أعلم أولا أنه لم يسلم أحد من الكلام عليه وإلقاء التهمة بين يديه. ولله در من قال ممن وقف على حقيقة الحال:
قيل إن الإله ذو ولد ** قيل إن الرسول قد كهنا
ما نجا الله والرسول معا ** من لسان الورى فكيف أنا؟
ومع هذا لا يخفى على ذوي الألباب أن مطاعن هؤلاء لفرقة الضالة أشبه شيء ينبح الكلاب، بل لعمري إنه لصرير أو طنين ذباب.
وإذا أتتك نقيصتي [1] من ناقص ** فهي الشهادة لي بأني كامل
فدونك فانظر فيها، وتأمل بظواهرها وخافيها.
المطاعن الأولى في حق الصديق الأجل
فمنها أنه صعد يوما على منبر رسول الله ﷺ، فقال له السبطان « انزل منبر جدنا » [2] فعلم أن ليس له لياقة الإمامة.
والجواب – على فرض التسليم – أن السبطين كانا إذ ذاك صغيرين، فإن الحسن ولد في الثالثة من الهجرة في رمضان والحسين في الرابعة منها في شعبان، والخلافة في أول الحادية عشرة، فأفعالهما إن اعتبرت بحيث تترتب عليها الأحكام لزم ترك التقية الواجبة، وإلا فلا نقص ولا عيب. فمن دأب الأطفال أنهم إذا رأوا أحدا في مقام محبوبهم ولو برضائه يزاحمونه ويقولون له قم عن هذا المقام، فلا يعتبر العقلاء هذا الكلام، وهم وإن ميزوا عن غيرهم لكن للصبي أحكاما، ولهذا اشترط في الاقتداء البلوغ إلى حد كمال العقل. ألا ترى أن الأنبياء لم يبعثوا إلا على رأس الأربعين إلا نادرا كعيسى، والنادر كالمعدوم.
ومنها أنه درأ الحد عن خالد بن الوليد أمير الأمراء عنده ولم يقتص منه أيضا، ولهذا أنكر عليه عمر لأنه قتل مالك بن نويرة مع إسلامه ونكح امرأته في تلك الليلة ولم تمض عدة الوفاة.
وجوابه أن في قتله شبهة، إذ قد شهد عنده أن مالكا وأهله أظهروا السرور فضربوا بالدفوف وشتموا أهل الإسلام [3] عند وفاة النبي ﷺ، [4] بل وقد قال في حضور خالد في حق النبي ﷺ قال « رجلكم أو صاحبكم كذا ». [5] وهذا التعبير إذ ذاك من شعار الكفار والمرتدين. وثبت أيضا أنه لما سمع بالوفاة رد صدقات قومه عليهم وقال: قد نجوت من مؤنة هذا الرجل، فلما حكى هذا للصديق لم يوجب على خالد القصاص ولا الحد إذ لا موجب لهما. [6] فتدبر. [7] وعدم الاستبراء بحيضة لا يضر أبا بكر، وخالد غير معصوم، على أنه لم يثبت أنه جامعها في تلك الليلة في كتاب معتبر. [8] وقد أجيب عنه بأن مالكا كان قد طلقها وحبسها عن الزواج على عادة الجاهلية مدة مضي العدة، فالنكاح حلال. ثم إن الصديق قد حكم في درء القصاص حكم رسول الله ﷺ إذ قد ثبت في التواريخ أن خالدا هذا أغار على قوم مسلمين [9] فجرى على لسانهم « صبأنا صبأنا » أى صرنا بلا دين، وكان مرادهم أنا تبنا عن ديننا القديم ودخلنا الصراط المستقيم فقتلهم خالد، حتى غضب عبد الله بن عمر فأخبر النبي ﷺ فآسف وقال: « اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد »، ولم يقتص منه، [10] [ ولم يؤدهم ] [11] فالفعل هو الفعل. على أن الصديق أداهم الدية. ويجاب أيضا أنه لو توقف الصديق في القصاص طعنا لكان توقف الأمير في قتلة عثمان أطعن. وليس، فليس. وأيضا استيفاء القصاص إنما يكون واجبا لو طلبه الورثة. وليس، فليس. بل ثبت أن أخاه متمم بن نويرة [12] اعترف بارتداده في حضور عمر مع عشقه له ومحبته فيه محبة تضرب بها الأمثال، وفيه قال:
وكنا كندماني جذيمة حقبة ** من الدهر حتى قيل لن يتصعدها
فلما تفرقنا كأني ومالكا ** لطول اجتماع لم نبت ليلة معا [13]
ثم إن عمر ندم على ما كان من إنكاره زمن الصديق. [14] والله ولي التوفيق.
ومنها أنه تخلف عن جيش اسامة المجهز للروم مع أنه ﷺ أكد غاية التأكيد عليه حتى قال: جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف. [15]
وجوابه: إن كان الطعن [16] من جهة عدم التجهيز فهذا افتراء صريح لأنه جهز وهيأ. وإن كان من جهة التخلف [17] فله عدة أجوبة:
الأول أن الرئيس إذا ندب رجلا مع جيش ثم أمره بخدمة من خدمات حضوره فقد استثناه وعزله. [18] والصديق لأمره بالصلاة كذلك، فالذهاب إما ترك الأمر أو ترك الأهم وهو محافظة المدينة المنورة من الأعراب.
الثاني أن الصديق قد انقلب له المنصب بعد وفاة النبي ﷺ لأنه كان من آحاد المؤمنين فصار خليفة النبي ﷺ فانقلبت في حقه الأحكام، ألا ترى كيف انقلبت أحكام الصبي إذا بلغ والمجنون إذا افاق والمسافر إذا أقام والمقيم إذا سافر، إلى غير ذلك. والنبي ﷺ لو عاش لما ذهب في جيش أسامة، فالخليفة لكونه قائما مقامه يكون كذلك.
الثالث أن الأمر عند الشيعة ليس مختصا بالوجوب كما نص عليه المرتضى في ( الدرر والغرر ) فلا ضرر في المخالفة. [19] وجملة "لعن الله من تخلف" مكذوبة لم تثبت في كتب السنة. [20]
الرابع أن مخالفة آدم ويونس لحكم الله تعالى بلا واسطة قد ثبت عند الشيعة، فالإمام لو خالف أمرا واحدا لاضير، فتدبر.
ومنها أن النبي ﷺ لم يأمر أبا بكر قط أمرا مما يتعلق بالدين فلم يكن حريا بالإمامة.
الجواب أن هذا كذب محض تشهد على ذلك السير والتورايخ. فقد ثبت تأميره لمقاتلة أبي سفيان بعد أحد، وتأميره أيضا في غزوة بني فزارة كما رواه الحاكم عن سلمة بن الأكوع، وتأميره في العام التاسع ليحج بالناس أيضا ويعلمهم الأحكام من الحلال والحرام، [21] وتأميره أيضا بالصلاة قبيل الوفاة، [22] إلى غير ذلك من مما يطول.
ويجاب أيضا – على فرض التسليم – بأن عدم ذلك ليس لعدم اللياقة بل لكونه وزيرا ومشيرا على ما هي العادة. روى الحاكم عن حذيفة بن اليمان أنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: إني أريد أن أرسل الناس إلى الأقطار البعيدة لتعليم الدين والفرائض كما كان عيسى أرسل الحواريين. فقال بعض الحضار: يا رسول الله مثل هؤلاء الناس موجودون فينا كأبي بكر وعمر، قال: إنه لا غنى لي عنهما، إنهما من الدين كالسمع والبصر. [23] وأيضا قال ﷺ: أعطاني الله أربعة وزراء وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر. [24]
وأيضا لو كان عدم الإرسال موجبا لسلب اللياقة يلزم عدم لياقة الحسنين - معاذ الله تعالى من ذلك.
ومنها أن أبا بكر ولّى عمر أمور المسلمين، مع أن النبي ﷺ ولاه على أخذ الصدقات سنة ثم عزله، فالتولية مخالفة.
ويجاب بأن محض الجهالة أن يقال لانقطاع العمل عزل. وعلى تقدير العزل فأين النهي عن توليته كي تلزم المخالفة بالتولية؟ فافهم.
ومنها أن النبي ﷺ جعله وعمر وتابعين لعمر بن العاص وأسامة أيضا، ولو كانا لائقين لأمّرهما.
ويجاب بأن ذلك لا يدل على الأفضلية ونفي اللياقة، [25] إذ المصلحة ربما اقتصت ذلك، فإن عَمرا كان ذا خديعة في الحرب ودهاء وحيلة عارفا بمكايد الأعداء، ولم يكن غيره فيها كذلك، كما يولى مثل هذا لقمع السارقين وعسس الليل ونحوهما من لا يولى لذلك من الأكابر. وأسامة استشهد أبوه على أيدي كفار الشام والروم فكان ذلك تسلية له وتشفية. وأيضا مقصود النبي ﷺ من ذلك إطلاع أبي بكر وعمر على حال التابع والمتبوع كما هو شأن تربية الحكيم خادمه، فلا تغفل.
ومنها أن أبا بكر استخلف والنبي ﷺ لم يستخلف، [26] فقد خالف. [27]
ويجاب بأن النبي ﷺ أشار بالاستخلاف، والإشارة إذ ذاك كالعبارة. وفي زمن الصديق كثر المسلمون من العرب، وهم حديثو عهد بالإسلام وأهله فلا معرفة لهم بالرموز والإشارات، فلا بد من التنصيص والعبارات، حتى لا تقع المنازعات والمشاجرات. وفي كل زمان رجال، ولكل مقام مقال. وأيضا عدم استخلاف النبي ﷺ إنما كان لعلمه بالوحي بخلافة الصديق كما ثبت في صحيح مسلم، ولا كذلك الصديق إذ لا يوحى إليه ولم تساعده قرائن فعمل بالأصلح للأمة، ونعم ما عمل، فقد فتح الفاروق البلاد، ورفع قدر ذوي الرشاد، وأباد الكفار [28] وأعان الأبرار.
ومنها أن أبا بكر كان يقول « إن لي شيطانا يعتريني، فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني ». [29] ومن هذا حاله لا يليق للإمامة. [30]
ويجاب بأن هذا غير ثابت عندنا، فلا إلزام. بل الثابت أنه أوصى عمر قبل الوفاة فقال: « والله ما نمت فحلمت، وما شبهت فتوهمت، وإني لعلى السبيل ما زغت، ولم آل جهدا. وإني أوصيك بتقوى الله تعالى » [31] الخ. نعم قال في أول خطبة خطبها على ما في مسند الإمام أحمد: « يا أصحاب الرسول أنا خليفة الرسول فلا تطلبوا مني الأمرين الخاصين بالنبي ﷺ: الوحي والعصمة من الشيطان »... وفي آخرها: « إني لست معصوما فإطاعتي فرض عليكم فيما وافق الرسول وشريعة الله تعالى من أمور الدين، ولو أمرتكم بخلافها فلا تقبلوه مني ونبهوني عليه ». وهذا عين الإنصاف. ولما كان الناس معتادين عند المشكلات الرجوع إلى وحي إلهي وإطاعة النبي ﷺ كان لازما على الخليفة التنبيه على الاختصاص بالجناب الكريم. وأيضا روي في الكافي للكليني في رواية صحيحة عن جعفر الصادق أن لكل مؤمن شيطانا يقصد إغواءه. [32] وفي الحديث المشهور ما يؤيد هذا أيضا فقد قال ﷺ « ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن » فقالت الصحابة: حتى أنت يا رسول الله؟ قال « نعم، ولكن الله غلبني عليه لأسلم وآمن من شره ». [33] فأي طعن فيما ذكروه؟ والمؤمن يعتريه الشيطان بالوسوسة فينتبه، قال تعالى { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون }. نعم إن النقصان في اتباع الشيطان، وهو بمعزل عنه. [34]
ومنها أنه روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: « ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقي الله المؤمنين شرها، فمن عاد بمثلها فاقتلوه » [35] قالوا: ويؤيد هذه الرواية رواية البخاري في صحيحه فقد دلت صراحة على بيعة أبي بكر قد وقعت بغتة بلا تأمل ولا مشورة، وإنها غير تمسك بدليل، فلم يكن إماما بحق.
والجواب أن هذا الكلام صدر من عمر في زجر رجل كان يقول إن مات عمر أبايع فلانا وحدي أو مع آخر كما كان في مبايعة أبي بكر ثم استقر الأمر عليها، فمعنى كلام الفاروق في رده لهذا القول أن بيعة رجل أو رجلين شخصيا من غير تأمل سابق ومراجعة أهل الحل والعقد ليست بصحيحة، وبيعة أبي بكر وإن كانت فجأة بسبب مناقشة الأنصار وعدم وجود فرصة للمشورة فقد حلت محلها وصادفت أهلها للدلائل على ذلك والقرائن على ما هنالك كإمامة الصلاة ونحوها. وهذا معنى « وقي الله المؤمنين شرها » فلا يقاس غيره به. [36] وفي آخر هذه الرواية التي رواها الشيعة « وأيكم مثل أبي بكر » أي في الأفضلية والخبرية وعدم الاحتياج إلى المشورة. على أنه قد ثبت عند أهل السنة وصح أن سعد بن عبادة وأمير المؤمنين عليا والزبير قد بايعوه بعد تلك المناقشة واعتذروا له عن التخلف أول الأمر.
ومنها أن أبا بكر كان يقول للصحابة: « إني لست بخير منكم وعلي فيكم ». [37] فإن كان صادقا في هذا القول لم يكن لائقا للإمامة البتة، إذ المفضول لا يليق مع وجود الفاضل. وإن كان كاذبا فكذلك إذ الكاذب فاسق والفاسق لا يصلح للإمامة.
والجواب على فرض التسليم بما يجاب من قبلهم عما يثبت في الصحيفة الكاملة [38] وهي من الكتب الصحيحة عندهم من قول الإمام السجاد «رضي الله ع» « أنا الذي أفنت الذنوب عمره »... الخ. فإن كان صادقا بهذا الكلام لم يكن لائقا للإمامة أن الفاسق المرتكب للذنوب لا يصلح للإمامة، وكذا إن كان كاذبا لما مر. فما هو جوابهم فهو جوابنا.
وزاد بعض الشيعة على قول « إني لست بخير منكم » لفظ « أقيلوني أقيلوني » [39] فاعترض على هذا البهتان بأن أبا بكر قد استعفى عن الإمامة فلا يكون قابلا لها. [40]
والجواب – على فرض تسليمه – بما يجاب عما صح في كتب الشيعة من أن الأمير لم يكن يقبل الخلافة بعد شهادة عثمان إلا بعد أن كثر إلحاح المهاجرين والأنصار، [41] على أنه لو صح ذلك عن أبي بكر لكان دليلا على عدم طمعه وحبه للرياسة والإمامة بل إن الناس قد أجبروه على قبولها. [42]
ومنها أن أبا بكر لم يعط فاطمة رضي الله عنها من تركة أبيها ﷺ حتى قالت: يا ابن قحافة أنت ترث أباك وأنا لا أرث أبي؟ [43] واحتج أبو بكر على عدم توريثها بما رواه هو فقط من قوله ﷺ « نحن معاشر الأنبياء لا نورث » مع أن هذا الخبر مخالف لصريح قوله تعالى { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } فإنه عام للنبي وغيره، ومخالف أيضا لقوله تعالى { وورث سليمان داود } وقوله تعالى { فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب } [44]
وجوابه أن أبا بكر لم يمنع فاطمة من الإرث لعداوة وبغض، بدليل عدم توريثه الأزواج المطهرات حتى ابنته الصديقة، بل السبب في ذلك سماعه للحديث بأذنه منه ﷺ، وقد روى علماء السنة هذا الحديث عن حذيفة بن اليمان والزبير بن العوام وأبي الدرداء وأبي هريرة والعباس وعلي وعثمان وعبد الرحمن ابن عوف وسعد بن أبي وقاص، فقولهم إن هذا الحديث رواه أبو بكر فقط غير مسلم عند أهل السنة. وروى الكليني في الكافي عن أبي البختري عن أبي عبد الله جعفر الصادق "عليه السلام" قال « إن العلماء ورثة الأنبياء لم يرثوا ولم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ بحظ وافر » [45] وكلمة « إنما » تفيد الحصر لما هو مسلم عندهم، فثبت المدعى برواية المعصوم عندهم.
أما كون هذا الحديث مخالفا للآيات فجهل عظيم، لأن الخطاب في { يوصيكم } لما عدا النبي ﷺ، فهذا الخبر مبين لتعيين الخطاب لا مخصص، بل لو كان مخصصا للآية فأي ضرر فيه، فقد خصص من الآية الولد الكافر والرقيق والقاتل. ومما يدل على صحة هذا الخبر لدى أهل البيت أن تركة النبي ﷺ لما وقعت في أيديهم أخرجوا العباس وأولاده ولم يورثوهم مما ترك ﷺ، وكذا لم يورثوا أمهات المؤمنين. [46]
وأما قوله تعالى { ورث سليمان داود } [47] فالمراد النبوة. فقد روى الكليني عن أبي عبدالله « أن سليمان ورث داود وأن محمدا ورث سليمان »، [48] فقد علم أن هذه وراثة العلم والنبوة، وإلا فوراثة نبينا مال سليمان لا يتصور لا شرعا ولا عقلا، ولو كان المراد وراثة سليمان مال داود فما وجه تخصيصه بالذكر مع أنه كان لداود "عليه السلام" تسعة عشر ابنا [49] بإجماع المؤرخين، وعلى ما ذكرنا يحمل قوله تعالى { يرثني ويرث من آل يعقوب } إذ لا يتصور أن يكون يحيى وراثا لجميع بني إسرائيل بل هو وارث زكريا فقط فما فائدة ذكر { ويرث } الخ. [50]
هذا وأما إبقاء الحجرات في أيدي الأزواج المطهرات فلأجل كونها مملوكة لهن لا لكونها ميراثا، فإن النبي ﷺ بنى كل حجرة لزوجة من أزواجه ووهبها لهن فتحققت الهبة بالقبض وهي موجبة للملك كحجرة فاطمة وأسامة، ولذا أضاف الله تعالى البيوت لهن في حياة النبي ﷺ في قوله عز اسمه { وقرن في بيوتكن }.
ومنها قولهم أن أبا بكر لم يعط فاطمة رضي الله تعالى عنها فدكا [51] وقد كان النبي ﷺ وهبها لها ولم يسمع دعواها الهبة ولم يقبل شهادة علي [52] وأم أيمن [53] لها فغضبت فاطمة «رضي الله ع» وهجرته، وقد قال النبي ﷺ في حقها: [54] من أغضبها أغضبني. [55]
الجواب أن ليس له أصل عند أهل السنة، بل ذكر البخاري في رواية عروة بن الزبير [56] عن عائشة رضي الله عنها: طلبت فاطمة رضي الله عنها فدكا من أبي بكر لا بطريق دعوى الهبة بل بطريق الميراث، [57] وعلى تقدير تسليم روايتهم فإن الهبة لا تتحقق إلا بالقبض، ولا يصح الرجوع عنها بعد تصرف المتهب في الموهوب، ولم تكن فدك في عهده ﷺ في تصرف فاطمة رضي الله عنها، بل كانت في يده ﷺ يتصرف فيها تصرف المالك فلم يكذبها أبو بكر في دعوى الهبة ولكن بين لها أن الهبة لا تكون سببا للملك ما لم يتحقق القبض فلا حاجة حينئذ إلى شهود، وما زعموا أنه صدر من علي كرم الله تعالى وجهه وأم أيمن محض إخبار، وأبو بكر لم يقض، لا أنه لم يقبل شهادتهما. على انه لو لم يقبلها وردها لكان له وجه، فإن نصاب الشهادة في غير الحدود والقصاص رجلان أو رجل وامرأتان. وأما إغضابه إياها فلم يتحقق منه، إذ الإغضاب إنما هو جعل أحد غضبانا بالفعل أو القول قصدا، وكيف يقصد الصديق إغضاب تلك البضعة الطاهرة وقد كان يقول لها مرارا « والله با ابنة رسول الله إن قرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي » وليس الوعيد على غضبها، كيف لا وقد غضبت على الأمير زوجها مرارا كغضبها يوم سمعت بخطبة الأمير بنت أبي جهل لنفسه حتى أتت أباها ﷺ باكية فخطب إذ ذاك رسول الله ﷺ وقال « ألا إن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويربيني ما رأبها، فمن أغضبها أغضبني ». [58] وكغضبها يوم ذهب الأمير إلى المسجد ونام على التراب ولذلك لقب بأبي تراب، فقد أتاها النبي ﷺ وقال لها: أين ابن عمك؟ قالت: غاضبني فخرج ولم يقل عندي. [59] ومع ذلك فقد ثبت عند الفريقين أن غضب فاطمة قد شق على الصديق حتى رضيت عنه، فقد روى صاحب ( محجاج السالكين ) وغيره من الإمامية أن أبا بكر لما رأى أن فاطمة انقبضت عنه وهجرته ولم يتكلم بعد ذلك في أمر فدك كبر ذلك عنده فأراد استرضاءها فأتاها فقال لها صدقت با ابنة رسول الله فيما ادعيت، ولكني رأيت رسول الله ﷺ يقسمها فيعطي الفقراء والمساكين وابن السبيل بعد أن يؤتي منها قوتكم والصانعين بها. فقالت: افعل فيها كما كان أبي رسول الله ﷺ يفعل فيها. فقال: ولك الله على أن افعل ما كان يفعل ابوك. فقالت: والله لتفعلن؟ فقال: والله لفعلن ذلك. فقال: اللهم اشهد. فرضيت بذلك وأخذت العهد عليه. وكان أبو بكر يعطيهم منها قوتهم ويقسم الباقي على من ذكر. انتهى والله الهادي للصواب. [60]
ومنها أن أبا بكر ما كان يعلم بعض المسائل الشرعية، فقد أمر بقطع يد السارق اليسرى، وأحرق لوطيا، ولم يعلم مسألة الجدة والكلالة، فلا يكون لائقا للإمامة إذ العلم بالأحكام الشرعية من شروط الإمامة بإجماع الفريقين. [61]
الجواب عن الأمر الأول أن قطع يد السارق اليسرى في السرقة الثالثة موافق للحكم الشرعي. فقد روى الإمام محيي السنة البغوي في ( شرح السنة ) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ في حق السارق « إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله ». [62] قال البغوي: اتفق أهل العلم على أن السارق أول مرة تقطع يده اليمنى، ثم إذا سرق ثانيا تقطع رجله اليسرى، ثم إذا سرق ثالثا تقطع يده اليسرى بناء على قول الأكثر، ثم إذا سرق رابعا تقطع رجله اليمنى ثم إذا سرق بعده يعزر ويحبس. والذى قطع أبو بكر يده اليسرى كان في المرة الثالثة فحكمه موافق لحكمة ﷺ. [63]
والجواب عن الثاني أن الصديق لم يحرق أحدا في حال الحياة، لأن الرواية الصحيحة إنما جاءت عن سويد عن أبي ذر أنه أمر بلوطي فضربت عنقه ثم أمر به فأحرق، [64] وإحراق الميت لعبرة الناس جائز كالصلب، ولذلك فإن الميت لا تعذيب له بمثل هذه الأمور لعدم الحياة. وعلى فرض تسليم روايتهم فالذى يجيبون به عن إحراق علي بعض الزنادقة فهو جوابنا، وقد ثبت ذلك في كتبهم، فقد روى المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى في كتاب ( تنزيه الأنبياء والأئمة ) أن عليا أحرق رجلا أتى غلاما في دبره. [65]
والجواب عن الثالث أن هذا الطعن لا يوجب إلزام أهل السنة، إذ العلم بجميع الأحكام بالفعل ليس شرطا في الإمامة عندهم، بل الاجتهاد. ولما لم تكن النصوص مدونة في زمنه ولا روايات الأحاديث مشهورة في أيام خلافته استفسر من الصحابة. قال في ( شرح التجريد ) أما مسألة الجدة والكلالة فليست بدعا من المجتهدين، [66] إذ يبحثون عن مدارك الأحكام ويسألون من أحاط بها علما، ولهذا رجع علي في بيع أمهات الأولاد إلى قول عمر، [67] وذلك لا يدل على عدم علمه، بل هذا التفحص والتحقيق يدل على أن أبا بكر الصديق كان يراعي في أحكام الدين كمال الاحتياط ويعمل في قواعد الشريعة بشرائط الاهتمام التام. ولهذا لما أظهر المغيرة مسألة الجدة سأله: هل معك غيرك؟ [68] وإلا فليس التعدد شرطا في الرواية، فهذا الأمر في الحقيقة منقبه عظمى له. وقد روى عبدالله بن بشر أن عليا سئل عن مسألة فقال « لا علم لي بها ». [69] جازى الله تعالى هذه الفرقة الضالة بعدله حيث يجعلون المنقبة منقصة.
فرصاص من أحببته ذهب كما ** ذهب الذي لم ترض عنه رصاص
المطاعن الثانية في حق الفاروق رضي الله عنه
فمنها وهو عمدة مطاعنهم ما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أنه ﷺ قال في مرض موته يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام للصحابة الحاضرين في حجرته المباركة: « ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا » فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا: ما له أهجر؟ استفهموه. فقال: « ذروني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه » فأمرهم بثلاث قال: « أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ». والثالثة إما أن سكت عنها، وإما أن قالها فنسيتها. [70]
وهذه رواية أهل السنة الصحيحة وزعموا أنه يستفاد منها الطعن على عمر بوجوه:
الأول أنه رد قول النبي ﷺ وأقواله كلها وحي لقوله تعالى { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } ورد الوحي كفر لقوله تعالى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [71]
والجواب على فرض تسليم أن هذا القول صدر من الفاروق فقط أنه لم يرد قوله ﷺ بل قصد راحته ورفع الحرج عنه ﷺ في حال شدة المرض، إذ كل محب لا يرضى أن يتعب محبوبه ولا سيما في المرض، مع عدم كون ذلك الأمر ضروريا، ولم يخاطب بذلك الرسول ﷺ بل خاطب الحاضرين تأدبا. وأثبت الاستغناء عن ذلك بقوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } وقد نزلت الآية قبل هذه الواقعة بثلاثة أشهر، وقد انسد باب النسخ والتبديل والزيادة والنقصان في الدين، فيتمنع إحداث شيء. وتأكيد المتقدم مستغني عنه لا سيما في تلك الحالة. ولو كان بيان المصلحة رد الوحي وقول الرسول للزم ذلك على الأمير أيضا، فقد روى البخاري الذي هو أصح الكتب عند أهل السنة بعد القرآن بطرق متعددة أن الرسول ﷺ ذهب إلى بيت الأمير والبتول ليلة وأيقظها من مضجعها وأمرهما بصلاة التهجد مؤكدا، فقال الأمير: والله ما نصلي إلا ما كتب الله علينا أي الصلاة المفروضة، وإنما أنفسنا بيد الله، يعني لو وفقنا الله لصلاة التهجد لصلينا. فرجع النبي ﷺ وهو يضرب على فخذيه ويقول { وكان الإنسان أكثر شيء جدلا } فقد رد الأمير قول الرسول، ولكن لما كانت القرائن الحالية دالة على صدق الأمير واستقامته لم يلمه النبي ﷺ. وروى البخاري أيضا أن النبي ﷺ لما تصالح مع قريش في الحديبية كتب الأمير كتاب الصلح وزاد لفظ « رسول الله » فامتنع الكفار عن قبوله وقالوا: لو سلمنا بهذا اللقب لما حاربناه وصددناه عن طواف البيت، فأمر النبي ﷺ عليا أن يمحو هذا اللفظ وأكد ذلك، فلم يمحه الأمير لكمال الإيمان وخالف الرسول في ذلك حتى محاه النبي ﷺ بيده الشريفة. وقد ثبتت مخالفة الأمير أيضا في كتبهم، فقد روى محمد بن بابويه في ( الأمالي ) والديلمي [72] في ( إرشاد القلوب ) أن رسول الله ﷺ أعطى فاطمة سبعة دراهم وقال: أعطيها عليا ومريه أن يشتري لأهل بيته طعاما فقد غلب عليهم الجوع، فأعطتها عليا وقالت: إن رسول الله ﷺ أمرك أن تبتاع لنا طعاما. فأخذها علي وخرج من بيته ليبتاع طعاما لأهل بيته فسمع رجلا يقول: من يقرض الملي الوفي؟ فأعطاه درهم. [73] فقد خالف قول الرسول، وتصرف في مال الغير.
ومع ذلك فأهل السنة لا يطعنون على الأمير بمثل هذه المخالفات، بل لا يعدون ذلك مخالفة. فكيف يطعنون على عمر بما هو أخف منها. [74]
وأما قولهم إن أقوال الرسول كلها وحي فمردود، لأن أقواله ﷺ لو كانت كلها وحيا فلم قال الله تعالى { عفا الله عنك لم أذنت لهم } وقال تعالى { ولا تكن للخائنين خصيما } وقال تعالى { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } وقال تعالى في المعاتبة عن أخذ الفدية من أسارى بدر [75] { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } وأيضا يلزمهم أن الأمير أيضا قد رد الوحي حين أمره النبي ﷺ بالتهجد ومحو اللفظ وابتياع الطعام مع أنهم لا يقولون بذلك.
الثاني من وجوه الطعن أنه قال « أهجر » مع أن الأنبياء معصومون من هذه الأمور فأقوالهم وأفعالهم في جميع الأحوال والأوقات كلها معتبرة وحقيقة بالاتباع.
والجواب عن هذا أنه من أين يثبت أن قائل هذا القول عمر؟ مع أنه قد وقع في أكثر الروايات « قالوا » بصيغة الجمع « استفهموه » على طريق الإنكار، فإن النبي لا يتكلم بالهذيان البتة وكانوا يعلمون أنه ﷺ ما خط قط بل كان يمتنع صدور هذه الصنعة منه ﷺ لقوله تعالى { وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخط بيمينك } ولذا قالوا فاسئلوه. وتحقيق ذلك أن الهجر في اللغة هو اختلاط الكلام بوجه غير مفهم، وهو على قسمين: قسم لا نزاع لأحد في عروضه للأنبياء عليهم السلام وهو عدم تبيين الكلام لبحة الصوت وغلبة اليبس بالحرارة على اللسان كما في الحميات الحارة، وقد ثبت بإجماع أهل السير أن نبينا ﷺ كانت بحة الصوت عارضة له في مرض موته ﷺ. والقسم الآخر جريان الكلام غير المنتظم أو المخالف للمقصود على اللسان بسبب الغشي العارض بسبب الحميات المحرقة في الأكثر. وهذا القسم وإن كان ناشئا من العوارض البدنية ولكن قد اختلف العلماء في جواز عروضه للأنبياء، فجوزه بعضهم قياسا على النوم، ومنعه آخرون، فلعل القائل بذلك القول أراد القسم الأول؛ يعني أن هذا الكلام خلاف عادته ﷺ فلعلنا لم نفهم كلامه بسبب وجود الضعف في ناطقته، فلا إشكال. [76]
الثالث من وجوه الطعن أنه رفع الصوت وتنازع في حضرة النبي ﷺ وقد قال تعالى { يأيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي }. [77]
والجواب أنه من أين يثبت أن عمر أول من رفع الصوت؟ وعلى تقديره فرفع صوته إنما كان على صوت غيره من الحاضرين لا على صوت النبي ﷺ المنهي عنه في الآية، والأول جائز والآية تدل عليه حيث قال { كجهر بعضكم لبعض }، وقوله ﷺ في إحدى الروايات « قوموا عني » من قبيل قلة الصبر العارضة للمريض، فإنه يضيق صدره إذا وقعت منازعة في حضوره، وما يصدر من المريض في حق أحد لا يكون محلا للطعن عليه، مع أن الخطاب كان لجميع الحاضرين المجوزين والمانعين.
الرابع من أوجه الطعن أنه أتلف حق الأمة، إذ لو كتب الكتاب المذكور لحفظت الأمة من الضلالة ولم ترهم في كل واد يهيمون، ووبال جميع ذلك على عمر. [78]
والجواب أنه إنما يتحقق الإتلاف لو حدث حكم من الله تعالى نافع للأمة ومنعه عمر. وقوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم } الاية تدل على عدم الحدوث، بل لم يكن الكتاب إلا لمصالح الملك وتأكيد ما بلغه، وإلا فلا يتصور منه ﷺ أن يقول أو يكتب في هذا الوقت الضيق ما لم يكن قاله قط مع أن زمن نبوته امتد ثلاثا وعشرين سنة. وكيف يمتنع عن ذلك بمجرد منع عمر، ولم يقله لأحد بعد ذلك مع عدم وجود عمر. فإنه ﷺ قد عاش بعد ذلك خمسة أيام باتفاق الفريقين. [79]
فإن قيل: لو لم يكن ما يكتب أمرا دينيا فلم قال « لن تضلوا بعدي »؟ قلنا: للضلال معان، والمراد ههنا عدم الخطأ في تدبير الملك وهو إخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم، وتجهيز جيش أسامة منه، لا الضلالة والغواية عن الدين. فقد تبين لك بطلان ما طعنوا به، وأظهر لك فساده وقبيح كذبه. والحمد لله رب العالمين. [80]
ومنها أن عمر قصد إحراق بيت سيدة النساء، وضربها على جنبها الشريف بقبضة سيفه حتى وضعت حملها بسبب ذلك. [81]
والجواب أن هذه القصة محض هذيان وزور من القول وبهتان. ولذا قد أنكر صحتها أكثر الإمامية وأن روايتها عندهم غير صحيحة ولا مرضية. [82] مع أن فعل عمر هذا لو فرض وقوعه فهو أقل مما فعله الأمير كرم الله تعالى وجهه مع أم المؤمنين عائشة الصديقة، مع أنه لم يلحقه طعن من ذلك عند الفريقين بناء على حفظ الانتظام في أمور الدنيا والدين:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ** ولكن عين السخط تبدي المساويا [83]
ومنها أن عمر أنكر موت الرسول ﷺ وحلف أنه لم يمت، حتى قرأ أبو بكر قوله تعالى { إنك ميت وإنهم ميتون }. [84]
والجواب أن ذلك من شدة دهشته بموت الرسول وكمال محبته له ﷺ حتى لم يبق له في ذلك الحين شعور بشيء، وكثيرا ما يحصل الذهول بسبب تفاقم المصائب وتراكم الشدائد، لأن النسيان والذهول من اللوازم البشرية. ألا ترى أن يوشع – مع كونه نبيا معصوما – نسي أن يخبر موسى بفقد الحوت مع المكتل. بل إن موسى "عليه السلام" - مع كونه من أولي العزم – قد نسي معاهدته مع الخضر على عدم السؤال ثلاث مرات. وقال تعالى في حق آدم { فنسي ولم نجد له عزما }
وقد روى أبو جعفر الطوسي عن عبيد الله الحلبي [85] أن الإمام أبا عبد الله "عليه السلام" كان يسهو في صلاته ويقول في سجدتي السهو « بسم الله وبالله، وصلى الله على محمد وآله وسلم » [86] فأي ذنب لابن الخطاب بدهشته من هذا الأمر العظيم وأي طعن عليه بسبب ما حصل له من فقد محبوبه ﷺ؟ فتبا لكم أيها الفرقة الضالة فقد نال الشيطان من عقولكم حتى صرتم شياطين أمثاله.
ومنها أن عمر كان لا يعلم بعض المسائل الشرعية التي هي شرط في الإمامة والخلافة؛ كأمره برجم الحامل من الزنا، فرده الأمير وقال له: إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها، فندم حينئذ وقال: « لولا علي لهلك عمر. » [87] وكما أراد رجم أمرأة مجنونة فرده الأمير بقوله ﷺ « رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق »، وكإتمامه عدد الضربات في حد ابنه أبي شحمة بعد أن مات في أثناء الحد، مع أن الميت غير معقول، وكعدم علمه بحد شرب الخمر حتى قرره بمشورة الصحابة ورأيهم.
والجواب عن الأول أن عمر «رضي الله ع» لم يكن على علم بحمل المرأة لأن هذا أمر لا يدرك بالبصر إلا بعد تمام مدة الحمل وما يقاربه، والأمير كان مطلعا على ذلك وأخبر بحملها فنبه عمر إلى ذلك فشكره، والقضاء على ظاهر الحال لا يوجب النقص في الإمامة، بل ولا في النبوة. ألا ترى أن موسى "عليه السلام" أخذ برأس أخيه الكبير ولحيته مع أنه نبي وأهانه حين لم يطلع على حقيقة الآمر، وقال النبي ﷺ « إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، وإن بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار »، [88] وقد روي عند الفريقين أن النبي ﷺ أمر عليا بإقامة الحد على امرأة حديثة بنفاس فلم يقم عليها الحد خشية أن تموت، فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال: « أحسنت، دعها حتى ينقطع دمها » [89] فقد تبين أن عدم الاطلاع على حقيقة الحال غير الجهل بالمسائل الشرعية. وعن الثاني أن عمر «رضي الله ع» لم يكن واقفا على جنونها أيضا، فقد روى الإمام أحمد عن عطاء بن السايب عن أبي ظبيان الحصين بن جندب الجنبي أن امرأة أتوا بها مأخوذة إلى عمر بجريمة الزنا فحكم برجمها بعدما ثبت، فقادوها للرجم، فإذا علي لاقاهم في الطريق فسألهم: أين تذهبون بهذه المرأة؟ فقالوا: إن الخليفة أمر برجمها لثبوت الزنا عنده، فأخذها الأمير من أيديهم وجاء بها إلى عمر وقال: هذه المرأة مجنونة من بني فلان أنا أعلمها كما هي، وقال « رفع القلم عن المجنون حتى يفيق » فمنع عمر من رجمها. [90] فقد علم أن عمر كان يعلم أن المجنونة لا ترجم، ولكن لم يكن له علم بجنونها.
وعن الثالث: بأنه كذب وبهتان ولم يصح عند الفريقين، بل الثابت في الروايات الصحية أن المحدود بقى حيا بعد الحد، نعم قد غشي عليه أثناء الحد، ولذا توهم الناس موته. [91]
وعن الرابع أن عدم العلم بشيء لم يحدث من قبل ولم يعين في الشرع حكمه ليس محلا للطعن، لأن العلم تابع المعلوم، وحد شارب الخمر لم يكن في عهده ﷺ معينا ومقررا، بل كانوا يضربون الشارب بالنعال والجرائد والأسواط، وقد خمن الصحابة ذلك من زمن أبي بكر بأربعين ضربة، [92] وقد تعدد شرب الخمر في خلافة عمر فجمع الصحابة كلهم وشاورهم في ذلك فقال الأمير وعبد الرحمن بن عوف ينبغي أن يكون كحد القذف ثمانين جلدة، لأن السكران يزول عقله بالسكر فربما يسب أحدا ويشتمه، فارتضى جميع الصحابة ذلك الاستنباط وأجمعوا عليه، وقد ذكر هذه القصة ابن المطهر الحلي أيضا في ( منهاج الكرامة ) [93] وبما ذكرنا من أن عمر زاد حد الخمر بقول الأمير اندفع الخامس.
هذا مع أن معرفة جميع الأحكام الشرعية بالفعل ليست شرطا للإمامة، بل ولا النبوة، فقد كانت توحى إلى النبي ﷺ الأحكام الشرعية على حسب الوقائع، والإمام يعلم بعض الأحكام بالاجتهاد، وربما يخطئ فيه، كما روى الترمذي عن عكرمة أن عليا أحرق قوما ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: « لو كنت أنا لقتلتهم »، فبلغ ذلك عليا فقال: « صدق ابن عباس »، [94] والله تعالى الهادي.
ومنها أن عمر درأ حد الزنا عن المغيرة بن شعبة مع ثبوته بالبينة وهي أربعة رجال، ولقن الرابع كلمة تدرأ الحد فقد قال له لما جاء للشهادة: أرى وجه رجل لا يفضح الله به رجلا من المسلمين. [95]
والجواب أن درء الحد إنما يكون بعد ثبوته، ولم يثبت لعدم شهادة الرابع كما ينبغي، وتلقينه الشاهد كذب وبهتان من أهل العدوان، إذ قد يثبت في التواريخ المعتبرة كتاريخ البخاري وابن الأثير وغيرهما أنه لما جاء الرابع وهو زياد ابن ابيه قالوا له: أتشهد كأصحابك؟ قال: أعلم هذا القدر، إني رأيت مجلسا ونفسا حثيثا وانتهازا ورأيته مستبطنها - أى مخفيها تحت بطنه – ورجلين كأنهما أذنا حمار، فقال عمر: هل رأيت كالميل في المكحلة؟ قال: لا. [96] وقد وقع ذلك بمحضر الأمير وغيره من الصحابة. فأين التلقين يا أرباب الزور المفترين؟ ولفظ « أرى وجه رجل لا يفضح الله به رجلا من المسلمين » [97] إنما قاله المغيرة في ذلك الحين كما هو حال الخصم مع الشهود، ولا سيما إذا كان يترتب عليه حكم موجب لهلاكه.
على أن عمر لو درأ الحد لكان فعله لفعل المعصوم، [98] فقد روى ابن بابويه في ( الفقيه ) أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين "عليه السلام" وأقر بالسرقة إقرارا موجبا للقطع، فلم يقطع يده، [99] والله تعالى الهادي.
ومنها أن عمر لم يعط أهل البيت سهمهم من الخمس الثابت بقوله تعالى { واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } فقد خالف حكم الله تعالى. [100]
والجواب أن فعل عمر موافق لفعل النبي ﷺ. وتحقيقه أن أبا بكر وعمر كانا يخرجان سهم ذوي القربى من الخمس ويعطيانه لفقرائهم ومساكينهم [101] كما كان ذلك في زمن النبي ﷺ. وعليه الحنفية [102] وجمع كثير من الإمامية. [103] وذهب الشافعية إلى أن لهم خمس الخمس يستوى فيه غنيهم وفقيرهم، ويقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ويكون بين بني هاشم والمطلب دون غيرهم. [104] والأمير أيضا عمل كعمل عمر فقد روى الطحاوي والدارقطني عن محمد بن إسحق أنه قال: سألت أبا جعفر محمد [ بن علي ] بن الحسين [ بن علي بن أبي طالب ] [105]: إن أمير المؤمنين على بن أبي طالب لما ولى أمر الناس كيف كان يصنع في سهم ذوي القربى؟ فقال: سلك به والله مسلك أبي بكر وعمر. [106] إلى غير ذلك من رواياتهم، فإذا كان فعل عمر موافقا لفعل النبي ﷺ والأمير كيف يكون محلا للطعن؟ ومن يضلل الله فلا هادي له، نسأله تعالى السلامة من الغباوة والوله.
ومنها أن عمر أحدث في الدين ما لم يكن منه كصلاة التراويح وإقامتها بالجماعة، فإنها بدعة كما اعترف هو بذلك، وكل بدعة ضلالة. وقد روى عن النبي ﷺ « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد عليه ». [107]
والجواب أنه قد ثبت عند أهل السنة بأحاديث مشهورة متواترة أنه ﷺ صلة التراويح بالجماعة مع الصحابة ثلاث ليالي من رمضان جماعة ولم يخرج في الليلة الرابعة وقال « إني خشيت أن تفرض عليكم » [108] فلما زال هذا المحذور بعد وفاته ﷺ أحيى عمر هذه السنة السنية. [109] وقد ثبت في أصول الفريقين أن « الحكم إذا كان معللا بعلة نص الشارع يرتفع ذلك الحكم إذا زالت العلة » [110] وأعترف عمر بكونها بدعة حيث قال « نعمت البدعة هي » فمراده أن المواظبة عليها بالجماعة شيء حديث لم يكن في عهد النبي ﷺ، وما ثبت في زمن الخلفاء الراشدين والأئمة المطهرين مما لم يكن في زمنه ﷺ لا يسمى بدعة، ولو سميت بدعة فهي حسنة، والحديث مخصوص بإحداث ما لم يكن له أصل في الشرع. [111]
ومعلوم أن الشيعة لم يعتقدوا بدعية صلاة الشكر يوم قتل عمر «رضي الله ع»، وهو اليوم التاسع من ربيع الأول، وتعظيم النيروز، [112] وتحليل فروج الجواري، وحرمان بعض الأولاد من بعض التركة، [113] إلى غير ذلك من الأمور التي لم تكن في زمنه ﷺ بناء على زعمهم أن الأئمة أحدثوها. أما أن لا يعتقد أهل السنة بدعية ما أحدثه عمر فلأنه عندهم كالأئمة عند الشيعة لقوله ﷺ « ومن يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليك بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ » والله سبحانه الهادي.
ومنها أن عمر منع من متعة النساء ومتعة الحج، مع أن كلتا المتعتين كانتا في زمنه ﷺ، فنسخ حكم الله تعالى وحرم ما أحله سبحانه، بدليل ما ثبت عند أهل السنة من قوله « متعتان كانتا على عهد رسول الله ﷺ وانا أنهى عنهما ». [114]
والجواب أن أصح الكتب عند أهل السنة الصحاح الست، وأصحها البخاري ومسلم، وقد روى مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع وسبرة بن معبد الجهني أنه ﷺ قد حرم هو المتعة بعد ما كان أحلها ورخصها لهم ثلاثة أيام، [115] وجعل تحريمها إذ حرمها مؤبدا إلى يوم القيامة. ومثل هذه الرواية في الصحاح الأخر، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من كتب أهل السنة رواية الأئمة عن الأمير بتحريمها. [116] فإن ادعت الشيعة أن ذلك كان في غزوة خيبر ثم أحلت في غزوة الأوطاس [117] فمردود، لأن غزوة جيبر كانت مبدأ تحريم لحوم الحمر الأهلية لا متعة النساء، فقد روى جمع من أهل السنة عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما عن الأمير كرم الله تعالى وجهه أنه قال: « أمرني رسول الله ﷺ أن أنادي بتحريم المتعة » [118] فقد علم أن تحريم المتعة كان في عهد رسول الله ﷺ مرة أو مرتين، فالذى بلغه النهي امتنع عنها ومن لا فلا، ولما شاع في عهد عمر ارتكابها أظهر حرمتها وأشاعها وهدد من كان يرتكبها. وآيات الكتاب شاهدة على حرمتها وقد سبق ذلك في المسائل الفقهية فتذكر فما في العهد من قدم.
والجواب عن متعة الحج – أعنى تأدية أركان العمرة مع الحج في سفر واحد في أشهر الحج قبل الرجوع إلى بيته – أن عمر لم يمنعها قط، ورواية التحريم عنه افتراء صريح. نعم إنه كان برى إفراد الحج والعمرة أولى من جمعها في إحرام واحد وهو القران، أو في سفر واحد وهو التمتع، وعليه الإمام الشافعي وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وغيرهم لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله – إلى قوله – فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } الآية، فأوجب سبحانه الهدى على المتمتع لا على المفرد جبرا لما فيه من النقصان، كما أوجبه تعالى في الحج إذا حصل فيه قصور ونقص، لأنه ﷺ حج في حجة الوداع مفردا واعتمر في عمرة القضاء [119] وعمرة جعرانة [120] كذلك ولم يحج فيها بل رجع إلى المدينة مع وجود المهلة.
وأما ما رووا من قول عمر « وأنا أنهى عنهما » فمعناه أن الفسقة وعوام الناس لا يبالون بنهي الكتاب وهو قوله تعالى { فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } وقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } إلا أن يحكم عليهم الحاكم والسلطان ويجبرهم على مراعاة ما أمروا به وما نهوا عنه فلذلك أضاف النهي إلى نفسه، فقد تبين لك ولله تعالى الحمد زيف أقوالهم وظهر لك مزيد ضلالهم، والحق يعلو وكلمة الصدق تسمو.
المطاعن الثالثة في حق ذى النورين وثالث العمرين «رضي الله ع»
فمنها أن عثمان ولى وأمر من صدر منه الظلم والخيانة وارتكاب الأمور الشنيعة كالوليد ابن عقبة [121] الذي شرب الخمر وأم الناس في الصلاة وهو سكران وصلى الصبح أربع ركعات ثم قال: هل أزيدكم؟ وولى معاوية الشام التي هي عبارة عن أربع ممالك فتقوى حتى أنه نازع الأمير وبغى عليه في أيام خلافته. [122] وولى عبد الله بن سعد مصر فظلم أهلها ظلما شديدا حتى اضطرهم إلى الهجرة إلى المدينة وخرجوا عليه. وجعل مروان وزيره وكاتبه فمكر في حق محمد بن أبي بكر وكتب مكان اقبلوه اقتلوه. [123] ولم يعزلهم بعد الاطلاع على أحوالهم حتى تضجرت الناس منه فآل أمره إلى أن قتل، ومن كان في هذا حاله فهو غير لائق بالإمامة. [124]
والجواب أن الإمام لابد له أن يفوض بعض الأمور إلى من يراه لائقا لما هنالك بحسب الظاهر، إذ ليس له علم الغيب، فإنه ليس بشرط في الإمامة عند أهل الحق. وقد كان عماله ظاهرا مطيعين له منقادين لأوامره. [125] وقد ثبت في التاريخ أنهم خدموا الإسلام وشيدوا الدين، فقد فتحوا بلادا كثيرة حتى وصلوا غربا إلى الأندلس وشرقا إلى بلخ [126] وكابل، [127] وقاتلوا برا وبحرا، واستأصلوا أرباب الفتن والفساد من عراق العجم وخراسان. وقد عزل بعض من تحقق لديه بعد ذلك سوء حاله كما عزل الوليد. [128] ومعاوية لم يبلغ في زمنه حتى يستحق العزل، بل قد أجرى خدمات كثيرة، كما غزا الروم وفتح منها بلادا متعددة. [129]
وأما الشكايات التي وقعت على عبدالله بن سعد فمن تزوير عبدالله ابن سبأ وتسويلاته. وبالجملة لم يكن لعثمان قصور مما هنالك، وحاله مع عماله كحال الأمير مع عمله، إلا أن عمال عثمان كانوا منقادين لأوامره ومطيعين له بخلاف عمال الأمير. ومن راجع ما سلف منا من خطب الأمير في حق أتباعه وجنده وأشياعه تبين له صدق هذا الكلام، وأن لا عتب على ذى النورين في ذلك ولا ملام. وقد كتب الأمير كرم الله تعالى وجهه إلى المنذر بن الجارود العبدي « أما بعد فصلاح أبيك غرني وظننت أنك تتبع هداه وتسلك سبيله، فإذا أنت – فيما نما إلي عنك – لا تدع لهواك انقيادا، ولا تبقى لآخرتك عتادا. تغمر دنياك بخراب آخرتك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك » إلى آخر ما قال. [130] ومثل هذا كثير في ذلك الكتاب. فكما أن الأمير لا يلحقه طعن بسبب ما وقع من عماله، كذلك عثمان. وإلا فما الفرق؟ والله سبحانه الموفق للهداية وبه نستعيذ من الضلالة والغواية.
ومنها أن عثمان أدخل الحكم ( أبا مروان ) بن العاص [131] المدينة وقد أخرجه رسول الله ﷺ.
والجواب أن الرسول ﷺ إنما أخرجه لحبه المنافقين وتهيجه الفتن بين المسلمين ومعاونته الكفار، [132] ولما زال الكفر والنفاق بعد وفاته ﷺ وقوي الإسلام في خلافة الشيخين لم يبق محذور من إرجاعه إليها. وقد سبق مما هو مقرر عند الفريقين أن الحكم إذا علل بعلة ثم زالت زال. وعدم إرجاع الشيخين إياه لما حصل عندهما من ظن بقائه على ما كان عليه في زمن الرسول ﷺ، وقد ارتفع ذلك عن عثمان زمن خلافته لأن الحكم كان ابن أخيه. على أن عثمان قال اعترضوا عليه بذلك: إني كنت أخذت الإذن من رسول الله ﷺ في مرض موته على دخول الحكم المدينة وعدم قبول أبي بكر ذلك مني لطلبه شاهدا آخر على إذنه ﷺ له بالدخول المدينة، وكذلك عمر، ولما أدت النوبة إلى عملت بما علمت. [133] وأيضا قد ثبت أن الحكم قد تاب في آخر عمره من النفاق ومما كان يفعله من التزوير والاختلاق، والله تعالى الهادي إلى طريق السداد، ومنه التوفيق والرشاد.
ومنها أن عثمان وهب لأهل بيته وأقاربه كثيرا من المال، وصرف من بيت المال مصارف كثيرة في غير محلها مما يدل على إسرافه، كما اعطى الحكم مائة ألف درهم [134] وأعطى مروان خمس إفريقية [135] [ وسعيد بن ] العاص [136] ثلاث مائة ألف درهم وذلك لما جاء من مكة، [137] إلى غير ذلك من الإسراف الوافر والبذل المتكاثر، ومن كان بهذه الأحوال كيف يستحق الإمامة من بين الرجال. [138]
والجواب – على فرض التسليم – أن عثمان «رضي الله ع» بذل ذلك من كيسه لا من بيت المال، فإنه كان من المتمولين قبل أن يكون خليفة، ومن راجع كتب السير أقر بهذا الأمر، فقد كان «رضي الله ع» يعتق في كل جمعة رقبة، ويضيف المهاجرين والأنصار، ويطعمهم في كل يوم. وقد روي عن الإمام الحسن البصري أنه قال: إنى شهدت منادي عثمان ينادي « يا أيها الناس اغدوا على أعطياتكم، فيغدون فيأخذونها وافرة، يا أيها الناس اغدوا على أرزاقكم، فيغدون فيأخذونها وافية حتى والله لقد سمعته أذناي يقول: اغدوا على كسوتكم، فيأخذون الحلل » [139] ومن راجع كتب التواريخ علم درجة سخائه رضي الله تعالى عنه، ولم ينقل عن أحد الإنفاق في سبيل الله تعالى موجب للطعن، [140] والله تعالى الهادي. [141]
ومنها أن عثمان قد عزل في خلافته جمعا من الصحابة عن مناصبهم كما عزل أبا موسى الأشعري عن البصرة [142] ونصب مكانه عبدالله بن عامر، [143] وعزل عمرو بن العاص [144] عن مصر ونصب مكانه عبدالله بن سعد [145] مع أنه قد ارتد في عهد الرسول ﷺ ولحق بمشركي مكة وأباح ﷺ دمه يوم الفتح حتى تكفله عثمان فأسلم. [146] وعزل عمار بن ياسر [147] عن الكوفة وعبد الله بن مسعود عن قضائها. [148]
والجواب أن عزل العمال ونصبهم من وظيفة الخلفاء والأئمة، ولا يلزمهم إبقاء العمال السابقين على حالهم. نعم لا ينبغي العزل من غير سبب وعزل هؤلاء كان لسبب، وقد فصل ذلك في كتب التواريخ فراجعها.
ومنها أن عثمان درأ القصاص [149] عن عبيد الله بن عمر وقد قتل الهرمزان ملك الأهواز الذي أسلم في زمن عمر بعد ان اتهمه في مشاركة من قتل عمر، [150] مع أن القاتل كان أبا لؤلؤة فقط وقد قتل أيضا جنيفة النصراني لاتهامه بذلك. وقد اجتمع الصحابة عليه ليقتص من عبيد فلم يوافقوهم وأدى ديتهم عنه فخالف حكم الله فليس يليق للإمامة.
والجواب أن القصاص لم يثبت في تلك الصور، لأن ورثة الهرمزان لم يكونوا في المدينة بل كانوا في فارس، ولما أرسل عليهم عثمان لم يحضروا المدينة خوفا كما ذكر المرتضى في بعض كتبه. [151] وشرط حضور جميع ورثة المقتول كما ذهبت إليه الحنفية، فلم يبق إلا الدية، وقد أعطاها من بيت المال لا من القاتل، ولأن بنت أبي لؤلؤة كانت مجوسية وجفنة كان نصرانيا وقد قال ﷺ « لا يقتل مسلم بكافر » [152] وهذا ثابت عندهم. [153] على أنه لو اقتص عثمان من عبيد الله لوقعت فتنة عظيمة لأن بني تيم وبني عدي كانوا مانعين من القتل، وكانوا يقولون لو اقتص عثمان من عبيد الله لحاربناه، ونادى عمرو بن العاص وهو رئيس بني سهم فقال: أيقتل أمير المؤمنين أمس ويقتل ابنه اليوم؟ لا والله لا يكون هذا أبدا. [154] وهذا كما ثبت عندهم من أن الأمير لم يقتص من قتله عثمان خوفا من الفتنة. [155]
ومنها أن عثمان غير سنة رسول الله ﷺ لأنه صلى اربع ركعات في منى مع أنه ﷺ كان يقصر الصلاة الرباعية في سفره دائما. وقد أنكر عليه الجماعة من الصحابة ذلك الفعل. [156]
والجواب أن عثمان ما كان إذ ذك مسافرا لأنه تزوج في مكة وتبوأ منزلا فيها وأقام في تلك البقعة المباركة، ولما طلع الأصحاب على حقيقة الحال زال عنهم الإنكار والإشكال. [157]
ومنها أن عثمان قد وهب لصحابه ورفقائه كثيرا من أراضى بين المال وأتلف حقوق المسلمين.
والجواب أنه كان يأذن لهم بإحياء أراضي الموات، ومن يحيى الموات فهي له لقوله عليه الصلاة والسلام: « موتان الأرض لله ولرسوله فمن أحيا منها شيئا فهو له » [158] ولم يهب لأحد أرضا معمورة مزروعة كا يعلم ذلك من التاريخ. [159]
ومنها أن الصحابة كلهم كانوا راضين بقتله ويتبرأون منه حتى تركوه بعد قتله ثلاثة أيام بلا دفن. [160]
والجواب أن هذا كله كذب صريح وبهتان فضيح على الصبيان فضلا عن ذوي العرفان، [161] ألا ترى أن طلحة والزبير وعائشة الصديقة ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم قد قاتلوا لأجل طلب القصاص لعثمان، وقد ثبت في التواريخ عند الفريقين أن الصحابة كلهم لم يألوا جهدا في دفع البلوى عنه حتى استأذنوا منه في قتال المحاصرين فلم يجوز لهم، [162] وكانوا مهما تمكنوا يوصلون إليه الماء ويفرجون عنه. وجاء زيد بن ثابت الأنصار وقال شبابهم له: إن شيء ت كنا أنصار الله مرتين. [163] وجاء عبد الله بن عمر مع المهاجرين وقال: إن الذين خرجوا عليك قد أمنوا سيوفنا، واستأذنه لقتالهم فلم يؤذن له. [164] وكان السبطان [165] وعبد الله بن عمر [166] وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر بن ربيعة [167] وأبو هريرة [168] وغيرهم من الصحابة معه في دار وكانوا يدافعون عنه كلما هجم عليه أهل البغي والعدوان ولم يأذن لهم ولا لأحد بقتالهم.
وقد ثبت في نهج البلاغة من كلام الأمير أنه قال « والله قد دفعت عنه » [169] إلى غير ذلك. [170] وقد شيع جنازته جماعة من الصحابة والتابعين ودفنوه بثيابه الملطخة بالدم ليلا ولم يؤخروه. وقد حضرت الملائكة جنازته لما روى الحافظ الدمشقي مرفوعا عن النبي ﷺ أنه قال « يوم موت عثمان تصلي عليه ملائكة السماء » قال الراوي: قلت يا رسول الله عثمان خاصة أو الناس عامة؟ قال: عثمان خاصة. [171]
ونسبة هجوه وبغضه إلى الصحابة كذب وزور، وذلك في غاية الظهور. فقد روى الديلمي وهو من المعتبرين عند الشيعة في ( المنتقى ) عن الحسن بن علي قال « ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها: رأيت رسول الله ﷺ واضعا يده على العرش، ورأيت أبا بكر واضعا يده على منكب رسول الله ﷺ، ورأيت عمر واضعا يده على منكب أبي بكر، ورأيت عثمان واضعا يده على منكب عمر، ورأيت دما دونه، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: دم عثمان يطلبه الله تعالى به ». [172]
وروى ابن السمان عن قيس بن عباد قال سمعت عليا يوم الجمل يقول « اللهم إنى أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاءوني للبيعة فقلت: ألا أستحي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال له رسول الله ﷺ: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة، إني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل في الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا. فلما دفن رجع الناس يسألون البيعة فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه. ثم جاءت عزيمة فبايعت. قال: فقالوا « يا أمير المؤمنين » فكأنما صدع قلبي » [173]
وروى ابن السمان أيضا عن محمد بن الحنفية أن عليا قال يوم الجمل « لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل » وعنه أن عليا بلغه أن عائشة تلعن قتلة عثمان فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال « وأنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل » مرتين أو ثلاثا. [174] إلى غير ذلك من أقوال أهل البيت وسائر الصحابة مما يدل على مزيد حبهم له وتأسفهم على مصيبته.
وهذا الكتاب لا يحتمل ذكر ذلك على سبيل التفصيل، وتأخير دفنه إلى ثلاثة ايام زور وبهتان كما يعلم مما ذكرنا من البيان. كيف وقد أجمع المؤرخون على أن شهادته «رضي الله ع» بعد العصر يوم الجمعة لعشر خلون من ذي الحجة، ودفن في البقيع ليلة السبت «رضي الله ع» وأرضاه، وجعل الغرف العالية مستقرة ومثواه، ونسأله تعالى أن يحشرنا في زمرتهم، ويميتنا على محبتهم.
المطاعن الرابعة في حق أم المؤمنين وحبيبة حبيب رب العالمين عائشة الصديقة وزوج مفخر العوالم على الحقيقة
منها أنها خرجت من المدينة إلى مكة [175] ومنها إلى البصرة ومعها ما يزيد عل ستة عشر ألف رجل من العسكر. وقد قال تعالى في الأزواج المطهرات { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } فأمرهن بالسكون في البيوت، ونهاهن عن الخروج من بيوتهن. [176]
والجواب أن الأمر باستقرارهن في البيوت والنهي عن الخروج منها ليس بمطلق، ولو كان مطلقا لما أخرجهن رسول الله ﷺ بعد نزول الآية إلى الحج والعمرة والغزوات ولا رخص لهن بزيارة الوالدين وعيادة المريض وتعزية أقاربهن. واللازم باطل فكذا الملزوم. والمراد من هذا الأمر والنهي تأكيد التستر والحجاب بأن لا يدرن ولا يتسكعن في الطرق والأسواق كنساء العوام، ولا منافاة بين السفر وبين التستر والحجاب، ألا ترى أن المخدرات من نساء الأمراء والملوك يخرجن من بلد إلى بلد ومعهن جمع من الخدم والأتباع. ولا سيما إذا كان السفر متضمنا لمصلحة دينية ودنيوية كالجهاد والحج والعمرة. وسفر أم المؤمنين كان من هذا القبيل، لأنها خرجت لإصلاح ذات البين وأخذ القصاص من قتلة عثمان «رضي الله ع» المقتول ظلما وعدوانا، وذلك لا يعد تبرجا.
ويجاب أيضا بأن ما طعنوا به أم المؤمنين وجد في فاطمة «رضي الله ع» أيضا لما ثبت في كتبهم بطريق التواتر أن الأمير قد أركب فاطمة على مطية وطاف بها [177] في محلات المدينة ومساكن الأنصار طالبا منهم الإعانة على ما غصب من حقها زمن خلافة الصديق «رضي الله ع». [178]
ويجاب أيضا بأن جميع رجال المؤمنين أبناء لأزواج النبي ﷺ بالاتفاق، [179] وجميع من كان مع الصديقة في سفرها فهم أبناؤه. ولذا طلبت القصاص من القتلة، فلا إشكال ولا قيل ولا قال. وسيأتي قريبا بيان هذه القصة مفصلا إن شاء الله تعالى.
ومنها أن عسكر عائشة لما أتوا البصرة نهبوا بيت المال وأخرجوا عامل الأمير عثمان بن حنيف الأنصاري مهانا، مع أنه من صحابة رسول الله ﷺ.
والجواب أن هذه الأمور لم تقع برضاء عائشة ولا علمت بذلك، حتى أنها لما علمت ما جرى في حق عثمان بن حنيف اعتذرت له واسترضته. [180] ومثل هذا وقع لعسكر الأمير مع أبي موسى الأشعري فقد أحرقوا بيته ونهبوا متاعه لما دخلوا الكوفة [181] ومنهم مالك الأشتر. [182]
ومنها أن عائشة أفشت سر النبي ﷺ، قال تعالى { وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير }. [183]
والجواب أن إفشاء السر وقع من حفصة لا غير بإجماع المفسرين، وذلك أنها رأت النبي ﷺ مع مارية في فراشها من ثقب الباب، وقال لها إني حرمت مارية على نفسي فاكتميه ولا تفشيه، فذهبت حفصة وبشرت عائشة بذلك. [184] ومن مزيد فرحها اشتبه عليها الأمر فظنت أن الذي أمرت بكتمانه هو ما رأته من الشق لا التحريم. وقد عد ذلك الإفشاء من حفصة معصية وقد تابت عنها، وقد ثبت ذلك في تفاسير الشيعة كمجمع البيان للطبرسي. [185]
ومنها أن عائشة قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي ﷺ ما غرت على خديجة [186] وما رأيتها قط ولكن كان رسول الله ﷺ يكثر ذكرها. [187]
والجواب أن الغيرة محبوبة في النساء، ولا مؤاخذة على الأمور الجبلية. نعم لو صدر قول أو فعل مخالف للشرع للغيرة تتوجه الملامة. وفي الحديث الصحيح إن بعض أمهات المؤمنين غارت على الأخرى حين أرسلت إلى رسول الله ﷺ طعاما لذيذا وكان النبي ﷺ إذ ذاك في بيت من تغار وأخذت الطبق من يد خادمها فضربت به على الأرض حتى انكسر [ الإناء ] [188] وانصب الطعام فقام رسول الله ﷺ إلى ذلك الطعام بنفسه فاجتناه وجمعه من الأرض وقال « قد غارت أمكم » [189] ولم يعاتبها ولم يوبخها، فكيف يسوغ لأفراد الأمة أن يجعلوا أمهات المؤمنين هدفا لسهام مطاعنهم؟ والله الموفق.
ومنها أن عائشة كانت تقول في آخر الحال: قاتلت عليا ووددت أني كنت نسيا منسيا. [190]
والجواب أن هذه الرواية ما صحت بهذا اللفظ، والذى صح أنها تذكر يوم الجمل وتبكي بكاءا شديدا حتى يبتل محجرها [191] المبارك بالدموع لاستعجالها وترك التأمل ولم تحقق من قبل أن ماء الحوأب [192] واقع في أثناء السبيل أم لا. وعلى تقدير صدور ذلك منها فلا ضير، إذ قد صح عند أهل السنة صدور مثل هذا اللفظ عن الأمير كرم الله تعالى وجهه لما طاف على القتلى من الطرفين فقال « يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا » وهو يضرب فخذيه.
ومنها أنها زينت يوما جارية كانت عندها وقالت: لعلنا نصطاد بها شابا من شباب قريش بأن يكون مشغوفا بها. [193]
والجواب أن هذه الرواية وردت عن وكيع بن الجراح [ عن العلاء بن عبد الكريم ] [194] عن عمار بن عمران عن امرأة من غنم عن عائشة رضي الله عنها، وعمار بن عمران والامرأة مجهولان فلا تقبل هذه الرواية. [195] والحاصل أن هذا الخبر لا صحة له عند أهل السنة بل لا ورود له. وعلى تقدير وروده عند الشيعة فبمقتضى قواعد الأصول عند الفريقين أنه غير مقبول لما ذكرنا. ولا يخفى على من يعرف ما لهم في هذا الباب من المصنفات أن جميع مطاعنهم واعتراضاتهم من قبيل هذه الهذيانات. نسأل الله تعالى التوفيق والهداية، والعصمة من الضلالة والغواية.
مطاعنهم في الصحابة رضي الله تعالى عنهم على سبيل العموم
منها أن أكثر الصحابة انفضوا عن رسول الله ﷺ إلى العير التي جاءت من الشام وتركوه وحده في خطبة الجمعة وتوجهوا إلى اللهو واشتغلوا بالتجارة، وذلك دليل على عدم الديانة. [196]
والجواب أن هذه القصة إنما وقعت في بدء زمن الهجرة، ولم يكونوا إذ ذاك واقفين على الآداب الشريعة كما ينبغي، وكان للناس مزيد رغبة في الغلة، وظنوا أن لو ذهبت الإبل يزيد الغلاء ويعم البلاء، ولم يخرجوا جميعهم بل كبار الصحابة كأبي بكر وعمر كانوا قائمين عنده ﷺ كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولذا لم يشنع عليهم ولم يوعهم سبحانه بعذاب ولم يعاتبهم الرسول ﷺ أيضا. [197]
ومنها أن أهل السنة رووا في صحاحهم عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله ﷺ « سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد. فيقال: إنهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ». [198]
والجواب أنا لا نسلم أن المراد بالأصحاب ما هو المعلوم في عرفنا، بل المراد بهم مطلق المؤمنين به ﷺ المتبعين له، وهذا كما يقال لمقلدي أبي حنيفة أصحاب أبي حنيفة ولمقلدي الشافعي أصحاب الشافعي وهكذا وإن لم يكن هناك رؤية واجتماع. وكذا يقول الرجل للماضين الموافقين له في مذهب أصحابنا، مع أن بينه وبينهم عدة من السنين. ومعرفته ﷺ لهم مع عدم رؤيتهم في الدنيا بسبب أمارات تلوح عليهم، فقد جاء في الخبر أن عصاة هذه الأمة يمتازون يوم القيامة من عصاة غيرهم كما أن طائعيهم يمتازون عن طائعي غيرهم، وجذبهم إلى ذات الشمال كان تأديبا لهم وعقابا على معاصيهم. ولو سلمنا أن المراد بهم ما هو معلوم في العرف فهم الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق «رضي الله ع». [199] وقوله ﷺ « أصحابي أصحابي » لظن أنهم لم يرتدوا كما يؤذن به ما قيل في جوابه من أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. [200]
فإن قلت: إن « رجالا » في الحديث كما يحتمل أن يراد منه من ذكرت من مرتدي الأعراب يحتمل أن يراد ما زعمته الشيعة.
أجيب: إن ما ورد في حقهم من الآيات والأحاديث وأقوال الأئمة مانع من إرادة ما زعمته الشيعة. أما الآيات فكقوله تعالى { إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم } وقوله تعالى { الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم } وقوله تعالى { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه } وقال تعالى { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى. وأما الأحاديث فقوله ﷺ « أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » [201] وقوله ﷺ « الله الله في أصحابي » [202] الحديث، إلى غير ذلك من الأخبار التي يضيق عنها المقام، وأما أقوال الأئمة فقد مر لك شيء منها، ولا مساغ للتخصيص الذي يزعمه الشيعة بوجه من الوجوه.
ومنها أن كثيرا من الصحابة فر من الزحف في غزوتي أحد وحنين، والفرار من الزحف من أكبر الكبائر. [203]
والجواب أن الفرار يوم أحد كان قبل النهي، ولئن قلنا كان بعده فهو معفو عنه بدليل قوله تعالى { ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم } [204] وأما الفرار يوم حنين فبعد تسليم أنه كان فرارا في الحقيقة معاتبا عليه، لم يصرّ عليه أولئك المخلصون بل انقلبوا وظفروا بدليل قوله تعالى { ثم أنزل الله سكينته على رسول الله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين }. [205]
ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: « إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: كما أمرنا الله تعالى. فقال رسول الله ﷺ: كلا بل تتنافسون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون إلى مساكن المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض » [206] فإن هذا صريح في وقوع التنافس والتدابر والتباغض فيما بين الصحابة.
والجواب أن الخطاب وإن كان للصحابة لكن باعتبار وقوع ذلك فيما بينهم وهو لا يستدعي أن يكون منهم. ويدل على ذلك أن الصحابة إما مهاجرون أو أنصار، والحديث صريح في أن أولئك الفرقة ليسوا مهاجرين، والواقع ينفي كونهم من الأنصار لأنهم ما حملوا المهاجرين على التحارب. فتعين أنهم من التابعين، وقد وقع ذلك منهم، فإنهم حملوا المهاجرين على التحارب بينهم كمالك الأشتر وأضرابه، ولا كلام لنا فيهم.
ومنها أن الصحابة قد آذوا عليا وحاربوه، وقد قال ﷺ « من آذى عليا فقد آذاني ». [207]
والجواب أن تلك المحاربات كانت لأمور اجتهادية فلا يلحقهم طعن من ذلك. ولا بد ههنا من التفصيل، ليتبين من هو على الحق ممن سلك التضليل فأقول: اعلم أن أعظم ما تداولت الألسن من الاختلاف الواقع بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما وقع في زمن الأمير كرم الله تعالى وجهه، فنشأ منه وقعتان عظيمتان: وقعة الجمل، ووقعة صفين. والأصل الأصيل لذلك قتل عثمان. «رضي الله ع»، وأنكر الهشامية [208] تلك الوقعتين، وإنكار ذلك مكابرة لا يلقى لها سمع، لأن الخبر متواتر في جميع مراتبه.
(وقعة الجمل)
وتلخيص الأولى أنه لما قتل عثمان «رضي الله ع» عنه صبرا توجع المسلمون، فسار طلحة والزبير وعائشة – وكان قد لقيها الخبر وهي مقبلة من عمرتها – نحو البصرة، [209] فلما علم علي كرم الله وجهه بمخرجهم اعترضهم من المدينة لئلا يحدث ما يشق عصا الإسلام، ففاتوه، وأرسل ابنه الحسن وعمارا يستنفران أهل المدينة وأهل الكوفة، ولما قدموا البصرة استعانوا باهلها وبيت مالها، حتى إذا جاءهم الإمام كرم الله تعالى وجهه حاول الصلح واجتماع الكلمة وسعى الساعون بذلك، فثار قتلة عثمان وكان ما كان. [210] وانتصر علي كرم الله تعالى وجهه، وكان قتالهم من ارتفاع النهار يوم الخميس إلى صلاة العصر لعشر خلون من جمادى الآخرة. [211] ولما ظهر علي «رضي الله ع» جاء إلى أم المؤمنين «رضي الله ع» فقال « غفر الله لك » قالت « ولك. وما أردت إلا الإصلاح » [212] ثم أنزلها دار عبدالله بن خلف وهي أعظم دار في البصرة على صفية [213] بنت الحارث أم طلحة الطلحات. [214] وزارها بعد ثلاث ورحبت به وبايعته وجلس عندها فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة فأمر القعقاع بن عمر أن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل. [215] ولما أرادت الخروج من البصرة بعث إليها بكل ما ينبغى من مركب وزاد ومتاع وأذن لمن نجا من الجيش أن يرجع إلا أن يحب المقام، وأرسل معها أربعين امرأة وسير معها أخاها محمدا. ولما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي كرم الله تعالى وجهه فوقف على الباب في الهودج فودعت الناس ودعت لهم وقالت: « يا بني لا يغتب [216] بعضكم بعضا، إنه ما كان بيني وبين علي بن أبي طالب «رضي الله ع» في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه لمن الأخيار » فقال علي كرم الله تعالى وجهه « صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها زوجة نبيكم ﷺ في الدنيا والآخرة » [217] وسار معها مودعا أميالا، وسرح بنيه معها بقية ذلك اليوم. [218] وكانت رضي الله تعالى عنها بعد ذلك إذا ذكرت ما وقع تبكي حتى تبل خمارها. [219]
ففي هذه المعاملة من الأمير كرم الله تعالى وجهه دليل على خلاف ما تزعمه الشيعة من كفرها [220] – وحاشاها رضي الله عنها – وفي ندمها وبكائها على ما كان دليل على أنها لم تذهب إلى ربها إلا وهي نقية من غبار المعركة، على أن في كلامها ما يدل على أنها كانت حسنة النية في ذلك. وقال غير واحد إنها اجتهدت ولكنها أخطات في الاجتهاد ولا إثم على المجتهد المخطئ بل أجر على اجتهاده وكونها رضي الله تعالى عنها من أهل الاجتهاد مما لا ريب فيه. [221] نعم قالت الشيعة إنه يبطل اجتهادها أنه ﷺ قال يوما لأزواجه كأني بإحداكن تنبحها كلاب الحوأب، [222] فإياك أن تكوني أنت يا حميراء. [223] والحوأب كجعفر منزل بين البصرة ومكة قيل نزلته عائشة ونبحتها كلابه فتذكرت الحديث وهو صريح في النهي ولم ترجع.
والجواب عن ذلك أن الثابت عندنا أنها لما سمعت ذلك وتحقيقه من محمد بن طلحة همت بالرجوع إلا أنها لم توافق عليه ومع هذا شهد لها مروان بن الحكم مع ثمانين رجلا من دهاقين تلك الناحية أن هذا المكان مكان آخر وليس الحوأب، [224] على أن « إياك أن تكوني يا حميراء » ليس موجودا في الكتب المعول عليها عند أهل السنة. [225] فليس في الخبر نهي صريح ينافي الاجتهاد، على أنه لو كان فلا يرد محذورا أيضا لأنها اجتهدت فسارت حين لم تعلم أن في طريقها هذا المكان، ولو أنها علمت لم يمكنها الرجوع لعدم الموافقة عليه. وليس في الحديث بعد هذا النهي أمر بشيء لتفعله، فلا جرم مرت على ما قصدته من إصلاح ذات البين المأمورة به بلا شبهة.
وأما طلحة والزبير رضي الله عنهما فلم يموتا إلا على بيعة الإمام كرم الله تعالى وجهه. أما طلحة فقد روى الحاكم [226] عن ثور بن مجزأة أنه قال: مررت بطلحة يوم الجمل في آخر رمق فقال لي: من أنت؟ قلت: من أصحاب أمير المؤمنين علي «رضي الله ع»، فقال: ابسط يدك أبايعك، فبسطت يدي فبايعني وقال: هذه بيعة علي، وفاضت نفسه. فأتيت عليا «رضي الله ع» فأخبرته فقال: الله أكبر صدق الله تعالى ورسوله ﷺ أبى الله سبحانه أن يدخل طلحة الجنة إلا وبيعتي في عنقه. [227] وأما الزبير «رضي الله ع» فقد ناداه علي كرم الله تعالى وجهه وخلا به وذكره قول النبي ﷺ له: لتقاتلن عليا وأنت له ظالم، فقال: لقد أذكرتني شيئا أنسانيه الدهر، لا جرم، لا أقاتلك أبدا، [228] فخرج من العسكرين نادما وقتل بوادي السباع مظلوما قتله همرو بن جرموز. [229] وقد ثبت عند الفريقين أنه [230] جاء بسيفه واستاذن على الأمير كرم الله تعالى وجهه فلم يأذن له، فقال: أنا قاتل الزبير، فقال: أبقتل ابن صفية تفتخر؟ سمعت رسول الله ﷺ يقول « بشر قاتل ابن صفية بالنار ». [231]
وأما عدم قتله فلقيام الشبهة على ما قيل، ونظيره ما أخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي عن الحسن أن أناسا من الصحابة «رضي الله ع» ذهبوا يتطرقون، [232] فقتل واحد منهم رجلا قد فر وهو يقول: إني مسلم، فغضب رسول الله ﷺ غضبا شديدا ولم يقتل القاتل. [233] وكذا قتل أسامة «رضي الله ع» فيما أخرجه السدي رجلا يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلامه رسول الله ﷺ جدا ولم يقبل عذره وقال له: كيف أنت ولا إله إلا الله؟ ونزل قوله تعالى { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا } الآية. [234]
وأجاب آخرون بأن العلماء اختلفوا في أنه هل يجب على الحاكم القصاص إذا لم يطلبه الولي أم لا؟ ولعل الأمير كرم الله تعالى وجهه ممن لا يرى الوجوب بدون طلب ولم يقع. وروي أيضا أن الأمير «رضي الله ع» قال لما جاءه عمر بن طلحة بعد موت أبيه « مرحبا بابن أخي، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: { ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين } » [235] وهذا ونحوه يدل على أنهما رضي الله تعالى عنهما لم يذهبا إلا طاهرين متطهرين.
(وقعة صفين)
وأما تلخيص الواقعة الثانية فقد ذكر المؤرخون أن معاوية «رضي الله ع» كان قد استنصره ابنا عثمان «رضي الله ع» ووكلاه في طلب حقهما من قتلة أبيهما، فلما بلغه فراغ علي كرم الله تعالى وجهه من وقعة الجمل ومسيره إلى الشام خرج عن دمشق حتى ورد صفين في نصف المحرم فسبق إلى سهولة المنزل وقرب من الفرات، فلما ورد الأمير «رضي الله ع» دعاهم إلى البيعة فلم يفعلوا، وطلبوا منه قتلة عثمان – وكانوا قد انحازوا إلى عسكره، ولهم عشائر وقبائل ومع هذا لم يمتازوا بأعيانهم – فمال «رضي الله ع» إلى التأخير حتى يمتازوا ويتحقق القاتل من غيره، فأبى معاوية إلا تسليم من يزعمونه قاتلا. [236] وكثر القيل والقال حتى اتهم بنو أمية الأمير كرم الله تعالى وجهه بأنه الذي دلس على قتلة عثمان «رضي الله ع»، وكان كرم الله تعالى وجهه قد تصرف بسلاح عثمان فقال لذلك قائلهم: [237]
ألا ما لليلى لا تغور كواكبه ** إذا غار نجم لاح نجم يراقبه
بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم [238] ** ولا تنهبوه لا تحل مناهبه
بني هاشم لا تعجلونا فإنه ** سواء علينا قاتلوه وسالبه
وإنا وإياكم وما كان منكم ** كصدع الصفا لا يرأب الصدع شاعبه [239]
بني هاشم كيف التقاعد بيننا ** وعند علي سيفه وحرائبه
لعمرك لا أنسى ابن أروى [240] وقتله ** وهل ينسين الماء ما عاش شاربه
هم قتلوه كي يكونوا مكانه ** كما فعلت يوما بكسرى مرازبه
وكان الأمير كرم الله تعالى وجهه يلعن القتلة ويقول « يا معاوية، لو نظرت بعين عقلك دون عين هواك لرأيتني أبرأ الناس من قتلة عثمان ». [241] وتصرفه «رضي الله ع» بسلاحه لأنه كان من الأشياء الراجعة إلى بيت المال، وحكمه إذ ذاك كحكم المدافع في زماننا في أن حق التصرف في ذلك للإمام. ثم إنه قد وقع الحرب بينهم مرارا وبقى كرم الله تعالى وجهه بصفين ثلاثة أشهر وقيل سبعة وقيل تسعة، وجرى ما تشيب منه الرءوس وتهون معه حرب البسوس، [242] وليلة الهرير أمرها شهير، [243] وآل الأمر إلى التحكيم، وحدث من ذلك ما أوجب ترك القتال مع معاوية والاشتغال بأمر الخوارج، وذلك تقدير العزيز العليم. [244]
وأهل السنة إلا من شذ يقولون: إن عليا كرم الله تعالى وجهه في كل ذلك على الحق لم يفترق عنه قيد شبر، وإن مقاتليه في الوقعتين مخطئون باغون وليسوا بكافرين خلافا للشيعة، ولا فاسقين خلافا للعمرية أصحاب عمر بن عبيد من المعتزلة.
وأما أن الحق مع علي كرم الله تعالى وجهه فغني عن البيان، وأما كون المقاتل باغيا فلأن الخروج على الإمام الحق بغي، وقد صح عنه ﷺ أنه قال: ويح عمار تقتله الفئة الباغية. [245] وقد قتله عسكر معاوية. وقوله حين أخبر بذلك « قتله من أخرجه » [246] مما لا يلتفت إليه، وإلا لصح أن يقال إن رسول الله ﷺ قاتل حمزة وأضرابه ممن قاتل معه ﷺ. وكذا قول من قال: المراد من الفئة الباغية الفئة الطالبة أي لدم عثمان، فلا يدل الخبر على البغي بالمعنى المذموم. [247]
وأما كونه ليس بكافر فلما في نهج البلاغة أن عليا كرم الله تعالى وجهه خطب يوما فقال: « أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والإعوجاج والشبهة » [248]، وقوله تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يجب المقسطين } فسمى الله تعالى الطائفتين المقتتلين ( مؤمنين ) وأمر بالإصلاح بينهما.
وأجاب بعض الشيعة عن الآية بأنها في قتال المؤمنين بعضهم مع بعض دون القتال مع الإمام والنعي عليه، والخطاب فيها للأئمة أمروا أن يصلحوا بين طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فيما بينهم، وأن يقاتلوا إذا بلغت إحداهما حتى تفيء. [249]
ولا يخفى ما في هذا الجواب من الوهن وعدم نفعه للمجيب أصلا، لأن الأمر الثاني يستدعي أن يكون القتال مع الإمام ضرورة فافهم. ومما يدل على أن المحارب غير كافر صلح الحسن «رضي الله ع» مع معاوية، وهو مما لا مجال لإنكاره. [250]
وقد روى المرتضى وصاحب ( الفصول المهمة ) من الإمامية أنه لما أبرم الصلح بينه «رضي الله ع» وبين معاوية خطب [251] فقال: « إن معاوية نازعني حقا لي دونه، فنظرت الصلاح للأمة وقطع الفتنة، وقد كتنم بايعتموني على أن تسالموا من سالمني وتحاربوا من حاربني، ورأيت أن حقن دماء المسلمين خير من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم » [252] انتهى.
وفي هذا دلالة ظاهرة على إسلام الفريق المصالح وأن المصالحة لم تقع إلا اختيارا، ولو كان المصالح كافرا لما جاز ذلك ولما صح أن يقال « فنظرت الصلاح للأمة وقطع الفتنة » أه. فقد قال سبحانه وتعالى { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله }.
ويدل على وقوع ذلك أختيارا أيضا ما رواه صاحب ( الفصول ) عن أبي مخنف [253] من أن الحسين «رضي الله ع» كان يبدي كراهة الصلح ويقول لو جز أنفي كان أحب إلى مما فعله أخي. [254] فإنه لا معنى لهذا الكلام لو لم يكن وقوع الصلح من أخيه رضي الله عنهما اختيارا فإن الضرورات تبيح المحظورات وهو ظاهر.
وبعد هذا كله قد ثبت عند جمع أن معاوية «رضي الله ع» ندم على ما كان منه في المقاتلة والبغي على الأمير كرم الله تعالى وجهه واتفق أن بكى عليه كرم الله تعالى وجهه. فقد أخرج ابن الجوزي عن أبي صالح قال: قال معاوية لضرار: صف لي عليا. فقال: أوتعفيني. قال: بل تصفه. فقال: أوتعفيني. قال: لا أعفيك. قال: أما ولابد فإنه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته. كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة، يقلب كفه ويخاطب نفسه. يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما خشن. كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدئنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه - إلى أن قال - لا يطمع القوى في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سجوفه، وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه يقول: يا دنيا يا دنيا ألي تعرضت أم بي تشوقت؟ هيهات هيهات، غري غيري قد بتتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطوك كبير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. قال: فذرفت دموع معاوية، فما يملكها وهو ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء. ثم قال معاوية: رحم الله تعالى أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ فقال: حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها. [255] انتهى.
وما يذكره المؤرخون من أن معاوية «رضي الله ع» كان يقع في الأمير كرم الله تعالى وجهه بعد وفاته ويظهر ما يظهر في حقه ويتكلم بما يتكلم في شأنه مما لا ينبغي أن يعول عليه أو يلتفت إليه، لأن المؤرخين ينقلون ما خبث وطاب، ولا يميزون بين الصحيح والموضوع والضعيف، وأكثرهم حاطب ليل لا يدرى ما يجمع. [256] فالاعتماد على ذلك في مثل هذا المقام الخطر والطريق الوعر والمهمة القفر الذي تضل فيه القطا وتقصر دونه الخطا مما لا يليق بشان عاقل فضلا عن فاضل، وما جاء من ذلك في بعض روايات صحيحة وكتب معتبرة رجيحة فينبغي أيضا التوقف عن قبوله والعمل بموجبه، لأن له معارضات مسلمة في الصحة والثبوت. على أن من سلم من داء التعصب بما يندفع به الطعن عن أولئك السادة الأماثل، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
هامش
- ↑ في ديوان المتنبي، (مذمتي).
- ↑ نسبه المجلسي إلى السمعاني في الأنساب والخطيب البغدادي في تاريخه، بحار الأنوار: 28/232. لكنه نقل جزءا وأهمل ما لا يتفق مع مذهبه. والرواية كاملة عند الخطيب البغدادي عن: « الحسين بن علي قال: أتيت على عمر بن الخطاب وهو على المنبر فصعدت إليه، فقلت: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر: لم يكن لأبي منبر وأخذني وأجلسني معه، فجعلت أقلب خنصر يدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي من علمك فقلت: والله ما علمنيه أحد، قال: يا بني لو جعلت تغشانا؟ قال: فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب فرجع ابن عمر ورجعت معه فلقيني بعد فقال بم أرك فقلت: يا أمير المؤمنين إني جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر ورجعت معه، فقال: أنت أحق بالأذن من بن عمر وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم ». والرواية تذكر عمر وليس أبا بكر. ينظر: تاريخ بغداد: 1/141
- ↑ وزاد مالك بن نويرة على ذلك انه التحق بسجاح المتنبئة. ويقول البلاذري في فتوح البلدان إن مالكا وقومه قاتلوا سرايا خالد في البطاح فنصر الله سرايا خالد عليهم وأسروا مالكا وأصحابه.
- ↑ ذكر الطبري أن سجاح بنت الحارث المتنبئة كانت قد راسلت مالك بن نويرة ودعته إلى الموادعة فأجابها. تاريخ الطبري: 2/269؛ ابن الجوزي، المنتظم: 4/22.
- ↑ هذه اللفظة ثابتة حيث أوردها الفسوي في البدء والتاريخ: 5/160؛ وابن الجوزي، المنتظم: 4/78.
- ↑ وفي شرح الحماسة للخطيب التبريزي أن أبا بكر هو الذي امر خالدا بقتل مالك ولم يفعل هذا إلا بما عنده من العلم عن ردة مالك وفساد سريرته وما ترتب على ذلك من فساد علانيته.
- ↑ ينظر ما قاله ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: 5/514.
- ↑ بل المقرر في الروايات المعتبرة عند أبن جرير وفي البداية والنهاية لابن كثير أن خالدا لم يدخل بهذه السبية إلا بعد انقضاء عدتها. وللأستاذ الشيخ أحم شاكر تحقيق نفيس في امر مالك بجزء شعبان سنة 1364 من مجلة الهدي النبوي لسنتها التاسعة فارجع إليه.
- ↑ هم بنو جذيمة
- ↑ لأن خالدا كان معذورا فيما فعل بعد أن سمع ردتهم بقولهم « صبأنا صبأنا » أما براءته ﷺ مما فعل خالد فلإعلان أنه لم يأمره بذلك. ولولا أنه ﷺ رأى خالدا معذورا فيما فعل لعزله واقتص منه.
- ↑ زيادة من السيوف المشرقة.
- ↑ أسلم هو وأخوه وكان حسن الإسلام وله شعر في مراثي أخيه. الاستيعاب: 4/1455؛ الإصابة: 5/763.
- ↑ الأغاني: 15/299.
- ↑ لأن عمر تاثر أولا بمبالغات أبي قتادة ثم استوعب الحقيقة فندم على ما كان من تعجله.
- ↑ ليست العبارة الآخيرة في كتب أهل السنة رغم دعاوى الإمامية، ينظر ابن حيوان، دعائم الإسلام: 1/40؛ المجلسي، بحار الأنوار: 27/324. والحلي، نهج الحق: ص 263.
- ↑ يتصور الشيعة أن الرسول ﷺ الذي أمره ربه بقوله تعالى { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } إنما بعث جيش أسامة ليهيء الأجواء لاستخلاف علي.
- ↑ لو كان اللعن عاما على من تخلف فهو على علي والنساء والأطفال ولا يخفى فساد هذا.
- ↑ لم يكن أبو بكر من الجيش بل أمره الرسول ﷺ بالصلاة بالمسلمين، ولو فرض جدلا فهذا لن يمنع من الإمامة فقد كان الرسول ﷺ يغزو ويترك المدينة وأصحابه.
- ↑ قال: « إن مجرد أمر الرسول "عليه الصلاة والسلام لا يقتضي الوجوب ». الأمالي: 1/55
- ↑ بل ليس لها أصل حتى في كتب الشيعة.
- ↑ روى أبو هريرة: « أن أبا بكر الصديق «رضي الله ع» بعثه في الحجة التي أمره النبي ﷺ عليها، قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان » متفق عليه.
- ↑ عن إبراهيم عن الأسود قال: « كنا عند عائشة «رضي الله ع» فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها قالت: لما مرض رسول الله ﷺ مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة، فأذن فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقيل له إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، وأعاد فأعادوا له فأعاد الثالثة فقال: إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس، فخرج أبو بكر فصلى فوجد النبي ﷺ من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي ﷺ أن مكانك ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه، قيل للأعمش وكان النبي ﷺ يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر فقال برأسه نعم ». متفق عليه
- ↑ الحاكم في المستدرك والطبراني في الأوسط؛ قال الهيثمي في مجمع الزوائد: « وفيه حماد بن عمر النصيبي وهو متروك »: 9/156.
- ↑ الترمذي والحاكم؛ وضعفه في ضعيف الجامع: رقم 1972.
- ↑ هذا لو فرض أن أبا بكر من الجيش، وقد تقدم نفيه.
- ↑ وهل يعترف الشيعة بأن النبي ﷺ لم يستخلف؟
- ↑ ابن المطهر الحلي، نهج الحق: ص 354.
- ↑ { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما }
- ↑ الطبقات الكبرى لابن سعد وتاريخ الطبري. ورواية ابن سعد عن الواقدي وهو ضعيف بإجماع المحدثين، أما الطبري فرواها عن شعيب بن إبراهيم كاتب سيف بن عمر قال الذهبي عنه: ( فيه جهالة ). ميزان الاعتدال: 3/377؛ أما سيف بن عمر فحاله ليس بأحسن من حال الواقدي. فهذه رواية لا تصلح للاحتجاج ضعيفة الإسناد.
- ↑ الحلي في نهج الحق: ص 264.
- ↑ ابن عساكر في تاريخ دمشق: 30/415.
- ↑ ولفظه: « ما من مؤمن إلا وقد وكّل به أربعة شيطانا يغويه يريد أن يضله، وكافرا يغتاله، ومؤمنا يحسده وهو أشدهم عليه، ومنافقا يتتبع عثراته ». الكافي: 2/251.
- ↑ صحيح مسلم.
- ↑ قال ابن الجوزي: « إن الطائف ما يطوف حول الشيء والطيف اللمة والوسوسة وروي عن ابن عباس أنه قال الطائف اللمة من الشيطان والطيف الغضب ». زاد المسير: 3/310.
- ↑ ليس في الصحيح اقتلوه؛ فالحديث أخرجه البخاري عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال: «... ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا... »
- ↑ قال الحافظ ابن حجر: « وقى الله شرها إيماء إلى التحذير من الوقوع في مثل ذلك، حيث لا يؤمن من وقوع الشر والاختلاف قوله: ولكن الله وقى شرها: أي وقاهم ما في العجلة غالبا من الشر؛ لأن من العادة أن من لم يطلع على الحكمة في الشيء الذي يفعل بغتة لا يرضاه، وقد بين عمر سبب إسراعهم ببيعة أبي بكر لما خشوا أن يبايع الأنصار سعد بن عبادة ». فتح الباري: 12/150.
- ↑ ليست في كتب السنة بل من موضوعات الشيعة: أوردها ابن شاذان، الفضائل: ص 132؛ المفيد، الفصول المختارة: 1/246؛ ابن طاوس، الطرائف: 2/402؛ ابن مطهر الحلي، نهج الحق: ص 264.
- ↑ الصحيفة السجادية
- ↑ الرواية عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف قال: « لما بويع أبو بكر أغلق بابه ثلاثا يقول: أيها الناس أقيلوني بيعتكم، كل ذلك يقول له علي: لا نقيلك ولا نستقيلك، قدمك رسول الله ﷺ ». فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: 1/151 ووردت في كتاب الإمامة والسياسية المنسوب لابن قتيبة، وهو ليس له كما أثبت المحققون، وفي سندها تليد بن سليمان، قال عنه ابن معين: ليس بشيء كذاب، وقال أبو داود: رافضي خبيث يشتم أبا بكر وعمر ( ميزان الاعتدال: 2/77 ). فالرواية من وضعه. أما زيادة: « وعلي فيكم » فليست في شيء من كتب أهل السنة
- ↑ الحلي، نهج الحق: ص 264.
- ↑ يدل عليه أن عمرا وأبا عبيدة قالا له: « أنت خيرنا وأفضلنا »، فلم ينكر عليهما أحد من المهاجرين والأنصار. تاريخ الطبري: 2/134؛ البداية والنهاية: 5/246.
- ↑ ورووا عن علي «رضي الله ع» أنه قال للناس بعد أن قتل عثمان «رضي الله ع»: « دعوني والتمسوا غيري فأنا لكم وزيرا خير مني لكم أميرا »، ثم قال: « اتركوني فأنا كأحدكم، بل أنا أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم فأبوا عليه وبايعوه ». نهج البلاغة ( بشرح ابن أبي الحديد ): 1/169 – 170.
- ↑ الرواية من وضع الإمامية فليست في مصدر تاريخي ولا في أي من كتب أهل السنة. وأخرجها من الإمامية: ابن رستم الطبري، دلائل الإمامة: 34؛ المفيد رسالة حول حديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث: ص 25؛ الطبرسي، الاحتجاج: 1/102
- ↑ ابن المطهر الحلي في نهج الحق: ص 266.
- ↑ الكافي: 1/32؛ المفيد، الاختصاص: ص 5؛ العاملي، وسائل الشيعة: 27/78.
- ↑ فعندما تولى علي الخلافة ترك فدك على ما تركها عليه الصديق، ولم يقسم تركة النبي ﷺ على العباس وأولاده أو على زوجات النبي ﷺ.
- ↑ وهل يظن بالله أنه يخبرنا أن سليمان ورث حطام الدنيا عن أبيه! ومعلوم كثرة ولد داود لكن سليمان وحده ورث النبوة.
- ↑ الكافي: 1/224؛ الصفار، بصائر الدرجات: ص 135.
- ↑ نقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: 13/164. وروى الكليني وغيره عن الصادق أنه قال: «... وكان لداود أولاد عدة... ». الكافي: 1/278؛ الجزائري، قصص الأنبياء: ص 343.
- ↑ قال ابن كثير: « يرثني على ميراث النبوة، ولهذا قال: ( ويرث من آل يعقوب ) كقوله: ( وورث سليمان داود ) أي في النبوة، إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أن الولد يرث أباه، فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها وكل هذا يقرره ويثبته ما صح في الحديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة ». التفسير: 3/112.
- ↑ قال ياقوت الحموي: « فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة، أفاءها الله على رسوله ﷺ في سنة سبع صلحا، وذلك أن النبي ﷺ لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا ثلث، واشتد بهم الحصار راسلوا رسول الله ﷺ يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل، وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله ﷺ أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت خالصة لرسول الله ﷺ، وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة ». معجم البلدان: 4/238.
- ↑ ليس في شيء من كتب أهل السنة بل من اختراع الشيعة.
- ↑ روى ابن سعد عن عمر قال: « لما كان اليوم الذي توفي فيه رسول الله، بويع لأبي بكر في ذلك اليوم، فلما كان من الغد جاءت فاطمة إلى أبي بكر معها علي، فقالت: ميراثي من رسول الله أبي، فقال أبو بكر: أمن الرثة أو من العقد، قالت: فدك وخيبر وصدقاته بالمدينة أرثها كما يرثك بناتك إذا مت، فقال أبو بكر: أبوك والله خير مني وأنت والله خير من بناتي، وقد قال رسول الله: لا نورث ما تركنا صدقة، يعني هذه الأموال القائمة فتعلمين أن أباك اعطاكها، فوالله لئن قلت نعم لأقبلن قولك ولأصدقنك، قالت: جاءتني أم أيمن فأخبرتني أنه أعطاني فدك، قال: فسمعته يقول: هي لك؟ فإذا قلت قد سمعته فهي لك فأنا أصدقك وأقبل قولك، قالت: قد أخبرتك ما عندي ». الطبقات: 2/315 – 316. فقد أخبرها الصديق حسب هذه الرواية بأنه يقبل شهادتها إن كانت قد سمعت ذلك بنفسها «رضي الله ع»، رغم أنه لم يقبل شهادة أم أيمن لوحدها.
- ↑ روى البخاري عن المسور بن مخرمة قال سمعت رسول الله ﷺ يقول وهو على المنبر إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد بن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها
- ↑ ابن المطهر الحلي في نهج الحق: ص 263.
- ↑ في المطبوع (عروة عن ابن الزبير ) والتصحيح من البخاري.
- ↑ نقله الآلوسي بالمعنى وهو في صحيح البخاري، كتاب فرض الخمس: 2/1126.
- ↑ وهذه المناسبة التي قال بها النبي ﷺ الحديث توضحه، أخرج البخاري عن المسور بن مخرمة قال: « إن عليا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة فأتت رسول الله ﷺ فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل، فقام رسول الله ﷺ، فسمعته حين تشهد يقول: أما بعد أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله ﷺ وبنت عدو الله عند رجل واحد فترك علي الخطبة ».
- ↑ وهو في صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال: « جاء رسول الله ﷺ بيت فاطمة، فلم يجد عليا في البيت فقال: أين بن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي، فقال رسول الله ﷺ لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله ﷺ وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله ﷺ يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب قم أبا تراب ».
- ↑ وذكر ابن المطهر الحلي في كتابه ( منهاج الكرامة ) أنه لما وعظت فاطمة أبا بكر في فدك ردها عليها، فسقط الطعن كله من كلامهم. منهاج السنة النبوية: 6/30
- ↑ هذه من مطاعن الإمامية في الصديق. ينظر: البياضي، الصراط المستقيم: 2/305؛ المجلسي، بحار الأنوار: 30/510.
- ↑ روي عن الحارث بن حاطب قال: « إن رسول الله ﷺ أتي بلص، فقال اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوا يده، قال: ثم سرق فقطعت رجله، ثم سرق على عهد أبي بكر «رضي الله ع» حتى قطعت قوائمه كلها ثم سرق أيضا الخامسة فقال أبو بكر «رضي الله ع»: كان رسول الله ﷺ أعلم بهذا حين قال اقتلوه ثم دفعه إلى فتية من قريش ليقتلوه منهم عبد الله بن الزبير وكان يحب الإمارة فقال: أمروني عليكم فأمروه عليهم فكان إذا ضرب ضربوه حتى قتلوه ». أخرجه النسائي في السنن، كتاب قطع السارق والطبراني في الكبير والحاكم.
- ↑ والحكم نفسه ثبت عن علي «رضي الله ع» في كتب الإمامية، فقد روى ابن بابويه وغيره عن الباقر قال: « كان أمير المؤمنين "عليه السلام" إذا سرق الرجل أولا قطع يمينه، فإن سرق ثانيا قطع رجله اليسرى، فإن سرق الثالثة خلده في السجن، فإن سرق في السجن قتله ». من لا يحضره الفقيه: 4/64؛ ابن حيوان، دعائم الإسلام: 2/470؛ النوري، مستدرك وسائل الشيعة: 18/126.
- ↑ واتفقت روايات أهل السنة والشيعة الإمامية بأن من أشار على الصديق «رضي الله ع» بحرق اللوطي هو علي «رضي الله ع»، فعن صفوان بن سليم: « أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق «رضي الله ع» في خلافته له أنه وجد رجلا في بعض نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، وأن أبا بكر «رضي الله ع» جمع الناس من أصحاب رسول الله ﷺ فسألهم عن ذلك، فكان من أشدهم يومئذ قولا علي بن أبي طالب «رضي الله ع»، قال: إن هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقه بالنار فاجتمع رأي أصحاب رسول الله ﷺ على أن يحرقه بالنار فكتب أبو بكر «رضي الله ع» إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار ». سنن البيهقي: 8/232. وأخرج النوري من الإمامية بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده: « أن أبا بكر أوتي برجل ينكح في دبره، فقال: يا علي ما الحكم فيه؟ فقال: أحرقه بالنار، فإن العرب تأنف من المثلة، فأحرقه أبو بكر بقوله "عليه السلام" ». مستدرك الوسائل: 18/79.
- ↑ تنزيه الأنبياء: ص 159.
- ↑ ابن المطهر الحلي، شرح التجريد: ص 402.
- ↑ روى الشافعي عن عبيدة قال: « قال علي «رضي الله ع»: استشارني عمر في بيع أمهات الأولاد فرأيت أنا وهو أنها عتيقة فقضى به عمر حياته وعثمان بعده فلما وليت رأيت أنها رقيق ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بقول عمر لا تباع ». الأم: 7/175؛ ابن أبي شيبة، المصنف: 4/88.
- ↑ عن قبيصة بن ذؤيب قال: « جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها، قال فقال لها: ما لك في كتاب الله شيء وما لك في سنة رسول الله ﷺ شيء فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس فقال: المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله ﷺ فأعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة فأنفذه لها ». أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه. قال ابن حجر: ( وإسناده صحيح ). تلخيص الحبير: 3/82
- ↑ روى عبد الله بن بشر أن علي بن أبي طالب سئل عن مسألة فقال: « لا علم لي بها، ثم قال: وأبردها على كبدي إن سئلت عما لا أعلم فأقول: لا علم لي بها ». عزاها المناوي إلى ( مسند الدارمي ). فيض القدير: 4/278
- ↑ قال سفيان بن عيينة: هذا ( أي قوله فنسيتها ) من قول سليمان ( أي الأحوال، هو راوي الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ).
- ↑ هذه من أهم المطاعن التي ذكرها الحلي في نهج الحق
- ↑ هو أبو محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي، قال عنه الحر العاملي: « كان فاضلا محدثا صالحا »
- ↑ الأمالي: ص 470؛ إرشاد القلوب: 2/221؛ الفتال، روضة الواعظين: 1/126.
- ↑ وهو التخفيف عن النبي ﷺ في شدة مرضه
- ↑ أخرج مسلم في قصة أسارى بدر عن عمر بن الخطاب قال: « رسول الله ﷺ لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله ﷺ: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان - نسيبا لعمر - فأضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله ﷺ وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله ﷺ: أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله ﷺ وأنزل الله عز وجل { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى قوله: { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا } فأحل الله الغنيمة لهم ». صحيح مسلم: 3/1385، رقم 1762.
- ↑ قال ابن حجر:« قال ذلك لإرادة سكوت الذين لغطوا ورفعوا أصواتهم عنده , فكأنه قال: إن ذلك يؤذيه ويفضي في العادة إلى ما ذكر , ويحتمل أن يكون قوله أهجر فعلا ماضيا من الهجر بفتح الهاء وسكون الجيم والمفعول محذوف أي الحياة , وذكره بلفظ الماضي مبالغة لما رأى من علامات الموت ». فتح الباري: 8/133.
- ↑ نهج الحق: ص 333؛ اليقين: ص 522.
- ↑ نهج الحق: ص 332.
- ↑ قال الخطابي: « لم يتوهم عمر الغلط فيما كان النبي ﷺ يريد كتابته، بل امتناعه محمول على أنه لما رأى ما هو فيه من الكرب وحضور الموت خشي أن يجد المنافقون سبيلا إلى الطعن فيما يكتبه، وإلى حمله على تلك الحالة التي جرت العادة فيها بوقوع بعض ما يخالف الاتفاق، فكان ذلك سبب توقف عمر لا أنه تعمد مخالفة قول النبي ﷺ ولا جواز وقوع الغلط عليه حاشا وكلا ». فتح الباري: 8/134
- ↑ وقد نبه السيد الحاج عمر نائب القضاء للدولة العثمانية في مدينة بغداد عند طبع هذا المختصر في الهند سنة 1315 على أن جميع روايات هذا الحديث مروية عن ابن عباس، وأنه كان عند وفاة النبي ﷺ صغير السن، ولذلك نقلت عنه الواقعة بألفاظ مختلفة.
- ↑ هذه القصة ثابتة عند الإمامية وتقول بأن عمر بن الخطاب أراد أن يحرق بيت فاطمة «رضي الله ع»، وكان في البيت علي والحسن والحسين «رضي الله ع»، ولم يحرك علي «رضي الله ع» ساكنا بل أخذ مربوطا من رقبته – وفق رواية الإمامية – بحبل أسود كي يبايع أبا بكر الصديق، والذي اشترك في هذه العملية ضده هم خيار الصحابة وكان يترأسهم بزعمهم عمر بن الخطاب، والرواية طويلة ينظر تفاصيها عند المفيد، الاختصاص: ص 185؛ الطبرسي، الاحتجاج: ص 83؛ ابن أبي الحديد في شرحه: 2/19؛ العياشي في تفسيره: 2/307؛ المجلسي، بحار الأنوار: 53/18. وغيرهم.
- ↑ لأن الرواية تطعن بالأمير بأنه جبان تخاذل في الدفاع عن حرمة أهله – حاشاه من ذلك – فهي لا تطعن بعمر فقط بل بعلي أيضا.
- ↑ ديوان الشافعي
- ↑ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 12/197.
- ↑ في الأصل عبد الله
- ↑ الطوسي، تهذيب الأحكام: 2/196؛ الكليني، الكافي: 3/356
- ↑ لا يصح فليس له سند في كتب أهل السنة: أخرجه ابن قتيبة وابن عبد البر بلا سند، ومع ذلك ذكرها الإمامية كثيرا.
- ↑ متفق عليه
- ↑ أخرج أحمد عن علي «رضي الله ع»: « إن خادما للنبي ﷺ أحدثت فأمرني النبي ﷺ أن أقيم عليها الحد، فأتيتها فوجدتها لم تجف من دمها فأتيته فأخبرته، فقال: إذا جفت من دمها فأقم عليها الحد أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم » ورواه أبو داود والنسائي؛ ومن الإمامية ابن حيوان، دعائم الإسلام: 2/453؛ النوري، مستدرك وسائل الشيعة: 18/17.
- ↑ المسند: 1/140، رقم 1183؛ الحاكم، المستدرك: 4/430.
- ↑ فالرواية الصحيحة عن ابن عمر أنه قال: « شرب أخي عبد الرحمن بن عمر وشرب معه أبو سروعة عقبة ابن الحارث وهما بمصر في خلافة عمر، فسكرا فلما أصبحا انطلقا إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر فقالا: طهرنا فإنا قد سكرنا من شراب شربناه، فقال عبد الله فذكر لي أخي أنه سكر فقلت: ادخل الدار أطهرك ولم أشعر أنهما أتيا عمروا فأخبرني أخي أنه قد أخبر الأمير بذلك، فقال عبد الله: لا يحلق القوم على رؤوس الناس ادخل الدار أحلقك، وكانوا إذ ذاك يحلقون مع الحدود فدخل الدار، فقال عبد الله: فحلقت أخي بيدي، ثم جلدهم عمرو، فسمع بذلك عمر فكتب إلى عمرو: أن أبعث إلي بعبد الرحمن على قتب ففعل ذلك، فلما قدم على عمر جلده وعاقبه لمكانه منه، ثم أرسله فلبث شهرا صحيحا، ثم أصابه قدره فمات فيحسب عامة الناس إنما مات من جلد عمر، ولم يمت من جلد. ». أخرجها عبد الرزاق، المصنف: 9/232 – 233.
- ↑ روى البخاري عن أنس: « أن النبي ﷺ ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين ». كتاب الحدود، باب ضرب شارب الخمر
- ↑ ونقله عنه ابنه المعروف عندهم بفخر المحققين فقال في حد شارب الخمر: « هو ثمانون جلدة، رجلا كان أو امرأة حرا كان أو عبدا ». شرائع الإسلام: 4/319.
- ↑ سنن الترمذي كتاب الحدود، باب المرتد: 4/59 رقم 1458.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار: 30/651؛ المشهدي، الصوارم المهرقة: ص 136.
- ↑ تاريخ الطبري: 2/494؛ تاريخ اليعقوبي: 2/146؛ ابن الجوزي، المنتظم: 4/232؛ البداية والنهاية: 7/82.
- ↑ ليس في كتب أهل السنة بل في كتب الإمامية: ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: 12/227؛ المجلسي، بحار الأنوار: 30/648.
- ↑ أي في ادعاء الخصوم.
- ↑ من لا يحضره الفقيه: 4/62؛ وأخرجه أيضا الطوسي، تهذيب الأحكام: 10/127.
- ↑ من المطاعن التي ألفها الحلي في نهج الحق: ص 279.
- ↑ يدل على ذلك ما أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: « سمعت عليا يقول: ولاني رسول الله ﷺ خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول الله ﷺ وحياة أبي بكر وحياة عمر، فأتي بمال فدعاني [ أي عمر بن الخطاب ] فقال: خذه، فقلت لا أريده: قال: خذه فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال ». السنن، كتاب الخراج والإمارة، باب قسم الخمس، فكان عليا من يوزع الخمس في عهد الشيخين «رضي الله ع».
- ↑ ينظر السرخسي، المبسوط: 10/8؛ شرح فتح القدير: 5/504.
- ↑ الكيدري، إصباح الشيعة: ص 127؛ العاملي، اللمعة الدمشقية: 2/79.
- ↑ النووي، روضة الطالبين: 2/322؛ الشربيني، مغني المحتاج: 3/94
- ↑ ما بين المعقوفتين زيادة من السيوف المشرقة
- ↑ شرح معاني الآثار: 3/234؛ البيهقي، السنن الكبرى: 6/343.
- ↑ الحديث متفق عليه
- ↑ أحمد والترمذي وابن ماجه
- ↑ فهي ليست بدعة لأن الرسول ﷺ فعلها.
- ↑ الآمدي، الإحكام: 3/256؛ الرازي، المحصول: 3/538. ومن كتب الإمامية: أوثق المسائل: ص 148؛ مفاتيح الأصول: ص 314.
- ↑ ينظر ما قاله ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم
- ↑ عيد مجوسي ليس في شيء من دين الإسلام
- ↑ تقدم تقرير هذه المسائل
- ↑ الحديث أخرجه أحمد عن جابر قال: « متعتان ينفذ على عهد النبي ﷺ فنهانا عنهما عمر «رضي الله ع» فانتهينا ». المسند: 3/325، رقم 14519؛ الطحاوي، شرح معاني الآثار: 2/146.
- ↑ الحديثان عند مسلم، الأول حديث سلمة بن الأكوع: « رخص رسول الله ﷺ المتعة يوم أوطاس ثلاثا ثم نهى عنها به ». صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب نكاح المتع؛ والثاني حديث سبرة قال: « أذن لنا رسول الله ﷺ بالمتعة، فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة عيطاء فعرضنا عليها أنفسنا، فقالت: ما تعطي فقلت: ردائي، وقال: صاحبي ردائي، وكان رداء صاحبي أجود من ردائي، وكنت أشب منه، فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها، وإذا نظرت إلي أعجبتها، ثم قالت: أنت ورداؤك يكفيني فمكثت معها ثلاثا، ثم إن رسول الله ﷺ قال: من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع فليخل سبيلها ». صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ
- ↑ عن علي بن أبي طالب «رضي الله ع»: « أن رسول الله ﷺ نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية ». متفق عليه.
- ↑ قال ياقوت الحموي: « أوطاس: وادٍ في ديار هوزان فيه كانت وقعة حنين للنبي ﷺ ببني هوزان ». معجم البلدان: 1/281؛ والغزوة في السنة الثامنة للهجرة.
- ↑ متفق عليه، وهو في الموطأ والترمذي.
- ↑ في العام السابع للهجرة بعد عام من الحديبية.
- ↑ الجعرانة: عين ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، نزلها النبي ﷺ عند عودته من حنين وأحرم منها ﷺ بعمرة. ابن هشام، السيرة النبوية: 5/162؛ ياقوت الحموي، معجم البلدان: 2/142.
- ↑ الوليد بن عقبة أخو أمير المؤمنين عثمان لأمه، أمهما أروى بنت كريز، وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة النبي ﷺ وتوأمة أبيه. أدرك خلافة الصديق الأكبر في أول شبابه وكان محل ثقته، وموضع السر في الرسائل الحربية التي دارت بين الخليفة وقائده خالد بن الوليد في وقعة المذار مع الفرس سنة 12. ثم وجهه مددا إلى قائده عياض بن غنم الفهري ( الطبري 4: 22 ). وفي سنة 13 كان الوليد بلي لأبي بكر صدقات قضاعة، ثم لما عزم الصديق على فتح الشام كان الوليد عنده بمنزلة عمرو بن العاص في الحرمة والثقة والكرامة فكتب إليه وإلى عمرو يدعوهما لقيادة فيالق الجهاد فسار عمرو بلواء الإسلام نحو فلسطين وسار الوليد إلى شرق الأردن ( الطبري 4: 29 – 30 ). ثم رأينا الوليد سنة 15 أميرا لعمر بن الخطاب على بلاد بني تغلب وعرب الجزيرة يحمى ظهور المجاهدين في شمال الشام لئلا يؤتوا من خلفهم. وكان الوليد أول ناشر لدعوة الإسلام بين نصارى تغلب وبقايا إياد بحماسة وغيرة لا مثيل لها. وبهذه الثقة الكبرى التي نالها الوليد من أبي بكر وعمر ولاه عثمان ولاية الكوفة، وكان من خير ولاتها عدلا ورفقا وإحسانا، وكانت جيوشه مدة ولايته على الكوفة تسير في آفاق الشرق فاتحة ظافرة موفقة. وانظر في تاريخ الطبري ( 5: 60 ) شهادة الإمام الشعبي له في إمارته وفي جهاده وجزيل إحسانه إلى الناس. وقد عزله عثمان «رضي الله ع» بعد أن حده في شرب الخمر سنة 29ه، ويقال إن بعض أهل الكوفة تعصبوا عليه فشهدوا عليه بغير الحق، ولما قتل عثمان اعتزل الوليد الفتنة، وكان قد غزا في سنة ثمان وعشرين أذربيجان وهو أمير القوم، مات في خلافة معاوية. الاستيعاب: 4/1552؛ الإصابة: 6/614.
- ↑ قال ابن تيمية في منهاج السنة ( 2: 219 ) لم يكن معاوية ممن يختار الحرب ابتداء.
- ↑ الخبر ليس في كتب التاريخ المعتبرة، ويظهر أنه من وضع الشيعة.
- ↑ هذه المطاعن من كتاب الحلي منهاج الكرامة، وانظر رد ابن تيمية في منهاج السنة النبوية
- ↑ وما يقال عن عمال عثمان «رضي الله ع» يقال عن عمال علي «رضي الله ع»، فقد ظهر الخيانة والفساد من بعض من ولاه، مثل قوله لبعض بني عمه: « فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كَلَبَ والعدوَّ قد حَرِبَ، وأمانة الناس قد خُزِيَت، وهذه الأمة قد فَنَكَتْ ( أي بعدت ) وشغرت ( اشتدت ) قلبت لابن عمك ظهر المجن، ففارقته مع المفارقين، وخلته مع الخاذلين، وخُنْتَه مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت، ولا الأمانة أدِّيْتَ ». نهج البلاغة ( بشرح ابن أبي الحديد ): 16/167.
- ↑ بلخ من أشهر مدن خراسان، افتتحها الأحنف بن قيس في أيام عثمان «رضي الله ع». معجم البلدان: 1/479.
- ↑ عاصمة أفغانستان اليوم، افتتحت في زمن بني مروان وأهلها مسلمون منذ ذلك الوقت. معجم ما استعجم: 4/1108؛ معجم البلدان: 4/426.
- ↑ ذكر الطبري وغيره من المؤرخين بأن عثمان عزل الوليد بن عقبة بعد هذه الحادثة سنة 30ه وولى مكانه سعيد بن العاص. تاريخ الطبري: 4/271. قال الطبري في حق الوليد: « وكان أحب الناس في الناس وأرفقهم بهم، فكان كذلك خمس سنين وليس على داره باب ». تاريخ الطبري: 4/252. قال ابن تيمية: « وعثمان «رضي الله ع» لما علم أن الوليد بن عقبة شرب الخمر طلبه وأقام عليه الحد، وكان يعزل من يراه مستحقا للعزل ». منهاج السنة النبوية: 6/241.
- ↑ لم يكن هناك من سبب لعزل معاوية، وإنما سار عثمان «رضي الله ع» على سيرة عمر «رضي الله ع» في ذلك، وقد قدم معاوية خدمات جليلة للإسلام في عهد عثمان «رضي الله ع» تمثلت ببناء أول أسطول بحري إسلامي، والمساهمة في كسر الأسطول الرومي في البحر المتوسط. ينظر تاريخ الطبري ( حوادث سنة 31ه ).
- ↑ نهج البلاغة ( بشرح ابن أبي الحديد ): 18/54.
- ↑ الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، عم عثمان بن عفان، أسلم يوم الفتح، مات سنة 32ه. الإصابة: 2/104. وقال ابن تيمية: « قصة نفي النبي ﷺ للحكم ليست من الصحاح، ولا لها إسناد يعرف به أمرها... ولم تكن الطلقاء تسكن بالمدينة، فإن كان ﷺ طرده فإنما طرده من مكة لا من المدينة، ولو طرده من المدينة لكان يرسله إلى مكة، وقد طعن كثير من أهل العلم في نفيه وقالوا: ذهب باختياره، وإذا كان النبي ﷺ عزر رجلا بالنفي لم يلزم أن يبقى منفيا طول الزمان، فإن هذا لا يعرف بشيء من الذنوب، ولم تأت الشريعة بذنب يبقى صاحبه منفيا دائما ». منهاج السنة النبوية: 6/226.
- ↑ أي قبل الهجرة والفتح – إن صحت القصة.
- ↑ لم يعرف مصدر الرواية.
- ↑ نقله المجلسي عن الواقدي في بحار الأنوار: 31/300.
- ↑ ذكرها الإمامية في كتبهم نقلا عن الواقدي. المجلسي، بحار الأنوار: 31/221. ولا تصح تاريخيا لأن الطبري روى في قصة الخمس هذه أن عمرو بن العاص عندما كان واليا على مصر، وكان عبد الله بن سعد على جندها وأراد أن يغزو أفريقية قال له عمرو بن العاص: « إن فتح الله عليك غدا أفريقية فلك مما أفاء الله على المسلمين خمس الخمس من الغنيمة نفلا »، ولم يكن عثمان «رضي الله ع» يعلم بهذا، فلما علم رد المال وعزل عمرو بن العاص لذلك. تاريخ الطبري: 2/597.
- ↑ في المطبوع خالد بن أسيد بن العاص والصحيح سعيد بن العاص.
- ↑ رواية شيعية لا أصل تاريخي لها، أخرجها الطوسي في أماليه: ص 711؛ وعنه المجلسي في بحار الأنوار: 31/451
- ↑ الحلي، نهج الحق: ص 293.
- ↑ تاريخ دمشق لابن عساكر: 39/227.
- ↑ قال الطبري في تاريخه ( 5: 103 ): كان عثمان قد قسم ماله وأرضه في بني أمية، وجعل ولده كبعض من يعطي، فبدأ ببني أبى العاص فاعطي آل الحكم رجالهم عشرة آلاف عشرة آلاف، فأخذوا مائة ألف، وأعطى بني عثمان مثل ذلك، وقسم في بني العاص وبني العيص وفي بني حرب. وقد أشار عثمان إلى ذلك في خطبته المشهورة على منبر رسول الله ﷺ ردا على زعماء الفتنة والبغاة عليه فقال: « وقالوا إني أحب أهل بيتي وأعطيهم، فأما حبي لهم فإنه لم يمل معهم على جور، بل أحمل الحقوق عليهم. وأما إعطاؤهم فإني إنما أعطيهم من مالي، ولا أستحل أموال المسلمين لنفسي ولا لأحد من الناس. وقد كنت اعطي العطية الكبيرة الرغيبة من صلب مالي أزمان رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر، وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحين أتت على اسنان أهل بيتي وفنى عمرى وودعت الذي لى في أهلي قال الملحدون ما قالوا؟ ». نعم إن عثمان يود ذوي قرابته، ومودته لهم من فضائله، وهم لذلك أهل ورسول الله ﷺ ما أستعان برجال من عشيرة ولا ولى عددا من فريق بقدر ما استعان برجال بني أمية وولى أموره لرجالهم. وحتى بلدة مكة ولاها لفتى من فتيانهم، وكان هو وكان بقية هؤلاء الرجال الأماجد عند حسن ظنه بهم، وكذلك كانوا مدة ابي بكر وعمر وعثمان وفي كل زمان ومكان إلا النادر منهم، وما هم بمعصومين. وهذا الخلق الكريم في مودة عثمان لذوى رحمه أثني عليه به علي فقال « إن عثمان أوصل الصحابة للرحم » وعلي أعرف الناس بابن عمه عثمان وكان عثمان وعلي في زمن النبي ﷺ شديدي الصلة والمحبة فيما بينهما، وكان الناس يحملون ذلك على أنهما من بني عبد مناف.
- ↑ أخرج الترمذي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: « لما حصر عثمان أشرف عليهم فوق داره ثم قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله ﷺ اثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ قالوا: نعم قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال في جيش العسرة: من ينفق نفقة متقبلة والناس مجهدون معسرون فجهزت ذلك الجيش؟ قالوا: نعم، ثم قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن بئر رومة لم يكن يشرب منها أحد إلا بثمن فابتعتها فجعلتها للغني والفقير وابن السبيل؟ قالوا: اللهم نعم وأشياء عددها » كتاب المناقب. وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن سمرة قال: « جاء عثمان بن عفان إلى النبي ﷺ بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي ﷺ جيش العسرة، قال: فصبها في حجر النبي ﷺ، فجعل النبي ﷺ يقلبها بيده ويقول: ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم، يرددها مرارا ».
- ↑ والسبب شكاية أهل البصرة من أبي موسى، فذهبوا إلى عثمان «رضي الله ع» وطلبوا أن يعزله. تاريخ الطبري: 2/604.
- ↑ هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة القرشي، قال ابن حجر: وكان جودا شجاعا ولاه عثمان البصرة بعد أبي موسى الأشعري سنة 9ه، فافتتح في إمارته خراسان كلها وسجستان وكرمان، وفي إمارته قتل يزدجرد آخر ملوك الفرس، توفي سنة 75ه. تهذيب التهذيب: 5/239.
- ↑ الآن صار الشيعة ينتصرون لعمر بن العاص ويتوجهون له!
- ↑ قال الطبري في حوادث سنة 27ه: « لما ولي عثمان أقر عمرو بن العاص على عمله وكان لا يعزل أحدا إلا عن شكاة أو استعفاء شكاة »، ثم جاء أهل مصر يشكون عمرو بن العاص لعثمان، فعزله وولى مكانه سعد بن عبد الله. تاريخ الطبري: 2/597.
- ↑ والإسلام يجب ما قبله. وصار مجاهدا فاتحا وله مثل ثواب كل من أسلم على يده من سكان شمال إفريقية.
- ↑ عزل عمار بن ياسر كان في خلافة عمر بن الخطاب «رضي الله ع» سنة 22ه كما ذكر الطبري وغيره.. ولما ولي علي «رضي الله ع» لم يولِ عمارا الكوفة بل أقر أبا موسى عليها، مما يدل على صحة العزل، وقد ذكر أنه غير عالم بالسياسة. تاريخ الطبري 2/544.
- ↑ ذكر ابن حجر عن زيد بن وهب قال: « لما بعث عثمان إلى ابن مسعود يأمره بالقدوم إلى المدينة اجتمع الناس فقالوا أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقال: إن له علي حق الطاعة ولا أحب أن، أكون أول من فتح باب الفتن ». الإصابة: 4/235.
- ↑ قال القاضي أبو بكر بن العربي في ( العواصم من القواصم ) ص 107: كان ذلك والصحابة متوافرون والأمر في أوله وقد قيل: إن الهرمزان سعى في قتل عمر وحمل الخنجر وظهر تحت ثيابه. وفي تاريخ الطبري ( 5: 42 ) شهادة عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق على الهرمزان مروية عن سعيد بن المسيب. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ( 3: 200 ): وقد قال عبدالله بن عباس لما طعن عمر – وقال له عمر: كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة – فقال ابن عباس: إن شيء ت نقتلهم. قال ابن تيمية: فهذا ابن عباس وهو أفقه من عبيد الله بن عمر وأدين وأفضل بكثير يستأذن عمر في قتل علوج الفرس مطلقا الذين كانوا في المدينة. لما اتهموهم بالفساد، اعتقدوا جواز مثل هذا. وإذا كان الهرمزان ممن أعان على قتل عمر كان من المفسدين في الأرض المحاربين فيجب أنه يقتل يعمر بن الخطاب، فإنهم يعيدون لمقتل عمر ويسمون قاتله وهو أبو لؤلؤة ( بابا شجاع الدين )
- ↑ وقد غضب عثمان «رضي الله ع» لتصرف عبيد الله، وعزم على معاقبته إلا إن بعض الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص رأوا أن مصلحة المسلمين الاكتفاء بالدية لعظم المصاب ولتجنب الفتنة، كما روى ابن عساكر: « عن نافع قال: رأى عبد الرحمن بن عوف السكين التي قتل بها عمر فقال: رأيت هذه أمس مع الهرمزان وجفينه، فقلت: ما تصنعان بهذه السكين؟، فقالا: نقطع بها اللحم فإنا لا نمس اللحم، فقال له عبيد الله بن عمر: أنت رأيتها معهما قال: نعم فأخذ سيفه ثم أتاهما فقتلهما، فأرسل إليه عثمان فأتاه فقال: ما حملك على قتل هذين الرجلين وهما في ذمتنا، فأخذ عبيد الله عثمان فصرعه حتى قام الناس إليه فحجزوه عنه قال وقد كان حين بعث إليه عثمان تقلد السيف فعزم عليه عبد الرحمن أن يضعه فوضعه ». تاريخ دمشق: 38/61.
- ↑ ذكره صاحب نهج الحق: 298. لكن في رواية للطبري في تاريخه ( 5: 43 – 44 ) عن سيف بن عمر عن أشياخه أن القماذ بن الهرمزان دعاه عثمان وامكنه من عبيد الله فقال القماذ باذ « تركته لله ولكم ». وانظر تفاصيل ذلك في التعليقات على ( العواصم من القواصم ) ص 106 – 108.
- ↑ البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه.
- ↑ رواه الطوسي في الاستبصار: 4/170؛ ابن البطريق، العمدة: ص 314.
- ↑ وردت في تاريخ الطبري دون التصريح باسم عمرو بن العاص.
- ↑ قاله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 9/293.
- ↑ قال الحلي في نهج الحق: ص 301.
- ↑ أخرج أحمد في مسنده من رواية عبد الرحمن بن أبي ذباب أن عثمان قال: « يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: من تأهل ببلد فليصلِّ صلاة المقيم ».
- ↑ البيهقي في السنن الكبرى: 6/143، رقم 11564.
- ↑ قال الإمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة في متاب ( الخراج ) ص 61 صبع المطبعة السلفية: وقد اقطع رسول الله ﷺ وتألف على الإسلام أقواما وأقطع الخلفاء من بعده من رأوا أن في إقطاعه صلاحا ( وضرب أبو يوسف الأمثلة على ذلك ). وانظر باب القطائع ص 77 – 78 من كتاب ( الخراج ) ليحيى بن آدم القرشي طبع السلفية أيضا. وذكر الإمام الشعبي بعض الذين اقطعهم عثمان فقال: « واقطع الزبير، و خبابا، وعبد الله اب نمسعود، وعمار بن ياسر، ابن هبار. فإن يكن عثمان أخطأ، فالذين قبلوا منه الخطأ أخطأوا، وهم الذين أخذنا عنهم ديننا » ( انظر الطبري 4: 148 ). وأقطع علي بن ابي طالب كردوس بن هاني ( الكردوسية )، وأقطع سويدا بن غفلة أرضا لدا ذويه. فكيف ينكرون على عثمان ويسكتون عن عمر وعلي؟ وللقاضي أبي يوسف كلام سديد في هذا الموضوع في كتاب ( الخراج ) ص 60 – 62.
- ↑ الحلي في نهج الحق: ص 299.
- ↑ ذكر قصة التأخر القرطبي في التذكرة: ص 617. لكن الثابت أنه دفن في الليلة نفسها التي قتل فيها كما نقل الطبري في التاريخ: 2/689.
- ↑ نقل البلاذري في أنساب الأشراف ( 5: 73 ) من حديث الإمام محمد بن سيرين أن زيد بن ثابت «رضي الله ع» دخل على عثمان وقال له: إن هؤلاء الأنصار بالباب يقولون « إن شيء ت كنا أنصار الله مرتين » فقال عثمان « لا حاجة لي بذلك كفوا ». قال القاضي أبو بكر بن العربي في ( العواصم من القواصم ) ص 136: « إن أحدا من الصحابة لم يسع عليه ولا قعد عنه. ولو استنصر ما غلب ألف أو أربعة آلاف غرباء عشرين ألفا بلديين أو أكثر من ذلك، ولكنه ألقى بيده إلى المصيبة ».
- ↑ عن يحيى بن زيد بن ثابت قال: « لما حصر عثمان أتاه زيد بن ثابت فدخل عليه الدار، فقال له عثمان: أنت خارج الدار أنفع لي منك ههنا، فذب عني، فخرج فكان يذب الناس ويقول لهم فيه، حتى رجع لقوله أناس من الأنصار وجعل يقول: يا للأنصار كونوا أنصار الله مرتين انصروه، والله إن دمه ». تاريخ ابن دمشق: 19/320؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ: 3/82.
- ↑ أخرج رواية قريبة ابن عساكر في تاريخ دمشق: 39/395.
- ↑ عن عبد الله بن رباح أنه قال: « انطلقت أنا وأبو قتادة إلى عثمان حين حصره القوم فلما خرجنا من عنده استقبلت الحسن بن علي بن أبي طالب داخلا عليه فرجعنا معه لننظر ما يقول له الحسن فقال يا أمير المؤمنين مرني بأمرك فإني طوع يديك فمرني بما شيء ت فقال له عثمان ابن أخ ارجع فاجلس في بيتك حتى يأتي الله بأمره فلا حاجة لنا في إهراق الدماء ». تاريخ دمشق: 39/ 390 – 391. وفي رواية أخرى: « الحسن بن علي كان آخر من خرج من عند عثمان ».
- ↑ عن نافع عن ابن عمر: « أنه لبس الدرع يوم الدار مرتين وقال: والله لنقاتلن عن عثمان ». تاريخ دمشق: 39/394
- ↑ عن يحيى بن سعيد قال سمعت: « عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: كنت مع عثمان في الدار، فقال: أعزم على كل من رأى أن لنا عليه طاعة إلا كف يده وسلاحه، فإن أفضلكم عندي غناء من كف يده وسلاحه ». تاريخ دمشق: 39/398.
- ↑ عن أبي هريرة قال قلت لعثمان اليوم طاب الضرب معك قال أعزم عليك لتخرجن. تاريخ دمشق: 39/396
- ↑ شرح نهج البلاغة: 13/296
- ↑ أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله الأنصاري: « أن عليا أرسل إليه، يعني إلى عثمان، إن معي خمسمائة دارع، فأذن لي فأمنعك من القوم فإنك لم تحدث شيئا يستحل به دمك، قال: جزيت خيرا ما أحب أن يهراق دم في سببي ». تاريخ دمشق: 39/398.
- ↑ أخرجه: الطبراني، المعجم الأوسط: 3/287، رقم 3172؛ الديلمي، مسند الفردوس: 5/533، رقم 8999؛ ابن عساكر، تاريخ دمشق: 18/393.
- ↑ أخرجه أبو يعلى في مسنده: 12/138؛ ابن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: 2/167
- ↑ أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/101.
- ↑ أخرج الرواية أبي شيبة في مصنفه: 7/539؛ نعيم بن حماد، الفتن: 1/171؛ الإمام أحمد، فضائل الصحابة: 1/455؛ ابن عساكر، تاريخ دمشق: 39/455.
- ↑ لقد خرجت «رضي الله ع» من المدينة إلى مكة حاجة بيت الله الحرام عند اشتداد فتنة البغاة على أمير المؤمنين وقبيل شهادته.
- ↑ ابن طاوس، الطرائف: 1/291.
- ↑ ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه! أهكذا يصل حب الدنيا بأمير المؤمنين أن يستخدم ابنة رسول الله عليها السلام ويطوف بها على الناس من أجل حطام ومتاع قليل؟
- ↑ الرواية عن سليم بن قيس الهلالي، وهو من أوثق أصولهم، عن سلمان الفارسي قال « فلما كان الليل [ في اليوم الذي توفي فيه رسول الله ﷺ ] حمل عليٌّ فاطمة على حمار وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين، فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتى منزله وذكر حقه إلى نصرته... ». كتاب سليم بن قيس: ص 580؛ الطبرسي، الاحتجاج: 1/82.
- ↑ هذا خاص بالمؤمنين، قال تعالى: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }
- ↑ روى الطبري ما يدل على هذا من طريق سيف بن عمر، وأن من فعله واجترأ على عثمان بن حنيف كان بعض الغلمان من عسكر أم المؤمنين، ولم تكن تعلم بذلك فلما سمعت أمرتهم أن يطلقوا سراحه. تاريخ الطبري: 3/17. ومعروف كثرة الأعراب بين الفريقين. لكن الرواية التي احتج بها الشيعة واهية جدا لأنها رواية أبي مخنف المؤرخ الشيعي الواهي جدا، وسيف بن عمر أفضل منه بدرجات.
- ↑ ذكر الطبري في حوادث سنة 36ه قال: كان علي «رضي الله ع» قد خرج إلى البصرة، فوردت إليه الأنباء من الكوفة بأن أبا موسى الأشعري عامله عليها لا يوافقه الرأي في القتال، فأرسل إليه عمار بن ياسر ليستفهم الأمر، ولما كان مالك الأشتر من طلاب الفتنة فقد ألحَّ على الأمير في الذهاب إلى الكوفة، فأذن له وهنا استغل مالك الأشتر الفرصة لإثارة أهل الكوفة على أبي موسى الأشعري، قال الطبري: « فأقبل الأشتر حتى دخل الكوفة، وقد اجتمع الناس في المسجد الأعظم، فجعل لا يمر بقبيلة يرى فيها جماعة في مجلس أو مسجد إلا دعاهم، ويقول: اتبعوني إلى القصر، فانتهى إلى القصر في جماعة من الناس، فاقتحم القصر فدخله وأبو موسى قائم في المسجد يخطب الناس... فخرج عليه غلمان لأبي موسى يشتدون ينادون: يا أبا موسى هذا الأشتر قد دخل القصر، فضربنا وأخرجنا، فنزل أبو موسى فدخل القصر فصاح به الأشتر: اخرج من قصرنا لا أم لك، أخرج الله نفسك فوالله إنك لمن المنافقين قديما، قال: أجلني هذه العشية، فقال هي لك ولا تبيتن في القصر الليلة ودخل الناس ينتهبون متاع أبي موسى فمنعهم الأشتر، وأخرجهم من القصر وقال إني قد أخرجته فكف الناس عنه... ». تاريخ الطبري: 3/25 – 82. فما فعل طلاب الفتنة بعثمان بن حنيف حدث أيضا لأبي موسى الأشعري، فلم التعصب؟
- ↑ هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث المذحجي، من أصحاب علي «رضي الله ع»، شهد مشاهده كلها، وولاه مصر، فلما كان بالعريش مات هناك، قال الذهبي: « وقد كان علي يتبرم به لأنه صعب المراس ». طبقات ابن سعد: 6/213؛ سير أعلام النبلاء: 4/34.
- ↑ نهج الحق للحلي ص 370.
- ↑ أخرج الطبري في تفسيره عن زيد بن أسلم: « أن رسول الله ﷺ أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه قال: فقالت: أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي، فجعلها عليه حراما فقالت يا رسول الله كيف تحرم عليك الحلال فحلف لها بالله لا يصيبها فأنزل الله عز وجل يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك ». التفسير: 28/155؛ وأخرجه بلفظ آخر البيهقي، السنن الكبرى: 7/352؛، وأخرج النسائي رواية أخرى عن أنس: « أن النبي ﷺ كانت له أمة يطؤها فلم تزل به حفصة وعائشة حتى حرمها فأنزل الله تعالى هذه الآية... ». سنن النسائي: 7/71، رقم 3959. قال الحافظ ابن حجر: « وسنده صحيح... وله شاهد مرسل أخرجه الطبري بسند صحيح عن زيد بن أسلم... ». فتح الباري: 9/376.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان: 5/314.
- ↑ من مطاعن الحلي في نهج الحق: 398.
- ↑ متفق عليه
- ↑ زيادة من كتب الحديث
- ↑ صحيح البخاري كتاب النكاح باب الغيرة
- ↑ البيهقي، الاعتقاد: ص 373؛ ابن الجوزي، المنتظم: 5/95
- ↑ في المطبوع ( معجرها ). قال ابن منظور: « محجر العين: ما دار بها وبدا من البرقع من جميع العين، وقيل هو ما يظهر من نقاب المرأة ». لسان العرب
- ↑ قال ياقوت الحموي: « هو ماء قريب من البصرة في الطريق من مكة إليها ». معجم البلدان: 2/314
- ↑ أخرجه ابن أبي شيبة، المصنف: 4/49.
- ↑ زيادة من السيوف المشرقة
- ↑ أثر ضعيف لا يصلح للاحتجاح.
- ↑ نهج الحق: ص 317.
- ↑ أخرج مسلم عن جابر بن عبد الله قال: « بينا النبي ﷺ قائم يوم الجمعة إذ قدمت عير إلى المدينة، فابتدرها أصحاب رسول الله ﷺ حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فيهم أبو بكر وعمر قال: ونزلت هذه الآية: { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها } ».
- ↑ متفق عليه، وفتح الباب لطعن الشيعة بالصحابة بهذا الحديث يفتح الباب للخوارج بالطعن به بالأمير، فتأمل.
- ↑ قال الخطابي: « لم يرتد من الصحابة أحد وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب ممن لا نصرة له في الدين، وذلك لا يوجب قدحا في الصحابة المشهورين ». فتح الباري: 11/285.
- ↑ قال النووي: « إن المراد به المنافقون والمرتدون فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل فيناديهم النبي ﷺ للسيما التي عليهم، فيقال: ليس هؤلاء مما وعدت بهم أن هؤلاء بدلوا بعدك أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم والثاني أن المراد من كان في زمن النبي ﷺ ثم ارتد بعده فيناديهم النبي ﷺ وان لم يكن عليهم سيما الوضوء لما كان يعرفه ﷺ في حياته من إسلامهم فيقال: ارتدوا بعدك... ». شرح النووي على صحيح مسلم: 3/136
- ↑ وضعه في السلسلة الضعيفة رقم 58
- ↑ أحمد والترمذي؛ ضعيف الجامع: 1160
- ↑ نهج الحق: ص 317.
- ↑ ينظر تفسير ابن كثير: 1/419.
- ↑ وقد ثبت كبار الصحابة مع رسول الله ﷺ، قال ابن إسحاق: « وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد قتل يومئذ ». السيرة النبوية: 5/111. أما الحلي فما ادعاه [ نهج الحق: ص 317 ] من أن أهل بيت الرسول ﷺ فقط ثبتوا معه فمن كذبه العاري عن السند.
- ↑ صحيح مسلم
- ↑ أحمد وابن حبان، وفي سنده محمد بن إسحاق وهو مدلس قد عنعن هنا.
- ↑ ليست من فرق الشيعة بل من فرق المعتزلة تنسب إلى هشام بن عمرو الفوطي الشيباني ( توفي في حدود 220ه )، قال عنه الذهبي: « صاحب ذكاء وجدال وبدعة ووبال »، وكان من أشد الناس قولا بالقدر. الفرق بين الفرق: ص 159؛ سير أعلام النبلاء: 10/547.
- ↑ قال الآلوسي: « كانت جماعة من كبار الصحابة كطلحة والزبير بن العوام ونعمان بن بشير ومحمود بن مسلمة وكعب بن عجرة وغيرهم يتلّهفون على عثمان، ويقولون أنه كان على الحق، ومقاتلوه على الباطل وأنه قتل مظلوما، وسمع ذلك قتلة عثمان فغاضبوا وأرادوا بهم كيدا، فلما أحسوا بذلك هرب كل منهم إلى ناحية، فهرب طلحة والزبير إلى مكة، فلما قدما إليها وجدا فيها أم المؤمنين، وكانت حاجة في السنة التي قتل فيها عثمان، فقالت: ما ورائكما؟ فقالا: إنا تحملّنا هربا من المدينة من غوغاء الأعراب، ثم قالا مع جمع آخر لها عسى أن تخرجي رجاء أن يرجع الناس إلى أمّهم وهي تمتنع عليهم ويحتجون عليها بقوله تعالى: ] لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [ [ النساء: 114 ]، فأجابتهم عائشة ». السيوف المشرقة: 114/ب. وينظر تاريخ الطبري: 3/7؛ المنتظم لابن الجوزي: 5/80؛ الكامل لابن الأثير: 3/101.
- ↑ ثبت تاريخيا أن الصلح قد حصل بين الفريقين، فقد أرسل علي «رضي الله ع» القعقاع بن عمرو إلى معسكر عائشة ونجح القعقاع في إقناع طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة y بأن الاقتصاص من قتلة عثمان لا يكون إلا بعد أن تستتب الأمور وتسكن الفتنة، فقالوا له: أصبت وأحسنت، واصطلح الفريقان على ذلك، ولكن قتلة عثمان وعلى رأسهم عبد الله بن سبأ اليهودي لم يرق لهم هذا الأمر وخشوا أن يفضحوا فأحدثوا فتنة عظيمة بين الفريقين، كانت النتيجة حصول المعركة والقتال بين الطرفين، ومع ذلك لم يكن أيٌّ من الطرفين راغبا في القتال، ولكن بسبب أهل البغي والفتنة حدث هذا القتال الذي لم يستمر طويلا، رغم المبالغات التاريخية التي وردت في وصفه. ينظر: تاريخ الطبري: 3/29؛ المنتظم لابن الجوزي: 5/85.
- ↑ تاريخ الطبري: 3/39؛ ابن الأثير، الكامل: 3/130.
- ↑ ذكر الرواية الطبري 3/55 دون قولها: ما أردت إلا الإصلاح.
- ↑ في المطبوع سنية
- ↑ تاريخ الطبري: 3/55؛ الكامل في التاريخ: 3/141؛ البداية والنهاية: 7/245.
- ↑ تاريخ الطبري: 3/53؛ الكامل في التاريخ: 3/144.
- ↑ في تاريخ الطبري: ( يعتَّب )
- ↑ تاريخ الطبري: 3/61؛ المنتظم: 5/94.
- ↑ تاريخ الطبري: 3/61؛ المنتظم: 5/94.
- ↑ ابن الجوزي، المنتظم: 5/95.
- ↑ قال المجلسي: « وبالجملة بغضها لأمير المؤمنين "عليه السلام" أولا وآخرا هو أشهر من كفر إبليس، وكفى حجة قاطعة عليه قتالها وخروجها عليه كما أنه كاف في الدلالة على كفرها ونفاقها ». بحار الأنوار: 28/146.
- ↑ ينظر منهاج السنة النبوية: 4/316.
- ↑ أخرج الإمام أحمد عن قيس بن أبي حازم قال: « لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا أني راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم، قالت: إن رسول الله ﷺ قال لنا ذات يوم كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب ». السلسلة الصحيحة ( رقم 475 )
- ↑ قال ابن القيم ( رحمه الله ): « وكل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق ». المنار المنيف: ص 60.
- ↑ لم يثبت
- ↑ ورد في كتاب ( الإمامة والسياسية ) المنسوب خطأ إلى ابن قتيبة
- ↑ في المطبوع الحكم
- ↑ الحاكم، المستدرك: 2/421؛ البيهقي، الاعتقاد: 1/373.
- ↑ ابن حجر، الإصابة: 2/557.
- ↑ قتل الزبير غدرا بوادي السباع. الإصابة: 2/557.
- ↑ لما انتهى على من حرب الجمل وسار من البصرة إلى الكوفة فدخلها يوم الاثنين 12 من رجب، وأرسل جرير بن عبدالله البجلي إلى معاوية في دمشق يدعوه إلى طاعته، فجمع معاوية رءوس الصحابة وقادة الجيوش وأعيان أهل الشام واستشارهم فيما يطلب علي. فقالوا: لا نبايعه حتى يقتل قتلة عثمان، أو يسلمهم إلينا. فرجع جرير إلى علي بذلك. فأستخلف علي على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر وخرج منها فعسكر بالنخيلة أول طريق الشام م العراق. وبلغ معاوية أن عليا تجهز وخرج بنفسه لقتاله فخرج هو أيضا قاصدا صفين.
- ↑ أخرجه أحمد عن زر بن حبيش قال: « استأذن ابن جرموز على علي «رضي الله ع» وأنا عنده فقال علي «رضي الله ع»: بشر قاتل ابن صفية بالنار، ثم قال علي «رضي الله ع» سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير ». المسند: 1/89 الحاكم، المستدرك: 3/414. ومن الإمامية: المفيد، الاختصاص: ص 95؛ ابن شعبة الحراني، تحف العقول: ص477.
- ↑ الطارق: كل آتٍ بليل. النهاية: 3/121.
- ↑ سنن البيهقي: 9/116؛ ابن كثير، التفسير: 1/540.
- ↑ ضعف هذه الرواية ابن كثير في تفسيره: 1/439.
- ↑ ابن أبي شيبة، المصنف: 7/544؛ نعيم بن حماد، الفتن: 1/88؛ البيهقي، الاعتقاد: ص 373.
- ↑ ينظر تاريخ الطبري: 3/71 وما بعدها.
- ↑ ذكر الأصبهاني أن القائل هو الوليد بن عقبة
- ↑ لأن عثمان كانت جدته لأمه البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم، أم حكيم. طبقات ابن سعد: 3/45.
- ↑ في الأصل ساعبه
- ↑ هي أروى بنت كريز بن ربيعة، والدة عثمان بن عفان، أسلمت وهاجرت بعد ابنتها أم كلثوم وبايعت رسول الله ﷺ ولم تزل بالمدينة حتى ماتت في خلافة عثمان. الإصابة: 7/482.
- ↑ روى ابن عساكر عن سالم بن أبي الجعد قال: « كنا مع ابن الحنفية في الشعب فسمع رجلا ينتقص عثمان وعنده ابن عباس، فقال: يا أبا عباس هل سمعت أو سمعت أمير المؤمنين عشية سمع الضجة من قبل المربد فبعث؟ فقال: نعم عشية بعث فلان بن فلان، فقال: اذهب فانظر ما هذا الصوت، فجاء فقال هذه عائشة تلعن قتلة عثمان والناس يؤمنون، فقال علي: وأنا ألعن قتلة عثمان في السهل والجبل اللهم العن قتلة عثمان اللهم العن قتلة عثمان في السهل والجبل، ثم أقبل ابن الحنفية عليه وعلينا فقال: أما وفي ابن عباس شاهدا عدل؟ قال: قلنا بلى قال قد كان هذا ». تاريخ دمشق: 39/459.
- ↑ من حروب الجاهلية بين بكر وتغلب، يقال استمرت أربعين عاما. الكامل في التاريخ: 1/410.
- ↑ من الليالي شديدة البرودة من صفين. ينظر: تاريخ الطبري: 3/94.
- ↑ ينظر العواصم من القواصم لابن العربي
- ↑ متفق عليه
- ↑ البداية والنهاية: 7/269.
- ↑ قال ابن حجر: « إنهم [ أي الفئة الباغية ] كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة على وهو الإمام الواجب الطاعة، إذ ذاك وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم ». فتح الباري: 1/542.
- ↑ تقدم التخريج
- ↑ القطب الراوندي في فقه القرآن: 1/371.
- ↑ والحسن "عليه السلام" معتبر في دين الشيعة معصوما، وكل ما يصدر عن المعصوم يجب عليهم أن يؤمنوا بأنه الحق، فبيعة الحسن لمعاوية من عمل المعصوم في مذهبهم ومعاوية هو الإمام الحق ببيعت المعصوم له. وانظر التعليق على العواصم ص 197 – 198.
- ↑ أي الحسن بن علي «رضي الله ع»
- ↑ تقدم التخريج
- ↑ هو مؤرخ الشيعة، وصفه ابن عديس بأنه « شيعي محترق ».
- ↑ تقدم التخريج
- ↑ تاريخ دمشق: 24/401.
- ↑ بل فيهم صاحب الهوى الذي يكذب تزلفا لحاكم منحرف، أو متعصبا لمذهب يبيح الكذب نكاية بالخصم ومن يخالف المذهب.