تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب مقدمة الكتاب المؤلف: عبد الله الترجمان |
الفصل الأول: (قصة إسلامه) ← |
مقدمة
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
الحمد لله الذي خصنا بخير الأديان، وجعلنا من أمة الفرقان، وأكرمنا بتلاوة القرآن، وصوم شهر رمضان والطواف حول البيت الحرام، والركوع عند الركن والمقام، وشرفنا بليلة القدر والوقوف بعرفات، وجعلنا من أهل الطهارة والصلاة والزكاة وفضائل الجماعات والأعياد والخطب على المنابر ورفعة الدين واتباع سنن النبيين، وعرفنا أخبار الأولين والآخرين على لسان خاتم النبيين سيدنا محمد أفضل المخلوقين وإمام أئمة المتقين صلى الله عليه وعلى آله أجمعين أبد الآبدين.
أما بعد، فإنه لما منَّ الله عليا بالهداية إلى الصراط المستقيم والدخول في دين الله القويم الناسخ لكل دين الذي بعث به حبيبه وصفيه محمد المجتبى وصفيه المرتضى ﷺ ونظرت في دلائله القاطعة وبراهينه الساطعة فإذا هي لا تخفى على من له أدنى تمييز إلا من لا يبصر بيض النعام في الشونيز، وجدت تصانيف علمائنا الإسلاميين رضي الله عنهم محتوية على ما لا مزيد عليه إلا أنهم رحمهم الله قد سلكوا في معظم احتجاجهم على أهل الكتاب من النصارى واليهود مسلك مقتضيات المعقول، بل الحافظ محمد بن حزم رحمه الله قد رد عليهم بالمعقول والمنقول خصوصا ما في كتبهم، وأعرضوا عن الاحتجاج عليهم بمقتضى المنقول إلا في النادر من المسائل، فكنت شديد الحرص على أن أضع في الرد عليهم موضوعا بطريق النقل وحقيقة الإنصاف بالعقل يجمع بين النقل والقياس وتتفق عليه العقول والحواس أبينُ فيه باطل نواميسهم وإصمات نواقيسهم وما أسسوه من القول بالتثليث والأخذ بذلك المذهب الخبيث، وأذكر مع ذلك أناجيلهم ومن ألفها وشرائعهم ومن صنفها وفساد عقولهم وإبطال كفرهم في منقولهم وافترائهم على عيسى المسيح وكذبهم على الله في أمره بالتصريح، وأذكر مقال القسيسين واعتقادهم واحتيالهم وفسادهم وتركهم الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام وجحدهم لما فيه من صفات نبينا محمد ﷺ. ثم نذكر بعد ذلك حقيقة قربانهم وسجودهم لصلبانهم أبعدهم الله وأخزاهم، حتى ألهمني الله إلى الرأي السديد في تأليف هذا المختصر السعيد وقد ابتدأت فيه بذكر بلدي ومنشئي ثم رحلتي عن ذلك المقام ودخولي في دين الإسلام والإيمان بسيدنا محمد ﷺ ثم أتبعت ذلك بما غمرني من إحسان مولانا أمير المؤمنين أبي العباس أحمد بن فارس سلالة الأمراء الراشدين وبعض ما اتفق لي في أيامه ثم أيام ولده أمير المؤمنين أبي فارس عبد العزيز ونذكر طرفا من سيرته الحميدة وآثاره الجميلة. ثم أتبعت ذلك بما تقدم ذكره من الرد على أهل دين النصرانية وثبوة فضل الأمة المحمدية. ولما حصل هذا المختصر الغريب على هذا الترتيب سميته تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب وجعلته ثلاثة فصول لتسهل مطالعته على الناظر ولا يمله الخاطر.
- الفصل الأول في ابتداء إسلامي وخروجي من الملة النصرانية إلى الملة الحنيفية وفيما غمرني من إحسان مولانا أمير المؤمنين أبي العباس أحمد وبعض ما اتفق لي في أيامه.
- الفصل الثاني فيما اتفق لي في أيام أمير المؤمنين أبي فارس عبد العزيز ونذكر طرفا من سيرته الحميدة ومآثره الجليلة وقت تصنيفي لهذا الكتاب وهو عام ثلاثة وعشرين وثمان مائة من الهجرة.
الفصل الثالث في مقصود الكتاب من الرد على النصارى في دينهم وثبوت نبوة سيدنا محمد ﷺ بنص التوراة والإنجيل وسائر كتب الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. وبتمامه إن شاء الله يتم الغرض من تصنيف هذا الكتاب بحول الله وقوته.