الرئيسيةبحث

مجموع الفتاوى/المجلد العاشر/احتمال خفاء الأمر والنهي على السالك

احتمال خفاء الأمر والنهي على السالك

وفصل الخطاب: أن السالك قد يخفي عليه الأمر والنهي، بحيث لا يدري هل ذلك الفعل مأمور به شرعًا أو منهي عنه شرعًا؛ فيبقى هواه لئلا يكون له هوى فيه، ثم يسلم فيه للقدر، وهو فعل الرب لعدم معرفته برضا الرب وأمره وحبه في ذلك الفعل.

وهذا يعرض لكثير من أئمة العباد، وأئمة العلماء، فإنه قد يكون عندهم أفعال وأقوال لا يعرفون حكم الله الشرعي فيها، بل قد تعارضت عندهم فيها الأدلة أو خفيت الأدلة بالكلية، فيكونون معذورين لخفاء الشرع عليهم، وحكم الشرع إنما يثبت في حق العبد إذا تمكن من معرفته، وأما ما لم يبلغه ولم يتمكن من معرفته فلا يطالب به، وإنما عليه أن يتقي الله ما استطاع. وهذا خطأ في العلم، وليس خطأ في العمل، وهو كالمجتهد المخطئ له أجر على قصده واجتهاده، وخطؤه مرفوع عنه.

فإن قيل: فإذا كان الأمر هكذا. فالواجب على العبد أن يتوقف في مثل هذه الحال إذا لم يتبين له أن ذلك الفعل مأمور به أو منهي عنه، وهو لا يريد أن يفعل شيئًا لا مدح فيه ولا ذم، فيقف لا يستسلم للقدر ويصير محلًا لما يستعمل فيه من الأفعال، اللهم إلا إذا فعل غيره فعلًا، فهو لا يمدحه ولا يذمه، ولا يرضاه ولا يسخطه؛إذا لم يتبين له حكمه.

فأما كونه هو من أفعاله الاختيارية يصير مستسلمًا لما يستعمله القدر فيه: كالطفل مع الظئر، والميت مع الغاسل، فهذا مما لم يأمر الله به ولا رسوله، بل هذا محرم، وإن عفى عن صاحبه وحسب صاحبه أن يعفي عنه؛ لاجتهاده وحسن قصده، أما كونه يحمد على ذلك، ويجعل هذا أفضل المقامات فليس الأمر كذلك، وكونه مجردًا عن هواه ليس مسوغًا له أن يستسلم لكل مايفعل به.

ثم يقال: الأمور مع هذا نوعان:

أحدهما: أن يفعل به بغير اختياره كما يحمل الإنسان ولا يمكنه الامتناع، وكما تضجع المرأة قهرًا وتوطأ، فهذا لا إثم فيه باتفاق العلماء، وأما أن يكره بالإكراه الشرعي حتى يفعل، فهذا أيضا معفو عنه في الأفعال عند الجمهور، وهو أصح الروايتين عن أحمد لقوله تعالى: { وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [1].

وأما إذا لم يكره الإكراه الشرعي فاستسلامه للفعل المطلق الذي لا يعرف أخير هو أم شر؟ ليس هو مأمورًا به، وإن جرى على يده خرق عادة أو لم يجر، فليس هو مأمورًا أن يفعل إلا ما هو خير عند الله ورسوله.

قيل: هذا السؤال صحيح، وحقيقة الأمر: أن السالكين إذا وصلوا إلى هذا المقام فيحسن قصدهم وتسليمهم وخضوعهم لربهم، وطلبهم منه أن يختار لهم ما هو الأصلح، إذا استعملوا في أمورهم لا يعرفون حكمه في الشرع رجوا أن يكون خيرًا؛ لأن معرفتهم بحكمه قد تعذرت عليهم، والإنسان غير عالم في كل حال بما هو الأصلح له في دينه، وبما هو أرضى لله ورسوله، فيبقى حالهم حال المستخير لله فيما لم يعلم عاقبته، إذا قال: «اللهم، إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر؛ وتعلم ولا أعلم؛ وأنت علام الغيوب، اللهم، إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به».

فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسر له من الأمور هو الذي اختاره الله له. إذ لم يكن معه دليل شرعي على أن عين هذا الفعل هو مأمور به في هذه الحال، فإن الأدلة الشرعية إنما تأمر بأمر مطلق عام، لا بعين كل فعل من كل فاعل، إذ كان هذا ممتنعًا؛ وإن كان ذلك المعين يمكن إدراجه تحت بعض خطاب الشارع العام؛ إذا كانت الأفراد المعينة داخلة تحت الأمر العام الكلي؛ لكن لا يقدر كل أحد على استحضار هذا، ولا على استحضار أنواع الخطاب.

ولهذا كان الفقهاء يعدلون إلى القياس عند خفاء ذلك عليهم.

ثم القياس أيضا قد لا يحصل في كل واقعة، فقد يخفى على الأئمة المجتهدين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان دخول الواقعة المعينة تحت خطاب عام، أو اعتبارها بنظير لها، فلا يعرف لها أصل، ولا نظير. هذا مع كثرة نظرهم في خطاب الشارع ومعرفة معانيه، ودلالته على الأحكام. فكيف من لم يكن كذلك؟

ثم السالك ليس قصده معرفة الحلال والحرام؛ بل مقصوده أن هذا الفعل المعين خير من هذا، وهذا خير من هذا، وأيهما أحب إلى الله في حقه في تلك الحال، وهذا باب واسع لا يحيط به إلا الله ولكل سالك حال تخصه قد يؤمر فيها بما ينهي عنه غيره، ويؤمر في حال بما ينهي عنه في أخرى.

فقالوا: نحن نفعل الخير بحسب الإمكان، وهو فعل ما علمنا أنا أمرنا به، ونترك أصل الشر وهو هوى النفس، ونلجأ إلى الله فيما سوى ذلك أن يوفقنا لما هو أحب إليه وأرضى له؛ فما استعملنا فيه رجونا أن يكون من هذا الباب؛ ثم إن أصبنا فلنا أجران، وإلا فلنا أجر، وخطؤنا محطوط عنا فهذا هذا.

وحينئذ، فمن قدر أنه علم المشروع وفعله فهو أفضل من هذا؛ ولكن كثير ممن يعلم المشروع لا يفعله ولا يقصد أحب الأمور إلى الله وكثير منهم يفعله بشوب من الهوى، فيبقى هذا فعل المشروع بهوى وهذا ترك مالم يعلم أنه مشروع بلا هوى. فهذا نقص في العلم، وذاك نقص في العمل؛ إذ العمل بهوى النفس نقص في العمل، ولو كان المفعول واجبًا.

فيقال: إن تاب صاحب الهوي من هواه كان أرفع بعلمه، وإن لم يتب فله نصيب من عالم السوء؛ ولهذا تشاجر رجلان من المتقدمين عام الحكمين في مثل هذا. فقال أحدهما لصاحبه: إنما مثلك مثل الكلب؛ إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث. وقال الآخر: أنت كالحمار يحمل أسفارًا؛ فهذا أحسن قصدًا وأقوى علمًا.

ولهذا تجد أصحاب حسن القصد إنما يعيبون على هؤلاء اتباع الهوي وحب الدنيا والرئاسة، وأهل العلم يعيبون على أولئك نقص علمهم بالشرع، وعدولهم عن الأمر والنهي فهذا هذا.

والله تعالى المسؤول أن يهدينا إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

وقد قال بعض أهل الفقه والزهد: من الناس من سلك الشريعة، ومنهم من سلك الحقيقة. ولعله أراد هؤلاء وهؤلاء؛ فإن هؤلاء يرجحون بما ييسره الله مع حسن القصد واتباع الأمر والنهي المعلوم لهم مع خفاء الأدلة الشرعية في ذلك المتيسر لهم، وهؤلاء يرجحون بالأدلة الشرعية من الظواهر والأقيسة، وأخبار الآحاد وأقوال العلماء مع خفاء الأمر المتيسر لهم.

وأيضا، فهؤلاء قد يشهدون مافي ذلك الفعل المقدر من المصلحة والخير، فيرجحونه بحكم الإيمان وإن لم يعرفوا دليلًا من النص على حسنه، وأولئك إنما يرجحون من النصوص، وما استنبط منها، فهؤلاء لهم القرآن، وهؤلاء لهم الإيمان، وسبب هذا أن كلا من الطائفتين خفي عليه ما مع الأخرى من الحق، وكل من الطائفتين في طريقها حق وباطل.

فأما المدعون للحقيقة بدون مراعاة الأمر والنهي الشرعيين، فهم ضالون، كالذين يعرفون الأمر والنهي ولا يفعلون إلا ما يهوونه من الكبائر، فإنهم فساق. وهؤلاء الذين قيل فيهم: احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون. والحقيقة قد تكون قدرية وقد تكون ذوقية، وقد تكون شرعية ولفظ الشرع يتناول المنزل، والمؤول والمبدل.

والمقصود هنا ذكر أهل الاستقامة من الطائفتين والكلام على حال أهل العبادة والإرادة، الذين خرجوا عن الهوي وهو الفرق الطبعي، وقاموا بما علموه من الفرق الشرعي.

وبقى قسم ثالث، ليس لهم فيه فرق طبعي ولا عندهم فيه فرق شرعي، فهو الذي جروا فيه مع الفعل والقدر.

وأما من جري مع الفرق الطبعي، إما عالمًا بأنه عاص وهو العالم الفاجر، أو محتجًا بالقدر أو بذوقه ووجده معرضًا عن الكتاب والسنة، وهو العابد الجاهل فهذا خارج عن الصراط المستقيم.

وهذا مما بين حال كمال الصحابة رضي الله عنهم وأنهم خير قرون هذه الأمة، إذ كانوا في خلافة النبوة يقومون بالفروق الشرعية في جليل الأمور ودقيقها مع اتساع الأمر، والواحد من المتأخرين قد يعجز عن معرفة الفروق الشرعية فيما يخصه، كما أن الواحد من هؤلاء يتبع هواه في أمر قليل. فأولئك مع عظيم ما دخلوا فيه من الأمر والنهي لهم العلم الذي يميزون به بين الحسنات والسيئات، ولهم القصد الحسن الذي يفعلون به الحسنات، والكثير من المتأخرين العالمين والعابدين يفوت أحدهم العلم في كثير من الحسنات والسيئات حتى يظن السيئة حسنة وبالعكس، أو يفوته القصد في كثير من الأعمال، حتي يتبع هواه فيما وضح له من الأمر والنهي.

فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

هذا لعمري إذا كان عند العالم ما هو أمر الشارع ونهيه حقيقة، وعند العابد حسن القصد الخالي عن الهوي حقيقة، فأما من خلط الشرع المنزل بالمبدل والمؤول، وخلط القصد الحسن باتباع الهوى، فهؤلاء وهؤلاء مخلطون في علمهم وعملهم، وتخليط هؤلاء في العلم سوى تخليطهم وتخليط غيرهم في القصد، وتخليط هؤلاء في القصد سوى تخليطهم وتخليط غيرهم في العلم.

فإنه من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم. وحسن القصد: من أعون الأشياء على نيل العلم ودركه. والعلم الشرعي: من أعون الأشياء على حسن القصد والعمل الصالح، فإن العلم قائد والعمل سائق والنفس حرون، فإن ونى قائدها لم تستقم لسائقها، وإن ونى سائقها لم تستقم لقائدها، فإذا ضعف العلم حار السالك ولم يدر أين يسلك، فغايته أن يستطرح للقدر، وإذا ترك العمل حار السالك عن الطريق فسلك غيره مع علمه أنه تركه، فهذا حائر لا يدري أين يسلك مع كثرة سيره وهذا حائر عن الطريق زائغ عنه مع علمه به.

قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ } [2]. هذا جاهل وهذا ظالم، قال تعالى: { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } [3]. مع أن الجهل والظلم متقاربان لكن الجاهل لا يدري أنه ظالم والظالم جهل الحقيقة المانعة له من العلم. قال تعالى: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ } [4].

قال أبو العالية: سألت أصحاب محمد فقالوا: كل من عصى الله فهو جاهل وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب.

وقد روى الخلال عن أبي حيان التيمي قال: العلماء ثلاثة: فعالم بالله ليس عالمًا بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالمًا بالله، وعالم بالله وبأمر الله.

فالعالم بالله الذي يخشاه، والعالم بأمر الله الذي يعرف أمره ونهيه.

قلت: والخشية تمنع اتباع الهوى قال تعالى: { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } [5].

والكمال في عدم الهوى وفي العلم هو لخاتم الرسل ﷺ الذي قال فيه: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [6]، فنفى عنه الضلال والغي ووصفه بأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فنفى الهوى وأثبت العلم الكامل وهو الوحي، فهذا كمال العلم وذاك كمال القصد ﷺ.

ووصف أعداءه بضد هذين، فقال تعالى: { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى } [7]، فالكمال المطلق للإنسان هو تكميل العبودية لله علمًا وقصدًا. قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [8]، وقال تعالى: { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ } [9]، وقال تعالى فيما حكاه عن إبليس: { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ } [10]، وقال تعالى: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [11]، وقال تعالى: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } [12]، وقال تعالى: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } [13].

وعبادته: طاعة أمره، وأمره لنا ما بلغه الرسول عنه، فالكمال في كمال طاعة الله ورسوله باطنًا وظاهرًا، ومن كان لم يعرف ما أمر الله به فترك هواه واستسلم للقدر أو اجتهد في الطاعة فأخطأ فعل المأمور به إلى ما اعتقده مأمورًا به، أو تعارضت عنده الأدلة فتوقف عما هو طاعة في نفس الأمر، فهؤلاء مطيعون لله مثابون على ما أحسنوه من القصد لله، واستفرغوه من وسعهم في طاعة الله، وما عجزوا عن علمه فأخطؤوه إلى غيره فمغفور لهم.

وهذا من أسباب فتن تقع بين الأمة، فإن أقوامًا يقولون ويفعلون أمورًا هم مجتهدون فيها. وقد أخطؤوا فتبلغ أقوامًا يظنون أنهم تعمدوا فيها الذنب، أو يظنون أنهم لا يعذرون بالخطأ، وهم أيضا مجتهدون مخطئون، فيكون هذا مجتهدًا مخطئًا في فعله، وهذا مجتهدًا مخطئًا في إنكاره، والكل مغفور لهم. وقد يكون أحدهما مذنبًا، كما قد يكونان جميعًا مذنبين.

وخير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة.

والواحد من هؤلاء قد يعطي طرفًا بالأمر والنهي، فيولي ويعزل ويعطي ويمنع، فيظن الظان أن هذا كمال، وإنما يكون كمالا إذا كان موافقًا للأمر، فيكون طاعة لله، وإلا فهو من جنس الملك، وأفعال الملك: إما ذنب، وإما عفو، وإما طاعة.

فالخلفاء الراشدون أفعالهم طاعة وعبادة، وهم أتباع العبد الرسول وهي طريقة السابقين المقربين.

وأما طريقة الملوك العادلين، فإما طاعة وإما عفو، وهي طريقة الأنبياء الملوك؛ وطريقة الأبرار أصحاب اليمين.

وأما طريقة الملوك الظالمين، فتتضمن المعاصي، وهي طريقة الظالمين لأنفسهم. قال تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } [14] فلا يخرج الواحد من المؤمنين عن أن يكون من أحد هذه الأصناف: إما ظالم لنفسه وإما مقتصد، وإما سابق بالخيرات.

وخوارق العادات: إما مكاشفة وهي من جنس العلم الخارق، وإما تصرف وهي من جنس القدرة الخارقة، وأصحابها لا يخرجون عن الأقسام الثلاثة.

هامش

  1. [النور: 33]
  2. [الصف: 5]
  3. [الأحزاب: 72]
  4. [النساء: 17]
  5. [النازعات: 40، 41]
  6. [النجم: 1-4]
  7. [النجم: 23]
  8. [الذاريات: 56]
  9. [الجن: 19]
  10. [ص: 82، 83]
  11. [الحجر: 42]
  12. [يوسف: 24]
  13. [النحل: 99، 100]
  14. [فاطر: 32]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد العاشر - الآداب والتصوف
كلمات في أعمال القلوب | القائلون بتخليد العصاة | فصل في الأعمال الباطنة | فصل في محبة الله ورسوله | فصل في مرض القلوب وشفائها | فصل مرض القلب نوع فساد | فصل الحسد من أمراض القلوب | فصل أضرار البخل والحسد وغيرهما من أمراض القلوب | سئل الشيخ رحمه الله عن العبادة وفروعها | فصل التفاضل في حقيقة الإيمان | مخالفات السالكين في دعوى حب الله | معوقات تحقيق النفوس لمحبة الله | أكابر الأولياء لم يقعوا في الفناء | سئل شيخ الإسلام عن دعوة ذي النون | فصل الضر لا يكشفه إلا الله | التوحيد والإشراك يكون في أقوال القلب وأعماله | محبة أبي طالب للنبي محبة قرابة ورئاسة | غلط من فضل الملائكة على الأنبياء والصالحين | التائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن تجنبها | فصل في موجبات المغفرة | هل الاعتراف بالذنب المعين يوجب دفع ما حصل بذنوب متعددة | ما السبب في أن الفرج يأتي عند انقطاع الرجاء عن الخلق | فصل في تفسير الفناء الصوفي | فصل في وقوع البدع في أواخر خلافة الخلفاء الراشدين | فصل في خلط متقدمي المتكلمين والمتصوفة كلامهم بأصول الكتاب والسنة | أصل النسبة في الصوفية | فصل في قولهم فلان يسلم إليه حاله | فصل في العبادات والفرق بين شرعيها وبدعيها | أصول العبادات الدينية | فصل في الخلوات | فصل علينا الإيمان بما أوتي الأنبياء والاقتداء بهم | فصل في أهل العبادات البدعية | سئل شيخ الإسلام ما عمل أهل الجنة وما عمل أهل النار | فصل في هل الأفضل للسالك العزلة أو الخلطة | من مستلزمات العقل والبلوغ | فصل في أحب الأعمال إلى الله | سئل عمن يقول الطرق إلى الله عدد أنفاس الخلائق | الرسل جميعا بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها | فصل في طريق العلم والعمل | فصل في كيف يكون السالك وعاء لعلم الله | فصل في شرح أمر الشيخ عبد القادر وشيخه الدباس | فصل في ضرورة مخالفة الهوى في حال الولاية | احتمال خفاء الأمر والنهي على السالك | فصل في العبادة والاستعانة والطاعة والمعصية | سئل عن إحياء علوم الدين وقوت القلوب | فصل في ذكر الله ودعائه | فصل في الصراط المستقيم | فصل في جاذبية الحب | فصل في جماع الزهد والورع | فصل في قول بعض الناس الثواب على قدر المشقة | فصل في تزكية النفس | سئل شيخ الإسلام عن رجل تفقه وعلم هل له أن يقطع الرحم ويسير في الأرض | سئل شيخ الإسلام عن مقامات اليقين | سئل شيخ الإسلام أن يوصي وصية جامعة لأبي القاسم المغربي | سئل شيخ الإسلام عن الصبر الجميل والصفح الجميل والهجر الجميل | سئل شيخ الإسلام عما ذكر القشيري في باب الرضا | سئل شيخ الإسلام فيمن عزم على فعل محرم هل يأثم بمجرد العزم | فصل في الأحاديث التي بها التفريق بين الهام والعامل | مسألة هل توبة العاجز عن الفعل تصح