الرئيسيةبحث

البداية والنهاية/الجزء الثالث عشر/ثم دخلت سنة ست وتسعين وستمائة


ثم دخلت سنة ست وتسعين وستمائة


استهلت والخليفة والسلطان ونائب مصر ونائب الشام والقضاة هم المذكورون في التي قبلها، والسلطان الملك العادل كتبغا في نواحي حمص يتصيد، ومعه نائب مصر لاجين وأكابر الأمراء ونائب الشام بدمشق وهو الأمير سيف الدين غرلو العادلي.

فلما كان يوم الأربعاء ثاني المحرم، دخل السلطان كتبغا إلى دمشق، وصلى الجمعة بالمقصورة وزار قبر هود، وصلى عنده، وأخذ من الناس قصصهم بيده، وجلس بدار العدل في يوم السبت ووقع على القصص هو ووزيره فخر الدين الخليلي.

وفي هذا الشهر حضر شهاب الدين بن محيي الدين بن النحاس في مدرستي أبيه الريحانية والظاهرية، وحضر الناس عنده، ثم حضر السلطان دار العدل يوم الثلاثاء، وجاء يوم الجمعة فصلى الجمعة بالمقصورة، ثم صعد في هذا اليوم إلى مغارة الدم لزيارتها، ودعا هنالك وتصدق بجملة من المال، وحضر الوزير الخليلي ليلة الأحد ثالث عشر المحرم إلى الجامع بعد العشاء، فجلس عند شباك الكاملية، وقرأ القراؤون بين يديه، ورسم بأن يكمل داخل الجامع بالفرش ففعلوا ذلك، واستمر ذلك نحوا من شهرين ثم عاد إلى ما كان عليه.

وفي صبيحة هذا اليوم درس القاضي شمس الدين بن الحريري بالقيمازية عوضا عن ابن النحاس باتفاق بينهم، وحضر عنده جماعة، ثم صلى السلطان الجمعة الأخرى بالمقصورة ومعه وزيره ابن الخليلي، وهو ضعيف من مرض أصابه.

وفي سابع عشر المحرم أمر للملك الكامل بن الملك السعيد بن الصالح إسماعيل بن العادل بطبلخانة ولبس الشربوش، ودخل القلعة ودقت له الكوسات على بابه، ثم خرج السلطان العادل كتبغا بالعساكر من دمشق بكرة الثلاثاء ثاني عشرين المحرم، وخرج بعده الوزير فاجتاز بدار الحديث، وزار الأثر النبوي، وخرج إليه الشيخ زين الدين الفارقي، وشافهه بتدريس الناصرية، وترك زين الدين تدريس الشامية البرانية فوليها القاضي كمال الدين بن الشريشي، وذكر أن الوزير أعطى الشيخ شيئا من حطام الدنيا فقبله، وكذلك أعطى خادم الأثر وهو المعين خطاب.

وخرج الأعيان والقضاة مع الوزير لتوديعه.

ووقع في هذا اليوم مطر جيد استشفى الناس به وغسل آثار العساكر من الأوساخ وغيرها، وعاد التقي توبة من توديع الوزير، وقد فوض إليه نظر الخزانة وعزل عنها شهاب الدين بن النحاس، ودرس الشيخ ناصر الدين بالناصرية الجوانية عوضا عن القاضي بدر الدين بن جماعة في يوم الأربعاء آخر يوم من المحرم.

وفي هذا اليوم تحدث الناس فيما بينهم بوقوع تخبيط بين العساكر، وخلف وتشويش، فغلق باب القلعة الذي يلي المدينة، ودخل الصاحب شهاب الدين إليها من ناحية الخوخة، وتهيأ النائب والأمراء وركب طائفة من الجيش على باب النصر وقوفا.

فلما كان وقت العصر وصل السلطان الملك العادل كتبغا إلى القلعة في خمسة أنفس أو ستة من مماليكه، فدخل القلعة فجاء إليه الأمراء، وأحضر ابن جماعة وحسام الدين الحنفي، وجددوا الحلف للأمراء ثانية فحلفوا، وخلع عليهم وأمر بالاحتياط على نواب الأمير حسام الدين لاجين وحواصله، وأقام العادل بالقلعة هذه الأيام، وكان الخلف الذي وقع بينهم بوادي فحمة يوم الاثنين التاسع والعشرين من المحرم.

وذلك أن الأمير حسام الدين لاجين كان قد واطأ جماعة من الأمراء في الباطن على العادل، وتوثق منهم، وأشار على العادل حين خرجوا من دمشق أن يستصحب معه الخزانة، وذل لئلا يبقى بدمشق شيء من المال، يتقوى به العادل إن فاتهم، ورجع إلى دمشق، ويكون قوة له هو في الطريق، على ما عزم عليه من الغدر، فلما كانوا بالمكان المذكور قتل لاجين الأمير سيف الدين بيحاص وبكتوت الأزرق العادليين، وأخذ الخزانة من بين يديه والعسكر، وقصدوا الديار المصرية.

فلما سمع العادل بذلك خرج في الدهليز وساق جريدة إلى دمشق فدخلها كما ذكرنا، وتراجع إليه بعض مماليكه كزين الدين غلبك وغيره، ولزم شهاب الدين الحنفي القلعة لتدبير المملكة، ودرس ابن الشريشي بالشامية البرانية بكرة يوم الخميس مستهل صفر، وتقلبت أمور كثيرة في هذه الأيام.

ولزم السلطان القلعة لا يخرج منها، وأطلق كثيرا من المكوس، وكتب بذلك تواقيع وقرئت على الناس، وغلا السعر جدا فبلغت الغرارة مائتين، واشتد الحال وتفاقم الأمر، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

سلطنة الملك منصور لاجين السلحداري

وذلك أنه لما استاق الخزانة، وذهب الجيوش إلى الديار المصرية، دخلها في أبهة عظيمة، وقد اتفق مع جمهور الأمراء الكبار وبايعوه وملكوه عليهم، وجلس على سرير الملك يوم الجمعة عاشر صفر، ودقت بمصر البشائر، وزينت البلد، وخطب له على المنابر، وبالقدس والخليل، ولقب بالملك المنصور، وكذلك دقت له البشائر بالكرك ونابلس وصفد، وذهبت إليه طائفة من أمراء دمشق، وقدمت التجريدة من جهة الرحبة صحبة الأمير سيف الدين كجكن، فلم يدخلوا البلد بل نزلوا بميدان الحصن، وأظهروا مخالفة العادل وطاعة المنصور لاجين صاحب مصر، وركب إليه الأمراء طائفة بعد طائفة، وفوجا بعد فوج، فضعف أمر العادل جدا، فلما رأى انحلال أمره قال للأمراء:

هو خشداشي وأنا وهو شيء واحد، وأنا سامع له مطيع، وأنا أجلس في أي مكان من القلعة أراد، حتى تكاتبوه وتنظروا ما يقول.

وجاءت البريدية بالمكاتبات بالأمر بالاحتياط على القلعة وعلى العادل، وبقي الناس في هرج وأقوال ذات ألوان مختلفة، وأبواب القلعة مغلقة، وأبواب البلد سوى باب النصر إلا الخوخة، والعامة حول القلعة قد ازدحموا، حتى سقطت طائفة منهم بالخندق، فمات بعضهم، وأمسى الناس عشية السبت وقد أعلن باسم الملك المنصور لاجين، ودقت البشائر بذلك بعد العصر، ودعا له المؤذنون في سحر ليلة الأحد بجامع دمشق.

وتلوا قوله تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الآية [آل عمران: 26]

وأصبح الناس يوم الأحد، فاجتمع القضاة والأمراء وفيهم غرلو العادلي، بدار السعادة فحلفوا للمنصور لاجين، ونودي بذلك في البلد، وأن يفتح الناس دكاكينهم، واختفى الصاحب شهاب الدين وأخوه زين الدين المحتسب، فعمل الوالي ابن النشابي حسبة البلد، ثم ظهر زين الدين فباشرها على عادته.

وكذلك ظهر أخوه شهاب الدين، وسافر نائب البلد غرلو والأمير جاعان إلى الديار المصرية، يعلمان السلطان بوقوع التحليف على ما رسم به، وجاء كتاب السلطان أنه جلس على السرير يوم الجمعة عاشر صفر، وشق القاهرة في سادس عشرة في أبهة المملكة، وعليه الخلعة الخليفية والأمراء بين يديه، وأنه قد استناب بمصر الأمير سيف الدين سنقر المنصوري، وخطب للمنصور لاجين بدمشق أول يوم ربيع الأول، وحضر المقصورة القضاة وشمس الدين الأعسر وكجكن.

واستدمر وجماعة من أمراء دمشق، وتوجه القاضي إمام الدين القزويني وحسام الدين الحنفي وجمال الدين المالكي إلى الديار المصرية مطلوبين، وقدم الأمير حسام الدين أستاذ دار السلطان، وسيف الدين جاعان من جهة السلطان فحلفوا الأمراء ثانية، ودخلوا على العادل القلعة، ومعهم القاضي بدر الدين ابن جماعة وكجكن فحلفوه أيمانا مؤكدة، بعدما طال بينهم الكلام بالتركي، وذكروا بالتركي في مبايعته أنه راض من البلدان أي بلد كان، فوقع التعيين بعد اليمين على قلعة صرخد، وجاءت المراسيم بالوزارة لتقي الدين توبة، وعزل شهاب الدين الحنفي، وبالحسبة لأمين الدين يوسف الأرمني الرومي صاحب شمس الدين الأيكي، عوضا عن زين الدين الحنفي.

ودخل الأمير سيف الدين قبجق المنصوري على نيابة الشام إلى دمشق بكرة السبت السادس عشر من ربيع الأول، ونزل دار السعادة عوضا عن سيف الدين غرلو العادلي، وقد خرج الجيش بكماله لتلقيه، وحضر يوم الجمعة إلى المقصورة فصلى بها، وقرأ بعد الجمعة كتاب سلطاني حسامي، بإبطال الضمانات من الأوقاف والأملاك بغير رضى أصحابها، وقرأه القاضي محيي الدين بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء، ونودي في البلد من له مظلمة فليأت يوم الثلاثاء إلى دار العدل، وخلع على الأمراء والمقدمين وأرباب المناصب من القضاة والكتبة، وخلع على ابن جماعة خلعتين واحد للقضاء والأخرى للخطابة.

ولما كان في شهر جمادى الآخرة وصل البريد، فأخبر بولاية إمام الدين القزويني، القضاء بالشام عوضا عن بدر الدين بن جماعة، وإبقاء ابن جماعة على الخطابة، وتدريس القيمرية التي كانت بيد إمام الدين، وجاء كتاب السلطان بذلك وفيه احترام وإكرام له.

فدرس بالقيمرية يوم الخميس ثاني رجب، ودخل إمام الدين إلى دمشق عقيب صلاة الظهر يوم الأربعاء الثامن من رجب، فجلس بالعادلية وحكم بين الناس وامتدحه الشعراء بقصائد، منها قصيدة لبعضهم يقول في أولها:

تبدلت الأيام من بعد عسرها يسرا ** فأضحت ثغور الشام تفتر بالبشرى

وكان حال دخوله عليه خلعة السلطان، ومعه القاضي جمال الدين الزواوي، قاضي قضاة المالكية وعليه خلعة أيضا، وقد شكر سيرة إمام الدين في السفر، وذكر من حسن أخلاقه ورياضته ما هو حسن جميل ودرس بالعادلية بكرة الأربعاء منتصف رجب، وأشهد عليه بعد الدرس بولاية أخيه جلال الدين نيابة الحكم، وجلس في الديوان الصغير وعليه الخلعة، وجاء الناس يهنئونه، وقرئ تقليده يوم الجمعة بالشباك الكمالي، بعد الصلاة بحضرة نائب السلطنة وبقية القضاة، قرأه شرف الدين الفزاري.

وفي شعبان وصل الخبر بأن شمس الدين الأعسر تولى بالديار المصرية شد الدواوين والوزارة، وباشر المنصبين جميعا، وباشر نظر الدواوين بدمشق فخر الدين بن السيرجي، عوضا عن زين الدين بن صصرى، ثم عزل بعدد قليل بشهر أو أقل بأمين الدين بن هلال، وأعيدت الشامية البرانية إلى الشيخ زين الدين الفارقي مع الناصرية بسبب غيبة كمال الدين بن الشريشي بالقاهرة.

وفي الرابع عشر من ذي القعدة أمسك الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري نائب الديار المصرية لاجين هو وجماعة من الأمراء معه، واحتيط على حواصلهم وأموالهم بمصر والشام، وولى السلطان نيابة مصر للأمير سيف الدين منكوتمر الحسامي، وهؤلاء الأمراء الذين مسكهم هم الذين كانوا قد أعانوه وبايعوه على العادل كتبغا.

وقدم الشيخ كمال الدين الشريشي ومعه توقيع بتدريس الناصرية عوضا عن الشامية البرانية، وأمسك الأمير شمس الدين سنقر الأعسر وزير مصر وشاد الدواوين يوم السبت الثالث والعشرين من ذي الحجة، واحتيط على أمواله وحواصله بمصر والشام.

ونودي بمصر في ذي الحجة أن لا يركب أحد من أهل الذمة فرسا ولا بغلا، ومن وجد منهم راكبا ذلك أخذ منه.

وفيها: ملك اليمن السلطان الملك المؤيد هزبر الدين داود بن الملك المظفر المتقدم ذكره في التي قبلها.

من الأعيان:

قاضي قضاة الحنابلة بمصر عز الدين عمر

بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسي الحنبلي، سمع الحديث وبرع في المذهب وحكم بمصر، وكان مشكورا في سيرته وحكمه، توفي في صفر ودفن بالمقطم، وتولى بعده شرف الدين عبد الغني بن يحيى بن محمد بن عبد الله بن نصر الحراني بديار مصر.

الشيخ الإمام الحافظ القدوة عفيف الدين أبو محمد

عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد بن عزاز البصري الحنبلي، توفي بالمدينة النبوية في أواخر صفر، ولد سنة خمس وعشرين وستمائة، وسمع الحديث الكثير، وجاور بالمدينة النبوية خمسين سنة، وحج فيها أربعين حجة متوالية، وصلّي عليه بدمشق صلاة الغائب رحمه الله.

الشيخ شيث بن الشيخ علي الحريري

توفي بقرية بسر من حوران يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الآخر، وتوجه أخوه حسن والفقراء من دمشق إلى هناك لتعزية أخيهم حسن الأكبر فيه.

الشيخ الصالح المقري جمال الدين عبد الواحد

بن كثير بن ضرغام المصري، ثم الدمشقي، نقيب السبع الكبير والغزالية، كان قد قرأ على السخاوي وسمع الحديث، توفي في أواخر رجب وصلّي عليه بالجامع الأموي، ودفن بالقرب من قبة الشيخ رسلان.

واقف السامرية الصدر الكبير سيف الدين

أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن جعفر البغدادي السامري، واقف السامرية التي إلى جانب الكروسية بدمشق، وكانت دارة التي يسكن بها، ودفن بها ووقفها دار حديث وخانقاه، وكان قد انتقل إلى دمشق وأقام بها بهذه الدار مدة.

وكانت قديما تعرف بدار ابن قوام، بناها من حجارة منحوتة كلها، وكان السامري كثير الأموال حسن الأخلاق معظما عند الدولة، جميل المعاشرة، وله أشعار رائقة ومبتكرات فائقة، توفي يوم الاثنين ثامن عشر شعبان.

وقد كان ببغداد له خطوة عند الوزير ابن العلقمي، وامتدح المعتصم وخلع عليه خلعة سوداء سنية، ثم قدم دمشق في أيام الناصر صاحب حلب فحظي عنده أيضا، فسعى فيه أهل الدولة، فصنف فيهم أرجوزة فتح عليهم بسببها بابا، فصادرهم الملك بعشرين ألف دينار، فعظموه جدا وتوسلوا به إلى أغراضهم، وله قصيدة في مدح النبي ﷺ، وقد كتب عنه الحافظ الدمياطي شيئا من شعره.

واقف النفيسية التي بالرصيف

الرئيس نفيس الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلام بن علي بن صدقة الحراني، كان أحد شهود القيمة بدمشق، وولي نظر الأيتام في وقت، وكان ذا ثروة من المال، ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وسمع الحديث ووقف داره دار حديث، توفي يوم السبت بعد الظهر الرابع من ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون بكرة يوم الأحد بعد ما صلّي عليه بالأموي.

الشيخ أبو الحسن المعروف بالساروب الدمشقي

يلقب بنجم الدين، ترجمه الحريري فأطنب، وذكر له كرامات وأشياء في علم الحروف وغيرها والله أعلم بحاله.

وفيها: قتل قازان الأمير نوروز الذي كان إسلامه على يديه، كان نوروز هذا هو الذي استسلمه ودعاه للإسلام، فأسلم وأسلم معه أكثر التتر، فإن التتر شوشوا خاطر قازان عليه واستمالوه منه وعنه، فلم يزل به حتى قتله وقتل جميع من ينسب إليه، وكان نورزو هذا من خيار أمراء التتر عند قازان، وكان ذا عبادة وصدق في إسلامه وأذكاره وتطوعاته، وقصده الجيد رحمه الله وعفا عنه، ولقد أسلم على يديه منهم خلق كثير لا يعلمهم إلا الله، واتخذوا السبح والهياكل وحضروا الجمعة والجماعات، وقرأوا القرآن والله أعلم.

البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697