الرئيسيةبحث

اليهودية ( Judaism )



اليهودية دين موسى (عليه السلام) لبني إسرائيل الذين ينحدرون من أُصول عبرانية. وينتسب إلى هذه الديانة اليوم نحو 13 مليونًا في العالم ينحدرون من أصول متباينة.

يعتقد اليهود أن الله اتخذ عهدًا مع إبراهيم بمباركته هو وسلالته ؛ لأنهم عبدوه وظلوا مخلصين له. وأن هذا العهد تجدد مع إسحق ويعقوب الذي يُعرف أيضًا بإسرائيل وسُمي أبناؤه من بعده بني إسرائيل أو الإسرائيليين، وأنزل الله فيما بعد على بني إسرائيل عن طريق موسى عليه السلام، الوصايا العشر وقوانين تبين لهم كيف يقيمون حياتهم ويبنون مجتمعهم.

ويُسمِّي اليهود أنفسهم شعب الله المختار أي الذي اختاره الله ـ بزعمهم ـ لأداء واجبات معينة وتحمل مسؤوليات خاصة، مثل إقامة مجتمع عادل وعبادة الله الواحد. وهكذا فإن العهد يضمن لليهود محبة الله وحمايته، ولكنه يجعلهم أيضًا مُحَاسَبين على خطاياهم وتقصيرهم. ولا يسعى اليهود، خلافًا للديانات الأخرى، إلى دعوة الآخرين لدينهم ولكنهم يقبلون من يختار الدخول في اليهودية.

الكتب المقدسة عند اليهود

لليهود مجموعتان من الكتب المقــدسة: الكتاب المقدس العبري والتلمود.

الكتاب المقدس العبري:

ويتضمن: التوراة وأسفار الأنبياء والكتابات والكتب غير القانونية.

التوراة الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم وتسمى أسفار موسى الخمسة. وتغطي هذه الأسفار الخمسة فترة من التاريخ تبدأ من بدء الخليقة وتنتهي بوفاة موسى عليه السلام. والأسفار هي: 1- سِفْر التكوين ويضم خمسين فصلاً أو إصحاحًا ويدور حول خلق العالم وتكوينه. كما يحكي قصص آدم ونوح والطوفان وإبراهيم وسلالته وخاصة إسحق ويعقوب. وينتهي بقصة يوسف ومجيئه إلى مصر ولحاق أبيه وإخوته به 2- سِفْر الخروج ويتكون من أربعين إصحاحًا. ويبدأ باضطهاد الفراعنة لبني إسرائيل، ثم مولد نبي الله موسى عليه السلام وحياته حتى نزول الوحي عليه، وعمله على إخراج قومه من مصر 3- سِفْر اللاويين أو الأحبار ويتكون من سبعة وعشرين إصحاحًا تهتم بالشرائع والطقوس الكهنوتية 4- سِفْر العدد ويتكون من ستة وثلاثين إصحاحًا، وسُمي بذلك لاهتمامه بالأعداد المتعلقة بالأشخاص أو المعلومات 5- سِفْر التـثـنية ويُسمى تثنية الاشتراع، وفيه ثنَّى (أعاد) موسى عليه السلام عــلى بـني إسرائيل الحوار الذي دار بينه وبين الله مرة ثانية، ويشتمل على أربعة وثلاثين فصلاً أو إصحاحًا.

وبالرغم من أنّ التوراة كتاب أنزله الله على موسى عليه السلام إلا أنه وقع فيه تحريف وتبــديل، وقد أشــار القــرآن إلى ذلك في قــوله تعالى: ﴿أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يســـمعون كلام الله ثم يحرِّفونه من بــعد ما عقلوه وهم يعلمون﴾ البقرة: 75 . وقـــوله سبحانه: ﴿يحرِّفون الكلم عن مواضعه﴾ المائدة: 13 . كما أن نصوص التوراة الآن تحمل دلائل تحريفها، من وصف لله بما لا يليق به، وطعن في أنبياء الله ورُسِله.

أسفار الأنبياء تتضمن تاريخ العبرانيين بعد موت موسى عليه السلام ودخولهم أرض فلسطين مع يوشع بن نون إلى أن خرجوا منها على يد الإمبراطور الكلداني بختنصّر، فيما يُعرف بالسبي البابلي. وتشتمل الأسفار على الأنبياء الأوائل: أ- يوشع بن نون 24 إصحاحاً ب- القضــاة 21 إصحاحًا ج- صموئيل 31 إصحاحًا د- الملوك الأول 22 إصحاحًا، هـ- الملوك الثـاني 25 إصحاحًا.

الكتابات تسُمّى أيضًا الحكمة أو هجيوغرافيا، وهي مجموعة أسفار يغلب عليها الطابع الأدبي شعرًا ونثرًا. وبعضها يتضمن تراثًا من القصص والحكم. وهي أسفار: 1- مزامير داود 2- أمثال سليمان 3- أيوب 4- نشيد الإنشاد 5- روث 6- المراثي 7- الجامعة 8- أستير 9- دانيال 10- عزرا 11- تحميا 12- أخبار الأيام.

الكتب غير القانونية يسميها بعض الدارسين الكتابات غير المقبولة وتنقسم إلى قسمين: 1- كتابات تاريخية مثل: سفر المكَّابـيين الأول والثاني، وأسفار النبي عزرا غير القانونية... إلخ 2- نصوص عقائدية، وهي ضد عبادة الأصنام، وتتضمن بيان قدرة الله ومعجزاته.

التلمود:

يتكون التلمود من نصوص مقدسة تُسمى المشناة باللغة العبرية. والمشناة مجموعة من الشرائع المروية شفاهة، ومن ثمَّ تُسمَّى التلمود، ويَعُدُّها اليهود المصدر الثاني للتشريع بعد التوراة.

وينقسم التلمود إلى ستة أقسام، يتضمن كل منها أبوابًًا فرعية هي: 1- كتاب زراعيم، أي البذور، ويتضمن القوانين الخاصة بالأرض والزراعة. 2- كتاب موعد، أي العيد أو الموسم، ويتضمن الأحكام الدينية والفرائض الخاصة بالسبت والأعياد والأيام المقدسة. 3- تاشيم، أي النساء، ويتضمن الأحكام والنظم الخاصة بالزواج والطلاق. 4- كتاب نزيقين، أي الأضرار، ويتضمن جزءًا كبيرًا من الشرائع المدنية والجنائية. 5- كتاب قداشيم، أي المقدسات، ويحتوي على الشرائع الخاصة بالقرابين وخدمة الهيكل. 6- كتاب طهاروت، أي الطهارة، ويتضمن الأحكام الخاصة بما هو طاهر ونجس، وما هو حلال وحرام من المأكولات والمشروبات وغيرها.

ونتيجة لاختلاف الشرائع وظهورها في بيئتين مختلفتين هما فلسطين والعراق، ظهر تلمودان: 1- التلمود الغربي أو الأورشليمي 2- التلمود الشرقي، ويُسمَّى التلمود البابلي.

المعتقدات

اليهود من أهل الكتاب الذين آمنوا بإله واحد، ولكن تصورهم للإله دخله كثير من التحريف، بل إنهم لم يستطيعوا في معظم فترات تاريخهم الالتزام بعبادة الله الواحد الذي دعاهم إلى عبادته الأنبياء والرسل. إذ تأثر اليهود بالأمم والشعوب من حولهم، فسيطرت عليهم الأفكار البدائية كالخوف من الشياطين والاعتقاد بالأرواح، وكانوا في تصورهم واعتقادهم يميلون إلى التجسيم ووصف الله بصفات البشر. وقد أشار القرآن الكريم إلى الكثير من هذه العقائد والتصورات الخاطئة ورد عليها.

النبوَّات:

وصف اليهود الأنبياء بصفات لا تليق بهم ؛ فالتوراة المُحرَّفة تصف الأنبياء بأنهم غير معصومين من الخطأ والذنوب، ويجوز عليهم ارتكاب المنكرات.

اليوم الآخر:

لا تهتم التوراة المُحرَّفة باليوم الآخر، أو البعث، أو الحساب. وليس فيها إشارة إلى الحياة الآخرة. ولم يرد في اليهودية شيء عن الخلود. وما ورد من إشارات إلى الجنة والنار في التلمود يبدو في صورة مضــطربة أقرب إلى الخرافة والأساطير.

المسيح:

يعتقد اليهود أن الله سيرسل مسيحًا لإنقاذهم، ولا يزال كثير من اليهود يتوقعون مجيء المسيح، بينما يعتقد آخرون أن ذلك سيكون في صورة المملكة الموعودة التي يسود فيها العدل والسلام.

نظام اليهودية

ليس لليهودية رئيس واحد ولا هيئة عالمية لها سلطة على الممارســات الدينية. ومن أهم معـــالم نظام اليهــودية الديني ما يلي:

الكنيس:

معبد اليهود ومركز لتعليمهم اللغة العبرية وتاريخ اليهود، كما أنه مركز لممارسة الأنشطة الاجتماعية للطائفة اليهودية. ويُطلق على الكنيس أيضًا اسم الهيكل، تذكيرًا بهيكل سليمان عليه السلام.

الحاخام:

القائــــد الروحي والمـــدرِّس والمفسِّر للقانون اليهودي.

قائد جوقة الترتيل:

يرتل الصلوات أثناء العبادة ويقود فرقة المنشدين.

العبادة

تختلف شعائر اليهود التَّعبديّة من طائفة إلى أخرى، بل إن الطائفة الواحدة تختلف فيما بينها حول ذلك. ويؤدي اليهود الأرثوذكس صلواتهم فرادى وجماعات في المنازل والكنيس، ويقومون بذلك ثلاث مرات في اليوم: عند الفجر ونصف النهار وعند المساء. ويغسلون أيديهم قبل بدء الصلاة ويضعون رداء صغيرًا على الكتفين، كما يغطون رؤوسهم. وتتكون الصلاة عمومًا من قراءة من التوراة، وترتيل صلوات خاصة من كتاب خاص بذلك يُسمَّى سِدُّور. وفي كنيس الأرثوذكس، أي التقليديين المحافظين، يجلس الرجال والنساء منفصلين. وتؤدَّى الصلاة بالعبرية، بينما نجد عند المحافظين التراثيين والإصلاحيين أن الرجال والنساء يجلسون جنبًا إلى جنب. ومعـــظم الصلاة تؤدَّى بلغة القطر الذي يعيشون فيه، وقد تتضمن العبادة عند هؤلاء مواعظ وموسيقى.

مواسم اليهود وأعيادهم الدينية

عيد السبت:

العيد الأسبوعي عند اليهود ويبدأ من غروب شمس يوم الجمعة إلى غروب شمس يوم السبت. وفي هذا اليوم لا يعمل اليهود ولا يسافرون بل يحرِّمون السعي في الرزق والاشتغال بحرفة أو صناعة. ولا يعقدون زواجًا ولا يقودون حربًا هجومية وإنما يحضرون صلاة في الكنيس ويتناولون وجبة خاصة وتجتمع الأسر في المنازل.

رأس السنة اليهودية:

ويُسمُّونه روش هشانا، وهو احتفال بخلق الله للكون. ويعتقد اليهود أن الناس يُحاسَبون في هذا اليوم على ما قدموه من أعمال خلال السنة الماضية. وتستغرق طقوس الاحتفال مدة يومين يقعان في أوائل أكتوبر.

يوم الغفران (يوم كِيبور، بالعبرية):

اليوم العاشر من بداية السنة العبرية. وفي هذا اليوم يصوم اليهود الليل والنهار ويعبِّرون عن ندمهم على ما اقترفوه من آثام خلال السنة المنتهية، وعن أملهم في القيام بأعمال صالحة خلال السنة المقبلة.

عيد الفصح:

يحتفل فيه اليهود بذكرى خروجهم من مصر، ويقع في مارس أو أبريل. ويحتفلون به في المنازل فيقيمون وليمة يسمونها سيدر.

عيد الحصاد:

يقع بعد خمسين يومًا من بداية عيد الفصح عند اليهود. وهو احتفاء بذكرى إعطاء التوراة لموسى في جبل سيناء.

عيد الظلل:

يبدأ بعد خمسة أيام من عيد الغفران ويبني فيه اليهود أكواخًا صغيرة لتذكرهم بالأكواخ التي كان يعيش فيها اليهود في فترة التيه.

عيد النور أو الحانوكة:

احتفال بإنقاذ الله لليهود عام 165 ق.م وهزيمتهم للسوريين الذين أرادوا إجبارهم على ترك اليهودية. ويحل هذا العيد في 25 ديسمبر، ويُحتفى فيه بإيقاد الشموع في مكان خاص بها.

عيد البوريم (المسخرة):

يقع في فبراير أو مارس وهو احتفاء بذكرى إنقاذ يهود فارس من مؤامرة دُبـِّرت لإبادتهم. وفيه يقرأ اليهود سِفر أستير، المسمَّى باسم المرأة التي كانت وراء إنقاذهم حيث يحكي أحداث تلك القصة. ويسميه العرب عيد المسخرة أو عيد المساخر لإسراف اليهود في شرب الخمر ولبس الأقنعة التنكرية في هذا العيد.

أحكام الشريعة اليهودية

لليهود قوانين وأحكام مستمدة بصفة عامة من سفر اللاويين وسفر التثنية، يتعلق بعضها بالزواج والطلاق والحلال والحرام في الأكل والشرب. فمن طرائف شريعتهم ومعتقداتهم في الزواج أنهم يوجبون على اليهود التزاوج فيما بينهم ويحرّمون الزواج من غير اليهود، كما يحرِّمون التعدد بفتوى متأخرة ترجع إلى العصور الوسطى، ويجعلون الطلاق بيد الرجل. ويجعلون للابن البكر السلطة المطلقة في التصرف الكامل في ثروة أبيه. ويحرِّمون الربا فيما بينهم، بينما يبيحونه إذا أقرض اليهودي غير اليهودي مالاً.

آداب الطعام والشراب:

أحل اليهود من الحيوانات ذوات الأربع كل ما له ظلف مشقوق وليست له أنياب ويأكل العشب ويجتّر. وحرَّموا ما ليس له أظلاف مشقوقة كالخيل والبغال والحمير، أو ماله خف كالجمل، أو له ناب كالخنزير والسباع.

وحرموا من الطيور كل ما له منقار معقوف أو مخلب أو كان من أوابد الطير التي تأكل الجيف والرمم. ويشترطون في الحيوانات والطيور الأليفة أن تكون سليمة من العطب والجروح والكسور والأمراض وأن تُذْبح من منحرها بطريقة شرعية بعد ذكر اسم الله عليها. ويسمَّون الطعام الذي يُعَدُّ وفقًا للشريعة كوشير أي حلال.

أما الأحياء المائية فيحل منها الأسماك ذات الزعانف والقشور ـ ويحرِّمون ماعداه من صيد البحر كالأسماك الملساء وأنواع الأخطبوط والجمبري والروبيان والسرطان (الكابوريا) والمحار. ولا يجيز اليهود الجمع بين اللحم، واللبن والحليب وأي شيء يمت إليهما بصلة في طعام واحد.

فِرق اليهود

ظهرت خلال التاريخ طوائف وفرق يهودية عديدة تختلف فيما بينها حول المعـــتقدات والسلوك والمصادر المعتمدة لدى كل طائفة. ومن أشهر هذه الفرق ؛ الفريسيِّون والكتبة أو النسّاخ والصدقيون والقرَّاءون والسامريون والأسيون (الأسينيون) والأبيونيون (الفقراء إلى الله)، والقناؤون. وتنقسم اليهودية الآن إلى ثلاث طوائف رئيسية: 1- اليهودية الأرثوذكسية 2- اليهودية الإصلاحية 3- اليهودية المحافظة.

اليهودية الأرثوذكسية:

تعترف بكل التوراة والتلمود، وتقبل كل النواميس، وتعتقد أن الله أوحى بذلك كله إلى موسى مباشرة في جبل سيناء. ويلتزم الأرثوذكس بكل القوانين اليهودية من طقوس وعبادة وعادات.

اليهودية الإصلاحية:

بدأت مــع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، إذ شكك بعض اليهود في كيفية ظهور الكتب المقدسة، وانتهوا إلى الزعم بأن التلمود عمل بشري غير موحى به، ومن ثم ضعفت مصداقيته لديهم. ولا يؤمن هؤلاء إلا بالتوراة. ويعتقد الإصلاحيون أن التعــاليم الأخلاقية والسلوكية أهم أجزاء اليهودية، ولا يولون أهمية للطقوس بل إنهم نبذوا كثيرًا من التقاليد اليهودية.

اليهودية المحافظة:

(التراثية). نشـــأت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. ورغم إيمانهم بالتوراة والتلمود، إلا أنهم ذهبوا إلى وجوب تفسير النصوص المقدسة في ضوء المعارف العلمية الحديثة والثقافة المعاصرة. وهم كاليهود الإصلاحيين لم يهتموا كثيرًا بالطقوس، ولكنهم يمارسون العادات، ويتمسكون بالتقاليد أكثر منهم.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية