الرئيسيةبحث

أبو بكر الصديق ( abu- Bakr as- Siddiq )



أبو بكر الصِّديق (51 ق.هـ - 13هـ، 573 - 634م). عبدالله بن أبي قحافة، وأبو قحافة هو عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي. أول الخلفاء الراشدين وأوّل من آمن برسول الله ﷺ من الرجال، وأحد عظماء العرب. يلتقي نسبه مع النبي ﷺ عند مرّة بن كعب بعد ستة آباء. وكلا أبويه من بني تيم. أمه أُم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب، وهي ابنة عم أبي قحافة. لُقب بعتيق ولقبه الصِّديق، فعن عائشة قالت: ¸لما أُسري بالنبي ﷺ إلى المسجد الأقصى، أصبح يُحدِّث بذلك الناس، فارتد ناس ممن كان آمن وصدق به وفُتنوا، فقال أبو بكر: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك. فلذلك لُقِّب بالصديق، وقيل: إنه عُرف بلقب الصِّديق لأنه كان يتولى الديات وينوب فيها عن قريش، فما تولاه في هذه الديات صدّقته قريش فيه وقبلته، وما تولاه غيره خذلته وترددت في قبوله وإمضائه.

نشأته وإسلامه:

ولد بمكة ونشأ سيّدًا من سادات قريش. اتفقت الأقوال على أنه كان أول من أسلم من الرجال، ويروي أبو بكر عن نفسه في مجمع من أصحاب رسول الله ﷺ ¸ما سجدت لصنم قط، وذلك أني لما ناهزت الحلم، أخذني أبو قحافة بيدي، فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام، فقال لي: هذه آلهتك الشم العوالي وتركني وذهب، فدنوت من الصنم وقلت: إني جائع فأطعمني، فلم يجبني، فقلت: إني عار فاكسني، فلم يجبني، فألقيت عليه صخرة فخرَّ لوجهه·.

كان أبو بكر مستقيمًا في جاهليته، يأبى شرب الخمر ويأبى كل قبيح من قول أو فعل، حرّم أبو بكر الخمر على نفسه، في جاهليته، قبل أن يُشرع حكمها في الإسلام. قالت عائشة: (ما عَقَلْتُ أبويّ إلا وهما يدينان الدين وما مرّ عليهما يوم قط إلا ورسول الله يأتينا فيه بُكرة وعشية. وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه ويثقون به، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به، فأسلم بدعوته عثمان ابن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيدالله، وعثمان بن مظعون، وأبو عبيدة، وأبو سلمة، والأرقم).

هجرته:

كان أبو بكر كثيرًا ما يستأذن رسول الله ﷺ في الهجرة ¸فيقول له: لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبًا·.

هاجر أبو بكر الصديق مع رسول الله ﷺ وصَحبه في الغار ¸غار ثور· لما سارا مهاجرين، وآنسه فيه، ووقاه بنفسه. عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ قال لأبي بكر: ¸أنت أخي، وصاحبي في الغار·.

شهوده بدرًا وغيرها:

لم يختلف أهل السير في أن أبابكر الصديق، رضي الله عنه، لم يتخلف عن رسول الله ﷺ في مشهد من مشاهده كلها. قال محمد بن سعد: ¸قالوا: وشهد أبو بكر بدرًا، وأحدًا، والخندق، والحديبية، والمشاهد كلها مع رسول الله ﷺ ، ودفع رسول الله ﷺ رايته العظمى يوم تبوك إلى أبي بكر، وكانت سوداء، وأطعمه رسول الله من خيبر مائة وَسْق (حمل دابة)، وكان فيمن ثبت مع رسول الله ﷺ يوم أُحد ويوم حنين حين ولَّى الناس·.

فضائله:

كان رجلاً رضي الخلق، رقيق الطبع، رزينًا، لا يغلبه الهوى، ولا تملكه الشهوة، وكان لرزانته وحسن رأيه، ورجاحة عقله، أنه لم يشارك قومه في الجاهلية في كثير من عقائدهم وعاداتهم، وكان سيدًا من سادات قريش، وغنيًا من كبار موسريهم. وقد روى جندب بن عبدالله أنه سمع رسول الله ﷺ يقول قبل أن يُتوَفَّى بيوم: (قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء، وإني أبرأ إلى الله أن أكون اتخذت منكم خليلاً، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، وإن ربي اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً) .

وعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله ﷺ : (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة).

وكان نفر من المهاجرين والأنصار يتذاكرون فضائل أهل الفضل عند باب النبي عليه السلام، فخرج عليهم النبي فسألهم: فيم أنتم؟ قالوا: نتذاكر الفضائل فقال: (لا تقدموا على أبي بكر أحدًا فإنه أفضلكم في الدنيا والآخرة) . استعمله الرسول ﷺ على الحج في أول حجة في الإسلام وصلى خلفه في مرضه الأخير، والأخبار التي نقلت فضائله وشمائله زاخرة.

علمه:

كان الصديق أقرب الصحابة إلى النبي، عليه الصلاة والسلام، وألزمهم له في نهاره وليله، وعن ابن عمر، رضي الله عنه أنه سُئل: من كان يُفتي الناس في زمان رسول الله ﷺ ؟ فقال أبو بكر وعمر، ما أعلم غيرهما. ولكنه على هذه الملازمة لم يرو في الأحاديث النبوية إلا نيفًا ومائة وأربعين حديثًا لم يتجاوز ما أثبته البخاري ومسلم سبعها.

زهده وتواضعه:

كان أزهد الناس، وأكثرهم تواضعًا في أخلاقه ولباسه ومطعمه ومشربه، وكان لبسه في خلافته الشملة والعباءة. قدم إليه زعماء العرب وأشرافهم ملوك اليمن وعليهم الحُلل (والحِبَرُ) وبرود الوَشي المثقل بالذهب والتيجان، فلما شاهدوا ما عليه من اللباس والزهد والتواضع والنسك، وما هو عليه من الوقار والهيبة، ذهبوا مذهبه ونزعوا ما كان عليهم.

قال الأصمعي: كان أبو بكر إذا مُدِح قال: ¸اللهم إنك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي مالا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون·.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ : (مانفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر) فبكى أبو بكر وقال: ¸وهل أنا ومالي إلا لك يارسول الله؟·. وعن عمر قال: ¸أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق، ووافق ذلك مالاً عندي، فقلت، اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله ﷺ ما أبقيت لأهلك؟ قلت مثله، وجاء أبو بكر بكل ما عنده، فقال يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قُلت: لا أسبقه إلى شيء أبدًا·. وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: أسلم أبوبكر وله أربعون ألفًا، فأنفقها في الله وأعتق سبعة كلهم يُعذب في الله: أعتق بلالاً، وعامر بن فُهيرة، وزنّيرة، والنهدية، وابنتها، وجارية بني مُؤمل، وأم عُبيس.

زوجاته وأبناؤه:

بنى أبو بكر بزوجتين في الجاهلية وزوجتين في الإسلام هن: أم رومان بنت عامر بن عويمر، وقتيلة بنت عبد العزى العامرية، وأسماء بنت عُميس الخثعمية، وحبيبة بنت خارجة. وأبناؤه الذكور عبد الرحمن، وعبدالله، ومحمد والإناث أسماء ذات النطاقين زوج الزبير ابن العوام، وعائشة أم المؤمنين زوج النبي ﷺ وأم كلثوم.

خلافته ووفاته:

بُويع أبو بكر يوم وفاة النبي ﷺ بالخلافة في سقيفة بني ساعدة في السنة الحادية عشرة للهجرة، وكان أول المبايعين له عمر وأبو عبيدة رضي الله عنهما. وقيل إن بشير بن سعد كان الأول.

أهم الأعمال التي قام بها في خلافته تسيير البعوث، وتوطيد العقيدة بين العرب بما صنعه في حروب الرّدة، وتأمين الدولة من أعدائها بتسيير البعوث وفتح الفتوح، فقمع المرتدين وأعاد للدين مجده وعزته، وسيّر بعوث فارس والروم حتى بلغت بعوثه أحد عشر جيشًا. ولا يفوتنا أن نذكر أَجَلّ عمل قام به الصديق، وهو جمع القرآن الكريم دستور الأمة ومنهج حياتها.

كانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر ونصف شهر، وتوفي في المدينة المنورة وهو ابن ثلاث وستين سنة.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية