جامع بيان العلم وفضله/باب نكتة يستدل بها على استعمال عموم الخطاب في السنن والكتاب | جامع بيان العلم وفضله باب في خطأ المجتهدين من المفتيين والحكام المؤلف: ابن عبد البر |
جامع بيان العلم وفضله/باب نفي الالتباس في الفرق بين الدليل والقياس |
- باب في خطأ المجتهدين من المفتيين والحكام
حدثنا عبيد بن محمد ومحمد بن عبد الملك قالا حدثنا عبد الله بن مسرور قال حدثنا عبيد بن مسكين قال حدثنا محمد بن عبد الله بن سنجر قال حدثنا الحسن ابن بشر قال حدثنا شريك عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عنابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة قاض قضى بغير الحق وهو يعلم فذلك في النار وقاض قضى وهو لا يعلم فأهلك حقوق الناس فذلك في النار وقاض قضى بالحق وهو يعلم بذلك في الجنة أخبرنا عبد الوارث ابن سفيان ويعيش بن سعيد قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو بكر محمد بن أبي العوام البغدادي قال سمعت أبي يقول حدثنا خلف بن خليفة قال قال أبو هاشم الرماني لولا حديث ابن بريدة لقلت إن القاضي إذا اجتهد فليس عليه سبيل ولكن قال ابن بريدة عن أبيه قال النبي ﷺ القاضة ثلاثة قاض في الجنة واثنان في النر قاض عرف الحق فقضى به فذلك في الجنة وقاض قضى بالجهل فذلك في النار وقاض عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار وحدثا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا يوسف بن عدي قال حدثنا عبد الله بن بكير الغنوي عن حكيم بن جبير عن أبي بريدة قال أراد يزيد بن المهلب أن يستعمله على قضاء خراسان فقال ابن بريدة لقد حدثني أبي عن النبي ﷺ في القضاء حديثا لا أقضي بعده قال القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة قاض علم الحق فقضى به فهو من أهل الجنة وقاض علم الحق فجار متعمدا فهو من أهل النار وقاض قضى بغير الحق واستحيا أن يقول لا أعلم فهو في النار حدثنا أحمد ابن قاسم بن عيسى قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة قال حدثنا عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أبا العالية قال قال علي القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة فأما اللذان في النار فرجل جار متعمدا فهو في النار ورجل اجتهد فاخطأ فهو في النار وأما الذي في الجنة فرجل اجتهد فأصاب الحق فهو إلى الجنة قال قتادة فقلت لأبي العالية ما ذنب هذا الذي اجتهد فأخطأ قال ذنبه ألا يكون قاضيا إذا لم يعلم وروى المعتمر بن سليمان عن عبدالملك بن أبي جميلة أنه سمعه يحدث عن عبد الله بن موهب أن عثمان بن عفان قال لابن عمر أذهب فأفت بين الناس قال أو تعافيني يا أمير المؤمنين قال فما تكره من ذلك وكان أبوك يقضي قال إني سمعت رسول الله ﷺ يقول من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحرا أن ينقلب منه كفافا فما أرجو بعد ذلك قرأت على أحمد بن عبدالله أن الحسن بن اسماعيل حدثهم بمصر قال حدثنا عبد الملك بن بحر قال حدثنا محمد ابن اسماعيل قال حدثنا سنيد قال حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن بسطام بن مسلم عن عامر الأحول عن الحسن بن أبي الحسن قال والله لولا ما ذكره الله من أمر هذين الرجلين يعني داود وسليمان لرأيت أن القضاة قد هلكوا فإنه أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك قال حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير وحدثني عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا المطلب بن شعيب قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن أبي الهادي عن محمد بن ابراهيم عن بشر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاصي عن عمرو بن العاصي أنه سمع رسول الله ﷺ يقول إذا حكم الحاكم واجتهد وأصاب فله أجران وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ورواه الادراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهادي فحدثت هذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة فجعل مكان أبي بكر بن عبد الرحمن أبا سلمة والقول قول الليث والله أعلم ذكره الشافعي وأبو المصعب وغيرهما عن الداروردي وروى عبدالرزاق عن معمر عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبي سلمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فاخطأ فله أجر قال البخاري لم يرو هذا الحديث عن معمر غير عبد الرزاق وأخشى أن يكون وهم فيه يعني في اسناده قال أبو عمر اختلف الفقهاء في تأويل هذا الحديث فقال قوم لا يؤجر من أخطأ لأن الخطأ لا يؤجر أحد عليه وحسبه أن يرفع عنه المأثم وردوا هذا الحديث بحديث بريدة المذكور في هذا الباب وبقوله تجاوز الله لأمتي عن خطائها ونسيانها وبقول الله ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ونحو هذا وقال آخرون يؤجر في الخطأ أجرا واحدا على ظاهر حديث عمرو بن العاصي لأن رسول الله ﷺ قد فرق بين أجر المخطئ والمصيب فدل أن المخطئ يؤجر وهذا نص ليس لأحد أن يرده وقال الشافعي ومن قال بقوله يؤجر ولكنه لا يؤجر على الخطأ لأن الخطأ في الدين لم يؤمر به أحد وإنما يؤجر لإرادته الحق الذي أخطأه قال المزني فقد أثبت الشافعي في قوله هذا أن المجتهد المخطئ أحدث في الدين مالم يؤمر به ولم يكلفه وإنما أجر في نيته لا في خطئه قال أبو عمر لم نجد لمالك في هذا الباب شيئا منصوصا إلا أن ابن وهب ذكر عنه في كتاب العلم من جامعه قال سمعت مالكا يقول من سعادة المرء أن يوفق للصواب والخير ومن شقوة المرء أن لا يزال يخطئ وفي هذا دليل أن المخطئ عنده وإن اجتهد فليس بمرضى الحال والله أعلم وذكر اسماعيل القاضي في المبسوط قال قال محمد بن مسلمة إنما على الحاكم الالجتهاد فيما يجوز فيه الرأي فإذا اجتهد أراد الصواب يجهد نفسه قد أدى ما عليه أخطأ أو أصاب قال وليس أجد في رأي علي حقيقته أنه الحق وإنما حقيقته الاجتهاد فإن اجتهد وأخطأ في عقوبة إنسان فمات لم يكن عليه كفارة ولا دية لأنه قد عمل بالذي أمر به قال وليس يجوز لمن لا يعلم الكتاب والسنة ولا ماضي عليه أولو الأمر أن يجتهد رأيه فيكون اجتهاده مخالفا للقرآن والسنة والأمر المجمع عليه هذا كله قول محمد بن مسلمة علي ما ذكره عنه اسماعيل القاضي وذكر عبيد الله بن عمر بن أحمد الشافعي البغدادي في كتابه في القياس جملا مما ذكر الشافعي رحمه الله في كتابه في الرسالة البغدادية وفي الرسالة المصرية في كتاب جماع العلم وفي كتاب اختلاف الحديث في القياس وفي الاجتهاد وقال في هذا من قول الشافعي دليل على ترك تخطئة المجتهدين بعضهم لبعض إذ كل واحد منهم قد أدى ما كلف باجتهاده إذا كان ممن اجتمعت فيه آلة القياس وكان ممن له أن يجتهد ويقيس قال وقد اختلف أصحابنا في ذلك فذكر مذهب المزني قال وقد خالفه غيره من أصحابنا قال ولا أعلم خلافا بين الحذاق من شيوخ المالكيين ونظارهم من البغداديين مثل اسماعيل ابن اسحاق القاضي وابن بكير وأبي العباس الطيالسي ومن دونهم مثل شيخنا عمرو بن محمد أبي الفرج المالكي وأبي الطيب محمد بن محمد بن اسحاق بن راهوية وأبي الحسن ابن المنتاب وغيرهم من الشيوخ البغداديين والمصريين المالكيين كل يحكي أن مذهب مالك رحمه الله في اجتهاد المجتهدين والقائسين إذا اختلفوا فيما يجوز فيه التأويل من نوازل الأحكام أن الحق من ذلك عند الله واحد من أقوالهم واختلافهم إن أن كل مجتهد إذا اجتهد كما أمر وبالغ ولم يأل وكان من أهل الصناعة ومعه آلة الاجتهاد فقد أدى ما عليه وليس عله غير ذلك وهو مأجور على قصده الصواب وإن كان الحق عند الله من ذلك واحدا قال وهذا القول هو الذي عليه عمل أكثر أصحاب الشافعي قال وهو المشهور من قول أبي حنيفة فيما حكاه محمد بن الحسن وأبو يوسف وفيما حكاه الحذاق من أصحابهم مثل عيسى بن أبان ومحمد بن شجاع البلخي ومن تاخر عنهم مثل أبي سعيد البرذعي ويحيى بن سعيد الجرجاني وشيخنا أبي الحسن الكرخي وابي بكر البخاري المعروف بحد الجسم وغيرهم ممن رأينا وشاهدنا حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا الخثني حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم قال أتي عمر في زوج وأم وأخوة لأم وأخوة لأب وأم فأعطي الزوج النصف وأعطي الأم السدس وأعطي الثلث الباقي للأخوة للأم دون بني الأب والأم فلما كان من قابل أتى فيها فأعطى الزوج النصف والأم السدس وشرك بين بني الأم وبني الأب والأم في الثلث وقال أن لم يزدهم الأب قربا لم يزدهم بعدا فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين شهدتك عام الأول قضيت فيها بكذا وكذا فقال عمر تلك على ما قضينا وهذه على ما قضينا