عصر صدر الإسلام
|
|
بدايته | بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم . |
نهايته | أنتهي بمقتل علي . |
تاريخ | العام (40) هـ |
عصر سابق | العصر الجاهلي |
عصر تالي | العصر الأموي |
يقصد بالأدب في عصر صدر الإسلام، هو النتاج الثقافي والأدبي من لغة وأدب وشعر ونثر خلال الفترة من بعثة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى آخر أيام الخلفاء الراشدين، والذي ينتهي بمقتل علي بن أبي طالب () عام 40 هـ
لقد حصر علماء اللغة والأدب والنقاد مصادر الأدب في عصر صدر الإسلام إلى ثلاثة مصادر رئيسية هي القرآن الكريم، والحديث الشريف، والأدب الجاهلي، فقد استلهم الأدب الإسلامي أفكاره وأساليبه من هذه المصادر الثلاثة . واقتفى الشعراء أثر هذه المصادر، وسوف نتحدث هنا عن القرآن والحديث النبوي الشريف ، أما الأدب الجاهلي فهو عصر سابق للعصر الذي نتحدث به ويحتاج موضوع مستقلاً للحديث عنه .
هو كلام الله ومعجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تحدى الله به بلاغة الإنس والجن ، وهو حجة الله على الناس كافة وعلى العرب خاصة؛ لأنه نزل بلغة العرب . فيه تبيان لكل شئ. والقرآن كنز الحكمة والعلم والمعرفة ، ما فرط الله فيه من شئ ، ولا تزال الأيام تكشف من عجائبه كل يوم جديد 0
كلها تدور حول توحيد الله تعالى وإثبات وحدانيته بأدلة من آياته ومخلوقاته ، وتعظيم أمر التوحيد والترغيب فيه بالجنة ، وتهويل أمر الشرك وإنذار المشركين بعذاب جهنم .
ففيها تشريعات سياسية وقضائية واجتماعية وعسكرية ، تكفل سعادة الفرد والمجتمع وفيها أيضاً أدآب ترسم طرق الأخلاق الكريمة ، وتأمر بكل معروف وتنهى عن كل منكر ، ثم إنها توضح فروض العبادات والمعاملات .
نزل القرآن بلغة قريش وفيه بعض ألفاظ من لغات القبائل المضرية واليمنية . فقد ذكروا أن كلمة(فشل) بمعنى جبن هي من لغة حمير ، وأن كلمة (الأرائك) بمعنى (الأسرة) هي أيضاً يمنية وأن كلمة (الموئل) بمعنى (الملجأ) هي من لغة كنانة وأن كلمة (السائح) بمعنى الصائم هي من لغة هذيل . أما الألفاظ التي قيل أنها أعجمية كالإبريق والسندس والإستبرق والكافور والأكواب والقوارير فالمعتقد أنها في حكم العربية وأنها كانت جزءاً من لغة العرب قبل نزول القرآن بقرون طويلة والدليل قوله تعالى : (إنا أنزلنه قرءانا عربياً لعلكم تعقلون)
لقد أيد الله رسله بمعجزات ، وكانت معجزة كل رسول من جنس ما يحسنه قومه ، فلما كان السحر منتشراً في زمن موسى – عليه السلام – جاءت معجزته بما هو أعظم من أعمال السحرة وهو العصا ، وانفجار الصخر وانفلاق البحر ولما كان قوم عيسى عليه السلام، بارعين في الطب جاءت معجزته – عليه السلام – بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى . ولما كان العرب في الجاهلية يتباهون بالبيان والبلاغة جاءت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن . فقد تحدى الله العرب أن يأتوا بمثله ، بما فيه من بديع نظم ؛ وحسن تأليف وروعة أسلوب ، ودقة عرض. ولذا فعندما سمعه العرب وهم أمراء البيان أكبروه وعجزوا عن أن يردوه إلى نوع من أنواع الكلام المعروفة فقالوا مضطربين : إنه شعر شاعر ، أو فعل ساحر ، أو سجع كاهن ... ووصفهم إياه بأنه نوع من هذه الأنواع التي تشترك في فتنة العقل دليل على فعله القوي في نفوسهم . وببلاغة القرآن تحدى الله العرب ، إلا أن هناك وجوهاً أخرى لإعجاز القرآن لم يقع فيها التحدي وهي : الإخبار عن الغيبيات والأمور المستقبلية ، والإخبار عن الأمم الماضية كما ظهر في هذا العصر وجه جديد وهو ما يسمى بالإعجاز العلمي ، ولكل من هذه الوجوه أمثلة لا يتسع المقام لذكرها .
ألفاظ القرآن لها نسق بلاغي حير العقول وأعجز البلغاء ، فما تستطيع مهما اوتيت من بلاغة أن تستبدل بكلمة واحدة من القرآن كلمةً مثلهـا في بلاغتها . والآيات القرآنية مسجوعة الفواصل غالباً ، وهذا من حكـمة الله جل وعلا وفضله؛ لأن السجع سهل على القراء حفظها . ولكل من السور المكية والمدنية خصائص تتميز بها غالباً فالسور المكية قصيرة الآيات ، أسلوبها يثير العواطف والعقول معاً ، وهي حارة اللهجة فيها تهويل وتكرار وجدل وإقنـاع . والسـور المدنية طويلة الآيات ، هادئة اللهجة ، عذبة الألفاظ فيها وضوح يناسب التعليم ودقة تناسب التشريع .
1- التكرار: وذلك لتثبيت المعنى في النفوس ، ومن السور التي يتضح فيها التكرار البليغ سورة القمر ، وسورة الرحمن ، وسورة المرسلات .
2- الالتفات: وهو الانتقال من ضمير إلى ضمير كأن ينتقل من ضمير الغائب إلى المخاطب أو المتكلم كقوله تعالى :(وحشرنهم فلم نغادر منهم أحداً * وعرضوا على ربك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعداً) . فقد تكلم الله عن المشركين بضمير الغائب في قوله :( وحشرناهم ) ثم بضمير المخاطب في قوله:(جئتمونا ) . وتكلم جل وعلا عن نفسه فقال: (وحشرناهم) بضمير المتكلم ثم قال : (وعرضوا على ربك). والسر في بلاغة الالتفات أن إطالة الإنصات إلى أسلوب واحد تأتي بالرتابة على المعنى ، ومن ثم فهو يأتي مزيلاً لتلك الرتابة ومجدداً لنشاط السامع.
3-الإيجاز: ولذلك فقد اجتمع بين دفتي المصحف من أمر التشريع والعقيدة والعلوم مالم تتسع له مجلدات التفسير الكبيرة .
4-ضرب المثل : ومعظم أمثال القرآن محسوسة ؛ وذلك لتثبيت الأمور المعنوية وتوضيحها في الأذهان .
تعريفه : الحديث الشريف -أو السنة النبوية- هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره.
الحديث الشريف هو المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام بعد القرآن وربما جاء في نفس المرتبة لأن الله قد أعطى لنبيه حق التشريع في بعض الأمور فالقرآن احتوى على أصول الدين وقواعد الأحكام العامة ونص على بعضها وترك بيان بعضها الباقي للرسول صلى الله عليه وسلم.
وتتخلص وظائف الحديث في توضيح القرآن وتفصيل إجماله وتقييد إطلاقه وتخصيص عمومه.
كلام النبي صلى الله عليه وسلم آية في الفصاحة والبلاغة وقمة في البيان وهو أبلغ كلام صدر عن بشر ولكن بلاغة القرآن في أفق لا تناله بلاغة الإنسان.وترجع بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدة أسباب:
أولها:أنه مؤيد بالوحي والإلهام .
ثانيها:موهبته الفطرية .
وثالثها:نشأته في قريش واسترضاعه في بني سعد وهم أفصح العرب.
ورابعها: تضلعه من لغة القرآن وعلمه بلغة العرب.
1- أنه موجز إيجاز بليغا فالألفاظ القليلة تشتمل على معان كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم "قل آمنت ثم استقم".ولهذا سمي جوامع الكلم.
2-أنه خال من التكلف والزخرف ينساب من طبع صادق ونبع غزير صاف.
3- أن معانيه مستقاة من معاني القرآن العظيمة ومقاصده الكريمة ولذلك فإن أغلب أحكامه ما هي إلا صدى لصوت القرآن الكريم.
4-أنه سهل اللفظ يخاطب في سهولته العامة والخاصة مع ملاءمته لحالة المخاطب .
5-أن فيه كثيرا من الأمثال التي توضح المعنى وتقربه إلى الأذهان.
1- ”إنما بعثت فيكم لأتمم مكارم الأخلاق“
2- ” الجنة تحت ظلال السيوف ”
3- ”ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس“
4- ”مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه“
6- ”من سرة أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه“
الشعر الجاهلي هو كل ما سبق بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من نتاج شعري او نثري أو أدبي ، وبالنسبة للشعر الجاهلي فلا يعرف بالتحديد.
لقد اجتهد الباحثون وعلماء اللغة لتحديد كيفية بداية الشعر العربي في العصر الجاهلي ، إذ أنه من المستحيل عقلاً أن يكون الشعراء أبدعوا من أول وهلة فخرج لنا شعراء مبدعون لا يزال نتاجهم الأدبي يدرس في المدارس والجامعات وتمت ترجمته إلى معظم لغات العالم بعد مضي أكثر من خمسة عشر عاماً عليه ، وقد اختلفت أراؤهم حيال ذلك ، فمنهم من قال أن الشعراء كانوا يسمعون وقع خفاف الإبل على الأرض فحالوا تقليدها إلى أن أنشأوا ما يعرف بالأوزان الشعرية وقد ساعدهم في ذلك سوق الأبل (الحداء) ، كما أن هناك رأياً لفريق آخر يقول أن أصل الشعر ومبدؤه هو السجع ثم تطور إلى بحر الرجز ومن ثم نشأت البحور الشعرية الأخرى ، وفريق آخر أيضاً يقول أن أصل الشعر العربي هو الغناء إذ أن العربي في صحرائه يحتاج إلى الترانيم والغناء ، فيأخذ أجزاء منتظمة من الكلام يتغنى بها إلى تطور الأمر حتى أصبح الشعر موزوناً ومقفى والخلاصة من هذا كله أن الشعر الجاهلي يعد عند العرب ذلك الأثر العظيم الذي حفظ لنا حياة العرب في جاهليتهم ، وإذا كانت الأمم الأخرى تخلد مآثرها بالبنيان والتشييد فإن العرب يعولون على الشعر الجاهلي الذي يرون أنه حفظ لهم تلك المآثر ونقلها إلى الأجيال التي تبعتهم ، يقول ابن سلام الجمحي ، وهو عالم النقد والأدب الشهير في كتابه طبقات فحول الشعراء : ( وكان الشعر في الجَاهلية عند العرب ديوان علمهم ومنتهى حكمهم به يأخذون وإليه يصيرون ) .
وقد استدل علماء اللغة والأدب على أن الشعر العربي وجد قبل الشعر الجاهلي الذي يعد أول ما وصلنا من نتاج العرب الشعري بأدلة كثيرة سنكتفي بدليل واحد منها ، وهو قول امرؤ القيس مثلاً :
عُوجَا على الطّلَلِ المُحيلِ لَعَلَّنَا | نَبْكِي الدِّيَارَ كَمَا بَكَى ابنُ حِذَامِ |
ووجه الدليل عندهم أن بكاء الديار والأطلال في زمن امرؤ القيس ليس بجديد فقد بكاها شعراء من قبله منهم ابن حذام الذي حذا امرؤ القيس حذوه في ذلك ، وابن حذام الذي يذكر بعض المؤرخين أنه من قبيلة طيء لم يصل إلينا من نتاجه الشعري شيء .
يظن بعض دارسي الأدب أن الإسلام حارب الشعر بينما الصحيح انه لم يحاربه لذا ته وإنما حارب الفاسد من مناهج الشعراء و يتمثل هذا المعنى في الآية الكريمة التي صنفت الشعراء إلى فئتين فئة ضالة وأخرى مهتدية حيث يقول تعالى : ( والشعراء يتبعهم الغاوون * الم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) بل إن الإسلام ذهب إلى ابعد من هذا حين اتخذ الشعر سلاحا من أسلحة الدعوة و عده نوعا من أنواع الجهاد فجعل الشاعر على ثغرة من ثغور الإسلام لا يسدها إلا هو وأمثاله من الأدباء وقد أدرك الإسلام قيمة الكلمة الشعرية وشدة تأثيرها ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يشجع الشعر الجيد المنطوي على مثل عليا وكان يستمع إليه ويعجب بما اشتمل عليه من حكمة حتى لقد قال"إن من البيان لسحرا وان من الشعر لحكمه "ولما استأذن حسان بن ثابت في الرد على المشركين أذن له وقال "اهجهم ومعك روح القدس "كما كان صلى الله عليه وسلم يستزيد الخنساء من الشعر فيقول"هيه هيه يا خناس" وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم حيث كانت سيرتهم تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد اقتفوا أثره وتحروا سنته فما نفع من الشعر أو حسن قبلوه وشجعوه عليه وما كان فيه ضرر أو قبح نبذوه وحاسبوا عليه .وخلاصة القول أن الإسلام وقف من الشعر موقفا وسطا فلم يؤيده ولم يعارضه وإنما عده كلاما كأي كلام فحسنه حسن وهو مقبول وسيئة سيئ وهو مرفوض وما يقال عن الشعر يقال عن بقية فنون الأدب الأخرى .
يذكر بعض دارسي الأدب أن الشعر في هذا العصر قد أصيب بالضعف وتعرض لفترة من الركود وفي هذا الكلام شيء من الخطأ وشيء من الصواب إما انه أصيب بالضعف فكلام غير صحيح لأنه مبني على خلط بين الضعف من جهة وبين اللين والسهولة مــن جهة أخــرى وذلك لأن الإسلام صادف في العرب قلوبا قاسية فألانها وطباعا جافية فرققها ومن ثم أصبح الشعراء يختارون من الكلمات ألينها ومن الأساليب أسهلها وابتعدوا عن الألفاظ الجافة الغليظة والتراكيب الوعرة و شعر حسان في الجاهلية والإسلام خير شاهد على ما نقول وإما انه تعرض لفترة من الركود فصحيح وذلك للأسباب التالية :- 1- انبهار العرب ببلاغة القرآن وملأت نفوسهم عقيدة الإسلام وآدابه وفي أثـناء ذلك شغلوا بالفتوحات فصرفهم كل ذلك عن قول الشعر إلا قليلا. ولعل أدل واقعة تدلل على شدة الانبهار هي قصة الوليد ابن المغيرة ومقولته الشهيرة واصفاً القرآن الكريم (الوليد بن المغيرة: و الله إن له لحلاوة و إن عليه لطلاوة و إن أسفله لمغدق و إن أعلاه لمثمر وإنه ليعلو ولا يعلى عليه وإنه ليحطم ما تحته و ما يقول هذا بشر )
2- سقوط منزلة الشعراء لتكسبهم بالشعر وخضوعهم في سبيل العطاء للممدوحين وبذلك علا شان الخطابة وانخفض شأن الشعر وخصوصا بعد أن صارت الخطابة هي الوسيلة الطيعة المرنة لنشر دعوة الإسلام.
3-أن نفر من الشعراء الذين ظلوا على الشرك من أمثال عبد الله بن الزبعري هجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بترك رواية شعرهم.
4- إن الإسلام حارب العصبيات وحرم الخمر وقاوم الهجاء القبلي المقذع والغزل الفاحش ولم يشجع رحلات اللهو والقنص وكل هذه الأمور كانت وقودا جزلا لشعلة الشعر فلما قاومها الإسلام اقتصرت أغراض شعر المخضرمين على مناقضة شعراء المشركين وعلى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه... ومع هذا فلم يخل هذا العصر من أصوات شاعرية عذبة انبعثت من أمثال لبيد بن ربيعة والخنساء وحسان بن ثابت وكعب بن زهير وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وغيرهم.
يعد الشعر في عصر صدر الإسلام امتدادا لسابقه في العصر الجاهلي لأن شعراء هذا العصر هم أنفسهم شعراء العصر الجاهلي ولهذا فقد كانوا يسمون بالمخضرمين إلا أن هذا لا يمنع أن يكون قد حدث شيء من التغيير في أسلوب الشعر ومعانيه أما أسلوب الشعر في هذا العصر فقد اختلف بشكل يسير عن أسلوب الشعر الجاهلي وذلك من خلال تأثره بأسلوب القران وأسلوب الحديث وتأثره بعاطفة المسلم الرقيقة فالورع والتقوى ومخافة الله أوجدت أسلوبا يبتعد عن الجفاء والغلظة والخـشـونـة التي هي ابرز سمات الشعر الجاهلي ومن هنا فقد أصبح الشاعر الإسلامي يختار الألفاظ اللينة والتراكيب السهلة الواضحة التي تؤدي المعنى بشكل دقيق أما أوزان الشعر وأخيلته ونظام القصيدة فقد بقيت على ما كانت عليه في العصر الجاهلي لأن مثل هذا التغيير يتطلب وقتا ليس بالقصير وأما معاني الشعر فقد اختلفت بشكل كبير عن معاني الشعر الجاهلي الذي لم يكن يقف عند حد معين أو فكر محدد ومن ثم أصبح الشاعر في هذا العصر يختار من المعاني ما يخدم الإسلام ويدعوا إليه مستقياً معظم هذه المعاني من القران الكريم والحديث الشريف ولكن من غير المقبول أن يقال إن معاني الشعر الإسلامي قد انفصلت انفصالاً تاماً عن معاني الشعر الجاهلي لأن الأدب الجاهلي -كما ذكر سابقا- هو المصدر الثالث من المصادر التي يستقي منها الأدب الإسلامي أفكاره وأساليبه ولهذا فان المعاني التي أهملها الشعر هي المعاني التي نفاها الإسلام فلم تعد صالحة للبقاء كالشعر الذي يدعوا للعصبية وكالغزل الفاحش والهجاء المقذع والمدح الكاذب ووصف الخمر أما المعاني التي لم ينفها الإسلام فقد بـقيـت متداولة لدى الشعراء مع تغير القيم التي يعتمدون عليها في تلك المعاني فإذا كانت قيم المدح في الجاهلية هي الشجاعة والكرم والجود فإنها في الإسلام تعني التمسك بالدين والتحلي بحسن الخلق والورع والزهد وإذا كانت قيم الفخر في الجاهلية هي الأحساب والقبيلة فإنها في الإسلام تعني الانتساب للإسلام وإتباع الرسول وهكذا في بقية الأغراض إلا أن هذا لايمنع أن يجمع الشاعر بين القيم القديمة والقيم الجديدة التي جاء بها الإسلام .
وأخيرا نشير إلى أن هناك موضوعات جدت وطرأت في هذا العصر كشعر الدعوة ونشر عقائد الإسلام ووصف الفتوحات الإسلامية وأماكن الجهاد كما وجدت في هذا العصر البذرة الأولى للشعر السياسي الذي برز فيما بعد في عصر بني أمية بسبب تعدد الأحزاب السياسية .