الجهاد ( Jihad )
الجِهَاد فرض مشروط له أحكام وأركان. ولا يجوز في الإسلام لأي كان أن يعلن الجهاد أو يجاهد من تلقاء نفسه، أو يقتل نفسه أو غيره باسم الجهاد أو الإسلام، بدون تحقق الشروط والأركان. والجهاد استنفاد الوسع في مدافعة الأعداء، قتال مَنْ ليس لهم عقد ذمة من الكفار ردًا لعدوان، أو درءًا لفتنة، أو تحريرًا من ضلالة، أو إقرارًا للعدل والأمن والسلام ؛ لتكون كلمة الله هي العليا. وهو بهذا يُعد من أهم الشعائر الإسلامية، قال تعالى: ﴿وجاهدوا في الله حق جهاده﴾ الحج: 78 . وقوله سبحانه: ﴿إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله﴾ الأنفال: 72 .
حكمه:
قتال الكفار والمحاربين، عندما يعتدون، فرض كفاية إذا قام به بعض المسلمين سقط عن بعضهم الآخر، وذلك لقوله تعالى: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون﴾ التوبة: 122. ويجب عندما يعلنه إمام المسلمين، وعندما يداهم العدو ديارًا مسلمة فيصبح فرض عين، لقوله ﷺ(وإذا استنفرتم فانفروا ) متفق عليه. وهكذا فالجهاد فرض له شروط.فإن كان ذاك حكم الجهاد، فالإعداد له فرض كالجهاد غير أنه مقدم عليه وسابق له. ويكون الإعداد بالعلم والدراية، وإيجاد العتاد الحربي بكافة أنواعه، قال تعالى: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوكم﴾ الأنفال: 60 .
والجهاد يقوم على أربعة أركان 1- النية الصالحة وإعداد العدة 2- كونه وراء إمام مسلم 3- رضا الأبوين 4- طاعة الإمام.
النية الصالحة وإعداد العدة. النية في الجهاد أن يكون الغرض منه إعلاء كلمة الله تعالى لا غير، فقد سئل رسول الله ﷺعن الرجل يقاتل حميّةً، ويقاتل رياءً، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) متفق عليه. وقوله ﷺ: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )، وبجانب النية يُعد المجاهد العدة اللازمة من أدوات القتال.
كونه وراء إمام مسلم وتحت رايته وبإذنه. لا يجوز للمسلمين وإن قلّ عددهم أن يعيشوا بدون إمام لقوله ﷺ: (إذا كنتم ثلاثة فأمّروا أحدكم ). رواه الطبراني. كذلك لا يجوز لهم أن يقاتلوا بغير إمام، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ النساء: 59 .
رضا الأبوين والإذن منهما لمن كان له أبوان أو أحدهما على قيد الحياة هو الركن الرابع لقوله ﷺللرجل الذي استأذنه في الجهاد (أحيُّ والداك؟ قال نعم، قال: ففيهما فجاهد ) رواه البخاري. فإن داهم العدوّ القرية، أو عيّن الإمام الرجل، فإنه يسقط إذن الأبوين.
طاعة الإمام. فمن قاتل وهو عاص للإمام ومات، فقد مات ميتة جاهلية ؛ لقوله ﷺ: ( من كره من أميره شيئًا، فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرًا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية ) رواه مسلم.
أنواعه:
للجهاد أربعة أنواع تتمثل في: 1- جهاد الكفار المحاربين عندما يعتدون 2- جهاد الفساق 3- جهاد الشيطان 4- جهاد النفس.جهاد الكفار المحاربين. ويكون بالنفس، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يَلُونَكُم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أنّ الله مع المتقين﴾ التوبة: 123. ويكون بالمال لقوله ﷺ: (من جهّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا ). ويكون باللسان لقوله ﷺ: (الحرب خدعة ) متفق عليه، وقوله ﷺ: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) رواه أحمد.
جهاد الفساق. ويكون الجهاد في ذلك باليد واللسان والقلب ؛ لقوله ﷺ: (مَنْ رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم.
جهاد الشيطان. يسعى الشيطان دائمًا للوقيعة بالمؤمن وفتنته بتزيين الغواية له، ولذا أضحى عدوًّا للإنسان وجب جهاده، ويكون ذلك بدفع ما يأتي به من الشبهات، وترك ما يزينه من الشهوات لقوله تعالى: ﴿ولا يغرنّكم بالله الغرُور ¦ إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوًّا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السَّعير﴾ فاطر: 5، 6 .
جهاد النفس. قال تعالى: ﴿إنّ النفس لأمارة بالسوء﴾ يوسف: 53 . كما قال البوصيري:
|
فهوى النفس جموح يكبح بالجهاد، وجهاد النفس يكون بحملها على أن تتعلم أمور الدين، وتعمل بها، وتعلّمها، وبصرفها عن هواها، ومقاومة رعوناتها، وجهاد النفس من أعظم أنواع الجهاد قال رسول الله ﷺ: (المجاهد من جاهد نفسه في الله ).
حكمة الجهاد:
من الحكمة في مشروعية الجهاد بأنواعه أن يُعبد الله وحده مع ما يتبع ذلك من دفع العدوان والشرّ، وحفظ الأنفس والأموال ورعاية الحقوق، وصيانة العدل، وتعميم الخير ونشر الفضيلة والتوقية من الفتنة في الدين. قال تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله﴾ الأنفال: 39. وهو فطرة الله في خلقه ؛ لكبح تسلّط المتسلطين، وإشاعة الأمن والطمأنينة بين الناس كافة، قال تعالى: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين﴾ البقرة: 251.فأهداف الجهاد تكوين المجتمع المسلم المثالي برد اعتداء مَنْ اعتدى على المسلمين وإزالة الفتنة عن الناس حتى يستمعوا إلى دلائل توحيد الله من غير عائق، وحماية الدولة الإسلامية من شرّ الكفار.
فضل الجهاد:
ورد في فضل الجهاد والاستشهاد في سبيل الله تعالى كثير من النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ¦ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ¦ يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم﴾ الصف: 10-12 . وقول الرسول ﷺ، وقد سئل عن أفضل الناس؟ فقال: مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله تعالى ) متفق عليه.جهاد المرأة:
تتحمل المرأة في الإسلام كل التزامات الجهاد وتمارس أنواعه إلا القتال بالنفس لما روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله! نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ فقال ﷺ (لكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور ).★ تَصَفح أيضًا: الإسلام ؛ الردة، حروب ؛ الفتوح الإسلامية.