أحدها
أحدها: أن حقيقة قولهم: أن الله لم يخلق شيئا، ولا ابتدعه، ولا برأه ولا صوره؛ لأنه إذا لم يكن وجود إلا وجوده، فمن الممتنع أن يكون خالقًا لوجود نفسه، أو بارئا لذاته، فإن العلم بذلك من أبين العلوم، وأبدهها للعقول، أن الشيء لا يخلق نفسه.
ولهذا قال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [1]. فإنهم يعلمون أنهم لم يكونوا مخلوقين من غير خالق، ويعلمون أن الشيء لا يخلق نفسه فتعين أن لهم خالقا.
وعند هؤلاء الكفار، الملاحدة الفرعونية: أنه ما ثم شيء يكون الرب قد خلقه أو برأه، أو أبدعه إلا نفسه المقدسة، ونفسه المقدسة لا تكون إلا مخلوقة، مربوبة مصنوعة، مبروءة، لامتناع ذلك في بدائه العقول، وذلك من أظهر الكفر عند جميع أهل الملل والآراء.
وأما على رأي صاحب الفصوص: فما ثم إلا وجوده، والذوات الثابتة في العدم الغنية عنه، ووجوده لا يكون مخلوقا، والذوات غنية عنه، فلم يخلق الله شيئا.
هامش
- ↑ [الطور: 35]