الرئيسيةبحث

المنظف والصابون ( Detergent and soap )



صناعة الصابون في القرى كانت تتم خارج البيت في غلايات حديدية. تستخدم هذه المرأة الطريقة التي ربما كانت تستخدم في أمريكا الشمالية في بداية القرن التاسع عشر.
المنظف والصابون يُقصد بالمنظف المادة التي تقوم بتنظيف الأسطح القذرة أو المتسخة. والصابون أحد أنواع المنظفات، ولكن كلمة منظِّف تُشير عادة إلى المنظفات الصناعية فقط، ذات التركيب الكيميائي المختلف عن الصابون.

تُحضَّر منتجات الصابون والمنظف في شكل قوالب أو قشور أو حبيبات أو سوائل أو أقراص. ويستخدم الناس الصابون لغسل أجسامهم، حيث يغسلون شعورهم بالصابون والمنظفات. والاستحمام اليومي بالصابون يمنع الوسخ أو القذارة، كما يمنع دهون الجسم الطبيعية من قفل مسام الجلد. وينظف الأطباء القروح والجروح بالصابون لقتل الجراثيم التي تُسَبِّبُ التلوُّثَ والعدْوى.

وللمنظفات والصابون استخدامات منزلية وصناعية متعددة. ويستخدم الناس هذه المنتجات في غسل الأطباق والملابس وتنظيف الأرضيات والشبابيك والقيام بأعمال منزلية أخرى متعددة. وتستخدم الصناعات المنظفات والصابون منظفات ومواد تزليق أو تشحيم أو تلميع. وعلى سبيل المثال، يستخدم صُـنـّاع إطارات المطاط الصابون على الإطارات الساخنة لمنع التصاقها بالقوالب المستخدمة في عملية إعطاء المطاط درجة الصلابة المرغوبة المسماة تقسية المطاط.

وتحتوي بعض زيوت المحركات على المنظفات التي تعمل على إزالة السناج أو السخام والغبار والجسيمات الأخرى التي يمكن أن تضر بأجزاء المحرك. ويُستخدم الصابون كذلك في تلميع المجوهرات وترطيب الجلد.

وتحتوي المنظفات والصابون على عامل تنظيف أساسي يعرف باسم الفعال السطحي أو العامل النشط سطحيًا. وتتركب العوامل النشطة سطحيًا من جزيئات ترتبط بجسيمات الأوساخ أو القذارة في الأشياء الملوثة. وتقوم الجزيئات النشطة بسحب جسيمات القذارة خارج الأشياء المتسخة وتحتفظ بالوسخ في ماء الغسيل إلى أن يتم شطفها وإزالتها بعيدًا.

تُنتج الصناعة الكيميائية تشكيلةً أو مجموعةً متنوعةً وواسعةً من العوامل الصناعية النشطة سطحيًا، لكل منها تركيب كيميائي مختلف. وتحتوي معظم المنظفات على العامل النشط سطحيًا بالإضافة إلى مواد كيميائية أخرى بإمكانها تحسين قابلية المنظف على التنظيف وجعله أسهل استخدامًا. وتتكون جميع أنواع الصابون، بصفة أساسية، من نوع المادة نفسها النشطة سطحيًا، كما يمكن أن تحتوي المنظفات والصابون على مكونات إضافية مثل المواد العطرية والملونات ـ مواد التلوين.

تتفوق المنظفات على الصابون بعدد من المزايا. فعلى سبيل المثال، تتميز المنظفات بقابليتها للتنظيف بفعالية في الماء العسر الذي يحتوي على بعض المعادن، وليس بالإمكان استخدام العديد من أنواع الصابون للتنظيف في الماء العسر بفعالية، حيث تتفاعل هذه الأنواع من الصابون مع الأملاح لتكوين مادة تعرف بجير الصابون أو زبد الصابون. ولا يذوب الزبد في الماء، ولذا يصعب إزالته من الأنسجة والأسطح الأخرى. ويسبب جير الصابون كذلك، ما يعرف بحلقة حوض الاستحمام أو الترسبات على حوائط حوض الاستحمام. ولا تترك المنظفات مثل هذه الترسبات، كما أنها تخترق المناطق الملوثة بكفاءة أفضل مما يفعله الصابون. هذا بالإضافة إلى ذوبان المنظفات بسهولة أكبر في الماء البارد.

كيف تعمل المنظفات والصابون

ينظف الصابون والمنظفات الأخرى الأشياء المتسخة بالطريقة نفسها تقريبًا. وتتكون عملية التنظيف من 1- تبليل المادة المتسخة، 2- إزالة جسيمات الأوساخ منها، 3- تعليق (إمساك) جسيمات الأوساخ في ماء الغسيل لشطفها وإزالتها بعيدًا.

تبليل الأشياء:

تزيد المواد أو العـوامل النـشطة سطـحيًا الموجودة في المنظفات والصابون من قدرة الماء على التبليل، وذلك بخفض ما يعرف باسم التوتر السطـحي للماء. ويعمل التوتر السطـحي على حفظ الجزيئات متماسكة بعضـها مع بعض مما يؤدي إلى تكوّن قطرات الماء.

تتجمع جزيئات العامل النشط سطحيًا على سطح الماء وتضطره للتمدد والانتشار. وعندما ينخفض التوتُّر السطحي للماء فإنه يخترق الأشياء المتسخة بفاعلية أكثر، كما يؤدِّي خفض التوتر السطحي إلى تكوين فقاعات رغوية بفعل العامل النشط سطحيًا. ولكن الفقاعات والرغوة لا تؤثر في قابلية المنتج للتنظيف.

المنظفات والصابون تعمل بالطريقة نفسها تقريبًا. في الصورة التوضيحية المكبرة يهاجم المنظف بقعة الزيت على خيط النسيج، (الجهة اليمنى). ثم يجذب الزيت بعيدًا مكونًا حوله طبقة رقيقة، (الجهة اليسرى). ويشطف المنظف والزيت بعد ذلك بعيدًا.

إزالة الأوساخ والقذارة:

تساعد العوامل النشطة سطحيًا الموجودة في المنظفات والصابون على إزالة الأوساخ. وتترَكَّب جزيئات العامل النشط سطحيًا من جزءين مهمين لهما خواص مختلفة، أحدهما الجزء الأليف للماء ؛ أي الجزء الذي ينجذب للماء، والآخر هو الجزء الكاره للماء ؛ أي الجزء الذي ينفر من الماء. وتتجمع الأجزاء الكارهة للماء من جزيئات المادة النشطة سطحيًا على أي سطح آخر غير الماء. ويحيط العديد من الأجزاء الكارهة للماء بجسيمات الأوساخ على الأشياء القذرة، وفي الوقت نفسه تندفع الأجزاء الأليفة للماء بعيدًا عن الأشياء المتسخة وتجذب جسيمات القذارة في اتجاه ماء الغسيل.

يساعد التقليب الآلي لآلة الغسيل أو الحركة التي يُسَبّبها دلك أو حك الأشياء المتسخة باليد، في تكسير الأوساخ. كما يساعد التقليب والتحريك الأجزاء الأليفة للماء من جزيئات المادة النشطة سطحيًا في سحبها لجسيمات القذارة من الأشياء المغسولة إلى ماء الغسيل.

تعليق الجسيمات:

بعد أن تُجْذب جُسيمات القذارة إلى ماء الغسيل، تحافظ الطبقة الرقيقة لجزيئات العامل النشط سطحيًا الملتفة حول هذه الجسيمات على إبقائها منفصلة متباعدة وتمنعها من الترسب ثانية على الأشياء المغسولة، وبذلك تبقى جسيمات الأوساخ معلقةً في ماء الغسيل إلى أن تتم إزالتها بعيدًا.

كيف يحضر الصابون

صناعة قوالب الصابون تبدأ بعمل مصهور الصابون الخالص، (الصورة اليمنى)، من الدهن والكيميائيات، ثم يجفف الصابون الخالص وبعد ذلك يقطع على هيئة عصائب، (الصورة الوسطى). وتجمع العصائب على هيئة زنود طويلة وتقطع بعد ذلك إلى قوالب خام، (الصورة اليسرى) ومن ثم تكبس لتصير قوالب صابون.
المكونات الأساسية للصابون هي 1- الدهون أو الزيوت 2- المواد الكيميائية المعروفة بالقلويات. ويمكن أن يستخدم صنّاع الصابون الدهون الحيوانية أو الزيوت النباتية مثل زيت جوز الهند وزيت الزيتون. ويستخدم معظم صنّاع الصابون هيدروكسيد الصوديوم (غالبًا ما يدعى محلول القلي أو الصودا الكاوية) مادة قلوية. أما هيدروكسيد البوتاسيوم فهو المادة القلوية في الصابون السائل، وبعض أنواع صابون القوالب أو القطع. ويستخدم صنَّاع الصابون طريقتين رئيسيتين لتحضير الصابون هما طريقة الغلاية وطريقة المعالجة المستمرة.


طريقة الغلاية:

حتى بداية الأربعينيات من القرن العشرين كانت شركات الصابون تحضِّر معظم الصابون في غلايات كبيرة. ولا يزال بعض أنواع الصابون يُحَضَّر بهذه الطريقة، حيث تُستخدم لذلك صهاريج فولاذية بطول يعادل ارتفاع ثلاثة طوابق، وبإمكانها احتواء 45,000 كجم من مكونات الصابون. ويقوم بخار الماء في الأنابيب الملفوفة حول الصهريج بتسخين خليط الدهن والقلوي لعدة ساعات.

تثير الحرارة التفاعل الكيميائي المعروف بتفاعل الإماهة أو التَّصبُّن، الذي يؤدي إلى تكوّن قشدة الصابون في الخليط. ثم يضاف ملح الطعام إلى خليط الصابون لفصله إلى طبقتين. ويرتفع الصابون، ويعرف عند هذه المرحلة بالصابون الصرف، إلى أعلى الخليط، ويبقى محلول القلوي الفائض والملح وسائل معروف باسم الجليسيرول أسفل طبقة الصابون. ★ تَصَفح: الجليسيرول.

تُضاف المكوّنات الأخرى في خلاطات ضخمة تُعْرفُ بالركائز أو الخزانات. وتشتمل هذه الإضافات على المواد العطرية والملونات و المطهرات (قاتلات الجراثيم) و الدعائم أو الحوامل (تضاف إلى الصابون لتقوية فاعليته التنظيفية). بعد ذلك تتجمد قشدة الصابون على شكل قضبان أو قطع أو تُصنَّع على هيئة قشور أو حبيبات.

المعالجة المستمرة:

تنتج العملية المستمرة لتحضير الصابون في خلال ساعات كمية من الصابون تعادل ما يُحضَّر في أيام بوساطة طريقة الغلاية. ويستخدم صناع الصابون، في العملية المستمرة أنبوب الفولاذ المقاوم للصدأ المعروف بالمُمَيّه. ويبلغ قطر الأنبوب 90سم وارتفاعه حوالى 25م. ويُضخ الماء المضغوط عند ضغط مرتفع وهو مُسَخَّن لدرجة حرارة تبلغ 260م° في أعلى قمة المميّه. وتقوم في الوقت نفسه آلة بضخ الدهن الساخن في أسفل المميه وعندئذ يتحلل الدهن إلى الأحماض الدهنية والجليسيرول. وترتفع الأحماض الدهنية إلى أعلى المميه، ثم تُزال منه وتُنقىَّ وتخلط مع القلوي لعمل الصابون. ويخلط الصابون بعد ذلك بالمكونات الأخرى في الركيزة ويشكل على هيئة قضبان أو قشور أو حبيبات.

قوالب الصابون:

تُحضَّر قطع الصابون أو قوالبه لاستخدامها في الاستحمام والغسيل. ويستخدم الصناع عدة طرق لعمل قطع الصابون. ويحضرون الصابون الطافي بمزج المحلول الساخن للصابون بالهواء في آلة مزودة بملفات تبريد. وتقوم الآلة بتبريد الصابون وضغطه إلى الخارج على هيئة قضيب طويل متصل.

وفي طريقة أخرى، تقوم عدة مجموعات من الأسطوانات تعرف بالطواحين، بخلط وضغط قشور الصابون لعمل الصابون المطحون. وتنتج عملية الطحن صابونًا جامدًا يعطي رغوة أفضل من الصابون الطافي.

تقوم آلات تشطيب حديثة بعمل قطع الصابون بنوعية أفضل من تلك المنتجة بالطرق الأخرى. ولإزالة الرطوبة والشوائب من الصابون، تقوم آلة برش رذاذ الصابون الصرف الساخن في غرفة مفرغة، أي ذات ضغط منخفض. ويقطع الصابون الجاف بعد ذلك على هيئة عصائب تلقم أو تُغَذَّى في وحدة أو وحدتين للعجن. وتضاف المواد العطرية إلى الصابون في وحدات العجن ثم يُخرج منها الصابون على هيئة قضيب يعرف بالزند.

يقطع الصابون المُحضَّر بأي من الطرق السابقة إلى قطع صغيرة بالحجم المطلوب تعرف بالقوالب الخام. ثم تقوم آلة الكبس أو الدمغ بتشكيل القطع بأشكال متنوعة ودمغ أو طبع العلامة التجارية لاسم الصابون على القطع الجاهزة.

تُعْرفَ قطع الصابون الجاهزة المستخدمة للاستحمام عادةً بصابون التواليت. وتتألف هذه الأنواع من الصابون، بشكل رئيسي، من مادة الصابون أو من خليط الصابون والمواد الصناعية النشطة سطحيًا، حيث تعمل هذه المواد على كسر جير الصابون وتمنع تكون حلقات الأوساخ والترسبات الأخرى على جدران أحواض الاستحمام. ويحتوي صابون التواليت المزيل للروائح على كمية قليلة من مطهر أو مادة قاتلة للجراثيم.

الحبيبات والقشور:

تنتج غالبية الصابون المستخدم للتنظيف المنزلي على هيئة حبيبات أو قشور رقيقة. ويُحضر الصناع حبيبات الصابون بضخ الصابون الساخن من الركيزة إلى أعلى برج تجفيف عالٍ، حيث يُرش الصابون في تيار من الهواء الحار يعمل على تجفيفه في هيئة حبيبات كروية تسقط على قاع البرج. ويعمل مرشح خاص على إزالة الجسيمات الدقيقة جدًا. أما الحبيبات الكبيرة فَتُنْخَل تاركة فقط الحبيبات ذات الحجم المتماثل تقريبًا.

تُحضر قشور الصابون عن طريق صبه أو سكبه من الركيزة أو الحاوية بين أسطوانتي فولاذ دوارتين، إحداهما حارة والأخرى باردة، حيث تلتصق طبقة رقيقة من الصابون بالأسطوانة الباردة. وعند دوران الأسطوانة يُقطّع الصابون إلى أشرطة يتم كشطها من سطح الأسطوانة بوساطة سكين. ثم تدخل أشرطة الصابون إلى مجفف ويتم تكسيرها أو تقطيعها إلى قشور رقيقة.

كيفية تحضير المنظفات

تشتمل صناعة مواد التنظيف على عدة عمليات كيميائية معقدة. تصنع أولاً المواد النشطة سطحيًا ؛ أي خافضات التوتر السطحي في وحدة إنتاج كيميائية، وتُستخدم لذلك مجموعة متنوعة من المواد، بما فيها المنتجات النفطية الثانوية، وكذلك الزيوت النباتية والدهون الحيوانية نفسها المستخدمة في تحضير الصابون. وعلى سبيل المثال، يَستخدم العديد من الصناع دهن البقر المعروف بالودك أو الشحم الحيواني في الخطوة الأولى من هذه العملية، وفيها يتفاعل الشحم الحيواني كيميائيًا مع الكحول الميثيلي. ويعالج الناتج من هذه الخطوة بغاز الهيدروجين ليتفاعل معه لإنتاج كحول الشحم المهدرج. ويعالج السائل أولا بحمض الكبريتيك ثم بعد ذلك بالقلوي، وينتج عن التفاعل ما يسمى الفعال السطحي الصناعي.

تخلط مع الفعال السطحي الصناعي مركبات أخرى في الركيزة أو خزّان الصابون تشمل مواد التبييض، والإضافات التي تساعد في زيادة الكفاءة التنظيفية، والإضافات التي تكسب الأقمشة النصاعة، ومثبتات الرغوة، ومواد تعرف باسم مانعات إعادة الترسيب تساعد في منع القذارة من الترسب على الأشياء النظيفة. ثم يعالج مخلوط المنظف بعد ذلك لتحويله على هيئة حبيبات أو قشور أو أقراص أو منظف سائل.

وتُنتج حبيبات وقشور المنظف تقريبًا بالطريقة نفسها التي تُنتج بها حبيبات وقشور الصابون. ويحضر الصناع أقراص المنظفات بإضافة مقومات خاصة إلى حبيباته ثم كبس أو ضغط الخليط على هيئة أقراص. وتُحضّر المنظفات السائلة بإضافة مركبات كيميائية متنوعة إلى المادة الخافضة للتوتر السطحي. وتعمل هذه المركبات على ضمان بقاء المنظف سائلاً عند درجات الحرارة العادية، أي درجة حرارة الغرفة.

نبذة تاريخية

الصابون في الماضي:

لا يعرف أحد متى وأين حَضَّر الإنسان الصابون لأول مرة. ففي حوالي القرن السادس قبل الميلاد كان الفينيقيون يحضرون الصابون من دهن المعز ورماد الخشب. وفي بعض الأحيان بادل التجار الفينيقيون السلتيين الصابون بمنتجاتهم. كما حضر السلتيون كذلك الصابون بأنفسهم من دهن الحيوان ورماد الخشب.

كان الصابون، في الأزمنة السالفة، يثمن بوصفه مادةً طبية. أما التعرف بصورة كلية على خصائصه بصفته مادة تنظيف فقد تمت في وقت متأخر جدًا.

استخدم الناس الذين عاشوا في بلاد الغال (المعروفة بفرنسا حالياً) في حوالي عام 100م صابونًا أوليًا خامًا. كان العرب المسلمون أول من اكتشف مادة الصودا الكاوية (النطرون) واستخدموها في صناعة الصابون والحرير الصناعي، وكان جابر بن حيان هو الذي اكتشف هذه المادة، وانتقلت صناعة الصابون إلى أوروبا عبر الأندلس، ولم تبدأ صناعة الصابون في بريطانيا إلا في القرن الثالث عشر الميلادي.

وبنهاية القرن الثامن عشر الميلادي اكتشف العالم الفرنسي نيكولا ليبلانك إمكانية صنع محلول القلي من ملح الطعام. وتلا اكتشاف ليبلان اتساع صناعة الصابون وبيعه لإنتاجه بأثمان زهيدة في متناول كل فرد تقريبًا.

بدأت صناعة الصابون في أمريكا الشمالية مع بداية القرن التاسع عشر، حيث قام بعض الأفراد بجمع نفايات الدهون وحضَّروا الصابون في صهاريج حديدية كبيرة، وكانوا يصبون الصابون المنتج في إطارات خشبية كبيرة ليتجمد ويقطعون الصابون المتجمد إلى قوالب كانت تباع من بيت لبيت.

ومنذ بداية القرن العشرين أدخل الصناع تحسينات ضخمة على جودة الصابون ولونه ورائحته وقدرته التنظيفية.

تطور المنظفات:

عادة ما ينسب الفضل في تطوير أول فعال سطحي صناعي إلى العالم الألماني فريتز جونثر الذي تمكن في عام 1916م من تطوير هذه المادة للاستخدام في المنظفات. واستخدمت الصناعة منتجه، ولكنه لم يستعمل في المنازل بسبب خشونته. وفي سنة 1933م أُدخلت المنظفات المبنية على الفعالات السطحية الصناعية لأول مرة في الولايات المتحدة. ولقد أبطأ نقص الدهون والمواد الكيميائية الأخرى خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م) التطور اللاحق لهذه المنتجات. ولكن بعد الحرب بدأت عدة شركات للصابون في إنتاج المنظفات المبنية على الفعالات السطحية الصناعية.

قبل عام 1965م أدت المنظفات المستخدمة في تنظيف البالوعات التي تصب في مجاري المياه المستعملة، إلى تكوين رغوة سطحية على الأنهار وجداول المياه. ويرجع ذلك إلى احتواء المنظفات على الفعال السطحي المعروف بسلفونات ألكيل البنزين والتي لا تتكسر كليًا في أنظمة معالجة المياه المستعملة. وفي عام 1965م، وبعد أكثر من عشر سنوات من البحث، طوَّرت صناعة المنظفات فعالاً سطحيًا يسمى سلفونات ألكيل البنزين الخطي الذي تستطيع البكتيريا تكسير جزيئاته بسرعة وبصورة تامة. وبالتالي فإن المنظفات التي تحتوي على هذه المادة الجديدة لا تكوّن الرغوة السطحية.

وفي بداية السبعينيات من القرن العشرين الميلادي لاحظ العلماء أن المواد الكيميائية المعروفة بالفوسفات والمستخدمة ركائز أو حوامل للمنظفات قد أسهمت في تلويث المياه. فعندما تدخل هذه المواد والكيميائيات الأخرى الأنهار والبحيرات فإنها تعمل ببساطة على زيادة درجة التسميد للنباتات المائية المعروفة بالطحالب. ويؤدي التسميد الزائد إلى زيادة نمو هذه النباتات مما يؤدي إلى استهلاك مَدَد الأكسجين في الماء، وهو ما يهدد حياة الأسماك في هذه المياه ويؤدي بالتالي إلى موتها. وتعمل أجسام الأسماك الهالكة على تلويث مياه الأنهار والبحيرات التي تصبح خانقة بوساطة الطحالب.

وللمساعدة على حل هذه المشكلة عملت حكومات بعض الدول على تقييد بيع المنظفات التي تحتوي على مادة الفوسفات، وبالتالي خَفَّض الصناع كمية الفوسفات في العديد من المنظفات، كما طوروا بدائل عديدة للفوسفات تمكنهم من إنتاج منظفات خالية من الفوسفات.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية