الوجه الثالث
الوجه الثالث: أن مقارنة الألف والنون المعبر عنها ب [أنا] واللفظة التي هي حقيقة النبوة والروح الإضافي هذه الأشياء داخلة في مسمى أسماء الله، بحيث تكون مما يدخل في مسمى أسمائه الظاهرة والمضمرة، أم ليست داخلة في مسمى أسمائه؟ فإن كان الأول، فتكون جميع المخلوقات داخلة في مسمى أسماء الله، وتكون المخلوقات جزءا من الله وصفة له، وإن كان الثاني، فهذه الأشياء معدومة، ليس لها وجود في أنفسها، فكيف يتصور أن تكون موجودة لا موجودة، ثابتة لا ثابتة، منتفية لا منتفية؟ وهذا تقسيم بين، وهو أحد ما يكشف حقيقة هذا التلبيس.
فإن هذه الأمور التي كانت معلومة له معدومة عند نزول الخلية ظهرت هذه الأمور التي ذكرها، فهذه الأمور الظاهرة المعلومة بعد هذا النزول قد صارت [ أنا] وحقيقة نبوة، وروحا إضافيا، وفعل ذات، ومفعول ذات، ومعنى وسائط، فإن كان جميع ذلك في الله، ففيه كفران عظيمان:
كون جميع المخلوقات جزءًا من الله.
وكونه متغيرًا هذه التغيرات، التي هي من نقص إلى كمال، ومن كمال إلى نقص، وإن كانت خارجة عن ذاته فهذه الأشياء كانت معدومة، ولم يخلقها عندهم خارجة عنه، فكيف يكون الحال؟