الحمد لله الذي ثبّت أركان الدين بأئمة أهل السنة وأعلامهم، وجعل خلفاء نبيه أتباعه في الدنيا ويوم يدعى كل أناس بإمامهم. وسلك بهم مسلك السداد، ومهد لهم طرق الهدى والرشاد. وعصمهم باتباع سنن رسوله "عليه الصلاة والسلام من الزيغ والضلال والشبه والأوهام. والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الشريعة الغراء، الواضحة البيضاء. وعلى آله أئمة الدين، وصحابته الهادين المهديين.
وبعد فيقول المفتقر إلى الله، الملتجئ إلى ركن فضله وعلاه. خادم العلوم الدينية، في مدينة دار السلام المحمية. محمود شكري ابن السيد عبد الله الحسيني الآلوسي البغدادي، كان الله تعالى له خير معين وأحسن هادي:
إن علماء الشيعة لم يزالوا قائمين على ساق المناظرة، واقفين في ميادين المنافرة والمكابرة. مع كل قليل البضاعة، ممن ينتمى إلى مذاهب أهل السنة والجماعة. لا سيما في الديار العراقية، وما والاها من ممالك الدولة العلية العثمانية. حتى اغتر بشبههم من الجهلة الألوف، وانقاد لزمام دعواهم ممن لم يكن له على معرفة الحق وقوف. فلما رأيت الأمر اتسع خرقه، والشر تعددت طرقه. شمرت عن ساعد الجد والاجتهاد، في الذبّ عن مسلك ذوي الرشاد. ورأيت أن أؤلف في هذا الباب، كتابا مشتملا على فصل الخطاب، به يتميز القشر عن اللبان، ويتبين الخطأ من الصواب.
وقد ألف العالم العلامة والنحرير الفهامة الشيخ غلام محمد أسلمي الهندي، تغمده الله تعالى بغفرانه الأبدى. ترجمة التحفة الاثني عشرية، في الرد على فرق الشيعة الإمامية. [1]
فوجدته كتابا انكشفت شبه المناظرين بأنوار دلائله، واندفعت شكوك المعاندين بمسلم براهينه وجلّي مسائله. قد انسد فيه دون الناقد البصير كل باب، وانهد به ركن الباطل والارتياب. فلا يستطيع الخصم أن يفوه ببنت شفة حيث أُلجم بلجام الإلزام. ولا يطيق العنود أن يفتح فمه لما حاك عليه من لثام العجز والإفحام. غير أن مؤلفه عليه الرحمة قد أطنب فيه وأطال، وكرر كثيرا من المسائل والأقوال. بعبارات ليس لها حظ من فصاحة الكلام، ولا نصيب من السلاسة والانسجام. حيث أنه ممن يتكلم بالهندية، ولم يمارس التحاطب باللغة العربية. فحداني التوفيق الإلهي إلى تلخيص ذلك الكتاب، وهداني التأييد الرباني إلى إبراز غواني معانيه بأبهى جلباب. مع ضم ما يؤدي إليه المقام، مما أفاده العلماء الأعلام. بعبارات سهلة موجزة مشتملة ينتفع بها الخاص والعام، ويتلقاها بالقبول ذوو الإنصاف من الأنام.
ولما يسر الله تعالى ما طلبته، وأجابني فيما رجوته ودعوته. سميت الكتاب ( المنحة الإلهية، تلخيص ترجمة التحفة الاثني عشرية ) وقدمته لأعتاب خليفة الله في أرضه، ونائب رسوله "عليه الصلاة والسلام في إحياء سنته وفرضه. الذي راعي رعاياه بجميل رعايته، ودبرهم بصائب تدبيره وواسع درايته. وسلك أحسن المسالك في استقامة أمورهم، وصيانة نفوسهم، وحراسة جمهورهم. وخص من بينهم علماء دولته وصلحاء ملته بحسن ملاحظته وفضل محافظته، تمييزا لهم بالعناية، وتخصيصا بما يجب من الرعاية. ووضعا للأمور في مواضعها، وغصابة مواقعها. ألا وهو أمير المؤمنين، الواجب طاعته على الخلق أجمعين. سلطان البرين وخاقان البحرين، السلطان ابن السلطان السلطان الغازي عبد الحميد خان ابن السلطان الغازي عبد المجيد خان. اللهم أيده بنصرك وانصره لتأبيد ذكرك. واطمس شر سويداء قلوب أعدائه وأعدائك، ودق أعناقهم بسيوف قهرك وسطوتك. اللهم واجعل رايات أنعمه منشورة بأيدي جنوده، واحجبهم بحجب حولك وقوتك من لحظات لمعات أبصار عدوه وحسوده. وصب عليهم ميازيب التوفيق آناء ليلك وأطراف نهارك، فإنهم حماة حرم دينك وحراس أبواب شريعتك وأعظم جنودك وأنصارك. وغرضي من عرض ذلك الكتاب إلى ساحته الرفيعة العتاب، أن يذر إكسير نظره عليه، ليحل محل القبول لديه. فهناك إن شاء الله تعالى يحصل الأمل، وأحظى بما رجوته من قبول العمل وقد رتبته على تسعة أبواب، وإلى الله الزلفى وحسن المآب.
هامش
- ↑ وأصل التأليف باللغة الفارسية للعلامة النحرير الشيخ عبد العزيز الفاروقي الدهلوي ( انظر: أعلام العراق للعلامة السيد محمد بهجة الأثري، طبع المطبعة السلفية، ص 124 )