الرئيسيةبحث

صيانة صحيح مسلم/الفصل التاسع



الفصل التاسع

روينا عن أبي قريش الحافظ رحمه الله وإيانا قال كنت عند أبي زرعة الرازي فجاء مسلم بن الحجاج فسلم عليه وجلس ساعة فتذاكرا فلما أن قام قلت له هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح فقال أبو زرعة فلمن ترك الباقي أراد والله أعلم إن كتابه هذا أربعة آلاف حديث أصول دون المكررات

وهكذا كتاب البخاري ذكر أنه أربعة آلاف حديث بإسقاط المكررات وهو بالمكررة سبعة آلاف ومائتين وخمسة وسبعون حديثا

ثم إن مسلما رحمه الله وإيانا رتب كتابه على الأبواب فهو مبوب في الحقيقة ولكنه لم يذكر فيه تراجم الأبواب لئلا يزداد بها حجم الكتاب أو لغير ذلك وتحريه رحمه الله فيه ظاهر في أشياء منها كثرة إعتنائه بالتمييز بين حدثنا وأخبرنا وتقييد ذلك على مشايخه كما في قوله حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق وكان من مذهبه الفرق بينهما وأن حدثنا لما سمعه من لفظ الشيخ خاصة وأخبرنا لما قرىء على الشيخ، وذلك مذهب الشافعي وأصحابه ومذهب البخاري في كثيرين جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا فيما قرىء على الشيخ كما في ما سمع من لفظه ومذهب مسلم وموافقيه صار هو الغالب على أهل الحديث والله أعلم

ومنها اعتناؤه بضبط ألفاظ الأحاديث عند اختلاف الرواة فيها فمن ذلك ان الحديث إذا كان عنده عن غير واحد وألفاظهم فيه مختلفة مع اتفاقهم في المعنى قال فيه أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان قال أو قالا أخبرنا فلان فجائز قال نظرا إلى من له اللفظ وحده وجائز قالا نظرا إلى اجتماعهما على المعنى وله عن هذا عبارة أخرى حسنة كما في قوله حدثني زهير بن حرب وابن أبي عمر كلاهما عن سفيان قال زهير حدثنا سفيان بن عيينة فأشعر بإعادة ذكر زهير خاصة بأن لفظ الحديث له خاصة

ومنها ما تكرر منه فيما رواه من صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة من أمثال قوله حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام ابن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله ﷺ فذكر أحاديث منها وقال رسول الله ﷺ إذا توضأ أحدكم فليستنشق... الحديث فتكريره رحمه الله وإيانا في كل حديث منها لقوله هذا ما حدثنا أبو هريرة وقوله فذكر أحاديث منها كذا وكذا يفعله المتحري الورع في الصحائف المشتملة على أحاديث بإسناد واحد إذا اكتفى عند سماعها بذكر الإسناد في أولها ولم يجدد ذكره عند كل حديث منها ثم أراد أن يفرد بالرواية حديثا مما وقع بعد الحديث الأول منها بالإسناد المذكور في أولها فإنه يورده كإيراد مسلم مبينا للحال فيه كما جرى

وأجاز وكيع بن الجراح ويحيى بن معين وأبو بكر الإسماعيلي والأكثرون ترك هذا البيان ورواية كل حديث منها منفردا موصولا بالإسناد المذكور في أولها لأن الكل معطوف على الأول فالإسناد المذكور أولا في حكم المذكور عند كل حديث من ذلك والله أعلم