→ القاعدة الثالثة وهي اعتقادهم لعنهم الله أن أقنوم الابن التحم بعيسى في بطن مريم وسبب ذلك | تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب القاعدة الرابعة وهي الإيمان بالقربان وصفته المؤلف: عبد الله الترجمان |
القاعدة الخامسة وهي الإقرار بجميع الذنوب للقسيس وصفة ذلك ← |
القاعدة الرابعة وهي الإيمان بالقربان وصفته
اعلموا رحمكم الله أن دين النصارى في قربانهم كفر وهو أن يعتقدوا على فطيرة من خبز إذا قرأ عليها القسيس بعض الكلمات أنها ترجع في تلك الساعة جسد عيسى عليه السلام وإذا قرأ بعض الكلمات على كأس خمر فإنه يصير في تلك الساعة دم عيسى عليه السلام. والذي تقرر من سنتهم في ذلك أن كل كنيسة لها قسيس كبير يقوم بها فيجيء قسيس كل كنيسة كل يوم بفطير صغيرة وزجاجة خمر ويقرأ عليها عند صلاته فيعتقد النصارى أن الفطيرة صارت جسد عيسى والخمر صار دمه ويأخذون ذلك من قول متى في القصل العشرين من إنجيله أن عيسى جمع الحوارييين يوما قبل موته وتناول خبزة وكسرها وناولهم كسرة كسرة لكل إنسان وقال لهم كلوا هذا جسمي ثم ناولهم خمرا وقال لهم اشربوا هذا دمي فهذا قول متى في إنجيله. ويوحنا الذي كان حاضرا لعيسى لم يذكر شيئا من خبر الخبز والخمر في إنجيله وهذا من الاختلاف الذي يدل على كذب متى ونقله للمحال والبهتان. والنصارى لعنهم الله يعتقدون أن كل جزء من أجزاء فطيرة كل قسيس هو عيسى عليه السلام بجميع جسده في طوله وعرضه وعمقه هو هو ولو بلغت مائة ألف جزء لكان كل جزء منها عيسى. فيقال لهم إن جسد عيسى عليه السلام كان طوله عشرة أشبار مثلا وعرضه شبرين وعمقه شبرا والفطيرة التي يقرأ عليه القسيس ما يمكن أن تكون ثلاثة أشبار فكيف يكون جسده طوله عشرة أشبار وعرضه شبران وعمقه شبر في شيء طوله ثلاثة أشبار؟ فهذا محال في كل عقل سليم. وهم يجيبون عن هذا بأن المرآة تكون قدر الدرهم والإنسان يرى فيها أكبر الأبراج والجبال العالية إذا قابلها بذلك وهي أكبر منها بأزيد من ألف مرة. فيقال إن الذي يرى في المرآة عرض ولا جوهر وأنتم تعتقدون أن جوهر عيسى وعرضه جميعا في تلك الفطيرة وهذا محال في العقل. ثم إنكم أجمعتم على أن عيسى صعد إلى السماء وهو جالس فيها عن يمين الله تعالى عن قولهم فمن ذا الذي أنزل لكم جسده إلى تلك الفطيرة؟ ثم إن عيسى رجل واحد وأنتم تعتقدون أن في كل جزء من أجزاء الفطيرة جسد عيسى عليه السلام لو انقسمت على مائة ألف جزء فيلزمكم أن في كل فطيرة مائة ألف عيسى ثم يتضاعف ذلك العدد بتضاعف عدد الفطائر وبعدد الكنائس عندكم فيصير عيسى أعدادا لا تكاد تتناهى وكل من قال هذا واعتقده فقد جعله الله أضحوكة للعالمين ومسخرة للشياطين وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وصفة قربانهم بالفطيرة وصلاتهم لعنهم الله أن القسيس يأمر خادمه يعجن له فطيرة من سميد صافي ثم يخبزها ويجعلها القسيس مع زجاجة خمر إلى الكنيسة ويأمر بضرب الناقوس فإذا اجتمع النصارى للصلاة ووقفوا صفوفا في الكنيسة يصب القسيس من خمر الزجاجة شيئا في كأس من فضة ويجعل تلك الفطيرة في منديل نظيف ثم يتقدم قدام الصفوف كلها ويستقبل المشرق ويأخذ الفطيرة بيده ويقرأ ما نصه: إلهنا عيسى المسيح ليلة أخذته اليهود أخذ الفطيرة بيده المباركة ورفع عينيه إلى السماء إلى القادر على كل شيء وبعد التحميد الواجب كسرها وأطعم للحواريين كسرة كسرة وقال لهم كلوا هذا جسدي. وحين يتم القسيس هذا الكلام يسجد بذاته لتلك الفطيرة محققا أنها جسد عيسى وأن عيسى هو ابن الله ويقول في سجوده مخاطبا للفطيرة: أنت إله السماوات والأرض أنت ابن الله المولود قبل العوالم كلها من أجل أنك تخلصنا من يد الشيطان تجسدت في بطن مريم. أنت الذي فتحت للذين آمنوا أبواب الجنة بعدما غلبنا الشيطان. أنت هو الجالس عن يمين أبيك في السماء. أسألك أن تغفر لي ولأمتك التي خلصتها بدمك. ثم يظهر تلك الفطيرة لصفوف النصارى فيقع جميعهم لها ساجدين ثم بعد ذلك يأخذ كأس الخمر ويقول لهم الملعون: إلهنا المسيح قبل موته أخذ كأسا من الشراب وأعطاه للحواريين وقال لهم اشربوا هذا دمي ثم يسجد القسيس الملعون للكأس ويريه النصارى فيسجدون له ثم يأكل الفطيرة ويشرب ذلك الخمر ويقرأ بعد ذلك ما تيسر من إنجيله ثم يعطي الدعاء ويتفرقون. فهذه صلاتهم وقربانهم لعنهم الله فقد تلاعب بهم الشيطان نعوذ بالله من الخذلان والطغيان.