة من طلاب الجامعة "للتأديب" في المعتقل لتعبيرهم عن رأيهم ويستعد أحمد بالعصاة في يده لتأديب أعداء الوطن، ولكن المفاجاة أن أحد الطلاب هو ابن قريته حسين وهدان (ممدوح عبد العليم) الذى يحبه "أحمد" حبا كبيرا، وتعلم على يديه العديد من أمور الحياة وواجبه تجاه الجندية، وهنا يعصي "أحمد" الأوامر ويمتنع عن ضرب ابن قريته بل ويدافع عنه ويصرخ وهو يحميه بجسده ويتلقى السياط عنه "هذا حسين أفندي إنني أعرفه إنه ليس من أعداء الوطن" . وهنا تبدأ الحركة الأخيرة من هذا العمل السينمائي، وفيها يعاني أحمد لحظة التنوير عندما يدرك أنه لا يحارب أعداء الوطن ، ويسجن مع حسين ، ويموت حسين بين ذراعي صديقه متأثرًا بلدغة ثعبان ، ويعود أحمد إلى عمله وعيناه تقولان إنه قرر أمرًا ، ولكن أحدًا لا يستطيع التنبؤ به . ومرة ثانية يغني المعتقلون أغنية حزينة عن تبديل الحقيقة ، وقلب المعاني . ويعزف أحمد على الناي القديم الذي صنعه بيديه ، ومن موقعه في برج الحراسة ، الناي في يد ، والرشاش في اليد الأخرى ، يرى السيارات قادمة تحمل المزيد من المعتقلين ، فيرفع الرشاش ويصرخ صرخة مدوية ينتهي معها الفيلم كما عرض على الجمهور ولكن الفيلم في نسخته الأصلية يتضمن خاتمة يطلق فيها أحمد الرصاص على الضباط والجنود ، ويلقى مصرعه بدوره على يد أحد الجنود ، بينما المعتقلون يدقون أبواب سيارات النقل الكبيرة من الداخل ويطالبون بالحرية [3].


نهاية تحذير قصة أو تفاصيل الفيلم

لمحات وقضايا إخراجية

دقي على الجدار لحد ليلنا ما يتولدله نهار
يا قبضتي دقي على الحجر لحد ما تصحي جميع البشر
لحد ما تتفسر الأسرار مش فاهم اللي حاصل
لكن بقلبي واصل و اللي مش فاهمه عقلي
بتشرحه السلاسل يا قلوب بتنزف دم في العتمة
ياقلوب بتنزف دم و تغني سجنوا و بيسجنوا الكلمة
و الكلمة غصب عنها أو عن طلعت من القضبان و من الأسوار

القضايا التى يثيرها الفيلم

وحيد حامد وعاطف الطيب

يعتبر الثنائي وحيد حامد وعاطف الطيب من المهتمين بقضايا حقوق الإنسان والهموم الإنسانية في معظم أعمالهم فقد بدأ المخرج عاطف الطيب (1947 - 1995) بتبني هذا النوع من القضايا بدءاً من فيلمه الثانى "سواق الأتوبيس" (1983) وفيلم "الزمار" (1984) الذي لا يزال ممنوعاً من العرض العام وفيلم "الحب فوق هضبة الهرم" (1986) وتطرق عاطف الطيب إلى قضية الفساد الاجتماعى في افلامه "أبناء وقتلة" (1987) و "كتيبة الإعدام" (1989) وفيلم "الهروب" (1991) الذي تطرق إلى مسألة فساد السلطات الأمنية وفيلم "دماء على الأسفلت" (1992) وفي آخر فيلم له ، "ليلة ساخنة" الذي عرض بعد وفاته تطرق الطيب إلى ظاهرة فقدان المواطن الصالح براءته عند إصطدامه بفساد السلطة [12]. يعتبر عاطف الطيب واحد من أهم مخرجى مدرسة الواقعية الجديدة التي إنطلقت في الثمانينيات على يد مجموعة من المخرجين وهم علي عبد الخالق، محمد خان، وخيري بشارة بالإضافة إلى الطيب الذي رحل باكراً، حين كان يجري عملية لقلبه [13].

من جانب آخر بدأ المؤلف وحيد حامد إهتمامه بالهموم الإنسانية و قضايا حقوق الإنسان وبرز من بين كتاب السيناريو في السينما المصرية منذ السبعينيات من خلال فيلمه "طائر الليل الحزين" (إخراج يحيى العلمى، 1977) والذي تطرق فيه بصورة غير مباشرة إلى تغير السياسات العامة في مصر المصاحبة لما تعرف بحركة 15 مايو 1971 . أزاح وحيد حامد الستار عن أحد وجوه الفساد السياسى من خلال فلميه "ملف سامية شعراوى" (إخراج نادر جلال، 1988) و "الراقصة والسياسى" (إخراج سمير سيف، 1990) الذي كان مقتبسا من قصة للاديب إحسان عبد القدوس وتطرق حامد إلى انحراف بعض كبار المسئولين في فيلم "اللعب مع الكبار" (إخراج: شريف عرفة، 1991) وقام بكشف عورات السلطة المتورطة في الفساد من خلال فيلم "معالى الوزير" (إخراج سمير سيف، 2002) [14].

الفترة الزمنية التى يتناولها الفيلم

إستنادا إلى المؤلف وحيد حامد فإن احداث الفيلم مستوحى من الإضطرابات التي عمت مصر في 17 يناير 1977 حيث قدم رئيس المجموعة الاقتصادية الدكتور عبد المنعم القيسوني (1916 - 1987) مشروع الميزانية لعام 1977 امام مجلس الشعب المصري واشتملت علي حزمة من الإجراءات التقشفية لتخفيض العجز ورفع أسعار معظم الحاجيات الأساسية [15] فتولد إحساس من الطبقات الفقيرة والمتوسطة في مصر إن طبقات القمة ووسائل الإعلام الرسمية متورطة في سرقات وأعمال فساد وكان للحزب الشيوعي المصري و حزب التجمع الوطني الوحدوي وحزب العمال الشيوعي و القوى الناصرية دور في تحريك الشارع المصري [16] ويور البعض مثال حفل عقد قران ابنة الرئيس السادات على ابن المليونير عثمان أحمد عثمان "في بذخ وترف" في أوائل يناير 1977 مثالا على توسع الفجوة بين الطبقات الغنية و بقية الشعب المصري.

تكتل بعض فئات الشعب المصري لأسباب مختلفة فمنهم من هب بسبب غلاء الأسعار وعدم وجود دخل يكفيه ومكان يأويه، ومنهم من هب لإعتقاده قيام السلطة بخداع الشعب ومنهم من هب خوفا علي فقدان مكاسبه السابقة، ومنهم من هب حقدا لمظاهر بذخ السلطة الحاكمة،وخرجت مظاهرات حاشدة في جميع المحافظات يوم 18 يناير 1977 من أسوان إلى الاسكندرية ومن العريش إلى السلوم [17] وشارك فيها العمال والطلاب والموظفون وانطلقت الهتافات 'بالطول بالعرض هنجيب الحكومة الأرض'، 'احنا الطلبة مع العمال ضد تحالف رأس المال' [18]

تم إخماد الإنتفاضة بعد تدخل الجيش وتم إعتقال الكثير من المتظاهرين وكان من بينهم كاتب القصة و السيناريو و الحوار لفيلم البريء ، وحيد حامد . إستطاع المتظاهرون ان يحققوا منجزات مؤقتة إذ ألغت السلطة في اليوم التالي للانتفاضة قرارات زيادة الأسعار في الحاجيات الأساسية، بل وتعهد رئيس الجمهورية السادات بأن يجعل هذا الإلغاء دائما ليرجع بعد فترة زيادة الأسعار تدريجيا [19] .

مواضيع متعلقة

المصادر

[20]

[21]

[22]

[23]

[24]

[25]

[26]

[27].

[28]

[29]

[30]

[31]

[32]