→ ثم دخلت سنة خمس وستمائة | البداية والنهاية – الجزء الثالث عشر ثم دخلت سنة ست وستمائة ابن كثير |
ثم دخلت سنة سبع وستمائة ← |
☰ جدول المحتويات
- القاضي الأسعد ابن مماتي
- أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل
- أبو عبد الله محمد بن الحسن المعروف بابن الخراساني
- أبو الواهب معتوق بن منيع
- ابن خروف شارح سيبويه على بن محمد بن يوسف أبو الحسن بن خروف الأندلسي النحوي
- أبو علي يحيى بن الربيع ابن سلميان بن حرار الواسطي البغدادي
- ابن الأثير صاحب جامع الأصول والنهاية
- الملك المغيث فتح الدين عمر بن الملك العادل
- الفخر الرازي
في المحرم وصل نجم الدين خليل شيخ الحنفية من دمشق إلى بغداد في الرسلية عن العادل ومعه هدايا كثيرة، وتناظر هو وشيخ النظامية مجد الدين يحيى بن الربيع في مسألة وجوب الزكاة في مال اليتيم والمجنون، وأخذ الحنفي يستدل على عدم وجوبها، فاعترض عليه الشافعي فأجاد كل منهما في الذي أورده، ثم خلع على الحنفي وأصحابه بسبب الرسالة، وكانت المناظرة بحضرة نائب الوزير ابن شكر.
وفي يوم السبت خامس جمادى الآخرة وصل الجمال يونس بن بدران المصري رئيس الشافعية بدمشق إلى بغداد في الرسلية عن العادل، فتلقاه الجيش مع حاجب الحجاب، ودخل معه ابن أخي صاحب إربل مظفر الدين كوكري، والرسالة تتضمن الاعتذار عن صاحب إربل والسؤال في الرضا عنه، فأجيب إلى ذلك.
وفيها: ملك العادل الخابور ونصيبين وحاصر مدينة سنجار مدة فلم يظفر بها ثم صالح صاحبها ورجع عنها.
وفيها توفي من الأعيان:
القاضي الأسعد ابن مماتي
أبو المكارم أسعد بن الخطير أبي سعيد مهذب بن مينا بن زكريا الأسعد بن مماتي بن أبي قدامة ابن أبي مليح المصري الكاتب الشاعر، أسلم في الدولة الصلاحية وتولى نظر الدواوين بمصر مدة قال ابن خلكان: وله فضائل عديدة، ومصنفات كثيرة، ونظم (سيرة صلاح الدين، و(كليلة ودمنة)، وله ديوان شعر.
ولما تولى الوزير ابن شكر هرب منه إلى حلب فمات بها وله ثنتان وستون سنة. فمن شعره في ثقيل زاره بدمشق:
حكى نهرين وما في الأر ** ض من يحكيهما أبدا
حكى في خلقه ثورا ** أراد وفي أخلاقه بردا
أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل
ابن عبدا لرحمن بن عبدا لسلام اللمعاني، أحد الأعيان من الحنفية ببغداد، سمع الحديث ودرس بجامع السلطان، وكان معتزليا، في الأصول، بارعا في الفروع، اشتغل على أبيه وعمه، وأتقن الخلاف وعلم المناظرة، وقارب التسعين.
أبو عبد الله محمد بن الحسن المعروف بابن الخراساني
المحدث الناسخ، كتب كثيرا، من الحديث وجمع خطبا، له ولغيره وخطه جيد مشهور.
أبو الواهب معتوق بن منيع
ابن مواهب الخطيب البغدادي، قرأ النحو واللغة على ابن الخشاب، وجمع خطبا، كان يخطب منها، وكان شيخا فاضلا له ديوان شعر، فمنه قوله:
ولا ترجو الصداقة من عدوٍ ** يعادي نفسه سرا وجهرا
فلو أجدت مودته انتفاعا ** لكان النفع منه إليه أجرا
ابن خروف شارح سيبويه على بن محمد بن يوسف أبو الحسن بن خروف الأندلسي النحوي
شرح سيبويه، وقدمه إلى صاحب المغرب فأعطاه ألف دينار، وشرح جمل الزجاجي، وكان يتنقل في البلاد ولا يسكن إلا في الخانات، ولم يتزوج ولا تسرى، ولذلك علة تغلب على طباع الأراذل وقد تغير عقله في آخر عمره، فكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس، توفي عن خمس وثمانين سنة.
أبو علي يحيى بن الربيع ابن سلميان بن حرار الواسطي البغدادي
اشتغل بالنظامية على فضلان وأعاد عنه، وسافر إلى محمد بن يحيى فأخذ عنه طريقته في الخلاف، ثم عاد إلى بغداد ثم صار مدرسا بالنظامية وناظرا على أوقافها، وقد سمع الحديث وكان لديه علوم كثيرة، ومعرفة حسنة بالمذهب، وله تفسير في أربع مجلدات كان يدرس منه، واختصر تاريخ الخطيب والذيل عليه لابن السمعاني وقارب الثمانين.
ابن الأثير صاحب جامع الأصول والنهاية
المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد مجد الدين أبو السعادات الشيباني الجزري الشافعي، المعروف بابن الأثير، وهو أخو الوزير وزير الأفضل ضياء الدين نصر الله، وأخو الحافظ عز الدين أبي الحسن علي صاحب الكامل في التاريخ، ولد أبو السعادات هذا في إحدى الربيعين سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وسمع الحديث الكثير وقرأ القرآن وأتقن علومه وحررها، وكان مقامه بالموصل، وقد جمع في سائر العلوم كتبا مفيدة، منها جامع الأصول الستة الموطأ والصحيحين وسنن أبي داود والنسائي والترمذي، ولم يذكر ابن ماجه فيه، وله كتاب النهاية في غريب الحديث وله شرح مسند الشافعي والتفسير في أربع مجلدات، وغير ذلك في فنون شتى، وكان معظما عند ملوك الموصل، فلما آل الملك إلى نور الدين أرسلان شاه، أرسل إليه مملوكه لؤلؤ أن يستوزره فأبى فركب السلطان إليه فامتنع أيضا وقال له: قد كبرت سني واشتهرت بنشر العلم، ولا يصلح هذا الأمر إلا بشيء من العسف والظلم، ولا يليق بي ذلك، فأعفاه.
قال أبو السعادات: كنت أقرأ علم العربية على سعيد بن الدهان، وكان يأمرني بصنعة الشعر فكنت لا أقدر عليه، فلما توفي الشيخ رأيته في بعض الليالي، فأمرني بذلك، فقلت له: ضع لي مثالا أعمل عليه فقال:
حب العلا مدمنا إن فاتك الظفر** فقلت أنا: وخدّ خد الثرى والليل معتكر
فالعز في صهوات الليل مركزه ** والمجد ينتجه الإسراء والسهر
فقال:
أحسنت ثم استيقظت فأتممت عليها نحوا من عشرين بيتا.
كانت وفاته في سلخ ذي الحجة عن ثنتين وستين سنة، وقد ترجمه أخوه في الذيل فقال: كان عالما في عدة علوم منها الفقه وعلم الأصول والنحو والحديث واللغة، وتصانيفه مشهورة في التفسير والحديث والفقه والحساب وغريب الحديث، وله رسائل مدونة، وكان مغلقا يضرب به المثل ذا دين متين، ولزم طريقة مستقيمة رحمه الله، فلقد كان من محاسن الزمان.
قال ابن الأثير وفيها توفي:
المجلد المطرزي النحوي الخوارزمي
كان إماما في النحو له فيه تصانيف حسنة.
قال أبو شامة. وفيها توفي:
الملك المغيث فتح الدين عمر بن الملك العادل
ودفن في تربة أخيه المعظم بسفح قاسيون والملك المؤيد مسعود بن صلاح الدين
بمدرسة رأس العين فحمل إلى حلب فدفن بها. وفيها توفي:
الفخر الرازي
المتكلم صاحب التيسير والتصانيف، يعرف بابن خطيب الري، واسمه محمد بن عمر بن الحسين ابن علي القرشي التيمي البكري، أبو المعالي وأبو عبد الله المعروف بالفخر الرازي، ويقال له ابن خطيب الري، أحد الفقهاء الشافعية المشاهير بالتصانيف الكبار والصغار نحو من مائتي مصنف، منها التفسير الحافل والمطالب العالية، والمباحث الشرقية، والأربعين، وله أصول الفقه والمحصول وغيره، وصنف ترجمه الشافعي في مجلد مفيد، وفيه غرائب لا يوافق عليها، وينسب إليه أشياء عجيبة، وقد ترجمته في طبقات الشافعية، وقد كان معظما عند ملوك خوارزم وغيرهم، وبنيت له مدارس كثيرة في بلدان شتى، وملك من الذهب العين ثمانين ألف دينار، وغير ذلك من الأمتعة والمراكب والأثاث والملابس، وكان له خمسون مملوكا من الترك،
وكان يحضر في مجلس وعظه الملوك والوزراء والعلماء والأمراء والفقراء والعامة، وكانت له عبادات وأوراد، وقد وقع بينه وبين الكرامية في أوقات وكان يبغضهم ويبغضونه ويبالغون في الحط عليه، ويبالغ هو أيضا في ذمهم. وقد ذكرنا طرفا من ذلك فيما تقدم، وكان مع غزارة علمه في فن الكلام يقول: من لزم مذهب العجائز كان هو الفائز، وقد ذكرت وصيته عند موته وأنه رجع عن مذهب الكلام فيها إلى طريقة السلف وتسليم ما ورد على وجه المراد اللائق بجلال الله سبحانه.
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في الذيل في ترجمته: كان يعظ وينال من الكرامية وينالون منه سبا وتكفيرا بالكبائر، وقيل إنهم وضعوا عليه من سقاه سما فمات ففرحوا بموته، وكانوا يرمونه بالمعاصي مع المماليك وغيرهم، قال: وكانت وفاته في ذي الحجة، ولا كلام في فضله ولا فيما كان يتعاطاه، وقد كان يصحب السلطان ويحب الدنيا ويتسع فيها اتساعا زائدا، وليس ذلك من صفة العلماء، ولهذا وأمثاله كثرت الشناعات عليه، وقامت عليه شناعات عظيمة بسبب كلمات كان يقولها مثل قوله: قال محمد البادي، يعني العربي يريد به النبي ﷺ، نسبة إلى البادية. وقال محمد الرازي يعني نفسه، ومنها أنه كان يقرر الشبهة من جهة الخصوم بعبارات كثيرة ويجيب عن ذلك بأدنى إشارة وغير ذلك، قال وبلغني أنه خلف من الذهب العين مائتي ألف دينار غير ما كان يملكه من الدواب والثياب والعقار والآلات، وخلف ولدين أخذ كل واحد منهما أربعين ألف دينار، وكان ابنه الأكبر قد تجند وخدم السلطان محمد بن تكش.
وقال ابن الأثير في (الكامل):
وفيها: توفي فخر الدين الرازي محمد بن عمر بن خطيب الري الفقيه الشافعي صاحب التصانيف المشهورة والفقه والأصول، كان إمام الدنيا في عصره، بلغني أن مولده سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ومن شعره قوله:
إليك إله الخلق وجهي ووجهتي ** وأنت الذي أدعوه في السر والجهر
وأنت غياثي عند كل ملمة ** وأنت ملاذي في حياتي وفي قبري
ذكره ابن الساعي عن ياقوت الحموي عن ابن الفخر الدين عنه وبه قال:
تتمة أبواب السعادة للخلق ** بذكر جلال الواحد الأحد الحق
مدبر كل الممكنات بأسرها ** ومبدعها بالعدل والقصد والصدق
أجل جلال الله عن شبه خلقه ** وأنصر هذا الدين في الغرب والشرف
إله عظيم الفضل والعدل والعلى ** هو المرشد المغوي هو المسعد المشقي
ومما كان ينشده:
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ** وحاصل دنيانا أذىً ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ثم يقول: لقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فلم أجدها تروي غليلا ولا تشفى عليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5] .
{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُب } [فاطر: 10] .
وفي النفي: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [الشورى: 11] ، { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا } [مريم: 65] .
البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر | |
---|---|
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697 |