باب ذكر استعاذة رسول الله صلى الله عليه وسلم | جامع بيان العلم وفضله باب ذم العالم على مداخلة السلطان الظالم المؤلف: ابن عبد البر |
باب ذم الفاجر من العلماء وذم طلب العلم للمباهاة والدنيا |
- باب ذم العالم على مداخلة السلطان الظالم
قرأت على أبي عثمان سعيد بن نصر أن قاسم بن أصبغ حدثه قال حدثنا ابن وضاح وأحمد بن يزيد قالا حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا ابن مهدي قال حدثنا سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن حدثنا سعيد قال قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي موسى عن ابن منبه عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل إلى ههنا انتهى حديث وكيع وكان يختصر الأحاديث ويحذفها كثيرا وحدثنا خلف بن القاسم حدثنا أحمد بن اسامة بن عبدالرحمن بن أبي السمح قال حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال حدثنا زهير بن عباد قال حدثنا مصعب بن ماهان عن سفيان الثوري عن أبي موسى التمار عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن اتبع السلطان افتتن أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر قال حدثنا مسدد قال حدثنا حماد بن زيد عن المعلى بن زياد وهشام بن حسان عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة قال قال رسول الله ﷺ يكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضى وتابع فأبعده الله قيل يا رسول الله أفلا نقتلهم قال لا ما صلوا حدثنا عبد الوارث قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو الفتح نصر بن المغيرة البخاري قال سفيان بن عيينة قال أبو حازم وجدت الدنيا شيئين فتكلم بكلام طويل ذكره ابن أبي خيثمة قال سفيان فقال الزهري أنه جاري ما كنت أرى أن هذه عنده فقال أبو حازم لو كنت غنيا لعرفتني أن العلماء يفرون من السلطان ويطلبهم وإنهم اليوم يأتون أباب السلطان والسلطان يفر منهم حدثنا خلف بن قاسم حدثنا أحمد بن ابراهيم الحداد حدثنا زكريا بن يحيى السجزي حدثنا عبد الله بن محمد بن هانئ النحوي حدثنا الحكم بن سنان قال حدثنا أيوب السختياني قال قال لي ابو قلابة يا با أيوب احفظ عني ثلاث خصال إياك وأبواب السلطان وإياك ومجالسة أصحاب الأهواء والزم سوقك فإن الغنى من العافية حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا صالح بن عبيد قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول عن حماد بن زيد قال قال ابن عون كان الرجل يفر بما عنده من الأمراء جهده فإذا أخذ لم يجد بدا أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال أحمد بن زهير قال حدثنا أبو مسلم عن سفيان قال تخبرون عن الزهري قال كنا نكرهه حتى اكرهنا عليه الامراء فلما اكرهونا عليه بذلناه للناس وذكر الكشوري قال حدثنا عبد الله بن أبي غسان قال حدثنا علي بن أبي سالم قال حدثنا أبو محمد بكر بن محمد الليثي قال سمعت سفيان يقول في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزوارون للملوك حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا أبو الميمون محمد بن عبد الله العسقلاني بعسقلان قال حدثنا هارون بن عمران قال حدثنا محمد بن داود البصري قال لما ولى اسماعيل بن علية على العشور أو قال على الصدقات كتب إلى عبد الله ابن المبارك يستمده برجال من القراء يعينونه على ذلك فكتب إليه عبد الله يا جاعل العلم له بازيا يصطاد أموال المساكين احتلت للدنيا ولذاتها بحيلة تذهب بالدين فصرت مجنونا بها بعدما كنت دواء للمجانين أين رواياتك فيما مضى عن ابن عون وابن سيرين ودرسك العلم بآثاره وتركك أبواب السلاطين تقول أكرهت فماذا كذا زل حمار العلم في الطين وأخبرنا خلف بن القاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان القرظي حدثنا أحمد ابن الحسين الجريجي قال حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال حدثنا أبو مسلم المستملي قال لما أن ولى اسماعيل بن علية الصدقة بالبصرة كتب إليه ابن المبارك يا جاعل الدين له بازيا يصطاد أموال المساكين فذكر الأبيات إلا أنه قال في آخرها تقول أكرهت فما حيلتي زل حمار العلم في الطين وزاد فيها لات تبتغ الدنيا بدين كما يفعل ضلال الرهابين وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان حدثنا الحسين بن روح ومحمد بن أحمد بن حماد زغبة قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثني سلام الخواص قال أنشدني ابن المبارك رأيت الذنوب تميت القلوب وبورثك الذل ادمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها وهل بدل الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها وباعوا النفوس فلم يربحوا ولم تغل في البيع أثمانها لقد رتع القوم في جيفة يبين لذي العقل أنتانها وقال محمود الوراق ركبوا المراكب واغتدوا زمرا إلى باب الخليفة وصلوا البكور إلى الرواح ليبلغوا الرتب الشريفة حتى إذا ظفروا بما طلبوا من الحال اللطيفة وغدا المولى منهم فرحا بما تحوي الصحيفة وتعسفوا من تحتهم بالظلم والسير العنيفة خانواالخليفة عهده بتعسف الطرق المخوفة باعوا الأمانة بالخيانة واشتروا بالأمن جيفة عقدوا الشحوم وأهزلوا تلك الأمانات السخيفة ضاقت قبور القوم واتسعت قصورهم المنيفة من كل ذي ادب ومعرفة وآراء حصيفة متفقة جمع الحديث إلى قياس أبي حنيفة فأتاك يصلح للقضاء بلحية فوق الوظيفة لم ينتفع بالعلم إذ شغفته دنياه الشغوفة نسى الإله ولاذ في الدنيا بأسباب ضعيفة وفي معنى قول محمود من كل ذي أدب ومعرفة وآراء حصيفة قول أبي العتاهية عجبا لأرباب العقول والحرص في طلب الفضول سلاب أكسية الأرا مل واليتامى والكهول والجامعين المكثري ن من الخيانة والغلول والمؤثرين لدار رحلتهم على دار الحلول وضعوا عقولهم من الد نيا بمدرجة السيول ولهوا بأطراف الفر وع وأغفلوا علم الأصول وتتبعوا جمع الحطام وفارقوا أثر الرسول في شعر له أخبرنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا اسحاق بن ابراهيم قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أبي اسحاق عن عمارة بن عبد الله عن حذيفة قال إياكم ومواقف الفتن قيل وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله قال أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول له ما ليس فيه قال وأنبأنا معمر عن قتادة عن ابن مسعود قال ان على أبواب السلاطين فتنا كمبارك الإبل والذي نفسي بيده لا يصيبون من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينكم مثله أو قالوا مثليه وقال وهب بن منبه أن جمع المال وغشيان السلطان لا يقيان من حسنات المرء إلا كما يبقي ذئبان جائعان ضاريات سقطا في حظار فيه غنم فباتا يجوسان حتى أصبحا وهذا المعنى قد روي عن النبي ﷺ من حديث أبي موسى الأشعري أنه قال ما ذئبان جائعان أرسلا في حظيرة غنم بأفسد لها من حب المال والشرف لدين المرء أو نحو هذا من قوله ﷺ وروى عبد الرزاق عن أبيه قال قلت لوهب بن منبه كنت ترى الرؤيا فتخبرناها فلا تلبث أن تراها كما وصفت قال ذهب ذلك عني مذ وليت القضاء قال عبد الرزاق حدثت معمرا بهذا الحديث فقال والحسن مذ ولى القضاء لم يحمدوا فهمه واخبرنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو طالب محمد بن زكريا ببيت المقدس قال حدثنا ابراهيم بن معاوية القيساراني قال حدثنا محمد بن يونس الفريابي قال سمعت سفيان الثوري يقول كان خيار الناس وأشرافهم والمنظور إليهم في الدين الذين يقومون إلى هؤلاء فيأمرونهم وينهونهم يعني الأمراء وكان آخون يلزمون بيوتهم ليس عندهم ذلك فكانوا لا ينتفع بهم ولا يذكرون ثم بقينا حتى صار الذين يأتونهم فيأمرونهم شرار الناس والذين لزموا بيوتهم ولم يأتوهم خيار الناس حدثنا أحمد بن محمد بن هشام قال قال حدثنا علي بن عمر بن موسى القاضي قال حدثنا الحسن بن عبد الله العسكري قال حدثنا محمد بن اسماعيل بن سلمة العطار قال حدثنا أحمد بن عبد الحكم القزاز قال حدثنا محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس الامراء والفقهاء وحدثنا أحمد قال حدثنا علي قال حدثنا الحسن قال عبدان قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت الأمة وإذا فسدت فسدت الأمة السلطان والعلماء قال أبو عمر ههنا والله أعلم قال الفضيل لوأن لي دعوة مجابة لجعلتها في الإمام أنشدني أحمد بن عمر بن عبد الله لنفسه في قصيدة له نسئل الله صلاحا للولاة الرؤساء فصلاح الدين والد نيا صلاح الأمراء فيهم يلتئم الشم ل على بعد الثناء وبهم قامت حدود الله في أهل العداء وهم المغنون عنا في مواطين العناء وذهاب العلم عنا في ذهاب العلماء فهم أركان دين الله في الأرض الفضاء فجزاهم ربهم عنا بمحمود الجزاء وفي سماع أشهب قال مالك قال عمر بن الخطاب اعلموا أنه لا يزال الناس مستقيمين ما استقامت لهم أئمتهم وهداتهم ومن حديث اسماعيل بن سيع عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ﷺ العلماء أمناء الرسول على عباد الله مالم يخالطوا السلطان يعين في الظلم فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم ذكره أبو جعفر العقيلي قال أخبرنا عبد الله بن محمد ابن سعدويه المروزي قال حدثنا علي بن الحسن المروزي قال حدثنا ابراهيم بن رستم قال حدثنا حفص الأبري عن اسماعيل بن سميع عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ﷺ فذكره قال أبو جعفر حفص هذا كوفي حديث غير محفوظ وقال قتادة العلماء كالملح إذا فسد الشيء صلح بالملح وإذا فسد الملح لم يصلح بشيء وقيل للأعمش يا أبا محمد قد أحييت العلم بكثرة من يأخذه عنك فقال لا تعجبوا فإن ثلثا منهم يموتون قبل أن يدركوا وثلثا يلزمون السلطان فهم شر من الموتى ومن الثلث الثالث قليل من يفلح وقال شر الأمراء أبعدهم من العلماء وشر العلماء أقربهم من الأمراء وقال محمد بن سحنون كان لبعض أهل العلم أخ يأتي القاضي والوالي بالليل يسلم عليهما فبلغه ذلك فكتب إليه أما بعد فإن الذي يراك بالليل يراك بالنهار وهذا آخر كتاب اكتب به إليك قال محمد فقرأته على سحنون فأعجبه وقال ما أسمجه بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد فيه فيسئل عنه فيقال إنه عند الأمير وقال سحنون إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيام بلا حاجة فينبغي أن لا تقبل شهادته قال أبو عمر معنى هذا الباب كله في السلطان الجائر الفاسق فأما العدل منهم الفاضل فمداخلته ورؤيته وعونه على الصلاح من أفضل أعمال البر ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز إنما كان يصحبه جلة العلماء مثل عروة بن الزبير وطبقته وابن شهاب وطبقته وقد كان ابن شهاب يدخل إلى السلطان عبد الملك وبنيه بعده وكان ممن يدخل إلى السلطان الشعبي وقبيصة وابن ذؤيب ورجاء بن حيوة الكندي وأبو المقدام وكان فاضلا عالما والحسن وأبو الزناد ومالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وجماعة يطول ذكرهم وإذا حضر العالم عند السلطان غبا فيما فيه الحاجة وقال خيرا ونطق بعلم كان حسنا وكان في ذلك رضوان الله إلى يوم يلقاه ولكنها مجالس الفتنة فيها أغلب والسلامة منها ترك ما فيها وذكر الزبير بن بكار قال حدثني يحيى بن عبد الملك الهديري عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحرث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن أبيه عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال العلم لواحد من ثلاثة لذي حسب يزينه به أو لذي دين يسوس به دينه أو لمن يختلط بالسلطان ويدخل إليه بتحفة بعلمه وينفعه به قال ولا أعلم أحدا جمع هذه الخلال إلا عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز فكلاهما جمع الحسب والدين ومخالطة السلطان وقال رسول الله ﷺ سبعة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله إمام عدل فبدأ به وقال المقسطون على منابر من نور يوم القيامة وقال الإمام العادل لا ترد دعوته ومثل هذا كثير وروى محمد بن خالد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال كتب عمر بن عبد الغزيز إلى عماله أن أجروا على طلبة العلم الرزق وفرغوهم للطلب فهذا ومثله سيرة الإمام العدل وبالله التوفيق ذكر ابن أبي حاتم الرازي قال حدثني أبي قال حدثنا عبد المتعالي بن صالح من أصحاب مالك قال قيل لمالك إنك تدخل على السلطان وهم يظلمون ويجورون فقال يرحمك الله فأين الكلام بالحق قال وحدثني أبي قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا الحسين بن علي قال لما حج هارون وقدم المدينة بعث إلى مالك بكيس فيه خمسمائة دينار فلما قضى نكسه وانصرف وقدم المدينة بعث الى مالك أن أمير المؤمنين يحب أن تنتقل معه إلى مدينة السلام فقال للرسول قل له إن الكيس بخاتمه وقال رسول الله ﷺ والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون