الإمبراطورية الرومانية الغربية (Western Roman Empire) هي النصف الغربي من الإمبراطورية الرومانية منذ أن قام ديوكلتيانوس بفصله عام 286 ؛ و صار النصف الآخر من الإمبراطورية الرومانية يـُعرف باسم الإمبراطورية الرومانية الشرقية ، و يعرف اليوم على نطاق أوسع بالإمبراطورية البيزنطية.
لم تعد روما العاصمة منذ الإنفصال . في عام 286 أصبحت ميديولانوم (ميلانو الحالية) عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية . و في عام 402 نـُقلت العاصمة مرة أخرى ، و هذه المرة إلى رافينا.
وُجدت الإمبراطورية الغربية في عدة فترات متقطعة بين القرنين الثالث و الخامس ، نتيجةً لحكومة ديوكلتيانوس الرباعية و عملية إعادة التوحيد المتعلقة بقسطنطين الأول و يوليان المرتد (324-363) . كان ثيودوسيوس الأول (379-395) آخر الإمبراطور الروماني حـَكـَم الإمبراطورية الرومانية الموحدة . و إنقسمت الإمبراطورية الرومانية بعد وفاته عام 395 بشكل دائم . أنتهت الإمبراطورية الرومانية الغربية رسمياً بتخلي رومولوس أوغسطس تحت ضغط أودواكر في 4 سبتمبر 476 ، و بشكل غير رسمي مع بوفاة يوليوس نيبوس سنة 480.
رغم استعادة الإمبراطورية الرومانية الشرقية لها لفترة قصيرة ، لم تكن الإمبراطورية الرومانية الغربية لتنهض مرة أخرى . و بسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية ، بدأت حقبة جديدة في تاريخ أوروبا الغربية هي : العصور الوسطى.
فهرس
|
بلغ اتساع الجمهورية الرومانية حداً لم تستطع الحكومة المركزية في روما حياله أن تحكم المقاطعات البعيدة بفعالية . كانت الإتصالات و النقل خصوصاً تشكل معضلة في الإمبراطورية المترامية الأطراف . فأخبار الغزوات أو التمرد أو الكوارث الطبيعية أو تفشي الوباء كانت تحملها إمـّا سفينة أو النظام البريدي ، و غالبا ما يتطلب ذلك الكثير من الوقت للوصول إلى روما ، و كذلك الحال بالنسبة لأوامر روما الواجب تنفيذها في المقاطعة الأصلية . لهذا السبب فإن حكام المقاطعات بـِحـُكم الواقع كانوا يحكمون باسم الجمهورية الرومانية .
قبل إقامة الإمبراطورية ، قـُسّمت أراضي الجمهورية الرومانية بين أعضاء تحالف الثلاثية الثانية المتكون من أوكتافيان و ماركو أنطونيو و ماركوس إميليوس ليبيدوس . تحصل أنطونيو على المقاطعات الشرقية : آخايا ، مقدونيا و إبيروس (تقريبا اليونان الحالية) ، بيثينيا ، بونتوس و آسيا (مقاطعة الرومانية) (تقريبا تركيا الحالية) ، و سوريا و قبرص و برقة . هذه الأراضي سبق و أن غزاها الأسكندر الأكبر ؛ لذا فإن الكثير من الأرستقراطية ذات أصل يوناني و مقدوني . المنطقة بأسرها و خصوصاً المدن الكبرى استُوعـِبت في الثقافة اليونانية ، و غالباً ما استعملت اليونانية كلغة مشتركة .
أوكتافيان ، من ناحيته تحصـّل على مقاطعات الرومانية الغربية : إيطاليا (العصر الروماني) (إيطاليا الحالية) ، بلاد الغال (فرنسا الحالية) ، غاليا بلجيكا (أجزاء من بلجيكا و هولندا و لوكسمبورغ الحالية) و هسبانيا (إسبانيا و البرتغال الحاليتان). تشمل هذه الأراضي أيضاً المستعمرات اليونانية و القرطاجية بالمناطق الساحلية ، رغم أن القبائل الكلتية كتلك الغالية و الكلتية الإيبيرية كانت مهيمنة ثقافياً.
و تحصل ليبيدوس على مقاطعة إفريقيا الصغيرة (تقريبا تونس الحالية). و سرعان ما سلب أوكتافيان إفريقيا من ليبيدوس ، كما استولى على مستعمرة صقلية اليونانية .
و بهزيمة ماركو أنطونيو ، سيطر أوكتافيان المنتصر الإمبراطورية الرومانية المتحدة . بينما ميـّزت الإمبراطورية الرومانية العديد من الثقافات ، الكل دعى تجريب الرومنة التدريجية . بينما عملت كل من الثقافة اليونانية السائدة شرقاً و ثقافة اللاتينية السائدة غرباً بفعالية كمتكاملتين ، كان من شأن التطورات السياسية والعسكرية في نهاية المطاف لم شمل الإمبراطورية على طول تلك الخطوط الثقافية واللغوية.
كانت الحدود الخارجية هادئة بمعظمها فيما تبقى من أزمة القرن الثالث ، رغم وجود عشرة سنوات بين موت أوريليان سنة 275 و ارتقاء ديوكلتيانوس ، و قـُتل على الأقل ثمانية أباطرة أو من يحتمل أن يكونوا أباطرة ، و العديد أُغتيل على يد قواته الخاصة .
في عهد ديوكلتيانوس ، بدأ الإنقسام السياسي في الإمبراطورية الرومانية . في عام 286 بإنشاء حكومة الأربعة أعطى الجزء الغربي لمكسيميانوس بلقب أوغسطس و سَـمـّى كونستانتيوس كلوروس كمرؤوسه (قيصر) . قسـّم هذا النظام الإمبراطورية بفعالية إلى أربعة أجزاء منفصلة و أوجد عواصم أخرى إلى جانب روما العواصم كوسيلة لتجنب الإضطرابات الأهلية التي ميزت القرن الثالث . في الغرب كانت العواصم مدينة مكسيميانوس "ميديولانوم" (ميلانو الحالية) و مدينة كونستانتيوس "ترير". في 1 مايو 305 أُزيح الأغوسطوسيون من مناصبهم و حل محلهم القياصرة.
أعدم الإمبراطور هونوريوس الجنرال ستيليكو سنة 408 ، و رغم أنه حـَكـَمَ حتى وفاته عام 423 ، فإن حكمه كان مملوءاً بإغتصابات و الغزوات ، لا سيما من قبل الوندال و القوط الغربيين . عام 410 نـُهـِبت روما لأول مرة من جانب قوى خارجية منذ الغزوات الغال في القرن الرابع قبل الميلاد . ساعد عدم الاستقرار الذي سببه المعتدون في أنحاء الإمبراطورية الغربية هذه القبائل في فتوحاتها ، و في القرن الخامس أصبحت القبائل الجرمانية أنفسها غاصبة . في سنة 475 أقصى فلافيو أوريستس مساعد أتيلا الهوني الإمبراطور يوليوس نيبوس من رافينا و أعلن ابنه رومولوس أوغسطس إمبراطوراً.
في عام سنة 476 ، و بعد أن رفض أوريستس منح أودواكر و الهيروليين وضعاً إتحادياً ، قام أودواكر بـِنهب روما و إرسال الشارة الإمبراطورية إلى القسطنطينية ، و منصباً نفسه ملكاً على إيطاليا . رغم استمرار جيوب معزولة تابعةً للحكم الروماني حتى بعد سنة 476 ، فإن مدينة روما نفسها كانت تحت حكم البرابرة ، و قد انتهت سيطرتها على الغرب فعلياً . تبقت ثلاثة دول تحت الحكم الروماني بشكل أو آخر بعد عام 476 : فحكم يوليوس نيبوس دالماسيا حتى مقتله عام 480 ، و أُعلن سياغريوس ملكاً للرومان و حكم مملكة سواسون حتى مقتله هو الآخر سنة 487. و أخيراً المملكة الرومانية - الإفريقية التي نجت في شمال إفريقيا ، و صمد هذا المعقل الأخير للسيادة الرومانية في الغرب أمام الغزو الوندالي و اتحد من جديد مع الإمبراطورية الرومانية الشرقية سنة 533 بإعاد باليساريوس لاحتلال شمال إفريقيا.
حسمت اتفاقية تاريخية أمر سقوط الامبراطورية الرومانية الغربية في الرابع من أيلول سبتمبر عام 476 ، عندما أطاح أودواكر برومولوس أوغسطس . و مع ذلك فالمسألة ليست واضحة.
فمازال يوليوس نيبوس يدعى بأنه الإمبراطور الغربي ، حاكماً الدولة المتبقية في دالماسيا ، و قد اعترف به كل من الإمبراطور البيزنطي زينون و سياغريوس الذي تمكن من الحفاظ على السيادة الرومانية في أرضٍ محاطة من كل الجهات شمال فرنسي ، تعرف اليوم مملكة سواسون.
أعلن أودواكر نفسه حاكماً على إيطاليا و بدأ التفاوض مع زينون ، الذي منح أودواكر في النهاية صفة نبيل روماني (patricius) إعترافاً بسلطته و قبـِل به والياً له في إيطاليا.
بيد أن زينون أصر على أودواكر أن يبايع نيبوس إمبراطوراً غربياً . قـَبـِل أودواكر هذا الشرط و حتى أنه أصدر عملات معدنية باسم نيبوس في كافة أنحاء إيطاليا . و لكن هذا ظل أساساً لفتة سياسية فارغة فلم يـُعـِد أودواكر أبداً أي سلطة حقيقية أو أراضي إلى نيبوس . و شجع قتل نيبوس عام 480 أودواكر لغزو دالماسيا ، ضماً إيـّاها إلى مملكته و منهياً أية مطالبات بالعرش الغربي .
تمثـّل الأمل الأخير في إعادة توحيد الإمبراطورية سنة 493 ، لـمّا قام ثيودوريك العظيم ملك القوط شرقيين بإزاحة أودواكر . و كان زينون هو من أرسل ثيودوريك للتعامل مع أودواكر الخطير . بينما كان ثيودوريك شكلياً تابعاً و والياً لإمبراطور الشرق ، و لكن في الحقيقة كانا متساويين .
إثر موت ثيودوريك في سنة 526 ، لم يعد الغرب يشبه الشرق . فالغرب الآن تسيطر عليه تماماً القبائل الخارجية الغازية ، في حين أن الشرق انحدر و تـَهَلـّن (أصبح يونانياً) . و رغم قيام الشرق بمحاولات لإستعادة الغرب فإن الامبراطورية الرومانية لم تعد إطلاقاً كما كانت.
سمح الإمبراطور جوليان للفرنكيين و هم من القبائل الجرمانية بعبور نهر الراين والاستقرار على حدود الإمبراطورية الرومانية ، وعندما بدأ الانحلال والتدهور في الإمبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس الميلادي توغل الفرنكيين في أراضي الإمبراطورية ، واستعمروا الأجزاء الشمالية من غاليا و وصلوا إلى شمال مدينة باريس الرومانية،وكان من ملوكهم كلوديون الملتحي الذي انتصر على الجيوش الرومانية بقيادة أئسيوس ثم حكم بعده ميروفيوس الذي نسبت إليه السلالة الميروفنجية ، ثم حكم من بعده ابنه شيلديريك الأول ثم جاء ابنه كلوفيس الأول ( سنة481-511 م )