الوجه العاشر
الوجه العاشر: أن النفس الكلية اسم تلقاه عن الصابئة الفلاسفة.
وأما الروح: فإن مقصوده بها هو الذي يسمونه العقل، وهو أول الصادرات، وسماه هو روحًا، وهذا بناه على مذهب الصابئة، وليس هذا من دين الحنفاء، وقد بينا فساد ذلك في غير هذا الموضع.
لكن الصابئة الفلاسفة خير من هؤلاء، فإنهم يقرون بواجب الوجود الذي صدرت عنه العقول، والنفوس والأفلاك، والأرض لا يجعلونها إياه وهؤلاء يجعلونها إياه.
فقولهم إنما ينطبق على المعطلة، مثل فرعون وحزبه الذي قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [1]، وقال: {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [2]، وقال: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعلى أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} الآية [3]
فإن فرعون يقر بوجود هذا العالم، ويقول: ما فوقه رب، ولا له خالق غيره.
فهؤلاء إذا قالوا: إنه عين السموات والأرض، فقد جحدوا ما جحده فرعون، وأقروا بما أقر به فرعون، إلا أن فرعون لم يسمه إلها ولم يقل: هو الله.
وهؤلاء قالوا: هذا هو الله، فهم مقرون بالصانع، لكن جعلوه هو الصنعة فهم في الحقيقة معطلون، وفي اعتقادهم مقرون.
وفرعون بالعكس: كان منكرًا للصانع في الظاهر، وكان في الباطن مقرًا به، فهو أكفر منهم، وهم أضل منه وأجهل، ولهذا يعظمونه جدًا.