→ صيانة صحيح مسلم/أحاديث الإيمان/1 | صيانة صحيح مسلم المؤلف: ابن الصلاح |
صيانة صحيح مسلم/أحاديث الإيمان/3 ← |
قول أبي جمرة في الرواية الثانية كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس، كذا وقع فيما عندنا وفيه حذف وتقديره بين يدي ابن عباس بينه وبين الناس
وقوله أترجم فيه أنه كان يتكلم بالفارسية فكان يترجم لابن عباس عن من يتكلم بها،
وعندي أن معناه أنه كان يبلغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس إما لزحام منع من سماعه فأسمعهم وإما لاختصار منع من فهمه فأفهمهم أو نحو ذلك وإطلاقه ذكر الناس يشعر بهذا ويبعد أن يكون المراد به الفرس خاصة وليست الترجمة مخصوصة بتفسير لغة أخرى وقد أطلقوا على قولهم باب كذا وكذا اسم الترجمة لكونه يعبر عن ما يذكر بعده والله أعلم
وقوله ﷺ مرحبا بالقوم غير خزايا ولا الندامى هكذا وقع ها هنا بالألف واللام في الندامى وإسقاطهما في خزايا وقد روي بإثباتهما فيهما وبإسقاطهما فيهما
فقوله خزايا جمع خزيان كحيارى جمع حيران وهو إما من قولهم خزي الرجل خزاية إذا استحيى وإما من قولهم خزي خزيا إذا ذل وهان والأول اختيار أبي عبيد الهروي صاحب الغريبين
وقوله ولا الندامى قطع بعضهم بأنه جمع نادم وزعم انه جاز جمعه بهذه الصيغة على خلاف القياس اتباعا لخزايا ولو أفرد لم يجز فيه ذلك ومن نظائره قولهم إني لآتيه بالغدايا والعشايا فجمعهم الغداء غدايا كان اتباعا للعشايا ولو أفرد لم يجز ويجوز أن يكون جمع ندمان بمعنى نادم لا بمعنى نديم كما هو الأشهر فقد حكى صاحب جامع اللغة وصاحب صحاح اللغة أنه يقال للنادم ندمان فعلى هذا يكون ذلك جمعا جاريا على الأصل ثم إن المقصود من هذا الكلام أنه لم يوجد منكم تأخر عن الإسلام ولا عناد ولا أصابكم أسار وسباء ولا ما أشبه ذلك مما تكونون لأجله مستحيين أو مهانيين ونادمين أو نحو هذا والله أعلم قوله قال وأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع قال أمرهم بالإيمان بالله وحده وقال هل تدرون ما الإيمان بالله قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خمسا من المغنم
فقوله أمرهم بالإيمان بالله إعادة لذكر الأربع ووصف لها بأنها إيمان بالله ثم فسر الأربع بالشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم فهذا إذا موافق لقوله عليه السلام بني الإسلام على خمس ولتفسير الإسلام بخمس في حديث جبريل ﷺ على ما سبق تقديره من أن ما يسمى إسلاما يسمى إيمانا وأن الإيمان والإسلام يجتمعان ويفترقان وقد قيل إنما لم يذكر الحج في هذا الحديث لكونه لم يكن قد فرض حينئذ والله أعلم
وأما قوله أن تؤدوا خمسا فليس عطفا على قوله شهادة أن لا إله إلا الله فإنه يلزم منه أن يكون الأربع خمسا وإنما هو عطف على قوله وأمرهم بأربع فيكون مضاف إلى الأربع لا واحدا منها وإن كان واحدا من مطلق شعب الإيمان وحسن أن يقرأ وأن يؤدوا بياء المغايبة ويجوز بتاء المخاطبة
وأما عدم ذكر الصوم في الرواية الأولى فهو إغفال من الراوي وليس من الاختلاف الصادر من رسول الله ﷺ بل من اختلاف الرواة الصادر من تفاوتهم في الضبط والحفظ على ما تقدم بيانه فافهم ذلك وتدبره تجده إن شاء الله تعالى مما هدانا سبحانه لحله من العقد والعضل والله أعلم
قوله ﷺ وأخبروا به من ورائكم ضبطنا هذا الأول بكسر الميم من من
وقوله قال أبو بكر من ورائكم هذا هو بفتح الميم من من وهما يرجعان إلى معنى واحد والله أعلم
ومن الرواية الثالثة وما بعدها أشج عبد القيس اسمه المنذر بن عائد بالذال المنقوطة قطع به ابن عبد البر وغير واحد
وقيل وبالعكس عائد بن المنذر وقيل غير ذلك والأول أصح وأشهر وهو الأشج العصري من بني عصر بالعين والصاد المهملتين المفتوحتين والله أعلم
الأناة مقصورة على وزن الحصاة وهي التثبت والتأني والله أعلم
قوله وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك قيل إن اسمه جهم بن قثم بلغنا ذلك عن ابن أبي خيثمة وكانت الجراحة في ساقه والله أعلم
قولهم فيم نشرب يا رسول الله قال في أسقية الأدم التي يلاث هو بالثاء المثلثة أي يلف ويربط وصح في أكثر أصولنا بياء المضارعة التي هي للمذكر
وفي الأصل الذي بخط العبدري بالتاء التي هي للمؤنث والأول أقوى وتقديره ومعناه يلف الخيط على أفواهها ويربط به
وعلى الثاني الأسقية تلف على أفواهها
فقوله على افواهها يكون بدل بعض من الأسقية كما تقول ضربته على رأسه
ثم إن هذا تنبيه على أمر آخر خارج عن أمر الأوعية وهو ما جاء منصوصا عليه في غير هذا الحديث من أمره ﷺ بإيكاء السقاة مطلقا سواء كان الموكى فيه نبيذا أو ماءا أو غير ذلك وإذا هذا يرجع قوله ﷺ في الرواية الأخيرة وعليكم بالموكى أي بالسقاء الرقيق الذي يوكى أي يربط فوه بالوكى وهو الخيط الذي يربط به
وقوله الموكى مقصور لا همز فيه وإنما رخص في الأسقية لأنها لرقة جلودها لا يسرع الفساد إلى ما ينبذ فيها والله أعلم
قوله إن أرضنا كثير الجرذان صح في أصولنا كثير من غير تاء التأنيث
والتقدير فيه إن أرضنا مكان كثير الجرذان
ومن نظائره قول الله تبارك وتعالى إن رحمت الله قريب من المحسنين والله أعلم
قوله ﷺ وتذيفون فيه من القطيعاء روي بالدال المهملة وبالذال المعجمة وهما لغتان وكلاهما بفتح التاء، وهو من ذاف يذيف ثلاثيا
ورواه بعض رواة مسلم بضم التاء مع الذال المعجمة والمشهور فتحها وداف يدوف بالواو وإهمال الدال بمعنى ذلك صحيح معروف ومعنى ذاف الشيء خلطه بمائع وإهمال الدال فيه أعرف في اللغة والله أعلم
ثم إن مسلما حدث عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة أخبره وحسنا أخبرهما أن أبا سعيد الخدري أخبره أن وفد عبد القيس لما أتوا النبي ﷺ
فقوله أن أبا نضرة وحسنا أخبرهما أن أبا سعيد أخبره إحدى المعضلات ولا عضال ذلك وقع فيه تغييرات من جماعة واهمة فمن ذلك رواية أبي نعيم الأصبهاني الحافظ في مستخرجه على كتاب مسلم بإسناده أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة وحسنا أخبرهما أن أبا سعيد الخدري وهذا يلزم منه أن يكون أبو قزعة هو الذي أخبر أبا نضرة وحسنا عن أبي سعيد فيكون أبو قزعة هو الذي سمع من أبي سعيد ذلك
وذلك منتف والله أعلم
ومن ذلك أن أبا علي الغساني صاحب تقييد المهمل رد رواية مسلم هذه وقلده في ذلك صاحب المعلم ومن شأنه تقليده في ما يذكره من علم الأسانيد مع أنه لا يسميه ولا ينصفه وصوبهما في ذلك القاضي أبو الفضل عياض ابن موسى فقال أبو علي الصواب في الإسناد عن ابن جريج قال أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة وحسنا أخبراه أن أبا سعيد أخبره وذكر أنه إنما قال أخبره ولم يقل أخبرهما لأنه رد الضمير إلى أبي نضرة وحده وأسقط الحسن لموضع الإرسال فإنه لم يسمع من أبي سعيد الخدري ولم يلقه وذكر أنه بهذا اللفظ الذي ذكره خرجه أبو علي ابن السكن في مصنفه بإسناده قال وأظن هذا من إصلاح ابن السكن
وذكر الغساني أيضا أنه رواه كذلك أبو بكر البزار في مسنده الكبير بإسناده وحكى عنه وعن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنهما ذكرا أن حسنا هذا هو الحسن البصري
وليس الأمر في ذلك على ما ذكروه بل ما أورده مسلم في هذا الإسناد هو الصواب وكما أورده رواه أحمد بن حنبل عن روح بن عبادة عن ابن جريج
وقد انتصر له الحافظ أبو موسى الأصبهاني وألف في ذلك كتابا لطيفا تبجح فيه بإجادته وإصابته مع وهم غير واحد من الحفاظ فيه
فذكر أن حسنا هذا هو الحسن بن مسلم بن يناق الذي روى عنه ابن جريج غير هذا الحديث وأن معنى هذا الكلام أن أبا نضرة أخبر بهذا الحديث أبا قزعة وحسن بن مسلم كليهما ثم أكد ذلك بأن أعاد فقال أخبرهما أن أبا سعيد أخبره يعني أبو سعيد أبا نضرة وهذا كما تقول أن زيدا جاءني وعمرا جاءاني فقالا كذا وكذا
وهذا من فصيح الكلام واحتج على أن حسنا فيه هو الحسن بن مسلم بأن سلمة بن شبيب وهو ثقة رواه عن عبد الرزاق وعن ابن جريج قال أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة أخبره وحسن بن مسلم أخبرهما أن أبا سعيد أخبره الحديث
رواه أبو الشيخ الحافظ في كتابه المخرج على صحيح مسلم
وقد أسقط أبو مسعود الدمشقي وغيره ذكر حسن أصلا من الإسناد لأن مع إشكاله لا مدخل له في رواية الحديث وذكر الحافظ أبو موسى ما حكاه أبو علي الغساني في كتابه تقييد المهمل في ذلك وبين بطلانه وبطلان رواية من غير الضمير في قوله أخبرهما وغير ذلك من تغيير ولقد أجاد وأحسن والله أعلم
أبو قزعة المذكور اسمه سويد بن حجير مصغرا اسم أبيه وفي آخره راء مهملة وقزعة بفتح الزاي قطع به صاحب تقييد المهمل
ووجد بخط ابن الأنباري بإسكانها وذكر ابن مكي في كتابه فيما تلحن فيه أن الإسكان هو الصواب والعلم عند الله تبارك وتعالى
حدث مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن وكيع بإسناد ذكره عن أبي معبد عن ابن عباس عن معاذ بن جبل ثم قال قال أبو بكر وربما قال وكيع عن ابن عباس أن معاذا قال بعثني رسول الله ﷺ
هذا فيه مسألة لطيفة من علم الحديث وهي أن قوله عن ابن عباس عن معاذ بن جبل يحمل على الاتصال ويفيد مطلقه سماع ابن عباس لذلك عن معاذ عند أئمة الحديث
وقوله إن معاذا هو دون ذلك في إفادة ذلك فإن فيهم جماعة جعلوه في حكم المنقطع والمرسل حتى يتبين فيه السماع وجمهورهم على أنه يحمل أيضا على الاتصال حتى يتبين فيه الإنقطاع وقد بينت المسألة في كتاب معرفة علوم الحديث
وأبو معبد المذكور هو مولى ابن عباس واسمه نافذ بالفاء والذال المعجمة وقد صحفه بعضهم
وما في حديث معاذ هذا من ذكر بعض دعائم الإسلام دون بعض هو من تقصير الراوي على ما بينته فيما سبق من نظائره والله أعلم
قوله حدثنا أمية بن بسطام العيشي بسطام هو بكسر الباء وهو عجمي لا ينصرف
قال ابن دريد ليس من كلام العرب وقد وجدته أنا في كتاب ابن الجواليقي في العجمي المعرب مصروفا وإنما يستقيم صرفه لو كان من العجمي الذي يدخله الألف واللام وذلك بعيد
والعيشي بياء مثناة من تحت وشين مثلثة وهو من بني عيش قبيلة هكذا يقوله المحدثون من غير ألف
وقال خليفة بن خياط وغيره هم بنو عايش بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة فعلى هذا يكون ذلك من تخفيف النسب وتغاييره
وقد ذكر الحاكم أبو عبد الله الحافظ ثم أبو بكر الخطيب الحافظ أن العيشيين بالشين المثلثة بصريون والعبسيين بالباء الموحدة والسين المهملة كوفيون والعنسيين بالنون والسين المهملة شاميون وهذا على الغالب والله أعلم
عقيل الراوي عن الزهري هو بضم العين المهملة وبالقاف وهذا المعروف عند أهل الحديث وإنما نذكر مثل هذا تعليما لمن لم يعان هذا الشأن والله أعلم
قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ، لا يحمل العقال هذا على الذي يشد به البعير ويعقل فإنه غير واجب عليهم إلا أن يقال كني به عن ما يساوي عقالا من الزكاة وقد قال غير واحد من أئمة الفقه وغيرهم العقال ها هنا زكاة عام
قال الشاعر
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
أراد مدة عقال فنصبه على الظرف وعمرو هذا هو عمرو بن عتبة بن أبي سفيان ولاه عمه معاوية على صدقات كلب فقال فيه قائلهم ذلك
وذكر أبو العباس المبرد في كتابه الكامل أن المصدق إذا أخذ من مال الصدقة ما فيه ولم يأخذ ثمنه قيل أخذ عقالا وإذا أخذ ثمنه قيل أخذ نقدا
قال الشاعر
أتانا أبو الخطاب يضرب طبله... فرد ولم يأخذ عقالا ولا نقدا
وذكر أن الصحيح في العقال المذكور تفسيره بهذا وليس ذلك عندنا بالصحيح والله أعلم
الدراوردي عبد العزيز بن محمد حروفه مهملة كلها وهو بدال مفتوحة ثم راء بعدها ألف ثم واو مفتوحة بعدها راء ساكنة ثم دال، والأثبت فيه انه نسب شاذ مسموع على غير القياس وأنه نسبة إلى درابجرد مدينة من فارس وهي بدال مهملة مفتوحة ثم راء بعدها ألف ثم باء موحدة مفتوحة ثم جيم مكسورة بعدها راء ساكنة ثم دال ومنهم من يثبت فيها بعد الدال الأولى ألفا أخرى
وما ذكرناه من كونه نسبه إلى داربجرد هو قول أهل العربية أو من ذكر ذلك منهم
وممن قاله من أهل الحديث الحافظان أبو حاتم بن حبان البستي وأبو نصر الكلاباذي
قال ابن حبان كان أبوه منها
وقال الكلاباذي كان جده منها
وقال أبو حاتم السجستاني اللغوي زعم الأصمعي أن الدراوردي الفقيه منسوب إلى درابجرد
قال أبو حاتم وهو منسوب على غير قياس بل هو خطأ وإنما الصواب درابي او جردي ودرابي أجود
قلت وليس من المرضي قول ابن قتيبة إنه منسوب إلى دراورد وكذا قول الكلاباذي دراوردي هي درابجرد لأن ذلك مشعر بأنه غير مخصوص بالنسب وهو به مخصوص
وقرأت بخط الحافظ أبي سعد السمعاني في كتابه الأنساب انه قد قيل إنه من أندرابة
قلت وهذا لائق بقول من يقول فيه الأندراوردي بزيادة همزة مفتوحة ونون ساكنة في أوله وهو قول أبي عبد الله البوشنجي من أئمة الحديث وأدباءهم
وأندرابة مدينة من عمل بلخ وقرية لمرو أيضا
أخبرني شيخنا المسند أبو الفتح منصور بن عبد المنعم حافد الفراوي بقراءتي عليه بنيسابور عن أبي جده أبي عبد الله الفراوي وغيره عن أبوي عثمان إسماعيل ابن عبد الرحمن الصابوني وسعيد بن محمد البحيري وأبي بكر البيهقي قالوا أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن جعفر يقول سمعت أبا عبد الله البوشنجي غير مرة يقول عبد العزيز بن محمد الأندراوردي والله أعلم
واقد بن محمد العمري بالقاف وليس في الصحيحين وافد بالفاء أصلا والله أعلم
حرملة بن يحيى التجيبي: شيخ مسلم منسوب إلى تجيب قبيلة من كندة بضم التاء المثناة من فوق في أوله وتفتح أيضا، وبالضم هو عند أصحاب الحديث وكثير من الأدباء ولم يجز فيه بعضهم إلا الفتح وليس ذلك بالقوي والله أعلم
وحرملة هذا هو صاحب الشافعي الذي يذكره أصحابه في مصنفاتهم والله أعلم
ذكر مسلم حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب ولم يرو عنه أحد إلا ابنه سعيد بن المسيب الفقيه الفاضل والمشهور فيه فتح الياء منه ووجدت أبا عامر العبدري الحافظ الأديب قد ضبطه بخطه بفتح الياء وبكسرها معا وهذا غريب مستطرف وكذلك ما حكاه القاضي عياض اليحصبي عن شيخه القاضى الحافظ أبي علي الصدفي عن ابن المديني قال عياض ووجدته بخط مكي بن عبد الرحمن كاتب أبي الحسن القابسي بسنده عن ابن المديني أن أهل العراق يفتحون ياءه واهل المدينة يكسرونها قال الصدفي وذكر لنا ان سعيدا كان يكره أن تفتح الياء من اسم أبيه
قال القاضي عياض وأما غير والد سعيد فبفتح الياء من غير خلاف منهم المسيب بن رافع والله أعلم
قول أبي طالب في رواية أبي هريرة لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك، الرواية المشهورة فيه بين أهل الحديث الجزع بالجيم والزاي المنقوطة وذكر غير واحد من مصنفي غريب الحديث وأهل اللغة أن الخرع بالخاء المعجمة والراء المهملة المفتوحتين منهم أبو عبيد الهروي وأبو القاسم الزمخشري وغيرهما
والخرع الضعف قال الأزهري وقيل الخرع الدهش
أخبرنا شيخنا أبو الفتح بن أبي المعالي الفراوي بنيسابور قراءة عليه قال أخبرنا جدي الإمام أبو عبد الله الفراوي أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسي أخبرنا الإمام أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي رحمه الله قال ما نصه في قصة موت أبي طالب انه قال لولا أن تعيرني قريش فتقول أدركه الجزع لأقررت بها عينك
وكان أبو العباس ثعلب يقول إنما هو الخرع يعني الضعف والخور ذكره الخطابي هكذا مقتصرا عليه في فصل قال في ترجمته هذه ألفاظ من الحديث يرويها أكثر الرواة والمحدثين ملحونة ومحرفة اصلحناها لهم وفيها حروف تحتمل وجوها اخترنا منها أبينها وأوضحها
والله الموفق للصواب
ذكر مسلم حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة
هذا وسائر الأحاديث الواردة في معناه حجة على الخوارج القائلة بتكفيير مرتكبي الكبائر وتخليدهم في النار وعلى المعتزلة القائلة بتخليدهم فيها من غير تكفير ولا حجة فيه للمرجئة الزاعمة أنه لا يعذب مع الإسلام بمعصية كما لا ينجو مع الكفر بطاعة لأنه ليس فيه أكثر من إثبات أصل دخوله الجنة وكل مسلم يدخل الجنة وإن لبث في النار ما لبث والنصوص متظاهرة في إصلاء من لم يعف عنه من أهل الكبائر المسلمين نار جهنم عافانا الله الكريم سبحانه
وقوله وهو يعلم لا يحملنا على مخالفة الفقهاء وسائر أهل السنة في قولهم إنه لايصير مسلما بمجرد المعرفة بالقلب دون النطق بالشهادتين إذا كان قادرا عليه لأن اشتراط ذلك ثابت بينته أحاديث أخر منها حديث عبادة بن الصامت المذكور في الكتاب بعد هذا من قال أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخره برواياته
يبقى أن يقال كيف علق دخول الجنة بمجرد قول لا إله إلا الله وهو لا يصير مسلما ومن أهل الجنة بمجرد ذلك على ما لا يخفى
وجوابه أن من الجائز في هذا الحديث وأشباهه أن يكون ذلك اقتصارا من بعض الرواة نشأ في تقصيره في الحفظ والضبط لا من رسول الله ﷺ بدلالة مجيء تمام ذلك في غير ذلك من الروايات والأحاديث عن رسول الله ﷺ وقد قررنا نحو هذا فيما سبق
وجائز أن يكون اختصارا من رسول الله ﷺ فيما خاطب به كفار العرب عبدة الأوثان الذين كان توحيدهم لله تبارك وتعالى مضمونا بسائر ما يتوقف عليه الإسلام ومستلزما له والكافر إذا كان لا يقر بالوحدانية كالوثني والثنوي
فقال لا إله إلا الله وحاله الحال التي حكيناها حكم بإسلامه ولا نقول والحالة هذه ما قاله بعض أصحابنا من أن من قال لا إله إلا الله يحكم بإسلامه ثم يجبر على قبول سائر الأحكام فإن حاصله راجع إلى أنه يجبر حينئذ على إتمام الإسلام ويجعل حكمه حكم المرتد إن لم يفعل من غير أن يصير بذلك مسلما في نفس الأمر وفي أحكام الآخرة والله أعلم
ومن وصفنا حاله مسلم في نفس الأمر وفي أحكام الآخرة والله اعلم وإذ وضح أنه لم يبق للمرجئة في حديث عثمان وأمثاله متمسك فوراءه أحاديث أوردها مسلم وغيره فيها إعضال وللمرجئة بها اغترار منها حديث عبادة بن الصامت وغيره من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار
ومنها حديث معاذ إن حقا على الله أن لا يعذب من لا يشرك به
وهذا كله يوجب بظاهره أن لا يدخل النار مسلم قط ولا سبيل إلى القول بذلك للنصوص التي لا يستطاع دفعها
وقد أجيب على ذلك بأجوبة منها ما حكي عن جماعة من السلف إن هذا كان قبل أن تنزل الفرائض وأحكام الأمر والنهي
ولسنا نرتضي هذا إذ منها ما يعلم بالنظر إلى حال الراوي له كونه بعد تنزل الأحكام
ومنها أن المراد منها من شهد بالشهادتين وأدى حقهما وفرائضهما حكي ذلك عن الحسن البصري ومنها قول من قال إن ذلك ورد فيمن قال عند التوبة ومات بعدها على ذلك
ولي في ذلك وجهان متجهان هما أقرب إلى ألفاظ الأحاديث والله الموفق العاصم
أحدهما أن معناها حرم الله عليه نار جهنم الخالدة وحق على الله أن لا يعذبه بالخلود فيها وحسن إطلاق ذلك بهذا المعنى لكونه واقعا في مقابلة الشرك الموجب للنار بوصف الخلود فتكون النار والعذاب المطلقان فيه راجعين إلى النار والعذاب بذلك الوصف الذي هو وصف الخلود
الثاني أن المراد فجزاءه تحريم النار عليه أو وأن لا يعذبه ثم قد لا يقع الجزء المعارض من المعصية منع منه وإطلاق ذلك كإطلاق ضده في ضده كما في قوله تبارك وتعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وقوله ﷺ فيمن قتل نفسه إنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا أي فجزاؤه ذلك ثم قد لا يجازى به لمعارض من العفو يمنع منه وقد يعبر الفقيه عن هذا المعنى بأن يقول المقصود بهذه الأحاديث إثبات كون الإسلام سببا لتحريم النار عليه والسبب قد يتخلف مسببه لمانع والله ورسوله أعلم بالمراد من ذلك
أخرج مسلم حديث عبيد الله الأشجعي عن مالك بن مغول عن طلحة ابن مصرف عن أبي صالح عن أبي هريرة قال كنا مع رسول الله ﷺ في مسير قال فنفدت أزواد القوم قال حتى هم بنحر بعض حمائلهم إلى آخره
هذا الحديث مما استدركه الدارقطني وعلله من جهة أن أبا أسامة وغيره رووه عن مالك بن مغول عن طلحة عن أبي صالح مرسلا
وقد أخرجه مسلم أيضا من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد فتكلم عليه الدارقطني أيضا وذكر أنه اختلف فيه على الأعمش فقيل فيه أيضا عنه عن أبي صالح عن جابر وكان الأعمش يشك فيه
وهذا الاستدراك من الدارقطني مع أكثر استدراكاته على الشيخين قدح في أسانيدهما غير مخرج لمتون الحديث من حيز الصحة
فذكر في هذا الحديث أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي الحافظ فيما أجاب به الدارقطني عن استدراكاته على مسلم أن الأشجعي ثقة مجود فإذا جود ما قصر فيه غيره حكم له به ومع ذلك فالحديث له أصل ثابت عن رسول الله ﷺ برواية الأعمش له مسندا وبرواية يزيد بن أبي عبيد وإياس بن سلمة بن الأكوع عن سلمة
قلت رواه البخاري عن سلمة عن رسول الله ﷺ وأما شك الأعمش فهو غير قادح في متن الحديث فإنه شك في عين الصحابي الراوي له وذلك غير قادح لأن الصحابة كلهم عدول والله أعلم
قوله هم بنحر بعض حمائلهم هو في الأصل الذي هو بخط الحافظ أبي عامر العبدري وفي أصل أبي القاسم الدمشقي حمائلهم بالحاء المهملة محققا ولم يذكر القاضي عياض غير هذا
وفي الأصل المأخوذ عن الجلودي بالجيم والحاء مكتوبا عليه معا وهو بالجيم في تخريج أبي نعيم الحافظ على كتاب مسلم في أصل به معتمد مسموع عليه وفي حاشيته الجمائل جمع الجمالة وهي التي لا أناث فيها
فأقول كلاهما له وجه صحيح إما بالحاء فهو جمع حمولة بفتح الحاء وهي الإبل التي تحمل وعند أبي الهيثم اللغوي لا يقال في غير الإبل حمولة، وإما بالجيم فهو جمع جمالة بكسر الجيم جمع جمل ونظير حجر وحجارة والجمل هو الذكر دون الناقة فيما حكاه الأزهري عن الفراء وغيره والله أعلم
قوله في أثناء الحديث قال وقال مجاهدا وذو النواة بنواه حكي عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أن طلحة بن مصرف هو الذي حكى ذلك عن مجاهد وقوله وذو النواة بنواه هو في أصولنا وغيرها الأول بهاء التأنيث والثاني بغيرها
فذكر القاضي عياض رحمه الله أن صوابه حذف تاء التأنيث في الموضعين
قلت وكذلك وجدته في كتاب أبي نعيم المخرج على صحيح مسلم بلا هاء في الكلمتين
والواقع في كتاب مسلم له عندي وجه صحيح وهو أن تجعل النواة عبارة عن جملة من النوى أفردت عن غيرها فتسمى الجملة المفردة الواحدة باسم النواة الواحدة كما أطلق اسم الكلمة الواحدة على القصيدة الواحدة أو تكون النواة من قبيل ما يستعمل في الواحد والجمع بلفظ واحد من الأسماء التي فيها علامة التأنيث نحو الحنوة وهي نبت طيب الريح على مثال العنوة والله أعلم
قوله يمصونه المعروف في اللغة فيه فتح الميم وحكى الأزهري ضمها عن بعض العرب وهو غريب والله أعلم عن بعض العرب وهو غريب والله أعلم
قوله حتى ملأ القوم أزودتهم هكذا الرواية فيه، والأزودة جمع زاد وهي لا تملأ إنما تملأ بها أوعيتها ووجهة عندي أن يكون المراد ملأ القوم أوعية أوزدتهم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه كما في قوله تعالى وسئل القرية أي أهل القرية
وبلغنا عن ابن جني أن في القرآن العظيم زهاء ألف موضع فيه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه
أو يكون ذلك من قبيل المقلوب الذي من أمثلته قول الشاعر
كانت فريضة ما تقول... كما كان الزناء فريضة الرجم
وليس هذا مخصوصا بضرورة الشعر كما زعم ابن قتيبة بل من عادات العرب قلبهم الكلام عند اتضاح المعنى توسعا في فنون المخاطبات ومما ذكروا من أمثلة قوله تعالى وقد بلغني الكبر أي بلغت الكبر فاعلم ذلك فإنه حرف مشكل لم أرهم شرحوه إلا ما كان من القاضي عياض فإنه ذكر فيه أنه يحتمل أنه سمى الأوعية بما فيها كما سميت الأسقية روايا بحاملتهاوإنما الروايا الإبل التي تحملها وسميت النساء ظغائن باسم الهوادج التي حملت فيها
وما قاله غير مسلم وتسمية الأسقية روايا من توليد العامة والأمر في الضغائن على عكس مما ذكره فإن صفة الظغن للنساء بالأصالة والله أعلم قوله في الرواية الأخرى نواضحنا فالنواضح من الإبل التي يستقى عليها الماء وهي جمع ناضحة للأنثى
قلت وتسمية الذكر ناضحة على المبالغة في الوصف قالوا للرجل الكثير الرواية رواية قياس تحتاج إلى مساعدة النقل عليه والله أعلم
قول عمر ادع الله لهم عليها بالبركة لعل الله يجعل في ذلك يعني خيرا أو بركة أو نحو ذلك فحذف المفعول للعلم به والله أعلم
داود بن رشيد بضم الراء من رشيد وإسكان الياء
وجنادة بضم الجيم
والصنابحي بضم أوله وياء النسب في آخره واسمه عبد الرحمن بن عسيلة أبو عبد الله
وحبان جد محمد بن يحيى بن حبان بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة المشددة وكل ذلك من المعروف بين اهل الحديث والمقصود تعريف الدخيل والله أعلم
هداب بن خالد شيخ مسلم على وزن عمار وهو المقول فيه هدبة بن خالد وأحدهما لقب وهدبة هو اللقب
وحكى الحافظ أبو الفضل الفلكي الهمذاني انه كان يغضب إذا قيل هدبة وقرأت بخط أبي محمد عبد الله بن الحسن الطبسي في كتابه في المؤتلف والمختلف أن هداب هو اللقب وليس هذا مما يركن إليه والله أعلم
صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح | |
---|---|
مقدمة | الفصل الأول | الفصل الثاني | الفصل الثالث | الفصل الرابع | الفصل الخامس | الفصل السادس | الفصل السابع | الفصل الثامن | الفصل التاسع | الفصل العاشر | تنبيهات | أحاديث الإيمان: 1 | 2 | 3 | 4 | أحاديث النهي عن الاستمطار بالأنواء | أحاديث ذكرها مسلم في ذم الكبر أعاذنا الله منه |