الثالث
الثالث: أن عندهم أن الله لم يرزق أحدًا شيئا، ولا أعطى أحدًا شيئا، ولا رحم أحدًا، ولا أحسن إلى أحد، ولا هدى أحدًا، ولا أنعم على أحد نعمة، ولا علم أحدًا علما، ولا علم أحدًا البيان، وعندهم في الجملة: لم يصل منه إلى أحد لا خير ولا شر، ولا نفع ولا ضر، ولا عطاء ولا منع، ولا هدى ولا إضلال أصلا. وأن هذه الأشياء جميعها عين نفسه، ومحض وجوده، فليس هناك غير يصل إليه، ولا أحد سواه ينتفع بها، ولا عبد يكون مرزوقا، أو منصورًا، أو مهديا.
ثم على رأى صاحب الفصوص: أن هذه الذوات ثابتة في العدم، والذوات هي أحسنت وأساءت، ونفعت وضرت، وهذا عنده سر القدر.
وعلى رأي الباقين ما ثم ذات ثابتة غيره أصلا، بل هو ذام نفسه بنفسه، ولاعن نفسه بنفسه، وقاتل نفسه بنفسه، وهو المرزوق المضروب المشتوم، وهو الناكح والمنكوح، والآكل والمأكول، وقد صرحوا بذلك تصريحا بينًا.