الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الثالثة والعشرون


كتاب الزكاة

وأما طريق حماد بن سلمة فمرسلة أيضا ، والقول فيها كالقول في طريق معمر ؟ ثم لو صحا جميعا لما كان لهم فيهما حجة ، لأنه ليس في شيء منهما ما قالوا به أصلا ، لأن نص رواية حماد " إلى عشرين ومائة ؛ فإن كانت أكثر من ذلك فعد في كل خمسين حقة ، فما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل " هذا على أن تعاد فيه الزكاة بالغنم كما ادعوا ؟ ويحتمل هذا اللفظ أن يكون أراد أن يرد الحكم إلى أول فريضة الإبل في أن في كل أربعين بنت لبون ، لأن في أول فريضة الإبل أن في أربعين بنت لبون وفي ثمانين بنتي لبون ؛ فهذا أولى من تأويلهم الكاذب الفاسد المستحيل . وأما حملهم ما روينا عن علي في ذلك على أنه مسند احتجاجهم في ذلك بوجوب حسن الظن بعلي رضي الله عنه وأنه لا يجوز أن يظن به أنه يحدث بغير ما عنده عن رسول الله ﷺ - : فقول لعمري صحيح إلا أنه ليس علي بأولى بحسن الظن منا من عثمان رضي الله عنهما معا ، والفرض علينا حسن الظن بهما ، وإلا فقد سلكوا سبيل إخوانهم من الروافض ونحن نقول : كما لا يجوز أن يساء الظن بعلي رضي الله عنه - في أن يظن أنه يحدث بغير ما عنده عن النبي ﷺ أو يتعمد خلاف روايته عنه عليه السلام - : فكذلك لا يجوز أن يساء الظن بعثمان رضي الله عنه ؛ فيظن به أنه استخلف بكتاب النبي ﷺ وقال : لا حاجة لنا به ؛ لولا أن عثمان علم أن ما في كتاب علي منسوخ ما رده ، ولا أعرض عنه ، لكن كان ذلك الكتاب عند علي ولم يعلم بنسخه ، وكان عند عثمان نسخه فنحسن الظن بهما جميعا كما يلزمنا ، وليس إحسان الظن بعلي وإساءته بعثمان بأبعد من الضلال من إحسان الظن بعثمان وإساءته بعلي . فنقول : لو كان ذلك الكتاب عن النبي ﷺ ما رده عثمان ، ولا إحدى السيئتين بأسهل من الأخرى وأما نحن فنحسن الظن بهما رضي الله عنهما ، ولا نستسهل الكذب على رسول الله ﷺ في أن ننسب إليه القول بالظن الكاذب فنتبوأ مقاعدنا من النار كما تبوأه من فعل ذلك ؛ بل [ نقر ] قول عثمان وعلي مقرهما ؛ فليسا حجة دون رسول الله ﷺ لكنهما إمامان من أهل الجنة ، مغفور لهما ، غير مبعدين من الوهم ، ونرجع إلى قول رسول الله ﷺ فنأخذ بالثابت عنه ونطرح ما لم يثبت عنه ؟ ثم نقول لهم : هبكم أن كتاب علي مسند ، وأنه لم ينسخ - فإنه ليس فيه ما تقولون ؛ بل تموهون - : وإنما فيه { في الإبل إذا زادت على عشرين ومائة فبحساب الأول وتستأنف لها الفرائض } وليس في هذا بيان أن زكاة الغنم تعود فيها ، ويحتمل قوله هذا أن تعود إلى حسابها الأول وتستأنف لها الفرائض ؛ فترجع إلى أن يكون في كل أربعين بنت لبون ، كما في أولها : في أربعين بنت لبون . وفي ثمانين بنتا لبون ، فهذا أولى من تأويلكم الكاذب ؟ ثم نقول : هبكم أنه مسند - ومعاذ الله من ذلك - وأن فيه نص ما قلتم - ومعاذ الله من ذلك - فاسمعوه بكماله ؟ حدثنا حمام ثنا مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال : في خمس من الإبل شاة ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين خمس شياه ، وفي ست وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر ، حتى تبلغ خمسا وثلاثين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون ، حتى تبلغ خمسا وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقة طروقة الفحل - أو قال : الجمل - حتى تبلغ ستين ، فإذا زادت ، واحدة ففيها جذعة ، حتى تبلغ خمسا وسبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون ، حتى تبلغ تسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الفحل ، إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين بنت لبون وفي الورق - إذا حال عليها الحول - في كل مائتي درهم ، خمسة دراهم . وليس فيما دون مائتين شيء ، فإن زادت فبحساب ذلك ؛ وقد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق ؟ حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال : إذا أخذ المصدق سنا فوق سن رد عشرة دراهم أو شاتين ؟ قال عبد الرحمن بن مهدي : وحدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال : وإذا زادت الإبل على خمس وعشرين ففيها بنت مخاض ، فإن لم توجد بنت مخاض فابن لبون ذكر ، إذا أخذ المصدق بنت لبون مكان ابن لبون رد عشرة دراهم أو شاتين ليس في المال المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول ، فإذا حال عليه الحول ففي كل مائتين خمسة ، فما زاد فبالحساب ؛ في أربعين دينارا دينار ، فما نقص فبالحساب ؛ فإذا بلغت عشرين دينارا ففيها نصف دينار ؟ حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال : في خمس من الإبل شاة ، وفي عشر شاتان ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين خمس ، فإن زادت واحدة ففيها ابنة مخاض فإن لم تكن ، ابنة مخاض فابن لبون ؛ إن أخذ المصدق سنا فوق سن رد عشرة دراهم أو شاتين ، أو أخذ سنا دون سن أخذ شاتين أو عشرة دراهم ؟ قال علي : فهذه هي الروايات الثابتة عن علي رضي الله عنه : معمر ، وسفيان ، وشعبة : متفقون كلهم ، رواه عن سفيان : وكيع ، ورواه عن شعبة : عبد الرحمن بن مهدي ، ورواه عن معمر : عبد الرزاق ؟ والذي موهوا بطرف ، مما في رواية يحيى بن سعيد عن سفيان خاصة : ليس أيضا موافقا لقولهم كما أوردنا ، فادعوا في خبر علي ما ليس فيه عنه أثر ، ولا جاء قط عنه وخالفوا ذلك الخبر نفسه في اثني عشر موضعا مما فيه نصا ، وهي - : قوله : { في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه } . وقوله : بتعويض ابن لبون مكان ابنة مخاض فقط ؟ وقوله فيما زاد على عشرين ومائة { في كل أربعين بنت لبون } . وإسقاطه ذكر عودة فرائض الغنم ، فلم يذكره ؟ { وقوله فيمن أخذ سنا فوق سن رد شاتين أو عشرة دراهم } وبين ذلك فيمن أخذ بنت لبون مكان ابنة مخاض إن لم يوجد ابن لبون ؟ { وقوله فيمن أخذ سنا دون سن أخذ معها شاتين أو عشرة دراهم } . وقوله : { ليس في المال المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول } ولم يخص ؛ كان عنده نصاب من جنسها أو لم يكن ؟ وقوله : { في مائتين من الورق خمسة دراهم ، فما زاد فبالحساب } ولم يجعل في ذلك وقصا ، كما يزعمون برأيهم وقوله : { ليس فيما دون مائتين من الورق زكاة } وهم يزكون ما دون المائتين إذا كان مع مالكها ذهب إذا جمع إلى الورق ساويا جميعا مائتي درهم أو عشرين دينارا . ومنها عفوه عن صدقة الخيل ومنها عفوه عن صدقة الرقيق ، ولم يستثن لتجارة أو غيرها ؟ ومنها قوله : { في أربعين دينارا دينار ، فما نقص فبالحساب } ولم يجعل في ذلك وقصا ؟ أفيكون أعجب ممن يحتج برواية عن علي لا بيان فيها لقولهم ، لكن بظن كاذب ، ويتحيلون في أنها مسندة بالقطع بالظن الكاذب المفترى - : وهم قد خالفوا تلك الرواية نفسها بتلك الطريق ، ومعها ما هو أقوى منها في اثني عشر موضعا منها ، كلها نصوص في غاية البيان ؟ هذا أمر ما ندري في أي دين أم في أي عقل وجدوا ما يسهله عليهم ؟ والعجب كل العجب من احتجاجهم بصحيفة معمر عن عبد الله بن أبي بكر ، وبصحيفة حماد عن قيس بن عباد عن أبي بكر بن حزم ، وهما مرسلتان ، وحديث موقوف على علي وليس في كل ذلك نص بمثل قولهم ، ولا دليل ظاهر - : ثم لا يستحيون من أن يعيبوا في هذه المسألة نفسها بالإرسال الحديثين الصحيحين المسندين من طريق حماد ، وعبد الله بن المثنى كليهما عن عبد الله بن المثنى ، سمعاه منه ، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس ، سمعه منه ، عن أنس بن مالك ، سمعه منه عن أبي بكر الصديق سمعه منه ، عن النبي ﷺ عن الله تعالى هكذا نصا ومن طريق الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع قال : ثنا عمر بن عبد الملك ثنا ابن بكر ثنا أبو داود السجستاني عن عبد الله بن محمد النفيلي ثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : { كتب رسول الله ﷺ كتاب الصدقة ، فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض ، فقرنه بسيفه ، فعمل به أبو بكر حتى قبض ، ثم عمل به عمر حتى قبض ، فكان فيه : في خمس من الإبل شاة ، وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين ابنة مخاض ، إلى خمس وثلاثين فإذا زادت واحدة ، ففيها بنت لبون : إلى خمس وأربعين . فإذا زادت واحدة ففيها حقة ، إلى ستين ، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة ، إلى خمس وسبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون ، إلى تسعين : فإذا زادت واحدة ففيها حقتان ، إلى عشرين ومائة فإن كانت الإبل أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون ؟ } فقالوا : إن أصل هذين الحديثين الإرسال ، وكذبوا في ذلك ثم لا يبالون بأن يحتجوا بهذين الحديثين ويصححونهما ، إذا وجدوا فيهما ما يوافق رأي أبي حنيفة ، فيحلونه طورا ويحرمونه طورا واعترضوا فيهما بأن ابن معين ضعفهما وليت شعري ما قول ابن معين في صحيفة ابن حزم ، وحديث علي ؟ ما نراه استجاز الكلام بذكرهما ، فضلا عن أن يشتغل بتضعيفهما ؟ وأعجب من هذا كله أن بعض مقدميهم - المتأخرين عند الله تعالى - قال : لو كان هذا الحكم حقا لأخرجه رسول الله ﷺ إلى عماله قال أبو محمد : هذا قول الروافض في الطعن على أبي بكر ، وعمر ، وسائر الصحابة في العمل به : نعم ، وعلى النبي ﷺ إذ نسبت إليه كتب الباطل وقرنه بسيفه ثم كتمه ، وعمل به أصحابه بعده ؛ فبطل كل ما موهوا به والعجب أنهم يدعون أنهم أصحاب قياس وقد خالفوا في هذا المكان النصوص والقياس ؟ فهل وجدوا فريضة تعود بعد سقوطها ؟ وهل وجدوا في أوقاص الإبل وقصا من ثلاثة وثلاثين من الإبل ؟ إذ لم يجعلوا بعد الإحدى والتسعين حكما زائدا إلى خمسة وعشرين ومائة . وهل وجدوا في شيء من الإبل حكمين مختلفين في إبل واحدة ، بعضها يزكى بالإبل وبعضها يزكى بالغنم ؟ وهم ينكرون أخذ زكاة عما أصيب في أرض خراجية ، وحجتهم في ذلك أنه لا يجوز أن يأخذوا حقين لله تعالى في مال واحد وهم قد جعلوا هاهنا - : برأيهم الفاسد - في مال واحد حقين : أحدهما إبل ؛ والثاني غنم ؟ وهلا إذ ردوا الغنم وبنت المخاض بعد إسقاطهما ردوا أيضا في ست وثلاثين زائدة على العشرين والمائة بنت اللبون ؟ فإن قالوا : منعنا من ذلك قوله عليه السلام : { في كل خمسين حقة } . قيل لهم : فهلا منعكم من رد الغنم قوله عليه السلام : { وفي كل أربعين بنت لبون } ؟ فظهر أنهم لم يتعلقوا بشيء ، ونعوذ بالله من الضلال وقالوا في الخبر الذي ذكرنا من طريق محمد بن عبد الرحمن { ليس فيما بعد العشرين والمائة شيء إلى ثلاثين ومائة } إنه يعارض سائر الأخبار . قال أبو محمد : إن كان هذا فأول ما يعارض فصحيفة عمرو بن حزم ، وحديث علي فيما يظنه فيهما ؛ فسقط تمويههم كله - وبالله تعالى التوفيق ؟ وأما دعواهم أن قولهم روي عن عمر بن الخطاب ، وعلي ؛ وابن مسعود ؛ فقد كذبوا جهارا ؟ فأما علي فقد ذكرنا الرواية الثابتة عنه ، وأنه ليس فيما تعلقوا به من قوله دليل ولا نص بما ادعوه عليه بالتمويه الكاذب وأما ابن مسعود فلا يجدونه عنه أصلا ، إما ثابت فنقطع بذلك قطعا ؛ وإما رواية ساقطة فبعيد عليهم وجودها أيضا ، وإما موضوعة من عمل الوقت فيسهل عليهم إلا أنها لا تنفق في سوق العلم ؟ وأما عمر رضي الله عنه فالثابت عنه كالشمس خلاف قولهم ، وموافق لقولنا ، ولا سبيل إلى وجود خلاف ذلك عنه ، إلا إن صاغوه للوقت . حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن موسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر كلاهما عن نافع عن ابن عمر عن أبيه أنه قال : في الإبل في خمس شاة ، وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين بنت مخاض ؛ فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر ، إلى خمس وثلاثين فإن زادت واحدة ففيها بنت لبون ، إلى خمس وأربعين فإن زادت واحدة ففيها حقة طروقة الفحل ، إلى ستين ، فإن زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإن زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين ، فإن زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الفحل ، إلى عشرين ومائة ؛ فإن زادت ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا محمد بن العلاء هو أبو كريب - ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : هذه نسخة كتاب رسول الله ﷺ الذي كتبه في الصدقة ، وهي عند آل عمر بن الخطاب ، قال ابن شهاب : أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر ، فوعيتها على وجهها ، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله وسالم ابني عبد الله بن عمر قال : { إذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون ، حتى تبلغ تسعا وعشرين ومائة ، فإذا كانت ثلاثين ومائة ، ففيها ابنتا لبون وحقة ، حتى تبلغ تسعا وثلاثين ومائة ، فإذا كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وابنة لبون ، حتى تبلغ تسعا وأربعين ومائة ، فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق ، حتى تبلغ تسعا وخمسين ومائة ، فإذا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون ، حتى تبلغ تسعا وستين ومائة ، فإذا كانت سبعين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون وحقة ، حتى تبلغ تسعا وسبعين ومائة ، فإذا كانت ثمانين ومائة ففيها حقتان وبنتا لبون ، حتى تبلغ تسعا وثمانين ومائة ، فإذا كانت تسعين ومائة ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون ، حتى تبلغ تسعا وتسعين ومائة ، فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق ، أو خمس بنات لبون ؛ أي السنين وجدت أخذت وفي سائمة الغنم } فذكر نحو حديث سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه ؟ قال أبو محمد : فهذا قول عمر ، هو قولنا نفسه ، مخالف لقولهم والعجب كله تعللهم في هذا الخبر بأنه انفرد به يونس بن يزيد ؟ قال علي : وتلك شكاة ظاهر عنك عارها ثم لا يستحيون من تصحيحه والاحتجاج به موهمين أنه موافق لرأيهم في أن لا زكاة إلا في السائمة ؟ فظهر فساد قولهم ، وخلافهم لله تعالى ، وللسنن الثابتة عن رسول الله ﷺ ولأبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وأنس ، وابن عمر ، وسائر الصحابة رضي الله عنهم دون أن يتعلقوا برواية صحيحة عن أحد منهم بمثل قولهم ، إلا عن إبراهيم وحده - وبالله تعالى التوفيق ؟

675 - مسألة : قال أبو محمد : ويعطي المصدق ، الشاتين أو العشرين درهما مما أخذ من صدقة الغنم ، أو يبيع من الإبل ، لأنه للمسلمين من أهل الصدقات يأخذ ذلك ؛ فمن مالهم يؤديه ؟ ولا يجوز له التقاص ، وهو : أن يجب على المسلم بنتا لبون فلا يجدهما عنده ، ويجد عنده حقة وبنت مخاض ، فإنه يأخذهما ويعطيه شاتين أو عشرين درهما ويأخذ منه شاتين أو عشرين درهما ولا بد ، وجائز له أن يأخذ ذلك ثم يرده بعينه ، أو يعطيه ثم يرده بعينه لأنه قد أوفى واستوفى وأما التقاص - بأن يترك كل واحد منهما لصاحبه ما عليه من ذلك - فهو ترك لحق الله تعالى قد وجب لم يقبض ، وهذا لا يجوز ، ولا يجوز إبراء المصدق من حق أهل الصدقة ؛ لأنه مال غيره . وبالله تعالى التوفيق .

676 - مسألة : والزكاة تتكرر في كل سنة ، في الإبل ، والبقر ، والغنم ، والذهب والفضة ، بخلاف البر والشعير والتمر ، فإن هذه الأصناف إذا زكيت فلا زكاة فيها بعد ذلك أبدا ، وإنما تزكى عند تصفيتها ، وكيلها ، ويبس التمر ، وكيله ، وهذا لا خلاف فيه من أحد ، إلا في الحلي والعوامل ، وسنذكره إن شاء الله تعالى ؛ وكان رسول الله ﷺ يخرج المصدقين كل سنة ؟

677 - مسألة : والزكاة واجبة ، في الإبل ، والبقر ، والغنم بانقضاء الحول ، ولا حكم في ذلك لمجيء الساعي - وهو المصدق - وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأصحابنا ؟ وقال مالك ، وأبو ثور : لا تجب الزكاة إلا بمجيء المصدق ؟ ثم تناقضوا فقالوا : إن أبطأ المصدق عاما أو عامين لم تسقط الزكاة بذلك ؛ ووجب أخذها لكل عام خلا وهذا إبطال قولهم في أن الزكاة لا تجب إلا بمجيء الساعي ، وإنما الساعي وكيل مأمور بقبض ما وجب ؛ لا يقبض ما لم يجب ، ولا بإسقاط ما وجب ؟ ولا خلاف بين أحد من الأمة - وهم في الجملة - في أن المصدق لو - جاء قبل تمام الحول لما جاز أن يعطى منها شيئا ، فبطل أن يكون الحكم لمجيء الساعي ؟ ولا يخلو الساعي من أن يكون بعثه الإمام الواجبة طاعته ، أو أميره ، أو بعثه من لا تجب طاعته ، فإن بعثه من لا تجب طاعته فليس هو المأمور من الله تعالى أو رسوله عليه السلام بقبض الزكاة ، فإذ ليس هو ذلك فلا يجزئ ما قبض ، والزكاة باقية وعلى صاحب المال أداؤها ولا بد ؛ لأن الذي أخذ منه مظلمة لا صدقة واجبة . وإن كان بعثه من تجب طاعته ، فلا يخلو من أن يكون باعثه يضعها مواضعها ، أو لا يضعها مواضعها ، فإن كان يضعها مواضعها فلا يحل لأحد دفع زكاته إلا إليه ؛ لأنه هو المأمور بقبضها من الله تعالى ورسوله ﷺ فمن دفعها إلى غير المأمور بدفعها إليه فقد تعدى ، والتعدي مردود ، قال رسول الله ﷺ { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } .