→ ثم دخلت سنة أربع وسبعين وستمائة | البداية والنهاية – الجزء الثالث عشر ثم دخلت سنة خمس وسبعين وستمائة ابن كثير |
ثم دخلت سنة ست وسبعين وستمائة ← |
☰ جدول المحتويات
- وقعة البلستين وفتح قيسارية
- الشيخ أبو الفضل ابن الشيخ عبيد بن عبد الخالق الدمشقي
- الطواشي يمن الحبشي شيخ الخدم بالحرم الشريف
- الشيخ المحدث شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر الموصلي
- الشاعر شهاب الدين أبو المكارم
- القاضي شمس الدين علي بن محمود بن علي بن عاصم الشهرزوري الدمشقي
- الشيخ الصالح العالم الزاهد أبو إسحاق إبراهيم بن سعد الله بن جماعة
- الشيخ الصالح جندل بن محمد المنيني
- محمد بن عبد الرحمن بن محمد الحافظ بدر الدين أبو عبد الله بن الفويرة السلمي الحنفي
- محمد بن عبد الوهاب بن منصور شمس الدين أبو عبد الله الحراني الحنبلي
في ثالث عشر المحرم منها دخل السلطان إلى دمشق وسبق العساكر إلى بلاد حلب، فلما توافت إليه أرسل بين يديه الأمير بدر الدين الأتابكي بألف فارس إلى البلستين.
فصادف بها جماعة من عسكر الروم فركبوا إليه وحملوا إليه الإقامات، وطلب جماعة منهم أن يدخلوا بلاد الإسلام فأذن لهم، فدخل طائفة منهم بيجار وابن الخطير، فرسم لهم أن يدخلوا القاهرة فتلقاهم الملك السعيد، ثم عاد السلطان من حلب إلى القاهرة فدخلها في ثاني عشر ربيع الآخر.
وفي خامس جمادى الأولى عمل السلطان عرس ولده الملك السعيد على بنت قلاوون، واحتفل السلطان به احتفالا عظيما، وركب الجيش في الميدان خمسة أيام يلعبون ويتطاردون، ويحمل بعضهم على بعض، ثم خلع على الأمراء وأرباب المناصب.
وكان مبلغ ما خلع ألف وثلاثمائة خلعة بمصر، وجاءت مراسيمه إلى الشام بالخلع على أهلها، ومد السلطان سماطا عظيما حضره الخاص والعام، والشارد والوارد، وحبس فيه رسل التتار ورسل الفرنج وعليهم كلهم الخلع الهائلة، وكان وقتا مشهودا، وحمل صاحب حماه هدايا عظيمة وركب إلى مصر للتهنئة.
وفي حادي عشر شوال طيف بالمحمل وبكسوة الكعبة المشرفة بالقاهرة، وكان يوما مشهودا.
وقعة البلستين وفتح قيسارية
ركب السلطان من مصر في العساكر فدخل دمشق في سابع عشر شوال.
فأقام بها ثلاثة أيام، ثم سار حتى دخل حلب في مستهل ذي القعدة، فأقام بها يوما ورسم لنائب حلب أن يقيم بعسكر حلب على الفرات لحفظ المنائر وسار السلطان فقطع الدربند في نصف يوم، ووقع سنقر الأشقر في أثناء الطريق بثلاثة آلاف من المغول فهزمهم يوم الخميس تاسع ذي القعدة وصعد العسكر على الجبال فأشرفوا على وطأة البلستين فرأوا التتار قد رتبوا عسكرهم وكانوا أحد عشر ألف مقاتل.
وعزلوا عنهم عسكر الروم خوفا من مخامرتهم، فلما ترآى الجمعان حملت ميسرة التتار فصدمت سناجق السلطان، ودخلت طائفة منهم بينهم فشقوها، وساقت إلى الميمنة، فلما رأى السلطان ذلك أردف المسلمين بنفسه ومن معه.
ثم لاحت منه التفاتة فرأي الميسرة قد كادت أن تتحطم فأمر جماعة من الأمراء بأردافها، ثم حمل العسكر جميعه حملة واحدة على التتار فترجلوا إلى الأرض عن آخرهم، وقاتلوا المسلمين قتالا شديدا، وصبر المسلمون صبرا عظيما.
فأنزل الله نصره على المسلمين، فأحاطت بالتتار العساكر من كل جانب، وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وقتل من المسلمين أيضا جماعة، وكان في جملة من قتل من سادات المسلمين الأمير الكبير ضياء الدين ابن الخطير، وسيف الدين قيماز، وسيف الدين بنجو الجاشنكير، وعز الدين أيبك الثقفي، وأسر جماعة من أمراء المغول، ومن أمراء الروم، وهرب البرواناه فنجا بنفسه.
ودخل قيسارية في بكرة الأحد ثاني عشرة ذي القعدة، وأعلم أمراء الروم ملكهم بكسرة التتار على البلستين، وأشار عليهم بالهزيمة فانهزموا منها وأخلوها، فدخلها الملك الظاهر وصلى بها الجمعة سابع ذي القعدة، وخطب له بها، ثم كر راجعا مؤيدا منصورا.
وسارت البشائر إلى البلدان ففرح المؤمنون يومئذ بنصر الله.
ولما بلغ خبر هذه الوقعة أبغا جاء حتى وقف بنفسه وجيشه، وشاهد مكان المعركة ومن فيها من قتلى المغول، فغاظه ذلك وأعظمه وحنق على البرواناه إذ لم يعلمه بجلية الحال، وكان يظن أمر الملك الظاهر دون هذا كله، واشتد غضبه على أهل قيسارية وأهل تلك الناحية، فقتل منهم قريبا من مائتي ألف، وقيل قتل منهم خمسمائة ألف من قيسارية وأرزن الروم، وكان في جملة من قتل القاضي جلال الدين حبيب، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
من الأعيان:
الشيخ أبو الفضل ابن الشيخ عبيد بن عبد الخالق الدمشقي
ودفن بالقرب من الشيخ أرسلان.
قال الشيخ علم الدين وكان يذكر أن مولده كان سنة أربع وستين وخمسمائة.
الطواشي يمن الحبشي شيخ الخدم بالحرم الشريف
كان دينا عاقلا عدلا صادق اللهجة، مات في عشر السبعين رحمه الله.
الشيخ المحدث شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر الموصلي
ثم الدمشقي الصوفي، سمع الكثير وكتب الكتب الكبار بخط رفيع جيد واضح، جاوز السبعين ودفن بباب الفراديس.
الشاعر شهاب الدين أبو المكارم
محمد بن يوسف بن مسعود بن بركة بن سالم بن عبد الله الشيباني التلعفري، صاحب ديوان الشعر، جاوز الثمانين، مات بحماة، وكان الشعراء مقرين له معترفين بفضله وتقدمه في هذا الفن.
ومن شعره قوله:
لساني طري منك يا غاية المنى ** ومن ولهي أني خطيب وشاعر
فهذا لمعنى حسن وجهك ناظم ** وهذا لدمعي في تجنيك ناشر
القاضي شمس الدين علي بن محمود بن علي بن عاصم الشهرزوري الدمشقي
مدرس القيمرية بشرط واقفها له ولذريته من بعده التدريس من تأهل منهم، فدرس بها إلى أن توفي في هذه السنة، ودرس بعده ولده صلاح الدين.
ثم ابن ابنه بعد ابن جماعة، وطالت مدة حفيده.
وقد ولى شمس الدين على نيابة ابن خلكان في الولاية الأولى، وكان فقيها جيدا نقالا للمذهب، رحمه الله.
وقد سافر مع ابن العديم لبغداد فسمع بها ودفن بمقابر الصوفية بالقرب من ابن الصلاح.
الشيخ الصالح العالم الزاهد أبو إسحاق إبراهيم بن سعد الله بن جماعة
بن علي بن جماعة بن حازم بن سنجر الكناني الحموي له معرفة بالفقه والحديث، ولد سنة ست وتسعين بحماة، وتوفي بالقدس الشريف ودفن بماملا وسمع من الفخر ابن عساكر، وروى عنه ولده قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة.
الشيخ الصالح جندل بن محمد المنيني
كانت له عبادة وزهادة وأعمال صالحة، وكان الناس يترددون إلى زيارته بمنين، وكان يتكلم بكلام كثير لا يفهمه أحد من الحاضرين بألفاظ غريبة، وحكى عنه الشيخ تاج الدين أنه سمعه يقول: ما تقرب أحد إلى الله بمثل الذل له والتضرع إليه، وسمعه يقول الموله منفي من طريق الله يعتقد أنه واصل ولو علم أنه منفي رجع عما هو فيه، لأن طريق القوم من أهل السلوك لا يثبت عليها إلا ذوو العقول الثابتة.
وكان يقول: السماع وظيفة أهل البطالة.
قال الشيخ تاج الدين: وكان الشيخ جندل من أهل الطريق وعلماء التحقيق.
قال: وأخبرني في سنة إحدى وستين وستمائة أنه قد بلغ من العمر خمسا وتسعين سنة.
قلت على هذا فيكون قد جاوز المائة، لأنه توفي في رمضان من هذه السنة، ودفن في زاويته المشهورة بقرية منين، وتردد الناس لقبره يصلون عليه من دمشق وأعمالها أياما كثيرة رحمه الله.
محمد بن عبد الرحمن بن محمد الحافظ بدر الدين أبو عبد الله بن الفويرة السلمي الحنفي
اشتغل على الصدر سليمان وابن عطاء وفي النحو على ابن مالك، وحصل وبرع ونظم ونثر، ودرس في الشبلية والقصاعين.
وطلب لنيابة القضاء فامتنع، وكتب الكتاب المنسوبة.
رآه بعض أصحابه في المنام بعد وفاته فقال: ما فعل الله بك؟ فأنشأ يقول:
ما كان لي من شافع عنده ** غير اعتقادي أنه واحد
وكانت وفاته في جمادى الآخرة ودفن بظاهر دمشق رحمه الله.
محمد بن عبد الوهاب بن منصور شمس الدين أبو عبد الله الحراني الحنبلي
تلميذ الشيخ مجد الدين ابن تيمية، وهو أول من حكم بالديار المصرية من الحنابلة نيابة عن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز، ثم ولى شمس الدين ابن الشيخ العماد القضاء مستقلا فاستناب به، ثم ترك ذلك ورجع إلى الشام يشتغل ويفتى إلى أن توفي وقد نيف على الستين رحمه الله.
البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر | |
---|---|
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697 |