→ كتاب الصيام (مسألة 739 - 752) | ابن حزم - المحلى كتاب الصيام (مسألة 753) المؤلف: ابن حزم |
كتاب الصيام (تتمة 1 مسألة 753) ← |
كتاب الصيام
753 مسألة : ولا ينقض الصوم حجامة ولا احتلام ، ولا استمناء ، ولا مباشرة الرجل امرأته أو أمته المباحة له فيما دون الفرج ، تعمد الإمناء أم لم يمن ، أمذى أم لم يمذ ولا قبلة كذلك فيهما ، ولا قيء غالب ، ولا قلس خارج من الحلق ، ما لم يتعمد رده بعد حصوله في فمه وقدرته على رميه ، ولا دم خارج من الأسنان أو الجوف ما لم يتعمد بلعه ، ولا حقنة ولا سعوط ولا تقطير في أذن ، أو في إحليل ، أو في أنف ولا استنشاق وإن بلغ الحلق ، ولا مضمضة دخلت الحلق من غير تعمد ، ولا كحل - أو إن بلغ إلى الحلق نهارا أو ليلا - بعقاقير أو بغيرها ، ولا غبار طحن ، أو غربلة دقيق ، أو حناء ، أو غير ذلك ، أو عطر ، أو حنظل ، أو أي شيء كان ، ولا ذباب دخل الحلق بغلبة ، ولا من رفع رأسه فوقع في حلقه نقطة ماء بغير تعمد لذلك منه ؛ ولا مضغ زفت أو مصطكى أو علك ؛ ولا من تعمد أن يصبح جنبا ، ما لم يترك الصلاة ، ولا من تسحر أو وطئ وهو يظن أنه ليل فإذا بالفجر كان قد طلع ولا من أفطر بأكل أو وطء ، ويظن أن الشمس قد غربت فإذا بها لم تغرب ، ولا من أكل أو شرب أو وطئ ناسيا ؛ لأنه صائم ، وكذلك من عصى ناسيا لصومه ، ولا سواك برطب أو يابس ، ولا مضغ طعام أو ذوقه ، ما لم يتعمد بلعه ، ولا مداواة جائفة أو مأمومة بما يؤكل أو يشرب أو بغير ذلك ، ولا طعام وجد بين الأسنان - : أي وقت من النهار وجد ، إذا رمي ، ولا من أكره على ما ينقض الصوم ، ولا دخول حمام ، ولا تغطيس في ماء ، ولا دهن شارب ؟ أما الحجامة - قال أبو محمد : صح عن رسول الله ﷺ من طريق ثوبان ، وشداد بن أوس : ومعقل بن سنان ، وأبي هريرة ، ورافع بن خديج وغيرهم : أنه قال : { أفطر الحاجم والمحجوم } ، فوجب الأخذ به ، إلا أن يصح نسخه . وقد ظن قوم أن الرواية عن ابن عباس " احتجم رسول الله ﷺ ناسخة للخبر المذكور ، وظنهم في ذلك باطل ؛ لأنه قد يحتجم عليه السلام وهو مسافر فيفطر ، وذلك مباح ، أو في صيام تطوع فيفطر ، وذلك مباح . والعجب كله ممن يقول في الخبر الثابت أنه عليه السلام " مسح على العمامة " - : لعله كان مريضا ثم لا يقول هاهنا : لعله كان مريضا ؟ وأيضا فليس في خبر ابن عباس أن ذلك كان بعد إخباره عليه السلام أنه { أفطر الحاجم والمحجوم } ولا يترك حكم متيقن لظن كاذب ؟ وأيضا : فلو صح أن خبر ابن عباس بعد خبر من ذكرنا لما كان فيه إلا نسخ إفطار المحجوم لا الحاجم ؛ لأنه قد يحجمه عليه السلام غلام لم يحتلم ؟ قال أبو محمد : لكن وجدنا ما حدثناه عبد الله بن ربيع التميمي وأحمد بن عمر العذري قال التميمي : ثنا معاوية القرشي المرواني ثنا أحمد بن شعيب أنا إبراهيم بن سعيد ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء ، وقال العذري ثنا عبد الله بن الحسين بن عقال الأسدي القرشي ثنا إبراهيم بن محمد الدينوري ثنا محمد بن أحمد بن الجهم ثنا موسى بن هارون ثنا إسحاق بن راهويه أنا المعتمر بن سليمان عن حميد ، ثم اتفق خالد الحذاء وحميد كلاهما عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري { أن رسول الله ﷺ أرخص في الحجامة للصائم } زاد حميد في روايته " والقبلة " . قال علي : إن أبا نضرة ، وقتادة أوقفاه عن أبي المتوكل على أبي سعيد ، وإن ابن المبارك أوقفه عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل على أبي سعيد ؛ ولكن هذا لا معنى له إذ أسنده الثقة ، والمسندان له عن خالد وحميد : ثقتان ؛ فقامت به الحجة ، ولفظة " أرخص " لا تكون إلا بعد نهي ؛ فصح بهذا الخبر نسخ الخبر الأول ؟ وممن قال بأن الحجامة تفطر : علي بن أبي طالب ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن عمر ، وغيرهم . ولم يرها تفطر : ابن عباس ، وزيد بن أرقم ، وغيرهما . وعهدنا بالحنفيين يقولون : إن خبر الواحد لا يقبل فيما تعظم به البلوى ، وهذا مما تكثر به البلوى ، وقد قبلوا فيه خبر الواحد مضطربا ؟ وأما الاحتلام : فلا خلاف في أنه لا ينقض الصوم ؛ إلا ممن لا يعتد به وأما الاستمناء : فإنه لم يأت نص بأنه ينقض الصوم ؟ والعجب كله ممن لا ينقض الصوم بفعل قوم لوط ، وإتيان البهائم وقتل الأنفس ، والسعي في الأرض بالفساد ، وترك الصلاة وتقبيل نساء المسلمين عمدا إذا لم يمن ولا أمذى - : ثم ينقضه بمس الذكر إذا كان معه إمناء وهم لا يختلفون : أن مس الذكر لا يبطل الصوم ، وأن خروج المني دون عمل لا ينقض الصوم ، ثم ينقض الصوم باجتماعهما ، وهذا خطأ ظاهر لا خفاء به ؟ والعجب كله ممن ينقض الصوم بالإنزال للمني إذا تعمد اللذة ، ولم يأت بذلك نص ، ولا إجماع ، ولا قول صاحب ، ولا قياس - : ثم لا يوجب به الغسل إذا خرج بغير لذة ، والنص جاء بإيجاب الغسل منه جملة ؟ .
وأما القبلة والمباشرة للرجل مع امرأته وأمته المباحة له فهما سنة حسنة ، نستحبها للصائم ، شابا كان أو كهلا أو شيخا ، ولا نبالي أكان معها إنزال مقصود إليه أو لم يكن ؟ حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا الحسن بن موسى ثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن عروة بن الزبير أخبره أن { عائشة أم المؤمنين أخبرته أن رسول الله ﷺ كان يقبلها وهو صائم } . وبه إلى مسلم : ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر غندر ثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن { عائشة أم المؤمنين أن رسول الله ﷺ كان يباشر وهو صائم } . وقال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } لا سيما من كابر على أن أفعاله ﷺ فرض . وقد روينا ذلك من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وعلي بن الحسين ، وعمرو بن ميمون ، ومسروق ، والأسود ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، كلهم عن عائشة بأسانيد كالذهب ؟ ورويناه بأسانيد في غاية الصحة عن أمهات المؤمنين : أم سلمة ، وأم حبيبة ، وحفصة وعمر بن الخطاب ، وابن عباس وعمر بن أبي سلمة ، وغيرهم كلهم : عن النبي ﷺ . فادعى قوم أن القبلة تبطل الصوم ؟ وقال قوم : هي مكروهة . وقال قوم : هي مباحة للشيخ ، مكروهة للشاب . وقال قوم : هي خصوص للنبي ﷺ . فأما من ادعى أنها خصوص له عليه السلام فقد قال الباطل ، وما يعجز عن الدعوى من لا تقوى له ؟ فإن احتج في ذلك بما روي من قول عائشة رضي الله عنها { كان رسول الله ﷺ يقبل وهو صائم ، ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه } . قلنا : لا حجة لك في قول عائشة هذا ؛ لأن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا قال : ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل بن الخليل ثنا علي بن مسهر ثنا أبو إسحاق هو الشيباني - عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد عن أبيه عن { عائشة أم المؤمنين قالت كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد النبي ﷺ أن يباشرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها ، قالت : وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله ﷺ يملك إربه } ؟ فإن كان قولها ذلك في قبلة الصائم يوجب أنه له خصوص فقولها هذا في مباشرة الحائض يوجب أنها له أيضا خصوص ، أو أنها مكروهة ، أو أنها للشيخ دون الشاب ولا يمكنهم هاهنا دعوى الإجماع ؛ لأن ابن عباس وغيره كرهوا مباشرة الحائض ؛ جملة ولعمري إن مباشرة الحائض لأشد غررا ؛ لأنه يبقى عن جماعها أياما وليالي فتشتد حاجته ، وأما الصائم فالبارحة وطئها ، والليلة يطؤها ، فهو بشم من الوطء ؟ حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال : { أخبرني رجل من الأنصار ، أنه قبل امرأته على عهد رسول الله ﷺ فأمرها فسألت النبي ﷺ عن ذلك فقال لها النبي ﷺ إن رسول الله يفعل ذلك ، فأخبرته امرأته ، فقال لها : إن النبي ﷺ رخص له في أشياء ، فارجعي إليه ، فرجعت إليه ، فذكرت له ذلك ، فقال لها رسول الله ﷺ أنا أتقاكم وأعلمكم بحدود الله } . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني هارون بن سعيد الأيلي ثنا ابن وهب أخبرني عمرو هو ابن الحارث - عن عبد ربه بن سعيد عن عبد الله بن كعب الحميري { عن عمر بن أبي سلمة المخزومي أنه سأل رسول الله ﷺ أيقبل الصائم ؟ فقال له رسول الله ﷺ سل هذه ، يعني أم سلمة ، فأخبرته أن رسول الله ﷺ يصنع ذلك ، فقال : يا رسول الله ، قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فقال رسول الله ﷺ أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم } . فهذان الخبران يكذبان قول من ادعى في ذلك الخصوص له عليه السلام ؛ لأنه أفتى بذلك عليه السلام من استفتاه ، ويكذب قول من ادعى أنها مكروهة للشاب مباحة للشيخ ؟ لأن عمر بن أبي سلمة كان شابا جدا في قوة شبابه إذ مات عليه السلام ، وهو ابن أم سلمة أم المؤمنين وزوجه النبي ﷺ بنت حمزة عمه رضي الله عنه . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أخبرنا قتيبة بن سعيد ثنا أبو عوانة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن طلحة بن عبد الله بن عثمان القرشي { عن عائشة أم المؤمنين قالت أهوى النبي ﷺ ليقبلني ، فقلت : إني صائمة فقال : وأنا صائم ، فقبلني } . وكانت عائشة إذ مات عليه السلام بنت ثمان عشرة سنة فظهر بطلان قول من فرق في ذلك بين الشيخ والشاب ، وبطلان قول من قال : إنها مكروهة ؛ وصح أنها حسنة مستحبة ، سنة من السنن ، وقربة من القرب إلى الله تعالى اقتداء بالنبي ﷺ ووقوفا عند فتياه بذلك ؟ وأما ما تعلق به من كرهها للشاب فإنما هما حديثا سوء ، روينا أحدهما من طريق فيها ابن لهيعة ، وهو لا شيء ، وفيها قيس مولى تجيب ؛ وهو مجهول لا يدرى من هو ؟ والآخر من طريق إسرائيل - وهو ضعيف - عن أبي العنبس ، ولا يدرى من هو ؟ عن الأغر عن أبي هريرة ، في كليهما ، { أن النبي ﷺ أرخص في قبلة الصائم للشيخ ونهى عنها الشاب } ، فسقطا جميعا ؟ وأما من أبطل الصوم بها فإنهم احتجوا بقول الله تعالى : { فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } ففي هذه الآية المنع من المباشرة ؟ قلنا قد صح عن رسول الله ﷺ إباحة المباشرة ، وهو المبين عن الله تعالى مراده منا ، فصح أن المباشرة المحرمة في الصوم إنما هي الجماع فقط ؛ ولا حجة في هذه الآية لحنفي ولا لمالكي ، فإنهم يبيحون المباشرة ، ولا يبطلون الصوم بها أصلا وإنما يبطلونه بشيء يكون معها ، من المني أو المذي فقط ، وإنما هي حجة لمن منع المباشرة وأبطل الصوم بها . وهؤلاء أيضا قد احتجوا بخبرين : روينا أحدهما من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة عن عمر بن حمزة أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال عمر : رأيت رسول الله ﷺ في المنام ، فرأيته لا ينظرني ، فقلت : يا رسول الله ما شأني ؟ فقال : ألست الذي تقبل وأنت صائم ؟ قلت : فوالذي بعثك بالحق لا أقبل بعدها وأنا صائم . قال أبو محمد : الشرائع لا تؤخذ بالمنامات لا سيما وقد أفتى رسول الله ﷺ عمر في اليقظة حيا بإباحة القبلة للصائم ؛ فمن الباطل أن ينسخ ذلك في المنام ميتا نعوذ بالله من هذا . ويكفي من هذا كله أن عمر بن حمزة لا شيء . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا عيسى بن حماد هو زغبة - عن الليث بن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عبد الملك بن سعد الساعدي الأنصاري عن جابر بن عبد الله قال { قال عمر بن الخطاب هششت فقبلت وأنا صائم ، فقلت : يا رسول الله ، صنعت اليوم أمرا عظيما ، قبلت وأنا صائم ، فقال رسول الله ﷺ أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم ؟ قلت : لا بأس به ، قال : فمه } ؟ " . والخبر الثاني الذي رويناه من طريق إسرائيل - وهو ضعيف - عن زيد بن جبير عن أبي يزيد الضبي - وهو مجهول { عن ميمونة بنت عتبة مولاة رسول الله ﷺ سئل عمن قبل امرأته وهما صائمان ؟ فقال : قد أفطر } . قال أبو محمد : حتى لو صح هذا لكان حديث أبي سعيد الخدري - الذي ذكرنا في باب الحجامة للصائم - أنه عليه السلام أرخص في القبلة للصائم - : ناسخا له ؟ وممن روي عنه إبطال الصيام بالقبلة من طريق سعيد بن المسيب : أن عمر كان ينهى عن القبلة للصائم ، فقيل له { إن رسول الله ﷺ كان يقبل وهو صائم } ؟ فقال : ومن ذا له من الحفظ والعصمة ما لرسول الله ﷺ ؟ ومن طريق عمران بن مسلم عن زاذان عن ابن عمر قال في الذي يقبل وهو صائم ، فقال : ألا يقبل جمرة ؟ وعن مورق عنه : أنه كان ينهى عنها ؟ ومن طريق علي بن أبي طالب قال ما تريد إلى خلوف فيها ؟ دعها حتى تفطر ؟ وعن الهزهاز : أن ابن مسعود سئل عمن قبل وهو صائم فقال : أفطر ، ويقضي يوما مكانه . وعن حذيفة قال : من تأمل خلق امرأته وهو صائم بطل صومه ؟ وعن الزهري عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير : رأيت أصحاب رسول الله ﷺ ينهون عن القبلة للصائم ؟ ومن طريق شريح : أنه سئل عن قبلة الصائم ؟ فقال : يتقي الله ولا يعد . وعن أبي قلابة : أنه نهى عنها ؟ وعن محمد بن الحنفية : إنما الصوم من الشهوة ، والقبلة من الشهوة ؟ وعن أبي رافع قال : لا يقبل الصائم . وعن مسروق : أنه سئل عنها ؟ فقال : الليل قريب وقال ابن شبرمة : إن قبل الصائم أفطر وقضى يوما مكانه ؟ ومن كرهها - : روينا عن سعيد بن المسيب : القبلة تنقض الصوم ولا تفطر وعن إبراهيم النخعي : أنه كرهها ؟ وعن عبد الله بن مغفل أنه كرهها ؟ وعن سعيد بن جبير : أنه قال : لا بأس بها ، وإنها لبريد سوء ؟ وعن عروة بن الزبير قال : لم أر القبلة تدعو إلى خير - يعني للصائم ؟ وصح عن ابن عباس : أنه قال : هي دليل إلى غيرها والاعتزال أكيس ؟ وكرهها مالك ؟ ومن فرق بين الشيخ والشاب - : روينا من طريق ابن المسيب عن عمر بن الخطاب ومن طريق أبي مجلز عن ابن عباس ، ومن طريق ابن أبي مليكة عن أبي هريرة ، ومن طريق نافع عن ابن عمر ، ومن طريق هشام بن الغاز عن مكحول ، ومن طريق حريث عن الشعبي : أنهم كلهم رخصوا في قبلة الصائم للشيخ وكرهوها للشاب ؟ ومن كره المباشرة للصائم - : روينا من طريق عطاء عن ابن عباس : أنه سئل عن القبلة للصائم ؟ فقال : لا بأس بها ، وسئل أيقبض على ساقها ؟ قال لا يقبض على ساقها ، أعفوا الصيام ؟ ومن طريق مالك عن ابن عمر : أنه كان ينهى عن المباشرة للصائم . وعن الزهري : أنه نهى عن لمس الصائم وتجريده . وعن سعيد بن المسيب في الصائم يباشر قال : يتوب عشر مرار ، إنه ينقص من صومه الذي يجرد أو يلمس ، لك أن تأخذ بيدها وبأدنى جسدها وتدع أقصاه ؟ وعن عطاء بن أبي رباح في الصائم يباشر بالنهار ؟ قال : لم يبطل صومه ؛ ولكن يبدل يوما مكانه . وعن أبي رافع : لا يباشر الصائم . وكرهها مالك . ومن أباح المباشرة للشيخ ونهى عنها للشاب - : روينا هذا عن ابن عمر ، وعن ابن عباس والشعبي . وأما من أباح كل ذلك - : روينا من طريق عبد الرزاق عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن عائشة بنت طلحة بن عبيد الله أخبرته : أنها كانت عند عائشة أم المؤمنين فدخل عليها زوجها ، وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - وهو صائم في رمضان ، فقالت له عائشة أم المؤمنين : ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها ؟ فقال : أقبلها وأنا صائم ؟ قالت : نعم . ومن طريق معمر عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن مسروق قال : سألت عائشة أم المؤمنين : ما يحل للرجل من امرأته صائما ؟ فقالت كل شيء إلا الجماع ؟ قال أبو محمد : عائشة بنت طلحة كانت أجمل نساء أهل زمانها ، وكانت أيام عائشة وهي وزوجها فتيين في عنفوان الحداثة ؟ وهذان الخبران يكذبان قول من لا يبالي بالكذب أنها أرادت بقولها { وأيكم أملك لإربه من رسول الله ﷺ } النهي من القبلة والمباشرة للصائم ؟ ومن طريق عبد الله ، وعبيد الله : ابني عبد الله بن عمر بن الخطاب : أن عمر بن الخطاب كانت تقبله امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو وهو صائم ؛ فلا ينهاها ومن طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير : أن رجلا قال لابن عباس : إني تزوجت ابنة عم لي جميلة ، فبنيت بها في رمضان : فهل لي - بأبي أنت وأمي إلى قبلتها من سبيل ؟ فقال له ابن عباس : هل تملك نفسك ؟ قال : نعم ، قال : قبل ، قال : فبأبي أنت وأمي : هل إلى مباشرتها من سبيل ؟ قال : هل تملك نفسك ؟ قال : نعم ، قال : فباشرها ، قال : فهل لي إلى أن أضرب بيدي على فرجها من سبيل ؟ قال : وهل تملك نفسك ؟ قال : نعم ، قال : اضرب - وهذه أصح طريق عن ابن عباس . وعن يحيى بن سعيد القطان عن حبيب بن شهاب عن أبيه قال : سألت أبا هريرة عن دنو الرجل من امرأته وهو صائم ؟ فقال : إني لأرف شفتيها وأنا صائم . وعن زيد بن أسلم قال : قيل لأبي هريرة : أتقبل وأنت صائم قال : نعم وأكفحها - معناه : أنه يفتح فاه إلى فيها وسئل عن تقبيل غير امرأته ؟ فأعرض بوجهه . ومن طرق صحاح عن سعد بن أبي وقاص : أنه سئل : أتقبل وأنت صائم ؟ قال : نعم وأقبض على متاعها . وعن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري : أنه كان لا يرى بالقبلة للصائم بأسا . وعن سفيان بن عيينة عن زكريا هو ابن أبي زائدة - عن الشعبي عن عمرو بن شرحبيل أن ابن مسعود كان يباشر امرأته نصف النهار وهو صائم - وهذه أصح طريق عن ابن مسعود . ومن طريق حنظلة بن سبرة ( عن ) المسيب بن نجبة الفزاري عن عمته - وكانت تحت حذيفة بن اليمان - قالت : كان حذيفة إذا صلى الفجر في رمضان جاء فدخل معي في لحافي ثم يباشرني . وعن أبي ظبيان عن علي بن أبي طالب : لا بأس بالقبلة للصائم . وعن مسعر عن سعيد بن مردان به عن أبي كثير أن أم سلمة أم المؤمنين قالت له وقد تزوج في رمضان : لو دنوت ، لو قبلت ؟ ومن التابعين من طريق عكرمة : لا بأس بالقبلة والمباشرة للصائم ، إنما هي كالكسرة يشتمها . وعن الحسن البصري قال : يقبل الصائم ، ويباشر . وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أنه كان يقبل في رمضان نهارا ويفتي بذلك . وعن سعيد بن جبير : إباحة القبلة للصائم . وعن الشعبي : لا بأس بالقبلة ، والمباشرة للصائم . وعن مسروق : أنه سئل عن تقبيل الصائم امرأته ؟ فقال : ما أبالي أقبلتها ، أو قبلت يدي ؟ فهؤلاء من الصحابة رضي الله عنهم عائشة ، وأم سلمة أم المؤمنين ، وعمر بن الخطاب ، وعلي ، وعاتكة بنت زيد ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وسعد بن أبي وقاص ، وابن مسعود ، وأبو سعيد الخدري ، وحذيفة ، وما نعلم منهم أحدا روي عنه كراهتها إلا وقد جاء عنه إباحتها بأصح من طريق الكراهة ؛ إلا ابن عمر وحده ، ورويت الإباحة جملة عن سعد ، وأبي سعيد ، وعائشة ، وأم سلمة ، وعاتكة . قال أبو محمد : ولقد كان يجب لمن غلب القياس على الأثر أن يجعلها في الصيام بمنزلتها في الحج ؛ ويجعل فيها صدقة كما جعل فيها هنالك ؛ ولكن هذا مما تركوا فيه القياس - وبالله تعالى نتأيد . وإذ قد صح أن القبلة والمباشرة : مستحبتان في الصوم وأنه لم ينه الصائم في امرأته عن شيء إلا الجماع - : فسواء تعمد الإمناء في المباشرة أو لم يتعمد كل ذلك مباح لا كراهة في شيء من ذلك ؛ إذ لم يأت بكراهيته نص ولا وإجماع ، فكيف إبطال الصوم به ، فكيف أن تشرع فيه كفارة ؟ وقد بينا مع ذلك - من أنه خلاف للسنة - فساد قول من رأى الصوم ينتقض بذلك ؛ لأنهم ، يقولون : خروج المني بغير مباشرة لا ينقض الصوم ؛ وأن المباشرة إذا لم يخرج معها مذي ، ولا مني ، لا تنقض الصوم ؛ وأن الإنعاظ دون مباشرة لا ينقض الصوم ، فكل واحد من هذه على انفراده لا يكدح في الصوم أصلا ؛ فمن أين لهم إذا اجتمعت أن تنقض الصوم ؟ هذا باطل لا خفاء به ، إلا أن يأتي بذلك نص ، ولا سبيل إلى وجوده أبدا ، لا من رواية صحيحة ولا سقيمة ، وأما توليد الكذب والدعاوى بالمكابرة ، فما يعجز عنها من لا دين له . وما رئي قط حلال وحلال يجتمعان فيحرمان إلا أن يأتي بذلك نص ، وبهذا الدليل نفسه خالف الحنفيون السنة الثابتة في تحريم نبيذ التمر والزبيب يجمعان ، ثم حكموا به هاهنا حيث لا يحل الحكم به - وبالله تعالى التوفيق . وهم يقولون : إن الجماع دون الفرج حتى يمني لا يوجب حدا ولا يلحق به الولد ، وكان يجب أن يفرقوا بينه وبين الجماع في إبطال الصوم به ، مع أن نقض الصوم بتعمد الإمناء خاصة لا نعلمه عن أحد من خلق الله تعالى قبل أبي حنيفة ، ثم اتبعه مالك ، والشافعي ؟ وأما القيء الذي لا يتعمد فقد جاء الأثر بذلك على ما ذكرنا قبل ، ولا نعلم في القلس ، والدم : الخارجين من الأسنان لا يرجعان إلى - الحلق ، خلافا في أن الصوم لا يبطل بهما ، وحتى لو جاء في ذلك خلاف لما التفت إليه ؛ إذ لم يوجب بطلان الصوم بذلك نص