الرئيسيةبحث

تذكرة الحفاظ/الطبقة الحادية والعشرون


الطبقة الحادية والعشرون

وفيها ثمانية أسماء:

النواوي شيخ الإسلام محيي الدين: هو سيد أهل هذه الطبقة وإنما ذكرته في الطبقة العشرين لتقدم موته، رحمة الله تعالى عليه.

1170- 1/21

ابن فرح

شيخنا الإمام العالم الحافظ الزاهد شيخ المحدثين، شهاب الدين أبو العباس أحمد بن فرح بن أحمد اللخمي الإشبيلي الشافعي، نزيل دمشق.

ولد سنة أربع وعشرين وستمائة وأسرته الفرنج ثم نجاه الله وحج وسمع بمصر من شيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري والإمام عز الدين بن عبد السلام وطبقتهما، وبدمشق من ابن عبد الدائم والكرماني وفراس العسقلاني وابن أبي اليسر وخلق سواهم.

وعني بهذا الشأن ثم أقبل على تقييد الألفاظ وفهم المتون ومذاهب العلماء، وكانت له حلقة إقراء للحديث وفنونه حضرت مجالسه، ونعم الشيخ كان علمًا وفضلًا ووقارًا وديانة واستحضارًا واستبحارًا وثقة وصدقًا وتعففًا وقصدًا، تخرج به جماعة وكتب الكثير من الفقه والحديث، وانتقل إلى رحمة الله تعالى حميدًا مفيدًا بمنزله في تربة أم الصالح، مبطونًا في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين الملقبة بسنة قازان، إذ أخذ الشام.

وفيها توفي خلق عظيم بدمشق، منهم العلامة شمس الدين محمد بن عبد القوي المقدسي الحنبلي النحوي عن سبعين سنة، والمقرئ الزاهد الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحسن بن المقير شهيدًا بوقعة قازان بوادي الخزندار وقد جاوز السبعين، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز اليونيني شهيدًا بالصالحية عن نيف وثمانين سنة، والمعمر أمير الحاج عماد الدين يوسف بن أبي نصر الشقاري الدمشقي المدفون بالنيرب عن تسعين سنة، ومفتي الحنابلة الشيخ التقي عبد الله بن محمد بن جبارة المرداوي بالصالحية، وهدية بنت عبد الحميد بن محمد بن سعد، وإبراهيم بن عنبر المارداتي الأسمر، وأبو حامد بن محمد الحراني مؤذن مسجد جراح، والأمير التواشي المعمر حسام الدين بلال المغيثي الأسود، وقاضي القضاة الشامية إمام الدين عمر بن عبد الرحمن القزويني الشافعي بمصر وقد انجفل إليها؛ وعدم بعد الوقعة قاضي القضاة حسام الدين الحسن بن أحمد الرازي ثم الرومي الحنفي، ومات الشيخ عبد الدائم بن أحمد بن ربح المجحي الصالحي، والإخوان علي وعمر ابنا زين الدين أحمد بن عبد الدائم وعبد الرحمن بن عمر بن صومع الديرقانوني والشيخ أحمد بن زيد الحمال الصالحي والعماد عبد الولي بن علي السماقي، ومسند الشام شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد ابن عساكر عن خمس وثمانين سنة، والمؤدب الصالح عيسى بن بركة بن والي الصالحي، والشيخ أحمد بن نوال الرصافي، والشيخ علي بن مطر بن ربح المجحي البقلي والمعمرة صفية بنت عبد الرحمن بن عمرو المناوي الفراء، وزوجها وابن عمها المعمر إبراهيم بن أبي الحسن بن عمرو الفراء، والشيخ أحمد بن محمد بن المجاهد يروي عن ابن صصرى، وخديجة بنت تقي الدين محمد بن محمود بن المراتبي والشمس محمد بن مظفر بن قايماز السقطي، والمسند أبو العباس أحمد بن سليمان بن أحمد الحراني ثم الصالحي راوي الصحيح عن ابن روزبة، والإمام عز الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد الحق بن خلف المعدل، والخطيب الكبير موفق الدين أبو المعالي محمد بن محمد بن الفضل بن حبيش النهراني الحموي وقد قارب الثمانين، ومسندة بعلبك زينب بنت عمر بن كندي الدمشقية، والمحدث اللغوي كمال الدين عبد الله بن علي بن كبار الكركي نقيب السبع، والمحدث مقدم الجيوش علم الدين سنجر التركي الدواداري في عشر الثمانين بحصن الأكراد، والأجلّ مؤيد الدين علي بن إبراهيم بن يحيى ابن خطيب عقربا، وعماد الدين إبراهيم ابن القاضي نجم الدين أحمد بن محمد بن خلف الصالحي الماسح، وموفق الدين محمد بن يوسف المقدسي الحنبلي الشاهد، والعلامة النجم أحمد بن مكي البعلبكي الشيعي، والكاتبة العاملة أمة العزيز خديجة بنت يوسف بن غنيمة البغدادي، والإمام شمس الدين محمد بن سليمان بن حمائل بن غانم المقدسي مدرس العصرونية، والمفتي شهاب الدين أحمد بن محمد بن جعوان الشافعي كهلا، والبدر حسن بن علي بن يوسف بن هود الأندلسي الزاهد الاتحادي في عشر السبعين.

والعدل شرف الدين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال الأزدي، والشيخ محيي الدين أبو بكر بن عبد الله بن عمر ابن خطيب بيت الآبار، والمفتي شمس الدين محمد ابن الشيخ الفخر البعلبكي، والمعمر الشريف شمس الدين محمد بن هاشم بن البهاء عبد القادر بن عقيل العباسي عن أربع وتسعين سنة، والطيب نجم الدين أحمد بن أبي بكر بن محمد بن حمزة الهمذاني ثم الدمشقي بن الحنبلي.

ومدرس القليجية الشيخ بهاء الدين أيوب بن أبي بكر بن النحاس الحنفي عن نيف وثمانين سنة، والمفتي جمال الدين عبد الرحيم بن عمر بن عثمان الشيباني الباجربقي الشافعي والد الشيخ الضال، وكبير العدول بهاء الدين محمد بن يوسف ابن الحافظ البرزالي عن ثلاث وستين سنة، وشيخ الأدباء جمال الدين عمر بن إبراهيم بن حسين بن العقيمي عن أربع وتسعين سنة، والمحدث تقي الدين محمد بن سعيد المدني الأسمر بالقاهرة، وشيخنا الحسام آقوش الافتخاري، وزين الدين محمد بن عبد الغني بن عبد الكافي بن الحرستاني الذهبي المعروف بالنحوي وقد نيف على السبعين؛ لأنه حضر على ابن صباح، والقاضي عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة محيي الدين بن الزكي مدرس العزيزية كهلا.

والمفتي الكبير شمس الدين محمد بن الصدر سليمان بن أبي العز الحنفي وقد تاب عن والده في الحكم وكان من أبناء التسعين، والشيخ الجمال عبيد الله بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر المقدسي العلاف، والمسند البقية شمس الدين محمد بن علي بن أحمد بن فضل بن الواسطي الصالحي.

ومات بتدمر القاضي أبو طالب محمد بن الحسن بن علي بن إسماعيل الغساني التدمري عن سبع وثمانين سنة.

ومات بتونس شيخ الوقت أبو محمد عبد الله بن محمد المرجاني الواعظ، ومات بمصر المشايخ المسندون: الصدر زين الدين محمد بن عبد الوهاب بن الحباب السعدي، والشمس محمد بن مكي بن أبي الذكر القرشي الرقام،والمعمر وهبان بن محفوظ الجزري المؤذن، وأبو السعود محمد بن عبد الكريم بن عبد القوي المنذري، وشيخنا المحدث بقية السلف شرف الدين حسن بن علي بن عيسى اللخمي المصري بن الصيرفي.

ومات بسبتة المغرب العلامة شيخ الأدب أبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن علي بن المرحل المالقي وله خمس وتسعون سنة.

ومات بالقيروان صاحب تاريخها الإمام المحدث المعمر أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن علي الأنصاري الأسيدي عن أربع وتسعين سنة.

فالذين ضبطنا وفاتهم في هذه السنة سنة قازان ملك التتار وأثبتهم في تاريخي الكبير مائة ونيف وتسعون نفسًا ولا نظير لذلك في تاريخي الكبير.

أخبرنا أحمد بن فرح الفقيه أنا عبد العزيز بن محمد وأحمد بن عبد الدائم وعبد اللطيف بن الصيقل قالوا: ثنا عبد المنعم بن كليب أنا علي بن بيان أنا محمد بن محمد نا إسماعيل بن محمد الصفار أنا الحسن بن عرفة أنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص عن النبي ﷺ في هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} فقال رسول الله، ﷺ: "إنها كائنة ولم يأت تأويلها". أخرجه الترمذي عن ابن عرفة.

1171- 2/21

علي بن عبد الكافي

بن عبد الملك بن عبد الكافي الفقيه الحافظ مفيد الطلبة نجم الدين أبو الحسن ابن القاضي الخطيب جمال الدين الربعي الدمشقي الشافعي.

أحد من عني بهذا الشأن وكتب الكثير وخرج وعلق وكان من الأذكياء المعدودين، سمع من ابن عبد الدائم وعمر الكرماني وأصحاب الخشوعي ثم من ابن طبرزذ ثم ابن ملاعب ثم ابن اللتي وكتب العالي والنازل وكان صحيح القراءة مليح الكتابة سريع القلم مات شابًّا طربًا وفي قلبه حسرة من الرحلة إلى مصر، عوضه الله بالمغفرة.

مات في ربيع الآخرة سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وله ست وعشرون سنة ولو عاش لما تقدمه أحد.

وفيها مات زعيم القراء جمال الدين أحمد بن علي المحلي الضرير بالقاهرة كهلا، وكبير الرؤساء مؤيد الدين أسعد بن مظفر بن أسعد بن حمزة بن أسعد بن القلانسي التميمي الدمشقي عن أربع وسبعين سنة.

وكبير المحدثين ومسندهم الإمام تقي الدين إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر التنوخي الدمشقي عن ثلاث وثمانين سنة، وكبير الأمراء الأتابك المستعرب فارس الدين أقطاي الصالحي وقد نيف على السبعين بمصر، وكبير المشايخ الاتحادية صدر الدين محمد بن إسحاق بن محمد القونوي بالروم، وكبير الفلاسفة خواجا نصير الدين محمد بن محمد بن حسن الطوسي صاحب الرصد.

وكبير المسندين نجيب الدين عبد اللطيف بن عبد المنعم بن الصيقل الحراني بمصر عن بضع وثمانين سنة، والمسند كمال الدين عبد العزيز بن عبد المنعم ابن خطيب الشام أبي البركات بن عبد الحارثي، وكبير الأصولية القاضي كمال الدين عمر بن بندار بن عمر التفليسي الشافعي بمصر عن سبعين سنة، وكبير الفقراء القدوة عبد الله ابن الشيخ غانم بن علي شيخ الأرض المقدسة، وخاتمة أصحاب البوصيري أبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن علان الأنصاري المصري، وكبير الزهاد أبو عبد الله محمد بن سليمان بن محمد المعافري الشاطبي شيخ الإسكندرية، وكبير النحاة العلامة القدوة حجة المغرب جمال الدين محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي الجياني الشافعي بدمشق عن نيف وسبعين سنة، وكبير ملوك الإسلام صاحب الأندلس السلطان المجاهد أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر وكانت أيامه ثلاثًا وأربعين سنة، والمسند سيف الدين يحيى ابن الناصح عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي الدمشقي.

1172- 3/21

ابن جعوان

الإمام الحافظ المتقن النحوي، شمس الدين محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان بن عبد الله الأنصاري الدمشقي الشافعي.

أحد من برع في العربية على ابن مالك ثم عني بالحديث، سمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر ومحمد النشي وأحمد بن أبي الخير ويحيى بن الصيرفي وطبقتهم، وبمصر عن عامر القلعي والعز بن الصيقل وطائفة، وكتب وانتخب، وقد قرأ المسند على أبي الغنائم بن علان قراءة عذبة فصيحة لم يأخذوا عليه فيها لحنة واحدة إلا أن يكون سبق لسان، وكان مليح الشكل حسن البزة كيس العشرة ثبتًا فيما يقوله، كتب عنه آحاد الطلبة.

توفي قبيل الكهولة في سادس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وستمائة.

وفيها توفي الإمام شيخ الإسلام شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي عن خمس وثمانين سنة، والمسند إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد العسقلاني الصالحي أحد رواة المسند، والمحدث الإمام جمال الدين عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيون الغساني الجزائري، وشيخ القراء العماد الموصلي، وأبو الحسن علي بن يعقوب بن أبي زهران الشافعي عن نيف وستين سنة، والمسند محيي الدين أبو الخطاب عمر بن محمد ابن العلامة أبي سعد بن أبي عصرون التميمي الدمشقي عن ثلاث وثمانين سنة وأشهر، والمفتي شمس الدين محمد بن أحمد بن نعمة بن المقدسي مدرس الشامية، والمسند شرف الدين محمد بن عبد المنعم بن عمر بن القواس الطائي الدمشقي، والصدر عماد الدين محمد ابن القاضي شمس الدين محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل بن الشيرازي الدمشقي صاحب الخط البديع، والمحدث الرحال شمس الدين محمد بن محمد بن حسين بن عبدك الكنجي الصوفي ببيت المقدس، والرشيد محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان العامري الدمشقي، والرئيس محيي الدين يحيى بن علي بن محمد بن سعيد التميمي بن القلانسي عن ست وستين سنة، ومقرئ العراق أبو إسحاق إبراهيم بن جامع القفصي الضرير عن ست وسبعين سنة، والفقيه عباس بن عمر بن عبدان البعلي الحنبلي بالعقيبة، رحمة الله عليهم.

1173- 4/21

ابن الفوطي

العالم البارع المتفنن المحدث المفيد مؤرخ الآفاق مفخر أهل العراق كمال الدين أبو الفضائل عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن أبي المعالي الشيباني ابن الفوطي.

نسبة إلى جد أبيه لأمه ويعرف أيضًا بابن الصابوني، ينتسب إلى الأمير معن بن زائدة وأصله مروزي، مولده في المحرم سنة اثنتين وأربعين وستمائة ببغداد وأسر في الوقعة وهو حدث ثم صار إلى أستاذه ومعلمه خواجا نصير الطوسي في سنة ستين وستمائة، فأخذ عنه علوم الأوائل ومهر على غيره في الأدب ومهر في التاريخ والشعر وأيام الناس وله النظم والنثر والباع الأطول في ترصيع تراجم الناس، وله ذكاء مفرط وخط منسوب رشيق وفضائل كثيرة.

سمع الكثير وعني بهذا الشأن وكتب وجمع وأفاد فلعل أن يكفر به عنه، كتب من التواريخ ما لا يوصف، ومصنفاته وقر بعير، خزن كتب الرصد بضع عشرة سنة فظفر بكتب نفيسة وحصل من التواريخ ما لا مزيد عليه ثم سكن بعد مراغة بغداد وولي خزن كتب المستنصرية فبقي عليها واليًا إلى أن مات وليس في البلاد أكثر من كتب هاتين الخزانتين، وعمل تاريخًا كبيرًا لم يبيضه، ثم عمل آخر دونه في خمسين مجلدًا سماه "مجمع الآداب في معجم الأسماء على معجم الألقاب" وألف كتاب "درر الأصداف في غرر الأوصاف" وهو كبير جدا ذكر أنه جمعه من ألف كتاب مصنف من التواريخ والدواوين والأنساب والمجاميع، عشرون مجلدًا بيض منها خمسة، وكتاب "المؤتلف والمختلف" رتبه مجدولا، وله كتاب "التواريخ" على الحوادث، وكتاب "حوادث المائة السابعة" وإلى أن مات، وكتاب "الدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة" في عدة مجلدات.

وقال: مشايخي يبلغون خمسمائة شيخ منهم الصاحب محيي الدين يوسف بن الجوزي. قلت: وسمع بمراغة من مبارك ابن الخليفة المستعصم في سنة ست وستين وستمائة، وسمع ببغداد من محمد بن أبي الدثنة وطبقته وكان يترخص في إثبات ما يرصعه ويبالغ في تقريض المغول وأعوانهم، وبعض الفضلاء تكلم في عدالته وكان ربما يشرب المسكر.

وحدثني صاحبنا عفيف الدين بن المطري أنه بلغه أن ابن الفوطي كان يخل بالصلوات ويدخل في بلايا وهو في الجملة أخباري علامة ما هو بدون أبي الفرج الأصفهاني وبينهما اشتراك وخصوص وكان ظريفًا متواضعًا حسن الأخلاق، الله يسامحه.

مات في المحرم سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ببغداد عن إحدى وثمانين سنة، كتب إلينا بمروياته.

وفيها توفي قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن محمد بن سالم ابن الحافظ أبي المواهب بن صصرى التغلبي الدمشقي الشافعي عن ثمان وستين سنة، والمحدث الإمام اللغوي صفي الدين محمود بن أبي بكر محمد بن حامد الأرموي القرافي الصوفي بدمشق عن ست وسبعين سنة، والمعمر علي بن شهاب أحمد بن عسكر القصيري ثم الصالحي الحمال عن بضع وثمانين سنة، والشيخ محمد بن أحمد بن سلامة الموصلي ثم الصالحي القصاص، ومسند الوقت بهاء الدين القاسم بن مظفر بن محمود بن تاج الأمناء ابن عساكر الدمشقي الطبيب عن أربع وتسعين سنة، ومسند الشام شمس الدين أبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن الشيرازي المزني في خمس وتسعين سنة، والمعمر تاج الدين أحمد بن علي بن وهب القشيري بن دقيق العيد بقوص وقد سمع بإفادة أخيه كثيرًا من ابن الجميزي وعاش سبعًا وثمانين سنة.

1174- 5/21

الحارثي

الشيخ الإمام الفقيه الحافظ المتقن مفيد الطلبة قاضي القضاة، سعد الدين أبو محمد مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد الحارثي العراقي المصري الحنبلي.

ولد سنة اثنتين وخمسين وستمائة ونشأ في طلب العلم وسمع من ابن البرهان والنجيب الحراني وابن علاق وخلق، وبالثغر من عثمان بن عوف وابن الفرات، وبدمشق من أحمد بن أبي الخير وأبي زكريا بن الصيرفي وطبقتهما، وكتب الكثير وحصل الأصول وتقدم في هذا الشأن وخرج لجماعة وتكلم على الحديث ورجاله وعلى التراجم فأحسن وشفي، وخطه قوي حلو معروف شحذت منه مجلس التميمي فما سمح به وكان عارفًا بمذهبه ثقة متقنًا صينًا مليح الشكل فصيح العبارة وافر التجمل كبير القدر حج غير مرة وشرح بعض السنن لأبي داود ودرس بأماكن وولي القضاء سنتين ونصفًا، وانتقل إلى الله في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وسبعمائة.

وفيها مات المعمر الزاهد شيخنا عمر بن عبد البصير السهمي القوصي عن ست وتسعين سنة، والمسند فخر الدين إسماعيل بن نصر الله بن تاج الأمناء ابن عساكر الدمشقي عن اثنتين وثمانين سنة، والمسندة أم محمد فاطمة بنت إبراهيم بن محمود بن جوهر البعلبكية عن ست وثمانين سنة، وقاضي حماة عز الدين عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحنفي بن العديم عن ثمان وسبعين سنة، وشيخنا القدوة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي نصر بن الدباهي عن أربع وسبعين سنة بدمشق، وشيخنا العارف الإمام عماد الدين أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي ابن شيخ الحراميين، والمسند العدل عماد الدين أبو المعالي ابن المحدث ضياء الدين علي بن محمد النابلسي عن ثلاث وسبعين سنة، والزاهد أبو البركات شعبان بن أبي بكر بن عمر الإربلي شيخ مقصورة الحلبيين عن سبع وثمانين سنة، والمنشئ الفاضلي جمال الدين محمد بن الجلال مكرم بن علي الأنصاري المصري عن اثنتين وثمانين سنة، والأديب المحدث الفقيه رشيد الدين، رشيد بن كامل بن رشيد الحرشي الرقي الشافعي وله ست وثمانون سنة، رحمة الله عليهم.

أخبرنا مسعود بن أحمد الحافظ أنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب أنا علي بن أحمد أنا محمد بن محمد أنا إسماعيل بن محمد ثنا ابن عرفة ثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله ﷺ قال: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن"، أخرجه الترمذي عن الحسن بن عرفة.

1175- 6/21

ابن تيمية

الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد المفسر البارع شيخ الإسلام علم الزهاد نادرة العصر، تقي الدين أبو العباس أحمد ابن المفتي شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني أحد الأعلام.

ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة وقدم مع أهله سنة سبع فسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر والكمال بن عبد وابن الصيرفي وابن أبي الخير وخلق كثير، وعني بالحديث ونسخ الأجزاء ودار على الشيوخ وخرج وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه وفي علوم الإسلام وعلم الكلام وغير ذلك.

وكان من بحور العلم ومن الأذكياء المعدودين والزهاد الأفراد والشجعان الكبار والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف وسارت بتصانيفه الركبان لعلها ثلاثمائة مجلد.

حدث بدمشق ومصر والثغر، وقد امتحن وأوذي مرات وحبس بقلعة مصر والقاهرة والإسكندرية وبقلعة دمشق مرتين، وبها توفي في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة في قاعة معتقلًا ثم جهز وأخرج إلى جامع البلد فشهده أمم لا يحصون فحزروا بستين ألفًا ودفن إلى جنب أخيه الإمام شرف الدين عبد الله بمقابر الصوفية، رحمهما الله تعالى ورئيت له منامات حسنة ورثي بعدة قصائد؛ وقد انفرد بفتاوى نيل من عرضه لأجلها وهي مغمورة في بحر علمه، فالله تعالى يسامحه ويرضى عنه فما رأيت مثله، وكل أحد من الأمة فيؤخذ من قوله ويترك فكان ماذا؟

أخبرنا أحمد بن عبد الحليم الحافظ غير مرة ومحمد بن أحمد بن عثمان وابن فرح وابن أبي الفتح وخلق قالوا: أنا أحمد بن عبد الدائم أنا عبد المنعم بن كليب "ح" وأنبأنا أحمد بن سلامة عن ابن كليب أنا علي بن بيان أنا محمد بن محمد أنا إسماعيل بن الصفار ثنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود «رضي الله ع» قال: قال لي رسول الله، ﷺ: "إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتنتهبه، فيخر بين يديك مشويًّا".

وفيها توفي مسند الإسكندرية الإمام أبو إسحاق عز الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن الحسيني الغرافي وله تسعون سنة، ومسند العراق شيخ المستنصرية الواعظ عفيف الدين محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن الأزجي الحنبلي بن الدواليبي عن تسعين سنة أو نحوها، وقاضي القضاة شمس الدين محمد بن عثمان بن أبي الحسن بن الحريري الأنصاري الدمشقي الحنفي بمصر، والقاضي العدل جمال الدين يوسف بن مظفر بن أحمد ابن قاضي حران بدمشق عن اثنتين وثمانين سنة، ومفتي العراق العلامة الكبير جمال الدين عبد الله بن محمد بن علي بن حماد بن ثابت بن العاقولي الشافعي مدرس المستنصرية عن تسعين سنة وثلاثة أشهر، أفتى منها إحدى وسبعين سنة، والفقيه المعمر جمال الدين أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن أبي بكر بن شكر الصالحي الحنبلي عن تسع وثمانين سنة، رحمة الله عليهم.

1176- 7/21

المزي

شيخنا الإمام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدث الشام، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي ثم الكلبي الدمشقي الشافعي.

ولد بظاهر حلب سنة أربع وخمسين وستمائة ونشأ بالمزة وحفظ القرآن وتفقه قليلا ثم أقبل على هذا الشأن، سمع من أول شيء كتاب الحلية كله على ابن أبي الخير سنة خمس وسبعين ثم أكثر عنه، وسمع المسند والكتب الستة ومعجم الطبراني والأجزاء الطبرزذية والكندية، وسمع صحيح مسلم من الإربلي ورحل سنة ثلاث وثمانين فسمع من العز الحراني وأبي بكر بن الأنماطي وغازي وهذه الطبقة وسمع بالحرمين وحلب وحماة وبعلبك وغير ذلك.

ونسخ بخطه المليح المتقن كثيرًا لنفسه ولغيره ونظر في اللغة ومهر فيها وفي التصريف وقرأ العربية، وأما معرفة الرجال فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها لم تر العيون مثله.

عمل كتاب "تهذيب الكمال" في مائتي جزء "وخمسين جزءًا"، وعمل كتاب "الأطراف" في بضعة وثمانين جزءًا، وخرج لنفسه وأملى مجالس وأوضح مشكلات ومعضلات ما سبق إليها في علم الحديث ورجاله، وولي المشيخة بأماكن منها الدار الأشرفية، وكان ثقة حجة كثير العلم حسن الأخلاق كثير السكوت قليل الكلام جدا صادق اللهجة لم تعرف له صبوة، وكان يطالع وينقل الطباق إذا حدث وهو في ذلك لا يكاد يخفى عليه شيء مما يقرأ بل يرد في المتن والإسناد ردًّا مفيدًا يتعجب منه فضلاء الجماعة، وكان متواضعًا حليمًا صبورًا مقتصدًا في ملبسه ومأكله كثير المشي في مصالحه، ترافق هو وابن تيمية كثيرًا في سماع الحديث وفي النظر في العلم وكان يقرر طريقة السلف في السنة ويعضد ذلك بمباحث نظرية وقواعد كلامية وجرى بيننا مجادلات ومعارضات في ذلك تركها أسلم وأولى.

ومع ذلك فله عمل كثير في المعقول، وما وراء ذلك بحمد الله إلا حسن إسلام وحسبة لله مع أني لم أعلمه ألف في ذلك شيئًا.

وقد لزم في وقت صحبة العفيف التلمساني فلما تبين له انحلاله واتحاده تبرأ منه وحط عليه، وكان ذا مروءة وسماحة ويقنع باليسير باذلا لكتبه وفوائده ونفسه، كثير المحاسن ولقد آذاه أبو الحسن بن العطار وسبح وما رأيته يتكلم فيه ولا فيمن آذاه والله يسمح له ويختم له بالخير ولنا آمين.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه وحدثني عنه الحافظ المجود أبو الحجاج الكلبي أن مسعود بن أبي منصور أنبأهم قال: أنا أبو علي أنا أبو نعيم الحافظ ثنا ابن خلاد ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا يوسف بن يعقوب الصفار أنا علي بن عثام عن سعير بن الخمس عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: سئل النبي ﷺ عن الوسوسة فقال: "صريح الإيمان". هذا حديث حسن صحيح غريب من الإفراد أخرجه مسلم عن الصفار فوافقناه بعلو، وليس لسعير لا ولعلي ولا للصفار في صحيح مسلم سواه. توفي في ثاني عشر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.

وإلى هنا انتهى بنا كتاب التذكرة، ولعل فيمن لم نوردهم غفلة أو نسيانًا من هو في رتبة المذكورين علمًا وحفظًا وقد كنت ألفت معجمًا لي يختص بمن طلب هذا الشأن من شيوخي ورفاقي، فاستوعبت من له أدنى عمل وبينت أحوالهم.