العمليات الانتحارية هي عملية عسكرية يقوم بها شخص ما أو مجموعة من الأشخاص تستحيل أو تكاد تنعدم معها إمكانية بقاء المنفذ أو المنفذين على قيد الحياة و ذلك بهدف تحقيق أهداف معينة.
فهرس |
ذاع سيط العمليات الأنتحارية اثناء الحرب العالمية الثانية عندما قام طيارون انتحاريون من اليابان بتفجير طائراتهم بتوجيهها إلى الأساطيل الامريكية وكانت تعرف بعمليات "الكاميكاز" اليابانية وكذلك استعمل هذا الأسلوب من قبل الأنفصاليين في سريلانكا الذين كانوا يعرفون بنمور التاميل بالاضافة إلى فلسطين و المقاومة العراقية مؤخرا.
بعض الوؤرخين يعتبرون قصة شمشون المذكورة بالعهد القديم في الإنجيل اقدم مثال على عملية انتحارية حيث ازاح شمشون بقوته الجبارة اعمدة المعبد الذي سقط على رأس الفلسطينيين فقتلوا و شمشون معهم. أخرون يرون انها بدأت اثناء الحملات الصليبية حيث قامت سفينة تحمل فرسانا اطلق عليهم تسمية فرسان المعبد باللأصطدام مع سفينة للعرب المسلمين فقتل 140 فارسا مسيحيا مع اضعاف هذا العدد من المسلمين. هناك امثلة اخرى منها على سبيل المثال الحرب الفرنسية ـ الأسبانية (1785) و سنوات الحرب الأهلية في أسبانيا (1936-1939) و مواجهة فلاحي فيتنام للمحتلين الفرنسيين التي توجت بمعركة قلعة (رين بيان نو) عام 1954 و والعمليات الانتحارية الجماعية التي كانت تحد من وصول المؤن والأسلحة إلى القوات الإنكليزية في الهند بحيث كانت تعترض مجموعة انتحارية طرق سكة القطار.
بدأ في الأونة الأخيرة و خاصة عندما بدأت بعض الفصائل في فلسطين و العراق باستعمال هذا الأسلوب جدل و وجهات نظر مختلفة حول شرعية هذا العمليات و تسميتها.
أكد الإمام شيخ الأزهر، محمد سيد طنطاوي في كلية الإعلام جامعة القاهرة بأن "من يفجرون أنفسهم، من رجال المقاومة الفلسطينية في مواجهة الأعداء هم شهداء". كما أكد يوسف القرضاوي على حق المرأة في الإسهام في الجهاد. كما أيد "العمليات الاستشهادية" رئيس جامعة الأزهر السابق ، أحمد الطيب، ومفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ عكرمة صبري.
ويخلص الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً و الباحث في الدراسات الفقهية القانونية إلى القول بأن: « كيف عبر البيان الإلهي على علة الحكم ، فالمنتحر ينتحر عدواناً و ظلماً ، لا حباً بالله و جنته » أي أنه يفرق بين قتل النفس والمسمى انتحاراً وبين جواز الانتحار حباً بالله وطلباً لجنته ويطلب العدة من المسلمين للدفاع بأي شكل من الأشكال عن الهجمات التي يتعرض لها الإسلام فيقول: « إن الهجمة الشرسة على الإسلام و المسلمين و بلادهم من قبل أعداء الله تتطلب منا أن نعد العدد بكل أنواعها المادية والمعنوية لرد العدوان و التنكيل به وبمن يسير بركبه بكل ما و هبنا من قوة ». ويضيف قائلاً: « و لعل خير السبل لصد تلك الهجمات سبيل الجهاد سواء بالجهاد التقليدي ، أو الجهاد المبتكر كالعمليات الاستشهادية التي يقوم بها صفوة شباب القوم بحيث يضع المجاهد بعض المتفجرات أو القنابل بحزام يحيط بها جسمه ، أو يضعها في مركبة أو ما شابه ، ثم يقتحم على الأعداء مقرهم أو مكان تجمعهم ، ثم يقوم بتفجير تلك المتفجرات بقصد القضاء على العدو ، ولو عن طريق التضحية الحتمية بنفسه و الملاحظ على مثل هذه العمليات أن مصرع المجاهد إنما كان بفعل يديه و سلاحه ، و إن كان هدفه الأصلي هو القضاء على العدو وعتاده ».
لكن هناك نص في القرآن يقول: "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيما, وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً"[(النساء:29-30). وهذا صريح بتحريم قتل النفس وأن النار جزاء من يفعل ذلك.
ومن الواضح أن مثل هذه العمليات لم يحدث في زمن الرسول، لذا فلا يصلح الاستشهاد بأي اية حسب المعارضين لتلك العمليات، أما الشهداء فلا يعلمهم إلا الله.
وقد أكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء أن الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال وأجل القربات ولكنه وصف العمليات الانتحارية بأنها لا تستند على وجه شرعي وليست من أعمال الجهاد الإسلامي وقال إن إثخان العدو وقتاله مطلوب بل ربما يكون متعيناً لكن بالطرق التي لا تخالف الشرع وقال آل الشيخ في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تصدر في لندن إن قتل النفس بين الأعداء أو ما يسمى بالطرق الانتحارية فليس لها وجه شرعي وليست من الجهاد في سبيل الله وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله إن هذا قد يكون من قتل النفس خطف الطائرات وتعرض المفتي لموضوع خطف الطائرات فقال إنه ترويع للآمنين وليس من الشرع فضلاً عن أن يكون من الجهاد وأكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله أن خطف الطائرات أمر مخالف للشرع لما ينشأ عنه من تعد على الحرمات وما يسببه من الإخلال بالأمن العام، وقد يكون فيه ترويع للمسلمين في هذه الطائرات وهذا أمر محرم وأضاف أنه قد يكون فيه تعرض لمعاهد أو ذمي أو مستأمن، وهذا أمر محرم لوجود العهد بينه وبين المسلمين أو عقد الذمة أو الأمانة.
وهذا التناقض في الآراء قد يحير الأخرين، لكنه من الواضح تعدد المدارس الفكرية والتوجهات في العالم الإسلامي، فأغلب علماء السلف يحرمونه، لكن بعض المشائخ المصريين المشهورين يحلونه.
"ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد [ ، فإن الصحابة أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك ، كما قال عمر بن الخطاب و أبو أيوب الأنصاري و أبو هريرة كما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم ، ( تفسير القرطبي 2 / 361).
"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون" . قال ابن كثير : حمله الأكثرون على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله.
"واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".
وقال تعالى في الناقضين للعهود: "فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون".
لكن المحرمين يفسرون تلك النصوص على الجهاد الشرعي ولايرون أي علاقة بالتفجيرات الانتحارية.
حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح ، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله ، وهذا نوع من الجهاد ، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله ، إذ قالوا : آمنا برب الغلام ، ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين ، فقد علّمهم كيف يقتلونه ، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه ، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد ، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية ، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد. وهذا استشهاد بشرع من قبلنا مما يدل على ندرة النصوص المؤيدة.
ومافعل البراء بن مالك في معركة اليمامة ، فإنه اُحتمل في تُرس على الرماح والقوة على العدو فقاتل حتى فتح الباب ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، وما فعل فهو مخاطرة بالنفس وليس قتلا لها. وقصته مذكورة في سنن البيهقي في كتاب السير باب التبرع بالتعرض للقتل ( 9 / 44 ) وفي تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) أسد الغابة ( 1 / 206 ) تاريخ الطبري).
حمل سلمة ابن الأكوع والأخرم الأسدي وأبي قتادة لوحدهم على عيينة بن حصن ومن معه ، وقد أثنى الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فقال : ( خير رجّالتنا سلمة ) متفق عليه.، قال ابن النحاس : وفي الحديث الصحيح الثابت : أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده وان غلب على ظنه انه يقتل إذا كان مخلصا في طلب الشهادة كما فعل سلمة بن الأخرم الأسدي.
ما فعله هشام بن عامر الأنصاري لما حمل بنفسه بين الصفين على العدو الكثير فأنكر عليه بعض الناس وقالوا : ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فرد عليهم عمر بن الخطاب و أبو هريرة وتليا قوله تعالى ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله . ) ، مصنف ابن أبي شيبة (5/303، 322 ( سنن البيهقي ( 9 / 46 ).
صرح العلامة الشيعي السيد محمد حسين فضل الله وفي مقالة له نشرت في جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 13/تشرين ثاني/نوفمبر حيث اكد "إن الإسلام ليس مسؤولاً عن الفوضى الأمنية والسياسية والمفاهيمية التي تعيشها المنطقة وكثير من المواقع في العالم، بل إن المسؤول عنها هو الإدارة الأمريكية التي لا بد أن تقوم بانعطافة سياسية كبيرة في سياستها الخارجية التي تحاول من خلالها أن تتلمس الأسباب التي جعلت شعوب المنطقة تصنفها في خانة الكراهية، هذا مع تأكيدنا أن الإسلام لا يبرر العمليات الانتحارية التي تستهدف الأبرياء، سواء أكان هؤلاء من المسلمين أم من غير المسلمين، لأن الإسلام يحترم أرواح الناس ولا يقر المزاجية في العمل العسكري بعيداً عن الخطة التي توجه من خلالها الضربات للمحتل بدلاً من أن تكون هذه الضربات أو هذه التفجيرات وسيلة من وسائل الحرب الجديدة على الإسلام على أساس سعي الآخرين لتشويه صورته ومحاولة تزييف مفاهيمه من خلالها ". أي أنه يؤول حقيقة ما يجري من عمليات انتحارية وفوضى أمنية في المناطق الإسلامية والعربية خاصة إلى التواجد الأمريكي فيها بل ويؤكد بأن " المسؤول الأول والأخير عن تصاعد العنف في المنطقة هو السياسة الأمريكية ومن ورائها " إسرائيل واللوبي اليهودي في أميركا".
تبنت حركتي المقاومة الإسلامية حماس و الجهاد الإسلامي في فلسطين أكثر العمليات الإنتحارية ( الإستشهادية ) وقد إتفق أغلب علماء المسلمين على شرعيتها بإعتبارها أسلوب للمقاومة ضد الإحتلال و أن جميع المحتلين يعاملون كجنود محاربين.
هي ظاهرة بدأت اثناء وعقب غزو العراق 2003 والتي اطاحت بحكومة الرئيس السابق صدام حسين حيث ظهر على شاشة التلفزيون العراقي سيدتان صرحتا انهما ستقومان بعملية انتحارية قبل سقوط بغداد و بعد ذلك بدأت سلسلة من العمليات الأنتحارية التي تبنتها بعض الفصائل في المقاومة العراقية.وراح ضحية هذه العمليات المئات من العراقيين مما أدى لإستنكار واسع من جهة علماء المسلمين ورفضهم أطروحة تكفير الآخر التي أستخدمت لتبرير تلك العمليات.