→ بيان كيفية الغسل | الروضة الندية شرح الدرر البهية - كتاب الطهارة بيان الغسل المستحب صديق حسن خان القنوجي |
باب التيمم ← |
ويشرع أي الغسل لصلاة الجمعة لحديث : إذا جاء أحد كم الجمعة فليغتسل وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رض وقد تلقت الأمة هذا الحديث بالقبول ورواه عن نافع رحمه الله نحو ثلثمائة نفس ، ورواه من الصحابة غير ابن عمر رض نحو أربعة وعشرين صحابياً ، وقد ذهب إلى وجوبه جماعة . قال النووي رحمه الله : حكي وجوبه عن طائفة من السلف رحمهم الله حكوه عن بعض الصحابة رض ، وبه قال أهل الظاهر ، وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة وعمار رض ومالك ، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ، وحكاه ابن حزم عن جمع من الصحابة رض ومن بعدهم ، وذهب الجمهور إلى أنه مستحب واستدلوا بحديث أبي هريرة رض عند مسلم بلفظ من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام وبحديث سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله وسلم عليه قال : من توضأ للجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فذلك أفضل أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي رحمهم الله ، وفيه مقال مشهور وهو عدم سماع الحسن رحمه الله من سمرة رحمه الله وغير ذلك من الأحاديث قالوا : وهي صارفة للأمر إلى الندب ولكنه إذا كان ما ذكروه صالحاً لصرف الأمر فهو لا يصلح مثل قوله صلى الله وسلم عليه : حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه وجسده وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رض . وقد استوفى الماتن رحمه الله الكلام على حكم غسل الجمعة في نيل الأوطار فليرجع إليه . ولا يخفى أن تقييد الغسل بالمجيء للجمعة يدل على أنه للصلاة لا لليوم .
وللعيدين فقد روي من فعله صلى الله وسلم عليه من حديث الفاكه بن سعد رض : أنه صلى الله وسلم عليه كان يغتسل يوم الجمعة ويوم الفطر ويوم النحر أخرجه أحمد وابن ماجه والبزار والبغوي رحمه الله ، وأخرج نحوه ابن ماجه رحمه الله من حديث ابن عباس رض . وأخرجه البزار رحمه الله من حديث أبي رافع رض ، وفي أسانيدها ضعف ولكنه يقوي بعضها بعضاً ، ويقوي ذلك آثار عن الصحابة رض جيدة .
أقول : قد روي في ذلك أحاديث لم يصح منها شئ ولا بلغ شئ منها إلى رتبة الحسن لذاته ولا لغيره ، وأما اعتبار كون المغتسل يصلي صلاة العيد بذلك الغسل أي من دون أن يتخلل بين الغسل وبين الصلاة شئ من الأحداث فلا أحفظ فيه حديثاً صحيحاً ولا ضعيفاً ولا قول صحابي وه أحسن الاقتصار على ما ثبت وإراحة العباد مما لم يثبت .
ولمن غسل ميتاً وجهه ما أخرجه أحمد وأهل السنن رحمه الله من حديث أبي هريرة رض مرفوعاً : من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وقد روي من طرق وأعل بالوقف وبان في إسناده صالحاً مولى التوأمة رحمه الله ولكنه قد حسنه الترمذي رحمه الله وصححه ابن القطان رحمه الله وابن حزم ، وقد روي من غير طريق . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : هو لكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسناً ، فإنكار النووي رحمه الله على الترمذي رحمه الله تحسينه معترض ، وقال الذهبي رحمه الله : هو أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء رحمه الله ، وذكر الماوردي رحمه الله أن بعض أصحاب الحديث رحمه الله خرج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقاً ، وقد روي نحوه عن علي رض عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن شيبة وأبي يعلى والبزار والبيهقي رحمه الله وعن حذيفة رض عند البيهقي رحمه الله ، قال ابن أبي حاتم والدارقطني رحمه الله : لا يثبت ، وعن عائشة رض من فعله صلى الله وسلم عليه عند أحمد وأبي داود رحمه الله ، وقد ذهب إلى الوجوب علي وأبو هريرة رض والأمامية ، وذهب الجمهور إلى أنه مستحب فقط . قالوا وهذا الأمر المذكور في الحديث السابق مصروف عن الوجوب بحديث : إن ميتكم يموت طاهراً فحسبكم أن تغسلوا أيديكم أخرجه البيهقي وحسنه ابن حجر رحمه الله ولحديث : كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل أخرجه الخطيب رحمه الله عن ابن عمر رض وصحح ابن حجر أيضاً إسناده ، ولما وقع من الفتيا من الصحابة رض لأسماء بنت عميس امراة أبي بكر رض لما غسلته فقالت لهم : إن هذا يوم شديد البرد وأنا صائمة فهل علي من غسل ؟ قالوا : لا رواه مالك رحمه الله في الموطأ .
وللإحرام لحديث زيد بن ثابت رض أنه رأى النبي صلى الله وسلم عليه تجرد لإهلاله واغتسل أخرجه الترمذي والدارقطني والبيهقي والطبراني وحسنه الترمذي وضعفه العقيلي رحمهم الله ولعل وجه التضعيف كون عبد الله بن يعقوب المدني في إسناده ، قال ابن الملقن في شرح المنهاج : لعل الترمذي رحمه الله حسنه لأنه عرف عبد الله بن يعقوب أي عرف حاله ، وفي الباب عن عائشة رض عند أحمد رحمه الله وعن أسماء رض عند مسلم رحمه الله ، وقد ذهب إلى استحباب غسل الإحرام الجمهور ، وقال الحسن البصري رحمه الله ومالك رحمه الله : أنه محتمل .
ولدخول مكة المكرمة حرسها الله تعالى لما أخرجه مسلم عن ابن عمر رض : أنه كان لا يدخل مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهاراً ويذكر عن النبي صلى الله وسلم عليه أنه فعله وأخرج البخاري رحمه الله معناه ، قال في الفتح : قال ابن المنذر : الإغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء ، وليس في تركه عندهم فدية ، وقال أكثرهم : يجزئ عنه الوضوء .