الرئيسيةبحث

تذكرة الحفاظ/الطبقة الخامسة عشرة



الطبقة الخامسة عشرة

وعدتهم أربعون حافظًا: [1]

1033- 1/15

ابن ماكولا

الأمير الكبير الحافظ البارع أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علي بن محمد بن دلف بن الأمير الجواد أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي الجرباذقابي ثم البغدادي مصنف الإكمال وغير ذلك، وعجل بطن من بكر بن وائل ثم من ربيعة أخي مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

قال: ولدت في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة بعكبرا؛ سمع بشرى بن عبد الله الفاتني وعبيد الله بن عمر بن شاهين وأبا طالب بن غيلان وأبا الطيب الطبري وأبا منصور محمد بن محمد السواق وأحمد بن محمد العتيقي وأبا بكر بن بشران وعبد الصمد بن محمد بن مكرم وخلائق ببغداد، وأبا القاسم الحنائي وطبقته بدمشق، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصري بمصر، وسمع بما وراء النهر وخراسان والجبال والجزيرة والسواحل ولقي الحفاظ والأعلام.

حدث عنه أبو بكر الخطيب شيخه والفقيه نصر المقدسي وأبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي ومحمد بن عبد الواحد الدقاق وشجاع الذهلي والحميدي ومحمد بن طرخان التركي وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي وأبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي وعلي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب وآخرون.

أخبرنا الحافظ أبو الحجاج القضاعي أنه قرأ بالثغر على محمد بن عبد الخالق الأموي: أخبرك علي بن المفضل الحافظ أنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ أنا أبو الغنائم النرسي الحافظ أنا أبو نصر علي بن هبة الله العجلي الحافظ -ولم أسمع منه غيره- حدثني أبو بكر أحمد بن مهدي نا أبو حازم العبدوي نا أبو عمرو بن مطر نا إبراهيم بن يوسف الهسنجاني نا أبو الفضل صاحب أحمد بن حنبل نا زهير بن حرب نا يحيى بن معين نا علي بن المديني نا عبيد الله بن معاذ نا أبي نا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة قالت: كن أزواج النبي ﷺ يأخذن من رءوسهن حتى يكون كالوفرة.

أنبأنيه عبد الواسع الأبهري نا أبو إسحاق بن الخشوعي نا أبو القاسم الحافظ نا أبو القاسم النسيب نا أبو بكر الخطيب، فذكره. قلت: هو أحمد بن مهدي، وزاد في آخره: قال الهسنجاني: نا عبيد الله بن معاذ، فذكره. قال الخطيب: ورواه محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل عن إبراهيم بن يوسف عن الفضل بن زياد عن أحمد.

وأنا المؤمل بن محمد وابن علان قالا: أنا الكندي أنا السيناني أنا أبو بكر الخطيب قال: كتب إلي أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني من مصر وحدثني أبو نصر علي بن هبة الله عنه أنا أحمد بن محمد بن الأزهر السمناوي أنا أحمد بن يعلى بن عيسى الوشاء أنا موسى بن عيسى بالرملة -بغدادي- سنة خمسين ومائتين نا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله، ﷺ: "إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن فيقول: من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والديه تحت الثرى، من أسكته فله الجنة". قال الخطيب: منكر جدًّا ورجاله معروفون سوى موسى فإنه مجهول.

قلت: هو واضعه. قال شيرويه في طبقاته: كان الأمير يعرف بالوزير سعد الملك بن ماكولا، قدم رسولا مرارًا، سمعت منه وكان حافظًا متقنًا عني بهذا الشأن، ولم يكن في زمانه بعد الخطيب أحد أفضل منه، حضر مجلسه الكبار من شيوخنا وسمعوا منه. وقال الحافظ بن عساكر: وزر أبوه للقائم أمير المؤمنين وولي عمه قضاء القضاة ببغداد وهو الحسين بن علي. قال: ولدت في شهر شعبان سنة إحدى وعشرين. قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب، وقال: حتى أكشفه، وما راجعت بن ماكولا في شيء إلا وأجابني حفظًا كأنه يقرأ من كتاب.

قال أبو الحسن محمد بن مرزوق: لما بلغ الخطيب أن بن ماكولا أخذ عليه في كتابه "المؤتنف" وصنف في ذلك تصنيفًا وحضر عنده بن ماكولا سأله الخطيب عن ذلك فأنكر ولم يقر وأصرّ وقال: هذا لم يخطر ببالي؛ وقيل: إن التصنيف كان في كمه فلما مات الخطيب أظهره وهو الكتاب الملقب بمستمر الأوهام. قلت: ملكته وهو كتاب نفيس يدل على تبحر بن ماكولا وإمامته. قال بن طاهر: سمعت أبا إسحاق الحبال يمدح أبا نصر بن ماكولا ويثني عليه ويقول: دخل مصر في زي الكتبة فلم نرفع به رأسًا، فلما عرفناه كان من العلماء بهذا الشأن.

قال السمعاني: كان بن ماكولا لبيبًا حافظًا عارفًا يرشح للحفظ حتى كان يقال له الخطيب الثاني، وكان نحويًّا مجودًا وشاعرًا مبرزًا جزل الشعر فصيح العبارة صحيح النقل ما كان في البغداديين في زمانه مثله، طاف الدنيا وأقام ببغداد. قال بن النجار في ترجمة بن ماكولا: أحب العلم من الصبا وطلب الحديث وأتقن الأدب، وله النظم والنثر والمصنفات، نفذه المقتدي بالله رسولا إلى سمرقند وبخارى لأخذ البيعة له على ملكهما طمغان الخان. قال هبة الله بن المبارك بن الدواتي: اجتمعت بالأمير بن ماكولا فقال لي: خذ جزأين من الحديث فاجعل متون هذا الجزء لأسانيد الجزء الآخر ومتونه لأسانيد الأول حتى أرده إلى حالته الأولى. قال أبو طاهر بن سلفة: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب فقال: جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه.

وأخبرنا أبو علي بن الخلال أنا جعفر أنا السلفي قال: سألت شجاعًا الذهلي عن بن ماكولا فقال: كان حافظًا فهمًا ثقة صنف كتابًا في علم الحديث. وقال مؤتمن الساجي: لم يلزم بن ماكولا طريق أهل العلم فلم ينتفع بنفسه.

قال بن عساكر: سمعت إسماعيل بن السمرقندي يذكر أن بن ماكولا كان له غلمان أتراك أحداث فقتلوه بجرجان سنة نيف وسبعين وأربعمائة. وقال بن ناصر: قتل الحافظ بن ماكولا وقد كان سافر نحو كرمان ومعه مماليكه الأتراك فقتلوه وأخذوا ماله في سنة خمس وسبعين وأربعمائة؛ هكذا نقل بن النجار. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت بن ناصر يقول: قتل بن ماكولا بالأهواز إما في سنة ست أو سبع وثمانين وأربعمائة. وقال السمعاني: خرج من بغداد إلى خوزستان وقتل هناك بعد الثمانين.

وقال أبو الفرج بن الجوزي في المنتظم: قتل سنة خمس وسبعين وقيل: سنة ست وثمانين. وقال غيره: قتل في سنة تسع وسبعين؛ وقيل: في سنة سبع وثمانين بخوزستان، حكى هذين القولين القاضي بن خلكان.

ومن شعره:

قوض خيامك عن دار أهنت بها وجانب الذل إن الذل مجتنب

وارحل إذا كانت الأوطان مضيعة فالمندل الرطب في أوطانه حطب

وله:

ولما توافقنا تباكت قلوبنا فممسك دمع يوم ذاك كساكبه

فيا كبدي الحرى ألبسي ثوب حسرة فراق الذي تهوينه فد كساك به

قلت: يعز وقوع حديث الأمير بن ماكولا، سمعت من عدة وأجازوا لنا عن أبي الحسن بن المقير، وأنبئونا عن الحافظ أبي محمد بن الأخضر، كلاهما عن محمد بن ناصر الحافظ عن كتاب أبي نصر الأمير إليه "ح" وأنبأنا أحمد بن سلامة أنبأنا الأرتاحي أنبأنا أبو الحسن بن الفراء عن بن ماكولا أنا مظفر بن الحسن الهمذاني سبط بن لال أنا جدي أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ أنا محمد بن علي بن الشاه نا أبو بكر محمد بن إبراهيم البغدادي بأنطاكية نا محمد بن عبد الرحمن بن بحير الحميري بمصر أنا خالد بن نجيح نا سفيان الثوري عن بن جريج عن فافاه عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة «رضي الله ع» عن النبي ﷺ قال: "لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". [2]

قال الشيرازي: فافاه هو أبو معاوية الضرير؛ وقال الأمير: بل هو إسماعيل الكندي شيخ لبقية. وأما الحديث ففي صحيح البخاري عن آدم وعلي في الجنائز والرقاق عن شعبة، ووقع لنا متصلا عاليًا في كتاب الألقاب للشيرازي، ووقع لنا أعلى بخمس درج أيضًا حتى كأني رويته عن الشيرازي.

134- 2/15

بن خيرون

الحافظ العالم الناقد، أبو الفضل أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون البغدادي بن الباقلاني.

سمع أبا علي بن شاذان وأبا بكر البرقاني وأحمد بن عبد الله بن المحاملي وأبا عمر بن دوست العلاف وأبا القاسم الحرفي وأبا القاسم بن بشران وأبا يعلى أحمد بن عبد الواحد وخلائق بعدهم حتى سمع من أقرانه، أجاز له أبو الحسين بن المتيم وأبو الحسن بن الصلت الأهوازي وطائفة تفرد بإجازتهم، روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب وأبو علي بن سكرة وأبو عامر العبدوي وأبو القاسم بن السمرقندي وإسماعيل بن محمد الحافظ وأبو بكر القاضي وإسماعيل بن سعد الصوفي وأبو الفضل بن ناصر وعبد الوهاب الأنماطي وأبو الفتح بن البطي وخلق كثير.

ذكره السمعاني فقال: ثقة عدل متقن واسع الرواية كتب بخطه الكثير وكان له معرفة بالحديث، سمعت أبا منصور بن خيرون يقول: كتب عمي أبو الفضل عن بن شاذان ألف جزء. سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: ما رئي مثل أبي الفضل بن خيرون لو ذكرت له كتبه وأجزاءه التي سمعها يقول لك عمن سمع وبأي طريق سمع، وكان يذكر الشيخ وما يرويه وما ينفرد به.

وقال أبو منصور: كتبوا مرة لعمي: الحافظ، فغضب وضرب عليه وقال: من أنا حتى يكتب لي: الحافظ. قلت: وأقرأ الناس بالروايات وكان تلا على أبي العلاء الواسطي وعلي بن طلحة البصري وغيرهما. قرأ عليه بن أخيه أبو منصور مؤلف "المفتاح" وأبو علي بن سكرة.

وكان يقال: هو في زمانه كيحيى بن معين في زمانه؛ إشارة إلى كلامه في شيوخ العصر جرحًا وتعديلًا مع الإنصاف. قال أبو طاهر السلفي: كان كيحيى بن معين في وقته. وقد ذكرت في "ميزان الاعتدال" كلام بن طاهر فيه بكلام مردود وأنه كان يلحق بخطه أشياء في تاريخ الخطيب وبينا أن الخطيب أذن له في ذلك وخطه فمشهور وهو بمنزلة الحواشي فكان ماذا؟

توفي في رجب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة وشهر.

وفيها مات شيخ العراق المسند الإمام رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي رئيس الحنابلة في جمادى الأولى عن ثمان وثمانين سنة، روى عن بن المتيم وطبقته، والعلامة شيخ المعتزلة أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني ببغداد وقد سمع قبل الأربعمائة وتفسيره في أكثر من ثلاثمائة مجلد، وأبو القاسم الفضل بن أبي حرب أحمد بن محمد الجرجاني ثم النيسابوري عنده بن محمش، ومقرئ المغرب أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري الشاعر، وأبو سعيد بن محمد بن علي بن أبي صالح البغوي الدباس من رواة الترمذي، وقاضي القضاة العلامة الصالح أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الحموي ببغداد عن ثمان وستين سنة، ومسند هراة أبو سهل نجيب بن ميمون الواسطي راوية أبي علي الخالدي، والحافظ أبو عبد الله الحميدي.

أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل أنا الإمام عبد الله بن أحمد قال: قرأت على محمد بن عبد الباقي أخبركم أحمد بن الحسن بن خيرون أنا الحسن بن أحمد بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق الخراساني نا أحمد بن عبيد نا علي بن عاصم وعبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن نبيشة الخير قال: قال رسول الله، ﷺ: "أنا كنا نهيناكم أن تأكلوا لحومها فوق ثلاث حتى تسعكم، وقد جاء الله بالسعة فكلوا وادخروا الآن، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله، عز وجل". [3] ليس لنبيشة الهذلي في الصحيح سواه، رواه مسلم عن بن نمير عن بن علية عن الحذاء فقال: عن أبي قلابة عن أبي المليح الهذلي ولا تأثير لهذة العلة فإنه في الصحيح أيضًا من طريق هشيم عن الحذاء عن أبي المليح نفسه، وقال: لقيت أبا المليح فحدثني به كذلك، وأخرجه النسائي أيضًا.

1035- 3/15

الحسيني

الحافظ الإمام الشريف المعظم المرتضى أبو المعالي ذو الشرفين، محمد بن محمد بن زيد بن علي العلوي البغدادي نزيل سمرقند.

سمع أبا القاسم الحرفي وأبا علي بن شاذان وأحمد بن عبد الله المحاملي وطلحة بن الصقر وأبا بكر البرقاني وعبد الملك بن بشران ومحمد بن عيسى الهمذاني وخلقًا، وتخرج بالخطيب ولازمه.

حدث عنه جعفر بن محمد المستغفري شيخه والخطيب ويوسف بن أيوب الهمذاني وزاهر بن طاهر المستملي وهبة الله بن سهل السندي وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحيري وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب، حدث هذا عنه بالإجازة، وخاتمة من سمع منه هو أبو المعالي المديني الخطيب.

قال أبو سعد السمعاني: هو أفضل علوي في عصره، له المعرفة التامة بالحديث وكان يرجع إلى عقل وافر ورأي صائب برع بالخطيب في الحديث نقل عنه الخطيب أظن في كتاب البخلاء، رزق حسن التصنيف وسكن في آخر عمره سمرقند ثم قدم بغداد وأملى بها وحدث بأصبهان ثم رد إلى سمرقند.

سمعت يوسف بن أيوب الزاهد يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه وأثنى عليه وكان من الأغنياء المذكورين، وكان كثير الإيثار ينفذ في العام إلى جماعة من الأئمة الألف دينار والخمسمائة دينار وأكثر إلى كل واحد فربما بلغ ذلك عشرة آلاف دينار، ويقول: هذا زكاة مالي وأنا غريب ففرقوا على من تعرفون استحقاقه وكل من أعطيتموه فاكتبوا له خطًّا وأرسلوه حتى أعطيه من عشر الغلة. قال: وكان يملك قريبًا من أربعين قرية خالصة له بنواحي كش وله في كل قرية وكيل أمين من رئيس بسمرقند. هكذا ذكر السمعاني وقد بالغ وهذا نظير ملك كبير.

ثم قال: وسمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك وكان من أصحاب الشريف، وسمعته يقول: إن الشريف أنشأ بستانًا عظيمًا فطلب صاحب ما وراء النهر الخاقان خضر أن يحضر دعوته في البستان فقال الشريف لحاجب الخاقان: لا سبيل إلى ذلك، فألح عليه فقال: لكن لا أحضر ولا أهيئ له آلة الفسق والفساد ولا أعصي الله، فغضب الملك وأراد أن يمسكه فاختفى عند وكيل له نحوًا من شهر فنودي عليه في البلاد فلم يظفروا به ثم أظهروا ندمًا على ما فعلوا ليطمئن وألح عليه أهله في الظهور فجلس على ما كان مدة ثم إن الملك نفذ إليه ليشاوره في أمر، فلما حصل عنده أخذه وسجنه واستأصل أمواله وضياعه فصبر وحمد الله، وقال: من يكون من أهل بيت رسول الله ﷺ لا بد أن يبتلى وأنا ربيت في النعمة وكنت أخاف أن يكون وقع خلل في نسبي، فلما وقع هذا فرحت وعلمت أن نسبي متصل.

قال لي أبو المعالي: فسمعنا أنهم منعوه من الطعام حتى مات جوعًا، وهو من ولد زين العابدين علي بن الحسين، «رضي الله ع». قال السمعاني: قال أبو العباس الجوهري: رأيت السيد المرتضى بعد موته وهو في الجنة وبين يديه طعام وقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا حتى يجيء ابني فإنه غدًا يجيء، فانتبهت وذلك في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين، فقتل ولده أبو الرضى في ذلك اليوم. وكان مولد السيد المرتضى في سنة خمس وأربعمائة.

قال: واستشهد بعد سنة ست وسبعين وقيل: في سنة ثمانين، قتله الخاقان خضر بن إبراهيم، وكان السيد قد قدم إلى القائم بأمر الله رسولا من الخاقان قلت: وقع لي من تصانيفه كتاب "فرحة المتعلم" سمعناه عاليًا.

أخبرنا محمد بن هبة الله أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد أنا أبو الأسعد بن القشيري أنا أبو المعالي محمد بن محمد الحسيني الحافظ أنا الحسن بن أحمد الفارسي أنا محمد بن العباس بن نجيح أنا عبد الملك بن محمد أنا بشر بن عمر وسعيد بن عامر قالا: نا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: أتيت رسول الله ﷺ وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير.

1036- 4/15

بن مردويه الصغير

هو الحافظ الإمام المفيد أبو بكر أحمد بن محمد بن الحافظ الكبير أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني، أحد شيوخ السلفي.

لم يلحق جده وسمع أبا بكر بن أبي علي وابن عبدكويه وأبا نعيم. توفي بعد السبعين وأربعمائة في سنة ثمان، رحمه الله تعالى.

1037- 5/15

بن سمكويه

الإمام الحافظ المفيد، أبو الفتح محمد بن أحمد بن عبد الله بن سمكويه الأصبهاني، نزيل هراة.

أكثر وحصل الأصول، ورحل وسمع ببغداد من أبي محمد الخلال وطبقته، وبنيسابور من أبي حفص بن مسرور وطبقته، وبأصبهان من أصحاب بن المقرئ، وبشيراز من الحافظ أبي بكر بن أبي علي، وبسمرقند من مسندها بن شاهين السمرقندي؛ وصنف في الأبواب، مولده سنة تسع وأربعمائة وكان صالحًا ناسكًا يتبرك بدعائه.

روى عنه إسماعيل بن محمد الحافظ وأبو عبد الله الدقاق فقال في رسالته: كان لابن سمكُويه الكثرة الوافرة في كتب الحديث، ووهمه أكثر من فهمه، خرج إلى نيسابور بصحبة عبد العزيز النخشبي ثم رحل إلى ما وراء النهر وأقام بهراة سنين يورق صادفته بها وبيني وبينه ما كان من الحقد والحسد. قلت: توفي بنيسابور في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين السنة التي مات فيها الحبال.

1038- 6/15

الحكاك

الحافظ الإمام المفيد أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي المكي، ويعرف بابن الحكاك.

سمع أبا ذر الهروي وأبا بكر محمد بن إبراهيم الأردستاني وأبا الحسن بن صخر وأبا نصر السجزي وطبقتهم، وببغداد بن النقور وطبقته، وخرج لابن النقور أربعة أجزاء.

قال بن النجار: كان موصوفًا بالمعرفة والحفظ والإتقان والفقه والصدق وكان يترسل من أمير مكة بن أبي هاشم إلى الخلفاء والملوك ويتولى قبض الأموال منهم ويحمل كسوة البيت. روى عنه إسماعيل بن السمرقندي وابن ناصر وصالح بن شافع الجيلي وأبو الفتح بن البطي ويحيى بن عبد الباقي الغزال.

قال السلفي: سمعت أبا الحسين بن الطيوري قال: سألت الخطيب عند قدومه من حجه: أرأيت هناك من يقيم الحديث؟ قال: لا، إلا شابًّا يقال له جعفر بن الحكاك. وقال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن جعفر بن الحكاك فقال: صحب أبا نصر السجزي وأبا ذر وكان ذا معرفة. وقال اليونارتي: كان من الفضلاء الأثبات. وقال عبد الوهاب الأنماطي: ثقة مأمون. وقال أبو علي الصدفي: قرأت عليه ببغداد كثيرًا وكان يفهم الحديث جيدًا. ولد سنة ست عشرة، ومات في صفر سنة خمس وثمانين وأربعمائة ببغداد أرخه شجاع، يكتب حديثه من مشيخة أبي الفتح بن البطي.

أخبرنا القاسم بن محمد الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم أنا عبد اللطيف بن عبد الوهاب أنا محمد بن عبد الباقي أنا جعفر بن يحيى التميمي الحكاك نا محمد بن الحسين نا محمد بن أحمد بن عبد الله نا إسحاق الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أخبرني عبيد الله عن بن عباس أن رسول الله ﷺ خرج في شهر رمضان من المدينة معه عشرة آلاف من المسلمين حتى بلغ الكديد وهو ما بين عسفان وقديد، فأفطر وأفطر المسلمون معه فلم يصوموا من بقية رمضان شيئًا. أخرجاه من حديث عبد الرزاق.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي في سنة ثلاث وتسعين وستمائة عن أبي اليمن الكندي أنا محمد بن ناصر الحافظ أنا جعفر بن يحيى الحكاك أنا أبو الحسن محمد بن علي بن محمد الأزدي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة بمكة نا عمر بن سيف نا محمد بن دليل نا عبد الله بن خبيق قال: قال بشر بن الحارث: النظر في وجه الظالم غيظ والأحمق سخنة العين والبخيل قساوة القلب.

1039- 7/15

هبة الله بن عبد الوارث بن علي

الحافظ المفيد الجوال، أبو القاسم الشيرازي.

سمع بخراسان والعراق والحرمين واليمن ومصر والشام والجزيرة وفارس والجبال، وحدث عن أبي بكر محمد بن الحسن بن الليث الشيرازي وأحمد بن عبد الباقي بن طوق الموصلي وأبي جعفر بن المسلمة وعبد الرزاق بن شمة وأحمد بن الفضل الباطرقاني وطبقتهم، وصنف تاريخ شيراز.

قال السمعاني: كان ثقة صالحًا خيرًا كثير العبادة مشتغلا بنفسه خرج وأفاد واستفاد، انتفع الطلبة بصحبته وبقراءته، قدم بغداد في سنة سبع وخمسين، روى لنا عنه أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب المروزي وعمر بن أحمد بن الصفار وأحمد بن ياسر المقرئ وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني وإسماعيل بن محمد الحافظ وأبو بكر اللفتواني وغيرهم، سكن في الآخر مرو حتى مات. قال بن عساكر: حدث عنه الفقيه نصر المقدسي وغيث بن علي وهبة الله بن طاوس وأبو نصر اليونارتي.

ثم قال: نا بن طاوس نا هبة الله الشيرازي نا أبو زرعة أحمد بن يحيى الخطيب بشيراز إملاء نا الحسن بن سعيد المطوعي المقرئ نا أبو مسلم الكجي، فذكر حديثًا.

قال عبد الغافر في تاريخه: هو شيخ عفيف صوفي فاضل، طاف البلاد وسمع الكثير وخطه مشهور، وكان كثير الفوائد؛ قال محمد بن محمد الفاشاني: كنت إذا مضيت إلى أبي القاسم هبة الله بالرباط أخرجني إلى الصحراء وقال: اقرأ هنا فالصوفية يتبرمون ممن يشتغل بالعلم والحديث، يقولون: يشوشون علينا أوقاتنا.

قال أبو الفتيان الدهستاني: مات هبة الله بمرو سنة ست وثمانين وأربعمائة. وقال اليونارتي: مات في شهر رمضان سنة خمس وثمانين مبطونًا. وقال مؤتمن الساجي: بذل نفسه في طلب الحديث جدًّا، أخرجت له جزأين في صلاة الضحى ففرح بهما شديدًا. قال الفاشاني: قام ليلة موته سبعين مرة أو أقل، كل نوبة يغتسل في النهر إلى أن مات على طهارة.

1040- 8/15

مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبد الله بن أحمد

الحافظ الفقيه الرحال، أبو سعيد السجزي الركاب صاحب المصنفات.

سمع بسجستان من علي بن بشرى الليثي وأبي سعيد عثمان النوقاتي، وبهراة من محمد بن عبد الرحمن الدباس وسعيد بن العباس القرشي ومنصور بن محمد بن محمد الأزدي، وبنيسابور من أبي حسان محمد بن أحمد المزكي وأبي سعيد النصروي وأبي حفص بن مسرور، وببغداد من أبي طالب بن غيلان وأبي محمد الخلال وأبي القاسم التنوخي، وبأصبهان من بن ريذة صاحب الطبراني وخلق كثير.

حدث عنه محمد بن عبد العزيز العجلي وعبد الواحد بن الفضل الطوسي وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي وأبو الأسعد بن القشيري وطائفة وأبو بكر الخطيب شيخه.

قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: لم أر في المحدثين أجود إتقانًا ولا أحسن ضبطًا منه. وقال بن النجار: قدم مسعود السجزي بغداد فسمع من بشرى الفاتني -وذكر جماعة- سمع منه الصوري شيخه. وقال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي: كان متقنًا ورعًا قصير اليد، زجى عمره كذلك إلى أن ارتبطه نظام الملك ببيهق مدة ثم بطوس للاستفادة منه. وقال أحمد بن ثابت الطرقي: سمعت بن الخاضبة يقول: كان مسعود قدريا سمعته يقرؤها: "فحج آدم موسى" بالنصب. قال المؤتمن: كان يرجع إلى هداية وإتقان وحسن ضبط. قلت: توفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربعمائة.

أخبرنا أحمد بن محمد المفيد أنا يوسف بن خليل ثنا مسعود بن أبي منصور نا الحسن بن أحمد المقرئ أنا مسعود بن ناصر الركاب أنا عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد النوقاتي أنا أبي أبو عمر نا أبو بكر محمد بن إبراهيم الخياط نا أحمد بن محمد بن ياسين نا أبو غياث نا أحمد بن محمد بن دينار النيسابوري عن أزهر السمان عن بن سيرين عن أبي هريرة «رضي الله ع» عن النبي ﷺ قال: "تفكهوا وكلوا البطيخ؛ فإن حلاوتها من الجنة". هذا حديث منكر لم يحدث به أزهر أصلا.

1041- 9/15

الحميدي

الحافظ الثبت الإمام القدوة، أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد بن يصل الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي الظاهري.

وميورقة جزيرة تجاه شرق الأندلس، سمع بالأندلس ومصر والشام والعراق والحرم وسكن بغداد وكان من كبار تلامذة بن حزم، قال: ولدت قبل سنة عشرين وأربعمائة.

حدث عن بن حزم فأكثر وعن أبي عبد الله القضاعي وأبي عمر بن عبد البر وأبي زكريا عبد الرحيم البخاري وأبي القاسم الحنائي الدمشقي وعبد الصمد بن المأمون وأبي بكر الخطيب وأبي جعفر بن المسلمة وأبي غالب بن بشران الأموي، ولم يزل يسمع ويكثر ويجد حتى كتب عن أصحاب الجوهري وابن المذهب وسمع بأفريقية كثيرًا ولقي بمكة كريمة المروزية أول رحلته، وأول رحلته كانت في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. قال محمد بن طرخان: سمعت الحميدي يقول: كنت أحمل للسماع على الكتف سنة خمس وعشرين وأربعمائة، فأول ما سمعت من الفقيه أصبغ بن راشد وكنت أفهم ما يقرأ عليه وكان تفقه على أبي محمد بن أبي زيد، أصل أبي من قرطبة من محلة تعرف بالرصافة فسكن جزيرة ميورقة فولدت فيها. وقال يحيى بن البناء: كان الحميدي من اجتهاده ينسخ بالليل في الحر، فكان يجلس في إجانة ماء يتبرد به. وقال الحسن بن محمد بن خسرو: جاء أبو بكر بن ميمون فدق على الحميدي وظن أنه قد أذن له، فدخل عليه فوجده مكشوف الفخذ فبكى الحميدي وقال: والله لقد نظرت إلى موضع لم ينظره أحد منذ عقلت.

قال الأمير بن ماكولا: لم أر مثل صديقنا الحميدي في نزاهته وعفته وورعه وتشاغله بالعلم، صنف تاريخ الأندلس. وقال يحيى بن إبراهيم السلماسي: قال أبي: لم تر عيناي مثل الحميدي في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم؛ قال: وكان ورعًا ثقة إمامًا في الحديث وعلله ورواته متحققًا في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسنة فصيح العبارة متبحرًا في علم الأدب والعربية والترسل، وله كتاب الجمع بين الصحيحين، وتاريخ الأندلس، وجمل تاريخ الإسلام، وكتاب الذهب المسبوك في وعظ الملوك، وكتاب الترسل، وكتاب مخاطبات الأصدقاء، وكتاب حفظ الجار، وكتاب ذم النميمة، وله شعر رصين في المواعظ والأمثال. قال السلفي: سألت أبا عامر العبدري عن الحميدي فقال: لا يرى قط مثله وعن مثله لا يسأل، جمع بين الفقه والحديث والأدب ورأى علماء الأندلس وكان حافظًا. وعن الحميدي قال: صيرني الشهاب شهابًا وهو كان يقصد في سماعه كثيرًا، قال أبو علي الصدفي: كان يدلني على الشيوخ وكان متقللا من الدنيا يمونه بن رئيس الرؤساء ثم جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه وكان يبيت عند بن رئيس الرؤساء كل ليلة، وحدثني أبو بكر بن الخاضبة أنه ما سمع يذكر الدنيا قط.

وقال بن طرخان: سمعت الحميدي يقول: ثلاثة كتب من علوم الحديث يجب الاهتمام بها؛ كتاب العلل وأحسن ما وضع فيها كتاب الدارقطني، وكتاب المؤتلف والمختلف وأحسن ما وضع فيه الإكمال للأمير بن ماكولا، وكتاب وفيات المشايخ، وليس فيه كتاب، وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتابًا فقال لي الأمير: رتبه على حروف المعجم بعد أن ترتبه على السنين. قال بن طرخان: فاشتغل بالصحيحين إلى أن مات. قلت: وقد قبلنا إشارة الأمير وعملنا "تاريخ الإسلام" على ما رسم الأمير. قال الحميدي في تاريخه: أنا أبو عمر بن عبد البر أنا عبد الله بن محمد الجهني بمصنف النسائي قراءة عليه عن حمزة الكناني عنه. قال القاضي عياض: أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الأندلسي الأزدي سمع بميورقة من أبي محمد بن حزم قديمًا وكان يتعصب له ويميل إلى قوله وكان قد أصابته فيه فتنة ولما شدد على بن حزم خرج الحميدي إلى المشرق.

قلت: روى عنه يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد ومحمد بن طرخان وأبو عامر العبدري وإسماعيل بن محمد الطلحي ومحمد بن علي الجلابي والحسين بن الحسن المقدسي وأبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن خميس والحافظ محمد بن ناصر وإسماعيل بن السمرقندي وصديق بن عثمان التبريزي وأبو إسحاق بن نبهان الغنوي وأبو الفتح محمد بن البطي وشيخه أبو بكر الخطيب وآخرون. وكان صاحب حديث كما ينبغي علمًا وعملًا وكان ظاهريًّا ويسر ذلك بعض الإسرار. مات في سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وأمهم عليه الإمام أبو بكر الشاشي بجامع القصر ودفن بمقبرة باب أبرز بقرب قبر الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ثم إنهم نقلوه بعد سنتين إلى مقبرة باب حرب فدفن عند بشر الحافي. ونقل الحافظ بن عساكر أن الحميدي كان أوصى إلى الأجل مظفر بن رئيس الرؤساء أن يدفنه عند بشر فخالف وصيته، فلما كان بعد مدة رآه في النوم يعاتبه على تفوح، فنقله في صفر سنة إحدى وتسعين وكان كفنه جديدًا وبدنه طريًّا تفوح منه رائحة الطيب، رحمة الله عليه. ووقف كتبه.

قرأت على أبي الفهم بن أحمد السلمي أخبركم أبو محمد بن قدامة، وقرأت على أبي سعيد الحلبي أخبركم عبد اللطيف بن يوسف قال: أنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي أنا محمد بن أبي نصر الحافظ سنة خمس وثمانين وأربعمائة أنا أبو القاسم منصور بن النعمان بمصر بقراءتي ثنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق لفظًا ثنا علي بن عبد الحميد الغضائري -وهو آخر من حدث عن الغضائري- أنا عبد الله بن معاوية الجمحي نا الحماد أن حماد بن سلمة وحماد بن زيد قالا: نا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله، ﷺ: "تسحروا؛ فإن في السحور بركة". أخرجه بن ماجه من طريق حماد بن زيد، وهو غريب من حديث حماد بن سلمة، وهو في صحيح مسلم من طريق بن علية وغيره عن عبد العزيز.

ومن شعر الحميدي:

طريق الزهد أفضل ما طريق وتقوى الله بادية الحقوق

فثق بالله يكفك واستعنه يعنك وذر بنيات الطريق

وله:

لقاء الناس ليس يفيد شيئا سوى الهذيان من قيل وقال

فاقلل من لقاء الناس إلا لأخذ العلم أو إصلاح حال

وله:

كلام الله عز وجل قولي وما صحت به الآثار ديني

وما اتفق الجميع عليه بدءا وعودا فهو عن حق مبين

فدع ما صد عن هذا وخذها تكن منها على عين اليقين

1042- 10/15

بن مفوز

الحافظ المجود الإمام أبو الحسن طاهر بن مفوز بن أحمد بن مفوّز المعافري الشاطبي، تلميذ أبي عمر بن عبد البر: أكثر عنه، وكان من أثبت الناس فيه وأنقلهم عنه، وسمع من أبي العباس بن دلهاث وأبي الوليد الباجي وأبي شاكر الخطيب وأبي الفتح السنكتي السمرقندي وطبقتهم، وسمع بقرطبة من حاتم بن محمد وأبي مروان بن حيان وكان موصوفًا بالذكاء وسعة العلم، شهر بحفظ الحديث وإتقانه وكان حسن الخط كثير الضبط ذا فضل وورع وصيانة ووقار وتقوى، وأما أخوه عبد الله فكان زاهد زمانه بالأندلس. مولد طاهر في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، حدث عنه الحافظ أبو علي بن سكرة وغيره، وكانت وفاته في رابع شعبان سنة أربع وثمانين وأربعمائة، رحمه الله تعالى.

1043- 11/15

طاهر النيسابوري

الحافظ أبو محمد، ويقال اسمه: عبد الصمد بن أحمد بن علي السليطي.

ولد بالري ونشأ بها وطلب الحديث وكتب بخطه المضبوط الجيد ما لا يوصف. سمع أبا عبيد صخر بن محمد الطوسي بالري وعبد الكريم بن أحمد المطري بساوة وعبد الملك بن عبد الغفار البصري وخلقًا بهمذان وقدم بغداد فسمع من أبي علي بن المذهب والقاضي أبي الطيب وأبي القاسم التنوخي وانتقى على الجوهري وحدث، روى عنه بن الطيوري وابن بدران الحلواني ومحمد بن الحسين المرزوقي، وسكن همذان ومات بظاهرها. قال شيرويه: كان أحد من عني بهذا الشأن حسن العبارة كثير الرحلة صدوقا جمع شيئًا كثيرًا في سائر العلوم ما رأيت فيمن رأيت أكثر كتبًا وسماعًا منه عاجله الموت. قال يحيى بن منده: هو أحد الحفاظ صحيح النقل يفهم الحديث ويحفظه، قال أبو جعفر محمد بن أبي علي الحافظ: سمعت مسعود بن ناصر السجزي يقول: أشهد أن كل كتاب بغدادي عند عبد الصمد السليطي، كلها غارة ونهب من نهب البساسيري ببغداد لا ينتفع بها دينًا ولا دنيا، قال بن السمعاني: توفي طاهر بهمذان سنة اثنتين وثمانين أربعمائة.

1044- 12/15

بن الخاضب

ة الحافظ الإمام القدوة مفيد بغداد، أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن منصور البغدادي الدقاق.

حدث عن مؤدبه أبي طالب عمر بن محمد بن الدلو، حدثه عن أبي عمر بن حيويه في سنة ست وأربعين وأربعمائة، وحدث عن أبي جعفر بن المسلمة والحافظ عبد الرحيم بن أحمد البخاري والحافظ أبي بكر الخطيب وأبي الحسين بن النقور والصريفيني وأحمد بن علي الدينوري وإمام جامع دمشق عبد الصمد بن محمد بن تميم ومحمد بن مكي بن عثمان الأزدي صادفه ببيت المقدس وأبي الغنائم محمد بن الغراء، وقرأ الكثير وكتب وخرج وأفاد مع الديانة والعبادة وصحة القراءة وحسنها؛ روى عنه أبو علي بن سكرة محمد بن طاهر المقدسي وأبو الفتح بن البطي وآخرون، قال بن سكرة: كان محبوبًا إلى الناس كلهم فاضلا حسن الذكر ما رأيت مثله على طريقته، وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلا أعطاه أو دله عليه، وسمعت أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي الإمام يقول، وذكر شدة أصابته بمطالبة طولب بها وأنه كانت له عند ذلك خلوات يدعو ربه فيها ويناديه فقرأ على مناجاته: ولئن قلت لي يا رب: هل واليت لي وليا؟ أقول: نعم يا رب، أبو بكر بن الخاضبة، ولئن قلت: هل عاديت في عدوا؟ فأقول: نعم، يا رب ولم يسمه؛ قال: فأخبرت بن الخاضبة بقوله فقال: أعز الله الشيخ.

أخبرنا المقداد بن أبي القاسم في كتابه أنبأنا أبو البقاء عبد الله بن الحسين النحوي في كتابه سنة إحدى عشرة وستمائة أنا أبو الفتح بن البطي أنا محمد بن أحمد الحافظ أنا أبو الحسين بن المهتدي بالله ثنا عبيد الله بن محمد نا عبد الله بن محمد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا خالد بن مخلد أنا سليمان بن بلال نا أبو حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله، ﷺ: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخله الصائمون يوم القيامة لا يدخله معه أحد غيرهم، فإذا دخل آخرهم أُغلق". رواه "خ" عن خالد بن مخلد و"م" عن بن أبي شيبة.

أخبرنا أبو محمد بن محمد الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم أنا عبد اللطيف الطبري أنا بن البطي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي نا أحمد بن علي بن ثابت نا بن أبي الفوارس نا الحسين بن أحمد الهروي الصفار قال: كنت يومًا عند الشبلي فسأله بعض المتصوفة: الرجل يسمع قولا فلا يفهمه فيتواجد عليه؟ فأنشأ يقول:

رب ورقاء هتوف بالضحى ذات شجو صدحت في فنن

فبكائي ربما أرقها وبكاها ربما أرقني

ولقد أشكو فما أفهمها ولقد تشكو فما تفهمني

غير أني بالجوى أعرفها وهي أيضًا بالجوى تعرفني

قال أبو سعد بن السمعاني: نسخ بن الخاضبة صحيح مسلم بالأجرة سبع مرات.

قال بن طاهر: ما كان في الدنيا أحد أحسن قراءة للحديث من بن الخاضبة في وقته، لو سمع بقراءته إنسان يومين لما مل قراءته. قال السلفي: سألت أبا الكرم خميسًا الحوزي عن بن الخاضبة فقال: كان علامة في الأدب قدوة في الحديث جيد اللسان جامعًا لخلال الخير ما رأيت ببغداد من أهلها أحسن قراءة للحديث منه ولا أعرف بما يقوله. قال بن النجار: كان بن الخاضبة ورعًا تقيًّا زاهدًا ثقة محبوبًا إلى الناس روى اليسير. وقال علي بن محمد الفصيحي: ما رأيت في أصحاب الحديث أقوم باللغة من بن الخاضبة. وقال السلفي: سألت أبا عامر العبدري عنه فقال: كان خير موجود في وقته، وكان لا يحفظ إنما يعول على الكتب. وقال بن طاهر: سمعت بن الخاضبة، وكنت ذكرت له أن بعض الهاشميين حدثني بأصبهان أن أبا الحسين بن المهتدي بالله يرى الاعتزال، فقال: لا أدري ولكن أحكي لك، لما كان سنة الغرق وقعت داري على قماشي وكتبي ولم يكن لي شيء وكان عندي الوالدة والزوجة والبنات فكنت أنسخ وأنفق عليهن، فأعرف أني كتبت صحيح مسلم في تلك السنة سبع مرات، فلما كان ليلة من الليالي رأيت كأن القيامة قامت ومنادٍ ينادى: أين بن الخاضبة؟ فأحضرت فقيل لي: ادخل الجنة، فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: استرحت والله من النسخ، فرفعت رأسي فإذا ببغلة في يد غلام فقلت: لمن هذه؟ قال: للشريف أبي الحسين الغريق، فلما أصبحت نعي إلينا الشريف. قال بن عساكر: سمعت أبا الفضل محمد بن محمد بن عطاف يحكي أنه طلع في بعض بني الرؤساء ببغداد أصبع زائدة، فاشتد ألمه ليلة فدخل عليه بن الخاضبة فمسح عليها وقال: أمرها يسير، فلما كانت تلك الليلة نام وانتبه فوجدها قد سقطت، أو كما قال. توفي بن الخاضبة في ثاني ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكانت جنازته مشهودة وختم على قبره ختمات.

وفيها مات المحدث المسند أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد بن الباقلاني الكرخي ببغداد عن ثلاث وسبعين سنة، ومقرئ بغداد أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي عن إحدى وثمانين سنة، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن السراج البغدادي، والمحدث القاضي أبو محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني مصنف مناقب الشافعي، والمحدث المفيد أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي الشيحي السفار، وإمام اللغة بالأندلس أبو مروان عبد الملك بن سراج بن عبد الله الأموي مولاهم القرطبي، ومسند أصبهان ورئيسها أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي شيخ السلفي عن بضع وتسعين سنة، ومسند هراة وزاهدها الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري، وأول سماعه في سنة سبع وأربعمائة، وشيخ المشايخ أبو منصور معمر بن أحمد بن محمد بن أحمد اللنباني الأصبهاني، وفقيه خراسان أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي عن ثلاث وستين سنة، والعلامة ذو النون أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوقشي، ووقش قرية على بريد من طليطلة.

1045- 13/15

الحرمي

نزيل هراة، الإمام القدوة المفيد أبو سعد محمد بن الحسن بن محمد المكي الحافظ.

سمع بمصر من محمد بن الحسين الطفال وأبي الفتح بن باشاذ وعلي بن حمصة الحراني وعلي بن بقاء الوراق، وبمكة أبا نصر السجزي وعبد العزيز بن بندار الشيرازي، وببغداد أبا جعفر بن المسلمة والخطيب وهذه الطبقة، وكان من عباد المحدثين.

قال محمد بن أبي علي الهمذاني: كان أبو سعد الحَرَمي من الأوتاد، لم أر بعيني أحفظ منه.

وقال الواعظ أبو حامد بن الخياط: إن كان لله بهراة أحد من أوليائه فهو هذا، وأشار إلى الحرمي.

مات الحرمي بهراة في شعبان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.

وفيها مات محدث الثغر أبو العباس أحمد بن إبراهيم الرازي بن الخطاب الشافعي ووالد صاحب السداسيات، ومسند أصبهان أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أشتة الكاتب، ومحدث أصبهان أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن شيرويه الأصبهاني الحافظ عن ست وسبعين سنة، ومحدث دمشق أبو الفرج سهل بن بشر الأسفراييني عن اثنتين وثمانين سنة، ومسند الوقت أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الهاشمي الزينبي النقيب عن ثلاث وتسعين سنة، والمسند أبو الفتح عبد الواحد بن علوان بن عقيل الشيباني ببغداد، ومسند العجم السلار الرئيس أبو الحسن مكي بن منصور بن محمد بن علان الكرجي، والمعمر المسند أبو الحسن هبة الله بن عبد الرزاق بن محمد الأنصاري. سمع من هلال الحفار.

أخبرنا أبو الحسين اليونيني وأبو علي الأمين قالا: أنا أبو الفضل الهمداني أنا أبو طاهر السلفي أنا المؤتمن بن أحمد، سمعت أبا سعد الحرمي الحافظ بهراة يقول: لا يصبر على الخل إلا دوده، يعني: لا يصبر على الحديث إلا أهله.

1046- 14/15

مكي بن عبد السلام بن الحسين

الحافظ الإمام أبو العباس الرميلي المقدسي، أحد الجوالين.

سمع محمد بن يحيى بن سلوان المازني وأبا عثمان بن ورقاء وعبد العزيز بن أحمد النصيبي وعبد العزيز بن الضراب وأبا القاسم بن الحنائي وعبد الباقي بن فارس وأبا جعفر بن المسلمة وأبا الغنائم بن المأمون والحسين بن أحمد الطرابلسي، ورحل إلى مصر ودمشق وطرابلس وبغداد والبصرة والكوفة وواسط والموصل وآمد وميافارقين وغير ذلك، سمع منه هبة الله الشيرازي وعمر الرواس، وحدث عنه محمد بن علي بن محمد المهرجاني بمرو وأبو سعد عمار بن طاهر بهمذان وأبو القاسم بن السمرقندي ببغداد وجمال الإسلام أبو الحسن السلمي وحمزة بن كروس بدمشق وآخرون، مولده في أول سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. قال بن النجار: مكي من الحفاظ ورحل وحصل وكان مفتيًا في مذهب الشافعي سمع بن سلوان.

قال المؤتمن الساجي: كانت الفتاوى تجيئه من مصر ومن الساحل ودمشق، وقيل: إنه شرع في تأليف تاريخ بيت المقدس ولما دخلت الفرنج وملكوا بيت المقدس في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أسروا الرميلي ونودي عليه في البلاد ليفك بألف دينار لما عرفوا أنه من علماء المسلمين، فلم يفتكه أحد فقتل صبرًا بظاهر أنطاكية وكان صدوقًا متثبتًا يكاد أن يعد من الحفاظ. وقال غيث الأرمنازي: قتلوه بالحجارة في ثاني عشر شوال سنة اثنتين وتسعين عند بيروت. قلت: وقتلوا في بيت المقدس نحوًا من سبعين ألفًا ودام في أيديهم تسعين سنة فافتتحه السلطان صلاح الدين.

وفيها مات مقرئ دمشق أبو البركات بن طاوس عن تسع وسبعين سنة، والمسند أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف، ومسند بلخ أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي الدهقان وله مائة سنة وسنة، والعلامة أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي بنيسابور، ومسند مصر القاضي أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي الشافعي عن ثمانٍ وثمانين سنة والمسند أبو الحسن بن أيوب ببغداد.

1047- 15/15

السمرقندي

الحافظ الإمام الرحال، أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن قاسم بن جعفر الكوخميثني.

ولد سنة تسع وأربعمائة وصحب الحافظ جعفر بن محمد المستغفري فأكثر عنه وتخرج به، سمع من عبد الصمد العاصمي وحمزة بن محمد الجعفري، وبنيسابور أبا حفص بن مسرور وأبا عثمان العابوني وأبا سعيد الكنجرودي وببخارى وبلخ، وصنف التصانيف. روى عنه إسماعيل بن محمد التيمي ووجيه الشحامي وهبة الرحمن بن القشيري ومحمد بن جامع خياط الصوف والجنيد القائني وخلق، وأكبر شيخ له منصور الكاغذي.

قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عنه فقال: إمام حافظ سمع وجمع وصنف. وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: الإمام الحافظ قوام السنة أبو محمد السمرقندي نزيل نيسابور، لم يكن في زمانه في فنه مثله في الشرق والغرب، له كتاب بحر الأسانيد في صحاح المسانيد، جمع فيه مائة ألف حديث لو رتب وهذب لم يقع في الإسلام مثله وهو ثمانمائة جزء. وقال عبد الغافر الفارسي: هو عديم النظير في حفظه استوطن نيسابور وهو مكثر عن المستغفري. مات في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وله اثنتان وثمانون سنة، رحمه الله تعالى.

أخبرنا إسحاق بن يحيى أنا الحسن بن عباس أنا عبد الواحد بن حمويه أنا وجيه بن طاهر أنا الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أنا أبو طالب حمزة بن محمد الحافظ أنا محمد بن أحمد الحافظ نا أبو صالح الكرابيسي نا صالح بن محمد نا أبو الصلت الهروي نا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن بن عباس عن رسول الله ﷺ قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأتِ عليًّا". هذا الحديث غير صحيح وأبو الصلت هو عبد السلام متهم.

1048- 16/15

البرداني

الحافظ الإمام المتقن، أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسن البغدادي.

ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة، وسمع من أبي طالب بن غيلان وأبي طالب العشاري وأبي إسحاق البرمكي وأبي محمد الجوهري وأبي الحسن القزويني وعبد العزيز بن علي الأزجي وأبي يعلى الفراء وأبي بكر الخطيب وخلق سواهم، وما أظنه رحل. قال السمعاني: كان أحد المبرزين في صنعة الحديث وكان حنبليًّا، استملى للقاضي أبي يعلى.

روى عنه إسماعيل بن محمد الحافظ. قلت: قد جمع مجلدًا في المنامات النبوية وسمعنا منتقاه على الأمين الأسدي عن الساوي عن السلفي عنه، وقد سأله السلفي عن كشف أحوال جماعة فأجاب وأجاد.

قال السلفي: كان أبو علي أحفظ وأعرف من شجاع الذهلي، وكان ثقة نبيلا له مصنفات.

قلت: وحدث عنه أيضًا الوزير علي بن مراد وأحمد بن المقرب. قرأت بخط أبي علي البرداني قال: أنا عثمان بن محمد بن دوست العلاف إجازة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وفيها مات، أنبأ أبو بكر الشافعي، فذكر حديثًا.

مات أبو علي في شوال سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.

وفيها مات محدث أصبهان المفيد الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني لم يلحق جده، والمسند أبو المعالي ثابت بن بندار البغدادي البقال المقرئ، وشيخ الحرم المحدث المفتي أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري عن ثمانين سنة، والشريف المسند أبو الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري، ومسند خراسان أبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي النيسابوري.

أخبرنا محمد بن أبي بكر الأسدي أنا يوسف بن محمود أنا أحمد بن محمد الحافظ قال: قرأت على أبي علي أحمد بن محمد الحافظ أنا محمد بن عبد الملك أنا الحسين بن عمر أنا حامد بن شعيب نا يحيى بن أيوب العابد نا إسماعيل بن جعفر أخبرني سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أبيه عن بن عباس قال: كشف رسول الله ﷺ الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال: "اللهم هل بلغت -ثلاث مرات- أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة" الحديث.

1049- 17/15

الغساني

الحافظ الإمام الثبت محدث الأندلس أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الجياني الأندلسي.

ولد في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة وحمل عن حكيم بن محمد الحداني وحاتم بن محمد الأطرابلسي وأبي عمر بن عبد البر وأبي شاكر عبد الواحد الفيري وأبي عبد الله بن عتاب والمحدث أبي عمرو بن الحذاء وسراج بن عبد الله القاضي وأبي الوليد الباجي وأبي العباس بن دلهاث وعدة، ولم يخرج من الأندلس وكان من جهابذة الحفاظ البُصَراء بصيرًا بالعربية واللغة والشعر والأنساب، صنف في ذلك كله، ورحل الناس إليه وعوَّلوا في النقل عليه وتصدر بجامع قرطبة وأخذ عنه الأعلام. قال هذا وأكثر منه خلف بن بشكوال وقال: أنا عنه غير واحد ووصفوه بالجلالة والحفظ والنباهة والتواضع والصيانة.

قال السهيلي في الروض: حدثني أبو بكر بن طاهر عن أبي علي الغساني أن أبا عمر بن عبد البر قال له: أمانة الله في عنقك متى عثرت على اسم من أسماء الصحابة لم أذكره إلا ألحقته في كتابي يعني "الاستيعاب". وقال ابن بشكوال: سمعت الحسن بن مغيث قال: كان أبو علي من أكمل من رأيت علمًا بالحديث ومعرفة بطرقه وحفظًا لرجاله، عانى كتب اللغة وأكثر من رواية الأشعار وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعه أحد أدركناه وصحح من الكتب ما لم يصححه غيره من الحفاظ فكتبه حجة بالغة، جمع كتابًا في رجال الصحيحين سماه "تقييد المهمل وتمييز المشكل" وهو كتاب حسن مفيد أخذه الناس عنه.

قال ابن بشكوال: سمعناه على القاضي أبي عبد الله بن الحجاج عنه، لزم بيته مدة لزمانة لحقته. قلت: روى عنه تقييده محمد بن محمد بن الحكم الباهلي شيخ السلفي والعثماني. وممن روى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم الجياني الملقب بالبغدادي وأبو علي بن سكرة الصدفي وأبو العلاء زهر بن عبد الملك الإيادي وعبد الله بن أحمد بن سماك الغرناطي وعبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى الأنصاري الحافظ ويوسف بن يبقى النحوي وخلائق سواهم، آخرهم مسند مراكش محمد بن عبد الله بن خليل القيسي سمع منه هذا صحيح مسلم، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة. توفي الأستاذ أبو علي في ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.

أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن علي أنا أبو محمد العثماني أنا محمد بن محمد الباهلي أنا أبو علي الغساني أنا حكيم بن محمد نا أبو بكر بن إسماعيل نا أبو القاسم البغوي إملاء بمكة سنة عشر وثلاثمائة، نا هدبة بن خالد حدثنا المبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: "ما تحابّ رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبًّا لصاحبه".

1050- 18/15

عمر بن علي بن أحمد بن الليث بن أحمد بن الليث

أبو مسلم الليثي البخاري الحافظ الجوال.

سمع الكثير ونسخ واستكتب وصنف وجمع، سمع ببخارى من أبي سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذي وعلي بن أحمد بن خنباج التميمي ومحمد بن محمد بن حاضر الهراس ويوسف بن منصور السياري الحافظ الصفار وعبد الملك بن علي الإمام وعدة، وبسمرقند المطهر بن محمد الخاقاني ومحمد بن جعفر الطبسي، وبكش عبد العزيز بن أحمد الحلواني، وببلخ أبا عمر محمد بن أحمد المستملي، وبغزنة المحدث المظفر بن حسين وعلي بن محمد اللبّان الدينوري والعيار، وبهراة عطاء بن أحمد وعدة، وببوشنج منصور بن العباس التميمي، وبمرو أبا عمرو محمد بن عبد العزيز القنطري وأبا غانم الكراعي، وبنيسابور بن مسرور وأبا الحسين الفارسي ومحمد بن عبد العزيز الحيري الحافظ وخلقًا، وبأصبهان عبد الرحمن بن منده وطبقته، وبهمذان محمد بن عثمان القومساني، ودخل بغداد سنة ستين فسمع عبد الصمد بن المأمون وأقرانه؛ روى عنه أبو الحسن بن الطيوري وعبد الله بن المجلي وأبو غالب بن البناء.

قال المؤتمن الساجي: كان حسن المعرفة شديد العناية بالصحيح. وقال شجاع الذهلي: كان يحفظ ويفهم ويعرف شيئًا من علم الحديث، وكان قريب الأمر في الرواية.

وقال خميس الحوزي: قال: كتبت وكتب لي عشر رواحل، وأثنى عليه أبو بكر بن الخاضبة. قال أبو زكريا بن منده: هو أحد من يدعي الحفظ إلا أنه كان يدلس وكان متعصبًا لأهل البدع أحول شرهًا وقاحًا كلما هاجت ريح قام معها، وصنف مسند الصحيحين.

كتب إلي أحمد بن سلامة عن خليل بن بدر، سمعت محمد بن عبد الواحد الدقّاق الحافظ يقول: من الحفاظ الذين شاهدتهم أبو مسلم الليثي، قدم علينا أصبهان وكان أحفظ من رأيت للكتابين جمع بين الصحيحين في أربعين مشرسة كل واحدة منها قريبة من مجلد.

وقال شيرويه الديلمي: قدم علينا ولم يقض لي السماع منه وكان يحفظ ويدلس، حدثني عنه أبو القاسم بن النضر، مات بخوزستان سنة ست وستين وأربعمائة. وقال أبو الفضل بن خيرون: مات بالأهواز سنة ثمان وستين، سمعت منه وسمع مني وكان فيه تمايل عن أهل العلم وعجب بنفسه.

1051- 19/15

أبو الفتيان

عمر بن عبد الكريم بن سعدويه بن مهمت الدهستاني الرواسي الحافظ الجوال.

سمع أبا حفص بن مسرور وأبا الحسين الفارسي وأبا عثمان الصابوني وطبقتهم بنيسابور، والقاضي أبا يعلى الحنبلي وابن المسلمة وابن النقور ببغداد، والحافظ أبا مسعود البجلي وغيره بدهستان، وسمع بدمشق ومصر ومرو والجزيرة، وسمع بحران من مبادر بن علي بن مبادر، وصنف وجمع وأكثر جدًّا وكان إمامًا مبرزًا في هذا الفن. روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب وأبو حامد الغزالي وصحح عليه الصحيحين وأبو حفص عمر بن محمد الجرجاني ومحمد بن عبد الواحد الدقاق والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي وهبة الله بن الأكفاني وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ ومحمد بن الحسن الجويني ومحمد بن يحيى فقيه نيسابور وآخرون، وروى عنه السلفي بالإجازة.

خرج من طوس إلى مرو لزيارة الإمام أبي بكر السمعاني وقد كان استدعاه ليأخذ عنه ويستفيد منه فسار فأدركته المنية بسرخس في ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسمائة كما هو مؤرخ على بلاطة قبره.

قال الحافظ أبو جعفر محمد بن علي الهمذاني: ما رأيت في تلك الديار أحفظ من أبي الفتيان، لا، بل في الدنيا كلها، كان كتابًا جوالًا دار الدنيا في طلب الحديث، لقيته بمكة ورأيت الشيوخ يثنون عليه ويحسنون القول فيه، ثم لقيته بجرجان وصار من إخواننا.

قال أبو بكر السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضل بأصبهان: كان عمر خريج أبي مسعود البجلي، سمعته يقول: دخل أبو مسعود دهستان فاشترى من أبي رأسًا ودخل المسجد يأكله، فبعثني أبي إليه فقال لي: تعرف شيئًا؟ قلت: لا، فقال لأبي: سلمه إليَّ، فسلمني إليه فحملني إلى نيسابور وأفادني وانتهى أمره إلى حيث انتهى.

قال بن نقطة: سمع غير واحد من أهل العلم أن أبا الفتيان سمع من ثلاثة آلاف شيخ وستمائة شيخ. وقال خزيمة بن علي المروزي الأديب: سقطت أصابع عمر الرواسي في الرحلة من شدة البرد. وقال الدقاق في رسالته: إن عمر حدث بطوس بصحيح مسلم من غير أصله وهذا أقبح شيء عند المحدثين، وحدثني أن مولده بدهستان في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وأنه سمع منه الحافظ هبة الله بن عبد الوارث في سنة ست وخمسين، قال الرواسي: أريد أن أخرج إلى مرو وسرخس على طريقي وقد قيل: إنها مقبرة العلم فلا أدري كيف يكون حالي بها؟ فمات بها. قال بن طاهر وغيره: الرواسي نسبة إلى بيع الرءوس.

قال بن ماكولا: كتب الرواسي عني وكتبت عنه ووجدته ذكيًّا. قال السمعاني: سمعت أحمد بن محمد السرخسي يقول: لما قدم عمر الرواسي حدث بسرخس وأملى فحضره جماعة كثيرة فقال: أنا أكتب أسماء الجماعة على الأصل بخطي، وفي المجلس الثاني إذا حضرت الجماعة أثبت أسماءهم كلهم عن ظهر قلب وما أحتاج أن أسألهم؛ وقيل: كانوا نحوًا من سبعين نفسًا.

قال عبد الغافر بن إسماعيل: عمر الرواسي مشهور عارف بطرق الحديث كتب الكثير وجمع الأبواب وصنف وكان سريع الكتابة، كان على سيرة السلف مقلا معيلا، خرج من نيسابور إلى طوس فأكرمه الغزالي وأنزله عنده وقرأ عليه الصحيح ثم سرحه.

قلت: ومات معه في سنة ثلاث مسند أصبهان أبو سعد محمد بن محمد بن أحمد بن سيده المطرز عن اثنتين وتسعين سنة، ومسند بغداد أبو بكر أحمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن التمار وله أيضًا ثنتان وتسعون سنة.

أخبرنا أبو المعالي محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي الجذامي بالإسكندرية ثنا جدي أنا أبو طاهر الحافظ قال: كتب إلي أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الحافظ نا أحمد بن محمد البجلي الحافظ ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب الزرقي -وزرق من قرى مرو- ثنا أبو حامد أحمد بن عيسى بن مهدي إملاء ثنا محمد بن رزام المروزي ثنا محمد بن أيوب الهنائي ثنا حميد بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن دلهم عن بن عباس «رضي الله ع» قال: قال رسول الله، ﷺ: "من حفظ على أمتي حديثًا واحدًا كان له أجر أحد وسبعين نبيًّا صديقًا". قال أبو الفتيان: كتبه عني أبو بكر الخطيب الحافظ بصور. قلت: هذا مما تحرم روايته إلا مقرونًا بأنه مكذوب من غير تردد وقبح الله من وضعه وإسناده مظلم وفيهم بن رزام كذاب لعله آفته.

أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد عن محمد بن صاعد بن سعيد الطوسي أنا أبي أنا عمر بن أبي الحسن الحافظ إملاء بطوس أنا أحمد بن عبد الرحيم النيسابوري أنا أبو الحسين الخفاف أنا السراج ثنا قتيبة أنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس أن النبي ﷺ كان أخف الناس صلاة في تمام.

وأخبرنا بن عساكر وابن أبي عصرون عن أبي روح الهروي أنا محمد بن إسماعيل أنا المحلم بن إسماعيل أنا الخليل بن أحمد السجزي ثنا محمد بن إسحاق السراج، فذكره، رواه مسلم عن قتيبة.

1052- 20/15

شجاع بن فارس بن حسين بن فارس بن الحسين بن غريب

الحافظ الإمام، أبو غالب الذهلي الشيباني السهروردي البغدادي الحريمي.

ولد سنة ثلاثين وأربعمائة، وسمع أبا طالب بن غيلان وعبد العزيز بن علي الأزجي وأبا محمد بن المقتدر الأمين وأبا محمد الجوهري وأبا جعفر بن المسلمة وأبا بكر الخطيب فمن بعدهم إلى أن نزل وسمع من أصحاب أبي القاسم بن بشران ومن أقرانه، حدث عنه إسماعيل بن السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي وابن ناصر وعمر بن ظفر وأبو طاهر السلفي وسليمان بن جروان وآخرون.

قال أبو سعد السمعاني: نسخ بخطه كثيرًا من التفسير والحديث والفقه ما لم ينسخه أحد من الوراقين، قال لي عبد الوهاب الأنماطي: دخلت يومًا فقال لي: توبتي؛ فقلت: من أي شيء؟ قال: كتبت شعر بن الحجاج بخطي سبع مرات. قال عبد الوهاب: قلما يوجد بلد من بلاد الإسلام إلا فيه بخطه شيء. وكان مفيد وقته ببغداد ثقة سديد السيرة أفنى عمره في الطلب وكان قد عمل مسودة تاريخ بغداد، ذيل به على تاريخ الخطيب فغسله في مرض موته. قلت: للسلفي سؤالات لشجاع عن المشايخ سمعناه متصلا. مات في ثالث جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة.

وفيها مات المقرئ المسند أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني ببغداد وهو في عشر التسعين، وشيخ المالكية أبو العباس أحمد بن محمد بن عروس ببغداد عن أربع وتسعين سنة له إجازة من بن شاذان، والعلامة مؤلف المستظهري في المذهب أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي الشافعي ببغداد وله ثمان وسبعون سنة، والعلامة شيخ الأدب أبو المظفر محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد الأموي المعافري الأبيوردي الشاعر، وأبو بكر محمد بن عيسى اللخمي بن اللبانة شاعر الأندلس، والحافظان بن طاهر والمؤتمن الساجي.

أخبرنا أبو علي الحسن بن علي أنا أبو الحسن بن المفر "ح" وأنا محمد بن بلغزا أنا البهاء عبد الرحمن قالا: أنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن الشيباني أنا شجاع بن فارس ومحمد بن الحسين الإسكاف قالا: أنا محمد بن علي الخياط -زاد شجاع فقال: وأنا وأبو طالب العشاري وأبو سعد بن السبط قالوا- ثنا أحمد بن محمد بن دوست ثنا الحسين بن صفوان ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ثنا الحسن بن عبد العزيز عن ضمرة عن بن شوذب قال: اجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع فتذاكرا العيش، فقال مالك: ما شيء أفضل من أن يكون للرجل غلة يعيش فيها؛ فقال محمد: طوبى لمن وجد غداء ولم يجد عشاء، ووجد عشاء ولم يجد غداء وهو عن الله راضٍ والله عنه راضٍ.

1053- 21/15

محمد بن طاهر بن علي

الحافظ العالم المكثر الجوال، أبو الفضل المقدسي، ويعرف بابن القيسراني الشيباني: سمع ببلده من الفقيه نصر وأبي عثمان بن ورقاء وعدة، وببغداد أبا محمد الصريفيني وأبا الحسين بن النقور وطبقتهما وبمكة الحسن بن عبد الرحمن الشافعي وسعد بن علي الزنجاني، وبمصر من أبي إسحاق الحبال، وبالثغر من الحسين بن عبد الرحمن الصفراوي، وبتنيس من علي بن الحسين بن الحداد حدثه عن جده عن الوشى"؟" عن عيسى بن حماد زغبة، وبدمشق من أبي القاسم بن أبي العلاء، وبحلب من الحسن بن مكي، وبالجزيرة من عبد الوهاب بن محمد التميمي صاحب أبي عمر بن مهدي، وبأصبهان من عبد الوهاب بن منده، وبنيسابور من الفضل بن المحب وبهراة من محمد بن أبي مسعود الفارسي، وبجرجان من إسماعيل بن مسعدة، وبآمد من قاسم بن أحمد الأصبهاني الخياط، حدثه عن بن جشنس عن بن صاعد؛ ولقي بأستراباذ علي بن عبد الملك الحفصي صاحب هلال الحفار، وببوشنج عبد الرحمن بن محمد بن عفيف، وبالبصرة عبد الملك بن شغبة، وبالدينور بن عباد صاحب أبي بكر بن لال، وبالري إسماعيل بن علي صاحب أبي زكريا المزكي، وبسرخس محمد بن المظفر حدثه عن رجل عن محمد بن حمدويه المروزي، وبشيراز علي بن محمد الشروطي، حدثه عن أبي الليث عن أبي جعفر بن البختري، ولقي بقزوين محمد بن إبراهيم العجلي صاحب أبي عمر بن مهدي، وبالكوفة أبا القاسم حسين بن محمد، وبالموصل هبة الله بن أحمد المقرئ وبمرو المهربندقشائي، وسمع بمروالروذ والرحبة ونوقان والحرمين ونهاوند وهمذان وواسط وسلوة وأسدآباذ والأنبار وأسفرايين وآمل والأهواز وبسطام وخسروجرد وغير ذلك. روى عنه شيرويه بن شهردار وأبو جعفر بن أبي علي وأبو نصر الغازي وعبد الوهاب الأنماطي وابن ناصر والسلفي وولده أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي وآخرون.

قال أبو القاسم بن عساكر: سمعت محمد بن إسماعيل الحافظ يقول: أحفظ من رأيت بن طاهر، وقال أبو زكريا بن منده: كان بن طاهر أحد الحفاظ حسن الاعتقاد جميل الطريقة صدوقًا عالمًا بالصحيح والسقيم كثير التصانيف لازمًا للأثر، قال السلفي: سمعت بن طاهر يقول: كتبت الصحيحين وسنن أبي داود سبع مرات بالأجرة، وسنن بن ماجه عشر مرات بالري.

قال السمعاني: سألت أبا الحسن الكرخي الفقيه عن بن طاهر فقال: ما كان على وجه الأرض له نظير وكان داودي المذهب، قال: اخترت مذهب داود، قلت: لم؟ قال: كذا اتفق، فسألته: من أفضل من رأيت؟ فقال: سعد الزنجاني وعبد الله الأنصاري، قال أبو مسعود عبد الرحيم الحاجي: سمعت بن طاهر يقول: بلت الدم في طلب الحديث مرتين مرة ببغداد ومرة بمكة، كنت أمشي حافيًا في الحر فلحقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري، وما سألت في حال الطلب أحدًا، كنت أعيش على ما يأتي، وقيل: كان يمشي دائمًا في اليوم والليلة عشرين فرسخًا وكان قادرًا على ذلك، وقد ذكره الدقاق في رسالته فحط عليه وقال: كان صوفيا ملامتيا سكن الري ثم همذان، له كتاب "صفوة التصوف" وله أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ البخاري ومسلم وغيرهما. قلت: هو أحفظ منك بكثير يا هذا؛ ثم قال: وذكر لي عند الإباحة قلت: بل الرجل مسلم معظم للآثار، وإنما كان يرى إباحة السماع لا الإباحة المطلقة التي هي ضرب من الزندقة والانحلال. وقال بن ناصر: بن طاهر لا يحتج به، صنف في جواز النظر إلى المرد وكان يذهب مذهب الإباحة. قلت: معلوم جواز النظر إلى الملاح عند الظاهرية وهو منهم.

قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن بن طاهر فتوقف ثم أساء الثناء عليه، وسمعت بن عساكر يقول: جمع بن طاهر أطراف الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأخطأ في مواضع خطأً فاحشًا. قال بن ناصر: كان لحنة ذا تصحيف قرأ وإن جبينه ليتقصد عرقًا بالقاف، فقلت: بالفاء، فكابرني.

قال السلفي: كان فاضلا يعرف لكنه لحنة، قال لي المؤتمن: كان عند شيخ الإسلام بهراة، فكان الشيخ يحرك رأسه فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

قال بن طاهر: مولدي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة في شوال، وأول سماعي في سنة ستين، ودخلت إلى بغداد في سنة سبع وستين، ثم رجعت وأحرمت من بيت المقدس بحجة.

قال بن عساكر: مصنفاته كثيرة لكنه كثير الوهم، وله شعر حسن وكان لا يحسن النحو. قال المبارك بن كامل: أنشدني بن طاهر لنفسه:

ساروا بها كالبدر في هودج يميس محفوفًا بأترابه

فاستعبرت تبكي فعاتبتها خوفًا من الواشي وأصحابه

وقلت لا تبكي على هالك بعدك ما يبقى على ما به

للموت أبواب وكل الورى لا بد أن يدخل من بابه

وأحسن الموت بأهل الهوى من مات من فرقة أحبابه

قال شيرويه في تاريخ همذان: بن طاهر سكن همذان وبنى بها دارًا، وكان ثقة حافظًا عالمًا بالصحيح والسقيم حسن المعرفة بالرجال والمتون كثير التصانيف جيد الخط لازمًا للأثر بعيدًا عن الفضول والتعصب خفيف الروح قوي السير في السفر. قال شجاع الذهلي: مات بن طاهر عند قدومه بغداد من الحج يوم الجمعة في ربيع الأول. وقال أبو المعمر: في نصف ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة.

أخبرنا القاضي أبو محمد صالح بن ثامر الفرضي أنا يوسف بن خليل أنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي "ح" وأنبأنا أحمد بن أبي الخير عن الطرسوسي أنا محمد بن طاهر الحافظ لفظًا في سنة ست وخمسمائة أنا الفضل بن عبد الله المفسر أنا أبو الحسين أحمد بن محمد الزاهد ثنا أبو العباس السراج ثنا غياث بن جعفر ثنا سفيان عن عثمان بن أبي سليمان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة «رضي الله ع» عن النبي ﷺ قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل أن يجلس". [4] هذا حديث صحيح متفق على أن الأمر فيه أمر ندب رواه الأئمة من طريق مالك بن أنس وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وغيرهما عن عامر بن عبد الله، وروايتنا هذه غريبة والله أعلم.

1054- 22/15

بن مرزوق

هو الحافظ المتقن أبو الخير عبد الله بن مرزوق الهروي، مولى شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري.

ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وسمع أبا عمر المليحي ومولاه أبا إسماعيل وأحمد بن أبي نصر الكوفاني وعدة بهراة، وأبا القاسم بن البسري وأبا نصر الزينبي ببغداد، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف بالطبسين، ويحيى بن الحسين الشريف بالري، وعبد الرحمن بن منده وطبقته بأصبهان، وبهمذان والكوفة وواسط، وعني بهذا الشأن، وكان موصوفًا بالحفظ والمعرفة وحسن السيرة، وكان به صمم فلما شاخ اشتد ذلك، سمع منه آحاد الطلبة واستوطن أصبهان.

قال إسماعيل الحافظ: هو حافظ للحديث متقن. قال أبو موسى المديني: ثنا الحافظ الزاهد العالم أبو الخير الهروي وكان ثقيل الأذن. قال: ومات في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة. وقال اليونارتي: صحب أبو الخير الحفاظ وثافنهم، ذو إتقان وطلب وحبّ للحديث وهو مقبل على شأنه.

1055- 23/15

الموتمن بن أحمد بن علي بن الحسين

الحافظ الحجة أبو نصر الربعي الديرعاقولي ثم البغدادي، المعروف بالساجي محدث بغداد.

سمع أبا الحسين بن النقور وعبد العزيز بن علي الأنماطي وأبا القاسم بن البسري وعبد الله بن الحسن الخلال وأبا نصر الزينبي وإسماعيل بن مسعدة وطبقتهم ببغداد، وكان أولا قد سمع من أبي بكر الخطيب بصور، ومن أبي عثمان بن ورقاء ببيت المقدس، والحسن بن مكي الشيزري بحلب، وسمع بأصبهان أبا عمرو بن منده وطبقته، وبنيسابور أبا بكر بن خلف وطبقته، وبهراة شيخ الإسلام أبا إسماعيل وطبقته، وبالبصرة أبا علي التستري وطبقته، وأكب على الطلب ببغداد مدة ثم تزهد وانقطع وأقبل على شأنه. روى عنه سعد الخير الأندلسي وابن ناصر وأبو المعمر الأنصاري ومحمد بن أبي بكر الشيحي وأبو طاهر السلفي وأبو سعد بن البغدادي ومحمد بن علي بن فولاد وآخرون. قال أبو الوقت: كان شيخ الإسلام إذا رأى المؤتمن قال: لا يمكن أحد أن يكذب على رسول الله ﷺ ما دام هذا حيا. وقال الضياء بن هبة الله: سألت السلفي عن المؤتمن الساجي فقال: حافظ متقن لم أر أحسن قراءة للحديث منه، تفقه في صباه على الشيخ أبي إسحاق وكتب الشامل بخطه عن بن الصباغ ثم خرج إلى الشام وسكن القدس زمانا، وقال لي: إنه سمع من الخطيب حديثًا واحدًا ولم يكن عنده به نسخة، انتفعت بصحبته، وقال أبو نصر الفاهي: أقام المؤتمن بهراة نحو عشر سنين وقرأ الكثير وكتب جامع الترمذي ست مرات وكان فيه صلف وقناعة وعفة واشتغال بما يعنيه. قال أبو بكر السمعاني: ما رأيت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن ببغداد وإسماعيل التيمي بأصبهان.

وقال يحيى بن منده: قدم الساجي وسمع من أبي كتاب "معرفة الصحابة" وكتاب "التوحيد" و"الأمالي" وحديث بن عيينة لجدي، فلما أخذ في قراءة "غرائب شعبة" وبلغ إلى حديث عمر في لبس الحرير كان الوالد في حال الانتقال إلى الله وقضى نحبه عند انتهاء ذلك بعد العشاء الآخرة هذا ما رأينا، ثم قدم بن طاهر وقرأنا عليه جزءًا من مجموعاته فيه: سمعت أصحابنا بأصبهان يقولون: إنما تمم الساجي كتاب "معرفة الصحابة" على أبي عمرو بعد موته وذلك أنه كان يقرأ عليه وهو في النزع ومات وهو يقرأ وكان يصاح به تريد أن تغسل الشيخ، فلما سمعت هذه الحكاية قلت: ما جرى ذلك، يجب أن يصلح هذا فإنه كذب. وأما قراءة "معرفة الصحابة" فكان قبل موت الوالد بشهرين؛ وكان المؤتمن -والله- ورعًا زاهدًا صابرًا على الفقر، رحمه الله تعالى.

قال بن ناصر: سألت المؤتمن عن مولده فقال: في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة وتوفي في صفر سنة سبع وخمسمائة وصليت عليه، وكان عالمًا فهمًا ثقة مأمونًا.

سمعت أبا الحسين اليونيني أنا جعفر أنا السلفي، سمعت المؤتمن الساجي يقول: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي بكر الخطيب. وسمعت المؤتمن يقول: كان أبو بكر -يعني الخطيب- يقول: من صنف فقد جعل عقله في طبق يعرضه على الناس.

1056- 24/15

===الأعمش الحافظ الإمام الأديب أبو العلاء حمد بن نصر بن أحمد بن محمد بن معروف الهمذاني، شيخ حافظ ثقة مكثر.

سمع بهمذان من عبيد الله بن الحافظ بن منده وأبي مسلم بن غزو النهاوندي وأبي محمد بن ماهلة وطبقتهم، وكان مولده في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

روى عنه أبو طاهر السلفي وأبو العلاء العطار والطائي وجماعة وكان مع بصره بهذا الشأن عارفًا بفقه أحمد بن حنبل ناصرًا للسنة عالمًا بالعربية وافر الجلالة بهمذان أملى عدة مجالس من حفظه.

قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي مروياته وكان عارفًا بالحديث حافظًا ثقة سمع الكثير بنفسه وأملى وحدث، ثم سمى شيوخه.

قرأت على أحمد بن عبد الكريم بن عبد الأعلاقي أخبركم نصر بن جرو قال: أنا أحمد بن محمد الحافظ، سمعت حمد بن نصر الحافظ بهمذان، سمعت علي بن حميد الحافظ، سمعت طاهر بن عبد الله الحافظ، سمعت أحمد بن عمر الزجاج الحافظ يقول: لما أملى صالح بن أحمد الحافظ بهمذان كانت له أرض فباعها بسبعمائة دينار ونثرها على محابر أصحاب الحديث. حدث بهذه الحكاية أبو سعد السمعاني عن شيخ سماه عن السلفي فكأني سمعتها من أبي سعد. قال السمعاني: مات حمد في عاشر شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

وفيها مات أمير المؤمنين المستظهر بالله أحمد بن المقتدي، وشمس الأئمة أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الأنصاري الجابري البخاري الزرنجري مفتي ما وراء النهر وكان تلميذ شمس الأئمة السرخسي وشمس الأئمة الحلواني، وببغداد شيخ الحنفية أيضًا العلامة نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الهاشمي الزينبي راوي الصحيح عن كريمة المروزية، والعلامة الأصولى أبو القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري النيسابوري عن سن عالية، والمسند المعمر أبو العلاء عبيد بن محمد القشيري النيسابوري عن خمس وتسعين سنة وهو خاتمة من روى عن عبد القاهر بن طاهر الأصولى، والمعمر أبو عبد الله عيسى بن شعيب السجزي والد أبي الوقت عن أزيد من مائة عام، تفرد بالسماع من علي بن بشري، والعلامة المعمر أبو عبد الله محمد بن عتيق التميمي القيرواني الأشعري المقرئ المعروف بابن أبي كدية قرأ على بن نفيس بمصر والحافظ محمود بن الفضل الأصبهاني.

أخبرتنا فاطمة بنت جوهر أنا بن الزبيدي أنا أبو الفتوح الطائي أنا زين الحفاظ حمد بن نصر أنا عبد الرحمن بن غزو العطار أنا أحمد بن فراس بمكة ثنا محمد بن إبراهيم الديبلي ثنا الحسين بن الحسن المروزي أنا محمد بن أبي عدي ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: أهديت لرسول الله ﷺ حلة من حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويتعجبون من لينها، فقال رسول الله، ﷺ: "مناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل أو خير مما ترون". أخرجاه من حديث شعبة.

1057- 25/15

بن منده

الحافظ العالم المسند أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن الحافظ الشيخ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني العبدي.

سمع أباه وعميه: عبد الرحمن الحافظ وعبيد الله التاجر وأبا بكر بن ريذة صاحب الطبراني وأبا طاهر بن عبد الرحيم صاحب أبي الشيخ وأبا العباس أحمد بن محمد القصاص وأحمد بن محمود الثقفي ومحمد بن علي الجصاص وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه وأبا الفتح علي بن محمد الدليلي ومحمد بن علي بن الحسين والجوزداني وأبا بكر أحمد بن منصور المغربي وسعيدًا العيار وأبا الوليد الحسن بن محمد الدربندي وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الزاهد وأبا بكر البيهقي وخلقًا كثيرًا، وله إجازة من أبي طالب بن غيلان وجماعة، حج سنة ثمان وتسعين وأربعمائة وأملى ببغداد، ومن مسموعاته كتاب "المعجم الكبير" للطبراني من بن ريذة. حدث عنه عبد الوهاب الأنماطي ويحيى بن عبد الغافر بن الصباغ وعلي بن أبي تراب وابن ناصر والسلفي وعبد الحق اليوسفي وأبو محمد بن الخشاب وخلق، آخرهم موتا محمد بن إسماعيل الطرسوسي.

ذكره أبو سعد السمعاني وقال: هو جليل القدر وافر الفضل واسع الرواية ثقة حافظ مكثر صدوق كثير التصانيف حسن السيرة بعيد عن التكلف أوحد بيته في عصره خرج التاريخ لنفسه ولجماعة من شيوخنا وأجاز لي مسموعاته، وسألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فأثنى عليه ووصفه بالحفظ والمعرفة والدراية، وسمعت محمد بن أبي نصر الفتواني الحافظ يقول: بيت بني منده بدئ بيحيى وختم بيحيى. قرأت بخط اليونارتي: مولد يحيى بن منده في شوال سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وكتب إلى معمر بن الفاخر أنه توفي يوم النحر سنة إحدى عشرة، وقيل: توفي في ثاني عشر ذي الحجة.

وفيها مات شيخ القراء خطيب قرطبة أبو القاسم خلف بن إبراهيم بن النخاس عن أربع وثمانين سنة، وشيخ بغداد أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف اليوسفي، ومسند أصبهان أبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرحي الأصبهاني عن أربع وتسعين سنة، ومسند العراق أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكرجي الكاتب، خاتمة من سمع من بن شاذان.

أخبرنا محمد بن يوسف الأديب أنا عبد الوهاب بن طاهر أنا أبو طاهر السلفي ثنا يحيى بن عبد الوهاب الحافظ إملاء بانتخابي أنا أبو طاهر أحمد بن محمود أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الخازن نا أحمد بن عمر بن يوسف بن جوصا ثنا معاوية بن عمرو ثنا حريز بن عثمان قلت لعبد الله بن بسر: هل كان في رأس رسول الله ﷺ من شيب؟ قال: كان في رأسه شعرات بيض، كان إذا أدهن يتغيبن.

1058- 26/15

محمود بن الفضل بن محمود

الحافظ العالم مفيد الجماعة، أبو نصر الأصبهاني الصباغ، نزيل بغداد.

سمع عبد الرحمن بن منده وأخاه عبد الوهاب وأبا الفضل البزاني وأبا بكر بن ماجه وعائشة بنت الحسن الوركانية وطبقتهم، روى اليسير وقد كتب بخطه السريع الرفيع ما لا يوصف كثرة وكان حميد الطريقة مفيدًا للغرباء نسخ الكتب المطولة.

قال شيرويه الديلمي: قدم علينا همذان وكان حافظًا ثقة يحسن هذا الشأن حسن السيرة عارفًا بالأسماء والنسب مفيدًا للطلبة. وقال غيره: لحق ببغداد رزق الله التميمي وطرادًا الزينبي وطبقتهما وأصحاب أبي طالب بن غيلان فمن دونهم حتى كتب عن أصحاب أبي القاسم بن البسري ونحوه.

روى عنه بن ناصر وأبو الفتح بن عبد السلام الكاتب والمبارك بن كامل وغيرهم. قال السلفي: كان رفيقنا محمود بن الفضل يطلب الحديث ويكتب العالي والنازل فعاتبته في كتبه النازل فقال: والله إذا رأيت سماع هؤلاء لا أقدر على تركه؛ فرأيته بعد موته فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بهذا، وأخرج من كمه جزءًا. مات محمود بن الفضل في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

1059- 27/15

ابن سكرة

الإمام الحافظ البارع، أبو علي الحسين بن محمد بن فيرة بن حيون الصدفي السرقسطي الأندلسي.

سمع القاضي أبا الوليد الباجي وطائفة، وببلنسية من أبي العباس بن دلهاث العذري، وبالمرية محمد بن سعدون القروي، ثم حج سنة إحدى وثمانين وأربعمائة فدخل على أبي إسحاق الحبال فأجاز له، ولم يقدر على السماع لمنع المصريين الخلفاء للحبال، وسمع بالبصرة من عبد الملك بن شغبة وحفص بن محمد العباداني وعدة، وببغداد علي بن الحسين بن قريش وعاصم بن الحسن ومالك بن أحمد البانياسي وأبا عبد الله الحميدي، وبواسط أبا المعالي محمد بن عبد السلام بن أحمولة، وبالأنبار أبا الحسن بن الأخضر الخطيب؛ وتفقه على أبي بكر الشاشي وأخذ بدمشق عن الفقيه نصر المقدسي، ورجع إلى الأندلس بعلم جم فنزل مرسية وتصدر للإفادة والإقراء بجامعها ورحل الناس إليه؛ وكان عالمًا بالقراءات تلا على أصحاب الحمامي؛ وله الباع الطويل في الرجال والعلل والأسماء والجرح والتعديل، مليح الخط متقن الضبط حافظًا للمتن والإسناد قائمًا على إقراء الصحيحين وجامع أبي عيسى.

ولي قضاء مرسية ثم استعفى منه وأقبل على نشر العلم وتأليفه وكان صالحًا عاملًا بعلمه حليمًا متواضعًا. قال ابن بشكوال: هو أجل من كتب إلي بالإجازة. قال القاضي عياض في أول المشيخة التي خرجها لأبي علي عن مائة وستين شيخًا: إن أبا علي أكره على القضاء فوليه ثم اختفى حتى أُعفي عنه. قال: وقرأ بروايات فتلا لقالون على رزق الله التميمي وقرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون وذكر أن الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي كتب عنه ثلاثة أحاديث.

قلت: روى عنه بن صابر الدمشقي وأخوه وأبو المعالي محمد بن يحيى القرشي والقاضي عياض فسمع منه عياض صحيح مسلم وقال: حدثنا به عن أبي العباس العذري عن أحمد بن الحسن بن بدران الرازي، إلى أن قال: واستشهد أبو علي في وقعة قندة بثغر الأندلس لست بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وخمسمائة، وله نحو من ستين سنة، وكان عيشه من كسب بضاعة مع ثقات إخوانه.

قلت: فيها توفي المسند أبو المعالي أحمد بن علي بن البخاري البغدادي البزاز يقال له: بن البخوري أو بن المبخر، كان يبخر الناس يوم الجمعة، عاش أبو المعالي أربعًا وثمانين سنة وعنده بن غيلان؛ ومقرئ الإسكندرية أبو علي الحسن بن خلف بن سمة القزويني، والعلامة أبو نصر عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري، ومقرئ الأندلس أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المريي، ومسند دمشق أبو الحسن علي بن الحسين السلمي بن الموازيني، ومسند أصبهان أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي الأشقر الأصبهاني عن ثلاث وتسعين سنة، رحمهم الله تعالى.

أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أبي العباس بالثغر قال: قرأت على الحافظ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الأنصاري سنة ست وأربعين وستمائة عن الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله أنا أبو الفضل عياض بن موسى القاضي ثنا حسين بن علي الصدفي أنا أبو الوليد سليمان بن خلف ثنا أبو ذر الحافظ ثنا أبو محمد السرخسي وأبو إسحاق وأبو الهيثم قالوا: ثنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا، حتى كنت من القرن الذي كنت منه". ووقع لنا في الصحيح أعلى بثلاث درج.

1060- 28/15

بن مفوز

الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز المعافري الشاطبي.

حدث عن عمه طاهر الحافظ وأبي علي الغساني فأكثر جدًّا وعن محمد بن الفرج الطلاعي وأبي مروان بن سراج وطبقتهم، وله إجازة من أبي عمر بن الحذاء والقاضي أبي الوليد الباجي؛ وكان حافظًا عارفًا متقنًا ضابطًا عارفًا بالأدب وفنونه حدث بقرطبة وخلف شيخه أبا علي الحافظ في الإفادة؛ وله رد على بن حزم رأيته. مات في سنة خمس عشرة وخمسمائة عن اثنتين وأربعين سنة.

1061- 29/15

الدقاق

الحافظ المفيد الرحال، أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد الأصبهاني.

كان يقول: عرفت بين المحدثين بصديقي أبي علي الدقاق، سألوني: بأي شيء نكتب تعريف سماعك؟ فقلت: بالدقاق؛ ومولدي بمحلة جرواآن سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمعت من أبي المظفر عبد الله بن شبيب وأحمد بن الفضل الباطرقاني وعبد الرحمن بن أحمد الرازي المقرئ وسعيد العيار وعبد الرحمن بن منده، وسمعت من ستة من أصحاب بن المقرئ، وأول ما أمليت بسرخس في سنة أربع وسبعين، سمعت من الإمام أبي عبد الله العميري، ودخلت لطلب الحديث طوس وهراة وبلخ ومرو وبخارى وسمرقند وكرمان وجرجان ونيسابور، فما زال يعد حتى سمى مائة وعشرين مكانا؛ ثم قال: فأما الذين كتبت عنهم بأصبهان فأكثر من ألف إن شاء الله والذين في الرحلة فأكثر من ألف أخرى. وكان الدقاق صالحًا فقيرًا متعففًا صاحب سنة واتباع إلا أنه كان يبالغ في تعظيم عبد الرحمن شيخه ويؤذي الأشعرية.

قال السلفي: سمعت إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: ما أعرف أحدًا أحفظ لغرائب الأحاديث وغرائب الأسانيد من أبي عبد الله الدقاق. قلت: حدث عنه أبو طاهر السلفي وأبو سعيد محمد بن عبد الواحد الصائغ وخليل بن أبي الرجاء الرازي وطائفة. قال عبد الرحمن بن أبي الوفاء فيما أنبأنا بن الخلال عن كريمة سماعًا عنه قال: توفي الحافظ أبو عبد الله الدقاق ليلة الجمعة سادس شوال سنة ست عشرة وخمسمائة.

قلت: فيها مات المسند أبو علي الحسن بن محمد بن إسحاق الباخرحي ببغداد عن تسع وسبعين سنة، والمسند الكبير أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي عن بضع وثمانين سنة، والعلامة شيخ الأدب أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحرامي البصري الحريري صاحب المقامات، وشيخ المقرئين أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف الصقلي مصنف "التجريد" بالإسكندرية، والحافظ أبو محمد السمرقندي، ومحيي السنة أبو محمد البغوي.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن خليل بن بدر أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ سماعًا في سنة خمس عشرة وخمسمائة أخبرني المفتي أبو بكر محمد بن محمد الزرنجري ببخارى أنا أبو سهل أحمد بن علي أنا بن حاجب ثنا بن مطر ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبد السلام بن مطهر ثنا عمر بن علي عن معن بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى يبلغه ستين سنة". [5] وأخبرنا محمد بن عبد الرحيم القرشي أنا عبد الوهاب بن علي أنا أبو طاهر بن سلفة أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أنا عبد الواحد بن أحمد المؤدب أنا أبو أحمد بن يعقوب أنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم ثنا أحمد بن منيع ثنا هشيم أنا مغيرة عن الشعبي عن بن عباس أن رسول الله ﷺ شرب من ماء زمزم وهو قائم.

1062- 30/15

البغوي

الإمام الحافظ الفقيه المجتهد محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء الشافعي صاحب "معالم التنزيل" و"شرح السنة" و"التهذيب" و"المصابيح" وغير ذلك.

تفقه على القاضي حسين صاحب التعليقة وحدث عنه وعن أبي عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي وأبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ويعقوب بن أحمد الصيرفي وعلي بن يوسف الجويني وأبي الحسن محمد بن محمد الشيرزي.

روى عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري المعروف بحفدة، وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وأهل مرو، وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح فإنه كان عن العلماء الربانيين، كان ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير، وكان يأكل كسرة وحدها فعذلوه فصار يأكلها بزيت، وكان أبوه يعمل الفراء ويبيعها، ولعل محيي السنة بلغ ثمانين سنة، ويلقبونه أيضًا ركن الدين وآخر من روى عنه بالإجازة أبو المكلام فضل الله بن محمد النوقاتي شيخ حي إلى حدود الستمائة وأجاز لشيخنا الفخر علي المقدسي. وتوفي محيي السنة بمدينة مروالروذ في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة ودفن عنه شيخه القاضي حسين.

أخبرنا عمر بن إبراهيم بن حسين الكاتب وعبد الخالق بن عبد السلام الشافعي وأحمد بن محمد بن سعد وإسماعيل بن عبد الرحمن وأحمد بن عبد الرحمن وأحمد بن عبد الحميد بن قدامة وخديجة بنت الرضى قالوا: أنا محمد بن الحسين بن بهرام الصوفي أنا محمد بن أسعد العطاري سنة سبع وستين وخمسمائة أنا محيي السنة الحسين بن مسعود الفقيه أنا أبو الحسن محمد بن محمد أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنا إبراهيم بن عبد الصمد أنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له: "إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوتك -أو صوت المؤذن- جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة"؛ [6] قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله، ﷺ.

1063- 31/15

شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرة

المحدث الحافظ مفيد همذان ومصنف تاريخها ومصنف كتاب "الفردوس".

سمع يوسف بن محمد بن يوسف المستملي وسفيان بن الحسين بن فنجويه وعبد الحميد بن الحسن الفقاعي وأبا الفضل محمد بن عثمان القومساني وأبا الفرج علي بن محمد الجريري وأحمد بن عيسى الدينوري وخلائق بهمذان، وعبد الوهاب بن منده وطبقته بأصبهان، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد العطار وأبا القاسم بن البسري وخلقًا ببغداد، وبقزوين وأماكن؛ قال يحيى بن منده: هو شاب كيس حسن الخلق والخلق ذكي القلب صلب في السنة قليل الكلام قلت: هو حسن المعرفة، وغيره أتقن منه، روى عنه ابنه شهردار ومحمد بن الفضل الأسفراييني ومحمد بن أبي القاسم الساوي والحافظ أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل والحافظ أبو العلاء أحمد بن الحسن بن أحمد العطار والحافظ أبو موسى المديني وآخرون.

أخبرنا محمد بن قايماز أنا الحسين بن مبارك وعبد الله بن عمر قالا: أنا أبو الفتوح الطائي أنا شيرويه بن شهردار الديلمي الحافظ أنا إبراهيم بن محمد القفال أنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قولة أنا أبو سعيد بن الأعرابي بمكة أنا أحمد بن يحيى بن المنذر ثنا أبي ثنا أبو العطوف عن الزهري أن أبا سلمة أخبره عن أبي هريرة، سمعت النبي ﷺ يقول: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". توفي في تاسع عشر رجب سنة تسع وخمسمائة.

وفيها مات المحتسب أبو عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني صاحب المجالس، وخطيب صور ومحدثها أبو الفرج غيث بن علي الصوري الأرمنازي عن ست وستين سنة كتب عنه شيخه أبو بكر الخطيب، والمفيد أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي ببغداد أحد من رحل وتعب، ومعجمه في مجلد لكنه متهم.

1064- 32/15

النرسي

الحافظ محدث الكوفة، أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي المقرئ ويلقب بأبي النرسي.

سمع محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي ومحمد بن إسحاق بن فدويه وأبا طاهر محمد بن العطار ومحمد بن محمد بن حازم وعدة بالكوفة، وكريمة المروزية بمكة، وأبا إسحاق البرمكي وأبا عبد الله بن حبيب القادسي وأحمد بن محمد الزعفراني وأحمد بن محمد بن قفرجل وأبا منصور بن السواق وأبا القاسم التنوخي وطبقتهم ببغداد، ومن جماعة بالشام، ونسخ الكتب وصنف وخرج لنفسه المعجم.

روى عنه الفقيه نصر المقدسي والحميدي وابن الخاضبة والسلفي وابن ناصر ومعالي بن أبي بكر الكياني ومسلم بن ثابت النحاس ومحمد بن حيدرة بن عمر والزيدي وأبو الفرج بن كليب إجازة وخلق كثير، كان يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث إلا أنا، وكان ينوب عن خطيب الكوفة ويتردد كثيرًا إلى بغداد؛ مولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة ورحل وهو بن عشرين سنة، وأول سماعه سنة اثنتين وأربعين. ذكره عبد الوهاب بن الأنماطي فوصفه بالحفظ والإتقان، وقال: كانت له معرفة ثاقبة. وقال محمد بن علي بن فولاد الطبري: سمعت أبا الغنائم الحافظ يقول: كنت أقرأ القرآن على المشايخ وأنا صبي فقيل لي: أنت أبي؛ لجودة قراءتي. قلت: قرأ لعاصم على شيخه العلوي عن قراءته على القاضي أبي عبد الله الجعفي، قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري. قال بن ناصر: كان النرسي حافظًا ثقة متقنا ما رأينا مثله، كان يتهجد ويقوم الليل، قرأ عليه بن سلفة حديثًا فأنكره وقال: ليس هذا من حديثي؛ فكلمه في ذلك فقال: أعرف حديثي كله لأني نظرت فيه مرارًا فما يخفى علي منه شيء، وكان يقدم كل سنة من سنة ثمان وتسعين في رجب ويقيم ببغداد إلى بعد العيد وينسخ بالأجرة يستعين بذلك على العيال، وكان أبو عامر العبدري يثني عليه ويقول: ختم هذا الشأن بأبي النرسي، رحمه الله تعالى.

مرض أبي ببغداد فحمل إلى الكوفة فأدركه الأجل بالحلة وحمل إلى الكوفة ميتًا فدفن بها في شعبان سنة عشر وخمسمائة. وفيها مات خميس الحوزي وأبو بكر السمعاني، ومسند خراسان أبو بكر عبد الغافر بن محمد الشيرازي التاجر خاتمة أصحاب أبي بكر الحيري، ومسند العراق أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز عن سبع وتسعين سنة، ومقرئ بغداد أبو الخير المبارك بن الحسين الغسال الأديب عن نيف وثمانين سنة، وفقيه بغداد أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني الأزجي الحنبلي صاحب التصانيف عن ثمان وسبعين سنة، ومسند الشام أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الحنائي الدمشقي، ومسند أذربيجان أبو القاسم محمود بن سعادة الهلالي السلماسي وقد قارب المائة، ومسند هراة أبو الفتح نصر بن أحمد بن إبراهيم الحنفي الزاهد بقية المسندين، يقال: إن شيخ الإسلام خرج له ثلاث مجلدات.

أخبرنا عيسى بن أبي محمد أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر الحافظ أنا أبو الغنائم النرسي أنا محمد بن إسحاق أنا علي بن عبد الرحمن البكائي ثنا أبو جعفر الحضرمي وأبو حصين الوداعي إملاء سنة تسعين ومائتين قالا: ثنا أحمد بن يونس ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه قال: يا رسول الله، مررت برجل فلم يُقْرِني ولم يُضِفْني ثم مر بي فأجزيه أم أُقريه؟ قال: "بل أقرِه".

1065- 33/15

الحوزي

الحافظ الإمام محدث واسط أبو الكرم خميس بن علي بن أحمد الواسطي.

سمع علي بن محمد النديم وأبا القاسم بن البسري البندار وأبا نصر الزينبي وهبة الله بن الجلخت وطبقتهم بواسط وبغداد، وكتب وجمع وجرح وعدل، روى عنه أبو الجوائز سعد بن عبد الكريم وأحمد بن سالم المقرئ وعبد الوهاب بن الحسن الفرضي وأبو طاهر السلفي وأبو بكر عبد الله بن عمران الباقلاني مقرئ العراق وآخرون.

قال السلفي: سألت خميسًا الحوزي عن أهل واسط المتأخرين فأجابني؛ وكان السلفي يثني عليه ويقول: كان عالمًا ثقة يملي من حفظه على حال من أسأله عنه وكان لا يؤبه له، والحوز قرية شرقي واسط. قال بن نقطة: سمع من عبد العزيز بن علي الأنماطي وطبقته، وكان له معرفة بالحديث والأدب. قال: ومولده في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ومات في شعبان أيضًا سنة عشر وخمسمائة، رحمه الله تعالى.

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر الصفار أنا أبو الهاشم بن رواحة أنا أبو طاهر السلفي أنا خميس بن علي بواسط أنا عبد الباقي بن محمد بن غالب أنا أحمد بن محمد الجندي ثنا بن صاعد ثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا بن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: واصل رسول الله ﷺ فواصل رجال من أصحابه فنهاهم، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا ثم رأوا الهلال فقال: "لو مد لي من الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إني لست مثلهم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني". هذا حديث صحيح.

1066- 34/15

بن السمرقندي

الحافظ الإمام الثقة أبو عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث مفيد بغداد، وأخو أبي القاسم إسماعيل.

مولده بدمشق ومنشؤه بها ثم ببغداد، سمع أبا بكر الخطيب وعبد العزيز الكتاني وأبا نصر بن طلاب وأبا الحسين بن النقور وطبقتهم، وبنيسابور من الفضل بن المحب وطائفة، وبأصبهان أبا منصور بن شكرويه، وعني بهذا الشأن وكتب وتعب وكان يفهم شيئًا كثيرًا من هذا العلم مع الصدق والإتقان وكان يقرأ للوزير النظام على الشيوخ ويفيده عنهم، عمل لنفسه المعجم في ثمانية أجزاء وروى الكثير، سئل عنه السلفي فقال: كان فاضلا عالمًا ثقة ذا ألسن، وكان أبو محمد قد رزق حظا من الأدب، إذا قرأ أعرب وأغرب.

قال عبد الغافر بن إسماعيل: شاب حافظ بالغ في الحفظ حديد الخاطر خفيف الروح لطيف المحاورة كان حافظ وقته. وقال الدقاق: صحب بن السمرقندي الخطيب وتلمذ له وكان ممن يتعصب للأشعرية. قلت: معلوم أنه سمع من الخطيب وأما أن يكون تلمذ له فلا يلحق هذا، وقد سمع بدمشق من أبي القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي ومحمد بن مكي الأزدي، روت عنه بنته كمال والسلفي، وذكر بن كامل ويحيى بن يوش، وآخرون. مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ومات ببغداد في ربيع الآخر سنة ست عشرة وخمسمائة. أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أنا نصر بن عبد الرزاق القاضي أنا محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق أنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن أبي الأشعث السمرقندي أنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد أنا جدي محمد بن جعفر السامري ثنا عمران بن موسى المؤذن ثنا محمد بن عمران ثنا سعيد بن عبيد الله الوصافي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي قال: دخل سواد بن قارب على عمر بن الخطاب فقال: ناشدتك الله يا سواد، هل تحسن من كهانتك شيئًا؟ قال: سبحان الله يا أمير المؤمنين، ما استقبلت أحدًا من جلسائك ما استقبلتني به؛ قال: سبحان الله يا سواد، ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، وذكر الحديث.

1067- 35/15

بن الحداد

الحافظ الإمام مفيد أصبهان، أبو نعيم عبيد الله بن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الأصبهاني.

سمع أبا عمرو بن منده وأبا طاهر أحمد بن محمد النقاش وحمد بن ولكيز وسليمان بن إبراهيم الحافظ وهذه الطبقة، ورحل فسمع أبا بكر بن خلف وموسى بن عمران الأنصاري وأبا عبد الله العميري ونجيب بن ميمون الواسطي وأبا الغنائم بن أبي عثمان وأبا عبد الله بن طلحة الثعالبي ورزق الله التميمي وخلقًا.

قال محمد بن عبد الواحد الدقاق في رسالته: وبأصبهان لي صديق وهو أبو نعيم بن الحداد أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مدافعة، وله عندي أيادٍ كثيرة وجمع ما لم يجمعه أحد من أقرانه من الكتب الكثيرة والسماعات، صدوق في جمعه وكتبه، أمين في قراءته. مولد عبيد الله سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ومات في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وخمسمائة، روى عنه نويس قليل، ولعفيفة الفارقانية المعمرة إجازة منه بمروياته.

ومات معه في السنة مسند بغداد المقرئ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن الطيوري أخو أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، والمسند أبو محمد حمزة بن العباس بن علي العلوي الحسيني الأصبهاني، والمسند أبو نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري الأصبهاني، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله الخطيب، والمحدث المجود أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني البغدادي عن خمس وسبعين سنة، ومسند مصر أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ثم المصري، والعالم المسند أبو عمران موسى بن أبي تليد الشاطبي.

أخبرنا جماعة إجازة عن عفيفة بنت أحمد ثنا أبو نعيم عبيد الله بن الحسن خطا ثنا عبد الرحمن بن أحمد الواحدي ثنا أبو عبد الرحمن السلمي أنا محمد بن عبد الله الأصبهاني الصفار ثنا أحمد بن مهدي ثنا ثابت بن محمد ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ﷺ قال: "لا يقطع الصلاة الكشر، ولكن تقطعها القرقرة". تفرد به ثابت وهو غريب.

أنبئت عن محمد بن مكي الأصبهاني الحنبلي قال: قيل: ناظر أبو نعيم الحداد شهردار بن شيرويه وكان قد تأخر عن أبي علي الحداد لسماع كتاب مسلم على أبي الحسن النيسابوري فقال: سبحان الله، تركت العوالي عند أبي واشتغلت بالنوازل؛ فقال: ليس عند أبيك صحيح مسلم وهو عال؛ فقال: نعم، ولكن عنده المخرج عليه لأبي نعيم وفيه عامة عواليه، فإذا سمعت تلك من أبي كأنك سمعتها من عبد الغافر الفارسي، ولو شئت أقول: كأنك سمعت بعضها من الجلودي، وإن شئت قلت: كأنك سمعتها من بن سفيان لم أكذب، وإن شئت قلت: كأنك سمعتها من مسلم. قال: وفيه أحاديث أعلى من هذا إذا سمعتها من أبي فكأنك والبخاري ومسلمًا قد سمعتموها من شيخ واحد، ومن جملتها حديث المستورد في شأن الزهراء، يعني: "إنما فاطمة بضعة مني".

1068- 36/15

السمعاني

الإمام الحافظ الأوحد، أبو بكر محمد بن أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي السمعاني المروزي، والد الحافظ أبي سعد.

سمع أباه العلامة أبا المظفر وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار وأبا القاسم الزهري وعبد الله بن أحمد الطاهري وأبا الفتح عبيد الله الهاشمي وعدة بمرو، وأبا علي نصر الله بن أحمد الخشنامي وعلي بن أحمد المؤذن وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيري بنيسابور، وأبا الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري وثابت بن بندار البقال والمبارك بن الطيوري وطبقتهم ببغداد، وأبا البقاء الحبال وغيره بالكوفة، وبالحرمين وغير ذلك؛ وكان أحد فرسان الحديث، وعظ بالنظامية ببغداد وقرأ تاريخها على أبي محمد بن الآبنوسي، ثم ارتحل إلى همذان فسمع بها من شيوخها، وبأصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد الحافظ بن مردويه وطبقته.

ذكر ولده له ترجمة حسنة وقال: رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور فسمعنا من الشيروي وقد أملى مائة وأربعين مجلسًا بجامع مرو وكل من رآها اعترف له أنه لم يسبق إلى مثلها، وكان يعظ ويروي في وعظه الحديث بأسانيده، وقد طلب مرة من أهل المجلس لقراء مجلسه فجاءه لهم من الحاضرين ألف دينار، وسمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل يقول: لو صرف والدك همته إلى هدم هذا الجدار لسقط. قال أبو سعد، وقيل له في مجلس الوعظ: إنه يضع -يعني الأسانيد- في الحال: فنحن لا نعرف؛ وكتبوا له بذلك رقعة؛ فنظر فيها وروى حديث: "من كذب عليّ متعمدًا" من نيف وتسعين طريقًا، ثم قال: إن كان أحد يعرف فقولوا له يكتب عشرة أحاديث بأسانيدها ويخلط الأسانيد ويسقط منها فإن لم أميزها فهو كما يدعي؛ ففعلوا ذلك امتحانا فرد كل اسم إلى موضعه. فهذا اليوم الذي طلب لقراء مجلسه فحصل لهم ألف دينار. قال: هذا معنى ما حدثنا به شيخنا محمد بن أبي بكر السنجي.

قلت: روى عنه رفيقه أبو طاهر السلفي وأبو الفتوح الطائي وأهل مرو، وقال ولده: نشأ في عبادة وتحصيل وبرع في الأدب وكان متصرفًا في فنون بما يشاء وبرع في الفقه والخلاف وزاد على أقرانه بعلم الحديث ومعرفة الرجال والأنساب والتاريخ وطرز فضله بمجالس تذكيره الذي يصدع صم الصخور عند تحذيره ونفق سوق تقواه عند الملوك والأكابر إلى أن قال: ومات في صفر سنة عشر وخمسمائة وله ثلاث وأربعون سنة.

ولما حج هو والسلفي ظفرا بأبي مكتوم عيسى بن أبي ذر فتهاونا فسارع في النفر الأول ورجع إلى موطنه سراة بني شبابة وفاتهما، فتحزن تاج الإسلام أبو بكر فأخذ السلفي يسليه ويقول: ما كان معه سوى صحيح البخاري وأنت في إسناده مثله. قلت: ولا كان البخاري معه، بل قد كان باعه لأمير مغربي سمعه منه فبذل له مالًا وأخذه منه.

أخبرنا محمد بن قايماز بقراءتي أنا أبو المنجي بن اللتي أنا أبو الفتوح محمد بن محمد الطائي أنا تاج الإسلام محمد بن منصور أنا عمر بن المبارك نا عبد الملك بن محمد نا عبد الله بن محمد بن إسحاق نا أبو يحيى بن أبي مسرة أنا خلاد بن يحيى أنا قطر بن خليفة عن القاسم بن أبي بزة، سمعت أبا الطفيل قال: قيل لعلي، «رضي الله ع»: هل ترك رسول الله ﷺ كتابًا عندكم؟ قال: ما ترك كتابًا نكتمه إلا شيئًا في علاقة سيفي، فوجدنا صحيفة صغيرة فيها: "لعن الله من تولى غير مواليه، لعن الله من أهلَّ لغير الله، لعن الله من زحزح منار الأرض". أخرجه مسلم من حديث شعبة عن بن أبي بزة.

1069- 37/15

ابن عطية

الإمام الحافظ المتقن أبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عطية المحاربي الغرناطي الأندلسي، والد العلامة المفسر أبي محمد بن عبد الحق بن غالب.

قال ابن بشكوال: روى عن أبيه والحسن بن عبيد الله الحضرمي المقرئ ومحمد بن حارث النحوي ومحمد بن أبي غالب القروي ومحمد بن نعمة والحافظ أبي علي الغساني، وحج سنة تسع وستين وأربعمائة ولقي أبا مكتوم بن أبي ذر وأبا عبد الله الحسين بن علي الطبري فحمل عنهما الصحيحين، وأخذ بمصر عن أبي الفضل عبد الله بن الحسين الجوهري، وبالمهدية عن محمد بن معاذ التميمي، ورأى أبا عمر بن عبد البر، وكان حافظًا للحديث وطرقه وعلله، عارفًا بأسماء رجاله ونقلته، ذاكرًا لمتونه ومعانيه.

ثم قال: قرأت بخط بعض أصحابنا أنه سمع أبا بكر بن عطية يذكر أنه كرر على صحيح البخاري سبعمائة مرة، وكان أديبًا شاعرًا لغويًّا دينًا فاضلًا أكثر الناس عنه، وكف بصره في آخر عمره، وكتب إلينا بإجازة ما رواه، ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، قال: وتوفي بغرناطة في جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وخمسمائة.

قلت: كان آخر من روى عنه عبد الحق بن بونة.

قلت: وفيها توفي العلامة أبو الفضل أحمد بن محمد النيسابوري الميداني النحوي الأصولي صاحب التصانيف، ومسند سمرقند الخطيب أبو إبراهيم إسحاق بن محمد بن إبراهيم النحوي النسفي الحنفي، وشيخ الشافعية بمصر أبو الفتح سلطان بن إبراهيم بن مسلم المقدسي عن بضع وسبعين سنة، والمعمر أبو طاهر عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن الهيثم الأصبهاني الذهبي الصباغ المعروف بالدشتج، خاتمة أصحاب أبي نعيم الحافظ، ومسند نيسابور الشيخ أبو القاسم الفضل بن محمد بن أحمد أبي منصور الأبيوردي العطار.

مات ولده عبد الحق صاحب التفسير سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.

1070- 38/15

الإسحاقي

الحافظ العالم المحدث أبو العلاء صاعد بن سيار بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الهروي الدهان.

حدث لما حج ببغداد عن أبي سعيد عبد الرحمن بن أبي عاصم وأبي إسماعيل الأنصاري وأبي عامر الأزدي وعلي بن فضال المجاشعي الأديب وعبد الله بن عطاء البغاوزجاني وطبقتهم، قرأ عليه الحافظ بن ناصر جامع أبي عيسى فسمعه منه أبو الفتوح بن كليب؛ قال أبو سعد السمعاني: كان حافظًا متقنًا واسع الرواية كتب الكثير وجمع الأبواب وعرف الرجال ولي عنه إجازة، وحدثنا عنه بن ناصر وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل وأبو المعمر الأنصاري وجماعة، قال: ومات بقرية غورج على باب هرارة في ذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة.

أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن أبي الفرج بن كليب أنا صاعد بن سيار الحافظ بجميع الجامع أنا أبو عامر الهروي وأبو الفضل المسعودي قالا: أنا عبد الجبار بن محمد ثنا أبو العباس المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي ثنا علي بن حجر نا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع يده في الجنة خير من الدنيا وما فيها". [7]

وقال أبو موسى المديني: أنا الحافظ أبو العلاء صاعد بن سيار الإسحاقي، قدم علينا أصبهان.

قلت: وفي سنته توفي مسندان شهيران بالأندلس؛ أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب القرطبي عن سبع وثمانين سنة لقي الكبار، وأبو بحر سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص الأسدي نزيل قرطبة، وقاضي الجماعة بقرطبة شيخ المالكية أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي صاحب التصانيف، والمعمر الإمام مسند مصر أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعيدي النحوي راوي الصحيح عن كريمة وله مائة سنة وأشهر، وشيخ المالكية بالثغر أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي عن سبعين سنة، رحمة الله عليهم أجمعين.

1071- 39/15

الشنتريني

الحافظ الإمام المحقق أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سليمان بن سعيد بن يربوع الأندلسي الشنتريني ثم الإشبيلي، محدث قرطبة.

سمع من محمد بن أحمد بن منظور صحيح البخاري، وسمع من حاتم بن محمد وأبي محمد بن خزرج وأبي مروان بن سراج وأبي علي الغساني وطبقتهم، وأجاز له أبو العباس بن دلهاث العذري. قال خلف بن بشكوال: كان حافظًا للحديث وعلله عارفًا برجاله وبالجرح والتعديل ضابطًا ثقة كثير الحديث، صحب أبا علي الغساني واختص به، وكان أبو علي يفضله ويصفه بالذكاء والمعرفة، صنف "الأقليد في بيان الأسانيد" و"كتاب معرفة أسانيد الموطأ" و"كتاب البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان" و"كتاب المنهاج" في رجال مسلم سمعت منه، ومات في صفر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وله ثمان وسبعون سنة.

قلت: وفيها مات عالم ما وراء النهر أبو علي الحسين بن علي بن أبي القاسم اللامشي السمرقندي الحنفي، ومسند نيسابور أبو القاسم سهل بن إبراهيم المسجدي الشيعي.

1072- 40/15

العبدري

الإمام الحافظ العلامة أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجي القرشي العبدري الميورقي الأندلسي نزيل بغداد.

وكان من أعيان الحفاظ ومن فقهاء الظاهرية، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ورزق الله التميمي وأبا الفضل بن خيرون وطراد بن محمد الزينبي ويحيى بن أحمد السيبي وأبا عبد الله الحميدي وطبقتهم، قال القاضي أبو بكر بن العربي في معجمه: أبو عامر العبدري هو أنبل من لقيته.

وقال بن ناصر: كان فهمًا عالمًا متعففًا وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع. وقال السلفي في معجمه: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرفًا في فنون من العلوم أدبًا ونحوًا ومعرفة بالأنساب، وكان داودي المذهب قرشي النسب كتب عني وكتبت عنه، مولده بقرطبة. وقال أحمد بن أبي بكر البندنيجي: لما دفنوا أبا عامر العبدري قال بن ناصر: خلا لك الجو فبيضي واصفري، مات أبو عامر حافظ حديث رسول الله، ﷺ، من شاء فليقل ما شاء.

قال الحافظ بن عساكر: كان أبو عامر داوديًّا، وكان أحفظ شيخ لقيته ذكر أنه دخل دمشق، سمعته يقول وقد جرى ذكر الإمام مالك فقال: جلف جاف ضرب هشام بن عمار بالدرة. وقرأت عليه الأموال لأبي عبيد فقال: ما كان إلا حمارًا مغفلًا لا يعرف الفقه، فاجتمعنا عند بن السمرقندي في سماع الكامل فنقل فيه عن السعدي فقال العبدري: يكذب إنما هو إبراهيم الجوزجاني؛ فقلت: وهو السعدي؛ فقلت: كم يتحمل منك سوء الأدب؟ وعدد أقواله، فغضب وارتعد، وقال: كان بن الخاضبة والبرداني يخافانني فآل أمري إلى هذا؛ فقال السمرقندي: هذا بذاك؛ وقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمة، فقال: والله لقد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممن تقدم؛ وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلما؛ فقلت مستهزئًا: فعلمك إذًا إلهام؛ وهاجرته قال: وكان سيئ الاعتقاد، يعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها، بلغني أنه قال في {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} وضرب على ساقه فقال: ساق كساقي هذه.

قلت: هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما أعتقد أن بلغ بالعبدري هذا. ثم قال: وبلغني أنه قال: إن أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي: في الإلهية، أما في الصورة فهو مثلي ومثلك. قلت: تعالى الله عن ذلك وتقدس وهذا لا يتفوه به مؤمن، فإن الله تعالى لا مثل له أبدًا. قال: ثم تلا قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} أي: في الحرمة، إلى أن قال بن عساكر: وكان شنيع الصورة، زري اللباس.

قال أبو سعد بن السمعاني: حافظ مبرز في صناعة الحديث داودي المذهب ونسخ الكثير وكان يسمع وينسخ. وقال بن ناصر: كان يتحدث وقت السماع ويقول: يكفيني حضور المجلس؛ ومذهبه في القرآن مذهب سوء، مات في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمسمائة.

قلت: حدث عنه الحافظ بن عساكر بعد ذاك الحط ويحيى بن يوش وأبو الفتح المندائي.

ومعه مات أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت الذي ادعى أنه المهدي المعصوم، ومات مسند أصبهان إسماعيل بن الفضل بن الإخشيد السراج، ومقرئ بغداد وشاعرها أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس البارع، ومسندة الوقت بأصبهان فاطمة بنت عبد الله بن أحمد أم الخير الجوزدانية خاتمة من روى عن بن ريزة، والمسند أبو الأعز قراتكين بن أسعد البغدادي، ومسند مرو المعمر أبو منصور محمد بن علي بن محمود المروزي الكراعي، ومحدث دمشق الأمير أبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاري بن الأكفاني جامع "الوفيات" وله ثمانون سنة، والمسند أبو سعد هبة الله بن القاسم بن عطاء المهراني النيسابوري.

أنبأنا أحمد بن سلامة الحداد عن يحيى بن أسعد أنا أبو عامر الحافظ سنة سبع عشرة "ح" وأنا سنقر الحلبي بها أنا عبد اللطيف بن يوسف والأنجب الحمامي ومحمد بن محمد بن السباك وعلي بن أبي الفخار وابن القبيطي قالوا: أنا أبو الفتح بن البطي قالا: أنا مالك بن أحمد ثنا أحمد بن محمد الصلتي ثنا إبراهيم بن عبد الصمد ثنا عبيد بن أسباط ثنا أبي ثنا الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب وكسب البغي.

1073- 41/15

عبد الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد

الحافظ المفيد اللغوي، الإمام أبو الحسن الفارسي ثم النيسابوري، مصنف تاريخ نيسابور وكتاب "مجمع الغرائب" و"المفهم لشرح مسلم".

كان من أعيان المحدثين بصيرًا باللغات فصيحًا بليغًا عذب العبارة؛ ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ولحق إجازة أبي سعيد الكنجرودي وجماعة، وأجاز له من بغداد أبو محمد الجوهري وسمع من جده لأمه الأستاذ أبي القاسم القشيري وأحمد بن منصور المغربي وأحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي وأبي حامد أحمد بن الحسن الأزهري والفضل بن المحب وأبي نصر عبد الرحيم بن علي التاجر ومحمد بن عبد الله الصرام وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري وجدته فاطمة بنت الدقاق وخلق كثير؛ تفقه بإمام الحرمين لزمه مدة أربع سنين، ورحل إلى خوارزم وإلى الهند ثم ولي خطابة نيسابور وعاش ثمانيًا وسبعين سنة، حدث عنه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار وطائفة، روى عنه أبو القاسم بن عساكر بالإجازة، مات سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

وفيها مات المحدث العلامة قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن الحجاج التجيبي القرطبي؛ عظمه ابن بشكوال.

1074- 42/15

الغازي

الحافظ الإمام محدث أصبهان، أبو نصر أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله: ولد بأصبهان في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. قال بن السمعاني.

ثقة دين حافظ واسع الرواية كتب الكثير وحصل الكتب، ما رأيت في شيوخي أكثر رحلة منه، سمع أبا الحسين بن النقور وعبد الرحمن بن منده وأبا عمرو بن منده وأبا القاسم بن البسري والفضل بن المحب النيسابوري وشيخ الإسلام الهروي وأبا عامر الأزدي وأبا علي التستري وأمثالهم؛ حدث عنه السمعاني والسلفي وأبو موسى المديني والمؤيد بن الأخوة ومحمود بن أحمد المصري وآخرون. قال أبو طاهر السلفي: كان من أهل المعرفة والحفظ سمعنا بقراءته كثيرًا وأملى شيئًا عليَّ. وقال السمعاني: سمعت عليه الكثير ونقلت من تاريخه وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على الحافظ إسماعيل بن محمد التيمي في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحد لكنه كان أعلى سندًا من التيمي؛ وكان لا يفرق بشيء بين السماع والإجازة، يعني أنهما عنده في الاحتجاج سواء لا أنه يجعلها هي ذات السماع. ثم قال: وتوفي في ثالث رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.

قلت: وفيها مات الفقيه محدث الأندلس أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن حافظ الأندلس بقي بن مخلد القرطبي، والفقيه أبو سعد إسماعيل بن المحدث أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، والإمام أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الأصبهاني الخلال الأديب، ورفيقه المسند أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي السمسار في الأملاك، والمسند أبو المظفر عبد المنعم بن الشيخ أبي القاسم القشيري، والأمير أبو منصور علي بن علي بن عبيد الله البغدادي بن سكينة، وفقيه الكرج أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد الكرجي الشافعي، ومحدث الأندلس أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث القرطبي عن خمس وثمانين سنة.

أخبرنا أحمد بن العماد عبد الحميد أنا أحمد بن محمد الفقيه أنا زاهر بن أبي طاهر أنا أبو نصر الحافظ أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو الحسن السكري ثنا حامد بن شعيب ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا بن علية عن أيوب عن قتادة عن أنس أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.

1075- 43/15

التيمي

الحافظ الكبير شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشي التيمي الطلحي الأصبهاني، الملقب بقوام السنة صاحب "الترغيب والترهيب" وغير ذلك.

ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. سمع أبا عمرو بن منده وعائشة بنت الحسن وإبراهيم بن محمد الطيار وأبا منصور بن شكرويه وابن ررا الإمام وأبا عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد وأصحاب بن منده وابن خرشيد قولة وأبا بكر بن مردويه، ورحل إلى بغداد فلقي أبا نصر الزينبي وطبقته، وبنيسابور أبا نصر محمد بن سهل السراج وطبقته، وسمع بعدة مدائن وجاور سنة وأملى وصنف وتكلم في الرجال وأحوالهم؛ حدث عنه أبو سعد السمعاني والسلفي وأبو القاسم بن عساكر وأبو موسى المديني ويحيى بن محمود الثقفي وعبد الله بن محمد بن حميد الخباز وأبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكوي وأبو نجيح فضل الله بن عثمان وأبو المجد زاهر الثقفي والمؤيد بن الأخوة وخلق.

قال أبو موسى: أبو القاسم الحافظ إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره وقدوة أهل السنة في زمانه حدثنا عنه جماعة في حال حياته، أصمت في صفر سنة أربع وثلاثين ثم فلج بعد مدة، ومات يوم الأضحى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة واجتمع في جنازته جمع لم أر مثلهم كثرة، وكان أبوه أبو جعفر صالحًا ورعًا سمع من سعيد العيار وقرأ القرآن على أبي المظفر بن شبيب ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، إلى أن قال: ووالده من أولاد طلحة أحد العشرة، «رضي الله ع».

وقال أبو موسى: قال: وسمعت من عائشة وأنا بن أربع سنين، وسمع من أبي القاسم بن عليك سنة إحدى وستين. قال: ولا أعلم أحدًا عاب عليه قولا ولا فعلا ولا عانده أحد إلا ونصره الله، وكان نزه النفس عن المطامع لا يدخل على السلاطين ولا على من اتصل بهم، قد أخلى دارًا من ملكه لأهل العلم مع خفة ذات يده ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع عنده، أملى ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلس وكان يملي على البديهة.

قال يحيى بن منده: كان حسن الاعتقاد جميل الطريقة قليل الكلام ليس في وقته مثله. قال عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد الإمام أحمد أحفظ وأفضل من الإمام إسماعيل. وقال أبو موسى المديني في ذكر من هو على رأس المائة الخامسة: لا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل الحديث إلا إسماعيل الحافظ. قلت: هذا تكلف فإن الرجل ما كان في رأس المائة قد اشتهر؛ وروي عن إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدًا يحفظ حفظي. قال أبو موسى: وقد قرأ أبو القاسم بالروايات على جماعة من القراء، وأما التفسير والمعاني والإعراب فقد صنف فيه كتابًا بالعربية والفارسية، وأما علم الفقه فقد سرت فتاواه في البلد والرساتيق.

أبو المناقب محمد بن حمزة العلوي: حدثنا الإمام الكبير بديع وقته وقريع دهره أبو القاسم إسماعيل بن محمد، فذكر حديثًا. ويذكر عن أبي القاسم تعبده وتهجده.

قال أبو موسى: سمعت من يحكي عنه في اليوم الذي قدم بولده ميتًا وجلس للتعزية، جدد الوضوء في ذلك اليوم مرات نحو الثلاثين كل ذلك يصلي ركعتين. وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح صحيح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله ويوم تمامه عمل مائدة وحلاوة كثيرة.

وكان ابنه أبو عبد الله ولد سنة خمسمائة ونشأ وصار إمامًا في اللغة والعلوم حتى ما كان يتقدمه أحد في الفصاحة والبيان والذكاء وكان أبوه يفضله على نفسه في اللغة وجريان اللسان، وكان أملى جملة من شرح الصحيحين، وله تصانيف كثيرة مع صغره، مات بهمذان سنة ست وعشرين وبعده أبوه، وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كنا مع الشيخ أبي القاسم فالتفت إلى أبي مسعود الحافظ فقال: أطال الله عمرك، فإنك تعيش طويلا ولا ترى مثلك. فهذا من كراماته، إلى أن قال أبو موسى: وله التفسير في ثلاث مجلدات سماه "الجامع" وله تفسير آخر في أربع مجلدات، و"الموضح" في التفسير في ثلاث مجلدات، وكتاب "المعتمد" في التفسير عشر مجلدات، وكتاب "السنة" مجلد، وكتاب "سيرة السلف" مجلد ضخم، وكتاب "دلائل النبوة" مجلد، و"المغازي" مجلد وأشياء كثيرة.

قال بن ناصر الحافظ: حدثني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أخي إسماعيل الحافظ حدثني أحمد الأسواري الذي تولى غسل عمي وكان ثقة، أنه أراد أن ينحي عن سوءته الخرقة لأجل الغسل قال: فجبذها إسماعيل بيده وغطى فرجه فقال الغاسل: أحياة بعد موت؟ قال أبو سعد السمعاني: هو أستاذي في الحديث وعنه أخذت هذا القدر وهو إمام في الحديث والتفسير واللغة والأدب عارف بالمتون والأسانيد، كنت إذا سألته عن المشكلات أجاب في الحال وذهب أكثر أصوله في آخر عمره وأملى بالجامع قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس، وكان أبي يقول: ما رأيت بالعراق من يعرف الحديث ويفهمه غير اثنين: إسماعيل الجوزي بأصبهان، والمؤتمن ببغداد.

قال أبو سعد: تلمذت له وسألته عن أحوال جماعة، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه وقال: رأيته وقد ضعف وساء حفظه. قال الدقاق في رسالته: كان عديم النظير لا مثل له في وقته، كان ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد. وقال السلفي: كان فاضلا في العربية ومعرفة الرجال. وقال أبو عامر العبدري: ما رأيت أحدًا قط مثل إسماعيل، ذاكرته فرأيته حافظًا للحديث عارفًا بكل علم متفننًا استعجل علينا بالخروج. سمع السلفي هذا القول من أبي عامر، ثم قال: وسمعت أبا الحسين بن الطيوري يقول: ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد، رحمه الله تعالى.

قلت: توفي معه في سنة خمس البديع أبو علي أحمد بن سعد العجلي الهمذاني الفقيه عن سبع وسبعين سنة، والعلامة أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب القيسي القرطبي اللغوي عن نيف وثمانين سنة، والمحدث أبو الحسن رزين بن معاوية بن عمار العبدري السرقسطي مؤلف جامع الصحاح، جاور بمكة وسمع من الطبري وابن أبي ذر، والمسند أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني البغدادي ويعرف بابن زريق القزاز، والمسند أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذياخي، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة الأسدي العكبري، وأخوه أبو منصور عبد الجبار، ومسند الدنيا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري الحنبلي البزاز ويعرف بقاضي المرستان وبابن صهرهبة، وشيخ الصوفية أبو يعقوب يوسف بن أيوب الهمذاني نزيل مرو.

أخبرنا محمد بن عمر بن محمود الفقيه أنا محمد بن عبد الهادي ثنا يحيى بن محمود أنا جدي لأمي إسماعيل بن محمد الحافظ أنا عبد الرحمن بن محمد بن زياد أنا أحمد بن محمد بن المرزبان ثنا محمد بن إبراهيم بن الحكم ثنا محمد بن سليمان ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم عن عائشة «رضي الله ع» قالت: قال رسول الله، ﷺ: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد". [8]

1076- 45/15

الأنماطي

الحافظ العالم محدث بغداد أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد البغدادي.

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وسمع أبا محمد بن هزارمرد الصريفيني وأبا الحسين بن النقور وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وعلي بن أحمد البندار فمن بعدهم، وكتب الكتب وسمع العالي والنازل حتى أنزف على بن الطيوري جميع ما عنده.

روى عنه بن ناصر والسلفي وابن عساكر وأبو موسى المديني وأبو سعد السمعاني وأبو الفرج بن الجوزي وأبو أحمد بن سكينة وعبد العزيز بن الأخضر وأحمد بن أزهر وعبد العزيز بن مينا وأحمد بن الديبقي وعبد الوهاب بن أحمد بن هدبة خاتمة أصحابه.

قال السمعاني: هو حافظ ثقة متقن واسع الرواية دائم البشر سريع الدمعة عند الذكر حسن المعاشرة، جمع الفوائد وخرج التخاريج، لعله ما بقي جزء مروي إلا وقد قرأه وحصل نسخته، ونسخ الكتب الكبار مثل "الطبقات لابن سعد" و"تاريخ الخطيب" وكان متفرغًا للحديث إما أن يقرأ عليه أو ينسخ شيئًا وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة وصنف في ذلك، قرأت عليه الجعديات ومسند يعقوب الفسوي والذي عنده من مسند يعقوب السدوسي وانتقاء البقال على المخلص.

قال السلفي: كان عبد الوهاب رفيقنا حافظًا ثقة لديه معرفة جيدة. قال بن ناصر: كان بقية الشيوخ سمع الكثير وكان يفهم، مضى مستورًا وكان ثقة ولم يتزوج قط. وقال بن الجوزي: كنت أقرأ عليه وهو يبكي فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته وكان على طريقة السلف انتفعت به ما لم أنتفع بغيره. وقال أبو موسى في معجمه: هو حافظ عصره ببغداد، مات في حادي عشر المحرم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

قلت: وفيها مات ببغداد المسند أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن الصفار عن ست وثمانين سنة، ومسند أصبهان أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد الأصبهاني التاجر، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن أحمد بن صرما الدقاق البغدادي بن عمة الحافظ بن ناصر، ومقرئ بغداد الخطيب أبو بكر محمد بن الخضر بن إبراهيم المحولي، وأبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر بن الشهرزوري الموصلي، وشيخ العربية والاعتزال أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري بخوارزم.

أخبرنا أبو الحسن بن البخاري في كتابه أنا عمر بن محمد أنا الحافظ عبد الوهاب أنا عبد الله بن محمد الخطيب أنا أبو القاسم عبيد الله بن حباية أنا أبو القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا يزيد بن إبراهيم التستري ثنا محمد بن سيرين أن أم عطية قالت: توفيت إحدى بنات رسول الله ﷺ فأمرنا أن نغسلها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن وأن نجعل في الغسلة الآخرة شيئًا من سدر وكافور. هذا حديث من عوالي الصحاح أخرجه النسائي بنزول عن عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده عن يحيى بن أيوب عن مالك بن أنس عن أيوب السختياني عن بن سيرين، فكأن شيخنا سمعه من النسائي وصافحه به.

1077- 45/15

أبو سعد بن البغدادي

الحافظ الإمام المحدث أحمد بن محمد بن الحسن بن علي الأصبهاني.

ولد سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وسمع أبا القاسم وأبا عمرو ابني أبي عبد الله بن منده وحمد بن ولكيز ومحمد بن أحمد بن ماجه الأبهري ومحمد بن أحمد بن أسد وأبا منصور بن شكرويه وطبقتهم، ورحل إلى بغداد وهو بن ست عشرة سنة مسارعًا لإدراك أبي نصر الزينبي فتلقاه نعيه فبكى وصاح ولطم على رأسه وقال: من أين لي علي بن الجعد عن شعبة؟ ثم سمع من عاصم بن الحسن ومالك البانياسي والموجودين وقد سمع من محمود بن جعفر الكوسج عن جده الحسن بن علي البغدادي، وأكبر شيخ له الشيخ عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ حدث عنه بن ناصر والسلفي وأبو موسى وابن الجوزي وعمر بن طبرزذ ومحمد بن علي القبيطي وخلق آخرهم وفاة محمد بن محمد بن بدر الراذاني.

قال أبو سعد السمعاني: ثقة حافظ دين خير حسن السيرة صحيح العقيدة على طريقة السلف تارك للتكلف كان ربما خرج إلى السوق وعلى رأسه طاقية رأيته في طريق الحج وقد تغير ويبس شدقه من الصوم في القيظ وكان يملي في بعض الأوقات وقد نزع قميصه. قال أبو سعد في معجمه: حافظ تام المعرفة يحفظ جميع صحيح مسلم وكان يملي الأحاديث من حفظه.

قال أبو سعد: قدم أبو سعد بن البغدادي مرة في الحج فاستقبله خلق كثير من أصبهان وهو على فرس، فكان يسير سيرهم حتى قارب أصبهان فركض الفرس وترك الناس إلى أن وصل البلد وقال: أردت السنة؛ وكان مطبوعًا حلو الشمائل استمليت عليه بالحرمين وكتب عني وخرج إليّ يومًا وقال: أوقفتك، قلت: الوقوف على باب المحدث عز؛ فقال: لك بهذه الكلمة أستاذ؟ قلت: لا، قال: فأنت أستاذها.

قال الحافظ عبد الله بن مرزوق: أبو سعد البغدادي شعلة نار. وقال معمر بن الفاخر: كان أبو سعد يحفظ صحيح مسلم وكان يتكلم على الأحاديث بكلام مليح. وقال بن النجار: أبو سعد إمام في الحديث وفي الزهد واعظ كتب عنه شجاع الذهلي، وكان إذا أكل طعامًا اغرورقت عيناه بالدموع، ثم يأكل ويقول: كان داود "عليه السلام" يأكل ويبكي.

قال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي: كنت ببغداد فاقترض مني أبو سعد البغدادي عشرة دنانير فاتفق أني دخلت على السلطان مسعود بن محمد فذكرت له ذلك فبعث معي إليه خمسمائة دينار ففرحت وجئته بها فأبى أن يأخذها. قال بن الجوزي: حج أبو سعد إحدى عشرة حجة وتردد مرارًا وسمعت منه كثيرًا ورأيت أخلاقه اللطيفة ومحاسنه الجميلة. قلت: حدث ببغداد بكتاب معرفة الصحابة لابن منده، أجازه لنا الإمام أبو زكريا يحيى بن الصيرفي بسماعه من القبيطي بسماعه منه. توفي في رجوعه من الحج بنهاوند في ربيع الأول سنة أربعين وخمسمائة وحمل إلى أصبهان.

وفيها توفي مسند نيسابور أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري صاحب البيهقي، والعلامة أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الجواليقي اللغوي إمام الخليفة المقتفي، وأبو عبد الله الحسين بن الحسن المقدسي الحنفي نزيل بغداد لحق أبا القاسم بن البسري.

أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه إجازة أنا علي بن محمد بن حمزة سنة سبع وستمائة ببغداد أنا أحمد بن محمد أنا أبو سهل أحمد بن أحمد بن ولكيز الصيرفي سنة ثمان وستين وأربعمائة ثنا محمد بن إسحاق الحافظ أنا أحمد بن سليمان بن أيوب ثنا أبو زرعة ثنا يحيى الوحاظي ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد بن رافع قال: قال رسول الله، ﷺ: "إياكم والحمرة، فإنها أحب الزينة إلى الشيطان". عبد الرحمن هذا مختلف في صحبته.

1078- 46/15

اليونارتي

الحافظ المجود أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني.

و"يونارت" قرية على باب أصبهان، كان أحد أئمة هذا الشأن، ذكره الحافظ بن عساكر فرجحه على إسماعيل بن محمد التيمي، كان سريع الكتابة حسن القراءة مليح التخريج، سمع أبا بكر بن ماجه الأبهري وأبا منصور بن شكرويه وطبقتهما ببلده، وأدرك أبا بكر بن خلف الشيرازي بنيسابور، ولقي بهراة أبا عامر محمود بن القاسم الأزدي وطبقته، وببلخ أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، ولقي ببغداد أبا عبد الله النعالي وأحمد بن عبد القادر اليوسفي والحسين بن علي بن البسري وطبقتهم. قال السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد الحافظ: ما كان لليونارتي كبير معرفة غير أنه كان لطيف الأجزاء. قال بن النجار: قدم اليونارتي بغداد سنة أربع وعشرين وخمسمائة وحدث بها بجامع الترمذي وأملى بها وجمع لنفسه المعجم في عدة أجزاء وكان موصوفًا بالمعرفة والدراية، روى عنه الفقيه أبو الفتح نصر بن فتيان بن المفتي وعرفة بن البقلي وأحمد بن صالح بن شافع ومظفر بن علي الخياط ولم يحدثني عنه سواه. قلت: وروت عنه فاطمة بنت سعد الخير. قال السمعاني: سمعت أبا علي بن الوزير يقول: ما سمعت صوتًا في قراءة الحديث أحسن ولا أطيب من صوت اليونارتي. قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ فقال: رحل اليونارتي إلى بن خلف الشيرازي وكان آخر من رحل إليه ثم رحل بعده عبد الرحمن بن أحمد الباغباني مع أبيه فقال: دخلت نيسابور وأنا أعدو إلى بيت أحمد بن خلف فلقيت اليونارتي فعاتبني وقال: تعال أطعمك أولا، فقدم طعامًا وأكلنا وأخرج لي مسموعاته من بن خلف وقال: مات ودفنته. قال عبد الرحمن: فكادت مرارتي تنشق. قال بن النجار: قرأت بخط معمر بن الفاخر على مجلس لأبي نصر اليونارتي: كان رحمه الله مجدا في السنة سريع الكتابة سريع القراءة حسن الخط حسن الخلق كثير الرحل كثير التلاوة حسن العارة كان يقرأ القرآن من سورة ويكتب القرآن ويقرأ من سورة أخرى. مولد اليونارتي في آخر سنة ست وستين وأربعمائة، ومات في شوال سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

وفيها مات مسند بغداد أبو غالب أحمد بن أبي علي الحسن بن أحمد بن البناء البغدادي الحنبلي، والفقيه العلامة أبو العباس أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن الرطبي الكرخي تلميذ الإمامين بن الصباغ وأبي إسحاق، والإمام الكبير العلامة أبو الفتح أسعد بن أبي نصر الميهني الشافعي، والعلامة شيخ الحنابلة أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر الزاغوني، ومسند نيسابور أبو سعيد محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد الصاعدي الرئيس القاضي يروي عن عمر بن مسرور، والإمام المسند أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي مقرئ بغداد، والإمام أبو خازم محمد بن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم نا محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير أنا الحسن بن محمد الحافظ أنا نجيب بن ميمون بهراة أنا منصور بن عبد الله الخالدي أنا عبد الله بن محمد بن موسى النيسابوري ثنا أليسع بن زيد بمكة سنة اثنتين وثمانين ومائتين ثنا سفيان عن حميد عن أنس قال: خدمت رسول الله ﷺ فما قال لي لشيء كسرته: لم كسرته؟ وذكر الحديث. تفرد به أليسع، وليس بمعتمد.

(تمت الطبقة الخامسة عشرة.)

هامش

  1. المترجمون فيها ستة وأربعون
  2. رواه البخاري في الجنائز باب 97. ومسلم في فضائل الصحابة حديث 221، 222. وأبو داود في السنة باب 10. والترمذي في البر باب 51.
  3. رواه البخاري في الأضاحي باب 16. ومسلم في الأضاحي حديث 28، 29، 33. وأبو داود في الأضاحي باب 9. والنسائي في الجنائز باب 100.
  4. رواه البخاري في الصلاة باب 60. ومسلم في المسافرين حديث 68-70. والترمذي في الصلاة باب 117، 118. والنسائي في المساجد باب 36.
  5. رواه البخاري في الرقاق باب 5.
  6. رواه البخاري في الأذان باب 5. والنسائي في الأذان باب 14. وأحمد في مسنده "3/ 35، 43".
  7. رواه البخاري في الجهاد باب 5. والترمذي في فضائل الجهاد باب 17. وأحمد في مسنده "2/ 482، 483".
  8. رواه البخاري في الصلح باب 5. ومسلم في الأقضية حديث 17. وابن ماجه في المقدمة باب 2.