→ الصفدية/8 | الصفدية المؤلف: ابن تيمية |
الصفدية/10 ← |
وكمال كل شيء بحسب ما يمكن وجوده له والمخلوق لا يمكن أن يكون قديما واجبا بنفسه ربا غنيا عما سواه إلى غير ذلك من خصائص الرب فهذا الكمال اختص به الرب كما اختص الرب تبارك وتعالى من الكمال الذي يوصف العبد بما يتفق فيه الاسم كالحياة والعلم والقدرة بما لا يماثله فيه المخلوق فالرب مختص إما بنوع لا يوصف به غيره مثل كونه رب العالمين ونحو ذلك وإما بما لا يماثله فيه غيره كالحياة والعلم
ثم إنه إذا علم استحقاق الرب تعالى لصفات الكمال لزم أن يكون متكلما سميعا بصيرا لأن هذه الصفات من صفات الكمال وإن لم يتصف بها لزم اتصافه بنقائصها
ومن ظن أن الكمال لا يعلم إلا بالسمع كصاحب الإرشاد أثبت صدق الرسول بدلالة المعجزة الجارية مجرى تصديق الرسول
وقال إن العلم بكونه رسولا وتصديق المرسل له لا يقف على العلم بكونه متكلما ثم يعلم تنزيهه عن النقائص بالسمع
فقال له آخرون فإذا كان مرجعكم في نفي النقائص إلى السمع فأثبتوا هذه الصفات بالسمع من أول الأمر ولا حاجة بكم إلى جعل ذلك موقوفا على مقدمة نفي النقائص التي لا تثبت إلا بالسمع
وأما أئمة الصفاتية فيقولون إن إثبات الكمال ونفي النقص يعلم بالعقل ولهذا أثبت هذه الصفات بالعقل أئمة السلف وأئمة متكلمة الصفاتية كالأشعري وأمثاله فإنهم كلهم يثبتون استحقاق الرب لهذه الصفات بالعقل
ومما أنكر عليهم الناس في النفي بطريقة نفي الجسم أن قالوا إن هذه الطريقة هي التي ولدت بين المسلمين اختلافهم في القرآن وكلام الله تعالى حتى صار كثير من الناس أو أكثرهم في ذلك إما حائرا وإما مخطئا مبتدعا وكفر بعضهم بعضا بسبب ذلك وصار الذين سلكوا هذه الطريق يذكرون ما يمكن من الاختلاف ولا يعلمون أن في المسألة قولا سوى ما ذكروه
كما نجد أرباب المقالات والملل والنحل يذكرون ذلك مثل كتب المقالات لأبي عيسى الوراق والنوبختي ولأبي الحسن الأشعري ولأبي القاسم الكعبي ولأبي الفتح الشهرستاني ولأبي محمد بن حزم وغير هؤلاء
وكذلك كتب البحث والمناظرة وذلك أن الجهمية والمعتزلة الذين هم أئمة هذه الطريق لما اعتقدوا أن حدوث العالم إنما علم بحدوث ما قام به من الأعراض كالحركات وغيرها وأن ما قام بذلك يكون حادثا قالوا لأن ما لا يسبق الحوادث فهو حادث
وكثير منهم لم يتفطنوا في هذا المقام للفرق بين مقارنة الحوادث المعينة وبين مقارنة حادث بعد حادث إلى غير نهاية بل إذا قيل ذلك تصور العقل أن هذا حادث ليس بقديم وأن ذاك لا يكون قبله بل معه أو بعده فلزم أن يكون قرين الحادث حادثا
ولكن حكم العقل بهذا على معين ليس حكما على حوادث متعاقبة وعلى النوع المتعاقب من الواحد المعين ولكن تفطن للفرق كثير منهم فاحتجوا على امتناع حوادث لا أول لها بما نبهنا على بعضه وقد استوفينا الحجج في هذا الباب في درء تعارض العقل والنقل وذكرنا كل ما بلغنا أنه ذكر في هذا الباب
وكذلك أيضا أصحاب هذه الطريق لم يفرقوا بين أن يكون مقارن الحوادث مخلوقا مفعولا محتاجا إلى غيره بحيث لا يمكن أن يفعل دون الحوادث في الأزل وبين أن يكون هو الفاعل المحدث الغنى عن غيره لأن حجتهم وهي امتناع دوام الحوادث تتناول النوعين
والذين عارضوا هؤلاء من الفلاسفة القائلين بقدم الأفلاك كأرسطو وأتباعه فإنهم جوزوا حوادث لا أول لها ولم يفرقوا بين النوعين
وأما أئمة أهل الملل وأساطين الفلاسفة ففرقوا بين النوعين فإنه إذا كان المقارن للحوادث الذي لا يخلو عنها معفولا لغيره هو والحوادث لزم أن يكون أزليا مربوبا وأن يكون ربه موجبا له بذاته بحيث يقارن وجوده وجوده والموجب بذاته في الأزل لا يوجب الحادث وحده ولا الحادث وقرينه فإن إيجاب النوع الحادث في الأزل ممتنع وكذلك إيجاب الحادث وقرينه فإن إيجاب النوع الحادث في الأزل ممتنع وكذلك إيجاب الحادث وقرينه في الأزل فإنه يقتضي أن يكون الحادث لازما للموجب في الأزل وهذا ممتنع بل الحادث لا يكون إلا شيئا بعد شيء
وإذا قيل اللازم هو النوع الذي يحدث شيئا فشيئا لم يكن شيء من هذا لازما للموجب بذاته ولم يكن أيضا في الأزل موجبا له وإنما يكون إيجابه له شيئا بعد شيء فلا يتصور في الأزل موجب بذاته فلا يتصور قديم يكون غيره ربه وذلك لأن كونه موجبا في الأزل يستلزم كمال إيجابه ومؤثريته فإن ما يسمى الفاعل أو الموجب أو المقتضي أو المؤثر أو نحو ذلك من الأسماء التي تقال في هذا الباب لا يكون مؤثرا حتى يستكمل جميع الشروط التي بها يكون مؤثرا وإذا استكملها وجب حصول الأثر لأن وجود الأثر بدون استكمال شروط التأثير ممتنع وتخلفه بعد استكمالها ممتنع لأنه لو تخلف ولم يجب حينئذ لكان إما ممتنعا وإما ممكنا فإن كان ممتنعا لزم أن يكون الفعل بعد استكمال الفاعل جميع الشروط ممتنعا وهذا تناقض
ثم إذا قدر أنه كان ممتنعا فإن دام امتناعه لزم أن لا يمكن الفعل بحال وهو خلاف الواقع وإن أمكن بعد ذلك لزم أن يصير ممكنا بعد أن كان ممتنعا مع انه لم يتجدد شرط من شروط التأثير يصحح كون الفاعل مؤثرا
ومعلوم أن الإمكان بعد الإمتناع لا يكون إلا لتجدد أمر يمكن معه الفعل وإن لم يتجدد شيء لزم استواء الحالين فيلزم تخصيص أحدهما بالإمتناع والآخر بالإمكان ترجيحا لأحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح وهذا ممتنع في بدائة العقول
وإن قيل إن الفعل كان ممكنا مع استكمال المؤثر وشروط التأثير ليس بواجب ولا ممتنع، قيل فحينئذ يمكن وجوده في تلك الحال ويمكن وجوده بعد هذا فتخصيص أحدهما بالوجود إن لم يفتقر إلى مرجح لزم الترجيح بلا مرجح وإن افتقر إلى مرجح كان ذلك المرجح من جملة شروط التأثير وكان الفعل بدونه ممتنعا لا ممكنا فأحد الأمرين لازم إما وجود الممكن وذلك عند وجود مقتضيه التام وإما عدمه وذلك عند عدم مقتضيه التام
ولهذا قال المسلمون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فما شاء كونه وجب كونه لا يمكن أن لا يكون وما لم يشأ كونه يمتنع كونه فلا يكون بدون مشيئته
وإذا كان كذلك فوجود شيء من حوادث العالم وسائر أجزائه في الأزل ممتنع لأنه لا يوجد إلا مع وجود مجموع المؤثرية ولو وجد في الأزل مجموع المؤثرية لزم وجود جميع الآثار ولو وجد جميع الآثار في الأزل لم يحدث في العالم شيء
ولو قيل وجد مجموع المؤثرية لحادث بعد حادث، قيل كل حادث لا يكون مجموع المؤثرية موجود إلا عند وجوده لأنه لو وجد مجموع المؤثرية ولم يوجد لزم وجود مجموع المؤثر التام بدون أثره ووجوب الموجب التام بدون موجبه والعلة التامة بدون معلولها وهو باطل
ووجود المخلوق المستلزم للحوادث بدون الحوادث ممتنع فامتنع وجود شيء من المخلوقات في الأزل كما امتنع وجود شيء من الحوادث في الأزل ولو قدر أن بعض العالم قديم وهو خال عن الحوادث ثم تجددت فيه الحوادث لقيل فحينئذ فيلزم حدوث الحادث بلا سبب مرجح وذلك يقتضي ترجيح أحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح فتبين أن الممكنات مستلزمة للحوادث وأن الممكن المستلزم للحوادث لا يكون شيء منه قديما فليس مع الله شيء قديم من العالم
وبهذا يظهر الفرق بين ما قارن الحوادث من الممكنات وبين ما قارن الواجب بذاته كأفعاله القائمة به ونحو ذلك فإن الواجب هو قديم أزلي واجب الوجود بنفسه لا يفتقر في ذلك إلى علة قديمة ولا موجب قديم ولا فاعل قديم بل قدمه ووجوبه من لوازم ذاته القديمة فإذا قدر أنه كما قال أئمة السلف لم يزل متكلما إذا شاء ولم يزل فاعلا أفعالا تقوم به كان غاية ما يلزم دوام الحوادث فإن كان هذا ممتنعا لزم حدوث ما لا يخلو عن الحوادث وأن الحوادث لها أول فيلزم حدوث العالم وإن كان هذا ممكنا لزم حدوث كل شيء من العالم أيضا لأن الحوادث لا تكون إلا شيئا بعد شيء يمتنع وجودها في آن واحد فليس من الأوقات في الأزل إلى الأبد وقت يمكن فيه وجود جميع المحدثات وهو فاعل لكل حادث وقت إحداثه إياه وهو لا يفتقر في إحداثه الحوادث إلى شيء مباين له بل هو الغني بنفسه عما سواه فليس كونه محدثا لهذا الحادث أو لهذا الحادث بحيث يكون محدثا له بالفعل أمرا قديما لازما لذاته في الأزل ولا هو في الأزل محدثا لجميع الحوادث ولكن هو في الأزل فاعل كما هو في الأبد فاعل لم يزل ولا يزال فاعلا أي فاعلا شيئا بعد شيء وليس في الأزل شيئا محدودا كان فيه فاعلا للجميع بل هو في كل حال أزلي قديم كما لم يزل أزليا قديما
ففي كل حال يفعل كما كان فيما قبلها يفعل وفيما بعدها يفعل ولم يقارنه علىالدوام شيء من الأفعال فأن لا يقارنه شيء من المفعولات بطريق الأولى والأحرى فلا يكون شيء من الأفعال أزليا قديما فلا يكون شيء من المفعولات أزليا قديما ولا يجوز أن يكون في وقت من الأوقات مؤثرا في جميع الحوادث ولا فيما يستلزم جميع الحوادث ولا يكون في وقت من الأوقات يصير مؤثرا في حادث بعد حادث ولكن هو لا يزال مؤثرا
في حادث بعد حادث لكن لا يقال إنه كان في الأزل أو وقت بعينه مؤثرا في حادث بعد حادث فكونه مؤثرا في حادث بعد حادث هي صفة قديمة النوع باقية ليست قديمة منقطعة
ولفظ القديم والأزلي فيه إجمال فقد يراد بالقديم الشيء المعين الذي ما زال موجودا ليس لوجوده أول ويراد بالقديم الشيء الذي يكون شيئا بعد شيء فنوعه المتوالي قديم وليس شيء منه بعينه قديما ولا مجموعه قديم ولكن هو في نفسه قديم بهذا الإعتبار فالتأثير الدائم الذي يكون شيئا بعد شيء وهو من لوازم ذاته هو قديم النوع وليس شيء من أعيانه قديما فليس شيء من أعيان الآثار قديما لا الفلك ولا غيره ولا ما يسمى عقولا ولا نفوسا ولا غير ذلك فليس هو في وقت معين من الأوقات مؤثرا في حادث بعد حادث ولكنه دائما مؤثر في حادث بعد حادث كما أنه ليس هو في وقت بعينه مؤثرا في مجموع الحوادث بل هو مؤثر شيئا بعد شيء وهو مؤثر في حادث بعد حادث وقتا بعد وقت فإذا كان المفعول مستلزما للحوادث لم يفعل إلا والحوادث مفعوله معه وهي وإن كانت مفعولة فيه شيئا بعد شيء فالمحدث لها شيئا بعد شيء إن أحدث مقارنها في وقت بعينه لزم أن يكون محدثا من جملتها وهو المطلوب
وإن قيل هو مقارن له قديم معه بحيث يوجد معه كل وقت، قيل فهذا لا يمكن إلا إذا كان علة موجبة له لا محدثا له ولا بد أن يكون علة تامة فيكون في الأزل مؤثرا تام التأثير مستجمعا لشروط التأثير لشيء معين وإذا كان مؤثرا قديما دائما لشيء معين كانت لوازم ذلك المعين معه لا يمكن تأخر شيء منها عنه لامتناع وجود الملزوم بدون اللازم فيلزم وجود الحوادث كلها في الأزل
فإذا قيل هي تلزم العالم شيئا بعد شيء، قيل فيجب أن يكون محدثها يحدثها شيئا بعد شيء فلا يكون التأثير المعين فيها ولا في شيء منها ولا في واحد بعد واحد أزليا فإن ما يوجد شيئا بعد شيء لم يكن أزليا إلا باعتبار النوع كما تقدم وإنما يكون الأزلي نوع التأثير والكلام إنما هو في شيء معين من العالم فلا يكون شيء معين من العالم أزليا
يبين هذا أن العالم مفعول له فإذا كان الفعل لا يكون إلا شيئا بعد شيء فالمفعول بطريق الأولى والأحرى
وإذا قدر مفعول قديم لازم له لزم أن يقدر معه فعل قديم لازم له وإذا كان فعل هذا قديما لازم له وفعل الحوادث الملازمة له شيئا بعد شيء كان له فعلان ومفعولان مع تلازمهما أحدهما قديم لازم له في القدم لا يتأخر عنه شيء في الأزل والآخر دائم يحدث شيئا بعد شيء لا يجوز أن يقارنه شيء في الأزل
والتقدير أن أحدهما مقارن للآخر ملازم له وهذا جمع بين المتناقضين فإنه إذا قدر أن العالم أو شيء منه قديم لازم له في الأزل لا يجوز تأخره عنه لكونه معلولا له مفعول الفعل القديم اللازم له والعالم مقارن للحوادث التي ليس شيء منها قديم لازم له في الأزل بل كان كل واحد منها متأخر عنه ووجودها واحد بعد واحد ليس هو نفيا قديما ثابتا في الأزل بل موجودا شيئا بعد شيء كان ما لا يمكن وجوده في الأزل مقارنا لما يجب وجوده في الأزل وهو متناقض فتبين أن فعلها في الأزل شيئا بعد شيء ممتنع كما أن فعل مجموعها ممتنع وكما أن كل فعل واحد منها في الأزل ممتنع فإذا امتنع فعلها في الأزل على كل تقدير امتنع فعل ما يلزم منها على كل تقدير فإنه إن فعل معها كان ممتنعا وإن فعل معها تقدم فعلها أيضا وهو ممتنع
وإذا كان قدم العالم أو شيء من المستلزم للحوادث يتضمن فعل الحوادث في الأزل وهو ممتنع على كل تقدير ثبت امتناع قدم شيء من العالم على كل تقدير
والفرق ثابت بين فعل الحوادث في الأزل وبين كونه لا يزال يفعل الحوادث فإن الأول يقتضي أن فعلا قديما معه فعل به الحوادث من غير تجدد شيء والثاني يقتضي أنه لم يزل يفعلها شيئا بعد شيء فهذا يقتضي قدم نوع الفعل ودوامه وذاك يقتضي قدم فعل معين وقد تبين أنه يمتنع قدم فعل معين للحوادث فيمتنع فعل الحوادث بدون ملازمها فثبت امتناع فعل الملازم لها في القدم وذلك أن التلازم من الطرفين فإن التقدير أن كل شيء من العالم فإنه مقارن للحوادث ملازم لها يلزم من وجود شيء من العالم وجود حادث معه ويلزم من وجود شيء من حوادث العالم وجود شيء آخر معه ولو كان الملزوم من أحد الطرفين لكفى فإن المقصود أن يكون كل شيء من العالم لا يسبق الحوادث المعلوم حدوثها بل يكون معها أو بعدها فإذا كان كل شيء من العالم مستلزما للحوادث كفى ذلك فإن ذلك الجزء من العالم لو كان قديما لكان قديما بفعل قديم معين له وللحوادث معه فإن وجوده بدون وجود الحوادث ممتنع وفعل قديم للحوادث ممتنع ففعل قديم ملزومها ممتنع فقدم ملزومها ممتنع وهو المطلوب
وإذا أخذت التلازم من الطرفين قلت فعل الحوادث بفعل قديم ممتنع وفعلها بدون ملازمها المقارن لها ممتنع فيلزم إذا فعلت أن تفعل مع ملزومها وذلك لا يكون إلا بفعل قديم وهو ممتنع
وهذا بين كيفما قلبته فإنك إذا فرضت الملزوم يفعل بفعل قديم وفعلت هي أيضا بفعل قديم آخر لزم قدم الفعلين جميعا لامتناع انفكاك أحدهما عن الآخر فإنه كما تلازم المفعولان تلازم الفعلان وإذا كان أحد المتلازمين يمتنع قدمه فالآخر أيضا يمتنع قدمه لأنه لو لم يمتنع قدمه للزم إما وجودهما وهو ممتنع أو وجود أحد المتلازمين دون الآخر وهو ممتنع
فقد تبين أن مع القول بجواز حوادث لا أول لها بل مع القول بوجوب ذلك يمتنع قدم العالم أو شيء من العالم وظهر الفرق بين دوام الواجب بنفسه القديم الذي لا يحتاج إلى شيء وبين دوام فعله أو مفعوله وقدم ذلك فإن الأول سبحانه هو قديم بنفسه واجب غني وأما فعله فهو شيء بعد شيء
فإذا قيل هو قديم النوع وأعيانها حادثة لزم حدوث كل ما سواه وامتناع قدم شيء معه وأنه يمتنع أن يكون شيء من مفعولاته قديما إذ كل مفعول فهو مستلزم للحوادث والإلزام حدوث الحوادث بلا سبب وترجيح أحد المتماثلين بلا مرجح لأنه لا يكون قديما إلا بفعل قديم العين لا قديم النوع وفعل قديم العين للحادث ممتنع ولملازم الحادث ممتنع وفعلان قديمان مقترنان أحدهما للحادث والآخر لملازم الحادث ممتنع فتبين امتناع قدم فعل شيء من العالم على كل تقدير لأن وجود المفعول بدون الفعل المشروط فيه ممتنع
وقد عرف أيضا أن وجود العالم منفكا عن الحوادث ثم إحداث الحوادث فيه أيضا ممتنع فثبت امتناع قدمه على كل تقدير
ويمكن تقدير حدوث كل العالم بالنظر إلى نفس الفاعل المؤثر فيه مع قطع النظر عن العالم خلاف ما يزعمه ابن الخطيب وطائفة أن القائلين بالقدم نظروا إلى المؤثر والقائلين بالحدوث نظروا إلى الأثر
وذلك أن يقال قد ثبت أنه موصوف بصفات الكمال وأن الكمال الممكن الوجود لازم له واجب له وأنه مستلزم لذلك
وحينئذ فيقال الفاعل الذي يمكنه أن يفعل شيئا بعد شيء ويحدث الحوادث أكمل ممن لا يمكنه الإحداث بل لا يكون مفعوله إلا مقارنا له بل يقال هذا في الحقيقة ليس مفعولا له إذ ما كان لازما للشيء لا يتجدد فهو من باب صفاته اللازمة له لا من باب أفعاله فإن ما لزم الشيء ولم يحدث ويتجدد لم يكن حاصلا بقدرته واختياره بل كان من لوازم ذاته وما كان من لوازم ذاته لا يتجدد ولا يحدث كان داخلا في مسمى ذاته كصفاته اللازمة له فلم يكن ذلك من أفعاله ولا من مفعولاته
وإذا كان كذلك فتقدير واجب بنفسه أو قديم أو قيوم أو غني لا يفعل شيئا ولا يحدثه ولا يقدر على ذلك تقدير مسلوب لصفات الكمال وكون الفعل ممكنا شيئا بعد شيء أمر ممكن في الوجود كما هو موجود للمخلوقات فثبت أنه كمال ممكن ولا نقص فيه لا سيما وهم يسلمون أن الجود صفة كمال فواجب لا يفعل ولا يجود ولا يحدث شيئا أنقص ممن يفعل ويجود ويحدث شيئا بعد شيء وإذا كان كمالا لا نقص فيه وهو ممكن الوجود لزم أن يكون ثابتا لواجب الوجود وأن يكون ثابتا للقديم وأن يكون ثابتا للغنى عما سواه وأن يكون ثابتا للقيوم
وإذا كان كذلك فمن كانت هذه صفته امتنع وجود المفعول معه لأنه لو وجد معه للزم سلب الكمال وهو الإحداث شيئا بعد شيء والفعل الدائم للمفعولات شيئا بعد شيء وإذا كان نفس الكمال الذي يستحقه لذاته يوجب أن يفعل شيئا بعد شيء ويمتنع أن يقارنه شيء من المفعولات فيكون لازما له ثبت حدوث كل ما سواه وهو المطلوب
وهذا مما احتجوا به على قدم العالم وهو يدل على حدوثه فإنهم قالوا الفعل صفة كمال والجود صفة كمال فلا يجوز أن يسلبهما الباري تعالى في الأزل
فيقال لهم الكمال أن يفعل دائما شيئا بعد شيء أو أن يكون المفعول معه قديما والثاني باطل قطعا
أما أولا فلأنه خلاف المعلوم بالضرورة
وأما ثانيا فلأنه يقال لهم إذا كان الفعل الحادث شيئا بعد شيء ليس صفة كمال بل الفعل المقارن له فإنه يلزم أن لا يحدث شيء
وأيضا فإن هذا معارض بأن يقال بل الأفعال المحدثة النوع الدائمة إلى الأبد أكمل من فعل واحد قديم من غير أفعال حادثة فالذين قالوا لم يكن فاعلا حتى أحدث السموات وهو محدث شيئا بعد شيء إلى الأبد أحسن قولا ممن قال إنه لم يزل فاعلا لشيء واحد ولا يفعل غيره فإن كثرة الأفعال والمفعولات أكمل من قلة الأفعال والمفعولات فتبين أن ما أثبتوه للخالق من كون هذا العالم لازما له قديما بقدمه هو صفة نقص ليس صفة كمال
والمقصود هنا أن الذين أثبتوا حدوث العالم بحدوث الجسم كما تقدم قالوا فإذا كان الدليل على حدوث المحدثات إنما هو قيام الصفات والأفعال بها فكل ما قامت به فهو حادث وإلا انتقض الدليل على حدوث العالم وإثبات الصانع
قالوا فيجب أن يكون كلامه حادثا بعد أن لم يكن ويصير متكلما بعد أن لم يكن كما أنه صار فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا وفعله حادث
قالوا وكل ما قامت به الحوادث فهو حادث كما تقدم فيلزم أن لا يقوم به كلام ولا فعل ولا صفة فقالوا كلامه مخلوق في غيره ولا يقوم به علم ولا قدرة ولا حياة ولا غير ذلك من الصفات لأنه لو قام به ذلك لكان عرضا قائما بالجسم والجسم محدث قالوا وليس هو فوق العالم ولا مباين للعالم ولا يصعد إليه شيء ولا ينزل من عنده شيء ولا يرى لأنه لو كان كذلك لكان جسما والجسم محدث
فلما أظهروا هذا القول شاع في الأمة إنكار ذلك وقالوا هذا تعطيل للخالق وجحود لصفاته وكلامه وأفعاله ولذاته فظهر عن الأئمة والسلف النكير والتكفير للجهمية وهؤلاء الذين قالوا القرآن مخلوق فلما شاع الخوض في هذا والنزاع ودخلت فيه أهل السيوف والأقلام وعظم فيه النزاع والخصام ظهر لجمهور المسلمين وأئمة الدين فساد هذا القول فإنه يجر إلى قول فرعون ونحوه من المعطلة وإن كان قائلو ذلك ما قصدوا به ذلك بل دخلوا في بحوث ظنوها تنصر ما جاء به الرسول فكان الأمر بالعكس فإنهم لم يفهموا ما جاء به الرسول ولا دليله
وأما أول من أظهر ذلك في الإسلام فإن بعض أهل العلم يقولون إنه كان ملحدا زنديقا وكان يعلم أن قوله يستلزم تعطيل الصانع فأحدث هذا كما أحدثت الزنادقة الرفض تسترا بموالاة علي فلما اطبق أهل السنة والجماعة والجمهور على أن كلام الله غير مخلوق صار القائلون لذلك أربع فرق
فرقتان قالتا إذا لم يكن مخلوقا فهو قديم فإنه إما مخلوق منفصل عن الرب وإما قديم قائم به فالقديم صفاته والمخلوق المنفصل مفعولاته وقالوا الكلام كالحياة لا يتعلق بمشيئته وقدرته واختياره فلا يقال إنه يقدر على الكلام ولا إنه يتكلم بمشيئته واختياره وقدرته وأنكر هؤلاء وجود أفعال تقوم به شيئا بعد شيء وقالوا هذا هو الدليل الذي احتججنا به على حدوث العالم وأجسامه وهو كونه لا يخلو من الحوادث فإنه إذا قامت به الحوادث لم يخل منها وما لم يخل من الحوادث فهو حادث
ثم من هؤلاء من قال إذا كان قديما فالقديم لا يكون حروفا وأصواتا لأنها متعاقبة شيئا بعد شيء ولا يكون معاني متعددة لأن وجود ما لا يتناهى من المعاني متعدد وتخصيص قدر دون قدر تحكم قالوا فيكون القديم معنى واحدا هو النهي والأمر والخبر والاستخبار والعبارة عن ذلك المعنى بالعربية قرآن وبالعبرية توراة وبالسريانية إنجيل
وهذا أصل قول ابن كلاب ومن وافقه كالأشعري والقلانسي وغيرهما فقال لهم الجمهور هذا القول معلوم الفساد بالضرورة فإنه يلزم أن تكون الحقائق المتنوعة شيئا واحدا قالوا ونحن نعلم بالاضطرار أن التوارة إذا عربناها لم تكن معانيها معاني القرآن ولا معنى آية الكرسي آية الدين ولا معنى سورة الإخلاص معنى تبت يدا أبي لهب قالوا ولا معنى الخبر هو معنى الأمر بأي شيء فسر المعنى سواء فسر بالعلم أو الإرادة أو بأمر آخر يخالف العلم والإرادة فنحن نعلم أن هذا ليس هو ذا
وقالوا لهؤلاء إن جاز أن يكون الخبر هو الأمر والنهي فتكون الحقيقتان شيئا واحدا فجوزوا أن يكون العلم هو القدرة والقدرة هي الإرادة أو تكون الصفات كلها شيئا واحدا. فلما أوردوا هذا السؤال قال بعضهم هذا سؤال لا جواب لنا عنه كما ذكر ذلك الآمدي وغيره وقال بعضهم هذا يتوجه من جهة العقل ونحن إنما أثبتنا تعدد الصفات بالإجماع لا بالعقل لأن الناس إما مثبت للصفات وإما ناف لها والمثبتون يقولون بتعددها فالقول بإثباتها واتحادها خرق للإجماع وهذه طريقة القاضي أبي بكر وأبي المعالي الجويني وغيرهما وهي طريقة القاضي أبي يعلى في باب الصفات والكلام في الجملة
ومنهم من طلب أن يفرق بين البابين فذكر ما أنكره هؤلاء وغيرهم عليه فهؤلاء يقولون بقدم الكلام لكن يقولون باتحاد الحقائق المتعددة فهم اتحادية في الصفات
والفريق الثاني وافقوهم على القدم وعلى أنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته وأن الكلام المعين صفة لازمة لذاته وأنه ما ثم إلا قديم لازم له بعينه وأما مخلوق منفصل عنه وأما ما يتعلق بقدرته ومشيئته ويقوم بذاته فأنكروه وادعوا كما ادعى أولئك وجود الحوادث بدون سبب حادث والترجيح بمجرد الإرادة مع تماثل وقت الفعل وغيره وقالوا القادر يرجح أحد المتماثلين بلا مرجح. ثم رأوا قول أولئك أن الكلام العربي ليس بكلام الله ولم يتكلم الله به ولا يتكلم وإنما كلامه مجرد معنى هو حقائق مختلفة قولا مخالفا للمعقول والمنقول
قالوا فالكلام القديم هو الحروف والأصوات ومنهم من قال الحروف دون الأصوات فهي قديمة أزلية بأعيانها لا نقول بوجود شيء بعد شيء وأنه ما زال يقول يا آدم يا نوح يا موسى من الأزل إلى الأبد ولا يزال يقول ذلك وقال هؤلاء باقتران الحروف بعضها ببعض في الأزل وأن الياء والسين موجودتان معا في الأزل والترتيب بينهما إنما هو ترتيب في ذاتهما أو في ظهورهما لا في وجودهما
وهذا قول طائفة من أهل الكلام والحديث والفقه حكاه الأشعري في المقالات عن طائفة قالته وقد وافقهم عليه طائفة من الفقهاء من أصحاب مالك وأحمد والشافعي وغيرهم
فأنكر الجمهور هذا القول وقالوا هذا مخالف لصريح المعقول والمنقول فإن الله تعالى يقول إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون سورة يس 82 وأن تخلص الفعل المضارع للاستقبال وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة سورة البقرة 30 أي واذكر إذ قال ربك للملائكة والمؤقت بظرف معين لا يكون قديما أزليا
وقال تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون سورة آل عمران 59 وقال تعالى فلما أتاها نودي يا موسى سورة طه 11 ومثل هذا في القرآن كثير
قالوا والصوت كالحركة توجد شيئا بعد شيء فيستحيل اقتران أوله بآخره ووجوده كله في وقت واحد وإنما يوجد متعاقبا ثم جمهور أرباب هذا القول قالوا هذا القرآن كلام الله وليست الأصوات المسموعة من القرآن صوت الله بل صوت الله غير ذلك ولكن هذا المسموع كلام الله وهو مسموع بصوت القارىء كما قال تعالى فأجره حتى يسمع كلام الله سورة التوبة 6 وقال النبي ﷺ زينوا القرآن بأصواتكم فأضاف الكلام إلى الله والصوت إلى القارىء
وقالت طائفة بل نفس هذا الصوت المسموع هو الصوت القديم أو مشتمل على الصوت القديم وقالوا إن القديم يظهر قرين الحركات المحدثة وإن الأصوات ليست فعل العباد لأنها إنما تكون فعلا لهم إذا كانت متولدة عن أفعالهم ونحن لا نقول بالتولد بل هي مضافة إلى الله بحسب ما توجبه الإضافة فإن كان بغير القرآن كانت مخلوقة له وإن كانت بالقرآن كانت صفة له وهي الصوت القديم
فقال جمهور الأمة هذا قول معلوم الفساد بالضرورة مخالف للمعقول والمنقول وهي نوع من البدع الباطلة شرعا وعقلا
وقال الفريق الثالث أنتم وإنما أوتيتم من حيث جعلتم أن الله لا يقدر أن يتكلم ولا يتكلم بقدرته ومشيئته وأنكرتم قيام الأفعال به لذلك فإنما أقول إن الله يتكلم بمشيئته وقدرته بكلام قائم به وإن كان حادثا وأنا أقول تحله الحوادث وليس في الأدلة ما ينفي هذا لا شرعا ولا عقلا بل العقل والنص متطابقان على إثبات ذلك
وهذا قول طوائف كأبي معاذ التومني وزهير الأثري ومحمد بن كرام وأصحابه وطوائف غير هؤلاء اظن منهم هشام بن الحكم وغيره
لكن هؤلاء قالوا ليس الكلام ولا شيء منه قديما وإنه يتكلم بعد أن لم يكن متكلما كما يقول إنه فعل بعد أن لم يكن فعل لئلا يلزم وجود حوادث لا أول لها ويبطل الدليل الدال على حدوث العالم
قالوا ولكن هو يقول قادر على الكلام في الأزل كما قلتم أنتم ونحن إنه قادر على الفعل في الأزل مع اتفاقنا جميعا على أن الفعل في الأزل ممتنع
فهذه أربعة طوائف بل خمسة ممن يقول القرآن غير مخلوق والأخرى هم الخلقية
وأما الفلاسفة القائلون بقدم العالم ومن دخل معهم من ملاحدة أهل الكلام والتصوف فعندهم ليس لله كلام منفصل عن نفوس الأنبياء وغيرهم وإنما كلامه أوجد فيها
ومن العجب أنهم فروا من قدم صفاته وجعلوا فعله المنفصل عنه قديما لازما له ومن المعلوم أن قدم الصفات أقرب إلى المعقول من قدم المفعولات فإذا جاز أن يكون مفعوله المنفصل عنه لازما لذاته لا يفارقها ويكون واجب الوجود بذاته ملزوما للأجسام المنفصلة عنه فلم لا يكون ملزوما لصفاته القديمة
ويقال لهؤلاء أنتم عندكم لا يمتنع قيام الحوادث بالقديم فإن الفلك قديم عندكم وهو محل الحوادث ولا يمتنع قدم الأجسام عندكم فإن الفلك جسم قديم عندكم ولا يمتنع قدم الموصوف والصفة عندكم فإن الفلك قديم عندكم بصفته اللازمة له فلماذا أنكرتم أن يكون القديم الواجب بنفسه متصفا بهذه الصفات
فإن قلتم قيام الصفات تركيب والواجب لا يكون مركبا، قيل قد قدمنا أن لفظ التركيب لفظ مجمل وأنه إن أريد ما ركبه غيره أو ما كان مفترقا فاجتمع أو ما يمكن انفصال بعضه عن بعض فهذا منتف وذلك غير لازم من اتصافه بالصفات والأفعال
وهم لم يريدوا هذا وإنما أرادوا تعدد المعاني التي يتصف بها وهذا لا دليل على نفيه بل الأدلة تستلزم ثبوته وقيل لكم معنى قولكم لا يكون مركبا أي لا يكون موصوفا بصفات ولا يكون ملزوما لصفاته وأنتم عندكم هو ملزوم لمفعولاته ويقال أنتم عندكم أن الفلك واجب بوجوبه قديم بقدمه ومع هذا فهو متصف بهذا
فإذا قلتم هذا واجب بغيره وذاك واجب بنفسه، قيل ما ذكرتم من الفرق يقتضي أن أحدهما له موجب أبدعه والآخر ليس له مبدع اوجبه وهذا لا يتعلق بالصفات والأجزاء وغير ذلك فإنكم إذا قلتم لو كان موصوفا لكان مفتقرا إلى غيره والواجب لا يفتقر إلى غيره وإن أردتم بالإفتقار إلى الغير المبدع فليس في ذلك افتقار إلى مبدع وإن أردتم أنه مستلزم لصفاته وأبعاضه ونحو ذلك فليس فيما ذكرتموه مايوجب الفرق في ذلك بين ما له مبدع وما لا مبدع له وقد قال كثير منكم بأن الفلك واجب بذاته كانت هذه الحجة التي احتججتم بها عليهم حجة فاسدة كما قد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع
وأما السلف والأئمة رضي الله عنهم فلم يقولوا شيئا من هذه الأقوال ولا بنوا على شيء من تلك الأصول المزلزلة بل كلامهم مضمونه أن الله سبحانه لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الكمال لم يزل قديرا ولم يزل عليما ولم يزل متكلما إذا شاء ولم يزل فاعلا لما شاء وأنه سبحانه وتعالى لم يعدم كمالا ممكنا بل هو المستحق لأنواع الكمال الممكن الوجود وذلك واجب له ولا يقدر العباد أن يعلموا ما يستحقه الرب من الحمد والثناء بل قد قال أعلمهم بالله لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
والحمد والثناء إنما يكون بالأمور الوجودية أو ما يستلزم الأمور الوجودية فأما العدم المحض فلا مدح فيه ولا ثناء فإن المعدوم المحض لا يثنى عليه ولهذا لا يثني سبحانه وتعالى على نفسه إلا بالصفات الثبوتية أو ما يستلزم ذلك كقوله تعالى الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم سورة البقرة 255
وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أن هذه الآية أعظم آية في القرآن كتاب الله وقد وصف نفسه فيها بالصفات الثبوتية وذكر فيها خمسة سلوب
الأول قوله لا إله إلا هو فإنه يقتضي انفراده بالألوهية وذلك يتضمن انفراده بالربوبية وأن ما سواه عبد له مفتقر إليه وأنه خالق ما سواه ومعبوده وذلك صفة إثبات
الثاني قوله لا تأخذه سنة ولا نوم وهذا يتضمن كمال الحياة والقيومية فإن السنة والنوم نقص في الحياة والقيومية والنوم أخ الموت ومن نام لم يمكنه حفظ الأمور فهو سبحانه منزه عن السنة والنوم تنزيها يستلزم كمال حياته وقيوميته والحياة والقيومية من الإثبات
الثالث قوله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه فإن هذا متضمن أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه وهذا يتضمن كمال قدرته وخلقه وربوبيته وأن غيره لا يؤثر فيه بوجه من الوجوه كما يؤثر في المخلوقين من يشفع عندهم فيحملهم على الفعل بعد أن لم يكونوا فاعلين وإنما الشفاعة عنده بإذنه فهو الذي يأذن للشفيع وهو الذي يجعله شفيعا ثم يقبل شفاعته فلا شريك له ولا عون بوجه من الوجوه وذلك يتضمن كمال القدرة والخلق والربوبية والغنى والصمدية
الرابع قوله ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء فإن هذا يقتضي أنه الذي يعلم العباد ما شاء من علمه وأنه لا علم لهم إلا ما علمهم فبين أنه المنفرد بالتعليم والهداية لا يعلم أحد شيئا إن لم يعلمه إياه كما أنه المنفرد بالخلق والإحداث فهو الذي خلق فسوى وهو الذي قدر فهدى وأول ما نزل من القرآن اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم سورة العلق 1 5
الخامس قوله ولا يؤوده حفظهما أي لا يكرثه ولا يثقل عليه وهذا يقتضي كمال القدرة وتمامها وأنه لا تلحقه مشقة ولا حرج ونظير هذا قوله تعالى ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب سورة ق 38 فإن نفى اللغوب يقتضي كمال قدرته وانتفاء ما يضادها من اللغوب
كذلك قوله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار سورة الأنعام 103 نفى الإدراك الذي هو الإحاطة وذلك يقتضي كمال عظمته وأنه بحيث لا تدركه الأبصار فهو يدل على أنه إذا رئي لا تدركه الأبصار وهو يقتضي إمكان رؤيته ونفى إدراك الأبصار إياه لا نفي رؤيته فهو دليل على إثبات الرؤية ونفي إحاطة الأبصار به
وهذا يناقض قول النفاة وأما مجرد الرؤية فليست صفة مدح فإن المعدوم لا يرى ولهذا نظائر في القرآن
والمقصود أن المدح والثناء لا يكون إلا في الإثبات فإنه إنما يكون بصفات الكمال والكمال إنما يكون في الأمور الوجودية فأما العدم فلا كمال فيه فمن لم يصفه إلا بالسلوب وقال إنه الوجود المقيد بالسلوب كما قال ابن سينا وأمثاله من الباطنية فهو لم يثبته ولم يجعله موجودا فضلا عن أن يكون موصوفا بالكمال ممدوحا مثنيا عليه سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا
وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن الكلام صفة كمال كما أن العلم والقدرة والسمع والبصر صفة كمال وأن المتكلم أكمل ممن لا يتكلم كما أن الحي أكمل من الجماد ولهذا عاب الله الجمادات المعبودة بأنها لا تتكلم كما في قوله تعالى أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا سورة طه 89 وكذلك قول الخليل ما لكم لا تنطقون سورة الصافات 92 سواء كان المراد بيان أن العابد أكمل من معبوده وهذا ممتنع أو بيان أن المعبود يجب أن يكون متصفا بصفات الكمال
وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن من يتكلم بقدرته ومشيئته فهو أكمل ممن لا يتكلم بمشيئته وقدرته بل يكون الكلام المعين لازما لذاته ومن المعلوم أنه من لم يزل متكلما إذا شاء فهو أكمل ممن كان لا يمكنه الكلام ثم صار يمكنه
قال هؤلاء وكلام السلف والأئمة في هذا الباب متناسب يصدق بعضه بعضا وهم أطلقوا القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق لما حدثت الجهمية والمعتزلة الذين كانوا يقولون هو مخلوق خلقه مباينا له فذكروا ما يناقض هذا الكلام فقالوا كلام الله غير مخلوق وقالوا منه بدأ وإليه يعود لأن هؤلاء يقولون لم يبتدىء منه وإنما يبتدىء من المحل المخلوق الذي خلق فيه
فقال السلف منه بدأ ردا على هؤلاء وقالوا لو كان مخلوقا منفصلا عنه لم يكن كلاما له بل كان كلاما للمحل الذي خلق فيه فإن الرب لا يتصف بما يخلقه في غيره ولم يقم به كما لا يتصف بما يخلقه في غيره من الألوان والطعوم والحركات. والإضافة إليه إضافتان إضافة صفة وإضافة عبودية فالأول كإضافة ما لا يقوم بنفسه من العلم والكلام ونحو ذلك والثاني كإضافة ما يقوم بنفسه كالعبد والروح والبيت والناقة والأرض ونحو ذلك فإن كانت إضافة الأعيان على وجهين إضافة ملك مجرد وإضافة اختصاص لكونه يعبد فيها أو لغير ذلك كإضافة الناقة والمسجد وغير ذلك
ولهذا قال السلف كلام الله من الله وليس من الله شيء مخلوق وقالوا كلامه منه وليس ببائن عنه كل ذلك ردا على هؤلاء ولم يقل أحد منهم بأن الكلام معنى واحد قائم بالذات هو معنى التوراة والإنجيل ولا قال أحد منهم إن الأصوات التي تكلم الله بها توجد كلها غير متعاقبة توجد معا في آن واحد مقترنة قديمة أزلية وأن الصوت الذي سمعه موسى قديم أزلي لم يزل ولا يزال ولا قال أحد منهم إن الله يتجدد له كونه متكلما بعد أن لم يكن ولم ينكر أحد منهم دوام فعل الله ولا أنه لم يزل متكلما إذا شاء بل قالوا إن الله يتكلم بصوت وأنه ينادي بصوت كما دلت عليه النصوص ولكن لم يقولوا إنه يتكلم بدون قدرته ومشيئته بل نطق بهذا غير واحد منهم كالإمام أحمد وغيره وسائرهم يقرون بذلك
وقد احتج كثير منهم كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل ونعيم بن حماد والبويطي صاحب الشافعي وغيرهم على أن القرآن غير مخلوق بقوله تعالى إنما أمره أراد شيئا أن يقول له كن فيكون سورة يس 82 فلو كان كن مخلوقة لزم أن لا يوجد شيء من المخلوقات لأن كن تكون مخلوقة بكن أخرى وهلم جرا فلا يوجد شيء
وقد يظن بعض من لم يفهم غور كلامهم وحقائق الأمور أن هذا منهم استدلال بإبطال التسلسل مطلقا وأن ذلك يناقض دوام كونه لم يزل متكلما إذا شاء وأن هذا تناقض منهم وليس الأمر كذلك بل التسلسل نوعان تسلسل في المؤثرات وهذا باطل بالاتفاق وتسلسل في الآثار المفعولات فهذا فيه نزاع فكثير من النظار يجيزه وكثير منهم لا يجيزه وكلام الأئمة مبني على قول من أجازه وفرق بين النوعين
وذلك أن التسلسل في المؤثرات يقتضي أن لا يوجد شيء كما تقدم فإنه إذا لم يكن يوجد هذا حتى يوجد شيء آخر ولا يوجد الشيء الآخر حتى يوجد شيء آخر وهلم جرا فإنه يقتضي تقدير أشياء كلها حادثة بعد العدم مفتقرة إلى من يوجدها وليس فيها من يوجد شيئا بنفسه ولا موجود بنفسه
ومعلوم أنه إذا لم يكن فيها موجود بنفسه لم تكن الجملة موجودة بنفسها بطريق الأولى فإن الجملة مفتقرة إلى كل واحد من الآحاد فإذا كان كل من الآحاد فقيرا ممكنا لا يوجد بنفسه فالمفتقر إليه أولى بالفقر وأولى ألا يكون موجودا بنفسه
وتسلسل المفتقرات والمعدومات يقتضي كثرة المعدومات بل هذا تسلسل ممتنعات فإن ما لا يوجد حتى يوجد ما لا يوجد ممتنع وتقدير أمور كلها مفعولات ليس فيها غير مفعول مع أنه ليس لها فاعل مباين لها ممتنع ضرورة وكثرة الممتنعات المفتقرات لا تقتضي إمكان شيء منها فضلا عن وجوده
والتسلسل في أصل تمام التأثير كالتسلسل في أصل التأثير والفاعل لا بد أن يكون حيا عالما قادرا مريدا فاعلا بنفسه فلا يجوز أن يقال لا يصير فاعلا لشيء حتى يجعله شيء آخر فاعلا وذلك الآخر لا يصير فاعلا حتى يجعله شيء آخر فاعلا إلى غير نهاية بل لا بد من إثبات فاعل بنفسه لم يجعله غيره فهو مثل أن يقال لا يوجد حتى يوجد ولا يجوز أن يقال لا يفعل شيئا حتى يعلم ولا يعلم حتى يعلمه غيره وذلك الغير لا يعلم حتى يعلمه غيره إلى غير نهاية بل لا بد من عالم بنفسه ولا يجوز أن يقال لا يقدر حتى يقدره غيره وذلك الغير لا يقدر حتى يقدره غيره إلى غير نهاية بل لا بد من قادر بنفسه
وكذلك إذ قيل لا يكون فاعلا حتى يكون فاعلا ولا يكون عالما أصلا حتى يكون عالما ولا يكون قادرا أصلا حتى يكون قادرا فإذا قال لا يؤثر حتى يصير مؤثرا ولا يصير مؤثرا حتى يصير مؤثرا لم يصر مؤثرا بحال
وأما إذا قيل لا يكون مؤثرا في هذا حتى يؤثر في شيء آخر ولا يكون مؤثرا في ذلك الشيء حتى يكون مؤثرا في شيء قبله فهذا تسلسل في الآثار والتأثيرات المتعاقبة ليس هو تسلسلا في نفس أصل كونه مؤثرا فالتأثير الثاني ليس موقوفا على كون المؤثر في نفسه مؤثرا فإنه مؤثر بنفسه بل على حدوث تأثير قبل هذا التأثير فيلزم وجود تأثيرات متعاقبة فإن كان المؤثر مؤثرا في نفسه جاز ذلك
ومعنى ذلك أن الرب تعالى لا يتوقف كونه خالقا على غيره أصلا وأما كونه خالقا لهذا فقد يكون مشروطا بخلقه لغيره فالتسلسل في التأثيرات المعينة تسلسل في الآثار
وأما التسلسل في أصل الخلق فهو تسلسل في أصل التأثير وذلك ممتنع بخلاف التأثيرات المتعاقبة لآثار متعاقبة وأن كل تأثير في غير ما أثر فيه الأول وهذا تسلسل في الآثار وفي التأثيرات هي آثار لغيرها ليس تسلسلا في نفس أصل التأثير فإنه مؤثر بنفسه والممتنع هو أن لا يصير الشيء مؤثرا حتى يصير مؤثرا ولا يصير خالقا حتى يصير خالقا
وبهذا احتج أئمة السنة رضي الله عنهم فإن الله قد قال إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون سورة النحل 40 وقال تعالى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون سورة يس - وقال وإذا قضي أمرا فإنما يقول له كن فيكون سورة البقرة 117
فهذا يقتضي أنه إذا أراد شيئا فإنما أمره أن يقول له كن فيكون وقوله إذا أراده فاقتضى هذا انه لم يخلق شيئا إلا وقد قال له كن فلو كانت كن مخلوقة لكانت مخلوقة بكن أخرى وكذلك الثانية مخلوقة بكن أخرى وهلم جرا فيلزم ألا يخلق شيئا لأنه لا يصير خالقا لشيء حتى يخلق كن أخرى ولا يخلق كن حتى يخلق كن فلزم التسلسل في كونه خالقا وهو تسلسل في أصل التأثير وفي أصل كون المؤثر مؤثرا وهو تسلسل في أصل الخلق كالتسلسل في ذات الخالق
فإذا قدر ذلك لزم أن لا يصير خالقا بحال كماإذا قيل لا يصير قادرا حتى يقدر أن يصير قادرا ولا يقدر أن يصير قادرا حتى يقدر أن يقدر أن يصير قادرا أو قيل لا يخلق شيئا حتى يجعل نفسه خالقا ولا يجعل نفسه خالقا حتى يخلق شيئا فإن هذا ممتنع
وهذا بخلاف ما إذا قيل لا يخلق هذا حتى يخلق هذا ففرق بين أن يقال لا يخلق شيئا بحال حتى يخلق هذا أو لا يخلق شيئا بحال حتى يخلق ما به يصير خالقا وبين أن يقال لا يخلق هذا حتى يخلق هذا فالأول ممتنع بالاتفاق وأما الثاني ففيه نزاع بل يجب أن يكون خالقا بنفسه لا يتوقف كونه خالقا على كونه خالقا وإن توقف كونه خالقا لهذا على كونه خالقا لهذا فلما دل القرآن على أن قوله كن مما يخلق بها جميع المراد كانت من تمام الخلق فلم يجز أن تكون مخلوقة
وأيضا فإذا كانت مخلوقة فلا بد أن تخلق في محل ومحلها مخلوق قبلها وظاهر القرآن يخالف ذلك ولهذا زعم أبو الهذيل العلاف أنها مخلوقة لا في محل وأما ما يقوم بالرب تعالى من صفاته وأفعاله فليس مخلوقاته على طريقة الجمهور الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق سواء قالوا إن عين الخلق قديم أو قالوا إنه حادث العين أو قالوا إنه حادث الأعيان وإن قدم نوعه
وهذان القائلان يجعلان خلقه متعلقا بمشيئته وقدرته فإن هؤلاء كلهم خلقه عندهم وما يقوم بذاته من أفعاله ليس مخلوقا سواء قالوا إنه متعلق بمشيئته وقدرته أو قالوا إنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته فإنه كما أن قوله الله خالق كل شيء سورة الزمر 62 لم يدخل فيه الخالق نفسه فلم يدخل فيه ما هو داخل على مسمى الخالق وهو ما قام به من صفاته وأفعاله
والمحتجون بهذه الآية على أن القرآن غير مخلوق لهم قولان والنزاع في ذلك في جميع الطوائف بين أصحاب أحمد وبين أصحاب الشافعي وبين أصحاب مالك وغيرهم فالذين يقولون إن كن المعينة قديمة إما بلفظها ومعناها كما يقوله الإقترانية وإما بمعناها دون لفظها كما يقوله الاتحادية فإنهم ألزموهم أن الله تعالى قال أن يقول له كن وأن تخلص الفعل المضارع للإستقبال وأنه قال فيكون وهذا يقتضي أن يكون عقب قوله كن
وأما الذين يقولون إنه يقول كن بقدرته ومشيئته ويقول كن بعد كن فهؤلاء لا يرد عليهم هذا السؤال كما يقول ذلك أكثر الذين قالوا إن القرآن غير مخلوق من أهل الحديث وأهل الكلام والفقهاء
وعلى هذا فإذا قيل الحروف غير مخلوقة حروف المعجم كان صحيحا بمعنى النوع لا بمعنى أن الحرف المعين القائم بالشخص المعين في الزمن المعين غير مخلوق فنوع الحروف قديم وإن لم يكن المعين قديما وهكذا يقال في لوازم ذلك
قال هؤلاء المتبعون للسلف والأئمة فقد تبين بالمعقول المطابق للمنقول أن كلا الطائفتين مخطئة الذين قالوا بقدم العالم ولزومه للرب وانتفاء صفاته وأفعاله والذين قالوا بأن الرب لا يقوم به صفة ولا فعل ولا كلام وادعوا حدوث ما يقوم به من الصفات والأفعال بناء على طريقة حدوث الجسم لامتناع حوادث لا أول لها
قالوا ولهذا قال هؤلاء بتعطيل الرب في المستقبل كما قالوا بتعطيله في الماضي فادعوا فناء العالم كله أو فناء حركاته وأنه يبقى الرب بلا فعل أصلا كما ادعى ذلك الجهم وأتباعه وأبو الهذيل وأتباعه
وآخرون يقولون إن الله يفني العالم كله ثم يعيده ويدعون أن القيامة التي أخبرت بها الرسل هي فناء العالم كله ثم إعادته وهم متنازعون في فنائه هل يجب عقلا أو يجوز عقلا وإذا جاز عقلا فهل يجب سمعا أو يجوز سمعا
ومن المعلوم أن القرآن لم يخبر بفناء العالم في المستقبل قط كما لم يخبر بأن الله خلق السموات والأرض من غير شيء بل أخبر سبحانه وتعالى بخلق السموات والأرض كما أخبر بخلق الإنسان والجن وغير ذلك من المخلوقات وأخبر أنه خالق كل شيء
قال الله تعالى الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين سورة السجدة 7 : 8
وقال تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون سورة آل عمران 59
وقال تعالى خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار سورة الرحمن 14 15
وقال تعالى إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين سورة ص 71 72
وقال منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى سورة طه 55
وقال ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين سورة المؤمنون 12 13
وفي الصحيح عن أبي موسى عن النبي ﷺ أنه قال خلقت الملائكة من نور وخلقت الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم