كتاب الشيخ إلى أقاربه بدمشق
تعلمون أنا بحمد الله في نعم عظيمة ومنن جسيمة وآلاء متكاثرة وأياد متظاهرة لم تكن تخطر لأكثر الخلق ببال ولا تدور لهم في خيال والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى إلى أن قال
والحق دائما في انتصار وعلو وازدياد والباطل في انخفاض وسفال ونفاد وقد أخضع الله رقاب الخصوم وأذلهم غاية الذل وطلب أكابرهم من السلم والانقياد ما يطول وصفه
ونحن ولله الحمد قد اشترطنا عليهم في ذلك من الشروط ما فيه عز الإسلام والسنة وانقماع الباطل والبدعة وقد دخلوا في ذلك كله وامتنعنا حتى يظهر ذلك إلى الفعل فلم نثق لهم بقول ولا عهد ولم نجبهم إلى مطلوبهم حتى يصير المشروط معمولا والمذكور مفعولا ويظهر من عز الإسلام والسنة للخاصة والعامة ما يكون من الحسنات التي تمحو سيئاتهم وقد أمد الله من الأسباب التي فيها عز الإسلام والسنة وقمع الكفر والبدعة بأمور يطول وصفها في كتاب وكذلك جرى من الأسبات التي هي عز الإسلام وقمع اليهود والنصارى بعد أن كانوا قد استطالوا وحصلت لهم شوكة وأعانهم من أعانهم على امر في ذل كبير من الناس فلطف الله باستعمالنا في بعض ما أمر الله به ورسوله وجرى في ذلك مما فيه عز المسلمين وتأليف قلوبهم وقيامهم على اليهود والنصارى وذل المشركين وأهل الكتاب مما هو من أعظم نعم الله على عباده المؤمنين ووصف هذا يطول
وقد أرسلت إليكم كتابا أطلب ما صنفته في أمر الكنائس وهي كراريس بخطي قطع النصف البلدي فترسلون ذلك إن شاء الله تعالى وتستعينون على ذلك بالشيخ جمال الدين المزي فإنه يقلب الكتب ويخرج المطلوب وترسلون أيضا من تعليق القاضي أبي يعلى الذي بخط القاضي أبي الحسين إن أمكن الجميع وهو أحد عشر مجلدا وإلا فمن أوله مجلدا أو مجلدين أو ثلاثة وذكر كتبا يطلبها منهم
ولم يزل الشيخ مستمرا على عادته من الاشتغال بتعليم الناس ونفعهم وموعظتهم والاجتهاد في سبل الخير