فهرس |
هوَ أبو إسحاقَ حجازيْ بنُ محمدِ بنِ يوسفَ بنِ شريفٍ الحوينيُّ المصريُّ (وإسحاقُ هذا ليسَ بولدِهِ، إنمَا تكنَّىٰٰ الشيخُ بِهِ تيمُّـناً بكنيةِ الصحابيِّ سـعدِ بنِ أَبيْ وقاصٍ وكنيةِ الإمامِ أبيْ إسحاقَ الشاطبيِّ). وُلدَ يومَ الخميسِ غرةِ ذي القَعدةِ لعامِ 1375هـ، الموافقِ 1956م بقريةِ حوينٍ بمركز الرياض منْ أعمالِ محافظة كفر الشيخ بمصر.
وُلدَ الشيخُ فيْ أسرةٍ ريفيةٍ بسيطةٍ لا تعرفُ إلا الزراعةَ، وما كانتْ فقيرةً ولا غنيةً، ولكنَّهَا كانتْ متوسطةَ الغِنَىٰٰ، لهَا وجاهتُهَا فيْ القريةِِ واحترامُهَا، بسببِ معاملتِهَا الطيبةِ للناسِ وما اشتُهرَ عنِ الأبِّ منْ حُسنِ خلقِهِ، وقدْ كانَ متزوجًا بثلاثٍ (كانَ الشيخُ منَ الأخيرةِ وكـانَ الأوسطَ -الثالثَ- بيـنَ الأبناءِ الذكورِ الخمسةِ) وكانَ متديناً بالفطرةِ -كحالِ عامةِ القَرويينَ إذْ ذاكَ- يحبُّ الدينَ. يُذكرُ أنَّ سرقةَ محصولِ القُطنِ كانتْ مشهورةً فيْ ذلكَ الحينِ، وكانَ الأبُّ يمشيْ مرةً بجانبِ حقلِهِ فرأىٰٰ شخصاً يأخذُ قطناً منهُ، فمَا كانَ منهُ إلا أنِ اختبأَ حتَّىٰ لا يراهُ هذا الشخصُ، ولمْ يُرَوِّعْه حتَّىٰٰ أخذَ ما أرادَ وانصرفَ!. لـمْ يذهبْ قطُّ إلىٰٰ طبيبٍ، إلا في مرضِ موتِهِ. توفِّـيَ يومَ الثلاثاءِ 28 / 02 / 1972م.
أُدخلَ الشيخُ المدرسةَ الابتدائيةَ الحكوميةَ غيرَ الأزهريةِ بقريةٍ مجاوِرةٍ (الوزاريةِ)، تبعدُ حوالَيْ 2كم عنْ حوينٍ، مضَّىٰ فيْهَا ستَّ سنواتٍ، وانتقلَ إلىٰٰ المرحلةِ الإعداديةِ فيْ مدينة كفر الشيخ (تبعدُ عنْ حوينٍ ربعَ الساعةِ بالسيارةِ) بمدرسةِ الشهيدِ حمديْ الإعداديةِ، بدأَ في السنةِ الأولىٰ منْهَا كتابةَ الشعرِ، ومنْهَا إلىٰٰ المرحلةِ الثانويةِ بالقسمِ العلميِّ بمدرسةِ الشهيدِ رياضٍ الثانويةِ. ولِبُعدِ المسافةِ، أجَّرواْ (الشيخُ وإخوتُه) شقةً فيْ المدينةِ، يذهبونَ إليْهَا فيْ بدايةِ الأسبوعِ ومعَهُمْ ما زودتْهُمْ بِهِ أمُّهُمْ (الزُّوَّادَةُ) ونصفُ جنيهٍ منْ أخِيْهِمِ الأكبرِ. وبعدَ إنهاءِ الدراسةِ الثانويةِ حدثَ جدالٌ حولَ أيِّ الكلياتِ يدخلُ الشيخُ، فتردّدَ بينَ كلياتٍ حتَّىٰٰ استقرَ فيْ قسمِ اللغةِ الأسبانيةِ (وإنمَا كانتِ الأسبانيةَ، حتَّىٰٰ يتساوىٰٰ بالطلابِ فيستطيعُ أن يتفوّقَ عليْهِمْ) بكلية الألسن بجامعة عين شمس بالقاهرة، والتِي لمْ يخرجْ عنِ الثلاثةِ الأُولِ فيْ السنينِ الثلاثةِ الأولىٰ وفيْ الرابعةِ نزلَ عنْهُمْ، وتخرَّجَ فيْهَا بتقديرٍ عامٍ امتيازٍ. وكانَ يريدُ أنْ يصبحَ عضواً فيْ مجمع اللغة الأسباني، وسافرَ بالفعلِ إلىٰٰ أسبانيا بمنحةٍ منَ الكليةِ، ولكنَّهُ رجعَ لعدمِ حبِّه البلدَ هناكَ.
فيْ حياتِهِ فيْ القريةِ والمدينةِ (مراحلِ ما قبلَ الجامعةِ)، لمْ يكنْ هناكَ اهتمامٌ منْه ولا منْ أحدٍ بالعلمِ الشرعيِّ، إنمَا كانواْ يعرفُونَ كيفَ الصلاةُ ومثلَهَا منَ الأشياءِ البسيطةِ، حتَّىٰٰ سافرَ الشيخُ فِيْ أواخرِ العامِ الأخيرِ منَ الدراسةِ الثانويةِ (سنةِ 1395هـ / 74-1975م) إلىٰٰ القاهرةِ ليذاكـرَ عندَ أخِيْهِ، وكانَ يحضُرُ الجُمعةَ للشيخِ عبد الحميد كشك فيْ مسجدِ 'عينِ الحياةِ'. ومرةً، وجدَ بعدَ الصلاةِ كتابًا يباعُ علىٰٰ الرصيفِ للشيخِِ الألباني كتابَ "صفةِ صلاةِ النبيِّ منَ التكبيرِ إلىٰٰ التسليمِ كأنَّكَ ترَاهَا"، فتصفَّحَهُ ولكنَّه وجدَهُ غالياً (15 قرشاً) فتركَه ومضَىٰ، حتَّىٰ وقعَ علىٰ التلخيصِ فاشتراه، فقرأَه ولما أنهىٰ القراءةَ، وجدَ أنَّ كثيراً مما يفعلُه الناسُ في الصلاةِ وما ورثُوه عنِ الآباءِ - متضمناً نفسَهُ، خطأً ويصادمُ السنةَ الصحيحةَ، فصمَّمَ علىٰٰ شراءِ الكتابِ الأصليِّ، فلمَّا اشترَاهُ أُعجبَ بطريقةِ الشيخِ فيْ العرضِ وبالذاتِ مقدمةِ الكتابِ، وهيَ التيْ أوقفتْهُ علىٰٰ الطريقِ الصحيحِ والمنهجِ القويمِ منهجِ السلفِ، والتيْ بسطَ فيْهَا الشيخُ الكلامَ علىٰٰ وجوبِ اتباعِ السنةِ ونبذِ ما يخالفُهَا ونقلَ أيضاً كلاماً عنِ الأئمةِ المتبوعينَ إذْ تبرؤُوْا منْ مخالفةِ السنةِ أحياءً وأمواتاً. وقدْ لفتتَ انتباهَهُ جداً حواشِيْ الكتابِ -معَ جهلِهِ التامِّ فيْ هذا الوقتِ بهذِه المصطلحاتِ المعقدةِ بلْ لقدْ ظلَّ فترةً منَ الزمنِ -كمَا يقولُ- يظنُّ أنَّ البخاريَّ صحابيٌّ لكثرةِ ترضِّيْ الناسِ عليهِ-، فهُوَ، وإنْ لمْ يكُنْ يفهمُهَا، إلا أنَّهُ شعرَ بضخامةِ وجزالةِ الكتابِ ومؤلِّفِهِ، وصمّمَ بعدَهَا علىٰٰ أنْ يتعلمَ هذا العلمَ علمَ الحديثِ. وتوالتِ الأيامُ, ودخلَ الجامعةَ، وبدأَ يبحثُ عنْ كتبٍ فيْ هذَا العلمِ، فكانَ أولَ كتابٍ وقعَ عليْهِ كتابُ "الفوائدِ المجموعةِ فيْ الأحاديثِ الموضوعةِ" للإمامِ الشوكانيِّ، فهالَ الشيخَ ما رأىٰٰ، لقدْ رأىٰٰ أنَّ كثيراً منَ الأحاديثِ التيْ يتناولُهَا الناسُ فيْ حياتِهِمْ لا تثبتُ عن النبيِّ، فعكَّرَ ذلكَ، أيْ معرفتُهُ أنَّ هناكَ أحاديثُ لمْ تثبتْ، عكَّرَ ذلكَ عليْهِ استمتاعَهُ بخطبِ الشيخِ عبد الحميد كشك، فأصبحَ لا يمرُّ بِهِ حديثٌ إلا ويتشكَّكُ فيْ ثبوتِهِ. حتىٰٰ كانَ يومٌ، وكانتْ جمعةً عندَ الشيخِ كشك فذكرَ حديثاً تشكَّكَ الشيخُ فيْهِ، فبحثَهُ فوجدَ أنَّ ابن القيم ضعَّفَهُ، فأخبرَ الشيخَ كشكاً بذلكَ، فردَّ وقالَ بأنَّ ابنَ القيمِ أخطأَ، ثمَّ قالَ كلمةً كانتْ منَ المحفزاتِ الكبارِ لهُ لتعلمِ الحديثِ والعلمِ الشرعيِّ، قالَ: ياْ بنيَّ! تعلمْ قبلَ أنْ تعترضَ. يقولُ الشيخُ: فمشيتُ منْ أمامِهِ مستخزياً، كأنمَا ديكٌ نقرنِيْ! وخرجتُ منْ عندِهِ ولديَّ منَ الرغبةِ فيْ دراسةِ علمِ الحديثِ ما يجلُّ عنْ تسطيرِ وصفِهِ بنانِيْ. اهـ. وأخذَ الشيخُ يسألُ كلَّ أحدٍ عنْ أحدٍ منَ المشايخِ يُعَلِّمُهُ هذَا العلمَ أو يدلُّهُ عليْهِ، فدلوْهُ علىٰٰ الشيخِ محمد نجيب المطيعي. وأخذَ يبحثُ أكثرَ عنْ كتبٍ أكثرَ، فوقعَ علىٰٰ المئةِ حديثٍ الأُولىٰٰ منْ كتابِ "سلسلةِ الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ وأثرِهَا السيئِ فيْ الأُمةِ" للشـيخِ الألباني، فوجدَ أنَّ الشيخَ كانَ يركزُ علىٰٰ الأحاديثِ المنتشرةِ بينَ الناسِ والتيْ لا تصحُّ. ولاحظَ الشيخُ أنَّ أحكامَ الشيخِ علىٰٰ الأحاديثِ ليستْ واحدةً، فمرةً يقولُ منكرٌ ومرةً يقولُ ضعيفٌ ومرةً باطلٌ، فأخذَ يبحثُ ويُنَقِّبُ كيْ يفهمَ هذِهِ المصطلحاتِ ويفرقَ بينَ أحكامِ الشيخِ علىٰ الأحاديثِ، وسألَ الشيخَ المطيعي، فدلَّهُ علىٰٰ كتابِهِ "تحتَ رايةِ السنةِ: تبسيطُ علومِ الحديثِ"، فأخذَهُ الشيخُ وعرفَ منْ حواشِيْهِ أسماءَ كتبِ السنةِ وأمهاتِ الكتبِ التيْ كانَ ينقلُ منْهَا الشيخُ، ومعانيْ المصطلحاتِ. يقولُ الشيخُ: مكثتُ معَ الكتابِ (كتابِ الشيخِ الألباني) نحوَ سنتينِ كانتْ منْ أفيدِ السنينِ فيْ التحصيلِ. اهـ. وكانَ الشيخُ فيْ مراحلِ طلبِهِ المتقدمةِ، فيْ الجامعةِ، يعملُ نهاراً فِيْ محلِّ بقالةٍ بمدينة نصر بالقاهرة ليعولَ نفسَهُ، ويطلبُ ليلاً، لذَا، كانتْ ساعاتُ نومِهِ قد تصلُ إلىٰٰ ثلاثِ ساعاتٍ فيْ اليومِ!. وكانَ لحاجتِهِ، لا يستطيعُ شراءَ ما يبتغِيْهِ منْ كتبِ العلمِ، فكانَ يذهبُ إلىٰ مكتبةِ المتنبيْ، يذهبُ فقطْ ليتحسسَ الكتبَ بيدِهِ أوْ يرفعَهَا لأنفِهِ فيشمَّهَا ويخرجُ بسرعةٍ كيْ لا يظُنَّ صاحبُهَا به جنوناً فيطردُه منْهَا!، وكانَ ربمَا نسخَ منْهَا.
وكانَ قدْ نُشرَ للشيخِ كتابُ "فصلِ الخِطَابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ"، وكانَ الشيخُ الألباني يقولُ: ليسَ ليْ تلاميذٌ (أيْ: علىٰٰ طريقتِهِ فيْ التخريجِ والنقدِ)، فلمَّا قرأَ الكتابَ قالَ: نعمْ (أيْ: هذَا تلميذُهُ). وسافرَ الشيخُ إلـىٰٰ الشيخِ الألباني فيْ الأردن أوائلَ المحرم سنةَ 1407هـ وكانَ معَهُ لمدةِ شهرٍ تقريباً كانَ -كمَا يقولُ- منْ أحسنِ أيامِهِ. وقدْ قابلَهُ مرةً أخرىٰ فيْ موسمِ الحج فيْ الأراضيْ المقدسةِ سنةَ 1410هـ، وكانتْ أوَّلَ حجةٍ للشيخِ وآخرَ حجةٍ للشيخِ الألباني، وآخرَ مرةٍ رآهُ الشيخُ فيْهَا. فعلىٰ هذَا، فإنَّ الشيخَ لمْ يلقَ الشيخَ الألباني إلا مرتينِ سجلَ لقاءاتِهِ وأسئلتَهُ فيْهِمَا علىٰ أشرطةِ 'كاسيتْ' ونُشرتْ هذِهِ اللقاءاتُ باسمِ "مسائلِ أبيْ إسحاقَ الحوينيِّ"، وهاتفَهُ بِضعَ مراتٍ. فأخذَ علمَهُ عنِ الشيخِ منْ كتبِهِ ومحاضراتِهِ المسموعةِ، ومنْ هاتينِ المرتينِ. وذهبَ الشيخُ إلىٰ المملكة العربية السعودية، فأخذَ عنْ:
للشيخِ مَا يربُو علىٰ المئةَ مشروعٍ، منهَا مَا قدِ اكتملَ، ومنْهَا مَا لمْ يكتملْ، تتراوحُ مَا بينَ التحقيقاتِ والتخريجاتِ والاستدراكاتِ والنقدِ والتأليفِ الخالصِ. فمنْهَا:
وغيرها.
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=32