الرئيسيةبحث

صيانة صحيح مسلم/الفصل الأول


الفصل الأول

هذا الكتاب ثاني كتاب صنف في صحيح الحديث ووسم به ووضع له خاصة سبق البخاري إلى ذلك وصلى مسلم ثم لم يلحقهما لاحق وكتاباهما أصح ما صنفه المصنفون والبخاري وكتابه أعلى حالا في الصحيح وانتقاده أخر جمه وكان مسلم مع حذقه ومشاركته له في كثير من شيوخه أحد المستفيدين منه والمقرين له بالأستاذية روينا عن مسلم رضي الله عنه قال صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة وبلغنا عن مكي بن عبدان وهو أحد حفاظ نيسابور قال سمعت مسلم بن الحجاج يقول لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند يعني مسنده الصحيح

قال وسمعت مسلما يقول عرضت كتابي هذا المسند على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته وكل ما قال إنه صحيح وليس له علة أخرجته وورد عن مسلم أنه قال ما وضعت شيئا في هذا المسند إلا بحجة وما أسقطت منه شيئا إلا بحجة

أخبرني الشيخ المسند أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي بن المقرىء بقراءتي عليه بشاذياخ نيسابور عن أبي منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني قال أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان قال سمعت محمد بن إسحاق بن منده قال سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث

ورويناه من وجه آخر عن ابن منده الحافظ هذا وقال فيه سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري وما رأيت أحفظ منه هذا مع كثرة من لقيه ابن منده من الحفاظ وقول أبي علي هذا إن أراد به أن كتاب مسلم أصح من غيره على معنى أنه غير ممزوج بغير الصحيح فإنه جرد الصحيح وسرده على التوالي بأصوله وشواهده على خلاف كتاب البخاري فإنه أودع تراجم أبواب كتابه كثيرا من موقوفات الصحابة ومقطوعات التابعين وغير ذلك مما ليس من جنس الصحيح فذلك مقبول من أبي علي وإن أراد ترجيح كتاب مسلم على كتاب البخاري في نفس الصحيح وفي إتقانه والاضطلاع بشروطه والقضاء به فليس ذلك كذلك كما قدمناه وكيف يسلم لمسلم ذلك وهو يرى على ما ذكره من بعد في خطبة كتابه أن الحديث المعنعن وهو الذي يقال في إسناده فلان عن فلان ينسلك في سلك الموصول الصحيح بمجرد كونهما في عصر واحد مع إمكان تلاقيهما وإن لم يثبت تلاقيهما وسماع أحدهما من الآخر وهذا منه توسع يقعد به عن الترجيح في ذلك وإن لم يلزم منه عمله به فيما أودعه في صحيحه هذا وفيما يورده فيه من الطرق المتعددة للحديث الواحد ما يؤمن من وهن ذلك والله أعلم

نعم يترجح كتاب مسلم بكونه أسهل متناولا من حيث إنه جعل لكل حديث موضعا واحدا يليق به يورده فيه بجميع ما يريد ذكره فيه من أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة فيسهل على الناظر النظر في وجوهه واستثمارها بخلاف البخاري فإنه يورد تلك الوجوه المختلفة في أبواب شتى متفرقة بحيث يصعب على الناظر جمع شملها واستدراك الفائدة من اختلافها والله أعلم

قرأت على الشيخة الصالحة أم المؤيد ابنة عبد الرحمن بن الحسن النيسابورية بها عن الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي وغيره عن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ وغيره قالوا أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن الحافظ قال سمعت عمر بن احمد الزاهد قال سمعت الثقة من أصحابنا يقول رأيت فيما يرى النائم كأن أبا علي الزغوري يمشي في شارع الحيرة ويبكي وبيده جزء من كتاب مسلم فقلت له ما فعل الله بك فقال نجوت بهذا وأشار إلى ذلك الجزء

أبو علي هذا هو محمد بن عبد العزيز الزغوري بفتح الزاي وضم الغين المعجمة وبعدها واو ساكنة ثم راء مهملة وكانت له عناية بصحيح مسلم والتخريج عليه وشارع الحيرة هو بنيسابور نفعنا الله الكريم بالدأب كما نفعه آمين والله أعلم