→ سنة ستمائة من الهجرة | البداية والنهاية – الجزء الثالث عشر ثم دخلت سنة إحدى وستمائة ابن كثير |
ثم دخلت سنة ثنتين وستمائة ← |
فيها عزل الخليفة ولده محمد الملقب بالظاهر عن ولاية العهد بعد ما خطب له سبعة عشر سنة، وولى العهد ولده الآخر عليا، فمات علي عن قريب فعاد الأمر إلى الظاهر، فبويع له بالخلافة بعد أبيه الناصر كما سيأتي في سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
وفيها: وقع حريق عظيم بدار الخلافة في خزائن السلاح، فاحترق من ذلك شيء كثير من السلاح والمتعة والمساكن ما يقارب قيمته أربعة آلاف ألف دينار؛ وشاع خبر هذا الحريق في الناس، فأرسلت الملوك من سائر الأقطار هدايا أسلحة إلى الخليفة عوضا عن ذلك وفوقه من ذلك شيئا كثيرا.
وفيها: عاثت الكرج ببلاد المسلمين فقتلوا خلقا، وأسروا آخرين.
وفيها: وقعت الحرب بين أمير مكة قتادة الحسيني، وبين أمير المدينة سالم بن قاسم الحسيني، وكان قتادة قد قصد المدينة فحصر سالما، فيها فركب إليه سالم بعد ما صلى عندا لحجرة فاستنصر الله عليه، ثم برز إليه فكسره وساق وراءه إلى مكة فحصره بها، ثم إن قتادة أرسل إلى أمراء سالم فأفسدهم عليه فكر سالم راجعا إلى المدينة سالما.
وفيها: ملك غياث الدين كيخسرو بن قلج أرسلان بن مسعود بن قلج بلاد الروم واستلبها من ابن أخيه واستقر هو بها وعظم شأنه وقويت شوكته، وكثرت عساكره وأطاعه الأمراء وأصحاب الأطراف، وخطب له الأفضل بن صلاح الدين بسميساط، وسار إلى خدمته.
واتفق في هذه السنة أن رجلا ببغداد نزل إلى دجلة يسبح فيها وأعطى ثيابه لغلامه فغرق في الماء فوجد في ورقة بعمامته هذه الأبيات:
يا أيها الناس كان لي أمل ** قصر بي عن بلوغه الأجل
فليتق الله ربه رجل ** أمكنه في حياته العمل
ما أنا وحدي بفناء بيت ** يرى كل إلى مثله سينتقل
وفيها توفي من الأعيان:
أبو الحسن علي بن عنتر بن ثابت الحلي
المعروف بشميم، كان شيخا أديبا لغويا شاعرا جمع من شعره حماسة كان يفضلها على حماسة أبي تمام، وله خمريات يزعم أنها أفحل من التي لأبي نواس. قال أبو شامة في الذيل: كان قليل الدين ذا حماقة ورقاعة وخلاعة، وله حماسة ورسائل. قال ابن الساعي: قدم بغداد فأخذ النحو عن ابن الخشاب، حصل منه طرفا صالحا، ومن اللغة وأشعار العرب، ثم أقام بالموصل حتى توفي بها. ومن شعره:
لا تسرحن الطرف في مقل المها ** فمصارع الآجال في الآمال
كم نظرة أردت وما أخرت ** وكم يد قبلت أوان قتال
سنحت وما سمحت بتسليمة ** وأغلال التحية فعلة المحتال
وله في التجنيس:
ليت من طول بالشـ ** ـأ م ثواه وثوابه
جعل العود إلى الزو **راء من بعض ثوابه
أترى يوطئني الده ** ر ثرى مسك ترابه
وأراني نور عيني ** موطئا لي وثرى به
وله أيضا في الخمر وغيره:
أبو نصر محمد بن سعد الله ابن نصر بن سعيد الأرتاحي
كان سخيا بهيا واعظا حنبليا فاضلا شاعرا مجيدا وله:
نفس الفتى إن أصلحت أحوالها ** كان إلى نيل المنى أحوى لها
وإن تراها سددت أقوالها ** كان على حمل العلى أوقى لها
فإن تبدت حال من لها لها ** في قبره عند البلى لها لها
أبو العباس أحمد بن مسعود ابن محمد القرطبي الخزرجي
كان إماما في التفسير والفقه والحساب والفرائض والنحو واللغة والعروض والطب، وله تصانيف حسان، وشعر رائق منه قوله:
وفي الوجنات ما في الروض لكن ** لرونق زهرها معنى عجيب
وأعجب ما التعجب منه ** أنى لتيار تحمله عصيب
أبو الفداء إسماعيل بن برتعس السنجاري
مولى صاحبها عمادا لدين زنكي بن مودود، وكان جنديا حسن الصورة مليح النظم كثير الأدب ومن شعره ما كتب به إلى الأشرف موسى بن العادل يعزيه في أخ له اسمه يوسف:
دموع المعالي والمكارم أذرفت ** وربع العلى قاع لفقدك صفصف
غدا الجود والمعروف في اللحد ثاويا ** غداة ثوى في ذلك اللحد يوسف
متى خطفت يد المنية روحه ** وقد كان للأرواح بالبيض يخطف
سقته ليالي الدهر كأس حمامها ** وكان بسقي الموت في الحرب يعرف
فوا حسرتا لو ينفع الموت حسرة ** ووا أسفا لو كان يجدي التأسف
وكان على الأرزاء نفسي قوية ** ولكنها عن حمل ذا الرزء تضعف
أبو الفضل بن إلياس بن جامع الأربلي
تفقه بالنظامية وسمع الحديث، وصنف التاريخ وغيره، وتفرد بحسن كتابة الشروط، وله فضل ونظم، فمن شعره:
أممرض قلبي، ما لهجرك آخر؟** ومسهر طرفي، هل خيالك زائر؟
ومستعذب التعذيب جورا بصده ** أما لك في شرع المحبة زاجر؟
هنيئا لك القلب الذي قد وقفته ** على ذكر أيامي وأنت مسافر
فلا فارق الحزن المبرح خاطري ** لبعدك حتى يجمع الشمل قادر
فإن مت فالتسليم مني عليكم ** يعاودكم ما كبر الله ذاكر
أبو السعادات الحلي
التاجر البغدادي الرافضي، كان في كل جمعة يلبس لأمة الحرب ويقف خلف باب داره،
والباب مجاف عليه، والناس في صلاة الجمعة، وهو ينتظر أن يخرج صاحب الزمان من سرداب سامرا -يعني محمد بن الحسن العسكري -ليميل بسيفه في الناس نصرة للمهدي.
أبو غالب بن كمنونة اليهودي
الكاتب، كان يزور على خط ابن مقلة من قوة خطه، توفي لعنه الله بمطمورة واسط، ذكره ابن الساعي: في تاريخه.
البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر | |
---|---|
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697 |