الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة العشرون


كتاب الزكاة

674 - مسألة : البخت ، والأعرابية ، والنجب ، والمهاري وغيرها من أصناف الإبل : كلها إبل ، يضم بعضها إلى بعض في الزكاة ، وهذا لا خلاف فيه ؟ ولا زكاة في أقل من خمسة من الإبل ، ذكور أو إناث . أو ذكور وإناث ، فإذا أتمت كذلك في ملك المسلم حولا عربيا متصلا - كما قدمنا - فالواجب في زكاتها شاة واحدة ضانية أو ماعزة ، وكذلك أيضا فيما زاد على الخمس ، إلى أن تتم عشرة كما قدمنا ، فإذا بلغتها وأتمتها وأتمت حولا كما قدمنا ففيها شاتان كما ذكرنا ، وكذلك فيما زاد حتى تتم خمسة عشر ، فإذا أتمتها وأتمت كذلك حولا عربيا ففيها ثلاث شياه كما ذكرنا . وكذلك فيما زاد حتى تتم عشرين ، فإذا أتمتها وأتمت كذلك ، حولا كما ذكر ففيها أربع شياه كما ذكرنا . وكذلك فيما زاد على العشرين إلى أن تتم خمسة وعشرين ، فإذا أتمتها وأتمت كذلك حولا قمريا بنت مخاض من الإبل أنثى ولا بد ، فإن لم يجدها فابن لبون ذكر من الإبل ، وكذلك فيما زاد حتى تتم ستة وثلاثين . فإذا أتمتها وأتمت كذلك حولا قمريا ففيها بنت لبون من الإبل أنثى ولا بد ، ثم كذلك فيما زاد حتى تتم ستة وأربعين ، فإذا أتمتها وأتمت كذلك سنة قمرية ففيها حقة من الإبل أنثى ولا بد . ثم كذلك فيما زاد فإذا أتمت إحدى وستين وأتمت كذلك سنة قمرية ففيها جذعة من الإبل أنثى ولا بد ، ثم كذلك فيما زاد حتى تتم ستة وسبعين فإذا أتمتها وأتمت كذلك عاما قمريا ففيها ابنتا لبون ، ثم كذلك فيما زاد حتى تتم إحدى وتسعين فإذا أتمتها وأتمت كذلك عاما قمريا ففيها حقتان . وكذلك فيما زاد حتى تتم مائة وعشرين ، فإذا أتمتها وزادت عليها - ولو بعض ناقة أو جمل - وأتمت كذلك عاما قمريا ففيها ثلاث بنات لبون ، ثم كذلك حتى تتم مائة وثلاثين ، فإذا أتمتها أو زادت وأتمت كذلك عاما قمريا ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل ثلاثين ومائة فما زاد حقة وبنتا لبون ، وفي أربعين ومائة فما زاد حقتان وبنت لبون ، وفي خمسين ومائة فما زاد ثلاث حقاق ، وفي ستين ومائة فما زاد أربع بنات لبون ، وهكذا العمل فيما زاد .

فإن وجب على صاحب المال جذعة فلم تكن عنده وكانت عنده حقة ، أو لزمته حقة فلم تكن عنده وكانت عنده بنت لبون ، أو لزمته بنت لبون فلم تكن عنده وكانت عنده بنت مخاض - : فإن المصدق يقبل ما عنده من ذلك ويلزمه معها غرامة عشرين درهما أو شاتين ؛ أي ذلك شاء صاحب المال فواجب على المصدق قبوله ولا بد ؟ وإن وجبت على صاحب المال بنت مخاض فلم تكن عنده ولا كان عنده ابن لبون ذكر وكانت عنده بنت لبون ، أو وجبت عليه بنت لبون فلم تكن عنده وكانت عنده جذعة - : فإن المصدق يأخذ منه ما عنده من ذلك ويرد المصدق إلى صاحب المال عشرين درهما أو شاتين ، أي ذلك أعطاه المصدق فواجب على صاحب المال قبوله ولا بد ؟ وهكذا لو وجبت اثنتان أو أكثر من الأسنان التي ذكرنا فلم يجدها أو وجد بعضها ولم يجد تمامها ، فإنه يعطي ما عنده من الأسنان التي ذكرنا ؛ فإن كانت أعلى من التي وجبت عليه رد عليه المصدق لكل واحدة شاتين أو عشرين درهما ، وإن كانت أدنى من التي وجبت عليه أعطى معها مع كل واحدة شاتين أو عشرين درهما ؟ فإن وجبت عليه بنت مخاض فلم يجدها ولا وجد ابن لبون ولا بنت لبون ؛ لكن وجد حقة أو جذعة ؛ أو وجبت عليه بنت لبون فلم تكن عنده ولا كان عنده بنت مخاض ولا حقة ، وكانت عنده جذعة - لم تقبل منه ، وكلف إحضار ما وجب عليه ولا بد ؛ أو إحضار السن التي تليها ولا بد مع رد الدراهم أو الغنم ؟ وإن لزمته جذعة فلم يجدها ولا وجد حقة ، ووجد بنت لبون أو بنت مخاض - : لم تقبل منه أصلا إلا الجذعة أو حقة معها شاتان أو عشرون درهما ؟ وإن لزمته حقة ولم يجدها ولا وجد جذعة ولا ابنة لبون ، ووجد بنت مخاض - : لم تؤخذ منه ، وأجبر على إحضار الحقة أو بنت لبون ويرد شاتين أو عشرين درهما ؟ ولا تجزئ قيمة ولا بدل أصلا ، ولا في شيء من الزكوات كلها أصلا - : برهان ذلك - : ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك ثنا أبي ثنا ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك أن أنس بن مالك حدثه : أن أبا بكر الصديق كتب له هذا الكتاب - : { بسم الله الرحمن الرحيم : هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله ﷺ على المسلمين ، والتي أمر الله - عز وجل - بها رسوله ﷺ فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ، ومن سئل فوقها فلا يعط . في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها ابنة مخاض أنثى فإن لم يكن فيها ابن مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها ابنة لبون أنثى ؛ فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل ؛ فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة ، فإذا بلغت يعني ستا وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون ؛ فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل ؛ فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ؛ ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة ، إلا أن يشاء ربها ؛ فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة - ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا ابنة لبون فإنها تقبل منه ابنة لبون ويعطي شاتين أو عشرين درهما ، ومن بلغت صدقته ابنة لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده وعنده ابنة مخاض فإنها تقبل منه ابنة مخاض ويعطي معها عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت صدقته ابنة مخاض ليست عنده وعنده ابنة لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ؛ فإن لم تكن عنده ابنه مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء } وذكر باقي الحديث ؟ وهذا حديث حدثناه أيضا يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري ثنا عبد الوارث بن سفيان بن حيرون ثنا قاسم بن أصبغ ثنا أحمد بن أبي خيثمة ثنا شريح بن النعمان ، وزهير بن حرب . قال زهير : ثنا يونس بن محمد ثنا حماد بن سلمة قال : أخذت هذا الكتاب عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك ، وقال شريح بن النعمان : ثنا حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك - ثم اتفقا - أن أبا بكر الصديق كتب له { إن هذه فرائض الصدقة التي فرضها رسول الله ﷺ على المسلمين ، التي أمر الله تعالى بها رسوله ﷺ } ثم ذكر الحديث كما ذكرناه نصا ، لم يختلفوا في شيء منه وحدثناه أيضا عبد الله بن ربيع قال : ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود السجستاني ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة قال : أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس ثم ذكره نصا كما أوردناه ؟ وحدثناه أيضا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا المظفر بن مدرك ثنا حماد بن سلمة قال : أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس : أن أبا بكر كتب لهم { إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله ﷺ على المسلمين ، التي أمر الله تعالى بها رسوله } ثم ذكره نصا كما أوردناه ؟ وحدثناه أيضا حمام بن أحمد قال : ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن أنا أبو قلابة وإسماعيل بن إسحاق القاضي قالا جميعا : ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا أبي عبد الله بن المثنى حدثني ثمامة هو ابن عبد الله بن أنس - قال : حدثني أنس بن مالك : أن أبا بكر الصديق كتب له هذا الكتاب حين وجهه إلى البحرين - : { بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله ﷺ على المسلمين التي أمر الله تعالى بها رسوله ﷺ } ثم ذكره نصا كما ذكرناه ؟ فهذا الحديث هو نص ما قلنا حكما حكما وحرفا حرفا . ولا يصح في الصدقات في الماشية غيره ، إلا خبر ابن عمر فقط ، وليس بتمام هذا ، وهذا الحديث في نهاية الصحة ، وعمل أبي بكر الصديق بحضرة جميع الصحابة ، لا يعرف له منهم مخالف أصلا ، وبأقل من هذا يدعي مخالفونا الإجماع ، ويشنعون خلافه ، رواه عن أبي بكر : أنس - وهو صاحب - ورواه عن أنس ثمامة بن عبد الله بن أنس - وهو ثقة - سمعه من أنس ؛ ورواه عن ثمامة حماد بن سلمة ، وعبد الله بن المثنى ، وكلاهما ثقة وإمام ، ورواه عن ابن المثنى ابنه القاضي محمد ، وهو مشهور ثقة ولي قضاء البصرة ، ورواه عن محمد بن عبد الله : محمد بن إسماعيل البخاري جامع الصحيح ، وأبو قلابة ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، والناس ، ورواه عن حماد بن سلمة يونس بن محمد ، وشريح بن النعمان ، وموسى بن إسماعيل التبوذكي ، وأبو كامل المظفر بن مدرك ، وغيرهم ، وكل هؤلاء إمام ثقة مشهور ؟ والعجب ممن يعترض في هذا الخبر بتضعيف يحيى بن معين لحديث حماد بن سلمة هذا وليس في كل من رواه عن حماد بن سلمة - ممن ذكرنا - أحد إلا وهو أجل وأوثق من يحيى بن معين وإنما يؤخذ كلام يحيى بن معين وغيره إذا ضعفوا غير مشهور بالعدالة ؟ وأما دعوى ابن معين أو غيره ضعف حديث رواه الثقات ، أو ادعوا فيه أنه خطأ من غير أن يذكروا فيه تدليسا فكلامهم مطروح مردود ؛ لأنه دعوى بلا برهان ، وقد قال الله تعالى : { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } . ولا مغمز لأحد في أحد من رواة هذا الحديث ؛ فمن عانده فقد عاند الحق ، وأمر الله تعالى ، وأمر رسوله ﷺ لا سيما من يحتج في دينه بالمرسلات ، وبرواية ابن لهيعة . ورواية جابر الجعفي الكذاب المتهم في دينه " لا يؤمن أحد بعدي جالسا " ؟ ورواية حرام بن عثمان - الذي لا تحل الرواية عنه - في إسقاط الصلاة عن المستحاضة بعد طهرها ثلاثة أيام ورواية أبي زيد مولى عمرو بن حديث في إباحة الوضوء للصلاة بالخمر وبكل نطيحة ، أو متردية ، وما أهل لغير الله به - : في مخالفة القرآن والسنن الثابتة ، ثم يتعلل في السنن الثابتة التي لم يأت ما يعارضها ؛ بل عمل بها الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم ؟ وبهذا الحديث يأخذ : الشافعي ، وأبو سليمان ، وأصحابهما ؟ وقد خالفه قوم في مواضع - : فمنها : إذا بلغت الإبل خمسا وعشرين كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال : في خمس من الإبل شاة ، وفي عشر شاتان ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين خمس شياه ؛ فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض ؛ فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر وهكذا أيضا : رويناه من طريق ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق . قال علي : وقد أسنده زهير بن معاوية من طريق الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه . قال أبو محمد : الحارث كذاب ، ولا حجة في قول أحد دون رسول الله ﷺ . وقال الشافعي : وأبو يوسف : إذا كانت خمس من الإبل ضعاف لا تساوي شاة أعطى بعيرا منها وأجزأه ؟ قالوا : لأن الزكاة إنما هي فيما أبقي من المال فضلا ، لا فيما أجاح المال وقد نهي عن أخذ كرائم المال فكيف عن اجتياحه ؟ قال أبو محمد : وقال مالك ، وأبو سليمان ، وغيرهما : لا يجزئه إلا شاة ؟ قال أبو محمد : هذا هو الحق ، والقول الأول باطل وليست الزكاة كما ادعوا من حياطة الأموال وهم يقولون : من كانت عنده خمس من الإبل وله عشرة من العيال ولا مال له غيرها ؛ فإنه يكلف الزكاة أحب أم كره ؛ وكذلك من له مائتا درهم في سنة مجاعة ومعه عشرة من العيال ولا شيء معه غيرها [ فإنه يكلف الزكاة ] ورأوا فيمن معه من الجواهر ، والوطاء ، والغطاء ، والدور ، والرقيق والبساتين بقيمة ألف ألف دينار أو أكثر ، أنه لا زكاة عليه ؟